الإمكام
الدكتور عبد العليم مجموع
فتاوی
الإمام عبد الحليم محمود
الجزء الثاني
I
دار المعارف
۱
في أمر الله نبيه بأخذ الزكاة
يأمر الله تعالى نبيه - وكل من قام مقامه في ولاية المسلمين – بأخذ زكاة المال ممن وجبت عليهم في أموالهم للفقراء المعدمين الذين ليس لديهم مال قط ولا يجدون من العمل ما يقتاتون منه وللمساكين الذين لديهم مال ولكن لا يفى بكل ما يحتاجون إليه من شئون المعيشة وللعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم من الذين أسلموا حديثاً وفى عتق الرقاب للذين كوتبوا من ساداتهم واشترط عليهم لأجل عتقهم مقادير من المال يعجزون عن سدادها في مواعيد محددة وللغارمين فى مصالحات المتخاصمين من المسلمين وللجهاد في سبيل الله ولابن السبيل المسافر الذى نقد زاده كيلا يريق ماء وجهه بمد يده وسؤال من قد يرده والزكاة تطهر نفس صاحبها من رذيلة الشح وتطهر ماله من الآفات التي تذهب به لو لم يزكه قال تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم في الآية أمر للنبي الله ومن قام مقامه بالدعاء لمن دفع زكاة ماله فإن الدعاء له يجعله رضى النفس مطمئن القلب قرير العين بما قدم لدينه وللمسلمين من ماله ويجعله فى كل شئونه مقبلا على الله غير مدبر ويوثق الصلة بينه وبين حاكمه وكفى بذلك رباطاً بين المسلمين وقصة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وأنزل الله في شأنهم قرآناً جاء سبعة من المؤمنين تائبين وأوثقوا أنفسهم بسوارى المسجد حتى تاب الله عليهم وأمر نبيه بأخذ صدقات أموالهم منهم
في المجتمع والزكاة
لو علم الله وجود مجتمع لا يحتاج فيه فرد إلى الزكاة أولا يوجد مصرف من المصارف التي حددها الله لها ليس فى حاجة إلى ما ينتج عنها لما فرضها أو لقيد فرضيتها بوجود الفقر أو وجود المساكين ولما توسعت مصارفها هذا التوسع
إن مصارف الزكاة متعددة وفسيحة يقول تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم فالزكاة ليست مقصورة على الفقراء والمساكين وإنما تشمل غيرهم من مصارف الزكاة
۱۰۷
الجهاد الأصغر جهاد الأعداء وكان أصغر لأن الذى يباشره لا يتحمل فيه من عنائه أى شيء أكبر من قتل عدوه أو أسره أو قهره حتى يقهر وكان الجهاد الأكبر الذي هو جهاد النفس أكبر من جهاد العدو لأن مطالب النفس كثيرة وهي دائماً تواقة إلى الملذات والحظوظ الدنيوية وكبح جماحها في كل ماتشتهي شيء يطول شرحه لتعدده بتعدد ما يعرض لنا من مشتهيات الحياة
فالجهاد معها لا ينقطع حتى تفيض الروح إلى بارئها وتنتهى النفس بنهايتها أما الجهاد الأصغر بالنسبة إلى الجهاد الأكبر فهو مدة يسيرة في عمر الزمن الذى يمتد بامتداد الحياة ولهذا كانت رتبة الصديقين عند الله أعلى من مرتبة الشهداء
والله أعلم
في الشهادة
ربهم
الشهادة في الإسلام فضلها عظيم وعاقبتها حميدة إنها سبيل الحياة الدائمة والنعيم الذى لا ينفد يقول الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند و يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولاهم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين وقال ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ولهذا الفضل كان لابد من توفر شروط لتحصيلها وتحقق أمور للحصول إلى خيراتها ونتائجها الشريفة المجيدة
وأول هذه الشروط أن يقصد المجاهد بموقفه فى ميدان القتال وجه الله دون سواه فقد سئل رسول الله له الا الله عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله فقال من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو في سبيل الله
أما ثاني هذه الشروط فهو أن يُقتل مُقبلا على الأعداء غير مدبر ولافار قال تعالى يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفًا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفًا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير وهناك شروط أخرى
مثل بذل الجهد فى القتال وترك الغلول أى السرقة من مال الغنيمة ونحو ذلك وقد أخبر الرسول الله عن حال الشهداء وصورهم تصويرًا رائعاً جميلا فقال لمن سأله عنهم أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوى إلى تلك القناديل فاطلع عليهم ربهم اطلاعة فقال هل تشتهون شيئًا فقالوا أي شيء
۱۰۸
نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأو أنهم لن أن يسألوا قالوا يارب نريد أن ترد أرواحنا فى أجسامنا حتى نقتل في سبيلك مرة
يتركوا من
أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا
أما قتل المسلم أخاه بـ
بسبب المادة فلا يجوز إنه قتل نفس بغير حق وجزاء القاتل على ذلك
لقتل صاحبه فهو كالقاتل فى الإثم لقوله و إذا التقى
جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا أما المقتول فإن كان مستعداً
المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول فى النار قالوا يارسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال ه لأنه كان حريصًا على قتل صاحبه
وإذا كان غير حريص على قتل صاحبه أو كان مدافعا عن ماله أو عن نفسه أو عن أهله فهو شهيد لقوله من قتل دون نفسه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد
والله أعلم
في صفة الشهيد
إن صفة الشهيد تتاح لأصناف عدة وذلك أن الغريق مثلا شهيد والمسموم شهيد ومن
قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد
بيد أن كل هؤلاء وإن كانوا شهداء فإن أجرهم لا يماثل أجر شهيد المعركة ولو قدر للقريب من خط النار أن يموت بقذائف العدو ولم يكن من الجنود الذين يقفون على خط النار للدفاع عن الوطن ولردع العدو فإن له أجر شهادة الموت قتيلا
أما الذي يموت
دفاعاً
عن دينه ووطنه بأيدى أعدائه الحربيين فإن له أجر شهيد المعركة وهو من الذين قال الله فيهم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم
يرزقون
أما غيره فإنه إن قتل بسلاح عدوه فليس له أجر شهادة المجاهد لأنه لم يتدرب لذلك ولم يكن يقصد - قبل أن يقتل - أن ينال من عدو الله بقتل ومع ذلك فإنه إن كان يقوم بعمل يتصل بالجيش وهذا العمل لا يمكن التخلص عنه وفيه نفع للمجاهدين فيرجى حينئذ أن يكون له بموته أجر شهيد المعركة
۱۰۹
صورة الحرب في العصر الراهن وتأثيرها على صفة الشهيد
تغيرت صورة الحرب في هذه الأيام عنها في أيام الرسول علي اله وصحبه الكرام رضوان الله
عليهم لقد كانت الحرب فيما مضى تستلزم تصادم المتحاربين وجهاً لوجه وتصارعهم بالسلاح ولذلك كان الشهيد عبارة عن جندى قتل فى ميدان القتال أو في الطريق إلى ميدان القتال أما الآن فقد تحولت الحروب إلى حروب شاملة تشمل بنيرانها وآثارها المدمرة الجندى وغير الجندى فاتسع بذلك مجال الشهادة وتنوعت أصناف الشهداء ومن هنا فإن كل من يصيبه سلاح الأعداء مباشرة أو بالواسطة كهدم البيت عليه ونحو ذلك شهيد في نظر الإسلام والسبب في ذلك أن المسلم الذي يكون في دولة محاربة يعتبر محارباً ببذل جهده في تسيير دفة الدول من الحرب ويتحمل ماتستلزمه الحرب من أعباء ومنها التعرض لسلاح الأعداء والحصول على ثواب الشهادة يكون أيضًا بأن يتلقى الإنسان الموت في الغارات أو في حالة الأعداء وهو رابط الجأش ثابت النفس مطمئن الإيمان فالهلع والجزع والسخط ومقابلة الموت بنفس هالعة وإيمان مزعزع فإنه ينأى بصاحبه عن درجة الشهيد ويجعله من غير الصابرين والمحتسبين في القتال يقول رسول الله الله فيما رواه مالك والبخارى والترمذي عن أبى هريرة و ما تعدون الشهداء فيكم قالوا يارسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال إن شهداء أمتى إذن لقليل قالوا ممن يارسول الله قال من قُتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات فى الطاعون فهو شهيد ومن مات من البطن فهو شهيد
هجوم
في
من قتل في المقاومة الشعبية
من قتل فى أثناء عمله في المقاومة الشعبية فهو من شهداء الحرب لأنه يدافع عن الوطن ويحارب أعداء الله وأعداء العرب والمسلمين ومن المعروف أن ألوان الحرب وأنواعها قد تغيرت فى هذه الأيام وأن المقاومة الشعبية هي لون من ألوان الحرب وقسم من أقسامها والجهاد بواسطتها جهاد مستكمل لكل ألوان الجهاد
١١٠
وسواء في ذلك أكان القتل نتيجة إصابة مباشرة من قذيفة أو نتيجة سقوط بناء أو حادث مفاجئ في أثناء المقاومة فكل ذلك شهادة في سبيل الله
وقد سئل الرسول علي الله عن الرجل يقاتل حمية ويقاتل رياء ويقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله فقال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله وإذا كان من جهز الغازى له مثل أجر المجاهد لقوله
ه من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا فإن من يشترك في المقاومة الشعبية له ثواب المجاهد بل والمرابط الذي يحرس الثغور ويدافع عن المصالح الحيوية للمسلمين وقد قال الرسول مع لعل الله رباط يوم فى سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ورباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وأن من مات مرابطاً جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن من الفتان أى أن من قتل فى المقاومة الشعبية وهو مخلص فى حراسته جاد في عمله يستمر له أجر العمل الصالح ومنه الرباط الذي بينت الأحاديث ثوابه الجسيم إلى يوم القيامة فضلا من الله ونعمة والكل يعلم أن الجهاد أو الرباط لو لم يكن دينًا لكان وطنية وخلقا كريما وغريزة فطرية فالحيوان يدافع عن نفسه إذا هوجم وكل كائن حى يقاوم ما استطاع كل اعتداء أو هجوم عليه وكرامة الإنسان في ذاتها تحتم عليه أن يعيش عزيزاً أو يموت كريماً وقد تفضل الله تعالى على الإنسان إن أثابه على هذا العمل الذي تدعو إليه مصلحة ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون لمصلحة الإنسان فى ذاته ومصلحة أسرته ومصلحة وطنه ولينصرن الله من ينصره إن الله
لقوى عزيز
هل كان للمرأة دور في الجهاد أيام رسول الله الله
نعم إنها كانت تجاهد حسبما تستطيع لقد كانت تعمل الأعمال التي تناسبها فعن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت غزوت مع رسول الله الله غزوات أخلفهم في رحالهم وأصنع لهم الطعام وأداوى الجرحى وأقوم على المرضى وتقول بنت معوذ رضى الله عنها كنا نغزو مع رسول الله الله نسقى القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة ولكن ألم يشاركن في الحرب بمعنى الكلمة
۱۱۱
لقد شاركن في الحرب بمعنى الكلمة فعن أم سعد بنت سعد بن الربيع رضي الله عنهما قالت دخلت على أم عمارة رضى الله عنها فقلت لها ياخالة أخبرينى خبرك فقالت خرجت يوم أحد أول النهار أنظر ما يصنع الناس ومعى سقاء فيه ماء فانتهيت إلى رسول الله وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين فلما انكشف المسلمون انجزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمى عن القوس حتى خلصت الجراح إلى قالت فرأيت على عاتقها جرحاً أجوف له غور فقلت لها من أصابك بهذا
قالت ابن قمئة أقمأه الله لما ولى الناس عن رسول الله له أقبل يقول دلوني على محمد لا نجوت إن نجا فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير رضى الله عنه وأناس ممن ثبت مع رسول الله الا الله فضربنى هذه الضربة ولقد ضربته على ذلك ضربات لكن عدو الله كانت عليه
درعان
وقال الرسول الله عنها هما التفت يميناً ولا شمالا إلا وأراها تقاتل دونى
هل الدفاع عن المسجد الأقصى وتطهيره من العدوان
6
وحفظه خاص بقوم دون قوم أو فرض على كل مؤمن
بالله وقرآنه ورسوله
قال تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ماحرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فنشر كلمة التوحيد عامة والدفاع عن الإسلام كذلك وإجلاء الكافرين عن كل بقعة احتلوها من أرض المسلمين عامة وإجلاء اليهود عن المسجد الأقصى وعن كل ما احتلوه من بلاد المسلمين واجب مقدس وفريضة مفروضة على كل مسلم
وعلى كل مسلم أن يستعد لأداء هذا الواجب وألا ينتظر دفاع غيره ممن لا يدينون بدينه عنه لأن الكفر ملة واحدة ولن تمد دولة مالا تدين بدين الإسلام يدها للمسلمين مدافعة معهم عن أوطانهم إلا إذا كان لها في ذلك العمل مصلحة تعود عليها لهذا نرى أن الدفاع عن المسجد الأقصى واجب المسلمين وحدهم ليستردوا أرضهم ويطهروا
المسجد الأقصى وغيره من رجس عدوهم
والله أعلم
۱۱
جزاء القاعدين عن الجهاد والمثبطين
وكيف يعرفهم الناس ليتقوا شرهم
لقد تحدث الله سبحانه وتعالى وتحدث رسول الله له عن القاعدين عن الجهاد والمثبطين
وفضح القرآن وفضحت السنة نواياهم وكشفا عن سرائرهم بحيث أصبح أمرهم واضحاً يقول الله تعالى لرسوله عن القاعدين عن الجهاد لوكان عرضًا قريباً وسفرا قاصداً لا تبعوك أى لو كانت هناك غنيمة سهلة ورحلة ميسرة لساروا معك ثم يتابع القرآن الحديث عن هؤلاء فيقول ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم أى أنهم يهلكونها بهذا الحلف الكاذب يستأذنون النبي في القعود عن الجهاد فيقول الله لنبيه لي مبينا موقف المؤمنين وغير المؤمنين من الجهاد فيقول لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ولقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن الذين لم يخرجوا للجهاد مستأذنين في القعود وأعلن أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر وأنهم قلوبهم مرتابة وأنهم في ريبهم يترددون أما الرسول فإنه يقول فيما رواه مسلم من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من
النفاق
ومعنى الحديث الشريف أنه إذا أتيحت الفرصة للمسلم في أن يغزو فإنه يجب عليه أن ينتهزها أما إذا لم تتح الفرصة لسبب من الأسباب القاهرة التي تخرج عن إرادته فإنه على الأقل يتمنى أن لو أتيحت الفرصة أما إذا لم تتح الفرصة للغزو ولم يتمن إتاحة الفرصة فإنه يموت حين يموت على شعبة من النفاق والحكم بعد كل ذلك أن المتخلف عن القتال استطاعته غير مؤمن فهو في النار في الآخرة وأما في الدنيا فإنه يستحق بكل بساطة كل ما تفرضه قوانين الدولة من عقوبات أما كيف نعرفهم فإن ذلك سهل فسماهم ومواقفهم وكل أحوالهم تفضحهم وتشير إليهم
والله أعلم
الحرب
هل الحرب القائمة بين العرب والإسرائيليين حرب جهاد
أوهى دفاع عن النفس
إن الحرب بين العرب والإسرائيليين هى جهاد وهى فى الوقت نفسه دفاع عن النفس ومن مات فيها فهو شهيد ولا نجد فى التاريخ جهادًا يشبه تماماً الجهاد الإسلامي الأول أكثر من هذه القائمة وإذا تدبرنا الأسباب الأولى التى أذنت بالجهاد الإسلامي في أول الأمر نجد أن الآيات التي ذكرتها الآيات الشريفة هى نفس الأسباب التي أدت إلى هذه الحرب يقول الله تعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله
ينكل
بهم
وعرب فلسطين أخرجوا من ديارهم بغير حق وشتتوا وشردوا ومن بقى فيها الآن من العرب ويعذبون فى صورة لا إنسانية ولا رحمة ويهانون بكل أنواع المهانة والواجب على جميع الدول الإسلامية الآن أن تهب لنجدتهم وللعمل على أن تعود فلسطين عربية وعلى أن تتحرر من هذه الشرذمة الأفاقة وإذا تخلفت دولة عربية عن هذا الجهاد المقدس فإنها تكون آئمة يمقتها الله
ورسوله فالحرب الحالية هي جهاد وهى دفاع عن المقدسات وهي حرب في سبيل الله وفى سبيل العدالة وفى سبيل استرجاع الحق المغتصب وهى دفاع عن النفس وعن المال وعن العرض وهى محاربة في سبيل الله وفى سبيل الحق ومن يتخلف عنها فهو غير مؤمن نرجو الله سبحانه وتعالى أن يعيد فلسطين عربية إسلامية كما كانت وأن ينكل بهؤلاء الذين اغتصبوا الحقوق وقتلوا الأبرياء وأسالوا دم الشرفاء ومن الله يستمد العون والنصر
الشباب والجهاد
عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال إلى لواقف يوم بدر في الصف فنظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانها تمنيت أن أكون بين أضلع منها فغمزني أحدهما فقال ياعماه أتعرف أبا جهل فقلت نعم وما حاجتك إليه قال أخبرت أنه يسب رسول الله الله والذي نفسي بيده لكن رأيته لا يفارق وجهى وجهه
١١٤
حتى يموت الأعجل منا فتعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال لى أيضا مثلها فلم يطل الوقت حتى نظرت إلى أبي جهل وهو يجول فى الناس فقلت ألا تريان هذا صاحبكم الذي تسألاني
عنه
فابتدراه بسيفها فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى النبي عل الله فأخبراه فقال أيكما قتله قال كل منهما أنا قتلته
قال هل مسحتما سيفيكما قالا لا
قال فنظر النبي الله في السيفين فقال كلاهما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن
الجموح
والآخر معاذ بن عفراء رضي الله عنهما
الشباب في المعركة
تدافع الشباب في سن الخمس عشرة سنة فأكثر على رسول الله لا يريد كل منهم أن يظفر بالإذن له في المساهمة في شرف العمل في سبيل الله
لقد جاء إلى رسول الله الله سمرة بن جندب وجاء إليه رافع بن خديج وهما ابنا
خمس عشرة سنة فردهما
فقيل له يارسول الله إن رافعا رام فأجازه فلما أجاز رافعا قيل له يارسول الله إن سمرة يصرع رافعا فأجازه
ولكنه رد أسامة بن زيد عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت أحد بني مالك بن النجار ورد البراء بن عازب أحد بني حارثة وعمرو بن حزم وأسيد بن ظهير رد جميع هؤلاء لصغر سنهم على الرغم من أنهم كانوا فى شوق شديد لخوض المعركة معركة
الشرف في سبيل الله ولقد بلغت فرحتهم حينما أجازهم المشرف المساهمة في غزوة الخندق أما من كان أكثر من خمس عشرة سنة وكان فى حالة تمكنه من الحرب فقد أجازه رسول
الله
في من ليس عنده مال ولا ثياب ويريد التطوع للجهاد
دفاعاً
عن ديننا ومقدساته ووطننا وحرماته
إن هذا المواطن الكريم يذكرنا بعمرو بن الجموح وكان شيخاً كبيراً طاعناً في السن وكان أعرج شديد العرج وكان له بنون أربعة مثل الأسد يشهدون مع رسول الله له المشاهد فلما
كان
يوم
أحد أراد الجهاد وقالوا له إن الله عز وجل قد عذرك فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن بني يريدون أن يحبسونى عن هذا الوجه والخروج معك فيه فوالله لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه فى الجنة فقال رسول الله الله أما أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك وقال لبنيه ما عليكم أن تمنعوه لعل الله أن يرزقه الشهادة فخرج وقول الرسول أما أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك إنما هو إشارة إلى قول الله
تعالى
معه
فقتل يوم
أحد
ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذاباً أليماً
ثم إن الله سبحانه وتعالى يقول لا يكلف الله نفساً إلا وسعها فهذا المواطن – لشيخوخته - معنى من الجهاد الحربي والوقوف جنديا في الميدان ومع ذلك فإنه يستطيع أن يقدم نفسه للقائمين على هيئة الدفاع ليوجهوه الوجهة التي تناسب حالته والله سبحانه وتعالى يجزيه عن شعوره الكريم خير الجزاء
في من طلب لحمل السلاح هل يستجيب ويترك ارتباطاته
عملك مع أبيك وقيامك برعايته وبرك به ورعاية أسرتك وبنتك الصغيرة إن كل ذلك واجب عليك لا يعفيك منه ذهابك للجهاد في سبيل الله والوطن فإن الجهاد بالعمل الجاد هو
نوع من الجهاد في سبيل الله وفي الحديث الشريف
إن أحد المجاهدين في سبيل الله سأله رسول الله الله عن أحواله وقال له ألك
أبوان قال نعم قال ففيهما فجاهد
وقال الله تعالى وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً
١١٦
وكفى بهذا التوجيه الإلهي المحمدى بياناً وإرشاداً فمباشرة الطاعة مع الإخلال بتنفيذ أمر الله حسب ما تقتضيه ظروف الأحوال قد يكون محبطاً للعمل
لهذا ننصح ببقائك والدك والقيام بما ينبغى عليك نحوه اللهم إلا إذا طلبت من أولى مع الأمر لحمل السلاح ففى هذه الحالة يجب عليك الاستجابة وسيتولى الله سبحانه وتعالى أمر
الأسرة
في هل التطوع فى الحرب فيه اعتداء على حق الوالدين
إننا نحى فى السائل هذه الروح الوطنية والدفاع عن الوطن واجب مقدس والجهاد في سبيله فرض على كل واحد من أبنائه وقد قال الرسول مع الله من مات ولم يجاهد ولم يكن له نية في الجهاد مات ميتة جاهلية
وحقوق الوالدين من الواجبات التي حث عليها الإسلام ورغب فيها ودعا إليها والعمل على كل ما يرضى الوالدين - وخاصة فى حالة الكبر وبلوغ السن الكبيرة – من الفرائض التي يجب أداؤها وعدم التقصير فيها وهو جهاد في سبيل الله سبحانه بيد أنه إذا كان العدو في أرض الوطن فإن الجهاد الحربى يصبح فوق كل جهاد ويصبح فرضاً على كل من يمكنه حمل السلاح أن يضع نفسه تحت تصرف ولاة الأمور في الدولة حتى يتحرر الوطن من رجس المعتدين وأن الله سبحانه وتعالى يتكفل بالأهل فإنه سبحانه كما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة لا يضيع أهله
هل مواصلة التعليم تعفي من الجهاد
الجهاد في الجو الإسلامي من أسمى القربات إلى الله سبحانه وتعالى ومن أفضل الأعمال ونقد سئل رسول الله له عن أفضل الأعمال فقال
الإيمان بالله والجهاد في سبيله
والله سبحانه وتعالى يقول انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون
ويقول سبحانه إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون والجهاد فرض إذا دخل العدو أرض الوطن يجب على كل قادر أن يدفعه بما يستطيع ويطهر
وإخراج الزكاة ينبغى أن يكون أولا للدولة وهى التى تتولى توزيعها على مصارفها ومن الواجب أن تأخذ الدولة الزكاة جبراً ممن لا يخرجها أو يتعلل فى منع إخراجها بعلة من العلل وتتصرف فيها بما تراه تبعاً لتوجيه الشرع
في حكمة الزكاة
إن الحكمة المقصودة من الزكاة قد ذكرها الله تعالى وبينها في قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها
أي تطهرهم من الذنوب وحب المال إلى درجة أن يصرفهم عن حب الله وعبادته وتزكيهم
وتنمى بها حسناتهم وترفع بها درجاتهم إلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين وذلك لما فى الزكاة من ربط الصلات وتوثيق العلاقات بين المزكى وآخذ الزكاة ولما فيها من الذهاب بالأحقاد بينهما ولما فيها من سد الخلل والتخفيف من آلام الحياة وضيق المعيشة ولما فيها من التقريب بين الطبقات حتى لا تكسر قلوب الفقراء بتكبر الأغنياء عليهم ولما فيها أيضا من تقليل الجرائم والحوادث من السرقة والقتل إلى غير ذلك مما نسمع منه
الكثير بل إن أمر الزكاة يسمو إلى محافظة الفقير على الغنى الذي أخذ منه الزكاة والزكاة تبارك في المال المزكى وتكون سبباً في دفع كثير من الأضرار قال حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة ودافعوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع
في أداء الزكاة
نرجو الله أن يجزى من يتحرى تأدية الزكاة على وجهها الصحيح خير الجزاء وإننا لنسر حينما نرى وحينما نسمع الاهتمام بأمر الزكاة التي يهملها بعض الناس فى العصر الحاضر والتي نأسف حينما نرى أن إهمالها يزيد يوماً عن يوم مع أنها ركن من أركان الإسلام قرنها الله سبحانه وتعالى كثيراً في كتابه العزيز بالصلاة وحارب عليها سيدنا أبو بكر رضى الله عنه واعتبر من امتنع عن أدائها مرتداً فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال لما توفى رسول الله الله وكان أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب أى كفروا بامتناعهم عن تأدية الزكاة فقال عمر رضى الله عنه كيف
صفوفهم
الوطن من رجسه واستعماره والجهاد أنواع منه جهاد بحمل السلاح وجهاد بالتعبئة الروحية وجهاد بالدعاية لقضية البلاد وجهاد بتخذيل الأعداء وبث روح التفرقة بين والتحصن بالعلم أيضا جهاد لأن الوطن كما أنه فى حاجة إلى السلاح فهو في حاجة أيضا إلى العلم والتزود منه وقد يستطيع المتعلم الجمع بين مواصلة التعليم والانتظام في صفوف الفدائيين فى أوقات العطلة ويفضل ذلك الكثيرون من شبابنا المتعلم ويكون بذلك قد بين الحسنيين ودافع في الميدانين وله بكل ذلك أجره وثوابه ولينصرن الله من ينصره إن
الله لقوى عزيز
في جزاء الجندي الذي يقتل نفسه إذا جابه العدو خشية أن يقع أسيراً في يده ويحاول العدو أخذ أسرار منه
جمع
روى الإمام البخارى رضى الله عنه وروى الإمام مسلم رضى الله عنه وروى كذلك أصحاب السنن أحاديث كثيرة فى الذى يقتل نفسه ومنها نتبين أنه فى النار من هذه الأحاديث
عن ثابت بن الضحاك رضى الله عنه عن النبي الله قال
من قتل نفسه بجديدة عذب بها في نار جهنم
ومنها عن جندب عن النبي الله قال كان برجل جراح قتل نفسه فقال الله بادرنى عبدی بنفسه حرمت عليه الجنة ومنها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي ه الذي يخنق نفسه فى النار والذي يطعنها في النار وهذه الحالات إنما تكون أسبابها اليأس من الدنيا أو الضيق بالحياة أو التعب أو المرض أو ما يشبه ذلك ويماثله بيد أن الأمر الذي نحن بصدده يختلف اختلافاً تاما لما ذكرنا من حالات فإن سببه سبب شريف وأمره إذن إلى الله وباب الرجاء فى عفو الله بالنسبة له مفتوح ورحمة الله أوسع من أن بأمثاله من المجاهدين المحبين لأوطانهم ودينهم المضحين بالنفس في سبيل الله وفى سبيل
تضيق
الإباحة بالأسرار
۱۱۸
واجب كل فرد من أفراد الجبهة الداخلية عن دوره في المعركة
إن المعركة الشريفة التى تخوضها قواتنا المسلحة معتمدة على الله واثقة في وعده - هي معركة المصير - معركة الكرامة والعزة معركة الحاضر والمستقبل معركة من أجل أبنائنا وحفدتنا فهى معركتنا جميعاً يجب أن نعيشها بوعى صادق ونحياها بإدراك رشيد
والوعى الصادق والإدراك الرشيد يقتضى أن يفرض كل مواطن على نفسه واجبات المعركة ويلتزم بها التزاماً أمينا التزاما ينبع من كيان كل فرد لا دافع له إلا الإخلاص لله تعالى ولا رقيب عليه إلا ضميره
على كل قادر أن يتقدم للتطوع فى مجالات الدفاع الوطني أو الشعبي أو الإسعاف أو التمريض أو الخدمة العامة كل على قدر طاقته ووفق ظروفه واستعداده
إن المعركة الجليلة التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه لا تعيشها قواتنا المسلحة وحدها وإنما يجب أن يعرف كل فرد من أفراد الجبهة الداخلية دوره وموقعه فيها ويؤديه على النحو الذي يسمو به إلى مستوى الواقع الذي نعيشه
ويقتضينا الواجب أن نتحد ونتماسك حتى نصير كالجسد الواحد إذا اشتكى بعضه اشتكى كله كما قال رسول الله فالوحدة والتماسك بين المواطنين فى الجبهة الداخلية هو الأساس الذي يرتكز عليه كل عمل نقوم به وكل دور نؤديه والوحدة والتماسك كلاهما يقتضى الحذر لكل ما يحاول العدو أن يقوم به إعلاميًا أو نفسياً أو عن طريق العملاء أو المتسللين
وعلى كل مواطن أن يؤدى عمله الذي يمارسه جادا فى الأداء باذلا ما أوتى من طاقة كل في
مجال عمله
وإذا كان العمل الجاد ضرورة حتمية في مرحلتنا التي نجتازها فإن المطالب الشخصية يجب أن تتوارى في هذه المرحلة لأن النصر هو المطلب الأكبر الذى يجب ألا ينشد غيره ومن أجل ما ينبغى أن يتحلى به المجتمع وقت الحرب هو الاقتصاد في الإنفاق وتجنب
الكماليات
۱۱۹
أحاسيس الإمام عبد الحليم محمود رضى الله عنه
بالنسبة لحرب أكتوبر
إنها أحاسيس الحمد لله والشكر لله أحاسيس الرضا والاعتزاز بفضل الله أنا فخور بوطنى وبأمتي وبالقيادة الموفقة الحكيمة وبالجيش المظفر الذي أيده الله بروح من عنده ترعاه
عنايته وتحوطه حمايته ويمده بجند من عنده وصدق الله العظيم
إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد
وإن ما يجرى اليوم فى جميع جبهات القتال - فى مصر وسورية من زحف مقدس وجهاد ديني وما تتحدث عنه الدنيا من بطولات مشرفة ومن صلابة رائعة ومن صعود في المواجهة ومن صبر في اللقاء ومن إصرار على الانتصار لما يباركه الله ويسجله التاريخ في أكرم صفحاته لقواتنا المناضلة بكل فخار لقد زرت الجرحى ورأيتهم وهم راضون مغتبطون لما أصابهم في سبيل الله وأحسست منهم مدى شوقهم إلى العودة إلى مواقعهم فى الميدان لمشاركة إخوانهم في شرف العمل على أرض
المعركة
روح عالية تذكر بكل تقدير إنهم جند الله الذين بشرهم بالنصر وإن جندنا لهم الغالبون صدق الله العظيم
إنهم جند الله الذين بددوا عار الهزيمة والخوف وكسروا قيود التفكك والضعف وأزالوا الإحساس بالنفس والشعور بالذنب وأعادوا الثقة بالنفس والأمل في المستقبل ويهبوا إلى الرجال في جانب الله ولقد كنت في زياراتي المتعددة لمواقع قواتنا قبيل المعركة أنظر إلى الدمار والخراب والغرور الإسرائيلي على ضفاف القناة وأشاهد البيوت المهجورة والمعطلة وأرى علم إسرائيل يرفرف فوق أرض بلادى وكان يلم بي إحساس قائم كئيب حزين مرير لا يمكن بحال أن يوصف ولا أن
يستهان به ولكنى ما فقدت يوماً الرجاء فى الله ولا الثقة في جيشنا الباسل ثم شاء الله أن نعبر القناة وأن نحطم خط بارليف المنيع وأن نتقدم إلى الأمام في الجولان وأن نسترد جزءاً عزيزاً من أرض الوطن ونطهره من رجس الأعداء وأن نسقط أعلامهم ويرفرف علمنا من جديد عالياً خفاقاً مضيئا عزيز الجانب موفور الكرامة
و سئل رضى الله عنه في الأحوال الشخصية
أما
في الزواج
في رؤية الخاطب من أراد أن يتروج بها
إذا أراد الإنسان الزواج بآنسة أو بأرملة فإن الشرع بحثه على أن يراها ويتحدث معها ا رؤيتها فذلك لأن الأذواق تختلف فيما يتعلق بالجمال المرغوب فيه وتختلف في القبح الذي ينفر الإنسان منه وقد تكون المرأة لا بأس بها في نظر إنسان فيرضاها زوجة وقد لا يستريح إلى النظر إليها - هى نفسها - إنسان آخر فيعدل عن الزواج بها وحث الشرع على الرؤية لترى هى أيضاً من ستعاشره معاشرة دائمة إذ إنه يجوز أن لا ترى فيه مثلها الأعلى فترفضه وحث الإسلام على الرؤية لأنه ه يريد للعشرة الزوجية أن تكون رباطاً مقدساً دائماً ومن أجل ذلك يحكم أساسها بالرؤية ويحكم أساسها بشيء آخر وذلك أن الرؤية شكل ومظهر فكان لابد من الحديث حتى يتبين الاثنان عقل كل منهما وذكاءه ومن أجل ذلك يحث الشرع أيضا على الحديث مع من يريد الإنسان أن تكون شريكة حياته
وسواء أكنا بصدد الحديث أم بصدد الرؤية فإن ذلك لا يكون في خلوة خاصة فإن الخلوة الخاصة قد حرمها الإسلام قبل العقد أما إذا زادت العلاقة عن الرؤية والحديث بأن كانت اتصالا جنسياً أو لمساً قريباً من الاتصال الجنسي فإن ذلك محرم تحريماً مطلقاً في نظر الإسلام وهو يعتبر زنى وعقوبة الزني في الإسلام معروفة ومادام لم يعقد العقد فإن كل علاقة غير الرؤية والحديث تكون محرمة
في نصيحة للمقدم على الزواج
قال تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك - أى أن زواج ذات الدين سعادة الأبد - سعادة الدنيا والآخرة – فهي بدينها تبتعد عن الحرام وتعين الزوج على الكسب وتنمى الشخصية لزوجها وتحقق كل ما يمكن أن يجده المرء في نفسه من آمال
۱۳
والفتاة غير الشرعية لن يكون فى زواج المرء منها إلا هم ونصب وغم وحزن فساد الدنيا وفساد الدين تقتل المال بالتبذير وتهدم الحب بالعبث وتقضى على الدين بالفساد والتهتك
والفجور وتميت الجمال بالإسراف فى التبرج والتزين والانسياق مع الشهوات والحكمة من النكاح في الإسلام أن يجد الزوج من الزوجة سكنا يطمئن إليه وسنداً يعتمد ومتعة ينفس بها عن تعبه وإرهاقه
عليه
يقول خير النساء من تسرك إذا أبصرت وتطيعك إذا أمرت ويقول سبحانه مبيناً حكمة الزواج
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون
ولا يتحقق فى الفتاة غير الشرعية شيء من ذلك
ومع
ذلك فإذا عقد النكاح على مثل تلك الفتاة فهو واقع وعلى الزوج أن يجبرها جبرا على اتباع الشرع وأن يأخذها بالشدة ويروضها ما استطاع على ذلك وإلا كان مقصراً في حق نفسه ومقصراً في حق ربه وكان زواجه وبالا عليه في الدنيا والآخرة
في أركان الزواج
للزواج خمسة أركان
عند الشافعية زوج وزوجة وولى وشاهدان وصيغة تدل على التراضي
والقبول
ومن شروط النكاح أن يتمكن الشاهدان من رؤية العقد وأن تتوفر الشروط المطلوبة في كل
من هؤلاء
فإذا لم يتمكن الزوج والزوجة والشاهدان من الحضور في مجلس واحد وحاولا الاستعاضة عن ذلك بوسيلة من وسائل الاتصال كالتليفون المرئى مثلا وإذا اتسع مجال الرؤية في هذا التليفون بحيث يمكن للجميع رؤية كل منهم الآخر ويتيسر سماع الأقوال وتبادل الآراء بين بعضهم وبعض كان النكاح جائزاً وواقعاً إذا عوضت الرؤية المتبادلة والأقوال المسموعة الواضحة ما يخشى من آثار بعد المكان من الافتراق وعدم التمييز أما إذا لم يتسع التليفون إلا لصورة فرد من الأفراد كزوج أو زوجة أو شاهد فإن أمكن التأكد من رؤية كل منهم للآخر وتعرفه على أقواله وأحواله بالتعاقب وتم النكاح على أساس من الإيجاب والقبول بين الزوج والزوجة أو وليها وتأكد الشاهدان كل على حدة من ذلك
۱۵
واجتمع رأيهما عليه فإن ذلك فيما نرى جائز أيضًا
وإذا لم يتيسر ذلك أيضا فلا يجوز
والمقصود من ذلك أن يتأكد أطراف النكاح كلَّ منهم من الآخر وألا يحصل اختلاط أو إبهام وأن يقوم النكاح على أساس قوى متين
في حكمة الزواج
الأصل في الزواج أن يكون بين الزوجين مودة ورحمة وتعاطف وتعاون ومعاشرة بالمعروف يقول الله تعالى ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون فكان لزاماً على المرأة أن تطيع زوجها وتلتزم بأوامره وأن تكف عن كل ما يغضبه ويؤذيه لأنه صاحب القوامة عليها وهو الذي يعفها عن الحرام ويسعى عليها وعلى أولادها ومخالفة أوامره وعدم إطاعته معصية الله سبحانه وتعالى لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقة عليها
فالمرأة التي تسيء إلى زوجها أو تشتمه هى امرأة سيئة الخلق عاصية لربها بعيدة عن تعاليم الدين ويحبط هذا العمل السيئ حسناتها - إن كان لها حسنات - وهي بهذا العمل سيئة العشرة ولزوجها الأجر الكبير والثواب العظيم على تحمل إساءتها وحسن معاشرتها
في الألفة والمحبة بين الزوجين
إن الشرع الشريف يعمل دائماً على دوام الألفة والمحبة وخاصة بين الزوجين ولهذا أمر الرجل عند إرادة الزواج أن ينظر إلى الوجه والكفين لأنهما المنظر الظاهر الجمال المرأة غالباً ولأن ذلك أدعى للاطمئنان وأمر أن يستأذن البكر عند الرغبة فى زواجها حتى تعرف رغبها وذلك كي لاتسوء العشرة
نعم
فيما بعد كما يشاهد ذلك كثيرًا لعدم اتخاذ ترتيب الشرع الشريف طريقاً للزواج للوالدين أن ينصحا البنت والولد لأنهما أعرف بالحياة وبالناس أكثر ولكن ليس لهما الإكراه على الزواج فذلك جريمة وجناية كبيرة على الأولاد فليست المرأة التي تعجب الوالد تعجب ولده لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ولكن لو أكره والد ولده على الزواج من امرأة لا يحبها وحاول الولد تعليل نفسه ومعالجتها
١٢٦
في أن يحبها فلم يحظ بذلك وجب على الولد أن يخبر والده بذلك ورحمة الوالد كفيلة بحل المشكلة إما بإزالة أسباب الكراهية والعمل على تلاشيها وإما بالتفريق عند اليأس فإذا استبد الوالد وجب على ابنه أن يجعل مجلساً عرفيا يحكم ويدرس ويخاطب الوالد ويقنعه بتبرير الفراق والطلاق
مع
ملاحظة أن الشرع لا يتهم الوالد لأن المفروض فيه أنه أحرص الناس على مصلحة ابنه ولكن فرض ذلك وشكل مجلس من أجل الزوجين واستحالة العشرة الهادئة السعيدة فلا حل لذلك إلا بالفراق والطلاق ولاشيء على الولد
قال تعالى وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضا النساء ۱۸ وقال تعالى وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما النساء ٣٥
في الإجبار على الزواج
الزواج عقد بين طرفين لابد فيه من رضا كل طرف وموافقته عليه ولا يصح فيه الإجبار أو الإكراه ويلزم الوالد أو الولى أن يستأمر ابنته فى الزواج ويتعرف على رغبتها لقوله عليه السلام البكر تستأمر وإذنها صماتها والثيب تعرب عن نفسها
فمن تزوجت وهي مجبرة أو مكرهة من حقها شرعًا أن تعترض على هذا الزواج لما ورد من أن فتاة أتت إلى الرسول الله وقالت له يارسول الله أبي زوجنى ابن أخيه ليرفع خسيسته وأنا له كارهة فقال عليه الصلاة والسلام اذهبى فانكحى نفسك من شئت فقالت لا رغبة لي عما صنع أبي ولكن أحببت أن أعلم النساء أنه ليس للآباء من أمورهن شيء
في التغالى في المهور
قال الرسول يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء
والباءة تكاليف الزوجة من مأكل ومسكن إلخ إذن لم يشترط الإسلام في الراغب في الزواج إلا القدرة على تكاليف الأسرة الجديدة حتى تعيش فى كرامة وعزة أي إنه لم يشترط الغنى أو الثراء العريض
۱۷
إن المهر أوجبه الإسلام لمصلحة المرأة نفسها وصونًا لكرامتها وعزة لنفسها فلا يصح أ
يكون عائقاً عن الزواج أو مرهقا للزوج
أن
وقد قال عليه الصلاة والسلام عن المهر لشخص أراد الزواج التمس ولو خاتما من
حديد
فإذا كان خاتم الحديد يصلح مهرا للزوجة فالمغالاة في المهر ليست من سنة الإسلام والمهر الفادح عائق للزواج فهو عائق بذلك للغرض الأصلى من الزواج وهو عفة الفتى
والفتاة محافظة على الطهر للفرد وللمجتمع
ويقول أقلهن مهرا أعظمهن بركة
B
والإسلام وإن لم يضع حدا أعلى للمهر فإن السنة المطهرة دعت إلى تيسير المهر وتيسير الزواج والحض عليه - عند الاستطاعة - بكل وسيلة ممكنة وكان الصدر الأول من صحابة رسول الله يتزوجون ومهر الزوجة أن يعلمها آيات من القرآن الكريم
يقول عليه السلام لرجل أراد الزواج تزوجها على ما معك من القرآن فتعليم بعض آيات كان
هو المهر
فمن الواجب عدم المغالاة في المهر وأن ييسر الأب لبناته الزواج بكل السبل إذا وجد الزوج الصالح حتى نحافظ على شبابنا وفتياتنا من الانحراف والحكمة كل الحكمة إنما هو في النصيحة الشريفة التي قالها رسول الله إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبيره إن هذه النصيحة من جوامع كلمه الا الله وهى من الدرر الغالية التي يجب أن تكون شعار كل أب في موضوع الزواج ونحن خالفنا تعاليم الإسلام وتيسيره للزواج وحثه على التقلل من المهر وإباحة الزواج مع تأجيل المهر فصرنا إلى الفتنة والفساد الكبير ولاحول ولاقوة إلا بالله
في التوكيل في الزواج
الزواج عقد من العقود التي يجوز التوكيل فيها بشرط أن يكون الوكيل من أهل العقود الذين تصح عبارتهم
وعلى هذا يجوز للابن أن يوكل والده فى عقد زواجه ويضيف الأب العقد إلى ابنه لأنه
١٤
نقاتل الناس وقد قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعونى عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله القاتلتهم على منعه فقال عمر رضى الله عنه فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق وكانت تتحرى تأدية الزكاة أيضا زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما وعنه قالت كنت في المسجد فرأيت النبي الله فقال تصدقن ولو من حليكن وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها قالت لعبد الله اسأل رسول الله لا أيجزى عنى أن أنفق عنك وعلى ابناى في حجرى من الصدقة فقال سلى أنت رسول الله له فانطلقت إلى النيل فوجدت امرأة من الأنصار وعلى الباب حاجتها مثل حاجتى فمر علينا بلال فقلنا سل أيجزى عنى أنفق على زوجى وأيتام لى في حجرى وقلنا لا تخبر بنا فدخل فسأله فقال من هما قال زينب قال أي الزيانب قال امرأة عبد الله قال نعم ولها أجران أجر القرابة وأجر الصدقة والصدقة هنا بمعنى الزكاة كما رأى ذلك الشافعى رضى الله عنه ولا يجوز نقلها من بلد إلى بلد اللهم إلا إذا كان للمزكى قرابة فقراء في بلد آخر على ما رآه الأحناف
في العقارات العينية والزكاة
العقارات العينية إذا كانت تستغل فى سكن مالكها فلا زكاة عليه فيها فقد قرر الفقهاء أنه لا زكاة فى دور السكن وعبيد الخدمة وثياب البذلة وأما إذا أجرت فزكاتها فيما تغله من الإيجار فما يبقى من الإيراد بعد دفع الضريبة وغيرها من المصروفات إذا بلغ نصابه خالياً من الدين ومن الحاجات الأصلية وحال عليه الحول - وجبت الزكاة
وتدخل هذه الزكاة فى زكاة النقدين الذهب والفضة فإذا بلغ صافي الإيراد بعد الضريبة وغيرها كما ذكرنا ما يساوى عشرين مثقالا من الذهب أو مائتى درهم من الفضة وحال عليه الحول
وجبت فيه الزكاة وهي ربع العشر أى %٢٫٥٪ وللمزكى الخيار في التقدير بالذهب أو الفضة وإن كان الأولى النظر لما فيه مصلحة الفقير فإن كان المال يبلغ ما يساوى من الفضة ولا يساوى نصاب الذهب قدر بالفضة
وإذا كانت العقارات تستغل فى التجارة أى يتجر فيها بيعاً وشراة دخلت في عروض
۱۸
الأصيل فيه والوالد ماهو إلا سفير معبر عن رأى ابنه فقط ويكون قبوله الزواج لابنه وعقده
له كعقد الابن سواء بسواء
وهذا التوكيل يجوز سواء أكان الابن غائباً أم كان حاضراً وفى ذلك تيسير كبير لأمور الزواج
في حالة غيبة الموكل
في نكاح المحرمات
قال تعالى ولا تنكحوا مانكح آباؤكم من النساء إلا ماقد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتى فى حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فـ فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ماقد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وروى الإمام البخارى أن رسول الله الله قال الرضاعة تحرم ماتحرم الولادة قال القرطبي في الحديث دلالة على أن الرضاع ينشر الحرمة بين الرضيع والمرضعة وزوجها يعني الذي وقع الرضاع بلبن ولده منها وروى البخاري عن جابر أن رسول الله له نهى أن تجمع المرأة على عمنها أو خالتها – قال الشافعي تحريم الجمع بين المذكورين هو قول من لقيته ممن لا اختلاف بينهم في ذلك وباستقراء هذه الأوامر الصريحة والتحديدات القاطعة فيما يتصل بتحديد المحارم لانجد امرأة العم أو الخال داخلة فيهن فليس إحداهما من المحرمات بالقرآن أو السنة بشرط أن تكون خالية من الموانع كزواج أو عدة من زوج وزواج بأختها أو بنت أختها أو بنت أخيها ونحو ذلك فزوجة الخال داخلة في قوله تعالى عند ذكر المحرمات من النساء وأحل لكم ما وراء
ذلك ولم يرد فى السنة ما يحرمها
في الشروط الواجب توافرها في المرأة التي يعقد عليها
يشترط في المرأة التي يعقد عليها عقد الزواج أن تكون خالية من الموانع الشرعية ومن الموانع الشرعية أن تكون في عدة زوج آخر أو حاملا فمن عقد على امرأة لا يعلم حقيقة أمرها ثم
۱۹
اكتشف بعد ذلك أنها حامل فالعقد عليها باطل ويجب فسخه لأنها عند العقد لم تكن خالية من الموانع الشرعية والحمل شاهد على ذلك وهذا الحمل إن كان شرعياً أي إن كان الحمل من زوج كان قد تزوجها فإن العقد يقع فى أثناء العدة فيكون باطلا أما إن كان الحمل ليس شرعياً فإنه فضلا عن الحمل باعتباره مانعاً فإنها فعلت ما يتنافى وحياة الطهر والفضيلة ويقتضى في أعراف المؤمنين الصادقين الانفصال دون تشهير أو محاولة لإثارة ضجة أو فضيحة وفي كلتا الحالتين يفسخ العقد
في الولاية في الزواج
أصل الحديث قوله أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن كان دخل بها فلها صداقها بما استحل من فرجها ويفرق بينهما والسلطان ولى من لا ولى له
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم عن عائشة ورواه الإمام الشافعي أيضاً
فيما نقله الربيع والمراد بالسلطان هنا الحاكم أو من ينوب عنه وهو عند الشافعية في المرتبة الأخيرة من مراتب الأولياء حيث يبدأ الأولياء فى النكاح على الترتيب الآتى الأب ثم أبوه ثم أبوه ثم أبوه ثم الأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ لأب ثم العم الشقيق ثم العم لأب ثم ابن العم الشقيق ثم ابن العم لأب ثم تنتقل الولاية إلى الحاكم عند فقد الأولياء من النسب
وهذا الترتيب عند الشافعية بين الأولياء شرط لابد منه ولا تنتقل الولاية من الولى الأقرب إلى الولى الأبعد إلا في أحوال يمكن إجمالها في عدم توفر شروط الولاية فيه لصغر أو جنون أو فسق أوسفه ونحو ذلك
وينتقل حق مباشرة الزواج للسلطان بالولاية العامة في أمور منها الإحرام بالنسك فإذا كان الولى محرماً امتنع من مباشرة العقد وانتقلت الولاية للسلطان دون غيره من ولى أبعد
ومنها أن يغيب الولى الأقرب مسافة قصر ولم يوكل عنه وكيلا
ومنها أن يكون الولى محبوساً حبساً يمنع من مباشرة العقد
۱۳۰
ويعتبر السلطان عند الشافعية وليا غير مجبر يختص بتزويج الكبيرة العاقلة البالغة بإذنها ورضاها فإن كانت بكراً بالغاً فرضاها يعرف بسكوتها عند الاستئذان ما لم تقم قرينة على عدم رضاها كصياح ونحوه وهذا بالنسبة لرأيها في الزوج أما في المهر فلابد من رضاها صريحاً إذا كان دون مهر المثل - وقال بعض الشافعية لابد في
الرضا عن الزوج من تصريح البكر ولا يكفى سكوتها بالنسبة للولى غير المجبر ولا يجوز له أن يزوج الصغيرة العاقلة بحال فإن كانت يتيمة لا أب لها صح له ترويجها بشرطين أن تبلغ - وأن تحتاج إلى النفقة والخدمة بحيث لا تندفع حاجتها بغير الزواج والسفير نائب عن الحاكم الذى يتبعه ويصح له أن يزوج المرأة الموجودة تحت ولاية بلد إسلامي آخر إذا لم يكن أبوها أو أحد من أوليائها المجبرين موجوداً معها
في العقد الشرعي
العقد الشرعى الذى يكتب عن طريق المأذون أو الذى يسجل فى المحكمة على الطريقة المعروفة في أغلب البلاد الإسلامية عملية توثيق المقصود بها إثبات الزواج كتابة والرجوع إلى هذه الكتابة عند النزاع وليس هذا التوثيق من شرط العقد أو من شروط صحة الزواج ولم يكن هذا التوثيق قائماً في عهود الإسلام الأولى - وكان العقد القائم على الإيجاب والقبول هو الصورة الوحيدة من صور الزواج
ولكن المشاكل والاختلافات والنزاع والشقاق والتنصل من مسئوليات النكاح وما إلى ذلك دفع الحكومات إلى اشتراط توثيق العقد وإلا صار الزواج غير معترف به رسمياً من المحاكم أو الحكومة
ومن هنا وجب مراعاة هذا التسجيل للرجوع إليه عند الاختلاف
فإذا كانت حكومتهم تشترط في الاعتراف بالنكاح توثيقه بعقد شرعى مكتوب من المحكمة فإن الزواج بدون هذا العقد لا يعتبر رسمياً وإن كان من ناحية الشرع – ما دام قد استوفى الشروط – مقبولا
وإذا لم تشترط حكومتهم ذلك صح الزواج ولا شيء فيه وليس من شك في أن الإسلام يعتبر كل ما يحفظ الأعراض ويدعم الحقوق مطلباً من مطالبه ومقصداً من مقاصده التي راعي
۱۳۱
بها إصلاح نظام الحياة ومن أجل ذلك ننصح بتسجيل العقد وإعلان الزواج والشهادة بصورة لا يتأتى فيها الإنكار أو التنصل من المسئولية
هل الزواج العرفى يوجب ما يوجبه الزواج الرسمى
إننا لا نحبذ الزواج العرفى فإن في الزواج الرسمى ما يغنى وأبواب الزواج الرسمي مفتحة فلا حاجة إذن للزواج العرفى وعلى كل حال إذا استكمل الزواج العرفى شروط الزواج في الإسلام فإنه يوجب شرعاً ما يوجبه الزواج العادى من نفقة والتزام بمقتضيات الزوجية وإذا ما حصل الانفصال فإنه يوجب العدة والنفقة بحسب القواعد المتبعة
وهذه الشروط
الشهود وهذا الشرط أعلنه ابن عباس رضى الله عنه ولا مخالف له من الصحابة كما يقول صاحب كتاب بداية المجتهد ولقد أوصى رسول الله ل ب اعلان الزواج فيما رواه أبو داود بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوصى بالوليمة في الزواج
وأقل درجات الإعلان الإشهاد ولا يقل الشهود عن رجلين أو رجل وامرأتين فإن كان الشهود رجلا وامرأة فقط أو امرأتين فقط فإن النكاح يكون فاسداً
فعن ابن الزبير المكي قال إن عمر بن الخطاب أتى بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة
فقال هذا نكاح السر ولا أجيزه
وهناك شروط أخرى غير الشهود وهى
الصداق أي المهر
لقد قال تعالى وآتوا النساء صدقاتهن نحلة وقوله تعالى فآتوهن أجورهن
وقال ابن يزيد النحلة في كلام العرب الواجب يقول لا تنكحها إلا بشيء واجب لها وليس ينبغي لأحد بعد النبي الله أن ينكح امرأة إلا بصداق واجب ولا ينبغي أن يكون تسميته الصداق كذباً بغير حق ومضمون كلامهم أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتماً وأن يكون طيب النفس بذلك يجب أن يعطى المرأة صداقها طيباً فإن طابت نفسها به بعد تسميته أو عن شيء منه فليأ كل حلالا طيباً وذلك لقول الله تعالى
۱۳
فإن طين لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً فإذا توفر في الزواج العرفى الشهود والصداق فإنه يكون زواجاً شرعيا يلزم الزوج بكل ما أمر به الشرع وإن لم يسجل عند المأذون إذا لم يتوفر فيه ذلك فإنه لا يكون زواجاً شرعياً
أما
في السن الشرعي للزواج
لم يشترط الإسلام للزواج سناً معينة ولقد ترك تحديد السن إلى التقاليد المستقيمة والعرف السليم دون أن يبطل العقد فى أى سن كان ودون أن يحرمه في أية مرحلة من مراحل العمر ولكن الإسلام مع ذلك الضرر الذي يلحقه شخص بآخر متعمداً
حرم
والقاعدة الإسلامية العامة الشاملة هي لا ضرر ولا ضرار
وبحسب هذه القاعدة يحرم تزويج البنت الصغيرة فى السن إذا ألحق ذلك بها ضرراً دون أن يبطل ذلك العقد ويصح تزويج البنت التي لم تبلغ الخامسة عشرة من الناحية الشرعية سواء أكان والدها حيا أم ميتاً
بید
أن العرف السليم والأوضاع المستقيمة التى لا يأباها الشرع ترى أن حكمة الزواج
تتمثل في أمور منها
۱ - عفة النفس وصونها عن الإثم بالنسبة للفتى والفتاة
- قيام الزوجة على تدبير شئون المنزل الداخلية
٣ - ومنها إنجاب الذرية والقيام على تربيتها تربية تجعل منها لبنات صالحة في بناء المجتمع وكل ذلك بل بعض ذلك لا يتأتى أبداً حينما تكون الفتاة في سن صغيرة وقد حددت المجتمعات الناهضة سن الزواج بست عشرة سنة وهى سن مناسبة
في الكفاءة في الزواج
يجب في الإسلام على والد البنت أو ولى أمرها أن يتخير لها الزوج الصالح الكفء وهذه الكفاءة مردها إلى الدين والصلاح والتقوى فقد ألغى الإسلام الفروق بين الناس في الجنس وجعل مرد القرب من الله إلى التقوى فقال سبحانه يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم وقد روى أبو داود عن الزهرى فى سبب نزول هذه الآية أن رسول الله ما أمر بنى بياضة أن
۱۳۳
يزوجوا أبا هند امرأة منهم فقالوا الرسول الله الله أنزوج بناتنا مموالينا يرون أن ذلك غير مستساغ فنزلت الآية الكريمة تبين أن درجة القرب من الله إنما هي بالتقوى وقد قال الله سبحانه أتقاكم ولم يقل أكثركم مالا ولا جاهاً ولا أحسنكم صورة ولا غير ذلك من الأمور التي تفنى وتزول ويقول صلوات الله عليه وسلامه لا فضل لعربي على عجمى إلا بالتقوى من كل ذلك نعلم أن مرد الكفاءة إلى التقوى وأنه إذا تقدم الكف لخطبة فتاة فليس لولى بحسب الإسلام أن يرده
في العصمة في يد المرأة
إذا اشترطت المرأة في عقد الزواج أن تكون عصمتها بيدها فلها ذلك ولكن ذلك لا ينفى أن يكون للرجل حق الانفصال عنها بالطلاق وإنما يكون هناك مساواة بينهما في وقوع الانفصال إذا أحب
في نكاح المرأة وهي في العدة من رجل آخر
لا يجوز نكاح المرأة وهي في العدة من رجل آخر وعدة الحامل حتى تضع حملها قال تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن
ولا يصح النكاح إذا وقع في العدة وعلى ذلك فعقد الزواج الذى يدخل به الرجل على هذه المرأة الحامل غير مستوف لشروطه
وهو عقد غير صحيح
فقال مالك والأوزاعي والليث يفرق بينهما ولا تحل له أبداً
قال أبو حنيفة والشافعي والثورى فيمن دخل على امرأة في عدتها كما هو الأمر هنا يفرق بينهما وإذا انقضت العدة فلا بأس فى تزويجه إياها مرة أخرى وعلى كل فلها الصداق بما
استحل منها ولكن لمن ينسب الولد
الراجح عدم تأثير مائه فى نسب الولد - وانتساب الولد إلى والده الأصلى وتخلص من ذلك إلى أن هذه المرأة آئمة بهذا الزواج على الزوج مفارقتها حتى تنقضى العدة – فإذا انقضت العدة تقدم إليها بمهر جديد وعقد جديد وعلى القول بأنها تحل له ولا تحرم
١٣٤
عليه بهذا النكاح وهو ما نرجحه ولا تأثير لهذا الزواج الباطل في نسب الولد إلى أبيه
الأصلي
في آداب الزواج
يقول الله تعالى في موضع الامتنان والتفضل وفى موضع إظهار آياته وحكمته السارية في الكون ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون
وما من ريب فى أن الزواج من سنن الإسلام ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعرضون بناتهم وقريباتهم على الصالحين الأكفاء دون مغالاة في مهر أو تكلف أيا كان وهذا هو طريق الرشاد أما وقوف الأب أو ولى الأمر عقبة في سبيل زواج ابنته أو إحدى قريباته وامتناعه عن إتمام ذلك عند وجود الكفء فإنه حرام ومن فعل ذلك كان آثماً من الوجهة الدينية وكان ائماً من الوجهة الخلقية ذلك أن الزواج أغض للبصر وأصون للعرض وهو قانون الفطرة فإذا منع الوالد ابنته من الزواج تعسفاً في إمكان الإخوة التحايل على أن يتم الزواج دون حاجة إلى موافقة الأب ويكفى أن توكل الأخت أخاها أمام اثنين من الشهود في تزويجها أما خضوع الرجل لزوجته خضوعاً يخالف فيه آداب الدين والإنسانية فإنه ليس من الدين
وليس من الرجولة
في احترام أهل الزوج
يطالب الإسلام الزوجات باحترام أهل أزواجهن ومعاملتهم بالحسنى وتختلف أساليب المعاملة بأخلاق البيئات فإذا كان مثل هذا النداء فيه استهانة بأهل الزوج أو تحقير لهم فهو حرام وإساءة أدب وقد قال تعالى يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن وفي الحديث الصحيح المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه بحسب امرئ من الشر أن يحقر
أخاه المسلم
ويتأكد هذا الحق بتلك الصلة الوثيقة صلة المصاهرة
۱۳۵
وإن كان مثل هذا النداء على وجه التخفف والتلطف ورفع الكلفة فلا شيء فيه مع من هم في سنهن أو فى مرتبتهن أما مع الكبار فلابد أن يكون مسبوقاً بما يشعر بالاحترام
وقد جعل الإسلام زوجة الابن كالابنة فى تحريم نكاحها وجعلها بالنسبة إلى الأب كالمحرمات من النسب قال تعالى فى ذكر المحرمات من النساء
وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم على مثل هؤلاء الزوجات أن يراعين آداب الإسلام العالية وإرشاداته السامية رفعاً لمستوى الأخلاق وتحسيناً لمظهر الأسرة
في طاعة المرأة لزوجها
طاعة المرأة لزوجها واجبة وامتثالها لأمره حث عليه الإسلام ورغب فيه ولا تملك أن تحرم زوجها على نفسها فإن العصمة بيده هو الذى يملك مفارقتها أو تحريمها على نفسه فإذا حرمت المرأة زوجها على نفسها فمعنى ذلك أنها أرادت هجرانه والابتعاد عنه وهو
معصية
وتحريم الحلال كما يقول الفقهاء يمين فكأنها في هذه الحالة قد حلفت أن لا تكلمه أو تعاشره وهذا معصية لله والرسول الله يقول من حلف على يمين ورأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير
وليكفر عن يمينه
فوجب على هذه الزوجة أن تحنث فى هذا اليمين وترجع إلى مكالمة زوجها واستماع كلامه وامتثال طاعته ووجب عليها كذلك كفارة اليمين وهى كما ورد في القرآن إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم
في حكم تعدد الزوجات
حكم تعدد الزوجات فى الإسلام جائز بشرط أن يعدل بينهن في الطعام والشراب والمبيت وما إلى ذلك – وأن يستطيع القيام بحقوق الزوجات
قال تعالى وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث
١٣٦
ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أى أن تعدد الزوجات جائز فيكون للرجل زوجة أو زوجتان أو ثلاث أو أربع نسوة
ولا تصح الزيادة على ذلك وقد فرق الرسول عل بين الرجل وزوجاته الأكثر من أربع
إسلامه
عند
وكان الكثيرون من السلف الصالح يجمع أحدهم عن طريق الزواج بين اثنين أو ثلاث
أو أربع
وفى مصر قليل ممن يجمعون بين زوجتين ومن النادر جداً أن نجد في مصر من يجمع بين ثلاث زوجات ولا نكاد نجد من هو متزوج بأربع
وعلى كل حال فإن الحكم الشرعى لا يتوقف على عمل المسلمين به ويجب أن يكون مستقراً فى الأذهان أن تعدد الزوجات جائز بشروطه المعروفة وأنه ليس
بواجب
في وجوب العدل بين الزوجات
العدل بين الزوجات واجب لقوله تعالى
فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ولما ثبت من أنه كان إذا أراد السفر أقرع بينهن وهذا العدل مقيد بحضورهما عنده فإذا كانت إحداهما في مستشفى فلا بأس من الإقامة عند الأخرى فقد كان الرسول ع يأخذ إحدى زوجاته في السفر ويترك الأخريات ولم يكن يدع المكوث عندها في حصة الأخريات فالعدل بينهما مقيد بما إذا لم تمنع منه موانع غير مقصودة ولو استأذن الزوج زوجته المريضة فى ذلك لكان جبراً لخاطرها وأرضى لربه ومع ذلك فله يبيت عند الأخرى دون أن يستأذن المريضة
أن
في حكم رجل متزوج من زوجتين ويفرق بينهما في المعاملة
العدل في الإسلام له مكانة كبيرة والمقسطون - العادلون - على منابر من نور يوم القيامة وقد مقت الله الظلم وحرمه على عباده يقول سبحانه وتعالى فى حديث قدسي يا عبادي إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا
ܘܙ
التجارة فيقوم العقار ذاته وتقدر قيمته بنصاب الذهب أو الفضة وفى العقار إذا كان إيراده الشهرى تسعين جنيهاً فإنه يبلغ فى السنة ألفاً وثمانين جنيهاً يخصم من هذا المبلغ ٢٥٠ مائتان وخمسون جنيهاً الضريبة العقارية فى السنة ويخصم كذلك جميع المصروفات التي تنفق على العمارة في الصيانة وغيرها كما يخصم ما يحتاج إليه المالك لنفسه ولمن تجب عليه نفقتهم ويخصم ما عليه من الدين إن وجد ما يبقى بعد ذلك تجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول ويقدر بالذهب
أو الفضة
في مقدار الزكاة
استعمل أسلافنا رضى الله عنهم كيلة بالكيل المصرى
كلمة الصاع فى بيان مقدار الزكاة والصاع عبارة عن سدس
يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه
كنا إذا كان فينا رسول الله لا نخرج زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر ومملوك صاعاً من طعام أو صاعاً من أقط والأقط هو الجبن أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من زبيب فلم نزل نخرجه – أى نخرج هذا الصاع من هذه الأصناف – حتى قدم معاوية حاجا أو معتمراً فاعتلى المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال إلى أرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر أى أن نصف صاع من تمر الشام تساوى صاعاً من التمر يريد معاوية أن يقول إن الكيلة من القمح على الخصوص تكفى زكاة فطر عن اثنى عشر شخصاً يقول أبو سعيد فأخذ الناس بذلك أى برأى معاوية بيد أن أبا سعيد لم يأخذ بهذا الرأى ويقول فأما أنا فلا أزال أخرجه أبداً ما عشت
والواقع أن رأى أبي سعيد هو الرأى الأمثل فيما يتعلق بمصلحة الفقير ومن هنا أخذ الشافعي إذن فإن الكيلة المصرية من الأصناف التي ذكرناها تكفى عن ستة أشخاص
في وجوب زكاة الزروع
به
زكاة الزرع واجبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة قال تعالى وآتوا حقه يوم حصاده وحقه هو نصاب الزكاة وقال يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ماكسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ونصاب زكاة الزرع أى مقدار ما يخرج منها حدده قوله فيما سقت السماء
۱۳۸
في من يريد طلاق زوجته لمرضه
ليس مرض الزوج من الأسباب التي توجب عليه أن يطلق زوجته وقد تجد زوجة المريض التي أنجبت منه أولاداً شيئاً من راحة الضمير ومن الشعور بلذة التضحية
- وللتضحية لذة - حينما توطن النفس على تخصيص حياتها لرعاية أولادها والعطف على زوجها الذي لم يسى إليها صحيحاً سليماً والذى سيعرف لها جميل عنايتها وهو مريض وأمر الطلاق إذن في هذه الحالة ليس مرده إلى واجب دينى وإنما مرده إلى رغبة الزوجة نفسها وإلى ضمير الزوج بالنسبة لها فإذا رغبت الزوجة فى استمرار الحياة فليحمد الزوج الله ويحمد زوجته على موقفها الكريم أما إذا رغبت في الطلاق فليسرحها سراحاً جميلاً معتذراً عنها في نفسه راضياً بقضاء الله صابراً عليه محتسباً له
والله لا يضيع أجر الصابرين وأن الله مع الصابرين
هل يجوز الزواج ممن لا دين لها
يقول الله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تُنكِحُوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم
يتذكرون
وقد حرم الله نكاح المشركات لبطلان عقيدتهن بطلاناً تاماً فيؤثر على الذرية إذ تخرج مشركة متأثرة بالأم وكذلك الحكم فى المرأة التى لا دين لها فإن الأبناء منها ينشئون متأثرين
بها فينشئون غير متدينين
أما الكتابيات فإن الإسلام يبيح الزواج منهن يقول الله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن مُحصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان والجو الإسلامي كله يدل على أن زواج المسلم لا يجوز إلا من مسلمة وهذا هو الأولى ويصح عند الضرورة أن يكون من كتابية أما المشركة والتى لا دين لها فلا يجوز الزواج منها
۱۳۹
في جواز تزوج المسلم ممن كان يعاشرها معاشرة الأزواج
يجوز للمسلم أن يتزوج ممن كان يعاشرها معاشرة الأزواج سواء كان له منها ولد أو لم يكن وذلك هو الغالب على أولئك الذين نزل أقدامهم ويقعون بتلك الفاحشة قال تعالى الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وقيل المراد بالآية السالفة أن الزانى لا يأتى هذه الفاحشة إلا مع زانية أو مشركة والزانية لا تأتيها إلا مع زان أو مشرك وهذه الفاحشة حرام على المؤمنين رجالا ونساء ومفهوم هذا التنفير من تلك الفاحشة وبيان أنها ليست سبيلا للمؤمنين بل لا ينبغي أن تخطر ببال المسلم قوله تعالى ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا
ويفهم من هذا أن إتيان الزانى الزانية بطريق العقد والشرع عليها صحيح إذا استوفى شروط صحة العقد من خلو الرحم من ماء لغيره قد يتكون منه مولود ربما نسب إليه وليس في الحقيقة
له
إذن يجوز للرجل الذي عاشر امرأة معاشرة حراماً مدة طويلة أن يعقد على تلك المرأة وأن يتزوجها من غير أن تعتد منه لأن ماء الزنى لا حرمة له غاية ما في الأمر أنه يسن له أن لا يعقد عليها حتى تنقضى مدة ليتبين فيها له إن كانت حاملة منه بطريق الزنى ليتميز بذلك ولده الشرعي منها الذي يصح نسبته إليه ويرثه بعد وفاته من الولد الذي أتى بطريق السفاح ولا تصح نسبته إليه
ولا يرث
في تحديد النسل وعلاقته بالزواج
إذا كانت المرأة تعانى آلاماً عند
الوضع لا تطيقها وتتضرر منها وتخاف على نفسها من الهلاك وذلك بتقرير طبيب مسلم حاذق فلها أن تحدد نسلها لهذا السبب لأن المحافظة على حياتها وعلى صحتها أولى من النسل وأحق لأنها حياة متحققة ولها منافعها فلا تتعرض للأخطار في سبيل حمل قد ينزل حيًّا أو ميتاً
ولا شيء في ذلك عليها من ناحية الشرع والإسلام يبيح ها ذلك
١٤٠
في ثمرة الزواج
إن ثمرة الزواج الأصلية هى النسل والإنجاب وهو الذي امتن الله سبحانه وتعالى به على عباده
في قوله
والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم
من الطيبات
ومن حق الزوج على زوجته أن تحقق له نعمة البنوة ليسعد بأن يكون أبا ويرى امتداد حياته وذكراه في ابنه ومن حق الزوجة لذلك أن تشعر بنعمة الأمومة التى تدعوها إليها فطرتها وطبيعتها هذا إذا كان في الزوجين صلاحية الإنجاب أما إذا كانت الزوجة لا تنجب فلزوجها أن يتزوج بأخرى طلباً للذرية والنسل مع وجوب إحسان معاشرة زوجته الأولى وأداء حقها كاملا إلا إذا رغبت هى في الطلاق ورضى أن يطلقها فلها ذلك برضاهما
في حكم المسلم الذي يضرب زوجته
يقول الله تعالى واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيراً وهذه الآية تبين مدى حرص الإسلام على بقاء الصلة الزوجية وأن لا يكون الانفصال نتيجة لخلاف ولو كان يسيراً
لقد بين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية القواعد التي تتبع وذلك أنه إذا نشزت المرأة أى عصت وساءت عشرتها وترفعت عن الطاعة يقال فى اللغة نشزت المرأة بزوجها وعلى زوجها استعصت عليه وارتفعت عليه وأبغضته وخرجت عن طاعته إذا فعلت ذلك فإنه سبحانه وتعالى يبين أن العلاج لذلك ليس هو الطلاق وإنما هو في درجته الأولى النصيحة والوعظ يقول سبحانه فعظوهن
أفعالهن أي بينوا لهن سوء
4
والنتيجة السيئة التى تترتب على ذلك وأن ذلك خلاف القواعد المرغبة في الدين الذي أوجب
١٤١
حق الزوج على الزوجة وحرم عليها معصيته فإن استمرت الزوجة في عصيانها وإساءتها لزوجها فإن المرحلة الثانية في العلاج هي هجرها في المضجع
يقول الله تعالى واهجروهن فى المضاجع
الانفصال
أى في النوم والصلة الجنسية والكلام أيضاً فإذا لم يفد ذلك بعد تأتى المرحلة الثالثة قبل وهوا أن يضربها ضرباً غير شديد ولا شاق ولقد سأل أحد الصحابة رسول الله الله قال يارسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن تطعمها إذا طَعِمْتَ وتكسوها إذا اكتيسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت
ومع
كل هذا من أجل عدم الانفصال فى الزوجية وكل ذلك علاج لسوء العشرة بين الزوجين ذلك فإن الإسلام يوصى دائماً بالنساء وفى حجة الوداع يقول رسول الله اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ويختم الله سبحانه وتعالى بقوله فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيراً وعلى هذا فإن الضرب الخفيف يأتى بعد استنفاد مراحل العلاج الأخرى وكل ذلك حرصاً على دوام العلاقة الزوجية وليس على الزوج من إثم إذا التزم قواعد الدين في ذلك أما الزوجة التي لا تلقى إلا الظلم من زوجها والإهانة والضرب ظلماً وعدواناً فلها أن تطلب الطلاق من زوجها والانفصال عنه وزوجها يكون مخالفاً لرسول الله الله الذى قال استوصوا بالنساء خيراً
في الواجب على الزوج بالنسبة لزوجته
أن يوم
إن الواجب على الزوج الذى ينشد السعادة الزوجية ويفوز برضا الله تعالى القيامة يحسن إلى زوجته ويعطيها حقها كاملا غير منقوص من نفقة ومئونة وكسوة عن طيب نفس ولين من القول وهو مسئول عن ذلك وآثم فى تقصيره
ففي الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه والنسائى عن أنس مرفوعاً قال رسول الله إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته وإن من واجب الزوج أيضاً أن يقوم بتعليم زوجته قال أهل العلم ومتى كان الرجل قائماً بتعليم ما يجب لزوجته امتنع عليها الخروج لسؤال العلماء وكذا إن ب ناب عنها في السؤال وعرفها الجواب فإن لم يكن ذلك فلها الخروج للسؤال بل واجب عليها
١٤٢
ذلك ويعصى الرجل بمنعها ومها أهملت المرأة حكماً من الأحكام الواجبة ولم يعلمها الرجل
إياه شاركها في الإثم وصدق الله العظيم إذ يقول
يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً
ذلك فالزوج مكلف بتعليم زوجته جميع
فى الفرق بين زواج المتعة والزواج الشرعى غير الموثق
الفرق بين زواج المتعة والزواج الشرعى هو أن زواج المتعة موقوت بأجل والزواج الشرعي زواج نهائى غير مؤقت بوقت وقد أحل الله تبارك وتعالى الزواج الشرعي لأنه الزواج الذي كان منذ كان رسول الله له ولم يزل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وليست شرعيته بمانعة من ترتب آثاره عليه ما استوفى شروط الزواج الموثق من وجود ولى الأمر وشاهدى العدل أما زواج المتعة فإنه زواج مؤقت بوقت وقد كان حلالا في بدء الإسلام ثم حرمه الله تبارك وتعالى على لسان رسول الله الا الله من خيبر ثم أحله في غزوة الفتح ثم حرمه بعد ذلك واستمر التحريم إلى أن توفى رسول الله الله وقول الله تبارك وتعالى والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين يدل على حل الزواج الشرعي وحرمة نكاح المتعة
6
في زوج سافر وترك زوجته لمدة سنتين وبعد عودته وجد أن قاضياً قد حكم بطلاق الزوجة فهل يصح مثل هذا الحكم
الزواج عقد يقصد منه سكن كل من الزوجين إلى الآخر وتمتعه وإيناسه به فإذا غاب الزوج عن زوجته مدة لا تحتملها عادة فخشية وقوع الفتنة للزوجة من أجل هذا الغياب أجازت بعض
المذاهب طلب التفريق للضرر ويقوم بهذا التفريق القاضى رفعاً للضرر عن الزوجة والغياب المجيز للتفريق هو الذى يكون بغير عذر مقبول أما إذا كان بعذر مقبول فلا تفريق لأنه لا يقصد بذلك الأذى وهذا هو مذهب مالك وأحمد لأن المرأة قد تقع في جريمة دينية بإهمالها وتركها تعيش من غير عشير يؤنسها ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام
١٤٣
وقد جعل الإمام أحمد أدنى مدة يجوز أن تطلب التفريق بعدها ستة أشهر لأن عمر رضى الله عنه كان لا يجعل الجند يغيبون عن أزواجهم أكثر من ستة أشهر
ومذهب مالك قدر فى رأى له سنة وبهذا أخذ القانون مادة ۱ إذا غاب الزوج سنة فأكثر بلا عذر مقبول جاز لزوجته أن تطلب إلى القاضي
تطليقها بائنا إذا تضررت من بعده عنها ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه والحالة التي في السؤال أن الزوج غاب سنتين فتطليق القاضي عليه زوجته صحيح
ولا اعتراض عليه
في الدخول الخاطئ
هذا الدخول الخاطئ لجهل كل من العريس والعروس بصاحبه – يعتبر كل منهما معذوراً فيما ينتج عنه من الجماع إذا ظن كل واحد منهما أنه مع من تزوج وعلى ذلك فإذا ما تبين الخطأ توقف كل من الزوجين عن مقاربة من دخل عليها خطأ حتى تستبرئ أي تمر فترة العدة وهى ثلاثة قُروء
فإن لم يظهر حمل حلت كل منهما من هذا الوطء وأصبحت بالخيار إما أن تعود إلى صاحب العقد وإما أن تستمر مع من دخلت عليه ولها صداق المثل ويعوض صاحب العقد الأصلي عما بذل من صداق وإن ظهر حمل استمرت العدة إلى حين الولادة وينتسب الولد إلى أبيه الذي دخل على وبعد الولادة لها الخيار فى أن تستمر مع أبي الولد ولها صداق المثل – أو تعود إلى
أمه
زوجها الذي عقد عليها
هذا ومن الواجب على كل مسلم أن يتثبت ممن يريد مباشرتها ويتحقق من أنها زوجته وذلك الواجب أيضاً على كل مسلمة فعليها أن تتثبب ممن يحاول الاتصال بها ومثل هذه المسألة في كتب الفقه افتراض بعيد عن واقع الحياة افترضه العلماء سعياً لحصر المسائل الممكنة الحدوث كما يتصورها عقل الإنسان وموقف الدين منها
١٤٤
في هل تعتد الزوجة بعد وفاة زوجها مباشرة أم تبدأ
العدة من يوم
الجمعة
عدة الزوجة المتوفى عنها زوجها تبدأ من حين الوفاة مباشرة لقول الله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير وعلى هذا جرى العمل منذ نزلت الآية الكريمة إلى وقتنا هذا
وهذه العدة التي أشارت إليها الآية الكريمة هي
أما
للتي لم تكن حاملا حال وفاة زوجها
كانت حاملا فعدتها بوضع الحمل لقول الله تبارك وتعالى
وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن
والقول بأن العدة تبدأ من يوم الجمعة لا أصل له
يقول الله سبحانه وتعالى
في عدة الوفاة
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير فالزوجة التي يتوفى عنها زوجها تعتد عدة الوفاة وهى أربعة أشهر وعشراً بمقتضى هذه الآية ولا فرق في ذلك بين المدخول بها وغير المدخول بها لعموم الآية وكذلك لها الحق في الميراث من زوجها المتوفى
روى الإمام أحمد أن ابن مسعود سُئل عن رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها فترددوا إليه مراراً فى ذلك فقال أقول فيها برأيي فإن يك صواباً فمن الله وإن يك خطأ فمنى ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه
لها الصداق كاملا وعليها العدة ولها الميراث فقام معقل بن يسار الأشجعي فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في بروع بنت واثق ففرح عبد الله بذلك فرحاً شديداً
١٤٥
في الزوجات الصالحات فى الدنيا يكن مع أزواجهن في الجنة
إذا مات الرجل على الإسلام وكانت زوجته مسلمة ودخلا الجنة فإن زوجته تكون له في الجنة وإن تعددت الزوجات فهن زوجاته أيضاً لا فرق بين الأولى وغيرها وستنزع الغيرة منهن في الجنة لأن الجنة دار صفاء لا كدر فيها كما قال تعالى
ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخواناً على سُرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين وإذا كانت المرأة قد تزوجت برجلين فإنها تكون زوجة لمن ماتت وهي على ذمته فهو زوجها الأخير الذي سيكون زوجاً لها فى الآخرة وذلك أنها ماتت وهى فى عصمته فهي زوجته عند موتها ولو كان هو الذى مات قبلها فإنها ترثه وتستمر منتسبة إليه ما دامت لم تتزوج غيره
في الحامل تنتهى عدتها بالوضع فهل يكون الأمر كذلك
إذا وضعت بعد وفاة زوجها بيومين أو ثلاثة أيام وإذا كان الأمر كذلك فهل يجوز لها أن تتزوج رجلا آخر
يقول الله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون
خبير
ويؤخذ من الآية أن التي يتوفى عنها زوجها تعتد بأربعة أشهر وعشر ليال وهذا حكم عام في جميع الزوجات إلا الزوجة التى توفى عنها زوجها وهى حامل فإن عدتها بوضع الحمل لعموم قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ولو لم تمكث سوى لحظة وبهذا
تكون قد انقضت عدتها وحل لها أن تتزوج رجلا آخر بعد أن تطهر من نفاسها أخرج الصحيحان أن سبيعة الأسلمية توفى عنها زوجها سعد بن خولة وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته بليال فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها مالي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر
وعشر
١٤٦
قالت سبيعة فلما قال لى ذلك جمعت على ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله فسألته عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملى وأمرني بالتزوج إن بدا لي
في الحكمة من عدة المتوفى عنها زوجها
الحكمة في أن الله عز وجل جعل عدة الحرة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً إنها المدة التي تزول فى نهايتها عادة آلام فراق الزوج فجعلت عدة للحرة تلبس فيها ثياب الحداد التي
6
تناسب ما ينتابها من آلام لموت زوجها الذى عاشرته بالزواج فكان سكناً لها وكانت سكناً له وقد ربط الله بينهما برباط المودة والرحمة حتى إذا ما انتهت هذه الآلام بانتهاء تلك المدة لأن تكون زوجة لزوج آخر لا تنغص عيشته بما كان ينتابها من آلام وفاة
أصبحت تصلح الأول
الزوج
وليس المراد براءة الرحم بعدة الوفاة وإنما المراد الحداد لأن براءة الرحم علمت قبل ذلك بعدة المطلقة ثلاثة قروء إن كانت من ذوات الحيض وثلاثة أشهر إذا كانت لا تحيض وعدة الحامل المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل طالت المدة أو قصرت فإن فرحها بمولودها يخفف عنها من آلام وفاة زوجها وإذا خفت الآلام وعلم بالولادة براءة رحمها إن قصرت مدة الحمل - فإنها وهذه حالتها تصلح للزواج مرة أخرى أما طول مدة الحمل ولو زادت عن أربعة أشهر وعشراً فذلك لأن بها من زوجها ما يمنعها من أن تكون فراشاً لغيره وما دامت هذه حالتها فإنها تظل فى عدة وفاة زوجها الأول إلى وضع
حملها
هل يجوز لرجل طلق زوجته يتزوج أختها
لقد اهتم الإسلام اهتماماً بالغاً بالزواج فرسم له طرقاً مشروعة وحدد له حدوداً لا يجوز لإنسان أن يتجاوز حماها ولا أن يضل طريقها نحوه
6
من هذه الطرق وتلكم الحدود أن الإسلام حرم على الإنسان الجمع بين الأختين في مسألة الزواج في عقد واحد وحالة واحدة وجعل الجمع بينهما من الأمور التي حرمها الشارع الحكيم بحيث لا يصح المسلم مهما عظم أمره إباحة هذا الجمع وأن تجمعوا بين الأختين بهذا النص القرآني الكريم نهى الله سبحانه أن يجمع الإنسان بين الأختين في حالة واحدة
١٤٧
أن
من العقد والعشرة وغير ذلك مما تقتضيه مصالح الزواج ولكن بالنسبة لمن طلق زوجته ثم أراد يتزوج بأختها فالواقع أن شأن هذا الأمر واضح ظاهر لاخفاء فيه لا دليل يمنعه ولا نص يحرمه حيث إنه لم يكن جمع بين الأختين وإنما هو المقصود والمعنى فى قوله سبحانه إلا ما قد سلف أى كما لا يجوز الجمع بين الأختين بنص الآية التي تضمنت - التحريم والنهي – وهي وأن تجمعوا بين الأختين فقد أباح الإسلام للرجل أن يتزوج بأخت زوجته المطلقة بعد طلاق الأولى وانقضاء عدتها وذلك بنص الآية الكريمة التي اعتبرت ذلك الأمر أنه قد سلف ولم يكن جمع بين الأختين وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف
في جواز أن يتزوج الإنسان بزوجة شقيق أبيه
نعم يجوز للإنسان أن يتزوج بزوجة شقيق أبيه ويجوز له أيضاً أن يتزوج بزوجة شقيقه أخيه مادامت موانع الزواج كالرضاع منفية
أما جواز الزواج بهما فلأنها ليستا من المحارم اللاتى ذكرهن الله في قوله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة واللاتي ذكرهن النبي الله في قوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
في المعاشرة الجنسية دون عقد شرعى
إن المعاشرة الجنسية دون عقد شرعى لا تسمى زواجاً وإنما هى معاشرة يحرمها الله ورسوله لا تبيحها شريعة ولا يعترف بها قانون
ومن اجتمع بامرأة دون عقد شرعى وظل كذلك حتى أنجبت له أطفالا تعتبر حياته معها حياة سفاح يطبق عليها ما يطبق على حياة السفاح من أحكام
فيكون الأولا أولاد سفاح ولا قيمة لنسبتهم إلى أبيهم حيث لا يعتبر الإسلام السفاح سبباً في إقامة حكم شرعى وصلة نسب بين الوالد ومن ولد له بل إن ماء السفاح هدر وما ينتج من الأولاد يعتبر لقيطاً حكمه كحكم اللقيط يرعاه أهل الخير وترعاه الدولة أو يرعاه من تسبب
حصاده وتحديد
والأنهار والعيون العشر وفما سقى بالساقية نصف العشر والساقية آلة السقى ووسيلته ولا يشترط لوجوب هذه الزكاة ملك الأرض المزروعة وإنما يشترط الملك التام للخارج من الأرض أو للزرع لعموم قوله تعالى أنفقوا من طيبات ما كسبتم وقوله وآتوا حقه الرسول النصاب زكاة الزرع دون اشتراط تحقق ملكية الأرض المزروعة ولذلك كانت الزكاة على زارع الأرض مستأجراً كان أو مالكاً
وهذا هو ما جرى عليه الجمهور
يوم
وعلى ذلك فالزكاة تجب على جملة المحصول من الأرض المسدد ثمنها أو غير المسدد ثمنها ولا يخصم منها شيء ويجب على المالك إذا كان هو الزارع ما يجب على المستأجر من إخراج الزكاة وعزلها بمجرد الحصاد دون مراعاة لمقدار المصاريف كثرت أو قلت استدان هذه المصاريف أو لم يستدنها
تقسيم
في نظام إخراج الزكاة بالنسبة للزارع
إن النظام الذي ينبغي أن يتبع في مثل هذه الحالة هو أن يخرج المزارع والمالك الزكاة قبل المحصول ثم قسمته بعد ذلك
أما إذا بدأ بقسم المحصول وأخذ المالك نصيبه فعلى كل منهما إخراج زكاة ما أخذ فقط وإذا لم يخرج المالك زكاة نصيبه فلا مسئولية على المزارع وعليه أن يخرج زكاة ما خصه بعد القسمة أى
يخرج نصف العشر إن كان الزرع يسقى بالآلة ويخرج العشر إن كان يسقى بغير الآلة وبهذه المناسبة نقول إن الزكاة ركن من أركان الإسلام والامتناع عن أدائها إنما هو هدم لركن من أركان الدين إنها الركن الثالث يدفعها من تجب عليه لمستحقيها ليحيى بها نفوساً ويشبع بها بها بطوناً ويمسح بها دموعاً ويزيل بها آلاماً وينال بها ثواباً وأجراً من الله تعالى وقد جعل الله سبحانه وتعالى الزكاة برهاناً على الإيمان يقول صلوات الله وسلامه عليه و الصدقة برهان وكل من يخادع نفسه إذن فيدعى الإيمان ثم يمتنع عن أداء الزكاة فإن هذا الامتناع نفسه
برهان كذبه
وإذا كانت برهاناً فإنها أيضاً امتحان يستبين فيه من أجاب داعي الله ومن أعرض عنه ثم هي تطهير للنفس وتزكية لها وتطهير للمال وتزكية له قال تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها
١٤٨
فيه إن أفلت من العقاب وعليها إشهار زواجها شرعاً ليتسنى لهما العيش في ظل حياة كريمة في نظر الإسلام وليخرجا من الزنى الواقعان فيه باستمرار وعلى الدوام
في الشبهة في الزنى
من زفت إليه غير زوجته وقيل له هذه زوجتك فوطئها يعتقدها زوجته فلا حد ولا نعلم فيه خلافاً
وإن لم يقل له هذه زوجتك أو وجد على فراشه امرأة ظنها المدعوة أو اشتبه ذلك لعماه يعتقدها زوجته فلا حد عليه وبه قال الشافعى وحكى عن أبي حنيفة أن عليه الحد
لا يجب الحد بالوطء في نكاح مختلف في صحته
كنكاح المتعة والنكاح بلا ولى والتحليل والنكاح بغير شهود ونكاح الأخت في عدة أختها والخامسة فى عدة الرابعة والبائن ونكاح المجوسية
لا يجب الحد على من لم يعلم بتحريم الزنى فإن ادعى الجهل بالتحريم وكان يحتمل أن يجهله كحديث عهد بإسلام أو ناشئ ببادية لأنه يجوز أن يكون صادقاً وإن كان ممن لا يخفى عليه
ذلك لم يقبل وكذلك إن ادعى الجهل بفساد نكاح باطل قبل قوله لأنه علم قبل قول المدعى الجهل
بتحريم النكاح في العدة
لا يجب الحد على مكرهة على الزنى
وأما الرجل إذا أكره على الزنى فلا يجد أيضاً على أصح الأقوال
إذا تزوج
ذات محرم من نسب أو رضاع فوطئها فعليه الحد في قول أكثر أهل العلم وقال
أبو حنيفة والنووى لاحد عليه
كل عقد أجمع على بطلانه - كنكاح الخامسة أو مزوجة أو معتدة أو نكاح المطلقة ثلاثاً - إذا وطئ فيه عالماً بالتحريم فهو زنى موجب للحد المشروع فيه قبل العقد وهو قول الشافعي وقال أبو حنيفة لاحد فيه
١٤٩
في زواج المسيحي بمسلمة
من شروط النكاح أن يكون الزوج مسلماً فلا يجوز زواج المسيحي بمسلمة ولا ينعقد هذا
الزواج إذا وقع ويجب فسخه
وإذا أسلم مسيحى وتزوج
مسلمة ثم رجع إلى المسيحية فرق بينه وبين زوجته ومنع الأب ابنته منه دون طلاق كما فعل الرسول الله بالكافرين
أسلم
وقد فرق الرسول عل بين ابنته زينب وزوجها أبي العاص بن الربيع ثم ردها إليه حين
والأصل في ذلك قوله تعالى يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن
وقوله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا فمثل هذا الزواج لا يقع شرعاً ويجوز لأى مسلم أن ينكحها ولو مع الكافر الذي تزوجها – بشرط أن يستبرئها أى أن يتوقف عن جماعها فترة العدة
وعلى هذا الوالد - إذا لم يفرق بين بنته وزوجها الذى ارتد عن الإسلام - إثم مخالفة الدين وإيذاء بنته والخروج على ما يجب التمسك به من عزة الإسلام وحرمة المسلمين
لماذا يمنع الإسلام زواج المسلمة من غير المسلم
يمنع الإسلام زواج المسلمة من غير المسلم كى لا يكون لغير المسلم ولاية على مسلمة فيقرها على فعل ما لا يتفق وتعاليم دينها أو يزين لها ذلك
وقد حصر الله ولاية المؤمن له حل جلاله ولرسوله وللمؤمنين دون سواهم فقال تبارك وتعالى إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم
را كعون
وقال عز من قائل والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض
ولما كان الزواج يجعل للزوج ولاية على زوجته بحكم الشرائع والطبائع إذ إن رغبة الزوجة في
10
الغالب تابعة لرغبة الزوج ونابعة من إرادته وكانت الزوجة المثالية تعمل دائماً على راحة زوجها بتوفير كل ما يرضيه كى تحظى بإقباله عليها وتعيش معه عيشة مرضية – لما كانت حال الزوجة مع زوجها كذلك - إلا ما شد ويخشى على المسلمة أن تبدل دينها أو تفرط في شيء منه تبعاً لرغبة زوجها غير المسلم - منعت من الزواج لذلك حفاظاً على دينها وعليها من إلحاق الضرر بها لما يرى من مخالفتها له في عقيدتها التي تناقض عقيدته أو حفاظاً على الذرية التي يخشى من تبلبل أفكارها بين كل من الزوجين
في الأحوال الشخصية ومجلس الشعب
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب من آن لآخر يثار في المجتمع الإسلامي قانون الأحوال الشخصية ويختلف الكتاب تبعاً لأهوائهم فبعضهم يستجيب للنص القرآني لا يريد به بديلا وبعضهم يأخذ في محاولة الالتواء بالنص ليقربه مما يجرى العمل به فى الغرب أو ليقربه من أهوائه التي ينحرف بها تلبية لرغبة منحرفة أو لهوى جامح
ولكنك إذا سألت الجميع فإنهم يقولون لك نحن مع الوحى ومع الرأى الإسلامي
ولا يمكنهم أن يقولوا غير ذلك حتى لا يثيروا الرأى العام عليهم وأحب أن أقول إن النتيجة الحتمية التي ينتهى إليها كل باحث مخلص ينتهى إليها تاريخياً وينتهى إليها إسلامياً أمران بديهيان وهما من البداهة بحيث لا يمارى فيهما من كان في قلبه حبة خردل من
إيمان
أما أولها فإن الطلاق بيد الرجل يوقعه حينما يشاء لحكمة يراها لا قيد عليه في ذلك ولا تحديد ذلك هو الأمر الذي سار عليه التشريع الإسلامي منذ أن نشأ التشريع الإسلامي وهو الأمر الذى يلجأ إليه الغرب الآن حتى في إيطاليا نفسها
فإذا كان الغرب قد أخذ بمبدأ الطلاق وبالتالى فى التقرب إلى الإسلام فهل نحاول نحن الابتعاد عن الإسلام للتقرب من الغرب القديم فى الوقت الذى يتخلى فيه الغرب عن مبادئه القديمة إنك مهما حاولت حتى ولو متعسفاً فلن تجد مناصاً من القول بأن الطلاق بيد الرجل يوقعه متى شاء حسب حكمة يراها على أنه من المباح الجائز أن تشترط المرأة عند العقد أن يكون لها حق تطليق نفسها إذا أضيرت فيكون الطلاق بيدها توقعه حينما ترى أن مصلحتها تقتضى ذلك
151
وهل
وعن الطلاق يقول المستشرق الفرنسي إتيين دينيه اشد من الحكم على زوجين شابين لم يستطيعا لبعضهما صبراً وقد خاب ظنهما في الزواج ولم يدركا السعادة التى طلباها من وراء ذلك
هل
أشد من الحكم عليهما بأن يخلدا يقضيان بقية أيامها في عذاب ونكد وشقاء
كذلك إذا كان أحدهما عاقرا
أو كان غير كفء لزميله
هل يحرم الآخر من أن يبنى لنفسه بآخر وأن يقيم له عائلة من جديد
هذا ما يقوله مستشرق غربي
أما
ويقول الله تعالى الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان عن تعدد الزوجات فإنه من الواضح أن الإسلام يبيحه ذلك واضح نصا وذلك واضح من الوجهة التاريخية إن ذلك أيضاً بدهى ومهما حاول ذوو الأهواء فإنه لا يمكن للدارس إلا أن يقول إن التعدد مباح فى الإسلام فعله الخلفاء الراشدون وفعله الصحابة كبارهم وصغارهم وفعله التابعون وتابعو التابعين قرناً بعد قرن والقرآن الكريم ينص عليه والأحاديث الشريفة تدل عليه ثم إن الوضع الاجتماعى يوجبه وربما يدهش بعض الناس لقولنا إن الوضع الاجتماعى يوجبه ونحن في ذلك نورد أموراً 1 - في أحد الأقطار منع زعيم القطر تعدد الزوجات وحصلت حادثة أمام سمعه وبصره هذه الحادثة تتلخص في أن شخصاً من الأشخاص متزوج وعنده أولاد من زوجته ثم أصبحت زوجته هذه في وضع غير صالح من الناحية الجنسية فكان هو بين أمرين إما أن يزنى وإما أن يتزوج ولكن التعدد يصنع إن امرأته الأولى ليست مسئولة عما حدث لها هذا قضاء الله بالنسبة لها فما ذنبها لتطلق
ولم يطلقها
فماذا ممنوع
إنها لم تسيء إليه لم يطلق وإنما ذهب وعقد عقداً شرعيًّا على امرأة وتزوجها بحسب الشرع وأسكنها في مسكن وكان يذهب إليها ويبيت عندها وبلغ عنه أنه تزوج امرأة أخرى والقانون لا يتساهل وذهبت الشرطة وضبطوه متلبساً بالجريمة جريمة الزواج بامرأة أخرى
وأتى به للتحقيق وقالوا له
هل تزوجت امرأة أخرى فقال كلا
١٥٣
إن هذا النصف فى الألف من الناس فقط هو الذى يعدد الزوجات إنه يعدد الزوجات إلى
اثنتين
أما الثلاث والأربع فلا وجود له وهكذا الأمر نعنى يكاد يكون التعدد – مع
إباحته – معدوماً
ولكن من الوجهة النظرية وفى حالات الندرة وفى حالات الحاجة لو فرضنا أن شخصاً من الأشخاص فإما أن يتزوج وإما أن ينحرف يباح له الزواج
هذا رأى الكاتب الفرنسى الذى يقول ويشاهد بالتعداد وبالتجربة ما حدث وما كان
ثم ماذا ألم يتزوج الخلفاء الأربع كل منهم بأكثر من واحدة والحسن والحسين وعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنهم وكلهم مثنى وثلاث ورباع
0
وبعد فإن مما يشبه اليقين عندنا أن لا ينساق مجلس الشعب وراء أهواء تنحرف بالإسلام إنه لا قيود على الطلاق إلا من ضمير المسلم ولا قيود على التعدد إلا من ضمير المسلم
ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم
في الطلاق
في حكمة مشروعية الطلاق
إن حكمة مشروعية الطلاق دفع الضرر الذى يلحق الزوجين فإن الحياة الزوجية قد تفسد بينهما فحينئذ يصير بقاء النكاح مفسدة محضة وإضرار بإلزام الزوج النفقة والسكن وإمساك المرأة مع سوء العشرة ووقوع الخصومة والشحناء من غير فائدة لذلك أباح الشارع الطلاق لإزالة النكاح لتزول المفسدة الحاصلة من النكاح
قال تعالى فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وقد أجمع العلماء المجتهدون من أمة سيدنا محمد على أن الطلاق جائز دفعاً للضرر الذي يعود على الزوجين لا جناح عليكم إن طلقتم النساء
وقول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه كما جاء فى سؤال السائل أبغض الحلال إلى
١٥٤
الله الطلاق لا يستلزم أن يكون الطلاق مكروهاً كراهية أصولية بل إنه يعنى أن أقرب الحلال للبغض الطلاق
فالمباح لا يبغض بالفعل لكنه قد يقرب له إذا خالف الأولى والطلاق من أشد أفراد خلاف الأولى ١ وكون الطلاق مبغوضاً لا يقتضى أن يترتب عليه لازم المكروه الشرعى إلا إذا كان مكروهاً بالمعنى المصطلح عليه ولا يلزم أن يكون مكروهاً بالمعنى المصطلح عليه من حيث وصفه بالبغض لكنه يكون كذلك إذ لم يصفه بالإباحة لكنه وصفه بها وغاية ما فيه أنه مبغوض إليه سبحانه وتعالى ولم يترتب عليه مارتب عليه المكروه ٢
وبعد فيقول الإمام أحمد - رضى الله عنه - في طلاق المرأة غير العفيفة ا لا ينبغى له إمساكها وذلك لأن فيه نقصاً لدينه ولا يأمن فسادها لفراشه وإلحاقها به ولداً ليس هو منه ولا بأس بعضلها في هذه الحال والتضييق عليها لتفتدى منه قال الله
تعالى
ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة
في الطلاق وتعدد الزوجات
إن الدين اتباع ولا رأى لإنسان فيما أتى به الدين والطلاق حق وتعدد الزوجات حق وكل من قال بغير ذلك فهو منحرف
المجتمع
إن أمور الدين لا تؤخذ بالرأى وإلا لكانت الفلسفة تكفى عن الوحى والفلسفة تنظم أمور ومبادئ اتصال الإنسان بأخيه الإنسان وتزكية الإنسان لنفسه تنظم كل ذلك على أساس بشرى فردى ومنذ بدأت الفلسفة وهي مختلفة وكان سبب اختلافها أنها تنبع عن الإنسان باعتباره فرداً ولو ترك أمر تنظيم المجتمع إلى الإنسان لحدث الاختلاف والاضطراب
وقد أتى الوحى بتنظيم المجتمع تنظيمه من ناحية الفرد فى نفسه وتنظيمه من ناحية صلة الأفراد بالحاكم والدين اتباع ولا رأى لإنسان فيما أتى به الدين وإذا اختلفنا في شيء من
۱ حاشية الدسوقى على الشرح الكبير جـ ٢ ص ٣٦١
فتح القدير ج ص
١٥٥
النصوص فإننا نرد أمر الاختلاف إلى عمل الرسول مع الا الله وإلى عمل الصحابة ومسلكهم والله سبحانه وتعالى يقول فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً
والآن نتساءل عن عمل الرسول عليم والصحابة فيما يتعلق بتعدد الزوجات وفيما يتعلق
بالطلاق
إن الله سبحانه وتعالى قد بين في كتابه العزيز أن للإنسان أن يتزوج في إطار العدد الذي ذكره وهو أربع وعلى أساس منهاج الإباحة فعلت الصحابة وتزوج بعضهم واحدة وتزوج بعضهم أكثر من واحدة وسار النسق على هذا الوضع إلى أن أصبح المسلمون يشعرون بمركب النقص بالنسبة للغرب المسيحى فأخذوا يتحدثون فى همس منذ عشرات السنين ولا يجرء ون على لأن الشعوب الإسلامية كانت قوية والإيمان كان عميقاً ثم أخذ الهمس ينتشر ويقوى شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح إعلاناً صريحاً فى الصحف والمجلات وفي غير ذلك من الدوائر وكل ذلك لا يتفق مع الدين في شيء فالدين فيما يتعلق بتعدد الزوجات قولا وسلوكاً إنما هو الإباحة المطلقة في هذه الحدود التي حددها الله سبحانه وتعالى وكل محاولة فما يتعلق بتقييد التعدد إنما هي محاولة خارجة عن الدين
التصريح
وأذكر في هذا المجال أمرين ذكرتها آنفاً
الأمر الأول هو ما كتبه الكاتب الفرنسى الكبير إتيين دينيه لقد عاش في الجزائر فترة من الزمن في مدينة بوسعادة ثم كتب يقول
إن مدينة بوسعادة كانت خالية من ثلاثة جرائم حينما كان تعدد الزوجات فيها أمراً عادياً لقد كانت خالية من العوانس وخالية من اللقطاء وخالية من الأمراض السرية ولما بدأت في التفرنج وتقييد التعدد انتشر فيها العوانس وانتشر فيها اللقطاء وانتشرت فيها الأمراض السرية ويأسف هذا الكاتب الفرنسي على أن هذه المدينة لم تتمسك بالإسلام تمسكاً يعفيها من هذه الأوبئة الثلاثة وحادثة أخرى في قطر من الأقطار الإسلامية التي قيدت تعدد الزوجات بواحدة ولأول وجود هذا القانون وكان منفذاً بشدة بحيث يعاقب عقاباً أليماً كل من خالفه في الأيام الأولى لوجود هذا القانون حدث - وكنت أنا فى البلدة التى وقع فيها الحادث – أن رجلا أصبحت امرأته لا تصلح للناحية الجنسية لطارئ من الطوارئ العادية وكان القانون الموجود يحرم التزوج مرة ثانية إلا إذا انفصل الشخص عن الزوجة الأولى بحكم القاضى ولكن هذه الزوجة الأولى عند هذا
١٥٦
الرجل زوجة كريمة على نفسه وهى أم لأولاده ولا ذنب لها في أن يفصلها عنه بالطلاق فاستبقاها وتزوج زواجاً شرعياً بأخرى واستأجر لها شقة وكان يبيت عندها وبلغ فيه بأنه بأخرى وتربص البوليس به حتى قبض عليه وهو فى غرفة الزوجية وقاده مكبلا في الحديد ليعاقب على الجريمة الشنعاء في نظرهم - وهى جريمة الزواج بأخرى – وذهب إلى القسم وبدأ التحقيق وكانت الأسئلة كما يلى
تزوج
هل أنت
متزوج بأخرى
كلا ويقصد في نفسه أنه لم يتزوج بها زواجاً رسمياً حكومياً ولكنك ضبطت الآن فى غرفة امرأة ليست لك بزوجة !
نعم
- والتحريات أثبتت أنك استأجرت هذه الشقة
- نعم
- والتحريات أثبتت أنك تنفق على هذه المرأة
- نعم
- وتبيت عندها
- نعم
إذن ماذا تكون هذه المرأة
عشيقة !
وهنا أخلى سبيله باعتباره غير آثم ولا مذنب وتركوه ينصرف ولو كان أقر بأنه زوج
لهذه المرأة لزج به في السجن
أما فيما يتعلق بالطلاق فيكفينا في الاستئناس على حكمة مشروعيته ما فعلته إيطاليا أخيراً من إباحة الطلاق وإيطاليا المسيحية التي بها الفاتيكان
ويكفينا ما تفعله أمريكا حيث يسافر الذى يريد الطلاق من ولاية إلى أخرى أى من ولاية تقيد الطلاق إلى ولاية أخرى تبيحه لأجل أن يطلق ولعل فى ذلك كله ما يبين حكمة الله في التعدد وفى تشريع الطلاق
شریع
على أنه حتى ولو لم نفهم الحكمة لوجب علينا الاتباع مادام الوحى قد أتى بهذه المبادئ صريحة لا لبس فيها ومادام عمل الصحابة في عهد الرسول عليه وعلى مرأى ومسمع منه
وعملهم بعد وفاته لم يرد إلى الوضع الحقيقى في المسألة الصحيحة فبعد ذلك كله لا قول
لقائل
وكل من قال بخلاف ما نص عليه الوحى الذى طبقه الرسول معه الا الله و طبقه الصحابة بعملهم كل من قال بغير ذلك فهو منحرف ونعوذ بالله أن يكون فى العصر الحاضر انحراف عما سارت عليه الأمة الإسلامية وانطبق عليه الإجماع مدة أربعة عشر قرناً
في الطلاق
ذكر الله سبحانه أحكام الطلاق وحدده في القرآن الكريم وحدد عدد المرات التي يجوز فيها
التطليق فقال تعالى
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
وجعل للطلاق سورة خاصة فصل فيها أموره وتحدث فيها عن أخباره أى أن الله تعالى تحدث عن الطلاق كأمر واقع وضرورة من ضروريات الحياة فنظم له الأحكام ووضع له المقاييس الشرعية اللازمة أما عن قوله الا الله أبغض الحلال إلى الله الطلاق فالمقصود أن الطلاق أمر غير محمود ولم تجوزه الشريعة إلا للضرورة فيجب الاقتصار فيه على ما يقتضيه وعدم الدخول فيه بلا سبب مقبول
منه
حرام
ومن المعلوم أن الشيء قد يكون حراماً ولكن الضرورة فى نظر الشرع تجوزه كما في أكل الميتة للمضطر وكما فى التعرض للموت في الجهاد في سبيل الله أن التعرض للموت مطلقاً قال تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ونحو ذلك ثم إن الحديث قد بين أنه أبغض الحلال أى أنه في أدنى مراتب الحلال أو الجواز وليس من الأمور المنهى منها أو الداخلة في دائرة الحرام ومعنى أبغض الحلال إلى الله أقلها فى دائرة الإباحة والجواز فلا ينبغي اللجوء إليه إلا
للضرورة
في عدة الرجل
إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً يملك رجعتها فيه - بأن يكون الطلاق ليس هو الطلاق الثالث الذي لا تحل له زوجته بعده حتى تنكح زوجاً غيره - فقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز له أن
والمال الطاهر المزكى ينمو باستمرار ويجعل الله فيه البركة ويحفظه الله من التلف ويبعد عنه الآفات ثم يخلفه الله وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو سبحانه يعوضه أضعافاً مضاعفة مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم
في نصاب الإبل
أول نصاب الإبل خمس ويزكى عنها بشاة لها سنة ودخلت في الثانية أو عترة لها سنتان ودخلت فى الثالثة وفى كل خمس شاة فإذا وصلت خمساً وعشرين زكى عنها بناقة صغيرة لها سنة ودخلت فى الثانية فإذا وصلت ستا وثلاثين أخرج عنها ناقة لها سنتان ودخلت في الثالثة فإذا بلغت ستا وأربعين أخرج عنها ناقة لها ثلاث سنوات ودخلت في الرابعة فإذا وصلت إحدى وستين أخرج عنها ناقة لها أربع سنوات ودخلت في الخامسة
في إذا كان هناك رجل لديه من الإبل قطيع يؤجره
فهل تجوز الزكاة منها أو من أجرتها
الإبل من الأنعام التي تجب عنها الزكاة وشرط وجوب الزكاة فيها أن تكون سائمة بمعنى أن ترعى من الكلأ المباح طول العام أو أكثره وأن تبلغ نصاباً وأن يحول عليها الحول وأن يقتنيها صاحبها للدر والنسل فإن كان صاحبها قد اتخذها للعمل فلا زكاة عليها لأنها فقدت شرطًا من شروط الزكاة وذلك كما في موضوع السؤال أما أجرتها فإن بلغت نصاباً من الذهب والفضة وحال عليها الحول ففيها الزكاة
في هل يصح أن تخرج الزكاة من الديون التي في يد المدينين
ولم يسددوها بعد
إن الله تعالى قد فرض الزكاة تزكية للمال وتطهيراً للإنسان وعطفاً على الفقراء يقول تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها والصدقة فى الآية الكريمة هي الزكاة المفروضة
١٥٨
ينكح أختها وهي في عدتها من هذا الطلاق أو ينكح غيرها إذا كانت هي واحدة من زوجاته
الأربع
أى أنها وهى فى عدتها من الطلاق الرجعى حكمها حكم من فى عصمته من الزوجات يحرم عليه نكاح أختها وما إلى ذلك من المحرمات عليه بسببها ويحرم عليه أن يكمل من في عصمته إلى أربع بغيرها
وهذا هو ما يعبر عنه بعدة الرجل
أي تقيده في التزوج بخروج مطلقته من العدة
وقد أجمع العلماء على ذلك إذا كان الطلاق يمكن الرجوع فيه أما إذا كان الطلاق لا يمكن الرجوع فيه كمن طلقها الطلقة الثالثة فإنه لا يتقيد بعدة ويباح له أن يتزوج
في من طلق زوجته ثلاثاً
الطلاق الثلاث يحرم الزوجة على زوجها ولا يحل له معاشرتها حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً ويدخل بها ويطلقها بشرط أن لا يكون هذا الزوج قد تزوجها لأجل التحليل وبعد عدتها تحل لزوجها الأول قال تعالى الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
إلى قوله فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فمن طلق زوجته طلاقاً ثلاثاً بانت منه ولا يحل له معاشرتها وإن استمر على معاشرتها كانت
معاشرة في الحرام ويلزم التفريق بينهما
في الطلاق الذي لم يسجل في الجهات المختصة
6
الطلاق صحيح وما قيل من أنه لم يقع لأنه لم يسجل في الجهات المختصة غير صحيح الطلاق وقع بالفعل والواقع لا يرفع سُجِّل أو لم يُسجل ولم يرد من لدن رسول الله ع إلى
وقتنا هذا رفع الواقع من الطلاق أو إيقاع غير الواقع فلا يفتى بغير علم فيبوء بالمه أفتاه من
منه فليتق الله كل من تعرض للفتوى
وعلى الذين يستفتون أن يلجئوا إلى العلماء المتخصصين فى الفقه الإسلامي أو إلى إذاعة
جمهورية مصر العربية التي ترحب كل الترحيب بأن تجيبهم على فتاواهم
١٥٩
في التوكيل في الطلاق
إذا وكل شخص غيره فى الطلاق جاز ذلك كما يجوز التوكيل في الزواج وهذا الطلاق الذي وقع بالكتابة والتوقيع والشهود على التوقيع صحيح شرعاً وكما يكون الطلاق باللفظ يكون بالكتابة ولا يشترط فى الطلاق أن يكون بمحضر الزوجة وذلك لأن أمر الطلاق بيد الرجل ويجوز له أن ينفذه في أي وقت شاء تلفظاً أو كتابة أو توكيلا بيد أنه حينما يكون طلقة واحدة فإن للزوج أن يرجع زوجته فى أى وقت قبل انقضاء العدة دون اختيارها فإذا انقضت العدة فلا بد من عقد جديد
في من قال لزوجته أنت طالق ثلاثاً
من قال لامرأته و أنت طالق ثلاثاً وقع عليها الطلاق الثلاث عند الأئمة الأربعة ولا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره كما قال تعالى
فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره
ويرى بعض أهل العلم أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع به إلا طلقة واحدة رجعية للزوج أن يراجع زوجته بعدها وهذا هو ما جرى عليه قانون الأحوال الشخصية وعليه العمل الآن في
المحاكم وهو رأى عليه أدلة عقلية ونقلية وقد أيده الإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم وإن لنا في اختلاف الأئمة المهديين رحمة واسعة ولا بأس على من يأخذ بهذا الرأي الأخير إذ العمل جار به
في الفتوى والقضاء في مصر
الآن
في الخلع
يجوز الخلع بأكثر من المسمى أو مهر المثل لقوله تعالى فإن خفتم ألا يقيما حدود الله
أن
الفقهاء
مكان
فلا جناح عليهما فيما افتدت به أى فيما افتدت به نفسها من المال قليلا أو كثيرًا غير أ قالوا إن كان النشوز منه فيكره أن يأخذ منها شيئاً لقوله تعالى وإن أردتم استبدال زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً والنهى محمول على الكراهة نظراً لإطلاق
زوج
1
الآية الأولى فلا جناح عليهما فيما افتدت به وإن كانت هى الناشزة كره له أنه يأخذ أكثر مما
أعطاها
لما روى أن جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول وقيل حبيبة بنت سهل كانت تحث ثابت
ابن قيس بن شاس فأتت رسول الله الا الله فقالت يا رسول الله لا أنا ولا هو وفي رواية أخرى يا رسول الله ثابت بن قيس ولا أعتب عليه في دين ولا خلق ولكنى أكره الكفر في الإسلام أى تكره ألا تؤدى حقوق زوجها لبغضها له فأرسل رسول الله الله إلى ثابت فقال قد أعطيتها حديقة فقال رسول الله ل لها أتردين عليه حديقته وتملكين أمرك فقالت نعم وزيادة قال أما الزيادة فلا فقال عليه الصلاة والسلام يا ثابت خذ منها ما أعطتها وخل سبيلها ففعل وأخذ الحديقة فنزل قوله تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم أ يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به وإن أخذ منها أكثر مما أعطاها حل له ذلك بمنطلق الآية وهي قوله تعالى
فلا جناح عليهما فيما افتدت به
في
عدم معرفة الزوجة بالطلاق
الا
لا يشترط في وقوع الطلاق أن تشعر الزوجة به وإذا طلقها الزوج طلاقاً استنفد فيه مرات الطلاق فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ثم يتزوجها هو من جديد إذا طلقت بسبب من الأسباب من زوجها الثاني أما إذا طلقها طلاقاً رجعياً فله أن يرجعها إلى عصمته ويدخلها في حياته من جديد وأما الأولاد فالأم أحق بهم في حالة الصغر ما لم تتزوج لما روى من أن امرأة جاءت إلى رسول
الله فقالت له
ه يا رسول الله إن ابنى هذا كان بطنى له وعاء وحجرى له حواء وثدنى له سقاء وزعم
أبوه أنه ينزعه منى فقال عليه الصلاة والسلام أنت أحق به ما لم تتزوجى فالأم - بشفقتها - أحق بالأبناء ما لم تتزوج إلى أن يستغنى الأبناء عن الأم ويحتاجوا إلى رعاية الأب وعنايته وتأديبه وتربيته وقد قدر الفقهاء ذلك بسبع سنين للأبناء الذكور وتسع سنين للبنات
ودين الإسلام حكمة كله فإنه حينما كان الأولاد أحوج ما يكونون إلى الرحمة والشفقة
١٦١
والعطف كانوا في رعاية الأم وحينما يكونون أحوج ما يكونون إلى التربية والتهذيب كانوا في
رعاية الأب
في زواج المرأة بغير زوجها مع بقائها في عصمته أو فى العدة
المرأة المتزوجة بل المطلقة التي لم تنقض عدتها لا يحل لها أن تتزوج بزوج آخر فإذا احتالت وتزوجت كان زواجها زواجاً باطلا لأنها لا تحل لزوجها ولا يحل لها الزواج بغيره إلا إذا طلقت منه أو مات عنها وانقضت عدتها
وما لم يتم ذلك فإنها تحرم حرمة مغلظة على غير زوجها فما أقدمت عليه المرأة موضوع السؤال عمل لا ترضاه شريعة ولا قانون ولا تحل معاشرتها لكائن من كان خلاف زوجها وما يزعمه بعض الناس أن هبة المرأة للرجل تحلها له زعم باطل وهو احتيال منهم للعبث بالدين والعرض
والكرامة
نعم إذا كانت المرأة خالية من الأزواج وعدتهم وعقد عليها رجل بلفظ الهبة مقصوداً به النكاح بإيجاب وقبول شرعيين وبحضور شاهدين كان عقد الزواج صحيحاً عند الحنفية
في من تزوج بمسيحية رغبة في إسلامها
يمكن للمسلم الذي تزوج بامرأة مسيحية رغبة في إسلامها أن يطلقها متى شاء ما دامت لم تقبل
الإسلام وله أن يبقيها لأنها كتابية وقد أحل الله للمسلمين نكاح الكتابيات هذا وعليه أن يحسن عشرتها ولا يعجل فى طلاقها ومادام قصده من الزواج إسلامها فعليه أن يعرض عليها الإسلام عرضاً سهلا مشوقاً لها فيه مبيناً الحكمة من كل أمر من أوامره أو نهي من
نواهيه قال تعالى
ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن
هل لوالد الزوجة أو والد الزوج أو وليه حق تطليق الزوجة ولو لم يرض الزوج
إن الطلاق حق الزوج لا يملك والد الزوجة أو والد الزوج أو وليه حق تطليق الزوجة نيابة عنه اللهم إلا إذا كان قد وكل عنه من يطلق الزوجة فى حالات معينة وهذا التوكيل يصح
لأى شخص
١٦٢
بيد أن القاضي يملك تطليق الزوجة رغما عن الزوج - إذا رفض الطلاق بنفسه في حالات تقتضيها المصلحة من هذه الحالات مثلا
أن يكون الزوج ممتنعاً عن معاشرة زوجته معاشرة الأزواج
أو يكون معسراً لا يستطيع الإنفاق عليها أو يكون مقطوع الذكر أو عنيناً لا يقدر على وقاع زوجته أو يكون مريضاً بمرض من الأمراض المعدية كالبرص والجذام ونحوهما وكل ذلك لأن الإسلام يحب دائماً أن لا يقع ضرر على أحد وفى جميع هذه الحالات يقع ضرر محقق على الزوجة ومن أجل ذلك أعطى الشرع القاضى حق رفع الضرر وذلك بإيقاع الطلاق
هل يشترط في الطلاق شعور الزوجة به
لا يشترط في وقوع الطلاق أن تشعر به الزوجة وإذا طلقها الزوج طلاقاً استنفد فيه مرات الطلاق فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ثم يتزوجها هو من جديد إذا طلقت بسبب من ا الأسباب من زوجها الثاني بعد انقضاء عدتها منه - أما إذا طلقها طلاقاً رجعياً فله أن يرجعها إلى عصمته
ويدخلها في حياته من جديد
في من يطلب زوجته من أهلها بعد طلاقها وردها ولكنهم يرغمونه
على عدم رجوعها بعد أن طلقها ثلاث مرات
الحياة الزوجية إنما شرعها الله سبحانه وتعالى ليسكن كل من الزوجين إلى الآخر ويكونا أسرة جديدة تكون لبنة من لبنات المجتمع وإذا دب الشقاق إلى هذه الأسرة وكان هناك من دواعي الانفصال ما تتعذر معه السعيدة بين الزوجين أمكن الانفصال بينهما بالطلاق الذى جعله الله بيد الزوج لأنه أقدر على المحافظة عليه والبعد به عن التلاعب وجعل لهذا الطلاق حدوداً معينة إذا وصل إليها استحالت
المعاشرة الزوجية
الحياة
قال تعالى الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فإذا طلق الرجل امرأته مرة وندم على ذلك أمكنه مراجعتها فإن طلقها للمرة الثالثة فلا حق له عليها لأنها تكون الآن مطلقة طلاقاً لا رجعة فيه ولا تحل له بعد هذا الطلاق حتى تتزوج غيره زواجاً صحيحاً ويدخل
١٦٣
بها وتنقضى رغبته منها ثم إذا طلقها الزوج الثانى وانقضت عدتها منه جاز لزوجها الأول أن يتزوجها بعد ذلك
قال تعالى فإن طلقها - أى بعد المرتين السابقتين - فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره - وعلى الذي طلق زوجته ثلاث مرات إذن أن يكف عن طلب رجوعها إليه لأنها لا تحل له
هل يجوز استرجاع المهر بعد الطلاق
لا يجوز لك استرجاع المهر لأن أول الديون بالقضاء ما استحل به الزوج وإن كانت هذه الزوجة قد دخلت بها قبل الطلاق فلا يحل لك أخذ شيء منها لقول الله تعالى وإن أردتم وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً وإن لم تكن قد دخلت بها قبل الطلاق فلها نصف المهر ولك نصفه
استبدال زوج
مكان زوج
في حكم زوجة مسلمة وزوجها مرتد
إن هذا الرجل الذى ارتد عن الدين الإسلامي لا يجوز لزوجته التي بقيت على دينها البقاء معه لأنها بانت منه بسبب ردته مسلمة كانت أو كتابية دخل بها أو لم يدخل بها ا لأن الردة تنافى النكاح ووجود السبب المنافى للنكاح موجب للفرقة بنفسه فهو يستحق القتل بردته ويخير في مدة ثلاثة أيام بين التوبة والقتل ربما تكون عنده شبهة فتزال وإن لم يتب أهدر دمه وقتل لظهور إصراره بعدم توبته
وحكم الأطفال هنا أن يُسلَّموا للأم ويكونوا فى رعايتها لأن الولد يتبع شرعاً خير الأبوين ديناً والأم خير منه ولو كانت كتابية لأن لها ديناً أصله سماوى وهو مرتد لا دين له ومن باب أولى إن كانت مسلمة دينها الإسلام وهو خير الأديان وناسخها
في البينونة الكبرى
إذا طلق الرجل زوجته أصبحت أجنبية عنه وله أن يراجعها ما دامت على قيد الحياة إلا إذا كان الطلاق بائناً بينونة كبرى فلا حق له في ذلك حتى تنكح زوجاً غيره كما نص
الكريم
القرآن
١٦٤
فإن ماتت الزوجة وهى مطلقة من زوجها أصبحت غير محل للمراجعة ولا لعقد الزواج وعلى ذلك فلا يجوز إعادة عقد الزواج بينها وبين زوجها لأن ذلك عبث ولا معنى له ولا فائدة فيه ولا يترتب عليه آثار الزوجية
الواقع
في من طلق امرأته أكثر من مرتين بالنسبة لدخوله بيته أكثر من مرتين
أن هذه الكثرة لا تعنينا ولا تهمنا بشيء وذلك لأن الطلاق مرتان كما بينه الله لنا
في القرآن الكريم
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
وغاية الأمر أن هذه الكثرة لم تأت بجدية حيث إن الطلاق حصل بالمرتين ومثل هذه الكثرة إنما تكون مثل الصائم الذى أفطر فى نهاره ثم أخذ يكثر من تناول
الطعام والشراب
والإفطار قد حصل منذ أن تناول طعامه أو شرابه لأول مرة فالتكرار بعد ذلك لا يزيد في
إفطاره معنى جديداً
لذلك فإن لعدم فائدة هذه الكثرة من الإيمان ولقلة جدواها فإن الشريعة لم تعيرها التفاتاً لا في القرآن ولا في السنة اللهم إلا على طريق الإنكار الحقيقتها والاستبشاع لصورتها ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم
أما كون الرجل قد طلق امرأته مائة مرة بالنسبة لدخوله بيته مائة مرة فالواقع أن هذا ليس من الشريعة في شيء
حيث إنه لا يوجد شيء من الأحكام التي تصور لنا وقوع الطلاق مائة مرة لأن نهاية الطلاق
مرتان كما جاء ذلك واضحاً في القرآن الكريم وبعد ذلك إنما يكون كله مرادفاً لما وقع لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم
منه من طلاق أو لغو في أيمانه لا يؤخذ به
10
حق المرأة في طلب الطلاق
يرى الشافعية أن من حق المرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إذا خشيت من التفريط في حق من حقوقه أو استشعرت كراهية عميقة له قد توقعها فيما لا يجوز وسواء في ذلك أكان طلبها الطلاق مصحوباً بعوض منها للزوج وهو ما يعرف بالخلع أم غير
مصحوب بعوض
فإذا لم تكن ثمة أسباب مما سبق فإن طلب الزوجة الطلاق من زوجها يصبح مكروهاً إذ لا داعي يدعو إليه
والرجل الذي يتزوج على امرأته لا يعتبر هذا الزواج الجديد مزيلا لكراهية طلب الزوجة الأولى الطلاق منه إلا إذا استشعرت من الغيرة ما تعجز عن حمله وإلا إذا تأكدت من أنها لن تستطيع الوفاء بحقوقه فإن الكراهة تزول حينئذ
وليس من المشروط أن تبدى الزوجة - عند طلب الطلاق من زوجها - أسباب الطلاق – بل من حقها أن تسترها عنه إذا لم تجد بدا من إخفائها وهذا من تيسير الإسلام وسماحته واحترامه للمرأة وحرصه على أن تقوم الحياة الزوجية على أساس متين من الخلق والدين
في الحضانة
لما كان الصغير فى حاجة إلى الخدمة والرعاية ومزيد من الشفقة والحنان وكانت المرأة أقدر على ذلك من الرجل وهى - بحكم غريزة الأمومة فيها - أكثر حناناً بالطفل وأعظم شفقة عليه فقد جعلت الشريعة الإسلامية حق حضانة الصغير إلى الأم وكذلك فعل القانون فالأم أحق بحضانة الصغير بالإجماع وإن كانت كتابية أو مجوسية لأن الشفقة لا تختلف باختلاف الدين ولما روى أن امرأة قالت يا رسول الله إن ابني هذا كان بطنى له وعاء وحجرى له حواء وثدى له سقاء وإن أباه طلقنى وأراد أن ينزعه منى فقال لها رسول الله أنت أحق ما لم تتزوجى ولأن الأم - كما قلنا - أشفق وأقدر على الحضانة دفع الصغير إن ! أنظر له
فكأن
وروى الإمام مالك رضى الله عنه في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال
١٦٦
كانت عند عمر أمرأة من الأنصار فولدت له عاصما ثم فارقها عمر رضى الله عنه فركب يوماً إلى قباء فوجد ابنه يلعب بفناء المسجد فأخذ بعضده فوضعه بين يديه فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه أباه فأقبل حتى أنباً أبا بكر رضى الله عنه فقال عمر هذا بعضى وقالت المرأة ابني فقال أبو بكر خل بينه وبينها فإن ريقها خير له من شهد وعسل عندك ياعمر قال أبو بكر ذلك والصحابة حاضرون متوافرون فلم ينكر ذلك أحد ولم يعارضه عمر فإن لم تكن للصغير أم بأن ماتت أو تزوجت بأجنبي عن الصغير أى بغير رحم محرم منه كان حق الحضانة إلى أم الأم وإن بعدت لأن ولايته الحضانة تستفاد من قبل الأمهات لما ذكرنا من موفور شفقتهن فمن كانت تدلى بأم فهى أولى ممن تدلى بأب فإن لم تكن له أم الأم بأن كانت ميتة أو متزوجة بغير محرم منه فالحضانة إلى أم الأب فإن لم تكن له جدة فالحضانة للأخوات وهى أولى من العمات أو الخالات لأنهن أقرب للصغير لأنهن بنات الأبوين وتقدم الأخت لأب ولأم لأنها أشفق ثم الأخت من الأب لأن الحق لهن قبل الأم ثم الخالات أولى من العمات ترجيحاً لقرابة الأم وتقدم الخالة الشقيقة ثم الخالة من الأم ثم الخالة من الأب ثم العمات ويرتبن كما رتبت الخالات أي أن العمة الشقيقة أولى ثم العمة من الأم ثم العمة من الأب وكل من تزوجت من هؤلاء يسقط حقها إلا الجدة إذا كان زوجها الجد لأنه يقوم مقام أبيه في الشفقة عليه وكذلك كل زوج هو ذو رحم محرم من الصغير لقيام الشفقة نظراً للقرابة القريبة ومن سقط حقها بالتزوج يعود حق الحضانة إليها إذا ارتفعت الزوجة فإن لم يكن للصبى امرأة من أهله انتقلت الحضانة إلى أهله من الرجال وأولاهم بها أقربهم تعصيباً على الترتيب الوارد في الميراث غير أن الصغيرة لا تعطى لعصبة غير محرم كابن العم تحرزاً من الفتنة هذا ونرجو أن يكون السائل قد عرف حده بعد هذا البيان من أحق بحضانة ابنته
وسئل رضى الله عنى في الأحكام الشرعية للمرأة
۱۰
مع
إن ذكرى يوم العاشر من رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وألف يجب أن تبقى مثيلاتها - حية في نفوسنا ماثلة أمام أعيننا مذكورة على كل لسان لا نغفل عنها ساعة من ليل
أو نهار لنتعلم منها كل ما يجب أن نتعلم من الدروس ونأخذ منها العظة ليومنا وغدنا القريب والبعيد إن شاء الله ولتذكرنا بفضل الله سبحانه وبكريم رعايته لعباده المؤمنين
۱۳۷
جاء
يوم
وحكم الرجل المتزوج من زوجتين ويفرق بينهما في المعاملة أنه سيلقى جزاءه من الله تعالى معجلا أو مؤجلا يقول رسول الله لا ما معناه من تزوج من اثنتين ولم يعدل بيهما القيامة وإحدى شقيه ساقط والعدل بين الزوجات إنما يكون فى النفقة اليومية التي تتصل بالمأكل والمشرب وتتصل بالملابس والفراش ويكون فى السكن ويكون فى البيت وقد أوجب الله سبحانه وتعالى كل ذلك وأوجب على كل من لم يستطع العدل فى هذه الأمور أن يكتفى بواحدة فقال تعالى وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أما القلب فإن الإنسان لا يستطيع السيطرة عليه فيما يتعلق بحبه وكرهه لأن الإنسان لا يملك ذلك ومن أجل ذلك لا يدخل الحب القلبى فيما يتعلق بالعدالة بين الزوجات ذلك ومع فيمكن الإنسان أن يدارى وأن يجامل وأن لا يظهر بغضاً لطرف وحباً سافراً لطرف آخر
الأمة في الزواج من
يقول الله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو
أعجبتكم يؤخذ من هذه الآية أنه يجوز التزوج بالأمة - ولكن هذا الجواز أو هذه الإباحة من الشرع
مشروطة بشروط وقد بين القرآن بعض هذه الشروط فقال سبحانه في سورة النساء في الآية
رقم ٢٥ ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والطول هو القدرة على تزوج الحرة والآية تنص صراحة على أن إباحة الزواج بالأمة إنما تكون عند العجز عجزاً تاماً عن الزواج بالحرة وقد تبين أمتنا الفقهاء رضي الله عنهم أن الزواج بالأمة مشروط بشرطين الشرط الأول العجز عن الزواج بحرة
الشرط الثاني أن يخشى الرجل على نفسه الوقوع في الزنى
ومن هذا نتبين رأى الإسلام في هذا الموضوع
١٥٢
فقيل له ولكنك كنت عندها
قال نعم
وتنفق عليها قال نعم
قالوا وقد استأجرت لها هذا المسكن
قال نعم
قالوا وتبيت عندها
قال وأبيت عندها
قالوا ماذا تكون إذن
قال إنها عشيقة
فقالوا له اذهب لا ملام عليك لا لوم عليك
حرموها زوجة بالفعل والتحقيق تحقيق البوليس وأباحوها عشيقة وخدينة
- ويأتى أيضاً فما يتعلق بالتعدد أن إتيين دينيه مستشرق فرنسي كان قد ذهب إلى
الجزائر في عهد الفرنسيين – وهو فرنسى - وأقام في الجزائر في بلدة اسمها بو سعادة استراح إلى الجو واستراح إلى الناس واستراح إلى الخلق وكلها أغرته الجو الطبيعة الصحراء الناس كلها أغرته بأن يقيم في الجزائر فأقام
أقام في عهدين عهد كان فيه عدم ا التعدد أو الدعوة إلى
التعدد
عدم
التعدد أو الإقلال من
فلاحظ ثلاث ملاحظات كتبها باللغة الفرنسية فى أحد الكتب كتب يقول حينما منع التعدد والطلاق وجدت ظواهر لم تكن موجودة أيام إباحة التعدد والطلاق ما هي هذه الظواهر ما هذه الظواهر التى وجدت عند مانع التعدد
الأمر الأول كثرة العوانس هذا أمر
الأمر الثاني كثرة اللقطاء
الأمر الثالث كثرة الأمراض السرية
هذه المسائل الثلاثة حدثت بعد أن منع التعدد وبعد أن منع الطلاق وليس معنى إباحة التعدد أنه مفروض وليس معنى ذلك أنه لابد من التعدد
كلا وأنتم تعلمون أنه مع إباحة التعدد الآن فى القاهرة فإنه لا يزيد عن نصف في الألف
١٨
ولقد حدد الله سبحانه وتعالى مصارف الزكاة فى قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم
وعلى ذلك فإنه ينظر إلى المدين هل هو أحد مصارف الزكاة التى ذكرها القرآن أولا فإذا كان المدين لا ينطبق عليه أنه أحد مصارف الزكاة فإن الدين لا يمكن أن يعتبر زكاة لأن مصارف
الزكاة محددة بنص القرآن أما إذا كان المدين أحد مصارف الزكاة فإنه فى هذه الحالة يمكن اعتبار الدين من الزكاة ويكون في ذلك تيسير كبير على المدين بشرط أن يعلم المدين أن ما عليه من دين صار له من قبيل
الزكاة
ومن المعروف أن الدين لا تجب فيه الزكاة إلا إذا كان فى يد الإنسان وحال عليه الحول فإنه
حينئذ يزكي
في الصدقة يعطاها الإنسان إذا كان من أصحابها المذكورين
في قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين
فإن كان من هؤلاء كان من أهل الاستحقاق فإن كان غير صالح وعلم المتصدق أن الصدقة توجهه إلى الخير وتصرفه عن الشر فيكون إعطاؤها له من الخير لأنه عمل على هداية وسعى في خير أما إذا علم أنه سيستعين بها على ارتكاب ما حرم الله فإنه يمنع منها سدا للذريعة فإذا لم يعلم عنه شيئاً فإنه يعطى منها مادام من مستحقيها ويحسن أن يخص الإنسان بالصدقة أهل الصلاح وأرباب المروءات والخير كما ورد في الحديث
عن أحمد و أطعموا الأتقياء وأولوا معروفكم المؤمنين قال ابن تيمية من لا يصلى من أهل الحاجات لا يعطى شيئاً حتى يتوب ويلتزم أداء الصلاة وذلك لأن ترك الصلاة إثم كبير لا يصح أن يُعان مقترفه حتى يحدث الله توبة ويلحق بتارك الصلاة العابثون المستهترون الذين لا يتورعون عن منكر ولا ينتهون عن غى فهؤلاء لا يعطون من الصدقات إلا إذا كان العطاء يوجههم الوجهة الصالحة ويعينهم على صلاح أنفسهم بإيقاظ باعث الخير فيهم واستثارة عاطفة التدين
١٨٤
عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت قال لنا رسول الله ه إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا
عن أبي هريرة قال قال رسول الله الله
رواه مسلم
أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة رواه مسلم عن بلال بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال رسول الله ولا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنكم فقال بلال والله لمنعهن فقال عبد الله أقول قال رسول الله الله وتقول أنت لمنعهن
وفي رواية سالم عن أبيه قال فأقبل عليه عبد الله فسبه سباً سيئاً ما سَمِعْتُهُ سبه مثله قط وقال أخبرك عن رسول الله الله وتقول والله لمنعهن رواه مسلم عن عائشة قالت نساء المؤمنات كن يشهدن مع رسول الله الله صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الناس
رواه البخاري
قال النووى هذا وشبهه من أحاديث الباب ظاهر أنها لا تمنع المسجد لكن بشروط ذكرها العلماء مأخوذة الأحاديث من وهو أن لا تكون متطيبة متزينة ولا ذات خلاخل يسمع صوتها ولاثياب فاخرة ولا مختلطة بالرجال ولا شابة ونحوها ممن يفتن بها وأن لا يكون في الطريق ما يخاف به مفسدة ونحوها
أو
وهذا النهي عن منعهن من الخروج محمول على كراهة التنزيه إذا كانت المرأة ذات زوج سيد ووجدت الشروط المذكورة فإن لم يكن لها زوج ولا سيد حرم المنع إذا وجدت
الشروط
هل يجوز للمرأة قراءة القرآن في مسابقة
نعم يجوز قراءة المرأة للقرآن في المسابقة أمام الجمهور ولم يرد ما يمنع من ذلك بشرط أن تلتزم في قراءتها ما تتطلبه القراءة من أحكام
وقد كانت النساء تسأل الرسول مع هلال بمحضر من الرجال ولم يمنعهن من ذلك ومنهن المرأة التي سألته الزواج فزوجها لرجل بما معه من القرآن وتحرم قراءة المرأة أمام الرجل أو إظهار صوتها إذا كانت تتكسر في كلامها أو تستثير الرجال بالمد والترخيم وما إلى ذلك بما هو خارج عن حدود النطق السليم وعلى اللجان التي تختبر
۰۰
وأما ما يحتاج إلى محاولة متعلقة بالدين والنية كالذبائح فقال كثير من العلماء بحليتها للنص في
ذلك وهو ماذكرناه من قوله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وذلك إذا ذكر اسم الله عليه أما مالم يذكر اسم الله عليه من ذبائحهم فليس بحلال ومن المعلوم أن هذا الحكم إنما هو فيما حل لنا من الطعام لا فيما حرم كالخنزير ونحوه فلا يجوز تناوله على الإطلاق
فالطعام الذي تطبخه الفتاة المسيحية للمسلم مادام متأكداً من التسمية على الذبح وطريقته الموافقة للشرع لاخلاف فى جواز تناوله والصوم بعده ولا مانع من ذلك مادام الطعام لا يشتمل على محرم
في مسلم تزوج من امرأة مسيحية ويرغب في أن
ولكنها ترفض فكيف يتم الطلاق
تصبح
وهل يجب أن يتم أو يمكنه الاحتفاظ بها
مسلمة
يمكن المسلم الذي تزوج بامرأة مسيحية رغبة في إسلامها أن يطلقها متى شاء مادامت لم تقبل الإسلام وله أن يبقيها لأنها كتابية وقد أحل الله للمسلمين نكاح الكتابيات وإتمام الطلاق إن أراد يكون أمام الجهة التى تم التعاقد عندها
هذا وعليه أن يحسن عشرتها ولا يعجل فى طلاقها مادام قصده من الزواج إسلامها فعليه أن يعرض عليها الإسلام عرضاً سهلا مشوقاً لها فيه مبيناً الحكمة من كل أمر من أوامره أو نهى من
نواهيه
قال تعالى ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن
في إذا كانت أم المسلم كافرة ثم ماتت
أمر
أهل
إذا كانت أم المسلم كافرة ثم ماتت فإنه يستدعى الجهة الدينية التي تتبعها أمه ويكل إليهم القيام على كل ما يتعلق بطقوس الجنازة والدفن هذا إذا كانت كتابية أي تدين بدين الكتاب ولا يجب عليه شيء أمه أي أنه لا يجب عليه غسلها ولا الصلاة عليها ولا غير ذلك من شعائر المسلمين نحو الميت أما إذا كانت الأم وثنية فإنه يفعل فى طريقة دفنها عادات الوثنيين ويتولى الوثنيون دفنها
۱۸
فقد روى
أحمد والطبراني عن أبي واقد الليثى رضى الله عنه قال قلت يارسول الله إنا بأرض تصيبنا المخمصة فما يحل لنا من الميتة فقال إذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا ولم تختفئوا بها بقلا فشأنكم
بها
والاصطباح هو أكل الصبوح وهو - هنا الغذاء والاغتباق هو أكل الغبوق وهو - هنا العشاء – وقد ذكر الشوكاني في نيل الأوطار أن الصبوح شرب اللبن أول النهار والغبوق بفتح الغين شرب اللبن آخر النهار ثم استعملا فى الأكل للغداء والعشاء وبمعنى لم تختفوا بها بقلا إن لم تقتلعوا من الأرض بقلا تأكلونه فيغنيكم عن أكل الميتة و فشأنكم بها أي فكلوا وفق أي إن لم تجدوا غير الميتة فكلوا منها لاضطراركم للأكل منها إذا لم
مقتضى حالكم مع
تجدوا غيرها
الميتة
ويؤخذ من الحديث الشريف أن الطعام المحرم لا يحل تناوله إلا في حالة الاضطرار وأن حالة الاضطرار لا تكون إلا عند المخمصة ولم يجدوا أي طعام من الأطعمة التي أحلها الله لحماً أو بقلا أو غيرهما من أنواع الأطعمة
وفي اعتقادنا أن هذه الحالة لا توجد في أى معيشة من المدن في هذه الأيام ومع ذلك فالحلال بين والحرام بين وحالة الاضطرار بينتها السنة المطهرة والمسلم أمين على دينه مسئول أمام ربه والله الهادي إلى سواء السبيل
في استعمال دهن الخنزير فى المعلبات مثل الزبدة واللبن
يجب التحقق من أن الجمعيات والمؤسسات التي تقوم بتعليب الزبدة واللين تستعمل في صناعة تلك المعلبات دهن الخنزير وإذا تأكد ذلك لنا فيجب اجتناب كل ما تنتجه تلك الشركات والجمعيات للقطع بتحريم الخنزير كله والتنبيه على تلك الشركات بترك استعمال دهن الخنزير في كل مصنوعاتها واستبدال المعلبات التي تضطر إلى دهن الخنزير لمنع صدئها بمعلبات أخرى لا تصدأ كالألمنيوم والبلاستيك وما يعرفه العلماء المتخصصون في ذلك وكما حرم الله علينا نحن المسلمين - لحم الخنزير وبين لنا النبي أنه نجس حرم علينا التجارة فيه وحرم علينا استعمال أي شيء منه وعلى من يعلم شيئًا في ذلك من أفراد الشعب أن يسارع بالتنبيه على أولى الأمر ليحفظوا على الشعب كرامته ويحولوا بينه وبين ما يضره
۳۳
فهو بذل مال فى سبيل مكسب كبير وقد يضحى الإنسان في سبيل ذلك بما هو في أشد الحاجة إليه وعن تحريم القمار يقول تعالى
يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه
لعلكم تفلحون
ورسول الله يقول والحلال بين والحرام بين ويقول أيضا كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به
في القرض بالربا عند الاضطرار
إن الإسلام عند الإضرار وعند الإشراف على الموت جوعاً أو عطشاً يبيح أكل الميتة المحرمة ويبيح شرب الخمر وهى رجس من عمل الشيطان وعلى هذا الأساس فإن من حكم عليه بالإعدام وقبلت الحكومة الدية نظير العفو عنه فإنه ينظر يملك من أرض وعمارة أو حلى من الذهب ونحوه فيباع وتسدد الحكومة أما إذا لم يوجد شيء من هذا فإنه يجب عليه أن يستفرغ جهده في طلب القرض الحلال أى القرض بدون ربا من الجار أو الصديق فضلا عن الأهل والعشيرة فإذا عجز عن ذلك ولم يجد طريقاً غير الربا فإنه يباح له بقدر الضرورة وإنه من المعلوم أن الربا حرام وأن آكله كالذى يتخبطه الشيطان من المس والحرمة كل الحرمة على هذا الذي عنده المبالغ الطائلة فيعطيها بالربا ولا تسمح نفسه أن يعطيها قرضاً حسناً لوجه الله الكريم
في رجل كان يستثمر أمواله في الربا ثم بنى منها مسجداً وأسهم في أعمال خيرية ثما حكمه
إن الله سبحانه وتعالى حرم الربا بجميع صوره وألوانه وأمر بالتطهر منه بقوله تعالى وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وكل مال خالطه الربا فهو مال حرام ولا بركة فيه ويحرم تناوله حتى يتخلص المال من الربا والإنفاق في سبيل الله كبناء المساجد وغيرها يجب أن يكون من المال الحلال حتى يتقبله الله ويرضى عن فاعله وقد ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله لا إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال يأيها الرسل كلوا من الطيبات وأعملوا
٢٤٩
صلوات الله عليه أترعون عن ذكر الفاجر اهتكوه حتى يعرفه الناس واذكروه بما فيه حتى يحذره الناس ويقول صلوات الله عليه وسلامه من ألقى جلبات الحياء عن وجهه فلا غيبة له وقال سيدنا عمر رضوان الله عليه ليس لفاجر حرمة أما الأثره لا غيبة في فاسق فإن معناه صحيح وإن كان لفظه لم يصح من طريق صحيح وعلى كل حال فإن الغرض المرخص لذلك إنما هو الإصلاح والتحذير من الشر والتوجيه للخير
في الغيبة في الفاسق
يقول الله تعالى ولا يغتب بعضكم بعضاً أيجب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه - واتقوا الله إن الله تواب رحيم
وفيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته هذا هو موقف
الإسلام من الغيبة بوجه عام ولكن الظروف قد تحتم أن يتحدث الإنسان عن شخص بما به وقد أباح الإسلام ذلك في ظروف محدودة وبشروط معينة منها
التظلم فيجوز للمظلوم أن يعلن ويقول بأن فلاناً ظلمنى بكذا ومنها إذا سُئل الشخص عن إنسان يعرفه وكان ذلك من أجل مشاركة أو مصاهرة أو معاملة أو مجاورة فيجب أن يذكر عنه ما يعلمه بنية النصيحة
والقياس العام هو أن تباح الغيبة لغرض صحيح شرعى لا يمكن الوصول إليه إلا بها فكلما وجد هذا الغرض الشرعى الصحيح يباح للإنسان أن يتحدث عن الغير بما فيه
في حكم من هدى وثنياً إلى الإسلام ثم صار
يستهزئ به بعد ذلك ويعيره بفضله عليه
إن هداية إنسان إلى الإسلام من أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى ولقد روى محدثون عن رسول الله الله أنه قال ما معناه ه لأن يهدى الله بك رجلا خير لك من حمر النعم وأنه قال ما معناه أيضًا لأن يهدى بك رجلا خير لك من الدنيا وما فيها وذلك
٢٦٤
فأخذه رسول الله الا الله فقبله وشمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه يحتضر فجعلت عينا رسول الله لا تذرفان أى تدمعان فقال له عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه وأنت يارسول الله فقال يابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى أى أتبع الدمعة الأولى بدمعة أخرى ثم قال له إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون وفي حديث آخر أن عبد الرحمن بن عوف قال يا رسول الله أتبكى أو لم تنه عن البكاء فقال إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند لهو ولعب ومزامير الشيطان وصوت عند مصيبة ثم فسر رسول هذا الصوت الثانى فقال خمش وجوه أى لطم وشق جيوب ورنة
شيطان
ثم فسر رسول الله دمعه فقال إنما هذه رحمه ومن لا يرحم لا يُرحم فما دامـ الدموع لا يصاحبها جزع أو فعل مخالف أو قول مخالف لما أمر الله تعالى به أو نهى عنه فإن ذلك
ليس بمحرم
استدان شخص من آخر ثم توفى
6
هل إذا سامحه
صاحب الدين يغفر الله للمتوفى
إن الصلة بين الدائن والمدين فيما ينبغى أن تكون حددها الله سبحانه وتعالى بقوله وإن كان
ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خيرلكم إن كنتم تعلمون أي انظروا المعسر وأن تتركوا رأس المال بالكلية بالنسبة للمدين المعسر وتضعوه عنه فإن ذلك خير لكم وفى ذلك يقول رسول الله من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله ليسر عن معسر أو ليضع ع عنه وقد روى الإمام مسلم في صحيحه أن أبا قتادة كان له دين على رجل وكان يأتيه يتقاضاه فيختبئ منه فجاء ذات يوم فخرج صبي فسأله عنه فقال نعم هو في البيت يأكل خزيرة نخالة مبلولة فناداه فقال يا فلان أخرج فقد أخبرت أنك هاهنا فخرج إليه فقال ما يغيبك عنى فقال إنى معسر وليس عندى شيء قال والله إنك معسر قال نعم فبكى أبو قتادة ثم قال سمعت رسول الله الله يقول من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة والأحاديث في هذا المعنى كثيرة فقد أخرج البخارى ومسلم رضى الله عنهما عن حذيفة قال قال رسول الله ل أتى الله بعبد من عبيده يوم القيامة قال ماذا عملت في الدنيا فقال ما عملت لك يارب مثقال ذرة فى الدنيا أرجوك بها قالها ثلاث مرات ثم قال العبد عند
٢٨٠
الله
الذي ينص على محاربته وقتله إن لم يؤد الصلاة يعد مخالفاً لرسول الله ومتعاوناً على من عصى ! ورسوله فتركه الشراء منه قد يؤدى به إلى سواء الصراط ويشعره بنقصه وتفريطه في أمور دينه إن كان لديه وازع وبقية من إيمان
وروى أبو داود بسنده إلى عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله إن أول ما أدخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ومن حديث لأحمد ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون وقال تعالى لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون
في الاستدانة
من استدان من الناس وجب عليه أن يؤدى هذا الدين ولا تبرأ ذمته إلا بالسداد وما دامت نية الإنسان على سداد دينه صادقة فإن الله سبحانه وتعالى يسهل له ذلك إذا التجأ إليه متضرعاً طالباً منه سبحانه تيسير سداد الدين ففي الحديث عن النبي من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ومن استدان وعجز عن السداد لا تبرأ ذمته من الدين حتى يسدد أو يستسمح أصحاب الحق ويطلب منهم إبراء ذمته من الدين أو إمهاله إلى أن ييسر الله له ولا يصح للإنسان أن يقنط أبداً أو ييأس فإن الله ييسر لمن عزم السداد له قضاء الدين أو عفو الأولياء وعليه أن يكافح بالعمل على حسب استعداده وأن يتخذ الأسباب المادية من تجارة أو زراعة أو غيرها من أجل سداد الدين وليعلم أن رسول الله له ما كان يصلى على أ أحد مات إلا إذا تأكد من أنه غير مدين وإذا كان عليه دين فإن رسول الله ما كان ينتظر أن يسدد دينه ثم يصلى عليه وكان لم يشدد في الدين تشديداً كبيراً حتى لقد قال في المجاهدين إن جهادهم يكفر سيئاتهم إلا الدين
مخلصاً
على
بيسر
عنه
٢٩٥
وإن كثرة التجارب فى الروحانية الحديثة لتدل على عدم استحالة هذه الظواهر التي يلبس فيها
عفريت جسم إنسان
أما علم الغيب الماضى والغيب الحاضر فإن في استطاعة الجن أن تعلمه وأن تصدق في الإخبار به وليس لذلك قيمة كبيرة فإنه غيب وقع بالفعل ومعرفة ما وقع بالفعل في الحاضر أو في الماضي ليس أمراً من الأمور الهامة والغيب الذى استأثر الله بعلمه إنما هو الغيب الذي لم يحدث بعد يقول سبحانه ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ويمنحه الله بوساطة الرؤيا الصادقة والرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة
في حكم من يريد معرفة الغيب عن طريق المنجمين
الغيب أنواع ثلاثة
الأول الغيب الحاضر أو بتعبير آخر غيب مكاني بمعنى أن تقع الحادثة في مكان بعيد ويعلمها المنجم بعد وقوعها بقليل أو حين وقوعها وهذا النوع من الغيب يمكن معرفته لكثير من الأشخاص ولم يبين الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز أنه قد اختص بعلمه وحقيقة الأمر أنه ليس بغيب لأنه قد وقع بالفعل وكل ما في الموضوع أنه بعيد في المكان فقط من أجل ذلك سميناه غيباً حاضراً
الثاني الغيب الماضى وهو الغيب الحادث فيما مضى من الزمان كحياة الشخص ولم يخبر الله سبحانه وتعالى أنه اختص بعلمه وكثيراً ما يكون طريق معرفة الغيب الحاضر والغيب الماضى عن طريق الجن ومهما يكن من شيء فإن هذين النوعين من الغيب يمكن معرفتهما بوسيلة أو بأخرى الثالث الغيب المستقبل وهو الغيب الذى لم يحدث بعد فإن هذا الغيب اختص الله سبحانه وتعالى بعلمه ولكنه سبحانه يعطى منه ما شاء لمن شاء يقول سبحانه عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول
ويقول سبحانه وتعالى ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وهذا النوع من الغيب لا يعلمه المنجمون مهما كانت مقدرتهم وحكم من يريد معرفة الغيب بأى نوع من أنواعه عن طريق المنجمين هو أنه منحرف عن
الطريق المستقيم
۳۱۳
العربية وعلوم العرب هو الطريق الوحيد للمعرفة الحقة
والمناقشات التى دارت حول واضعى المنهج التجريبى هى طرف من التحريف الهائل لأصول الحضارة الأوربية وقد كان منهج العرب التجريبى فى عصر بيكون قد انتشر انتشاراً واسعاً وانكب الناس في لهف على تحصيله في ربوع أوربا ١
ويستفيض الأستاذ ه بريفولت في تصوير ماكان عليه العرب من العبقرية في العلم والحضارة ونجد طرفاً من ذلك فى الكتاب الذى ألفه الدكتور محمد إقبال تحت عنوان تجديد الفكر في
الإسلام
ويقول الدكتور إقبال ما نصه
ه ومن أين استقى روجر بيكون ما حصله فى العلوم من الجامعات الإسلامية في الأندلس ه والقسم الخاص من كتابه الذي خصصه للبحث فى البصريات هو في حقيقة الأمر نسخة من كتاب المناظر لابن الهيثم وكتاب بيكون في جملته شاهد ناطق على تأثره بابن حزم هذه الحقائق التي قدمناها عن حضارة العرب منهجاً وعلماً أصبحت من الذيوع والشهرة
لدى المنصفين بحيث لا نحتاج إلى التوسع في الاستدلال عليها ويتبين لنا مما سبق أن الإسلام
1 - يحث على العلم ويشجعه ويدعو إليه ويأمر بالاستزادة منه - وأن روح الإسلام هذه أنتجت حضارة مزدهرة عمت جميع أقطار الحضارة وجوانبها مادية كانت تلك الجوانب أو عقلية أو روحية
إذا كان موقف الإسلام من العلم هو ما بيننا فما هو موقف العلم من الإسلام إن موقف العلم من الإسلام - باعتبار الإسلام مثلاً صحيحاً للدين – إنما هو في حقيقة الأمر تصوير لموقف العلم من الدين الحقيقى
وهذا الجانب من البحث هو من الوضوح بحيث ماكان ينبغي أن يكون فيه جدال ولا مناقشة ذلك أن العلم وممثليه الحقيقيين يعترفون فى صراحة لا لبس فيها وفى وضوح بأن دائرة أبحاثهم إنما هي المادة إنما هى المحس وأنهم يعتمدون في ذلك على
لاخفاء
التجربة وعلى الملاحظة
إنهم يعتمدون على الاستقراء على وجه العموم وليس الاستقراء إلا تتبع جزئيات محسة تتبعها
بالملاحظة أو بإجراء التجارب عليها
١ من كتاب تجديد الفكر الدينى فى الإسلام ترجمة عباس محمود ص ١٤٩
۳۹
الحقيقة وقد انفرد الشيخ عبد الواحد يحيى فيما نعلم بهذا الرأى وهو رأى لا يمكن أن ينقض بالأدلة المنطقية ولكنه لا يمكن أيضاً أن يؤيد بالأدلة المنطقية يستسيغه قوم دون برهان وينفر منه آخرون من غير ما حجة وإذا تركنا الشيخ عبد الواحد لننظر إلى الباحثين فى هذه اللفظة فإننا نجدهم ينقسمون إلى فريقين لا ثالث لهما
يجارى فريق منهم أبا الريجان البيرونى فى أنها مأخوذة عن أصل يوناني هو كلمة سوفيا
اليونانية
الأساتذة الباحثين وأيده
وقد قال بهذا الرأى فون هامر من المستشرقين واعتنقه كثير من في حرارة محمد لطفى جمعة أما السبب الذي جعلهم ينصرفون من نسبة الكلمة إلى الصوف فهو أنهم يعتقدون أن نسبتها إلى الصوف يبعد الصوفية عن الحكمة الإلهية وينسبها إلى الظاهر والشكل وعلى حد تعبير محمد لطفى جمعة يجرد هذه الفرقة المنتمية إلى الإسلام من صفة الحكمة والفضيلة وقد بينا رأينا في هذا الموضوع فيما مضى ونقول الآن
إن أصحاب هذا الرأى يعطون قوة وتأييداً لمن يزعم أن التصوف الإسلامي وليد الفلسفة
الأفلاطونية
وهو رأى باطل
ولقد هاجم الدكتور / زكي مبارك هذا الرأى فى قسوة وفى منطق سليم لقد كان العرب – حسبما يرى – مولعين بحفظ ما يدخل لغتهم من الألفاظ الأجنبية ولو كان التصوف من سوفيا لنصوا عليه في كثير من المؤلفات
ثم إن كلمة سوفيا اليونانية معناها الحكمة وكانت الفلسفة عند اليونان القدماء تهتم بالعلوم الطبيعية وكان كثير من فلاسفتهم أطباء وقد ترجمتها العرب فسموا الطب الحكمة وكلمة حكيم لا تزال تؤدى معنى كلمة طبيب والفلسفة نفسها سماها العرب الحكمة وقالوا تاريخ الحكماء
فهم عرفوا من سوفيا الفلسفة والطب أما الحكمة الروحانية فمن البعيد أن يكونوا لمحوها لأنهم كانوا يرون اليونان من عبدة الأوثان ثم يقول الدكتور زكى مبارك في ظرف طريف وفى صورة من الجد هي تعبير أبلغ تعبير عن التهكم والسخرية على أنه ما الذي يمنع أن تكون سوفيا بمعنى الحكمة الروحانية جاءت من كلمة صوف وهي قديمة في العربية إن التصوف قديم جدا عند العرب وهو أساس المسيحية ولبس الصوف كان علامة
٣٤٥
وبالتالي فإنه لا يتأتى أن يوجد تصوف أبداً ما لم يكن هناك اتباع كامل لشريعة صادقة وأن التصوف الإسلامى لم يوجد إلا باقتداء الصوفية اقتداء تاماً برسول الله لا لقد أحبوه واتبعوه وحققوا بذلك قول الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخرة وذكر الله كثيراً
ويمكننا أن نقول في صراحة أكثر إنه لا يوجد الآن تصوف إلا في المحيط الإسلامي وذلك أنه لا يوجد الآن نص مقدس لم يدخله التحريف إلا في النصوص الإسلامية إن القرآن الكريم
6
كلام الله وهو ا الآن كما كان أيام رسول الله الله وقد عرف ذلك بعض الغربيين الذين استنارت بصائرهم فاعتنقوا الإسلام مستمسكين بوحيه سائرين على نسق رسوله مستجيبين إلى أوامره مجتنبين نواهيه وساروا فى الطريق فوصلوا إلى روضات القرب من الله سبحانه وكل من لم ينطلق من الشريعة الصادقة والاتباع الدقيق فإنه لا يصل إلى شيء من درجات الصوفية إن الصوفية لا تتأتى إلا بالاقتداء والقدوة المعروفة الآن سيرتها في صدق ويقين هو رسول الله محمد إنه الأسوة الوحيدة الآن لكل من يحب القرب من الله في صدق لقد تناقش الناس كثيراً إلا في كون محمد هو القدوة لصوفية الإسلام بل سخر بعضهم حينما كانوا يسمعون أن محمداً أول صورة حملت الصوفية على اقتفاء آثارها
والواقع
أن التصوف لا يعدو أن يكون جهاداً عنيفاً ضد الرغبات ليصل الإنسان إلى السمو أو إلى الكمال الروحى ليكون عارفاً بالله وليس من عناصره فكرة الاتحاد أو الوحدة أو الحلول بل إن فكرة الاتحاد والوحدة والحلول يتبرأ منها الصوفية وهم بعيدون عنها كل
البعد على الرغم مما يقذف به أعداؤهم وما اتهامات أعدائهم إلا اتهامات أعداء هذا هو المحاسى الذى لا يشك فى أنه من زعماء الصوفية ليست عنده فكرة الاتحاد أو الحلول أو ما شاكل ذلك من حالات السكر التي يشعر بها بعض الصوفية حينما تسيطر عليهم فكرة الله فتأخذ بنفوسهم وحواسهم وتأخذ بكل ما فيهم من تفكير فيرون في النهاية أنه فأينما تولوا فثم وجه الله و إن الله معنا وإذا كان الاتحاد والحلول ووحدة الوجود ليس من عناصر التصوف وأن عنصره الأساسي - كما يتضح ذلك من تاريخ الصوفية المحاسى أو الغزالى أو رابعة العدوية أو كثير غيرهم - ليس إلا الجهاد لرضاء الله وتزكية النفس حتى تعرف الله به إذا كان الأمر
بذكائه وقوته والمسود بغبائه وضعفه و الإنجليز فيهم الملك و الأمراء و النبلاء وفيهم عامة الشعب
و أفلاطون وهو فيلسوف نابه قسم جمهوريته المثالية إلى طبقات وذلك بحسب
استعداد كل طائفة من الطوائف ففى جمهوريته طائفة الإنتاج وهي الطائفة ذات و المعدة الشرهة والشهوة الغلابة وطائفة الجند ذات العاطفة القوية
وطائفة القادة معدن العقل والحكمة والبصيرة والإشراق
التصوف نهج الخاصة
التصوف و أرستقراطية وهو فى ذلك منسجم مع طبيعة الأمور وعلى هذا لا يمكن أن يوجه إلى التصوف الاعتراض الرخيص الذى يقول لو شمل التصوف كل الناس لفسد
العالم
وأئمة
ذلك أن الناس جميعاً لا يمكن أن يصبحوا متصوفين فطبيعتهم تأبى ذلك التصوف يعلمون حق العلم أنه لا يمكن أن يطلب من طائفة الإنتاج طائفة المعدة والشهوة أن السادة المختارين معدن الصفاء والحكمة مهج
ينهجوا
ه الناس معادن على حد تعبير الرسول الا الله ومعادنهم ثابتة لا تتغير في خيارهم في الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا إن فيهم المعدن الذهبي وفيهم المعدن الفضي وفيهم غير ذلك
C
ويصور الشيخ محمد عبده ذلك خير تصوير فيقول فى رسالة التوحيد مما شهدت به البديهة أن درجات العقول متفاوتة يعلو بعضها بعضاً وأن الأدنى منها لا يدرك ما عليه الأعلى إلا على وجه الإجمال وأن ذلك ليس لتفاوت المراتب فى التعليم فقط بل لابد معه من التفاوت في الفطر التى لا مدخل فيها لاختيار الإنسان وكسبه ولا شبهة فى أن من النظريات عند بعض العقلاء ما هو بديهي عند من هو أرقى منه ولاتزال المراتب ترتقى فى ذلك إلى ما لا يحصره العد وأن من أرباب الهمم وكبار النفوس من يرى البعيد عن صغارها قريباً فيسعى إليه ثم يدركه والناس دونه ينكرون بدايته ويعجبون لنهايته ثم يألفون ما صار إليه كأنه من المعروف الذي لا ينازع والظاهر الذى لا يجاهد فإذا أنكره منكر ثاروا عليه تورثهم بادئ الأمر على من دعاهم إليه ولا يزال هذا الصنف من الناس على قلته ظاهراً فى كل أمة إلى اليوم والله سبحانه يذكر تمايز الناس فيما ينعم عليهم به ويبين أن منهم الأنبياء ومنهم الصديقين ومنهم الشهداء إلخ
۳۹
ساعاته في الأربع والعشرين ساعة أم قصرت ومن لا يطيق الصيام وهو في الأمكنة التي يطول فيها النهار أو حتى فى غيرها فإن الله سبحانه وتعالى قد جعل الدين يسرا وفتح له باب القضاء عندما يستطيع أو الفدية عند عدم الاستطاعة
في الصوم كل عام
يصوم المسلمون كل عام امتثالا لقوله تعالى يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم إلى قوله تعالى فليصمه ومعنى شهد أى عاش فيه وهو مكلف بتحمل لمسئولياته تجاه الإسلام والصوم عبادة والعبادة مظهر من مظاهر الاستسلام لله تعالى وتنفيذ أوامره وتوجيهاته لعلمنا بأن تدبيره لنا خير من تدبيرنا لأنفسنا ومعرفتنا بغناه عن أعمالنا وأن تشريع هذه الأعمال
ليس إلا لنفعنا وتحصيل الثواب لنا
ومع ذلك فقد تلمس العلماء الحكم المرادة من العبادات وخرجوا من ذلك بمحصول لا بأس به ففى الصوم تحكيم للمسلمين في عادات الحياة وتربية لإرادتهم وتدعيم لإيمانهم وتذكير بوحدتهم وجمع لمشاعرهم على هدف واحد وسلوك واحد وإعداد لهم لمقابلة المصاعب من الشدائد وإراحة الجسم من تعب الهضم وما إلى ذلك مما تحدث عنه العلماء والهدف الأساسي للصوم تحصيل التقوى ليسعد بها الإنسان دنيا وأخرى أما متى فرض الصوم لأول مرة في الإسلام فقد فرض فى السنة الثانية من الهجرة وقيل إن فريضته كانت في شعبان من
هذه السنة
في النية في الصوم
النية في الصيام ركن من أركانه لا يصح بدونها لقوله عليه الصلاة والسلام إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
ولابد من النية في كل ليلة من ليالى رمضان لأن صيام كل يوم عبادة مستقلة وتصح النية
في أي جزء من أجزاء الليل إلى الفعل امتثالا لأمر الله تعالى وطلباً لوجهه الكريم
وليس المقصود هو التلفظ بها لأنها عمل قلبي وحقيقتها القصد
۳۹۱
لأن من كان قريباً من الله كان الله قريباً منه بالرعاية والعناية والتوفيق وسلك الناس طرقاً إلى الله
مؤسسة على الأساس العام وهو الشريعة
سلك بعضهم
طريق الذكر على الخصوص وسلك بعضهم طرق الصوم على الخصوص
وسلك بعضهم طرق الصلاة على الخصوص وهكذا
ونجحت بعض هذه المسالك فى الوصول إلى القرب من الله فرسمها من نجحت معه طريقاً وبينها سبيلا ودعا إليها مسلكاً وذاعت فكانت طريقة صوفية وهذا منشأ الطرق إنها لا تعدو أن تكون إبرازاً لزاوية معينة من زوايا الشريعة دون إهمال لسائرها بل من التمسك بسائرها ومن أهمل شيئاً من الشيريعة فليس من التصوف في شيء
فكلهم
من
الله رسول
ملتمس
من البحر أو رشفاً من غرفاً
الليم
في تمسك الطرق بالكتاب والسنة
إن الاستمساك بكتاب الله وسنة رسوله هو الصراط المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه وما من شك في أن من التزم كتاب الله تعالى واستمسك بسنة نبيه فإنه يكون من الناجحين الفائزين في الدنيا والآخرة وذلك هو الاعتصام بالله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم وكل طريقة صوفية سليمة إنما تدعو إلى التزام الكتاب والسنة والطريقة التي تنحرف عن ذلك تكون فاسدة ضالة مضلة فقد نزل القرآن بياناً للهداية الصادقة وفسره رسول الله الله بقوله وعمله وبأحوالها كلها فمن حاد عن ذلك فهو من الخاسرين
فإذا التزمت الكتاب الكريم والسنة الشريفة فإنك من الفائزين وأما قولك * ه وأحكم عقلى فذلك يحتاج إلى تنبيه وذلك أن الدين نزل هادياً للعقل وكونه نزل هادياً للعقل يقتضى أن يتحكم الدين في العقل وأن يقوده وأن يهديه إلى الطريق المستقيم ويقتضى أن يستسلم العقل للدين ولعلك تريد بذلك أنك تستعمل عقلك لتفهم النص على وضعه الصحيح فإن كنت تريد ذلك فإنك على حق ونرجو الله أن يكتب لك التوفيق
٤٠٦
اللذات وتسهر الليل في اللهو واللعب لقد كانت تصلى الليل كله فإن طلع الفجر هجعت في مصلاها هجعة خفيفة حتى يسفر الفجر
ولم تترك لها هذه الحياة وقتاً للزواج فعاشت عذراء بتولا لأنها وجدت أنها لا تستطيع القيام بحقوق الزوج بعد أن تغلبت روحانيتها على حياتها الدنيوية
ومن روائعها أن سائلا سألها
إلى قد أكثرت الذنوب والمعاصي فلوتبت هل يتوب على فأجابت لا بل لو تاب عليك لتبت تشير بذلك إلى قوله تعالى ثم تاب عليهم ليتوبوا عمرت ثمانين عاماً وتوفيت سنة ۱۸۰ ودفنت بالبصرة على أرجح الأقوال
في التبرك بأسماء الله الحسنى
إن الاعتقاد في بركات أسماء الله الحسنى سواء كانت متلوة مكررة أو مكتوبة محمولة اعتقاد سليم وعلى هذا فإنه لا مانع للمسلم أن يحتفظ بأسماء الله الحسنى مكتوبة محفوظة محجبة متبركاً بها وأن يحتفظ بها معلقة في رقبة أطفاله مصونة بتجليدها واحترامها حتى لا يتسرب إليها ما يتنافى والتقديس
وليس فى كتابتها والاحتفاظ بها كحجاب للكبار أو للصغار إلا التقدير وتعويد الأطفال على
تقديسها
وما من شك في أن القرآن نزل أولا وبالذات هداية إلى سبيل الله وإلى الصراط المستقيم ونزل يحدد العقيدة السليمة والخلق القويم والتشريع الحكيم ولكنه نزل أيضاً شفاء ورحمة وحفظاً وهذا المعنى الأخير لا يتنافى والتعاليم الإسلامية
في مجالس الذكر
إن بعض الطرق لها أوراد خاصة بها لا يشاركها فيها غيرها وهذه تحتاج إلى تلقين لتكون أكثر تأثيراً فى النفس وليعرف الملقن جوها وروحها وظروفها فيكون أكثر تعرضاً لأنوارها بيد أن باب الذكر مفتوح على مصراعيه وهو فى تنوعه وسعته وكثرة المأثور فيه بحيث يرضى كل طموح من حيث المعنى ومن حيث الأسلوب يقول تعالى فى شمول وتعميم اذكروني أذكركم ومن الذكر قراءة القرآن ويقول رسول الله الله فيما رواه الشيخان بسندهما عن عائشة رضى الله
٤٢٤
وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون وموازين الله سبحانه لا تنظر إلى نسب ولا إلى
مال ولا إلى جاه ولا إلى عصبية فمن يعمل مثقال ذرة خير بره ومن يعمل مثقال ذرة شرايره ولقد قال سلمان منا آل البيت وإنما كان سلمان من آل البيت – وهو فارسي – لأنه رضي الله عنه كان يعمل ما يرضى الله ورسوله ويقول الله تعالى فإذا نُفخ فى الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون وقال و يا فاطمة بنت محمد أنقذى نفسك من النار فإني لن أغنى عنك من الله شيئاً وقال الجنة لمن أطاعنى ولو كان عبداً حبشياً والنار لمن عصاني ولو كان شريفاً قرشياً العبرة إذن إنما هی
بالتقوى
في عبد الله بن سبأ وكعب الأحبار ووهب بن منبه
يختلف تقدير أسلافنا رضى الله عنهم بالنسبة لعبد الله بن سبأ وكعب الأحبار ووهب بن منبه فأما عبد الله بن سبأ فقد خرج على الإسلام وأثار الفتن على عثمان رضي الله عنه وكان عامل الدولة الإسلامية عقيدة وسياسة وأما كعب الأحبار فقد روى عن
هدم وفساد في
جسم
أبي الدرداء رضي الله عنه قوله إن عند ابن الحميرية لعلماً كثيراً وروى معاوية رضي الله عنه فيما رواه البخارى من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن قال إنه سمع معاوية يحدث رهطاً من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال إن كان لمن أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب وكعب الأحبار أسلم في عهد سيدنا عمر وهو لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة وإنما يروى على الخصوص عن عمر وصهيب وعائشة رضى الله عنهم ورواة الحديث يحتاطون من روايته ولم يرو عنه الإمام البخاري وقد نخل أسلافنا رضى الله
عنهم حديث رسول الله الا الله نخلا دقيقاً وبينوا منه الصحيح وغير الصحيح أما وهب بن منبه فيقول عنه صاحب ميزان الاعتدال إنه من خيار علماء التابعين وله في
0
آخر خلافة عثمان حديثه عن أخيه همام في الصحيحين أى البخاري ومسلم وجمهور المحدثين على أنه كان ثقة صادقاً ومن ثقة المسلمين فيه أنه كان على قضاء صنعاء وقد قال مثنى بن الصباح البث وهب عشرين سنة لم يجعل بين العشاء والصبح وضوء ولقد قال عنه أبو زرعة والنسائى ثقة وذكره ابن حبان في الثقات
٤٤٠
وأنا أمثل ثلث الإسلام ثم أخذ الإسلام ينتشر شيئاً فشيئاً بالحجة والبرهان والإقناع فعارض انتشاره المشركون بالسيف والتعذيب والتنكيل وكان لابد من الدفاع عن النفس وهذا الدفاع عن النفس كان يتخذ أحياناً صوراً تحز في النفس وتملؤها إشفاقاً كصورة غزوة الخندق التي كان المسلمون يتحصنون فيها من أعدائهم من وراء خندق حفروه يتقون من ورائه أعداءهم وقد أتوا إليهم في دارهم يريدون أن يقضوا على الإسلام فرد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا والدفاع عن النفس هذا هو الذي عبرت عنه الآية الكريمة القرآنية خير تعبير حين قال تعالى
ما بعثوا
دم
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وفى كل ذلك يقول شاعرنا الكبير أحمد شوقى قالوا غزوت ورسل الله لقتل نفس ولا جاءوا لسفك بالسيف بعد الفتح بالقلم
جهل
وتضليل
أحلام
لما دنا الله عفوا كل ذى
وسفسطة
فتحت
حسب تكفل
السيف بالجهال
والعمم
والشر إن تلقه بالخير ضقت
ذرعاً به
وإن تلقه بالشر ينحسم
في ما يعتقده الكثيرون من أن الفكر الديني - في هذا العصر يعاني أزمة عاصفة في مواجهة التطور المادى
حتى تكون الرؤية واضحة كل الوضوح ينبغى أولا وقبل كل شيء تحديد المقصود بالفكر الديني لأن إطلاق العبارات دون التعرف على مضامينها يوقع فى اللبس فتغم الرؤية ولا يستبين
المحتوى استبانة يطمئن عليها القلب والفكر فإذا كان المقصود بالفكر الدينى المحتوى المتكامل الأبعاد لمبادئ الإسلام ومقرراته فإنه لا توجد أزمة بين هذا المدلول وبين التطور المادي حتى يعانى هذا المحتوى أزمة ما ذلك لأن الإسلام دين الله الحق الذي بعث به خاتم المرسلين الله والإسلام بوسائل متعددة يدفع إلى التطور والإفادة من معطيات الفكر المتحرك دوماً ونظراً إلى أن الإسلام دين الله الحق فهو يحث على ذلك ويشجع عليه لأن التطور على مدار مطافه لا يصطدم بالإسلام أبداً ومن ناحية أخرى كلما تقدم التطور في طريقه أعطى آكد البراهين على حقية محتوى الإسلام فلا أزمة إذن بين التطور المادى والإسلام في محتواه الذاتي
أما إذا كان المقصود بالفكر الدينى الحالة الفكرية التي لها علاقة وثيقة بالتأثير والتأثر العقدى فإن الأمر يختلف لعوامل ليس من بينها التطور المادى فى ذاته وإنما لملابسات تحيط بهذا التطور
٤٥٦
متى نحصل على رجل دين بالمعنى الحق وهل يمكن أن يكون الأزهر بمعاهده المختلفة
ودراساته الدينية فقط سبيلنا إلى هذا أو أن الأمر يحتاج إلى روافد أخرى
ليس في الإسلام رجل دين بالمعنى المفهوم فكل مؤمن مكلف بالدعوة إلى الله كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله وإن دعت الضرورة إلى التخصص في طلب العلم وإتقان أساليب الدعوة وعلومها نظرا لما جد ويجد من تشابك وتباين في مصالح الناس وحياتهم اليومية فلولا نَفَر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون
على أنه يشترط فى الداعى قبل كل شيء الإخلاص لله وأن يجعل من نفسه قدوة وأن يتسلح بعلوم العصر وأن يكون مستنيرا بالثقافة العامة ليستطيع أن يواجه الدعوات الهدامة والنحل الضالة والملل الخاطئة وأن يلم بلغة أجنبية أو أكثر ولذلك أنشأنا كلية للدعوة في طنطا وقد بدأت فيها الدراسة بالفعل وستفتح كلية أخرى للدعوة في القاهرة وأخرى في المنوفية ونأمل أن يكون البرنامج المنتقى لهذه الكلية وافياً بالغرض وأن يؤدى فيها أساتذة متخصصون على دراية واسعة بأهداف الكلية وحاجات العصر وحقائق الدين وروحه ۱
وعندى من المشروعات ما يكفل للإمام والداعية ورجل الدين الحياة الكريمة والإعداد السليم ونسأل الله المعرفة لإخراج كل ذلك إلى حيز الوجود والتنفيذ وأرى أن المكان الطبيعي لكل ذلك إنما هو الأزهر الذى حمل أمانة الدعوة أكثر من ألف عام وفى كلياته العلمية والعملية ما يكفل ازدهار الدعوة إن شاء الله
1 تم في عهد الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الأزهر تحقيق تنفيذ هذه الكليات بالإضافة إلى كلية البنات الإسلامية بأسيوط وكليات أصول الدين والشريعة بالمنصورة والشريعة بطنطا وتم افتتاح حوالى ۱۰۰۰ معهد دینی بین ابتدائی
وإعدادى وثانوى
٤٧١
الشباب قبل بلوغهم هذه المرحلة وذلك بتنشئتهم على الآداب والمثل العليا واتباع أوامر الشرع الشريف حتى يصلوا إلى هذه المرحلة وقد انغرست في نفوسهم الآداب والأخلاق الحسنة ومرنوا على احترام شعائر الدين قال صلوات الله وسلامه عليه مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر
وفرقوا بينهم في المضاجع ومن الكلمات الرائعة الجامعة التى بلغت الذروة فى تربية الشباب وتنشئته والتي يجب أن يتخذها المرشدون والمصلحون والمربون نموذجاً يسيرون عليه ماورد في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضی الله عنهما قال كنت رديف النبي الا الله فقال ألا أعلمك كلمات ينفعك الله
بهن
احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك طويت الصحف وجفت
الأقلام وإنه لمن المعروف المجرَّب أن من شب على شيء شاب عليه فإذا اعتنى الآباء والأمهات بتنشئة الأطفال على الدين ومكارم الأخلاق منذ الطفولة فإنهم يسيرون على ذلك طيلة حياتهم وإذا كانت المسئولية ملقاة في الدرجة الأولى على عاتق الآباء والأمهات فإن المدارس ومعاهد العلم في درجاتها المختلفة عليها مسئولية كبيرة فى هذا الشأن ولقد نادى المصلحون في كل عصر بوجوب العناية بأمر الدين في المدارس ولكن أصواتهم ذهبت أدراج الرياح في كل الأقطار الإسلامية والآن المشرفون في وزارات التعليم أغلبهم الأعم من خريجى الجامعات الغربية فهم يحتذون في أمور الدين ما يحتذيه الغرب فى هذه الأمور فلا تتفتح آذانهم للدعوة إلى الدين ولا تنشرح صدورهم لإيجاد المجال له اللهم إلا فى أضيق الحدود فإذا فتحت المدارس أبوابها للدعوة الدينية في صورة من الجد فإن ذلك بالإضافة إلى عناية الآباء والأمهات - يعد خطوة متقدمة من أجل وسائل إصلاح الشباب
في السعى على الرزق
أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأن يسعوا فى طلب الرزق وكسب العيش في كثير من
الآيات وكذلك حث النبي الله على الكسب ليعيش الإنسان من كسب يده
AV
إن من أنفس أعمال الخير - التى يباركها الله سبحانه وتعالى ورسوله - إنشاء هذه المعاهد لما
يرجى منها فى نشر الوعى الدينى وإحياء التراث الروحي إن كثيرين من أفراد الأمة المصرية - جزاهم الله خيراً - قد اتجهوا إلى بناء المساجد وهو عمل يشكرون عليه وإن من الأعمال العريقة في الخير إنشاء المعاهد لتحفيظ القرآن وتعليم العلم فإذا اتجه الخيرون إلى إنشاء هذه المعاهد فإن ذلك يكون دليلا على الأخذ بأسباب الإصلاح المثمرة
وأحب أن أقول للعاملين على الإصلاح إن من وسائل الإصلاح الأخلاقي الحاسمة أن ينتشر الوعى الدينى فى استفاضة ولن يتأتى ذلك إلا إذا أكثرنا من المعاهد الدينية الأزهرية ونضرع إلى الله تعالى مخلصين أن بوجه الخيرين إلى ذلك
الإسلام لكل زمان ومكان
الإسلام على الحقيقة كما يقول الإمام البخارى هو الذى يؤخذ من قوله تعالى قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا
أما إذا كان على الحقيقة فهو على قوله جل ذكره إن الدين عند الله الإسلام وعلى قوله سبحانه ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه الإسلام - الدين الخالص - يقول عنه الراغب الأصفهاني إنه فوق الإيمان وهو - مع الاعتراف - اعتقاد بالقلب ووفاء بالفعل واستسلام الله فى جميع ما قضى وقدر كما ذكر عن إبراهيم عليه السلام في قوله إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين وقوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام وقوله توفنى مسلماً أي اجعلنى ممن استسلم لرضاك ويجوز أن يكون معناه اجعلنى سالماً عن أسر الشيطان حيث قال لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم
المخلصين
وقوله إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون أى منقادون للحق مذعنون له يحكم بها النبيون الذين أسلموا أى الذين انقادوا من الأنبياء الذين ليسوا من أولى العزم من الرسل الذين يهتدون بأمر الله ويأتون بالشرائع وهذا المعنى الذي ذكره صاحب المفردات يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعنى اللغوى لكلمة إسلام
يقول ابن الأنباري المتوفى سنة ثلاثمائة وثمان من الهجرة في المعنى اللغوى للكلمة المسلم معناه المخلص لله في عبادته من قولهم سلم الشيء لفلان خلص له فالإسلام معناه إخلاص الدين والعقيدة الله تعالى
111
۳۳
۳۵
٣٦
* 1 1 1
۳۸
٤١
صفحة
٢٤
٢٦
٢٦
٢٦
٥٠٤
في أيهما أكثر ثواباً من يتصدق بفضلات طعامه أومن يخصص طعاماً يتصدق به دون أن
يتذوقه
في حكم من أسهم بماله في بناء جامع أوكنيسة
في زكاة الزروع والخضر
في الكفارة
فى حجم
الصدقة
في هل يجوز للمسلم أن يأكل من طعام يوزع صدقة على الموتى
في كسب شخص من اليانصيب خمسة وعشرين ألف جنيه وبنى بهذا المبلغ مسجدا أواشترى بعض الحاجيات بما بقى وأوقفها على المسجد فهل هذا جائز شرعاً
في حكم من امتنع عن ا أداء الزكاة
في شهر رمضان
في
وسئل رضى الله عنه في الصيام
اسم شهر رمضان ولماذا خصه الله بالصوم
في تاريخ شهر رمضان
في متى فرض صيام رمضان
في حكمة الصوم
في قول رسول الله لا من صام رمضان إيمانا واحتساباً غفر له من ذنبه ماتقدم وما تأخره
في رسول الله لا وشهر رمضان
في جهاد النفس في رمضان
في رؤية هلال رمضان
في اتباع أوامر الحاكم في الصيام والفطر
في اختلاف وقت الصيام
في الصوم كل عام
في النية في الصوم
في شروط الصوم الصحيح
في أقسام الصوم
بسم الله الرحمن الرحيم
رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وهَيَّى لَنا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
وهى على كل حال دين في ذمته يستمر حتى تؤدى ولو فى آخر العمر وإذا مات قبل أدائها فعلى ورثته أن تخرجها من تركته قبل تقسيمها فعلى كل من لم يؤد زكاة الفطر فيما مضى أن يخرجها الآن فإنها مطهرة للصائم من اللغو والرفث وثوابها عند الله جزيل
هل يجوز لشخص غنى أن يتقبل الزكاة بعد صيام رمضان كقبول الهدايا أو الألماظ
لا يجوز للغنى أن يتقبل الزكاة مطلقاً من أحد سواء كانت تلك الزكاة زكاة فطر أو زكاة مال لأن الله عز وجل بين لنا في محكم كتابه الأشخاص الذين تصرف الزكاة إليهم في قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء الآية وقال الا الله ما معناه إن الذى يتعرض لسؤال الناس وهو غنى
أو قادر على الكسب يأتى يوم القيامة وليس فى وجهه مزعة لحم والتحايل على أخذ زكاة الفطر أنها هدية لا يجوز بحال من الأحوال لأن الله لا يخفى عليه خافية هذا وإن كانت هذه الزكاة المؤداة زكاة مال مدخر كالذهب أو الفضة فلا ينبغى له أخذها كذلك لأنها - أى
باعتبار
الزكاة - حق الفقير
في فضل الأيام العشرة الأخيرة من رمضان
إن فيها أولا الفضل الذي في جميع أيام شهر رمضان ثم هي تزيد على هذا بأنها مظنة ليلة
القدر التي هي خير من
ألف
شهر
وقد كان الرسول مع الله يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد فى غيرها إنه ما كان طيلة حياته مجدا في العبادة ولكنه كان في شهر رمضان يجتهد أكثر ثم إذا حل العشر الأواخر يتفرغ إلى الله عن السيدة عائشة رضوان الله عليها أن النبي عله الا الله وكان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل كله وأيقظ أهله وشد المئزر ومعنى شد المئزر أنه شمر عن ساعد الجد وكان بكيانه كله نشاط واجتهاد في العبادة
أبي رزين العقيلي أنه أتى التى لعل الله فقال يا رسول الله إن أبى شيخ كبير وعن لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن أى لا يقوى على السير ولا الركوب لكبر سنه فقال صلوات الله عليه حج عن أبيك واعتمر والإنابة في الحج مشروعة عند عجز الإنسان عن مباشرة أعمال الحج وإذا تبرع إنسان لإنسان فحج بنفسه عنه أو دفع عنه قيمة تكاليف الحج متبرعاً وأناب شخصاً آخر ليقوم بأداء ذلك هذا وسقطت الفريضة عمن تمنعه حالته الصحية من أدائها ولا يحرم الله سبحانه صاحب الهدية المتبرع من الأجر الجزيل
صح
هل يجوز في الإسلام أن تسافر المرأة وحدها بدون صحبة زوجها
لا يجوز أن تسافر المرأة ولو إلى الحج إلا ومعها زوجها أو ذو رحم محرم منها وذلك لما روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
سمعت رسول الله يقول
لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو رحم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتى خرجت حاجة وإنى اكتتبت في غزوة كذا وكذا وكذا فقال
انطلق فحج مع امرأتك
وفي حديث آخر
ا لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام ولياليها إلا ومعها زوجها أو ذو رحم
محرم منها
وأجاز الشافعية خروجها مع رفقة من النساء الصالحات
في
حج
الصبيان
روی مسلم بسنده عن ابن عباس قال
رفعت امرأة صبيا لها فقالت يا رسول الله ألهذا حج قال نعم ولك أجر
وروى البخاري بسنده عن ابن عباس والسائب بن يزيد - ما يفيد حجها مع ا
البلوغ
المرأة في صدر الإسلام والمرأة في العصر الراهن
إن الفرق بين المرأة في صدر الإسلام والمرأة في العصر الحاضر فرق كبير فالمرأة في صدر الإسلام كانت تعرف مهمتها معرفة صحيحة كانت تعلم أن المرأة وجدت لتكون أما وربة بيت وكانت تعلم أن شرف المرأة إنما هو في هذا وأن رسالتها حينما تؤدى على الوجه الصحيح لها قيمتها الكبرى بالنسبة للوطن ذلك أن الأم لها الأثر الأكبر فى نهضة المواطنين على نهج معين من السلوك والأخلاق والأم ذات الخلق الكريم ينشأ أطفالها على خلق مستقيم فيكونوا عمداً النهضة الوطن والرقى نحو المجتمع المنشود وإذا تمكنت الأخلاق الكريمة وسادت في بيت من البيوت فرضت السعادة عليه وأحاط به الهناء والطمأنينة لكن المرأة فى العصر الحاضر قد انحرف بها الاتجاه المادى الشيوعى عن رسالتها وانحرف بها أصحاب أدب الجنس والمترفون وذوو السلوك المنحرف وصوروا لها أنها لم تخلق إلا للزينة والتبرج والمتعة وبين الاتجاه المادى الشيوعي وأدب الجنس تأرجحت المرأة وشقيت البيوت إلا من عصم
الله
في قول رسول الله خيركم خيركم لأهله
يقول الله تعالى موصياً الأزواج بالزوجات
"
وعاشروهن بالمعروف ويقول الله خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى ولقد وضع الإسلام نظاماً به تستقر الحياة الزوجية وتدوم وتصلح ولقد وضع هذا النظام حرصاً منه على عدم تفكك روابط الأسرة ورغبة فى أن لا تنهار رابطة المودة في هذا النظام يجعل الإسلام من الرجل رباً للأسرة ويجعل للأزواج حقًّا على نسائهم ولنسائهم عليهم فيفسر ذلك الرسول فيقول ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقاً فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن
6
11
۱۷۰
فإذا ما خاف الزوج عصيان زوجته ونشوزها فأولى الخطوات التي تتخذ إنما هي وعظها بالحسنى وتذكيرها بما يحب الله تكون عليه فإذا لم يجد ذلك فالخطوة الثانية إنما هي هجرها في المضجع واعتزالها عند النوم فإذا استمرت على عصيانها ولم يجد ذلك فيها فقد يجدى ضربها ضرباً خفيفاً فإن أطاعت سارت الحياة بين الزوجين دون تفكك ودون انهيار أما إذا استحكم الشقاق والخلاف والعصيان فتكون المرحلة الرابعة والأخيرة وهى أن يبعث أهل الزوجة حكماً ويبعث أهل الزوج حكماً للإصلاح وتستمر الحياة الزوجية فلا تنهار وعن كل ذلك يقول الله سبحانه وتعالى واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيراً وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً من وبعد فيقول رسول الله واستوصوا بالنساء خيراً فما أكرمهن إلاكريم وما أهانهن
إلا لثيم
في الفتاة المسلمة
إن الفتاة التى تعيش فى طهر كامل مثلها مثل الشاب الطاهر تكون في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله وطهر الإنسان وتزكية نفسه من سمات المسلم التي أوجبها الله وحث عليها رسول الله بيد أن بعض الناس يقع في شراك الشيطان أو يسير وراء أهواء النفس فإذا استمر على ذلك ومات دون أن يتوب فإنه في مقت الله وغضبه وبعض الناس يقع في الإثم ثم يدرك نفسه فيرجع إلى الله تعالى مستغفراً تائباً منيباً يقول تعالى إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء -
بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً ويقول تعالى في تعميم شامل إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن البشريات الجميلة لأمتنا الإسلامية أن الله تعالى يقول عن نفسه إن ربك واسع المغفرة ويقول سبحانه قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وهو سبحانه يغفرها حينما يتوب الإنسان توبة صادقة
خالصة نصوحاً
۱۷۱
في الزواج
يقول الله سبحانه وتعالى ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون
فالزواج نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى جعله الله رباطاً بين الزوجين بكلمة الله وجعل بينهما المودة والرحمة والتعاطف يحرص كل منهما على صاحبه وشريكه فى الحياة ويتقاسمان يسر
الحياة وعسرها
والزوجة التي عاشت مع زوجها فى أيام فقره وتحملت معه شظف العيش ومرارة الحياة من حقها عليه أن تشاركه في النعمة التي أنعم الله بها عليه وتعيش معه في السراء كما عاشت معه في الضراء ومن الوفاء بالعهد والرعاية لحقوق الزوجية أن يحفظ لها جميلها ولا يتنكر لها بعد أن وسع الله عليه أما من طلق زوجته التي عاشت معه أيام المحنة وتزوج غيرها بعد أن وسع الله عليه فهو إنسان خال من المروءة متجرد من الإنسانية الكاملة ليست لديه الرجولة أو الشهامة لأنه في هدم بيته وضياع أولاده
تسبب
ولعل الله قد وسع عليه بسبب هؤلاء فلا يبطر ويكفر بنعمة الله عليه وليبادر بشكرها ومن شكر النعمة الوفاء بالعهد والمحافظة على الود والابقاء على العشرة السابقة
في حسن معاملة أهل الزوج
إن الواجب على الزوجة فيما يتعلق بأقارب زوجها أن يكون موقفها منهم كموقفه هو بالضبط يجب عليها أن تبرهم وتحسن إليهم وتتلطف معهم ويجب عليها بالنسبة لأب أو أم زوجها أن تتحلى بما أمر الله به في القرآن الكريم في قوله تعالى
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً أما
فيما يتعلق بالدعاء فإن رسول الله الا الله يقول فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه لا يزال يستجاب للعبد مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم
۱۷
والله سبحانه وتعالى يقول إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها أما الحديث الحاسم في الموضوع فهو ما رواه أبو داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال إن العبد إذا لعن شيئًا ضعدت اللعنة إلى السماء فتعلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يميناً وشمالا فإذا لم تجد مساغاً أرجعت إلى الذي يلعن إن كان أهلا لذلك والا رجعت إلى قائلها
ومهما يكن من شيء فإن الإحسان عادة ينتهى إلى الإحسان والخير يجر عادة إلى الخير والذي ننصح به أن تستمر الزوجة فى حسن المعاملة لأم زوجها وإذا استطاعت الزيادة في حسن المعاملة فلتفعل والله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا
هل المرأة يجب عليها أن تراعي حقوق زوجها قبل أبيها أو حقوق أبيها قبل زوجها
متى تزوجت المرأة أصبحت شريكة لزوجها في الحياة الجديدة وصار له عليها حقوق نجب عليها أن تؤديها ولا تقصر فيها وإلا كانت مسئولة عنها أمام الله تعالى أخرج بن حبان في صحيحه عن النبي له والذي نفسي بيده لا تؤدى المرأة حق ربها حتى تؤدى حق زوجها وفى الحديث الشريف يقول رسول الله ولو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها وللوالد على ابنته كذلك حق البر والصلة قال تعالى وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً
ومتى كان الجميع في محبة وائتلاف أمكن تحقيق رغبة الزوج ورغبة الأب وأداء حقها معاً
مادام الهدف هو مصلحة الأسرة أما إذا تعارضت الرغبات فعليها أن تطيع زوجها في غير معصية الله تعالى وتتلطف في الاعتذار للأب من غيراً ر أن تقطع الرحم التي أمر الله بها أن توصل وعلى الوالد كذلك أن يراعى ظروف ابنته ويكون معيناً لها على استقرار حياتها الزوجية وعلى الزوج أن لا يمنع زوجته عن
القيام بحقوق والديها مادام ذلك لا يضر بحقه ولا يفوت عليه مصلحة هامة تخصه
۱۷۳
منع المسلم زوجته من زيارة أهلها
ليس مطلوباً من المسلم أن يستطلع الغيب أو يتعرف على ما سوف يحدث وإنما المطلوب منه أن يكون فطناً في تصرفاته وأن يتخذ من الاحتياطات العادية ما يحول بينه وبين السوء ومن واجب المسلم أن لا يمنع زوجته من زيارة أهلها ولكن عليه حينئذ أن لا يدعها تخرج وحدها لزيارتهم وأن يتأكد من لن تذهب إلى غيرهم أى أن عليه أن يراقب سلوك زوجته وتصرفاتها حتى تطمئن نفسه إليها ويأمن عليها الفتنة في
أنها
مثل هذا الخروج ما اطمأن إليها بعد الاختيار واستأذنته فى زيارة أهلها فأذن لها فذهبت لترتكب
فإذا
الزنى فليس عليه من الإثم شيء لأنه لا يد له فى الموضوع والإثم كله عليها أما إذا قصر في الاختيار أو أهمل في ملاحظتها والتعرف على سلوكها فإن عليه قسطاً وافراً من الإثم لأنه فرط فى واجبه كزوج مسلم وترك لزوجته الحبل على الغارب والأولى بالمسلم أن لا يأذن لزوجته بزيارة أهلها أو غيرهم إلا معه ليطمئن قلبه ويسعد عيشه ويأمن مثل هذه المساوئ والآثام
المرأة
في قول الرسول لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها
هذا حديث شريف يبين لنا مارسمه رسول الله الله من السلوك الحميد الذي يتفق وحالة وبيان ما يجب على الزوجة أن تسير عليه خاضعة لإذن زوجها في أمور دينها ودنياها مالم يكن في إذنه معصية الله سبحانه
إذن فلا يجوز للزوجة أن تتعدى حدودها ولا يجوز لها أن تذهب إلى بلد أهلها وليس هذا فحسب بل إنه لا يجوز لها أن تخرج من بيتها إلا بإذنه فإن تعدت بالخروج دون أن يأذن لها أو يصرح إليها فهى ناشزة وجزاؤها على ذلك إنما يكون بتوقيع العقوبة عليها التي وردت في كتاب الله سبحانه
من الهجر في المضجع والضرب غير المبرح هذا إذا لم يكن هناك إذن أو تصريح لها فإن أذن لها جاز لها الخروج لزيارة أهلها ومادامت فى موضع الحشمة والوقار لتكون حافظة له في غيبته أمينة له في أمانته
١٧٤
في تعدد الزوجات
قال تعالى وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم
وقال ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة والناظر في هاتين الآيتين يجد أن العدل المطلوب إيقاعه بين الزوجات عدل مخصوص يمكن الإنسان أن يقوم به وأن هناك نوعاً آخر من العدل لا يمكن الإنسان أن يتحكم فيه فإما العدل الذى يدخل تحت الاختيار ويطالب به الإنسان أن يقوم به فهو ميل القلب وقد ورد عن رسول الله له ما يوضح المراد بذلك
فعن عائشة رضى الله عنها قالت
كان رسول الله لا يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول اللهم هذا فعلى فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ومن مظاهر القسم بين النساء ماروى عن عائشة قالت إن رسول الله كان إذا سافر أقرع بين نسائه
أما الذي لا يعدل فيما أمر الله بالعدل فيه فيتمثل فيما رواه ابن ماجه عن أبي هريرة قال قال رسول الله الله
4
ه من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط ومما تجدر الإشارة إليه أن الإسلام برعايته العدل بين الزوجات إنما يوجه نظر الإنسان إلى مراعاة العدل في كل شئونه بين أبنائه وأهله ومع مرء وسيه ومع كل الناس تحقيقاً لقول الله تعالى يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء الله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان
بما تعملون خبيرا
في أسرار الحياة الزوجية
لقد نهى رسول الله أن تصف المرأة لزوجها محاسن امرأة أخرى وكذلك نهى عن أن يتحدث الرجل عما يكون بينه وبين زوجته ليلا ووصف من يفعل ذلك بأنه شيطان ومما لاشك
۱۷۵
فيه أن الحديث عن الجنس من المثيرات للشباب سواء كانوا فى طور المراهقة أو كانوا في فورة الشباب اليانع وحينما تستثار غرائز الشباب فإنهم لا يبالون بتقاليد أو بعرف أو بمبادئ دينية وحينما تكثر كتب الجنس في دولة وحينما ينحل الأدباء فيها ويكثرون من الأدب المكشوف وحينما يجرى الفنانون وراء فكرة خاطئة وهى أن الفن لا يتقيد بالأخلاق فينتجون من الفنون ما يثير وما يتنافى الفضيلة من العرى الفاضح والصور المبتذلة والأغانى الخليعة نقول إنه حينما يكثر مع في دولة ذلك فإن مصيرها لا ريب إلى الانهيار ولقد بينت الأحداث في عصرنا الراهن ذلك في وضوح واضح أن فرنسا حينما كثر فيها أدب الجنس وذاعت فيها فكرة الفن للفن عقب الحرب العالمية الثانية وحينما استكانت إلى اللذات نتيجة لما نشره فيها أدب الجنس من الانحلال انهزمت في الحرب الكبرى الثانية شر هزيمة لقد انهزمت هزيمة مضحكة إن كان في الهزائم ما يضحك ولقد أعلن أحد المرشالات إعلاناً عالمياً نشرته الصحف ورددته الإذاعات وهو أن سبب انهيار فرنسا استجابتها إلى الغرائز وانغماسها في الملاذ وجريها وراء كل ما من شأنه أن يذهب بالأخلاق سواء كان ذلك عن طريق الأدب المكشوف أو السينما الخليعة أو الأوصاف المثيرة للشباب والمراهقين ومن أجل أمثال هذه النتائج من الانهيار الدولى حرم الله الفواحش ما ظهر منها وما بطن ودرأ الله المفاسد بسد أبوابها وبقطع الطرق الموصلة إليها فأمر بغض البصر ونهي عن اللين في القول من المرأة حتى لا يطمع الذى فى قلبه مرض ونهى عن الخلوة بالأجنبية وقال لا الله فيما يرويه عن الله تعالى النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها من مخافتى رزقته إيماناً يجد حلاوته فى قلبه وقال تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقال سبحانه وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن وإن علاج الانحراف في الشباب ليس طريقه الاستثارة وإنما طريقه تقوية الإيمان
في حسن المعاشرة الزوجية
قال تعالى هل جزاء الإحسان إلا الإحسان وقال من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه وقال من لم يشكر الناس لم يشكر الله
منه
ومن هنا فإن الزوجة التي تحسين معاشرة زوجها لابد أن يقابل خلقها الجميل بأجمل م وتصرفها الحكيم بأحكم منه ولابد أن تكون معاملتها خيراً من معاملة الزوجة التي لا تحسن المعاشرة إحسانها ولا تحسن التصرف كما تحسنه هي عند معاملة الزوج
١٧٦
ولا يعنى ذلك أن تأخذ حقاً ليس لها أو أن تحظى بحق زوجة أخرى لم تصل إلى درجتها في المعاملة لأن لكل زوجة حقاً والقسم بين الزوجات بالسوية هو الشرع فقد قرن الله إباحة التعدد بالتنبيه إلى وجوب العدل بين الزوجات وقال تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ثم قال ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم وليس المراد بالعدل بينهن من كل الوجوه أو العدل المطلق الذى يتعذر وجوده بين بني البشر أما العدل المطلوب بين الزوجات فهو التسوية بينهن بما يليق بكل منهن فإذا وفى لكل واحدة منهن كسوتها ونفقتها والإيواء إليها لم يضره مازاد على ذلك من ميل قلب أو تبرع بتحفة وقد كان الرسول الله يقسم بين نسائه فيعدل فيقول اللهم هذا قسمى فيا أملك فلا تلمني فما تملك ولا أملك
قال الترمذي يعني به الحب والمودة وقال ابن عباس فى الحب والجماع فالإحسان إلى من تحسن إليه مطلوب والعدل بين الجميع فيما يتصل بالحقوق الزوجية ينبغي ألا يحرم وتشجيع المحسن ينبغى أن يكون بصورة تبعث على إحسان الآخرين بأن يبين أن إحسانه مقابل للعمل الطيب الذى صدر ممن أحسن إليه
في نشوز الزوجة
حدد الله سبحانه موقف الرجل من زوجته إذا عصته وخالفت أوامره أو نشزت عليه فقال واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيراً
منه
وفى هذه الآية أمر الله أن يبدأ الرجل زوجته إذا خالفته بالموعظة أولا ثم بالهجران فإن لم ينجحا فبالضرب فإنه هو الذى يصلحها ويحملها على الوفاء بحقه والمراد بالضرب الضرب الذي يؤدب ولا يعجز ويؤلم ولا يكسر أو يجرح فإن المقصود الصلاح لا غير وفي الحديث الصحيح عن جابر رضى الله عنه أن رسول الله ما قال و اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكن عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح وقد أرشد الرسول مع الله إلى الحكمة في معاملة النساء والتراوح في ذلك بين الشدة والرحمة
لما في طباعهن من التقلب فقال الله اتقوا الله في النساء فإنهن خُلقن من ضلع أعوج أعوج شيء في الضلع أعلاه
وإن
۱۷۷
ومادامت الزوجة فى مخالفتها إلى حد إدخال من يكره الزوج دخولهم المنزل فعلى الزوج ألا يلجأ إلى الضرب وليعلم وهو يعامل زوجته أن مصير البيت في يده وأنه مسئول عنه ومن الممكن له الهدم إذا تعذر الإصلاح أو خرج الأمر عن حدود قدرته وفى مجالنا هذا عاشر الزوج زوجته معاشرة طويلة وكونا أسرة طيبة وربما أولاداً في الجامعات ووصلا إلى مرحلة يخبو فيها الاندفاع وأصبحت حاجة كل منهما إلى أخيه حاجة يغلب عليها العقل ويقتضيها التفكير السليم فعلى الزوجة أن تطيع وتتحمل ما تراه غير محتمل من طباع زوجها وعلى الزوج أن يكون موقفه منها كذلك وعليه ألا يحمل قولها له تزوج غيرى على محمل الجد وأن يحاول تذكيرها بحياتها الطيبة وموقفها في المجتمع ومسئوليتهما نحو الأولاد وأن يحاول إشراك الأبناء فى تلطيف الجو وحل المشاكل وتفسير أمور الحياة
في المرأة بعد انقضاء العدة
إذا طلقت المرأة مطلقاً سراً أو جهراً علمت بالطلاق أو لم تعلم وانقضت مدة العدة قبل
وفاة زوجها - فلا حق لها فى الإرث منه كما لاحق له فى الإرث منها إن ماتت قبله قال تعالى ولكم نصف ماترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أودين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين والمرأة التي انقضت عدتها لا يطلق عليها اسم الزوجة وعلى ذلك فالآية نص صريح فيما قلنا يجب العمل بمقتضاه دون غيره
سيدة مسلمة حولت حجرة الاستقبال إلى صالون دينى
يفد إليه أئمة الدين ورجال العلم إلى جانب الكثير من السيدات المسلمات هل يمكن تشجيع هذه المحاولة وكيف
طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة والإسلام يبارك مجالس العلم والذكر وتحضرها الملائكة ويغفر الله الجلسائها ويستجيب لدعائهم ويمنحهم البركة والرحمة والغفران ماداموا
يتدارسون علوم الدين والقرآن وما ينفع الناس
وحبذا أن نعمر مساجد الله بالمسلمين والدارسين فى كل مكان حتى تنتعش الحركة الثقافية
نفعها الدينية ويعم
جميع الذين يؤمونها
۱۷۸
ولا بأس من مدارسة الدين والعلم في المنازل وخاصة في وقت لا تكون فيه المساجد مفتوحة ولا مستعدة وحبذا لو انتقل ذلك إلى النوادى العامة والخاصة بشرط الوقار والحشمة والأدب والتواضع وأن يكون هناك فاصل بين الرجال والنساء لنحفظ للنساء احترامهن وحياءهن وللدين حرمته واعتباره في حدود مارسم الشارع من ملبس وتوقير وتقدير وجدية وإخلاص حتى تنتشر مثل هذه المحاولة وينتشر الحديث فى شئون الدين فإن أصبح الحضور عادة وللدروس جدية وفي النفوس شدة رغبة وجاذبية ننتقل إلى المنتدى والمدرسة والمسجد وكل مكان بؤدى هذا الهدف ويحقق الغرض المنشود
ملابس بعض النساء تعرض أبدانهن للنظر
فما حكم النظر لهن في هذه الحالة
إن هذا السؤال يستلزم الحديث عن زوايا مختلفة خاصة بالتبرج لابد من علاجها وأول هذه الزوايا التبرج نفسه وبهذا الصدد نبدأ بذكر حديث الرسول الله صنفان من أهل النار لم أرهما بعد نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن أمثال أسنمة البخت المائلة لا يرين الجنة لا يجدن ريحها ورجال معهم سياط كأذناب البقر بها يضربون بهما الناس وهذا الحديث فيما يتعلق بالنساء المتبرجات كأنه قيل بالأمس القريب ليعبر عن الوضع في العصر الحاضر ويكفي ما فيه من وعيد ليرد انحراف من يؤمن بالله واليوم الآخر ولقد تحدث القرآن الكريم عن الواجب بالنسبة للرجل والمرأة على السواء فيما يتعلق بالنظر قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما
يصنعون
هذه بالنسبة للرجال أما بالنسبة للنساء فإن الله سبحانه وتعالى يقول وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهنَّ ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهنَّ أو بني إخوانهن أو بني أخواتهنَّ أو نسائهنَّ أو ما ملكت أيمانهنَّ أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أبه المؤمنون لعلكم تفلحون ولقد سأل أحد الصحابة رسول الله الا الله عن نظرة الفجأة فأمره أن يصرف بصره
۱۹
في إعطاء الزكاة للأقارب
إن إعطاء الزكاة للأقارب الفقراء تعتبر زكاة وصلة رحم وهى أفضل من إعطائها لغيرهم مادام هؤلاء الأقارب من الفقراء بيد أنه لا يجوز إعطاؤها للأصول أى الآباء والأمهات ولا الفروع أى الأبناء والحفدة وذلك أن النفقة على هؤلاء واجبة على المزكى أما غير الأصول والفروع فإنه يجوز أن تؤدى الزكاة
إليهم
في إدارة البر والخيرات
في وزارة الأوقاف إدارة تسمى إدارة البر والخير تقوم بتلقى طلبات المحتاجين وبحثها بحثاً دقيقاً بواسطة الاخصائيين الاجتماعيين والباحثين ثم تقرر صرف الإعانة لهم في حدود الميزانية المرصودة لها
وكلما اتسعت ميزانية هذه الإدارة زادت قدرتها على تقديم الخيرات ومن الممكن للسائل تقديم الزكاة إلى هذه الإدارة والتوصية بصرفها على الفقراء والمحتاجين
ولا يمكن القول بانعدام وجود من يستحق الزكاة نظراً لتطور الحياة ذلك لأن تطور الحياة يوسع دائرة المطالب والاحتياجات ويوسع الفجوة بين طوائف الناس فيما يتصل بالغنى والفقير إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل وسبيل الله مصرف واسع يحتاج باستمرار إلى الموارد وهو الآن أحوج ما يكون إلى ما يجب على الأفراد إخراجه كالزكاة ونحوها وما إلى ذلك
فعلى السائل إخراج زكاته إلى ما اطمأن إليه من المصارف أو تقديمها إلى جهات الاختصاص التي تنوب عنه فى ذلك كإدارة البر والخيرات
لأن
وعليه ألا يستجيب لمثل هذه الخواطر التي تحول بينه وبين أداء ما ينبغى من الفرائض ذلك
مثل
هذا التعلل باعثه شيطانى مضر
والمسلم الحقيقى لا يتعلل لترك الفرائض التى فرضها الله وعلم باستمرار الحاجة إليها على الدوام
۱۷۹
وقال رسول الله لعلى رضى الله عنه يا على لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليس لك الآخرة
قال عبد الله بن مسعود عن النبي عل الله فيما رواه عن ربه عز وجل قال إن النظر سهم من سهام إبليس مسموم من تركه مخافتى أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه وما من شك فى أن على المرأة مسئولية كبيرة مسئولية تؤدى بها إلى غضب الله ومقته إذا لم تتب وترجع إلى الله محتشمة متأدبة بآداب الإسلام وعلى الرجل أيضا مسئولية مزدوجة هي مسئولية الراعى وكل راع مسئول عن رعيته ومسئولية النظر الذى يجب أن يكفه عن محارم الله فإذا قام الرجل بمسئوليته فقد أرضى الله ورسوله
في الحيض والجنابة بالنسبة للمرأة
الحيض والجنابة وما إلى ذلك لا يؤثر فى التصرفات العادية وإذا كان الحيض يمنع المرأة من الصلاة حيث خفف الله عنها وأسقطها ولم يطالبها بالقضاء ويمنع من الصوم مع وجوب قضاء ما أفطرته من الأيام فإنه لا يمنع من مؤاكلة الحائض الرجل والنوم بجانبه والاستمتاع بكل شيء
فيها ما عدا الصلة الجنسية
جسم
والحيض أو الجنابة أمر حكمى ولا يتسبب في الحكم نجاسة الحائض أو الجنب أو تسببهما في نجاسة ما تمتد إليه أيديهما
وقد لقي النبي الله أحد الصحابة فتهرب منه فسأله عن السبب في ذلك فقال كنت جنباً فكرهت أن ألامسك فقال إن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتاً وكذلك المؤمنة لا تنجس بالحيض فلا مانع من إحضار المرأة لزوجها ماء الوضوء بل من الواجب عليها ذلك حيث فرض الله عليها طاعة زوجها قال لو كنت أمرا أحدا بالسجود لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها وقال عن خير النساء إنها تسرك إذا نظرت وتطيعك إذا أمرت ولا تخالفك في نفسك ومالك بما تكره
کی شعر المرأة هل يؤثر فى الوضوء مع ملاحظة أنها تكويه بنفسها
کی شعر المرأة لم يذكر في نواقض الوضوء عند الفقهاء مادامت المرأة هي التي تكويه بنفسها والأمر الهام فى كى الشعر ليس هو أن ينقض الكى الوضوء أو لا ينقضه وإنما هو في الكي أن تكوى المرأة شعرها أولا تستسيغه
نفسه هل تستسيخ
14
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله الله يقول يكون في آخر أمتى رجال يركبون على سرج كأشباه الرجال وينزلون على أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهن كأسنمة البخت العجاف العنوهن فإنهن ملعونات وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنهما قال لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله والوشم هو الدق والتنمص هو اقتلاع الشعر والتفلج الأخذ من الأسنان تحديداً أو ترقيعاً
فلما قال ذلك عبد الله بن مسعود قامت امرأة تعترض مستفسرة فقال رضى الله عنه ومالى لا ألعن من لعنه رسول الله الا الله وقد قال الله في كتابه
وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
من هذه الأحاديث ومن غيرها نأخذ أن ضياع الوقت في كي الشعر أمر لا تستسيغه الشريعة أما إذا ذهبت المرأة إلى صالون الحلاق وأسلمت نفسها إلى الرجل يجول في شعرها بيديه فإن ذلك حرام ناقض للوضوء
في الغسل وتخليل الشعر المكوى
هذا الموضوع له شقان
أما الأول منهما
فهو ذهاب المرأة إلى من يكوى شعرها والحكم فى هذا لا غموض فيه من ناحية الشرع أحد وهو أن المرأة لا يجوز لها أن تسلم رأسها إلى رجل يجول بيده في
ولا يمكن أن يمارى فيه شعره كما تشاء له مهنته
أما الشق الآخر فهو تخليل الشعر نقول لا فرق بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بوجوب تخليل
الشعر حتى يظن الإنسان أنه قد أروى بشرته ثم يفيض على رأسه الماء بعد ذلك
ولقد روى الإمام البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله الله إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم اغتسل يخلل بيده شعره حتى إذا أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده ولكن الحديث
ظن
خاص بالرجل
6
ويروى يحيى عن مالك أنه بلغه أن عائشة رضى الله عنها سئلت عن غسل المرأة من الجنابة فقالت لتحفن على رأسها ثلاث حفنات من الماء
۱۸۱
ولم تقتصر السيدة عائشة رضوان الله عليها على ذلك بل أضافت قائلة ولتضغث رأسها بيديها وتفسير معنى تضغث رأسها بيديها يقول ابن الأثير الضغث معالجة شعر الرأس باليد عند الغسل كأنها تخلط بعضه ببعض ليدخل فيه الغسول
والماء
وروى الإمام مسلم بسنده عن السيدة عائشة أن أسماء سألت النبي الله عن المحيض فكان فيما
قال لا
ه ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شئون رأسها ثم تصب عليها الماء وقوله شئون رأسها معناه أصول شعر رأسها
بالنسبة للنساء هل تعليق المصحف و به سور من القرآن الكريم
والدخول به مثلا دورات المياه حرام
وأيضا بالنسبة إلى حجرة النوم
قال تعالى في سورة الواقعة
إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون وقد استنبط العلماء من ذلك عدم جواز مس المصحف إلا على طهارة وقد روى عن سلمان رضى الله عنه قال لا يمس القرآن إلا المطهرون فقرأ القرآن ولم يمس المصحف ولم يكن على وضوء وقد ورد ما يؤيد ذلك في قصة إسلام عمر حيث قال لأخته أعطيني الصحيفة التي بيدك فقالت إنك نجس وأنه لا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل وتوضأ فاغتسل وتوضأ ثم أخذ الصحيفة فقرأها وروى عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر مثل ذلك وقد ثبت في أخبار متظاهرة عن النبي أنه كتب في كتابه لعمرو بن حزم لا يمس القرآن إلا طاهر واستثنى العلماء من لا يستغنى عن مس المصحف في أغلب أوقاته أو كلها كمعلم القرآن ومتعلم القرآن فيجوز لهما
مس المصحف على غير وضوء
ذلك
من
أما تعليق آية من القرآن أو المصحف فينبغى أن يكون ما يعلق من ذلك في حرز ساتر كجلد ملفوف حوله أو قماش سميك وحينئذ يكون بعيداً عن مسه مباشرة أو حمله على غير طهارة أو حصول الأذى بدخول دورة المياه به وبدون ذلك لا يجوز دخول دورة المياه به مطلقاً ولو قصد الداخل الاستهانة أو عدم الاحترام له كَفَر بذلك وتعليقه على غير طهارة لا يجوز على
۱۸
الراجح والمقصود من ذلك كله صيانة القرآن من كل النواحى من ناحية لفظه ومن ناحية تعاليمه ومن ناحية الاحترام القلبي والعملي له ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم
في عمل المرأة
لا يمنع أحد المرأة من العمل خارج منزلها إذا كانت مضطرة إلى ذلك أما إذا أفاء الله عليها من نعمته فإن فى منزلها وفى تربية أولادها والعمل على توفير السعادة لأسرتها ما يشغلها طول الوقت
وما من شك فى أن هذه المهانة التي تتعرض لها المرأة فى عملها تسيء إلى كل قلب ينبض
بالرحمة
وما من شك في أن هذا التبرج الذي تظهر به المرأة العاملة يسيء إلى كل قلب ينبض بالفضيلة
والتقوى
وفى دولة الباكستان تتعلم الفتاة وتتثقف ثم تعنى بالأسرة ولا يكاد يجد الإنسان في الباكستان امرأة عاملة وملابسهن هناك واسعة فضفاضة وفى السعودية الأمر كذلك وحينما كانت الدولة الإسلامية عالية الصوت عزيزة الجانب قوية مرهوبة لم تكن المرأة موظفة أو متبرجة أو مطالبة بتعديل شريعة فيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية المرأة تعمل إذا كانت مضطرة فإذا لم تكن مضطرة ففى أسرتها ما يشغل وقتها في عمل نافع
مفيد للمجتمع
في وجود أولياء الله النساء
من
لا مانع شرعاً من وجود أولياء الله من النساء فشروط الولاية في الإسلام معروفة ذكرها القرآن الكريم ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون والإيمان والتقوى مطلوبان من الرجال والنساء وباب الاجتهاد فيها مفتوح للجميع للرجال والنساء فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ولقد جاء القرآن بولاية كثير من النساء وظهور الكرامات لهن تأييداً لموقفهن الإيماني ودليلا على مدى ما وصلن إليه فى طريق الولاية ومن أبرز هؤلاء مريم ابنة عمران التي أ أحصنت فرجها فخاطبتها الملائكة إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين
۱۸۳
فلما ولدت المسيح عليه السلام قال قومها يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا فأشارت إليه فخاطبهم وهو غلام كرامة لها ورفعاً للسوء عنها ومريم هذه كان يأتيها الرزق في المسجد كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً إلخ
وآسية امرأة فرعون وقد ذكرها الله فى القرآن وضرب بها المثل وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين
وفى تاريخنا الإسلامى كثير من النساء اللاتى بلغن مرتبة الولاية منهن السيدة نفيسة رضى الله
أن
عنها وكانت عالمة عاملة وشهرتها في العلم معروفة وشهرتها في الولاية معروفة أيضًا والسيدة رابعة العدوية - رضى الله عنها - كانت صائمة النهار قائمة الليل وهى التي تجردت في عبادتها عن أ يكون لها طلب من دخول جنة أو بعد عن نار وهى التي تقول ما معناه اللهم إن كنت أعبدك طمعاً في جنتك فاحرمني منها وإن كنت أعبدك خوفاً من نارك فأدخلني فيها أما إن كنت أعبدك لوجهك الكريم فلا تحرمنى رؤيته يا أرحم الراحمين
في ذهاب النساء إلى المساجد
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله
لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن
وعن ابن مسعود قال قال رسول ا
رواه أبو داود بإسناد صحيح
صلاة المرأة فى بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها
رواه أبو داود
في بيتها عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال رسول الله لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنكم فقال بلال والله لمنعهن فقال له عبد الله أقول قال رسول الله الا الله وتقول أنت لمنعهن فما كلمه عبد الله حتى مات
عن ابن عمر قال قال النبي الله
إذا
مسلم وغيره
استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها
متفق عليه
١٨٥
الفتيات فى مثل هذا الموقف التأكد من جدية القراءة ومنع كل خروج عن حدودها من النساء والإسلام بذلك لا يسد على المرأة بابًا من أبواب الخير تتسع له طاقتها وتؤهلها له إمكانياتها
وإنما يقف بها عند حدود الدين والأخلاق
هل كان للمرأة دور الجهاد أيام رسول الله
إن عبء الحرب كان يقع على عاتق الرجال كما هو الأمر الآن وما خلقت النساء للحرب ولكن لهن في الحرب دور مشكور هو دور العون والتمريض وإسعاف الجرحى وما يماثل ذلك من الخدمات وقد كانت المرأة في عهد الرسول عل تجاهد حسبما تستطيع ولقد كانت تعمل الأعمال التي تناسبها فعن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت
غزوت مع رسول الله له سبع غزوات أخلفهم فى رحالهم وأصنع لهم الطعام
وأداوى الجرحى وأقوم على المرضى
وتقول بنت معوذ رضي الله عنها
كنا نغزو مع رسول الله نسقى القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة وأحياناً كانت الظروف تضطر اضطراراً للمشاركة فى الحرب الفعلية فعن أم سعد بنت سعد بن الربيع رضي الله عنها قالت دخلت على أم عمارة رضى الله عنهما فقلت لها يا خالة أخبرينى خبرك فقالت خرجت يوم أحد أول النهار أنظر ما يصنع الناس ومعى سقاء فيه ماء فانتهيت إلى رسول الله وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين فلما انكشف المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمى عن القوس حتى خلصت الجراح إلى قالت فرأيت على عاتقها جرحاً أجوف له غور فقلت لها من أصابك بهذا قالت ابن قمئة أقماه الله لما ولى الناس عن رسول الله الله أقبل يقول دلونى على محمد - - لا نجوت إن نجا فاعترضت له ا ومصعب بن عمير رضى الله عنه وأناس ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربني هذه الضربة ولقد ضربته على ذلك ضربات لكن عدو الله كانت عليه درعان
أنا
وقال الرسول الله و ما التفت يمينا ولا شمالا إلا وأراها تقاتل دونى وعن عباد قال كانت صفية بنت عبد المطلب فى حصن فمر رجل من اليهود فجعل يطوف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين الرسول الله من عهود تقول
١٨٦
صفية وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا ورسول الله الا الله وأصحابه في مواجهة العدو ولا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا
فلما رأيت اليهودى يطوف بالحصن قالت ما آمنه أن يدل على عوراتنا من وراءنا من اليهود وقد شغل رسول الله ثم أخذت عموداً ثم نزلت إليه من الحصن فضربته بالعمود حتى قتلته فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن
هل تستحم المرأة وهي حائض
نعم تستطيع المرأة وهي حائض أن تستحم وتغسل ملابسها وتعيد تصفيف شعرها وليس في ذلك ضرر لأنه نظافة والنظافة من الإيمان واستحمامها لا يطهرها من الحيض لأن الحيض أقله ثلاثة أيام أوسطه خمسة أيام وأكثره عشرة أيام بعد ذلك يكون استحمامها طهراً لها لأنها ترفع عنها الصلاة ولكن الصوم يبقى عليها بعد الطهر
هل الرسول هو المأمور وحده بحجب زوجاته
أو أن الأمر يشمل المسلمين جميعاً
نريد بتوفيق الله أن نقول أولا إنه ليس معنى الحجاب في الإسلام أن لا تعمل المرأة إذا كانت مضطرة للعمل فقد أباح لها الإسلام أن تعمل عندما تقتضيها الحاجة وأباح لها الإسلام أن تتصرف في أموالها بالتجارة أو ببناء العمارات أو بغير ذلك من أنواع التصرف وإنما المعنى الحقيقى للحجاب في الإسلام هو إبعاد جو الفتنة وجو الشر عن طريق المرأة وعن طريق الرجل ومن معانى الحجاب إذن في الإسلام عدم التبرج وعدم تعمد إظهار الزينة إلا للزوج أو المحارم يقول الله تعالى وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم
تفلحون
ومن ضروب الإيقاع في الفتنة التي حرمها الإسلام أن يخلو رجل بامرأة والحجاب بهذا المعنى
۱۸۷
ليس خاصا بأزواج النبي وإنما هو عام يشمل المسلمين جميعاً يقول الله تعالى يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن
فلا يؤذين
ويقول رسول الله ما معناه حينما يخلو الرجل بامرأة يكون الشيطان ثالثهما والحجاب بالمعاني التي ذكرناها واجب على جميع المسلمين
في مصافحة النساء
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصافح من النساء إلا زوجاته أمهات المؤمنين ومحارمه رضى الله عنهن ولا تجوز ملامسة الرجل للمرأة ولا ملامسة المرأة للرجل إلا عند الضرورة القصوى كعلاج الرجل للمرأة أو كشفه عليها وعلاج المرأة للرجل أو قيامها بالكشف عليه إذا لم يكن هناك من يصلح للقيام بهذه المهمة سوى الذى تعينت في حقه منهما وسنة رسول الله له أولى بالاتباع أن مصافحة المرأة للرجل لا تكون إلا عند السلام غالباً والسلام سنة والسنة لابد من مراعاة الآداب الإسلامية فى أدائها
على
في حقوق المرأة
إن الإسلام أعطى المرأة حقوقاً لم يعطها لها نظام من قبله ولقد أوصى بالنساء خيراً في كثير من الأحاديث الشريفة وأوصى بهن خيراً في حجة الوداع ويقول الله تعالى وعاشروهن بالمعروف
وفى مقابل الحقوق التي للمرأة جعل الله عليها واجبات وهى أن تحفظ الزوج في ماله وعرضه وولده وبيته وألا تخرج إلا بإذنه فإذا هجرت زوجها إلى بيت لمدة تعد بالشهور من غير إذن زوجها فهي آئمة عاصية وليس على زوجها بالنسبة لها حقوق فى هذه الحالة والحل الذى يراه الإسلام فى مثل هذه الحال واضح في قوله تعالى
وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليها خبيراً فالإسلام في مثل هذه الحالة محافظة على الحياة الزوجية وعلى دوامها وإزالة لأسباب النزاع
۱۸۸
يأمر بتكوين لجنة من حكمين أحدهما من قبل الزوج والآخر من قبل الزوجة لبحث أسباب الخلاف والشقاق ودرس الحالة من جميع نواحيها ثم تقترح في ضوء التعاليم الإسلامية ما يزيل الشقاق والنزاع
أما إذا كانت أسباب الشقاق والنزاع متأصلة متمكنة بحيث لا يتأتى زوالها فإن أبغض الحلال إلى الله - وهو الطلاق – يكون الفاصل بينهما
في حكم امرأة تستعمل أحمر الشفاه وتتزين
من حق المرأة أن تتزين وأن تتمتع بجمالها وزينتها وهذا يدخل تحت قول الله تعالى قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق
لكن هذا مشروط بأن يكون تزينها لزوجها فقط ولا تظهر به أمام أحد سواه لأن هذا خروج عن تعاليم الشرع وقد حددت الآية الشريفة ذلك قال تعالى في سورة النور وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن إلى آخر الآية
وروى الترمذي عن أبي موسى رضى الله عنه عن النبي عل الله أنه قال كل عين زانية والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعنى زانية وروى الترمذى أيضاً عن ميمونة د أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الرافلة فى الزينة فى غير أهلها كمثل ظلمة يوم القيامة
بنت سعد
لا نور لها
والهدف الإسلامي من ضرورة أن تحتشم المرأة إنما هو منع الفتنة خصوصاً بين الشباب والشابات وهم فى الدور الذى يسهل فيه الافتتان والانحراف والزينة في نفسها غير محرمة والله جميل يحب الجمال ولكن يجب أن يكون المقصود للمرأة من زينتها زوجها
في فتوى بجريدة أخبار اليوم بعنوان المرأة والقضاء والإفتاء والتبرج بتاريخ ١٣ أغسطس ١٩٦٤
المرأة شأنها شأن الرجل كل منهما يصلح أن يكون مفتياً فى أمور الدين في أي عصر من العصور مادام كل منهما قد تسلح بالعلوم التي تؤهله لأن يكون متبعاً ومعلماً في تلك العلوم بل من كان
في الوصى على أولاد قصر هل يُخرج الزكاة
نعم يلزمه أن يُخرج زكاة مال الأولاد القصر الذين تولى أمورهم بطريق أموالهم لأن الزكاة حق الله سبحانه وتعالى وحق الله يجب أداؤه وإلا فإن القانون الإسلامي يبيح للحاكم حينئذ
أخذه بطريق الإكراه ولو بالسيف قال لا أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منى
دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله رواه البخاري ومسلم وعدم أدائها قصداً يفسق به الولى فيعزل عن ولاية هؤلاء القصر لأنه قد ولى عليهم وعليه واجبان واجب الحرج عنهم بأداء ما وجب فى أموالهم وواجب تثمير أموالهم حسبما ينبغى في ذلك المال الذى تحت يديه قال رسول الله من ولى يتيماً له مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة رواه الترمذي
والدارقطني
يوم
في من لم يخرج الزكاة في عيد الفطر
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم وجد لديه من المال ما يزيد عن حاجته وحاجة من تلزمه نفقته العيد وليلته ويخرجها عن نفسه وعن كل من تلزمه نفقته من ذكر وأنثى من المسلمين
ويقول ابن عمر رضى الله عنهما فيما رواه البخارى ومسلم
فرض رسول الله لا زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين ويجوز أن يخرجها الإنسان بمجرد الدخول في شهر رمضان ويكون عنده شهر رمضان كله فرصة لإخراجها والوقت المستحب للإخراج هو يوم العيد فقد روى البيهقي والدارقطني عن ابن عمر رضى الله عنهما قال فرض رسول الله الله زكاة الفطر وقال ٥ اغنوهم فى هذا اليوم وفى رواية البيهقي اغنوهم عن طواف هذا اليوم وصدقة الفطر حق الله سبحانه وتعالى وهى كأى حق من حقوق الله لا تسقط بفوات وقتها وإنما تستمر ديناً على من لم يؤدها ويكون فى تأخيرها إثم على من أخرها وعليه أن يعمل على أدائها
۱۸۹
عالماً بمسألة من مسائل الدين وسئل فيها عليه أن يفتى ونجيب من سأله والشواهد على ذلك في الإسلام كثيرة فقد كان في أمهات المؤمنين من يفتى فهذه عائشة رضي الله عنها كانت مرجعاً من مراجع الصحابة يرجع إليها عند اختلافهم فى بعض مسائل الدين فروى أنها كانت تزور قبر أخيها عبد الرحمن فقيل لها ألم ينه النبي الله عن زيارة القبور فقالت رضى الله عنها ه ثم أمر بها وقد سألها عروة بن الزبير عن قوله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما وقد فهم فيها أنها لا تفيد فرضية السعى بين الصفا والمروة فأجابته لو كان المقصود منها ما فهمت لقال فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ثم ذكرت له سبب النزول وعلى حال عائشة أمهات المؤمنين وفضليات التابعين كسكينة بنت الحسين بن على وغير ذلك كثير وإننا إذ ذكرنا ضرورة تسلحها بسلاح العلم فنذكر أنه لابد من شرط آخر وهو مواجهتها للمجتمع فى زى شرعى بحيث تكون ساترة لعورتها غير مظهرة لزينتها وأن يوجد ما يحول
بينها وبين ما يؤدى إلى الفتنة بها وكانت عائشة تسدل الحجاب بينها وبين من يسألها وبما ذكرنا من صلاحية المرأة للفتوى في أمور الدين إذا كانت متسلحة بسلاح العلم يتبين لنا الغرض من إنشاء كلية البنات الإسلامية وهى تخرج طائفة من النساء تكون مماثلة لتلك الطائفة من الرجال وبذلك تتمكن تلك الطائفة من إرشاد النساء إلى أمور الدين وأحكام الشريعة وهذا بدون شك يكون أثره بالنسبة للنساء أجدى وأنفع وكلية البنات بمناهجها التي هي عليها الآن تمكن المرأة من أن تقوم بمهمة الوعظ الديني كما ذكرنا وأن المرأة في صدر الإسلام كانت تقوم بالإفتاء وكانت عائشة رضي الله عنها متصدرة للفتوى وكانت عالمة بالكتاب والسنة مسلحة بسلاح العلم النبوي الشريف والمرأة في العصر الحاضر وإن كانت لا تصل إلى منزلة عائشة فالرجال فى هذا العصر لا يصلون إلى منزلة رجال السلف فإذا ما تعلمت المرأة تعليماً مناسباً لتعليم الرجال قامت بالفتوى هي أيضاً كما يقوم الرجال بالشرط الذي ذكرناه
أما قضاء المرأة في الأمور المدنية فهو كقضائها فى الأمور الشرعية وذلك قد اختلف فيه الفقهاء فالأئمة الثلاثة على منعه لقول النبي لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة وأبو حنيفة أجاز ذلك قياساً على جواز شهادتها وذلك أن الشهادة نوع من الولاية فيكون القضاء كذلك إلا فى الحدود والقصاص وعلى ذلك يكون الخلاف في القضاء المدنى بالنسبة
น
۱۹۰
أما ما يُذكر من أن صوت المرأة عورة فليس ذلك بمسلم على إطلاقه وإنما يكون عورة إذا وقع فيه تكسر وإثارة في نفس السامع داعية للشهوة وهو فى تلك الحال يكون محرما في قضاء وفى غيره من الأمور العادية مثل ما يقع فى البيع والشراء الذى يباح لها وأما ما يتعلق بعلاج المرأة في زينتها فليس العلاج إلا لأجد رجلين أولهما الحاكم الرادع فإن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن والرجل الثانى ولى أمر تلك المرأة من أب وأخ وزوج فكل واحد من الفريقين راع ومسئول عن رعيته
و مشکل مرضى الله عنه في معاملة غير المسامين
في معاملة غير المسلمين
كتب الدكتور ميجيل دى ايبالثا سكرتير عام جمعية الصداقة الإسلامية – المسيحية إلى الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الإسلام يسأله مشاركة الأزهر فى مؤتمر قرطبة العالمي الإسلامي - المسيحى الثالث خلال عام ۱۹۷۹ وأرى من الأمانة أن أسجل هنا نص الرسالتين المتبادلتين بين الإمام الأكبر والدكتور ميجيل ايبالثا لأن في ذلك ما يلى أولا توضيح وجهة النظر الإسلامية من أكبر مرجع دينى إسلامي
ثانياً وضع الأسس السليمة لأى تقارب إسلامي مسيحى يقول الدكتور ايبالثا في رسالته إلى الإمام الأكبر شيخ الإسلام
العربية
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد المحترم صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر – القاهرة – جمهورية مصر
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
وبعد
يشرح
فيسر جمعية الصداقة الإسلامية - المسيحية في مدريد أن تتوجه إلى فضيلتكم لتشرف بإخباركم بما استقر عليه الرأى من انعقاد مؤتمر قرطبة العالمى الإسلامي – المسيحى الثالث خلال عام ۱۹۷۹ م إن شاء الله وقد رأت إدارة الجمعية اختيار موضوع محمد وعيسى ملهمان للقيم الاجتماعية المعاصرة ليكون محور اللقاء الإسلامي - المسيحي المقبل والمقصود أن المسلمون كيف يعبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن هذه القيمة المعاصرة بالنسبة لمسلمى اليوم سواء برسالته وعقيدته ودعوته أو بشخصيته وسلوكه ونفسيته المثالية في حين يشرح المسيحيون كيف يعبر عيسى عليه السلام عن القيم الاجتماعية نفسها عن مسيحى اليوم أن يدرس هذا الموضوع مجموعة ممن يعيشون في مجتمع متكافل يعيش بالمودة والوفاق وإن اختلفت عقائد مواطنيه وتنوعت أديانهم
ورغبتنا
١٩٤
وسوف يتولى عملية تنظيم وإعداد المؤتمر من الجانب المسيحى الكليات المتخصصة في علوم اللاهوت - نذكر منها بصفة خاصة - كلية اللاهوت بمدريد والجامعة البابوية في روما ويعد الموضوع - بمشيئة الله من الجانب الإسلامى الجامعات المتخصصة في بعض البلدان الإسلامية ومؤسسات إسلامية وشخصيات مسلمة يستوى فى ذلك من يعيشون داخل إسبانيا ومن يقيمون خارجها
وهى
ونعتقد أنه من الممكن دراسة رءوس الموضوعات التالية فى نطاق الموضوع العام للملتقى
الحرية والعدالة والمساواة فى مختلف مظاهرها وجوانبها المتعددة في هذا الدين أو ذاك ولا يعنى هذا - بطبيعة الحال - أن هذه هي الكلمة النهائية على العكس نحن نتوجه إليكم منذ الآن وفي لحظة نشأة الفكرة آملين أن تثروا الموضوع بما تقترحونه وأن تتفضلو بإضافة ماترونه مفيداً ونافعاً ولسنا نشك فى أنكم ستزودوننا بسديد الرأى وصائبه - بإذن الله - فأنتم أدرى بهذا الحقل منا ولكم في هذا الميدان خبرة قد لا تتوافر للكثيرين بحكم احتكاكم بالمجتمعات وجهودكم في القارات المختلفة
وقد سبق
المسيحي
شرفتمونا حين تفضلتم بإيفاد وفد مثل بلادكم فى مؤتمر قرطبة الإسلامي -
الأول الذي عقد في عام ١٩٧٤ م
وما نبغيه في هذه المرحلة - مرحلة الإعداد والدراسة - هو النصيحة وتبادل الرأى والاستفادة بالمشورة دون إلزام أو التزام بحضور المؤتمر وسوف نتصل بكم في مرحلة أخرى – إن
شاء الله - من أجل توجيه الدعوة لحضور جلسات الملتقى نفسه إذا رغبتم في ذلك وفى انتظار كريم ردكم نرجو أن تتقبلو خالص تحياتنا وأطيب أمنياتنا بالصحة والسعادة وسلام الله عليكم وتحياته ورحمته وبركاته
د ميجيل ايبالتا سكرتير عام جمعية الصداقة
مدريد أبريل ۱۹۷۸ م
الإسلامية – المسيحية
وقد رد الإمام الأكبر على الدكتور ميجيل موضحاً وجهة نظره بالنسبة لهذا المؤتمر وغيره من
المؤتمرات المشابهة بما يأتي
الله الرحمن الرحيم
مكتب الإمام الأكبر
الأزهر
الأزهر
السيد المحترم
تحية طيبة
د
میجیل دی ایبالتا
وبعد
۱۹۵
فقد وصلني خطابكم المؤرخ فى أبريل ۱۹۷۸
وإلى أشكر لكم هذه الرغبة في التفاهم بين المسلمين والمسيحيين وإثراء الفكر المعاصر بالحلول التي أوحاها الله تعالى إلى محمد وعيسى صلى الله عليهما وسلم وذلك فيما يتعلق بالمشاكل المعاصرة وقد وصلتنى أخبار المؤتمرين السابقين
وأحب أن أنبه فى مودة ومن أجل تفاهم عميق إلى بعض الأمور
1 - إن الإسلام - منذ أن بدا - خالف الجو العالمى اليهودى والوثني في أمر عيسى عليه السلام لقد أعلن الإسلام مباشرة تقديره واحترامه لعيسى وأمه أما عيسى عليه السلام فهو وجيه في الدنيا والآخرة وأما أمه فهى صديقة ووجود عيسى عليه السلام جزء من إيمان المسلم وبراءة أمه وطهرها جزء من إيمان المسلم ولم يقف الإسلام من عيسى عليه السلام ومن أمه موقف اليهود الذين مازالوا على موقفهم إلى الآن من عيسى وأمه لقد افتروا – ومازالوا – على عيسى وعلى ورموهما بيتان شنيع أما الإسلام فإنه مجدهما ومازال مستمرا في تجميده لهما فماذا لقى المسلمون من المسيحيين في مقابل ذلك
i
٢ - إنه لابد من الاعتراف بالدين الإسلامى وبرسوله حتى ينال المسلمون في أوربا ما يناله اليهود من الاعتراف بأعيادهم وبشعائرهم وإنه لا يتأتى التفاهم بين أتباع رسول يحترمه المسلمون وهو عيسى عليه السلام وأتباع رسول لا يعترف به المسيحيون وهو محمد - إن المسلمين والمسيحيين يعملون على مقاومة الانحراف والانحلال والمادية والإلحاد وكان أن يسيروا فى خط متعاون متساند ضد التيارات المنحرفة للأسف ولكن
يجب
يسير
المسيحيون في طريق تنصير المسلمين بقوة فهم يعملون ليل نهار على أن ينصروا المسلمين في كل
مكان في العالم
١٩٦
وكل الدول الغربية وأمريكا ترسل إرساليات لتنصير المسلمين بأسلوب مكشوف واضح أو بأسلوب خفى مستور ويضيق المسلمون بذلك ضيقاً شديداً وبرغم ذلك فإن ملايين الجنيهات تنفق في سعة للتنصير بكل الطرق
ومما هو ملاحظ أن الدول الإسلامية ليس لها إرساليات تبشيرية وقد أرسل المسيح عليه السلام لهداية خراف بنى إسرائيل الضالة ومع ذلك فإن المسيحيين تركوا خراف بني إسرائيل الضالة وأخذوا يعملون على تنصير المسلمين تساعدهم الثروة وتساعدهم وسائل الحضارة
الحديثة
ولو حصروا نشاطهم على تنصير الوثنيين لما أثار ذلك ضيق المسلمين الشديد وكراهيتهم للأسلوب ولموضوع التنصير نفسه ٤ - والمسلمون أقليات في بعض الأقطار مثل الفلبين وهذه الأقليات المسلمة يُنكل بها باسم المسيحية تؤخذ أرضها وييتم أطفالها ويترمل نساؤها ولاتجد إلا ارتياحاً في نفوس الأغلبية المسيحية ونحب أن ينتهى التنكيل بالمسلمين في الأقطار التي بها الأغلبية المسيحية ونحب أن ينتهى ذلك إنسانية وديناً
ه - وفى المؤتمرات التي تعقد في إسبانيا وغيرها هناك أسلوبان للحديث 1 الترام العقل وفى هذا يتحلل المسيحيون من مبادئ دينهم فيتناولون المسيح عليه السلام وأمه بالأسلوب العقلى فيكون موقفهم منهما موقف اليهود يقولون على مريم وعلى ابنها ما يضيق به المسيحيون ضيقاً شديدًا ويقولون على المسيحية نفسها ما يضيق به المسيحيون ضيقاً شديداً ولكن المسلمين في هذه المؤتمرات يتبعون مبادئ دينهم فيحترمون المسيح عليه السلام وأمه أما المسيحيون فإن بعضهم لا يبالى فيتحدث عن رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام بما يضيق به المسلمون فلا تكون هذه المؤتمرات وسائل تفاهم وإنما تكون وسائل تنافر وذلك كما حدث في المؤتمرين السابقين من بعض المسيحيين
ب التزام ما تمليه روح التفاهم فلا يساء إلى المسلمين في مقدساتهم ٦ - ونحن من جانبنا قد قدمنا أسس التفاهم واضحة سافرة احترام المسيح عليه السلام
واحترام أمه عليها السلام
فماذا قدم المسيحيون لاشيء
بل على العكس من ذلك لقد هاجموا ومازالوا يهاجمون رسول الإسلام فهل يمكن مع ذلك
التفاهم
۱۹۷
- وأحب أن أقول إن الإسلام هو العامل الأكبر فى تثبيت المسيحية حين اعترف بوجود المسيح عليه السلام وحين برأ أمه ومع ذلك فقد قوبل بجحود لا مثيل له ومازال يقابل بهذا الجحود من المسيحيين على أكبر خدمة أديت للمسيح عليه السلام
وبعد
فإني أحب صادقاً أن نتعاون في صد كل انحراف وأحب أن أقول إنه لولا تقديرى لكم لما كتبت لكم هذا وإننى يسرني أن أقرأ لكم وسأتحدث إليكم عن رأيي في موضوع المؤتمر في المستقبل إن شاء الله ولكم تحيتي وتقديري
عبد الحليم محمود
شيخ الأزهر
هل يجوز لمسلم أن يدعو غير مسلم إلى حفل عقد قرانه
أو فى حفل ميلاد ابنه
إن الصلة بين المسلم وغير المسلم في البر والعدل والتعامل مؤسسة على قوله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب
إخراجكم
هم
الظالمون
المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك وعلى هذا الأساس يجوز للمسلم أن يدعو غير المسلم إلى حفل عقد قرانه وإلى حفل ميلاد ابنه مادام غير المسلم لم يؤذ المسلمين ولم يقاتلهم في الدين أما إذا كان غير المسلم من الذين يؤذون المسلمين في دينهم أو في أمورهم الأخرى كالتجارة والصناعة لا يجوز للمسلم أن يدعوه إلى حفل عقد قرانه أو حفل ميلاد ابنه وذلك أن هذه الدعوة إنما هي إعلان عن المودة وعن الصلة الوثيقة ولا يجوز أن يكون بين المسلم ومن يؤذى المسلمين صلة مودة لقوله تعالى لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها رضى الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب
المفلحون
الله
هم
والله أعلم
۱۹۸
في العلاقات بين المسلم وغير المسلم
إن دين الإسلام يعمل دائماً لتوثيق الروابط بين المجتمع البشرى أفراده وجماعاته عملا بقوله
تعالى
يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ويقول سبحانه لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين
وعلى هذا فإن المؤمن يكون شأنه آلفا مألوفاً كما قال ع ل الله المؤمن آلف مألوف ولا خير في من لا يألف ولا يُؤلف فهو يعمل دائماً لجذب القلوب إليه لعلها تهتدى على يديه وإذن فلا مانع من حضور حفلات ميلاد أولاد غير المسلمين تأليفاً لقلوبهم وتطيبيبا لخاطرهم مالم تكن هناك منكرات مثل شرب الخمر والرقص والاختلاط المشين أو أي شيء آخر يحرمه الدين فإذا وجد مثل ذلك فحضور هذه الحفلات يحرم لما فيها من الاشتراك فى الإثم
في ذهاب المسلم إلى الكنيسة
معاملة المسيحيين بالحسنى مطلوبة لأن الدين الإسلامي لا تعصب فيه وأساس ذلك قوله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين
بهم
بهم
والآيات التي تنهي عن موالاة الكافرين أو غير المسلمين إنما هي فيا إذا حاربوا المسلمين أو كانت العلاقة بهم على حساب مصلحة الإسلام وأهله وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم ومن تابعهم من المؤمنين يعاملون المسيحيين وغيرهم من المذميين بالحسنى ويرفقون ويخافون من أن يمسوهم بظلم أو يلحقوا أي أذى فهذا عمر رضي الله عنه يعطى أهل بيت المقدس الأمان ويسير حتى يدخل كنيسة القيامة ويحين وقت الصلاة فيقول للبطريرك أريد الصلاة - فيقول له صل موضعك - فامتنع وصلى على الدرجة التي على باب الكنيسة منفرداً فلما قضى صلاته قال للبطريرك لوصليت داخل الكنيسة أخذها المسلمون من بعدى وقالوا هنا صلى عمر على أن هذه العلاقة خاصة فيما يتصل بالذهاب إلى الكنائس والأديرة مشروطة بألا تؤدى إلى الميل إليهم أو التهاون معهم فيما يتصل بتقرير الحقائق التي جاء بها القرآن وجاءت بها السنة فإن
۱۹۹
أدت إلى شيء ذلك وجب على المسلم الابتعاد حرصاً على دينه أولا وعلى حسن معاملة إخوانه من أهل الذمة ثانياً يقول الله من آذى ذميا فأنا خصمه ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة
المسيحية في العصر الراهن
هل المسيحية في عصرنا هي المسيحية التي كانت في عصر الرسول الله أو هي المسيحية المبدلة المغيرة التى تشوه أصلها الحقيقى بالتثليث والاشتراك وما إلى ذلك مما هو معروف ويرى بعض الصحابة كابن عمر أن المسيحية واليهودية من المشركات لقولهم في الله مالا يليق به فلا يجوز نكاح واحدة منهن والراجح جواز نكاحهن هذا ويجوز للحاكم المنع من ذلك لظروف خاصة وإذا خشى من ذلك ضرراً قد يسيء إلى المسلمين - أو إلى من يتزوج بواحدة من الكتابيات ويستثنى الإمام الشافعي من الكتابيات من تخالف أهل دينها فى أصل ما يحلون من ! أي من تخرج على أصول دينهم أن الكتابية التي يجوز نكاحها إذا نكحها المسلم كالمسلمة فيما لها وما عليها إلا أنهما لا يتوارثان - يجبرها زوجها المسلم على الغسل من الحيض والجنابة والتنظف ويمنعها من الكنيسة والخروج إلى الأعياد ويمنعها من شرب الخمر وأكل الخنزير وبالجملة يتصرف معها في المنع والأمر كما يتصرف المسلمة سواء بسواء
ويحرمون
لهم
ویری
مع
في أكل طعام أهل الكتاب
الكتاب
قال تعالى اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل
وقال لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ولا خلاف بين العلماء في جواز أكل طعامهم الذى لاصنعة فيه كالفاكهة والخضراوات ونحوها وكذلك ما فيه محاولة صنعة لا تعلق للدين بها كخبز الدقيق وعصر الزيت وطهى الطعام ونحو ذلك
وهى على كل حال دين في ذمته يستمر حتى تؤدى ولو فى آخر العمر وإذا مات قبل يؤديها فعلى ورثته أن تخرجها من تركته قبل تقسيمها
فعلى كل من لم يؤد زكاة الفطر من المسلمين أن يخرجها الآن فإنها مطهرة للصائم من اللغو
والرفث
في الأعياد والصدقة
إن أعيادنا الإسلامية أعياد مبادئ وهذه المبادئ تتركز كلها وتتبلور في كلمة الإسلام والواقع أن هذه الكلمة هي التعبير الصادق عن هدف كل العبادات والتكاليف الإسلامية فالإسلام إنما هو إسلام الوجه الله أن يسلم الإنسان كيانه كله لله تعالى وقد سئل رسول الله الله
عن معنى الإسلام فقال
ه أن يسلم الله قلبك وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك ومن الحق أنه إذا أسلم القلب أسلمت الجوارح بل أسلم الكيان الإنساني كله فكانت
النفس وكان المال الله
قال تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وهى القلب وصلاح القلب إنما هو إسلامه أو هو أن لله نفسه فيكون ربانيا
يسلم
وهل هناك عقبات أمام إسلام الوجه الله إن من العقبات التي تقف في سبيل إسلام الوجه الله تعالى حب المادة وسيطرة المادة على البشر واستعباد المادة للإنسان
ومن أجل ذلك كان من مظاهر الأعياد الرسمية وبتعبير أدق من مظاهر الأعياد التي نحتفل فيها بمن أسلم وجهه الله - عن طريق الصوم وعن طريق الحج إذا كان الصوم وكان الحج سبباً في أن يصلح الإنسان ما بينه وبين الله من مظاهر هذه الأعياد الاستعلاء على المادة ببذلها وإنفاقها في سبيل الله فصدقة الفطر استعلاء على المادة عام شامل إنه استعلاء على المادة حتى من هذا الذي لا يملك منها الكثير الأضحية التي يتصدق بالكثير منها إنما هى استعلاء على المادة وتضحية بها
الله
ينبغي
أن
وهذا الاحتفال في جميع أرجاء العالم الإسلامي بمن أصلحوا ما بينهم وما بين يكون عاماً شاملا ولا يتأتى ذلك إلا إذا كان الفقراء والمساكين فى سعة ومن أجل ذلك يقول
۰۱
كل هذا إذا وجد من أهل دينها من يقوم بهذا الأمر أما إذا لم يوجد من أهل ملتها من يقوم على دفنها فإذا أتم له ذلك يغتسل ولقد جاء أحد الصحابة يستشير رسول الله
فيما يفعل بجثة أبيه وقد كان وثنياً فقال له اذهب فَوَارِ أباك فلما وارى أباه أى دفنه عاد إلى رسول الله الا الله فقال له و اذهب فاغتسل
في شخص مسلم وأبوه غير مسلم فهل يجوز لهذا المسلم أن يرث أباه
أي من أهل الكتاب
بسم
الله الرحمن الرحيم - الحمد لله
رب العالمين
لا يجوز أن يرث المسلم غير المسلم ولو كان أباه
قال صاحب الرحبة
الشخص ويمنع
الميراث من
واحدة
من
علل
ثلاث
رق
وقتل
واختلاف دین
فافهم فليس
الشك
كاليقين
في المستشرق الذي يبنى مسجداً
لما بنى المنافقون مسجد الضرار لصرف المسلمين عن مسجد المدينة هدمه الرسول امتثالا لقوله تعالى والذين اتخذوا مسجداً ضرارًا وكُفرًا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون لا تقم فيه أبدا والسبب في ذلك كما ذكرت الآية أن الغرض من بنائه كان إشاعة التفرقة بين المسلمين ونشر الأفكار الهدامة من طريقه فإذا كان المستشرق الأوربى الذى بنى هذا المسجد يقصد به نشر دعاية ضارة بالإسلام أو انحرافا بالمسلمين عن أهدافهم أو استغلاله لنفع خاص له أولدولته حرمت الصلاة بمسجده وإن لم يقصد شيئًا من ذلك وتركه للمسلمين يتصرفون فيه كما يشاءون فعلى المسلمين المحافظة عليه ويستوى هو وغيره من مساجد المسلمين وعلى ذلك فمسجد المستشرق إذا لم يتركه للمسلمين وتولى توجيه الإرشاد فيه بنفسه تكره أو تحرم الصلاة فيه بحسب قوة تأثير التوجيه ومدى التحكم فى الإدارة وإذا تركه للمسلمين جازت الصلاة وفيه وكان كغيره من المساجد والمساجد بيوت الله تعالى يجب أن تُصان عن الخبث الحسى والمعنوى وأن تكون منارات إشعاع
۰
بهدى إلى الحق وإلى صراط مستقيم وأى انحراف لها عن ذلك هو بمثابة هدم لها وخروج بها عن أهدافها فإذا بناها واستغلها لأى غرض آخر يسيء إلى الدين أو إلى المسلمين فإنه يحرم الصلاة
في حكم من ارتد عن الإسلام
لا يعد من المسلمين من ارتد عن الإسلام إلى المسيحية والولد تابع لوالديه في الدين حتى يبلغ فيظهر إيمانه أو عدمه وعلى ذلك فلا يجوز للمسلمين عقيقة المولود من الزوجين المسيحيين - م إلا إذا فصل عن والديه من حين مولده وتولى المسلمون تربيته ورعايته لأنه حينئذ يكون في
اللهم
عداد المسلمين
أما عن حكم الشريعة في الزوج فهو حكمها في المرتد الذى تشرب الكفر وركن إليه ويعبر عنه قوله تعالى من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن رسول الله الله قال من بدل دينه فاقتلوه وقتل أبو موسى الأشعرى يهودياً أسلم ثم ارتد إلى اليهودية وحرق على بن أبي طالب زنادقة بالنار ويتولى ذلك الحاكم المسلم فإذا لم يكن هناك حاكم مسلم أولم ينفذ ذلك الحاكم المسلم فليس لغيره من المسلمين تنفيذه إن أمر المرتد إلى الحاكم وحده لا إلى غيره أما في الآخرة فهو في مقت الله وغضبه
في الزواج بمجوسية
المجوس قوم يعبدون مصادر النور مثل الشمس والقمر والنيران وعلى ذلك فالمجوس مشركون لا تجوز مناكحتهم وماورد عن تسرى بعض الصحابة بمجوسية فهذا في الإماء هذا عن الاقتران بمجوسية أما كيف تعتنق الإسلام فهذا مرهون برغبتها وبإرادتها ليس من سبيل إلى ذلك إلا بشرح الإسلام وعرضه عرضًا ييسر لها فهمه ومعرفة محاسنه هذا وفى المسلمات غنى عن هذا الزواج المحرم الذى لا يجوز اللهم إلا إذا أسلمت أولا قال تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ماحرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ولا تؤخذ الجزية إلا من المقاتلين فقد أجمع العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار
۰۳
البالغين دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني والجزية باقية إلى الآن لأن سببها - وهو الجهاد دفاعاً عن الإسلام وصدا للكفر - باق إلى
اليوم
ولا صلة بين الجزية والربا لأن الربا أخذ مال زائد عن الحق بدون سبب شرعى موجب لهذه الزيادة أما الجزية فهي مبلغ معين لا يزيد على أربعة دنانير يدفعها غير المسلم في مقابل تأمينه على حياته وعلى أهله وعلى ماله والقيام عنه بأعباء الإدارة والدفاع وتقديم الخدمات العادية من تعليم وطب ومساعدة ونحوها وإن كان الربا يمثل اعتصارًا عنيفًا للمستدينين وجشعاً لاحد له من الدائنين فإن الجزية تمثل رحمة واسعة من المسلمين ورفقاً زائداً لغير المسلمين حيث يتكفل المسلمون بالدفاع عنهم وتأمين حياتهم وتعبيد طرقهم ومساعدتهم اجتماعيا بشتى الصور
و شئل مرضى الله عنه في الحلال والحرام
في حكم من عاش مائة عام كافرًا ثم أسلم قبل وفاته بسنة واحدة لا يشترط فى صحة الإسلام مدة معينة فالإنسان مهما عاش على دين ما ثم شرح الله صدره للإسلام فأسلم قبل موته بسنة أو بشهر أو بأسبوع أو حتى بلحظات قليلة فإن إسلامه صحيح يتقبله الله مادام معافى صحيح العقل صادقًا في إسلامه
والإسلام فى هذه الحالة يجب ما قبله كما يقول الفقهاء أى يمحو السيئات السابقة والخطايا التي تكون بين العبد وربه
في بعض الناس لايؤدون الواجبات الدينية والفروض ويدعون أنه
لا شيء عليهم في ذلك مادامت معاملتهم طيبة للناس
سئل علي الله عن قوم قالوا نحسن الظن بالله ونترك العمل فقال كذبوا لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل
إن الإخلاص في العمل والحكم على المسلم بالصلاح مشروطان باتباع أوامر الدين واجتناب نواهيه ومثل هذا الادعاء قد يدعيه غير المسلم فى تركه الإسلام محتجا بطهارة قلبه وصفاء نفسه وإخلاصه في عمله وهو ادعاء باطل يخالف النصوص الدينية الصريحة الآمرة باتباع الرسول يقول تعالى
الخطأ
قل يأيها الناس إلى رسول الله إليكم جميعاً الذى له مُلك السموات والأرض لا إله إلا هو يحى ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته واتَّبِعُوه لعلكم تهتدون إن ترك الواجبات الدينية دليل على عدم طهارة القلب وصفاء النفس في العمل وإن من الفاضح والوهم الواهم أن يعمد المرء إلى الواجبات الدينية فيجعل لها أهدافًا خاصة ثم يتحلل من هذه الواجبات بحجة تحققه بما تهدف إليه فما يدريه أن هذا الهدف هو وحده المطلوب وقد يكون المطلوب شيئًا آخر غير هذا الهدف أو مع هذا الهدف
إن تعليل النصوص الشرعية لا يقبل إلا لزيادة الإيمان بقدسية النص وروعة دلالته أما إذا أدى التعليل إلى إهدار النص أو إبطال مايدل عليه فهو تعليل المبطلين وتأويل الجاهلين وأسلوب المبتدعين ولنضرب لذلك مثلا
٢٠٧
۰۸
إن الله تعالى يقول وأقيموا الصلاة أى أدوها في أوقاتها مع استكمال شروطها كما جاء عن الرسول الله فإذا ما قال قائل الهدف من الصلاة تطهير النفس والانتهاء عن المنكر وأنا كذلك بلا صلاة فلماذا الصلاة وامتنع من أدائها فهو أمام أحد أمرين إما أنه أعلم من الرسول الله حيث كان يصلى ويكثر الصلاة وهذا جهل فاضح وإما أنه متلاعب يستر تلاعبه بباطل الآراء وقد ذكر رجل المعرفة أمام الجنيد قال أهل المعرفة بالله يضلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقرب إلى الله عز وجل فقال الجنيد إن هذا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال وهو عندى عظيمة والذي يسرق ويزنى أحسن
حالا من الذى يقول هذا
ويقول الإمام الغزالي فإن قلت فهل تنتهى رتبة السالك إلى الحد الذي ينحط عنه فيه بعض وظائف العبادات ولا يضره بعض المحظورات
قلت اعلم أن هذا عين الغرور وأن المحققين قالوا لو رأيت إنساناً يطير في الهواء ويمشى على الماء وهو يتعاطى أمرا يخالف الشرع فاعلم أنه شيطان
أن
في من يعلقون التمائم خوفًا الحسد من ومن مس الشيطان لهم إن المسلم إذا كتب بعض آيات من القرآن أو بعض أسماء الله الحسنى وحملها تبركا بها ورجاء الله عنه الشر بفضلها فإن ذلك ليس بممنوع ولقد كان بعض الصحابة رضوان الله عليهم
يمنع
يحملون بعض آثار الرسول للتبركا بها وحبا فيه صلوات الله عليه وسلامه أما تعليق أشياء يبغضها الدين فإن ذلك هو ما يسمى فى الإسلام بالتمائم وقد كان العرب يعلقون
أشياء من هذا القبيل يمنعون بها فيما يزعمون الحسد والشر فنهى عنها الإسلام يقول رسول الله الله فيما رواه الإمام أحمد من علق تميمة فلا أنتم الله له ومن علق ودعة فلا أودع الله له وعن ابن مسعود رضى الله عنهما أنه دخل على امرأته وفى عنقها شيء معقود فجهز به فقطعه ثم قال لقد أصبح آل عبد الله أغنياء أن يشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا ثم قال سمعت رسول الله لا يقول إن الرقى والتمائم والتُّولَة شرك قالوا يا أبا عبد الله هذه التمائم والرقى عرفناها فما التولة قال شيء يضعه النساء يتحبين إلى أزواجهن ومن ذلك نعلم أنه لا يجوز لمسلم أن يعلق في عنقه أو فى عنق أطفاله أشياء يبغضها الدين
في قراءة القرآن على غير وضوء
سيدنا
إن قراءة القرآن على غير وضوء جائزة مادام القارئ طاهرا من الجنابة وقد ورد أن عمر رضى الله عنه كان يقرؤه على غير وضوء فلما سئل فى ذلك أجاب بما يفيد أنه جائز وأما حمله على غير وضوء فقد أجاز أبو حنيفة رضى الله عنه ذلك إذا كان بغلافة أي إذا كان مُغلّفا داخل كساء ولقد اختلف العلماء فى مس المصحف على غير وضوء فالجمهور على المنع من مسه ويقول الإمام القرطى واختلفت الرواية عن أبي حنيفة فروى عنه أنه يمسه المحدث حدثًا أصغر وقد روى هذا عن
جماعة من السلف منهم ابن عباس وغيره ويقول الإمام القرطى أيضًا وقد روى عن الحكم وحماد وداود بن على أنه لابأس بحمله ومسه للمسلم طاهرا أو محدثًا حدثا أصغر
لاشك
أما
فيه أن
مس
مس الصبيان للمصحف فالأظهر الجواز لأنه لو منع لم يحفظ القرآن وبعد فإنه مما المصحف على طهارة كاملة من الأمور التى يحرص عليها المؤمن كلما أتيحت له الفرصة لذلك وهو فى هذا يسير مع الوضع الصحيح لتكريم المصحف واحترامه بيد أنه تحدث ظروف لا يتمكن الإنسان فيها من الوضوء لسبب من الأسباب وتكون في الوقت نفسه الفرصة متاحة للقراءة فى المصحف وفى هذه الحالة للإنسان أن يأخذ برأى الأئمة الذين أباحوا مسه على غير وضوء وأن ذلك خير من أن يترك فرصة متاحة للقراءة والثواب
هل تجوز قراءة القرآن الكريم داخل دكان التجارة بالسوق
إن قراءة القرآن الكريم وسماعه من الأمور التى يجب أن تكون شعار المسلمين باستمرار وإن من الفروق بينهم وبين الذين كفروا ما حدثنا الله تعالى به فى قوله تعالى وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغُوا فيه لعلكم تغلبون
وإذا كان هذا شأن الذين كفروا فإن شأن المسلمين أن يستمعوا للقرآن وأن يتلوه كلما
استطاعوا إلى ذلك سبيلا
وعلى هذا فإنه يجوز تلاوة القرآن فى داخل دكان للتجارة بالسوق فإنه يذكر أهل الدكان
۱۰
بالصدق والخير والتسامح والفضيلة ويشيع في جو الدكان تياراً من النور والتذكير بالله ويشيع عند كل من يسمعه ذلك
ذلك فإن هذا مشروط بأن لا يكون فيه تعريض للقرآن إلى عدم توقيره أو إجلاله فإذا ومع كانت قراءة القرآن في وضع يتعرض فيه القرآن لأى أمر من الأمور التي لا تليق بجلاله فإنه حينئذ تحرم قراءته سواء كان ذلك فى دكان للتجارة فى السوق أم في غير ذلك الأمكنة من
في قراءة القرآن على الإنسان بعد وفاته
قراءة القرآن على الإنسان بعد وفاته جائزة وهى لاشك تهون على الإنسان في قبره كما أخبرنا بذلك رسول الله الله وقد حثنا صلوات الله عليه على قراءة القرآن للميت بعد وفاته فقال ما من ميت يُقرأ عليه سورة يس إلا تهون عليه
6
وقال أيضًا ا من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات و ذكره الثعلبي عن أبي هريرة
هذا بالنسبة لما ثبت من الصحة فى قراءة القرآن على الميت بعد وفاته وجواز ذلك دون أن يكون هناك حرج يمنع من قراءة القرآن للميت فضلا عن أن القراءة يصل ثوابها للمتوفى أما بالنسبة لما يتعلق بالقارئ فالقراءة كما أنها تعود على المتوفى وتوصل إليه الثواب فهى أيضًا تعود على القارئ بالثواب الحسن والأجر الجزيل كما أخبرنا بذلك الحديث السابق وبعد فيقول رسول الله
ه إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وابن صالح يدعو له وقراءة القرآن من أهم أنواع الدعاء الذى يتوجه بها الداعى إلى ربه ففي الحديث الشريف ما معناه من شغله القرآن عن ذكرى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين
فى مناط تحريم الخمر
مناط التحريم في مثل هذه المشروبات وعدمه إذا كانت مسكرة أو مفترة كانت من الأشياء التي نهى رسول الله له من تناولها وكان حكمها حكم الخمر في التحريم ويحرم قليلها كما يحرم كثيرها روى أبو داود عن أم سلمة رضى الله عنهما قالت نهى رسول الله عن كل مسكر ومفتر
وعن ابن عمر أن النبي ع قال كل مسكر خمر وكل مسكر حرام رواه الجماعة إلا
۱۱
البخاري وابن ماجه وفى رواية كل مسكر خمر وكل خمر حرام وعن النعمان بن بشير قال قال رسول الله إن من الحنطة خمراً ومن الشعير خمراً ومن العنب خمرا ومن التمر خمراً ا ومن العسل خمراً رواه الخمسة إلا النسائى زاد أحمد وأبوداود وأنا أنهى عن كل مسكر فالبيرة والبوظة وما شابههما من المسكرات والمخدرات جميعها حرام وهي خمر وإن اتخذ الناس لها أسماء أخرى غير اسم الخمر وهذا رسول الله الا الله يحدثنا عن ذلك فيقول فيما يرويه عبادة بن الصامت قال قال رسول الله لا لتستحلن طائفة من أمتى الخمر باسم يسمونها اياه رواه أحمد وابن ماجه وعن أبي أمامة قال قال رسول الله و لا تذهب الليالي والأيام حتى تشرب طائفة من أمتى الخمر ويسمونها بغير اسمها
والقليل فى التحريم كالكثير سواء بسواء فعن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبي الله قال ه ما أسكر كثيره فقليله حرام وعن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله اكل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فمل الكف منه حرام * وفى رواية الإمام أحمد بلفظ فالأوقية منه حرام وفى رواية فالحسوة منه حرام والفرق بفتح الراء وبسكونها مكيال معروف بالمدينة يسع ستة عشر رطلا وقيل هو بفتح الراء ستة عشر رطلا فإذا سكنت فهو مائة وعشرون رطلا وليس المراد حقيقة الفرق ولاملء الكف والأوقية أو الحسوة وإنما هو تمثيل للكثير
والقليل
قال الشوكاني في نيل الأوطار وذكره ملء الكف في الأوقية فى الحديث على سبيل التمثيل فالحكم شامل للقطرة ونحوها قال ابن رسلان في شرح السنن المسلمون على وجوب الحد على شاربها سواء شرب قليلا أم كثيرا ولو قطرة واحدة
أما جزاء من يشرب من ذلك إذا مات ولم يتب عنها فقد بينه رسول الله الله فقد روى عن جابر أن رجلا من جيشان - وجيشان من اليمن - سأل النبي علا عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر فقال أمسكر هو قال نعم فقال كل مسكر حرام إن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال قالوا يارسول الله وماطينة الخبال قال عرق أهل النار أو عصارة أهل النار رواه مسلم وأحمد والنسائى
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل مخمر خمر وكل مسكر حرام ومن شرب مسكرا نخست صلاته أربعين صباحا أى رُدّت عليه ولم يقبلها الله أربعين يوما فإن تاب تاب الله
رسول الله اغنوهم فى هذا اليوم ويقول اغنوهم عن طواف هذا اليوم وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك بمناسبة عيد الفطر فهو سار بالنسبة لعيد الأضحى أيضاً ومن أجل كل ذلك ارتبطت الأعياد عندنا بالصدقة أو ارتبطت بالاستعلاء على المادة من أجل إسلام الوجه الله
في إذا حان وقت الزكاة وأنت تستعد بدفع أموالك وفجأة ضاع المال كله قبل أن تتمكن من دفع الزكاة فماذا تفعل
إذا حال الحول على المال الذى تجب فيه الزكاة وجب إخراجها ولزم على صاحب المال المبادرة إلى ذلك
فإن هلك المال فى هذه الحالة بدون تعد منه وهو يستعد للإخراج فلا شيء عليه وسقطت عنه الزكاة وإن هلك جزء من المال سقط نصيبه من الزكاة أما إذا ضاع المال بسبب تعد منه فإن الزكاة لا تسقط وتبقى ديناً في ذمة المزكي يجب عليه أداؤها عند الميسرة
في حقوق المال غير الزكاة
وقد ذهب جماعة من التابعين إلى أن فى المال حقوقاً سوى الزكاة كالنخعى والشعبي وعطاء ومجاهد قال الشعبى بعد أن قيل له هل في المال حق سوى الزكاة قال نعم أما سمعت قوله عز وجل وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك واستدلوا بقوله عز وجل ومما رزقناهم ينفقون وبقوله تعالى وأنفقوا مما رزقناكم وزعموا أن ذلك غير منسوخ بآية الزكاة بل هو داخل في حق المسلم على المسلم ومعناه أنه يجب على الموسر إذا وجد محتاجاً أن يزيل حاجته فضلا عن مال الزكاة
هم
المتقون
۱
عليه فإن عاد الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال قيل وماطينة الخبال يارسول الله قال صديد أهل النار ومن سقاه صغيرًا لا يعرف حلاله من حرامه كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال رواه أبوداود
في حكم شارب خمر ترك الخمر والتجأ إلى شيء آخر غير خمر ولكنه مسكر
الخمر حرام حرمها الله سبحانه وتعالى بنص القرآن قال تعالى إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه
فمن شربها بعد هذا النص الصريح مستحلا لها كان كافراً لأنه أنكر ما علم من الدين
بالضرورة أما إذا شربها وهو يعتقد حرمتها فهو مرتكب للكبيرة وهو عاص بشربها ولابد له من التوبة والرجوع إلى الله والإقلاع عن هذا المنكر وليست الخمر نوعاً معيناً محدوداً من المشروبات وإنما كل مسكر خمر كما ورد في الحديث الشريف ومن المعروف أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام ومن المعروف أن الخمر ماخامر العقل أى أخل باتزانه وإن لم يذهب العقل كلية والسكر يبدأ باختلال هذا التوازن العقلى وكل ما أخل بالتوازن العقلى من شرب أي شيء مسكر فقد ارتكب محرماً ويجب عليه الإقلاع عنه
لعن رسول الله الله في الخمر عشرة
لعن رسول الله الا الله في الخمر عشرة عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشترى لها والمشترى له فلا يكفي في الخروج من إثم الخمر أن يمتنع الإنسان عن شربها ويتسبب فى شرب الآخرين لها أو يعينهم على هذا الشرب وقد ورد لعنه صريحاً فيما ذكرناه عن رسول الله ثم إن إثمه قد يكون أكبر من إثم شارب الخمر لأن عليه مثل آثام من شربوا على يديه أو بسبب مناولته الخمر لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا لقوله
ه من دعا إلى ضلالة كان عليه مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا إن الإسلام لايقر شرب الخمر ولا يرضى من المسلم بأن يقره وهل هناك إقرار لشربها وتشجيع عليه من تقديمها للضيوف مهما امتنع من يقدمها عن شربها
۱۳
إنه بذلك يحارب الله ورسوله وينتهك حرمات الله يستحل ماحرم الله وهو ملعون في كل ذلك فليحذر مخالفة الله ورسوله وليحذر أن تصيبه فتنة أو يصيبه عذاب أليم
فهم
في البيرة والكينا
جاء في تقرير المؤتمر الدولى لمكافحة المسكرات عام ۱۹۳۹ عن البيرة قوله
إن إنتاج هذا الشراب وغيره من أنواع الخمور لا يستفيد منه إلا صانعه وبائعه أما ضحاياه أولئك الذين أغرتهم الأهواء بإدمانه وتعاطيه
لقد اعتبر هذا المؤتمر أن البيرة من أنواع الخمر وهو على كل حال حسبما تذكر التقارير تحتوى على نسبة من الكحول تتفاوت كثرة وقلة وإذا لم يكن قليلها مسكرا فكثيرها مسكر وقد قال صلوات الله عليه فيما رواه الإمام أحمد وابن ماجة والدارقطني ما أسكر كثيره فقليله حرام فقد روى البخاري ومسلم أن رسول الله علي حرم المزر وهو شراب كان يتخذه أهل اليمن من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد وهذا نص فى البيرة فيقول صلوات الله عليه فيما رواه ابن ماجه إن من الحنطة خمرا ومن الشعير خمرا وروى مسلم وغيره عن ابن عمر أن رسول الله عليه وسلم قال كل مسكر خمر وكل مسكر حرام من هذا نتبين أن البيرة خمر وأنها حرام وكذلك الكينا المخلوطة بالخمر ولا عبرة باختلاف الأسماء فقد قال صلوات الله عليه يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها
أما الاتجار فيها فهو داخل في نطاق اللعنة التي صبها رسول الله الله فيما قال " لعنت الخمر على عشرة أوجه بعينها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وشاربها وساقيها
أما شربها للتداوى فقد سأل طارق بن سويد الرسول الله عن الخمر يصنعها للدواء فنهاه رسول الله اللهم عن ذلك وقال هذه الكلمة التي هي كالحكمة إنه ليس بدواء ولكنه داء وفيما رواه ابن ماجه في صحيحه قوله صلوات الله عليه إن الله لم يجعل شفاءكم في حرام
في أيهما شر الذى يشرب الخمر أو الذي يهمل في فرائض الله كلاهما شر ولا فضل في أحدهما فكلاهما ناقص الأول ارتكب ماحرم الله والثاني أهمل
فرض الله
وإذا كان ترك الصلاة من أكبر الكبائر وقد يؤدى إلى الشرك فإن شرب الخمر من الكبائر وقد يؤدى إلى عدم قبول العمل
والمفاضلة إنما تكون بين طيب وخبيث أو بين طيب وأطيب أما هذان فكلاهما خبيث وبعضهما أخبث من بعض ولا مجال للمقارنة بينهما في فضل
في حكم التداوى بالخمر
التداوى بالخمر حرام لقول النبي لعل الله لم يجعل الله شفاء أمتى فيما حرم عليها ولأن الشفاء مظنون والحرمة مقطوع بها ولا يغلب مظنون على مقطوع ومع ذلك فإن الخمر وسائر ماحرم الله على المؤمن حلال إن تعين لحفظ الروح عملا بقوله تعالى فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم وذلك كما لو كان على وشك الموت جوعاً ولم يجد إلا الميتة أو لحم الخنزير أو جرعة من خمر وكما لو كان على الأكل ووقفت اللقمة وليس لديه الأزجاجة من خمر بالقرب منه فعليه أن يأخذ منها ما يزيل به غصته
أما أمر التداوى فإن في تقدم الاختراعات الكيماوية في العصر الحاضر ما يجعل التداوى بالخمر أمرًا غير محتم إذ في غيرها مما ابتدعه الإنسان وجاء به العلم يغنى عنه ولقد قال رسول الله الله عن الخمر ما معناه إنها ليست دواء ولكنها داء
في حكمة تحريم الخمر في الدنيا وتحليلها في الآخرة
يتحدث الله سبحانه وتعالى فى أكثر من آية فى القرآن الكريم عن نعيم أهل الجنة ومن نعيمهم الحسى تناول شراب الخمر وكما أن فى الجنة أنهاراً من لبن ومن عسل فإن فيها أنهارا من خمر يقول سبحانه
مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى
وأنهار من خمر
أما تناولهم هذا الشراب فإن الله تعالى يصفه بقوله
يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون والغول الضرر والصداع والله سبحانه وتعالى ينفى عن خمر الآخرة ذلك وأما كلمة ينزفون التي نفاها القرآن الكريم عن شارب الخمر في الجنة فمن معانيها
۱٥
إذهاب العقل يقال نزفت الخمر عقله بالسكر أى أذهبته والخمر إذن في الآخرة لا تذهب العقل وخمر الآخرة لاضرر فيها ولاسكر وهذان الأمران هما السبب الذي من أجله حرمت الخمر في الدنيا ولقد سميت الخمر من أجل هذين الأمرين أم الخبائث ولقد حرمها بعض العرب في الجاهلية على أنفسهم لأنها تقود الإنسان إلى كل خبيث وكان ممن حرمها عبد المطلب جد النبي
ولقد لعنها الله سبحانه وتعالى فى الدنيا فى نفسها كمادة سائلة ولعنها في شاربها ولعنها في عاصرها ولعنها فى معتصرها ولعنها فى حاملها ولعنها فى المتجر فيها لقد لعنها الله سبحانه وتعالى فى جميع ظروفها وملابساتها وقال سبحانه إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ومادام قد انتفى منها الضرر والسكر في الآخرة فقد بقيت لذتها وهى من نعيم أهل الجنة
في المخدرات
إن المخدرات ظهرت في البيئة الإسلامية في القرن السابع الهجرى مع دولة التتار وبمجرد أن ظهرت أجمع علماء المسلمين على تحريمها مستندين إلى أصول عامة من قواعد التشريع الإسلامي وإنه لمن المعروف أن من قواعد التشريع الإسلامي أن ما أفسد العقل يحرم تناوله مأكولا كان أو مشروباً أو مشموماً والمحافظة على العقل وعلى الاتزان الأخلاقي وعلى السمو الروحى كل ذلك من أهداف الإسلام وأغراضه الجوهرية
ومما لاشك فيه أن المخدرات مفسدة للعقل مخلة بالسلوك الأخلاقى الكريم ومن أجل ذلك كانت محرمة عن طريق قواعد التشريع الإسلامي وكانت محرمة لأنها تخل بأهداف الدين
وغاياته
على أن المخدرات وإن لم تكن على عهد رسول الله فقد ورد تحريمها في أحاديثه كمعجزة
من معجزاته
فقد روى أبو داود أن رسول الله نهى عن كل مسكر ومفتر ونهى رسول الله الله عن المسكر يتضمن كل أنواع الخمور ومنها البيرة ونهيه عن المفتر يتضمن كل أنواع المخدرات والنهي عن المسكر والمفتر إنما هو نهى عن كل ما يحدث تغييرا في الاتزان العقلى على وجه
٢١٦
العموم ومن أجل مافى المخدرات من مفاسد قال الإمام ابن تيمية عنها إن فيها من المفاسد مما ليس في الخمر فهى أولى بالتحريم
أما ابن القيم فإنه يسمى المخدرات باللقمة الملعونة ويقول عنها إنها لقمة الفسق والفجور التي تحرك القلب الساكن إلى أخبث الأماكن
أما من استحل الحشيش أو المخدرات على وجه العموم فإن الإمام ابن تيمية يقول عنه من أنها حلال فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً لأيصلى عليه ولا يدفن في
استحلها وزعم مقابر المسلمين
ميتة
ما حكم م
من ذبح جاموسة وتحقق فقدها للحياة وسال منها دم أسود قاتم ولكنها لم تتحرك لاقبل الذبح ولا بعده
الجاموسة التي لم تتحرك قبل الذبح ولم تتحرك بعد الذبح تدل الظواهر على أنها كانت
ومهما سال منها الدم فإنها لا تحل وأكلها حرام لأنها ميتة وقد حرم الله أكل الميتة
4
فقال تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمُنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ماذكيتم وماذبح على النصب فهي إذن حرام لأنها ميتة وليست من الأصناف المستثناة
ما حكم إنسان كان في سفر مع صديق له
أيضا
مات الصديق من جوع وعطش فلما خاف أن يموت هو من الجوع والعطش - أكل لحم أخيه الصديق الميت
يقول الله تعالى حُرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وماأهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وماأكل السبع إلا ماذكيتم وماذبح على النصب هذه الأمور محرمة على الإنسان بحكم هذه الآية فلا يحل له أن يتناولها – لكن قد يضطر الإنسان لحفظ حياته إلى تناول شيء من هذه المحرمات ولذلك قال الله تعالى فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم أى أن من اضطرته المخمصة - أى الجوع الذي أشرف منه على الهلاك - إلى تناول شيء من المحرمات حفظاً لحياته فليس مرتكباً ذنبًا بشرط أن يكون تناوله من
۱۷
المحرم بقدر الضرورة كما صرحت الآية الأخرى فمن اضطر غير باغ ولاعاد فلا إثم عليه وإذا مات الإنسان يحرم الاعتداء على أى من أعضائه أو تناول أي شيء من لحمه إلا في مثل هذه الصورة فإنه يباح للصديق أن يأكل بقدر ما يحفظ عليه حياته وقيل في الإقناع وللمضطر أكل آدمى ميت إذا لم يجد ميتة غيره كما قيده الشيخان في الشرح والروضة لأن حرمة الحى أعظم من حرمة الميت
ونواهيه
في أكل لحم الخنزير
الواجب علينا كمسلمين أن نؤمن إيماناً جازماً أن الله سبحانه ما أحل لنا إلا الطيب وماحرم علينا إلا الخبيث ويُحِلُّ لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم وهو سبحانه حكيم فى كل أفعاله وكل ما أمر به عباده أو نهاهم عنه إنما هو لخيرهم وصلاح أمرهم لحكمة بالغة حتى ولو غابت هذه الحكمة عن العباد فواجبنا أن نطيع الأمر الإلهي نعبد الله سبحانه حتى وإن لم تصل مداركنا البشرية القاصرة لحكمة الله في أوامره ومع ذلك وبالنسبة للحم الخنزير فإن لحم الخنزير ضار بالأبدان مولد للأمراض مفسد للأخلاق ذلك أنه يحمل من الميكروبات ماثبت بالتجربة العلمية أنها لاتموت في أقصى درجات الحرارة والغليان فتنتقل إلى الإنسان الذى يأكله فتصيبه بأمراض كثيرة قد لا يستطيع التخلص منها كميكروب التينيا وغيرها هذا من الناحية الجسمية أما من الناحية النفسية والأخلاقية فإن من المعروف أن خصائص الحيوان قد تنتقل إلى الإنسان بالأكل منه والخنزير معروف بالبلادة والخسة وأنه عديم الغيرة على أنثاه وهذه الصفات الخسيسة لايرضاها الإسلام لأتباعه
أما حالة الاضطرار التي أباح الله فيها للمضطر أن يتناول ماحرم الله عليه فقد حددتها الآية الكريمة بالمخمصة أى المجاعة فأبيح فى حالة المخمصة أن يأكل المسلم ماحرم عليه لرد مخمصته فقد قال تعالى فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم أي غير مائل لإثم يتجاوز به سد الرمق وقال تعالى في الآية الأخرى فمن اضطر غير باغ ولاعاد فلا إثم عليه وقد بينت لنا السنة المطهرة أن هذه الحالة ما تكون حين تنعدم جميعا الأطعمة التي أحلها الله فإذا حدثت المخمصة ولا يجد المسلم في البلد الذى يقيم فيه طعاماً ولا شراباً من لبن أو لحم أو بقل أو غيرها إلا الطعام المحرم فإن الإسلام يبيح له أن يأكل غير باغ ولاعاد
۱۹
هل يجوز للمسلم المتزوج من غير مسلمة
أن
يسمح لزوجته بطبخ لحم الخنزير
لا يحل لمسلم متزوج من غير مسلمة أن يسمح لزوجته بطبخ لحم الخنزير أو لحم الحيوانات والطيور
المذبوحة بطريقة غير إسلامية
ولا يحل له أيضًا أن يشاركها طعامها وذلك لأنه ليس المسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتعدى حدود الله فيحل ماحرم الله ورسوله أو يرضى بفعل ماحرم الله ورسوله الله قال الله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ماذكيتم وماذبح على النصب وماحرم الله على الإنسان أكله عليه أيضًا أن يُقر أحدًا عليه أو يشاركه أكله لأنه بذلك يخالف نص الشارع الحكيم وفعله
حرم
يشعر باختياره وعدم رضاه بحكم الله وحكم رسوله الله ومن فعل ذلك مستحلا له فقد كفر والإيمان كل لا يتجزأ
إن هناك من الطائفة الإسماعيلية في أوربا من يأكلون لحم الخنزير
فهل هذه الطائفة مسلمة تؤدى الواجبات الإسلامية
من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وآمن بكل ما جاء به من عند الله فهو من المسلمين ولا يخرجه من الإسلام إلا أن ينكر شيئًا مما علم من الدين بالضرورة وأكل لحم الخنزير حرام بالكتاب والسنة والإجماع وأصبح معلوماً من الدين بالضرورة فمن أكله مستحلا له فإنه يكون كافرًا وطائفة الإسماعيلية والبهائية والقديانية والبابية فرق كافرة بالإجماع أما من أكله وهو معتقد حرمته فهو مسلم عاص مرتكب كبيرة من الكبائر قال الله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ومثله هذا كمثل من ترك الصلاة والصيام فإنه إن ترك ذلك مستحلا له فإنه يكون كافرًا أما إن ترك ذلك تكاسلا فإنه يكون عاصياً فمن أكل لحم الخنزير مستحلا لأكله مع ورود النص الصريح بتحريمه فإنه يكون كافراً أما من جرى مع العرف والعادات في أوربا وأكل لحم الخنزير كما يأكلون وهو يعتقد أن لحم الخنزير حرام فإنه يكون مسلما عاصياً وعليه أن يتوب توبة نصوحا فإن لم يتب فإنه يُحاسب على مافعل من مخالفة الأمر الصريح المحرم للحم الخنزير
٢٢٠
ومرجع الإسلام أو عدم الإسلام هو الإيمان أو عدم الإيمان بأن محمدا رسول نسخت رسالته جميع الرسالات السابقة وكانت خاتمة الرسالات فلا رسالة بعدها وإن ما أتى به رسول الله له من الأوامر واجب الاتباع وما أتى به من النواهي واجب الاجتناب فإذا كان الإنسان مؤمناً بهذا فهو مسلم وإن لم يؤمن بهذا فليس بمسلم فكل من يؤمن بوجود رسول أو ني بعد سيدنا محمد ال فهو كافر وكذلك من اعتقد أن رسالته ليست عامة لكل الناس أو أن رسالته ليست خاتمة لكل الشرائع فهو كافر بالإجماع
في نجاسة الكلب
لعاب الحيوان يأخذ حكم لحمه لأنه متولد منه ولحم الكلب نجس فلعابه ۱ نجس فإذا كانت الحشائش التي كان الكلب عليها يلحسها مبتلة حين جلست عليها فقد تنجست ثيابك وإذا كانت جافة فثيابك طاهرة
أما الولوغ في قوله لعل الله إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات المعناه شرب بطرف لسانه في الإناء فحركه وقيل هو أن يدخل لسانه في الماء وغيره من كل مائع في حركه - شرب أم لم يشرب - فإن كان غير مائع يقال لعقه والتطهير من لعاب الكلب إن كان المتنجس ثياباً ونحوه يكون بغسل الثوب ثلاث مرات والعصر بعد كل مرة كما هو الحال في التطهير من المائعات النجسة وإن كان المتنجس من لعاب الكلب إناء وجب تطهيره بغسله سبع مرات عند جمهور العلماء الفقهاء وروى بعض الفقهاء أن إحدى الغسلات يجب أن تكون بالتراب أخذا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أحمد ومسلم طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب وفى رواية أخراهن بالتراب ويرى الحنفية أن الواجب هو الغسل ثلاث مرات كما هو الشأن فى التطهير من باقى النجاسات والغسل سبع مرات من لعاب الكلب إنما هو على سبيل الندب لا الوجوب
في الحكم في أكل الدجاج الدنمركي المستورد
يقول الله سبحانه وتعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم فالدجاج المستورد من هذا النوع حلال مادام قد ذبح ذبحاً صحيحاً ولاشيء فيه
۱ عند المالكية لعاب الكلب طاهر ولاشيء فيه كما نص عليه في الشرح الصغير عند قوله و الطاهر الحي
۱
وللمسلم أن يأكله
ويسمى
الله عليه احتياطاً فربما أنه لم يذكر اسم الله عليه عند الذبح
وهذا من يسر الإسلام وسماحته وعدم تعصبه أو تضييقه والله سبحانه وتعالى أعلم
بعض الناس يأكلون لحم الضبع فهل هذا يجوز
يقول الله تعالى قل لا أجد فيما أوحى إلى مُحرَّماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أودما مسفوحا ١ أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولاعاد فإن ربك
غفور رحيم
ويقول الله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به بأن ذبح على اسم غيره والمنخنقة - الميته خنقا - والموقوذة - المقتولة ضربًا والمتردية – الساقطة من علو إلى سفل فماتت - والنطيحة - المقتولة بنطح أخرى لها - وما أكل السبع إلا ماذكيتم وماذبح على النصب - جمع نصاب وهى الأصنام
ويقول الله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم ا الله عليه وإنه لفسق هذه الآيات الكريمة
متساندة متعاونة يشرح بعضها بعضا وترشدنا إلى المنهى عنه من المطعومات ويضاف إلى ذلك حديث الرسول الله ما في النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وفسر الإمام الشافعي السباع المنهى عنها بأنها السباع العادية التي تعدو على الناس كالأسد والنمر ومن أجل ذلك أباح الشافعي رضي الله عنه أكل الضبع لأنه لا يعدو على الناس ولا ينقض عليهم مفترساً كالأسد أو العمر
ولقد جاء في الأحاديث أن عبد الرحمن بن عمار قال سألت جابر بن عبد الله عن الضبع
آكلها !
قال نعم قلت أصيد هي قال نعم قلت أفأنت سمعت ذلك من رسول الله
قال
وعبد الرحمن - راوى هذا الحديث - ثقة عند جماعة أئمة الحديث وعلى ذلك وبناء على مذهب الإمام الشافعي يجوز أكل لحم الضبع
۱ مسفوحاً سائلا بخلاف غيره كالكبد والطحال
في قيام الأبناء بالصدقة على روح آبائهم وأمهاتهم
إن قيام الأبناء بالصدقات - كالأغنام – والنقود إلخ
على آبائهم وأمهاتهم وذلك في ليلة وصباح التاسع من شهر ذي الحجة سنويا والتزامهم ذلك جميعاً ذكوراً وإناثاً على السواء هذا العمل وتلك الصدقات وإذا كانت من أموال المتصدقين خاصة ولم يكن فيها حق لقاصر أو يتيم فهى من أعظم ما ينفع الميت وهي في الوقت نفسه ثواب وأجر للذكور والإناث ثواب وأجر كامل لا نقص فيه كأنهم تصدقوا على أنفسهم فهذا العمل له أجران كاملان أجر للميت ورحمة وصدقة يخفف عنه العذاب إن كان في
عذاب ويرفع قدره ويزيد في نعيمه إذا لم يكن في عذاب وأجر آخر للقائمين بهذه الصدقات حيث إنهم المتسببون فيها وهي من أطيب العادات التي تقرب الميت والحى من الله زلفى وتزيد البركة فى الصحة والمال وتدفع الكربات وتدفع الآفات وتخفف وتلطف من وقع القدر على الإنسان وهذا العمل له ثلاث جهات
الأولى أنه بر بالوالدين
والثانية أنه صدقة والثالثة صلة رحم
وبر الوالدين كما يكون فى حياتهما يكون أيضاً بعد وفاتهما أما في الحياة فهو الإحسان إليهما والإكرام لهما وأما بعد وفاتهما فبالزيارة لقبرهما وبالتصدق عليهما والدعاء لها وأما أنها صدقة وصلة رحم
فقد قال الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذى الرحم صدقة وصلة وأما البركة في المال وفى الصحة والتخفيف من دفع القدر فقد قال له حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة ودافعوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع وعلى هذا فتلك عادة من أطيب العادات وقربة من أعظم القربات تحددت بوقت أم لم تحدد على أن إخراجها في ليلة ويوم عرفات إنما هو توفيق من الله سبحانه فإنه يوم مبارك يسن فيه الصوم على من ليس بعرفات وتسن فيه الصدقة وعمل الخير
ما هو
الذي
أُهِلَّ
به لغير الله
وهل اللحوم المحفوظة مما أهل لغير الله به
وهل الأغذية المحفوظة مباح تناولها
لقد حدد الله سبحانه وتعالى للمسلم حدوداً معينة ورسم له طرقاً مشروعة فلا ينبغى لمسلم أن يخترق ستار هذه الحدود أو ينتهك تلك الطرق التي رسمها الله وأمر باتباع ذلك كله
حمى
من بين تلك الحدود ومن وسط هذه الطرق
C
ذكر اسم
الله سبحانه على ما أحله الله
من
الحيوانات بأكل لحمه وإباحة دمه
وهذا التفضل الإلهى والتكرم الربانى على خلقه بالكثير من نعمه التي منها استباحة إراقة دماء بعض الحيوانات المأذون بأكلها قرنه الله سبحانه وتعالى وقيده بشرط ذكر اسمه وجعل ذكر اسمه على ما يذبح صنو هذا التفضل بل مقدم عليه بحيث إنه لا يحل أكل ما أحله الله إلا بذكر اسمه عليه عند الذبح ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه فقد أوجب علينا أن نذكر اسمه على مايذبح وجعل عدم ذكره عند الذبح خروجا عن طاعة
الله وأن الذى يذبح ولم يذكر اسم الله عليه فسق لا يحل أكله ومن هنا كان المعنى المقصود من قوله تعالى وما أهل لغير الله به إنه الحيوان الذى ذبح ولم يذكر اسم الله عليه وذكر عليه اسم غيره كقولهم اسم اللات والعزى برفع الصوت عند ذكر غير اسم
الله عليه
أما الكلام عن اللحوم المحفوظة هل هى مما أهل لغير الله به أولا وهل تناولها مباح فالواقع المشاهد أنها لم تكن مما أهل به لغير الله لأنها لم يقصد بها غير الله عند الذبح ولم يسم عليها اسم غير
اسم
الله عليها
وأما الحكم عليها أمباح تناولها أم لا
فالجواب عن ذلك إذا تيقن من ذكر اسم الله عليها فلا مانع من تناولها وإلا فلا يباح تناولها
والله أعلم
۳
في الصيد
حينما ينطلق المسلم إلى أماكن الصيد فإنه يكون
أولا قاصدا الصيد على وجه العموم من جميع الأنواع التى يحل أكلها ثانيا يكون مستشعرا لتسمية ومنطويًا عليها سواء انطلق بها لسانه قائلا الله الرحمن الرحيم أو أسرّ بها في قلبه والمسلم مفروض فيه دائما ذكر الله وتسميته
بسم
وإن لم ينطق بذلك لسانه
ومن أجل هذين المبدأين فإنه حينما يرسل كلب الصيد لطائر ما أصابه السهم أو الرصاصة فإن الصيد الذي ينتج عن ذلك يحل أكله
يقول شيخ الإسلام برهان الدين على بن أبي بكر المتوفى سنة ٥٩٣ في كتاب الهداية ولو أخذ الكلب صيدا فقتله ثم أخذ آخر فقتله وقد أرسله صاحبه أكلا جميعاً لأن الإرسال
قائم لم ينقطع وهو بمنزلة ما لورمى سهماً إلى صيد فأصابه وأصاب آخره اهـ أى أن من سهما قاصداً صيداً معيناً فأصاب الصيد وأصاب صيدا آخر أكل الصيد
رمی
المقصود والصيد الذي لم يقصد
وعلى هذا فمن رمى صيدا وكان بالمصادفة صيده مختباً وراء آخر وأصابت الرصاصة هذا الأخير فإنه يؤكل سواء أصابته الرصاصة الأولى أولم تصبه
فى من يعمل في مطحن للحبوب ويعطيه الزبائن
إكراميات من الحبوب
إن الذي يعمل في مطحن ويأخذ من الزبائن إكراميات على الحبوب التي يطحنها فلو ترك بدون هذه الإكراميات لأهمل الطحين ولم يهتم به الاهتمام اللازم ولم يتقنه الإتقان المطلوب وهم يعلمون ذلك منه ومن أجل ذلك يعطونه ليعنى العناية التامة بالحبوب وطحنها إن كان الأمر كذلك فحرام ما يأخذه وذلك لأن له أجراً يستوفيه من صاحب العمل أو من الحكومة إن كان تابعا للحكومة
وإن كان لا ينتظر ذلك منهم ويجيد عمله دون أن تتطلع نفسه للإكراميات فما يأخذه حلال
٢٢٤
طيب لأنه بمثابة هبة وعطية بدون مقابل ولاحرمة فى قبول الهدية الخالصة التي لا يتعلق بها غرض مصلحي يكون هو الباعث على إهدائها ومع ذلك فإنه من الخير ومن الورع التعفف عن الأخذ في مثل هذه الحالات لأن فيها شبهة
في المؤمن يسكت على المنكر
إن المؤمن لا يسكت على منكر يرتكب خصوصًا إذا كان هذا المنكر من الجرائم الكبرى مثل السرقة والقتل ويجب أن يمنع القتل والسرقة ما استطاع إلى ذلك سبيلا فإن لم يتمكن من منع ذلك بنفسه أبلغ الحاكم الأمر فإذا حدثت السرقة أو القتل قبل أن يتمكن من إبلاغ الحاكم أمرهما يجب عليه أن يدل على الفاعل حتى يقتص منه فإذا لم يفعل شيئًا من ذلك فهو آثم والجرائم متفاوتة فالقتل مثلا جريمة أكبر من السرقة والفتنة جريمة أكبر من جريمة القتل وقد فسر الله سبحانه وتعالى الفتنة التى هى أكبر من القتل بأنها الصد عن سبيل الله والكفر به وإخراج المسلمين من ديارهم فقال سبحانه يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه الآية وقال سبحانه وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم الآية وهذا النوع من الفتنة موجود الآن يتمثل في إخراج المسلمين من ديارهم فى فلسطين وبيت المقدس والواجب على المسلمين أن يهبوا جميعًا للقتال في سبيل الله حتى لا تكون هذه الفتنة وأن الجهاد في سبيل الله الآن فرض على المسلمين أفراداً وفرض على جميع الدول الاسلامية وإن كل من تباطأ فيه أو تهاون فهو آثم
1 القاتل
من
أكثر معصية الله من بين هؤلاء
جـ شارب الخمر ومدمنها د الزاني
ب الوجودي الذي لادين له
هـ الكذاب
و كثير الفتن
ح السارق
ز التمام
أكثرهم معصية لله سبحانه وتعالى الوجودى الذى لادين له لأنه يسند الأمور إلى الطبيعة معتقداً أن كل شيء خلقته الطبيعة ونسى قول الله تعالى سبحانه أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون
٢٢٥
أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين أم له البنات ولكم البنون سورة
الطور هذه الآيات تدل على أن كل شيء من عند الله لأنه خالق حقائق الأشياء ولاخالق سواه وعالم بطبائعها والطبيعة من نفس المخلوقات فالوجوديون هم أكثر الناس معصية الله عز وجل ثم يأتي من بعدهم أهل الفتن لأن الفتنة أشد من القتل قال الله تعالى في سورة البقرة واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ثم يأتى من بعد ذلك النمام حيث يقول الله تعالى فيه في سورة الحجرات أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم
ثم يأتى من بعد ذلك شارب الخمر ومدمنها حيث يقول الله تعالى فيه في سورة المائدة يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون
ثم يأتي من بعد ذلك القاتل حيث يقول الله تعالى فيه فى سورة الإسراء ولا تقتلوا
أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئًا كبيرًا ثم يأتى من بعد ذلك الزاني حيث يقول الله تعالى فيه فى سورة الإسراء ولا تقربوا الزنى إنه
كان فاحشة وساء سبيلا
ثم يأتي من بعد ذلك السارق حيث يقول الله تعالى فيه فى سورة المائدة السارق والسارقة
فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم ثم يأتي من بعد ذلك الكذاب حيث يقول الله تعالى فيه في سورة الزمر إن الله لا يهدى من هو كاذب كفَّار وكلهم واقعون في معصية الله وهم بعيدون عن الله عز وجل ولا يقربون إليه إلا بالتوبة النصوح قل ياعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم
في حكم الدولة المسلمة التي لا تحكم بالقرآن وحكم
الشعب التابع لتلك الحكومة
لا يوجد مسلم صادق يأبى أن يحكم بالإسلام سواء أكان هذا المسلم من الشعب أم من رجال الحكم ذلك أن الله سبحانه وتعالى يقول فلاوربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيا شجر
٢٢٦
بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليما وتحكيم رسول الله هو تحكيم القرآن والسنة وما من شك فى أن من لا يرض بالقرآن حكماً لا يكن مسلما ولا يكن قد ذاق حلاوة الإسلام والإيمان
والواقع أن الدول الإسلامية فى الفترة الماضية كانت مكبلة بأغلال الاستعمار وكان أهلها مغلوبين على أنفسهم لا يملكون من أمرهم قليلا ولا كثيرا فرض عليهم الاستعمار قوانين لا تمت إلى دينهم بصلة وفرض عليهم نظماً اجتماعية غريبة على جوهم الروحى فلم يتمكنوا من أجل ذلك من التشريع لأنفسهم ولكن الأمم الإسلامية الآن والحمد لله قد نفضت رجس الاستعمار عن كاهلها وأصبحت تحكم نفسها بنفسها ومن أجل ذلك بدأ المصلحون فيها ينادون بالرجوع إلى جوهم الروحى وبيئتهم الدينية إن الأصوات تتعالى بالنداء إلى تشريع قوانين نابعة من الشرق ومن العروبة ومن الإسلام إن رجال الإصلاح الآن وفيهم كثير من رجال الحكم ينادون باتخاذ الدستور القائم على قواعد من الأخلاق الدينية وبدأت الحكومات تستعد للسير في هذا الاتجاه والله نرجو أن يكتب لها التوفيق وأن يهيئ لها جوا من الاستقرار تعمل فيه على إعادة الإسلام والمسلمين
في الكبائر والتوبة
الكبائر بريد الكفر ودليل على عدم ثبوت الإيمان والوعيد فيها شديد بل لقد ورد من الوعيد فى كثير منها ما يقارب الوعيد على الكفر كالقتل والزنى وشرب الخمر وعقوق الوالدين وأكل الربا ونحو ذلك
وحفظ القرآن المقصود منه تأمله وتدبره وتعرف الأحكام منه وعدم الخروج على تعاليمه وفى الحديث الصحيح القرآن حجة لك أو عليك أى القرآن يشهد لما عملت من خير ويشهد على ماعملت من شر بما فيه من تعاليم رشيدة وأحكام سديدة تحكم على تصرفات المسلم وتبين موقف الدين منها وهو معنى قول بعض السلف رُب تال للقرآن والقرآن يلعنه يقول ألا لعنة الله على الظالمين وهو ظالم لنفسه ولغيره إلخ فحافظ القرآن الذى يترك الصلاة ويقترف الذنوب الكبيرة لا يزيده حفظه إلا لعنة من الله القرآن خيرا ولا بركة لأنه مهمل التعاليمه خارج على حدوده معرض عن تدبر
ولا يجنى من مافيه والسير على هداه
۷
ذلك فرحمة الله واسعة والله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء والله ومع تعالى يقول قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا فإذا ما بادر إلى التوبة قبل الله توبته وعاد القرآن حجة له وتكشفت له أنواره ونفعه وهداه قليبادر إلى التوبة حذرًا من مقت الله وليحسن مصاحبة القرآن وإلا طرده القرآن عنه وأبعده منه وخرج عن حدود الإسلام باتباعه خطوات الشيطان
للمسلم
في القتل العمد والخطأ
عند الله حرمة كبيرة ومكانة عظيمة ومن أجل ذلك كان إزهاق روحه كإزهاق
أرواح البشر جميعا قال تعالى من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها ۱ فكأنما أحيا الناس جميعا ومما لاشك فيه أن الفرق واضح بين قتل العمد وقتل الخطأ ففي قتل العمد القصاص لتكراره وزجرا لمن تسول له نفسه السوء
منعا
وفى قتل الخطأ أ الدية قال تعالى وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلا خطأ ومن قتل فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يَصَّدَّقُوا ثم يقول في آخر الآية
مؤمنًا خطا
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً فعلى السائق الذي قتل رجلا وعددًا من الناس خطأ دية من قتله وتشترك في أداء الدية عائلته فيما زاد على الثلث على الراجح وتؤدى فى ثلاثة أعوام على أقساط وتكون على البالغين من الرجال
وهذا كله فيما إذا لم يكن القتل ناتجاً عن إهمال في اختبار آلات السيارة وما إلى ذلك وإلا كان القتل عمدا والسائق يُقتل به لتسببه فيه بإهماله كما أن القتل قد لا يكون للسائق فيه يد لخروجه عن إرادته كظهور القاتل أمامه فجأة ولا يمكنه التخلص من قتله أو يكون المقتول هو السبب في هذا القتل وعلى ذلك فالسائق لاشيء عليه فى مثل هذا وهذه الصور التي ذكرناها يدركها السائق من نفسه ويدركها المتخصصون ممن يقومون بالتحقيق فى مثل هذه الحوادث ومتى حددت
المسئولية كان الحكم ما ذكرناه أحياها تسبب فى منع قتلها
۸
ماحكم زوجة تهدد زوجها بالقتل من حين لآخر وماذا يفعل الزوج في هذه الحال
وماهو الواجب على الزوجة تجاه زوجها
إن القرآن الكريم فصل فى موضع الخلاف الذى يحدث بين الرجل والمرأة إنه قد وضع الرجل موضع القوام على امرأته أى أنه القائم على المصالح والتدبير والتصرف بالنسبة للأسرة ووضعه بالنسبة للأسرة - بما فيها الزوجة - وضع الوالى بالنسبة للرعية
فإذا حصل نشوز أى تمرد من جهة المرأة فعلى الزوج أن يتخذ في ذلك مراحل لإصلاحها المرحلة الأولى وعظها والوعظ هو بيان حكم الله في ذلك أعنى وجوب طاعة المرأة لزوجها في غير ماحرم الله وقد كثرت الأحاديث في ذلك
فإذا لم تستجب فعليه أن يهجرها في المضجع فإذا لم يُجدِ ذلك فإن ضربها ضربا خفيفا يكون أهون في شريعة الله وفى عرف الناس من الطلاق وإذا لم يُجد كل ذلك أيضًا فإن الحل قبل الطلاق هو أن يوكل الزوج حكما من أهله وتوكل هى حكماً من أهلها للإصلاح بينهما فإذا لم يفد كل ذلك كان الحل الوحيد هو الطلاق وكل هذا مأخوذ من قوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فَضَّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرًا وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكما أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليمًا خبيرًا أما واجب المرأة نحو زوجها فهو يؤخذ من الأحاديث التالية روى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال قال رسول الله خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك فى نفسها ومالك قال ثم قرأ رسول الله هذه الآية الرجال قوامون على النساء إلى آخرها وعن أبى هريرة رضى الله عنه رواه الإمام البخاري أن رسول الله الله قال إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح وبالجملة فإن واجب الزوجة تجاه زوجها إنما هو الطاعة في غير معصية وذلك يؤخذ صراحة من قوله تعالى فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا بيد أن مما ينبغي أن
من
۹
يلاحظ أن للنساء على الرجال حقوقاً ومن أجل ذلك يقول رسول الله الله في حجة الوداع ه اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ومن حقوقها على زوجها في الجملة أن تعيش عيشة كريمة متمتعة بالحياة السعيدة في حدود
استطاعة زوجها
في اشتراك مجموعة في القتل
إذا اشترك رجلان أو أكثر فى قتل رجل واحد فإن رأى الدين في الحكم على هؤلاء
کالاتی
إذا ثبت أن هذين الرجلين أو الأكثر قد اشتركوا حقيقة في قتل رجلا قتلا عمداً بأن ضربه كل واحد منهم أو أمسك به البعض وضربه البعض الآخر إذا ثبت ذلك ومات فإنهم جميعاً يُقتلون قصاصا منهم وزجراً لغيرهم وتبريدا لصدور أهل القتيل يقول الله تعالى ولكم في
القصاص حياة
ففيه الدية تدفع لأهل القتيل
الخطأ وأما القتل ولأهل القتيل أن يقبلوا الدية ولهم أن يعفوا وذلك خير لهم
في الأخذ بالثأر
القتل من الذنوب الكبائر التي توعد الله عليها بالعذاب الأليم يوم القيامة كما في الآية الكريمة
ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيما ومن قتل مؤمنا متعمدا فيجب القصاص من القاتل
ومع
أن القاتل يقتص منه فليس معناه أن هذا القصاص يتولاه أي إنسان بل يكون على يد الحاكم بعد أن تثبت إدانته ويثبت عليه أنه ارتكب هذه الجريمة ولا يجوز لإنسان أيا كان أن يتولى القصاص بنفسه لأن ذلك إشاعة للفوضى والاضطراب
والقاتل ارتكب هذه الفعلة بغير إذن الحاكم مشيعاً للفوضى واضطراب الأمن غير أنه متى استيقظ قلبه وشعر بخطورة فعله وندم على ما فعل ورجع إلى ربه فى إخلاص وصدق وطلب منه الصفح والغفران فإنه سبحانه وتعالى غفور رحيم يقبل التوبة من التائبين مهما كانت ذنوبهم إذا صدقوا حقا في توبتهم فلا ييئس من رحمة الله ولا يقنط وليرجع إلى ربه بإخلاص وصدق في
۳۰
التوبة وفي هذه الحالة فإن الله سبحانه وتعالى أكرم من أن يرده خائبا قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم
وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون والوعيد في الآية على القتل يفيد الخلود إلا أن يعفو الله ويغفر الذنب للقاتل والقصاص لا ينفذه إلا الحاكم بعد ثبوت الجناية ولا يتولاه أهل القتيل بأنفسهم
أداء الشهادة أفضل أم عدم أدائها سترا على المسلمة
قرر الفقهاء أن من تعين لأداء الشهادة فيفترض عليه أداؤها إذا طلب ذلك ولا يسعه كتمانها لقوله تعالى ولا يأب الشهداء إذا مادعوا وقال ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ويحرم الامتناع عن أدائها لما في ذلك من إضاعة حقوق الناس وهذا في غير الحدود أما في الحدود كالزنى فإن الشاهد مخير بين أداء الشهادة لإقامة حد الله وبين الامتناع ستراً على المسلم والستر أفضل لقوله له من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة وقد صح أن التي لعل الله لقن ما عزا الرجوع عن إقراره بالزنى وسأله عن حاله ستراً ويشتهر وكفى برسول الله الله قدوة حسنة لنا ومن هذا أن للرجل
عليه الثلا
يرجم
يتضح
- موضوع السؤال - أن يمتنع عن أداء الشهادة بل إن ذلك خيرا له وهو الأفضل كما قرر الرسول صلى الله عليه وسلم خصوصا أن هذه المرأة قد وعدته بالإقلاع عن ذلك وأنها تابت إلى ربها وأنابت ولعلها تكون توبة نصوحاً فيمن الله تعالى عليها بالقبول ويبدل سيئاتها حسنات وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات قال تعالى إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما وليس من حق أحد أن يلزمه بالخلف على القرآن الكريم أو غيره
القمار حرام
في لعب القمار والمال الناتج عنه
قال الله تعالى يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه
فالقمار وما ينتج عنه من كسب حرام وهو مصدر غير مقبول للربح أو الاكتساب ومن
۳۱
شروط المال الذى يجوز للمسلم الانتفاع به أن يكون حلالا طيباً لا حراماً صرفاً قال تعالى فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيباً
وقال يأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو
مبين
وقد تليت هذه الآية عند النبي الله فقام سعد بن أبي وقاص فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلنى مستجاب الدعوة فقال الله يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يُتقبل منه أربعين يوماً أيما عبد نبت لحمه من السحت والربا
فالنار أولى به
ويقول الله
يأيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال يأبها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إنى بما تعملون عليم وقاليأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب
لذلك
وننتهى من ذلك إلى أن شراء لوازم الإنسان بمال القمار أو كسبه لا يجوز وكل تناول أو استعمال لهذه اللوازم يزيد الإنسان بعدا عن الله تعالى وخروجا عن السعادة والنجاة فالسعى إلى الكسب من مثل هذه الطرق سعى غير مشروع ومرجعه إما إلى ضياع لما يملكه الإنسان أو أخذ لما لا يستحقه من مال غيره
والحلال الطيب هو ما ينبغى أن يحرص عليه المسلم ويطلبه وأكل الحرام سبيل إلى البعد عن الله تعالى وعدم القرب منه فالعمل لا يتقبله الله من آكل الحرام والدعاء لا ينظر الله إليه ويكفى أن يتغذى به الجسم ويستمر أثره عليه ونظرة الإسلام إلى هذا المال هى نظرته إلى كل شيء مخالف لتعاليمه خارج عن حدوده أنه شر يجب التخلص منه وينبغى على المسلم أن ينأى وأن يشترى بهذا التخلص سعادة الآخرة الدائمة والإسلام بتحريم مثل هذا المال يبتعد بالمسلم عن الاعتماد على المصادفات وعلى الحظ وعلى ما لا مطمع فيه ويوجهه إلى يكون واقعياً الحياة يأخذ منها ما يستطيع بعرقه وجهده ويبتعد عما لا تأثير له فيه
عنه
٢٤
في الصدقة في سبيل الله
الصدقة في سبيل الله فضلها كبير وثوابها عظيم عند الله سبحانه وتعالى ولقد حث عليها القرآن الكريم ورغب فيها وورد في الحث عليها والترغيب فيها كثير من الأحاديث والآثار قال تعالى مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم
وقال عليه الصلاة والسلام المرء فى ظل صدقته يوم القيامة ومن نوى أن يتصدق ثم حالت ظروف خارجة عن إرادته فحالت دون تنفيذ نيته فله ثواب
هذه الصدقة
أما من تصدق بأكثر من الصدقة التى نواها فله ثواب ما تصدق به لا ما نواه فقط لأن الله سبحانه وتعالى يقول في إطلاق وفى تعميم شمول من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وقال جل شأنه فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره والله يضاعف ثواب الخير ولا ينقص منه شيئاً وقد يثاب المرء برغم أنفه كما ورد في الآثار في ثواب الصدقة
الصدقة لها ثواب عظيم عند الله فلقد حث القرآن الكريم عليها ورغب فيها فقال تعالى يمحق الله الربا ويربى الصدقات وقال أيضاً إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعف ولهم أجر كريم
وقال عليه السلام المرء في ظل صدقته يوم القيامة وقال اتقوا النار ولو بشق تمرة وقال عليه السلام ما من عبد يتصدق بصدقة من كسب طيب إلا كان الله آخذها بيمينه فيربيها كما يربى أحدكم فلوه ۱ حتى تبلغ النمرة مثل أحده إلى غير ذلك من الآثار الكثيرة وإذا كان هذا ثواب الصدقة في المتصدق أن يهب ثواب صدقته إلى الأموات ليرحمهم الله
في أيهما أكثر ثواباً من يتصدق بفضلات طعامه أو من يخصص طعاما يتصدق به دون أن يتذوقه
يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا
۱ الفلو المهر
۳
في اليانصيب
اليانصيب أوراق لها سعر معين تقوم بإصدارها جماعة أو هيئة ثم تجمع المبالغ المتحصلة من بيع هذه الأوراق وتجرى قرعة على مبلغ كبير امنها ومن تستقر عليه القرعة يفز بهذا المبلغ
الضخم
والشريعة الإسلامية تنظر إلى هذا العمل على أنه صورة من صور الميسر أو القمار حيث يدفع مشترى الورقة مبلغاً صغيراً ثمناً لها فى انتظار ربح ضخم فإذا لم يربح خسر ما دفعه فاليانصيب صورة منظمة من صور الميسر الذي حرمه الله تعالى في القرآن في قوله يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ثم بين علة هذا التحريم فقال إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون
فاليانصيب - لكونه لوناً من ألوان الميسر - ينشر العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وهو مع ذلك يؤدى إلى ارتباك الحالة النفسية لمن يشترك فيه بين اليأس المقنط والأمل الكبير ويبعد عن المواجهة الجدية للمشاكل ويجعل المرء متعلقاً بأباطيل الأماني وكواذب ومن أجل هذا فالشريعة الإسلامية تحرمه وتحذر منه وتجعل المال المتحصل فيه سحتاً لا محل لمؤمن تناوله أو التعامل به والاستفادة منه
الأمال
ماحكم من أجبر على شراء ورقة يانصيب وربحت
ليس على من أجبر ۱ على شراء ورقة يانصيب ذنب فى هذا الشراء لأنه مضطر لذلك مجبر عليه لا يمكنه التخلص منه
ولكن شراء مثل هذه الورقة لا يبيح له الكسب عن طريقها أو الاستفادة من هذا الشراء فإذا ما فازت الورقة بمبلغ كبير فليس لصاحبها الحق في الحصول على هذا المبلغ وإنما له الحق في الحصول على ثمن هذه الورقة التى أجبر على شرائها ولا يجوز له أخذ ما يزيد على ذلك والسبب في تحريم شريعة الإسلام أخذ المؤمن هذا المبلغ ونحوه أن اليانصيب لون من ألوان القمار إذ يدفع الرجل مبلغاً صغيراً طمعاً في مبلغ كبير فإما ربح المبلغ الكبير وإما خسر 1 كيف يتأتى الجبر في شراء الورقة
٢٣٤
صالحا وقال يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يارب يارب ومطعمه حرام وملبسه حرام وقد غذى بالحرام فأنى يستجاب له وفى هذا دليل على أن الحلال شرط في قبول الأعمال وإذا كنا نرجو القبول من الله يجب أن يتحرى الإنسان المال الحلال ويجعل ما أنفقه فى بناء المسجد أو أعمال الخير من أصل المال أو من الكسب الحلال ليتقبله الله
في عدم القدرة على دفع الدين
دائن لم يقدر على دفع دين حتى تجاوز عنه المدين قائلا إنى تركت الدين لوجه رسول الله فإذا استطاع الدائن بعد عامين مثلا أن يدفع الدين ماذا يفعل وهل يجوز إخراج زكاة من هذا المبلغ إذا كان معه وقت إخراج الزكاة
إذا لم يقدر المدين على سداد الدين وتجاوز عنه الدائن أبرأه منه فقد برئت ذمته ولاشيء عليه للدائن بعد ذلك لأنه قد تجاوز عن دينه بمحض اختياره وتركه ابتغاء وجه الله ورسوله ولا يصح له الرجوع فى ذلك لأنه قد وهبه له والرسول ع ل يقول العائد في هبته كالكلب يعود فى قيئه رواه البخاري
الحول
ولا زكاة على الدائن على هذا المال لأنه ليس مالكاً له
أما المدين فعند استطاعته وامتلاكه المال فعليه أن يؤدى الزكاة عنه إن بلغ نصاباً وحال عليه
لأنه مالكاً له
يعتبر
بعد تنازل المدين عنه
في الأشياء المحرمة بين الرجل والمرأة
إن الأشياء التي حرمها الله تعالى بين الرجل والمرأة حددها القرآن الكريم في قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم
تفلحون
٢٣٥
الله
من جسم
وهاتان الآيتان تحرمان على المؤمنين النظر إلى ما حرم الله وما حرم الله هو ما سوى الوجه والكفين وكذلك كل ما أثار الفتنة ولو كان الوجه واليدين ومن أجل ذلك كان النظر إلى ما حرم المرأة واللمس والمباشرة والاتصال الجنسى كل ذلك محرم بين الرجل والمرأة مالم يكن عقد وكذلك الخلوة بين الرجل والمرأة محرمة ما لم يكن عقد والأحاديث في ذلك كثيرة يقول رسول الله في النظر إلى ما حرم الله مخاطباً سيدنا عليا و يا على لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليس لك الآخرة
ويتحدث رسول الله الله عن آداب الطريق فيقول الله مخاطبا الصحابة رضوان الله عليهم إياكم والجلوس على الطرقات قالوا يا رسول الله لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال رسول الله إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه
قالوا وما حق الطريق يارسول الله قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
في الزنى
أجمع الفقهاء على أن الزانى والزانية إذا كانا غير محصنين وثبتت عليها جريمة الزنى بالبينة أو الإقرار فإن عقوبتهما التي قررها الإسلامى هى الجلد مائة جلدة قال تعالى في سورة النور الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منها مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين فإن كانا محصنين فعقوبتها الرجم بالحجارة حتى الموت فقد ورد أنه جاء في القرآن الكريم مما بقى حكمه ونسخ لفظه الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم رسول الله الله أمر برجم ماعز والغامدية حينما أقرا بذلك وكانا محصنين
وصح
أن
تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب
مهين
وجلد الزانى والزانية إذا كانا غير محصنين ورجمها حتى الموت إن كانا محصنين عقوبة دنيوية وحد من حدود الله يجب على ولى أمر المسلمين إقامته حفاظاً على الأمر وصوناً للمجتمع من العبث
والفساد
٢٣٦
أما عقوبة الآخرة فبينها القرآن الكريم فى قوله تعالى في سورة الفرقان في وصف عباد الرحمن بالدين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً
من يزني بامرأة غير متزوجة أو من يزنى بامرأة متزوجة أيهما أكبر ذنباً
الزنى كله حرام ومن الكبائر قال تعالى ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا فحرم القرب من الزنى بالنظر والمخالطة وتمهيد أسبابه ونحو ذلك فكيف بالزنى وقد عده الرسول ليل من أكبر الكبائر وقرنه بالشرك بالله وهو فى ذلك إنما يطبق الآية الكريمة التي وصف الله بها عباد الرحمن فقال والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة
وقد ورد عقاب الزنى فى الآية الكريمة الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منها مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين وهذا العقاب إنما هو على الرجل غير المتزوج والمرأة غير المتزوجة فإذا ما كان الرجل متزوجاً أو المرأة متزوجة فإن العقاب يكون من نوع آخر إنه الرجم فيرجم الرجل المتزوج أو المرأة المتزوجة بالأحجار حتى الموت
وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أنه قال
أتى رجل من المسلمين رسول الله الا الله وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إنى
زنيت فأعرض ذلك عليه أربع مرات أى كرر ذلك أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله الا الله فقال أبك جنون قال لا قال فهل أحصنت تزوجت ودخلت بامرأتك قال نعم فقال رسول الله الله اذهبوا به فارجموه قال جابر فكنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى فلما أذلفته الحجارة أصابته بجدها هرب فأدركناه بالحرة اسم مکان فرجمناه
عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال له يا رسول الله إلى زنيت فأعرض عنه حتى ثنى
۳۷
ومن ذلك يتبين أن من زنى وهو متزوج فإن جريمته أفظع وذنبه أشنع وكذلك من زنت وهى
متزوجة
في
رجم
الزاني والزانية
الزنى من الجرائم الخطيرة التي شدد الإسلام النكير على مرتكبها لما لها من الآثار السيئة على الفرد
حرم
الله إلا بالحق
والجماعة على السواء وقد جعل الإسلام عقوبة الزانى فى الدنيا الجلد – إن كان غير محصن - والرجم حتى الموت إن كان محصناً قال تعالى الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منها مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين وقد ثبت من السنة الصحيحة أن رسول الله الا الله رجم الزاني والزانية المحصنين وأجمعت الأئمة على ذلك وقد قرن الله تعالى مرتكب الزنى مع المشرك وقاتل النفس في آية واحدة مما ينبي عن فظاعة هذه الجريمة وشدة عقوبتها يوم القيامة قال تعالى والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً وإذا كان الزنى بالأجنبية منكراً فهو بالمحرمة أشد نكراً وأعظم إثماً وزوجة الأخ إن لم تكن كالأخت والعمة وغيرهما من ذوات الرحم المحرم فإن الزنى بها لا يقل إنما وجرماً عن الزنى بإحدى المحارم فالأخ الذى تسول له نفسه ارتكاب معصية مهما صغرت مع زوجة أخيه قد اعتدى على الزوجة وخان الأخوة ولم يراع الأمانة نفسه وربه وأجرم في حق أسرته وأخيه مع وحكم الإسلام هو الجلد مائة جلدة لغير المحصن والرجم حتى الموت للمحصن إذا ثبت الزنى بالبينة الشرعية أو الإقرار هذا فى الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون وحسبنا أن نقول إن القرآن الكريم قدين شدة عقوبة الزانى يوم القيامة ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما
أما الزواج بزوجة الأخ فذلك لا يجوز إلا إذا طلقها زوجها أو مات عنها وانتهت عدتها منه مالم يكن هناك مانع شرعى
۳۸
في دواعي الزنى هل تحرم المصاهرة
يقول السادة الحنفية إن دواعى الزنى كلمس أو قبلة بشهوة كالزنى يحرم المصاهرة فمن زنى بامرأة أو ارتكب شيئاً من دواعيه حرمت عليه أصولها وفروعها وحرم عليها أصوله وفروعه فيحرم الشاب السائل الزواج ببنت تلك السيدة التى ارتكب معها ما أشار إليه في سؤاله حتى ولو لم يدخل
بها
ويرى الإمام الشافعي رضى الله عنه أن ماء الزنى هدر لا حرمة له فلا يأخذ حكم النكاح في تحريم المصاهرة فمن زنى بامرأة وارتكب معها شيئاً من دواعيه فلا يحرم عليه أن يتزوج ابنتها فيجوز للسائل – على رأى الإمام الشافعي - أن يتزوج بالبنت التي يرغب الزواج منها وإن كنت أرى وأنصح بعدم الزواج منها لا ترجيحاً لمذهب على مذهب ولكن لأن طبيعة الحياة الزوجية وظروفها المختلفة ستجمع بين الزوجين وبين والدة زوجته بل لقد تؤدى إلى الخلوة بينهما وهى حينئذ حماته وأم زوجته ويخشى أن تكون هذه ثغرة ينفذ منها الشيطان إليهما فيوسوس لها مجدداً ما كان بينها فينتهى الأمر بالحياة الزوجية إلى الانهيار أو على الأقل عدم الاستقرار هذا وإلى أوجه النظر إلى أن الإسلام حين حرم الخلوة بالأجنبية ولو كانت زوجة العم أو زوجة الأخ أو ابنة العم أو ابنة الحال أو ما شابه ذلك إنما فعل ذلك حفظاً لدين الرجل وصيانة لعفاف المرأة ومحافظة على الأسرة الإسلامية ووقاية لها من أن تحدث بها ما يقوض أركانها ويودى بأخلاق الرجال وكرامة النساء
فعلى المسلمين أن يراعوا تعاليم دينهم وأن يخضعوا العرف السائد بينهم لأحكام شريعتهم التي جاء بها القرآن الكريم من لدن حكيم عليم ونادت بها السنة المطهرة التي سنها رسول لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى
وقد قال صاحب الرسالة صلوات الله وسلامه عليه لقد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتى
في الإجهاض بعد تكون الجنين
قالى تعالى في وصف عباد الرحمن والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة -
۳۹
ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان
الله غفوراً رحيماً ولا يرضى الشرع للفتاة أن تجهض نفسها بعد أن يتكون الجنين في أحشائها لأن ذلك قتل الله قتلها إلا بالحق مالم يكن فى بقائه بأحشائها ضرر محقق بها فحينئذ يجوز للضرورة
لنفس حرم
فإن الضرورات تبيح المحظورات
في لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن
قال الله تعالى ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا وقال رسول الله
ه لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن
من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان يحس بمسئولية إتيان الفاحشة وبدرك العواقب
الوخيمة المترتبة على وقوعها بالنسبة للفرد والأسرة والمجتمع والذي يباشر الزنى ويرضاه ذكراً كان أو أنثى شخص انحط مستواه عن درجة الإنسانية إلى درجة الحيوانية بل إن فى الحيوان من يعرف أليفه ولا يرضى بغيره وحسبك أيها الزانى تجريد رسول الله علم لكل من الإيمان وأنت متلبس بجريمتك وهب أنك مت متلبساً بتلك الجريمة موغلا في معصية ربك تفوح منك رائحة الإثم التي تزكم الأنوف وتجعل كل من يراك ويجد من تلك الرائحة من المؤمنين يفر منك ويبتعد عنك ولا يشارك فى تجهيزك لآخرتك فمن يشارك فى تجهيزك شياطين الإنس أم شياطين الجن أوكيف يكون حالك فى الإقدام على ربك وأنت تقارف معصيته لقد قلت إنك تحس بالخجل فى الصلاة ولا تستطيع إتمامها وما أدرى ذلك إلا من عدم صدقك في التوبة ولو أنك تبت إلى الله تعالى توبة نصوحاً لانشرح صدرك الله في الصلاة وكل عمل يقربك إلى الله
وعليك أن تذكر نفسك بأن جريمة الزنى جريمة منكرة لا ترضاها أنت لأمك ولا لأختك ولا لابنتك ولا لعمتك فإنك إن تذكرت ذلك أمكنك أن لا تقع في الإثم مهما كان الداعي إليه وعليك إن أردت التوبة النصوح - أن لا تيأس من رحمة الله وأن تكثر من الاستغفار على ما فرطت - وأن تعزم على أن لا تعود إلى تلك المعصية أبداً
٢٤٠
في الملاعبة بين النساء
يقول الله سبحانه وتعالى وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن هذا أمر الله سبحانه وتعالى للمؤمنات بأن يغضضن من أبصارهن عن التطلع إلى كل ما لا يحل لهن وأن يحفظن فروجهن عن كل ما حرم الله سبحانه وتعالى من الزنى وغيره مثل المساحقة وهى معاشرة المرأة للمرأة وهذا منكر فضلا على أنه منهى عنه لأنه انتكاس للفطرة والطبيعة التي خلق الله عليها الذكر والأنثى وهو أيضاً مناف للعفة والكرامة فوق أنه يهيج كلا من المرأتين ويشعل الشهوة عندهما مما يدفعها إلى ارتكاب الفاحشة ويفضى بهما إلى الجرى وراء الرجال وقد نهى الرسول عال عن أن يفضى الرجل إلى الرجل أو المرأة إلى المرأة في ثوب واحد وذلك
حتى لا يحصل ملاصقة البشرتين بعضها ببعض فيؤدى ذلك إلى المنكر والفحشاء وقد يكون في ذلك استغناء المرأة بالمرأة مما يؤدى بهما إلى الإعراض عن الزواج وانتشار العزوبة
المفسدة للمجتمع فيلزم التحامى عن هذه العادة المرذولة والابتعاد عنها والتمسك بآداب الدين والله هو
الحافظ والمعين
في جزاء الزوجة الخائنة
قال الله تعالى يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون وقال رسول الله الله إنه لا أمان لمن لا أمانة له ولا صلاة ولا زكاة
فالخيانة عامة هي شر ما يبتلى به المجتمع وهى من الزوجة أشد وأنكى وجزاؤها ما أعده الله سبحانه وتعالى للخائنين من العذاب الأليم ولا يصح للزوج أن يشك في امرأته من غير أن يتحقق فإن ذلك يجرها إلى الفساد
أما إذا علم منها الخيانة فلا يصح له أن يرضى بذلك هذا في الخيانة بوجه عام أما إذا كانت الخيانة انحرافاً في الناحية الجنسية فإن الله سبحانه وتعالى يقول الزانية والزانى
فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين
٢٤١
ما حكم المسلم الذي يحتفظ بزوجة تخونه على علم
وما حكم الأبناء الذين يأتون نتيجة لخيانتها
الحديث عن هذا الموضوع لابد من التفرقة بين الظن واليقين فإن كان الزوج يظن فقط وكانت المسألة لا تعدو أن تكون ظنا فإن الله سبحانه وتعالى يقول يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم أما إذا كان على يقين من الخيانة فإنه يجب عليه مباشرة مفارقتها يقول الله سبحانه وتعالى الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ويقول رسول الله الله فيما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر ثلاثة حرم الله عليهم الجنة مدمن الخمر والعاق لوالديه والذي يقر في أهله الخبث أي الذي ويسكت على ذلك أما الأبناء الذى علم يقيناً أنهم ليسوا من صلبه وإنما المحرمة إذا علم ذلك يقينًا فعليه أن يتبرأ من نسبتهم إليه ونختتم الإجابة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجة عن ابن مالك رضى الله عنه x من أ من أراد أن يلقى الله وهو طاهر متطهر فليتزوج الحرائر أى العفيفات من النساء ذوات الدين الطاهرات
زوجة المسلم حرام على غيره
يعلم بخيانة امرأته هم الثمرة لخيانتها
إن زوجة المسلم حرام على غيره بأية وسيلة وعن أى طريق ولا يجدي في استحلالها عقد شرعى لأن من شروط العقد الشرعى أن لا تكون المرأة زوجة لرجل آخر وعلى ذلك فهذا الزواج اعتداء أثيم وهي محرمة عليه ويعتبر بها زانياً وكل لحظه تمر بهما في هذه العلاقة هي لحظة إثم وفسوق فعلى الحاكم فسخ هذا النكاح ومعاقبة هذا الآثم وعلى المسلمين جميعاً التشهير به والإنكار
عليه
أما بالنسبة لصلاتهما في المسجد فلا مانع يمنع من دخولها المسجد والصلاة فيه فرادى أو جماعة على أن يكون الإمام شخصاً آخر غير هذا الذى تزوج زوجة المسلم بالقوة ولا يجوز لهذا الذي تزوج زوجة المسلم بالقوة أن يصلى بالناس إماماً لأنه فاسق آثم مشهور بالفسق والإثم فلا يجوز أن يكون إماماً
خبر
الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غنى حميد يأمر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة عباده المؤمنين بالصدقة من طيبات أموالهم قال الأمة ابن عباس رضى الله عنهما أمرهم بالإنفاق ومن أطيب المال وأجوده وأنفسه ونهاهم عن التصدق بحثالة المال ودنيئه وهو خبيثه فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ويقول الإمام ابن كثير ولهذا قال ولا تيمموا الخبيث أي تقصدوا الخبيث ولستم بأخذيه إلا أن تغمضوا فيه أى لو أعطيتموه ما أخذتموه ألا تتغاضوا فيه فالله غنى عنه منكم فلا تجعلوا الله ما تكرهونه والهدف الذى من أجله ذكرنا هذه الآية الكريمة أن كثرة الثواب في الصدقة تابعة لطيب المتصدق به وجودته فإن كانت فضلات الطعام في الأطهر الأجود والأنفس فثوابها أكبر على أن كثرة الثواب فى الصدقة متعلق بأمر آخر أيضاً هو صفاء نية المتصدق وإخلاصه وإرادته وجه الله سبحانه في تصدقه
والخلاصة أن كثرة الثواب إنما تكون على الطيب من الصدقة أي أن يكون المتصدق به طيباً
في النوع وطيباً من حيث نية المتصدق
ويقول الله تعالى وماتفعلوا من خير فإن الله به عليم
ويقول الرسول إنما الأعمال بالنيات فعلى قدر جودة المتصدق به وعلى قدر صفاء نية المتصدق يكون الثواب
في حكم من أسهم بماله في بناء مسجد أوكنيسة
إن المساجد لها شأن كبير قال تعالى
إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله أولئك أن يكونوا من المهتدين
فعسی وعمارة المساجد كما تكون بالذهاب إليها والصلاة فيها والجلوس بها تكون ببنائها وتكون
بإصلاحها
ويقول صاحب الكشاف العمارة تتناول رم ما سقط منها وقمها – أى كنسها – وتنظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها واعتيادها للعبادة والذكر وروى الإمامان البخاري ومسلم عن عثمان بن عفان - رضي الله عنهم أجمعين - أن رسول
الله قال
من بنى الله مسجداً يبتغي به وجه الله تعالى بنى الله له بيتاً في الجنة والمساهم بماله في بناء
٢٤٢
فى معاشرة الرجل لغير زوجته
معاشرة الرجل لغير زوجته منكر وفاحشة حرمها الله ونهى عنها وهى من الكبائر التي شرع الإسلام إقامة الحد على من تثبت عليه أنه ارتكبها فمن ثبت عليه ذلك وجب عليه الجلد مائة جلدة إن لم يكن قد تزوج من قبل والرجم حتى يموت إن كان قد تزوج قبل ذلك بهذا جاء القرآن والسنة ويلزم من وقع في شيء من ذلك أن يبادر بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى وكل ولد ينتج من هذه المعاشرة فهو ولد زنى لا يثبت نسبه من أحد
في حضور الإمام سبوع طفل مولود من حرام
إذا فهم من حضور مثل هذا الإمام إقرار الزنى أو مباركة نتاجه فحضور مثل هذا اليوم حرام على الإمام وعلى غيره وإن كانت حرمته على الإمام أشد أما إذا فهم من حضوره إكرام المولود الذى ينظر له المجتمع بعين الاحتقار دون ذنب جناه ورد ما يمكن أن يؤذيه به المجتمع من اضطهاد وحرمان فحضوره في مثل هذا اليوم حلال بل مندوب وعليه أن يذكر الناس بأحكام الله فى أسلوب رقيق يصل إلى القلوب وأن ينتهز هذه الفرصة ليذكر بالحلال والحرام ولعل الله يهدى به الأفئدة وينير به الضمائر والذي تجوز الإشارة إليه في هذا اليوم أن حضور الإمام أو عدم حضوره في اليوم السابع لميلاد أي طفل لا يخرج عن حد
المباح
فلم يرد الندب إلى حضور الإمام يوم السابع من الميلاد أو إلى اجتماع الأحباب فيه وكل ما ورد هو الندب إلى ذبح ذبيحة يوم السابع تيمناً بالمولود وتقرباً إلى الله سبحانه وتعالى ومن دعى إليها أجاب
والولد الذي ولد من زنى ولد له حقوق الأولاد العاديين على المجتمع وإن لم يكن له مثل
ما للابن الشرعى من حقوق
ويعتبر كاللقيط وكل من أحسن إليه له ثواب هذا الإحسان على أى وجه من الوجوه فالله تعالى لا يؤاخذ ولداً بما جنى أبواه وعلى المسلمين مساعدة مثل هذا الطفل على أن ينشأ نشأة صالحة مستقيمة
٢٤٣
في الوضع بعد ستة أشهر
ما دام الوضع تم بعد ستة أشهر من الدخول فنسبه إلى من دخلت به ولا يمكن قبول ادعاء غير ذلك بأية وسيلة من الوسائل إلا باعترافها بذلك
فقد روى
أن عثمان أتى بامرأة قد ولدت لستة أشهر فأراد أن يقضى عليها بالحد فقال له على
رضي الله عنه ليس ذلك عليها قال الله تعالى وحمله وفصاله ثلاثون شهراً وقال والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة فالرضاع أربعة وعشرون شهراً والحمل ستة أشهر
هذا فما يتصل بنسب الولد وإلى من ينتسب أما إذا اعترفت بأن الولد ليس ولده وإنما هو ولد غيره فإنها تنفصل عنه ويلغى ما كان بينهما من نكاح ثم تعتد منه ثم تحل بعد ذلك له كما تحل لغيره ويصير خاطباً من الخطاب لأن النكاح وهى حامل فاسه يفسخ ثم تحل له بعد العدة من هذا النكاح الفاسد كما تحل لغيره
في من عمل أعمالا صالحة وارتكب أموراً سيئة
من كان قادراً على العمل فلم يعمل فقد أذنب وأثم لأنه عطل طاقة كان من الممكن أن تأخذ بيده وبيد مجتمعه إلى ما فيه نفع ديني أو دنيوى لها وإذا كان من يقدر على العمل ولا يعمل فقد أثم فما بالك بمن يعمل عملا محرماً كما جاء في سؤال السائل - مخالفاً لتعاليم الدين ومغضبا لرب العالمين إن جزاء ذلك الرجل الذى اتخذ من تلك الجريمة وسيلة للكسب إنما هو العذاب يوم القيامة ومأواه النار ومثواه جهنم إذ كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به والزني جريمة خلقية وكبيرة من الكبائر نهانا الله سبحانه وتعالى عنها وعدها فاحشة تفضى إلى أسود خاتمة وأسوأ سبيل فقال ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشه وساء سبيلا وأضرار هذه الفاحشة أكثر من أن تحصى فهى تقوض بناء الأسرة وتهدد بنيان الأمة الفجور فيها وتؤدى إلى اختلاط الأنساب وتورث الأمراض الخبيثة فى المجتمع وتأخذ به
والانقراض
وتنشر
للفناء
٢٤٤
في الاستمناء
الاستمناء داء استشرى بين الشباب وهو داء قديم عرف عند بعض سفهاء العرب فضلا عن
غيرهم
وقد سئل مالك عنه فتلا قول الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فحصر الله سبحانه وتعالى وسيلة استخراج المني في النكاح الشرعى الصحيح أو امتلاك الإماء وما عدا ذلك حرام لا يجوز بيد أن الاستمناء جائز عند الضرورة القصوى لإنه إخراج فضلة من البدن كالفصد والحجامة ولكن أكثر العلماء على تحريمه بل قال بعض العلماء إن فاعله كالزاني بنفسه وقال القرطبي وهو معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة وياليتها لم تقل ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها على أن كثيراً من الأطباء قد حذر من ضرر الاستمناء بالجسم من ناحية القوة الجنسية ومن ناحية قوة البصر والجهاز التنفسي ونحو ذلك الطرق للنجاة من أخطارها كممارسة الألعاب الرياضية ومخالطة الناس والاشتراك ورسم في الأنشطة التى تصرف عن التفكير فيه ونحو ذلك
ونزيد على ذلك التوجيه إلى الإكثار من الصوم والعبادات ومخالطة علماء الدين لتنكسر الشهوات ويذهب التفكير في هذا المجال
والعلاج الحاسم الذى يرضى الله ورسوله إنما هو الزواج وإذا اتجه الإنسان إلى الله في صدق راجياً أن ييسر له أمر المعيشة والزواج واجتهد فى أن يكسب المال من حلال فإن الله سبحانه يفتح
له الطرق وييسر له الرزق
في غض البصر والرقص الأوربى
يقول الله سبحانه وتعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن وهذا أمر الله سبحانه وتعالى للمؤمنين والمؤمنات بغض أبصارهم وحفظ فروجهم وعدم إظهار زينة النساء إلا للمحارم وذلك بعداً عن مواطن الفتنة وسدا لذريعة الفساد ويؤخذ من
٢٤٥
ذلك أن اختلاط الرجال بالنساء لا يبيحه الشرع إلا إذا كان فى نطاق هذه الآية 1 والالتزام بآدابها وتعاليمها أما اختلاط الرجال بالنساء على الوضع المألوف والرقص والتثنى فهو حرام ومنكر لا يبيحه الإسلام ولا يرضى عن فاعله وقد دخلت أسماء بنت أبي بكر على رسول الله وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها قائلا ه إن الجارية إذا بلغت المحيض لا يحل لها أن يظهر منها إلا هذا وهذا وأشار إلى الوجه والكفين والرقص الأوربى الذى يحتضن فيه الرجل امرأة أو فتاة لا تحل له ويراقصها على أنغام الموسيقى إنما هو إثارة شديدة للغرائز وانتهاك الماحرم الله ولا شك فى ذلك ولذا كان من المحرمات وحرمته لا يختلف عليها اثنان من علماء الإسلام
في قول رسول الله الله من نظر إلى محاسن امرأة لا تحل له صب في عينيه الآنك ٢ يوم القيامة
فكيف يتجنب الإنسان هذا الإثم
يتجنب الإنسان إثم النظر إلى كل امرأة لا تحل له بغض البصر كما قال الله تعالى وخفضه إلى الأرض واشتغاله بما هو ألزم له إن كان ماشياً كي لا يتعثر في طريقه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل بصره إلى الأرض مهما سار فى طريقه راجلا أو راكباً ومن كان همه مولاه اشتغل به عن
كل ما سواه
في تلقيح أطفال الأنابيب
تلقيح الأطفال في الأنابيب لا يجوز ولا تدعو إليه مصلحة ولا ضرورة وهو اتجاه فاسد لأنه بهذا الاتجاه تنقطع الروابط الإنسانية التي يقول الله فيها يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا وهذا الذى يُربى فى أنبوبة يخرج إلى الحياة - إذا أخرج وهو لا يرتبط بالإنسانية بأب ولا بأم ولم يعرف حنان الأب أو الأم ولا عطفها فيكون مجردا عن كل ما تتحلى به الإنسانية
في عواطفها وفى توادها وتراحمها فيكون ضرره على المجتمع كثيراً
۱ آیه ۳۱ من سورة النور
٢ الأنكُ الرصاص الخالص
٢٤٦
ومما يجدر أن نوجه الأنظار إليه أن تلقيح الأطفال فى الأنابيب لا تعنى خلقاً أو اختراعاً وإنما تعنى تغيير الجو الذي ينمو فيه الطفل ونقله من رحم الأم إلى رحم الأنبوبة أو داخلها إنه تقليد لما جرت عليه طبيعة التناسل ومحاكاة لجو الرحم في داخل الأنبوبة ولا يوجد ما يدعو لا باخته والإنسانية الآن تشكو كثرة النسل وهى بصدد تحديده فلا حاجة مطلقاً لزيادته عن طريق فاسد يضر بالإنسانية أكثر مما ينفعها
رأى الدين في السينما والمسرح
السينما شأنها شأن المسرح والتليفزيون تكون أحياناً مباحة وأحياناً مستحبة إذا كانت تعرض أفلاماً ثقافية أو توضح أموراً غامضة عن الكون في أعماق البحار أو في أرجاء المعمورة أو فى آفاق السماء
وكلما كانت الأمور المعروضة هدفها إصلاح المجتمع أو بيان الحقائق أو تهذيب الأخلاق أو عرض ما يحسن بالإنسان معرفته من زوايا العلم وظواهر الكون فإن مشاهدتها في السينما لعامة الناس مباحة بل مستحبة كل هذا ما لم يتخلل ذلك ما يحرمه الدين مثل العرى والرقص الخليع والأسلوب النابي ورؤية النساء الكاسيات العاريات اللاتى قال فيهن رسول الله ل إنهن بعيدات عن الجنة وعن رائحة الجنة
أما إذا كانت الأفلام أفلاماً مثيرة للجنس تبرز مفاتن المرأة وتدعو إلى الإغراء وإذا كانت عبثاً ولهواً وإذا امتلأت بالأسلوب المكشوف فإن الإسلام لا يبيح مشاهدتها لعامة الناس وجمهورهم
و دواعى هذا التحريم وبواعثه لا تخفى على الناس فهى واضحة وضوحاً لا خفاء فيه وذلك أن الإسلام يحافظ ما استطاع إلى ذلك سبيلا على الأعراض ويسد سبل الفتنة وينهى عن السوء بكل الوسائل ولقد حرم التبرح لأنه يؤدى إلى الإغراء والفتنة وحرم الخلوات المنفردة بين الرجال والنساء لأنها مزالق الشيطان
فإذا ما أصبحت السينما أداة للإغراء وإذا ما أصبحت الأجسام النسائية تعرض فيها وكأنها سلعة تعرض على الناس فإن ذلك ينهى أما إذا تبرأت الأفلام وتبرأت المسرحيات من ذلك فلا بأس بحضورها وهناك محاولات لإيجاد
عنه
الإسلام نهياً تاماً
٢٤٧
المسرح الإسلامى وإيجاد الفيلم الإسلامي وإيجاد التمثيليات والروايات الإسلامية وإنه حينما تنجح هذه المحاولات مبرأة من الفساد فإنها تكون ثروة للإصلاح وللتهذيب ويكون حضورها
مستحبا
الرأى فى النزاع بين الشبان والعلماء عن التليفزيون والسينما
من الأمور التي اتفق عليها المستنيرون أصحاب العقول الناضجة في الشرق والغرب أن التليفزيون والسينما آلتان يمكن أن يستفاد بهما في التوجيه الأخلاقي المستقيم والسلوك الحسن والثقافة العلمية على مختلف المستويات والأوساط وبذلك يكونان أداة فعالة فى رقى الأمة أخلاقياً واجتماعياً وثقافيا وعلميا وهما من أهم وسائل النهضة إذا أحسن استعمالهما أما إذا أُسيء استعمالها فأصبحا أداة للتخنث والميوعة والانصراف عن جد الحياة ولهوها وعبثها
إنهما يكونان شرا على الأمة فى الأمن وفى الأخلاق وفى الرق وفى النهوض بها وعلى ذلك يكون الرأى واضحاً وليس هناك من داع إلى النزاع بين الشبان والعلماء عن التليفزيون والسينما كما أنه لا يكون هناك نزاع بين الشباب والعلماء على أية آلة وجهت إلى الإصلاح أو إلى الضرر والمسألة إذن ليست مسألة تليفزيون وسينما وإنما هي مسألة القائمين الذين يقومون على التليفزيون والسينما فإذا أحسن اختيارهم وكانوا من العناصر الصالحة كان التليفزيون والسينما أداتين للخير والرقى والنهوض بالمجتمع
ينبغي
في التمثيل وشخصية الرسول
إن التمثيل في ذاته وسيلة ثقافية سواء كان على المسارح أو الشاشة أو التليفزيون فإن كثيراً من روائع التاريخ وأحداث السياسة ومواقف الأبطال في ساحات الجهاد والدفاع عن الأوطان أن يتجدد ذكرها وينادى بها لتكون فيها القدوة الحسنة للأجيال الحديثة وذلك إذا كان تمثيلها تمثيلا واقعياً صحيحا غير أن التمثيليات قد تتجاوز الأهداف الجدية وتتخذ وسيلة لما هو ممنوع ولما كان الرسول ع له مقامه أعلى مقام وحركاته وسكناته وحديثه تشريع كما قال تعالى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى
٢٤٨
فإن منزلته صلوات الله وسلامه عليه فوق منزلة الناس وذلك يؤخذ من قوله تعالى لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً وقوله تعالى يأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم
لا تشعرون
ولا توجد شخصية تماثل شخصية الرسول الله ولا يجوز تمثيله بأي حال من الأحوال وهذا للاعتبارات الآتية 1 - لأن مقامه أعلى وأجلّ من أن يتخذ وسيلة للتمثيل وغيره
٢ - كل ما يصدر عن الرسول تشريع
٣- هو القدوة الحسنة في كل الأعمال
لأنه لا ينطق عن الهوى
٤ - التمثيل قد ينحرف بالمثل إلى مالا يناسب مقام الرسول صلوات الله وسلامه عليه لكل هذا ينبغي أن يسد هذا الباب نهائيا ولا يصبح التفكير فيه لأنه فتنة وفساد كبير
في الغيبة
لقد حذرنا الله تعالى في كتابه العزيز من الوقوع فى الغيبة وشبه صاحبها بأكل لحم الميتة فقال سبحانه يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيجب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم فقد مثل الله تعالى الاغتياب بأكل لحم الإنسان وأراد سبحانه زيادة التنفير فجعل المأكول أخاً وميتاً ويقول صلوات الله عليه وسلامه فيما رواه البخاري ومسلم وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ولا ريب أن الغيبة تتناول العرض وقد جمع صلوات الله عليه وسلامه بينه وبين المال والدم ويقول صلوات الله عليه فيما رواه أبو داود بإسناد جيد يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من اتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته هذا هو الأصل ولكن الله سبحانه وتعالى يقول لا يحب الله الجهر باسوء من القول إلا من ظلم والظالم فاسق وقد أباح الله الجهر بالسوء في حقه وقد أباح الفقهاء قياساً على ذلك وأخذاً من بعض الأحاديث غيبة المجاهر بالفسق والمجاهر بشرب الخمر وقالوا ثلاثة لا غيبة لهم الإمام الجائر والمبتدع والمجاهر بفسقه وقد وردت أحاديث تبيح أنواعاً من الغيبة مثل قوله
٢٥٠
أن هداية البشر دينا وأخلاقاً إنما هى رسالة الأنبياء والرسل فمن قام بذلك فثوابه عند الله جزيل على شرط أن يتخلق بالخلق الكريم والأعمال الفاضلة أما إذا أخذ يستهزئ بمن هداه ويعيره بفضله عليه فإنه يكون بذلك قد أبطل ثوابه ومثله كمثل المتصدق الذي يؤذى من تصدق عليه أو يمن عليه والله سبحانه وتعالى يقول فيه
يأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ما له رئاء الناس أى مراءاة لا إخلاص فيها ولا صدق ولقد نهى الله سبحانه وتعالى عن الاستهزاء والسخرية على أى وضع كان ذلك فقال سبحانه وتعالى
يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ا أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك
هم
الظالمون
وقال سبحانه وتعالى ويل لكل همزة لمزة
والويل عذاب شديد واللمزة هو الذى يؤذى الناس بالقول وهو مذموم ملعون كما أن الهمزة الذي يؤذى الناس بالفعل فهو أيضاً مذموم ملعون والمسلم عليه أن يتحلى بمكارم الأخلاق قولا وعملا تأسيا برسول الله الا الله الذى كان خلقه القرآن والذي يقول إنما بعثت الأخلاق والله سبحانه وتعالى قد فتح باب التوبة لكل إنسان أما من لم يتب إلى الله
لأتمم مكارم ا سبحانه وتعالى وينيب إليه فى إخلاص وصدق فأولئك هم الظالمون
في استبدال جزء من المعاش
قد يلجأ كثير من الموظفين إلى استبدال جزء من معاشهم للانتفاع به وذلك بأن يحصلوا على
مبلغ من المال جملة يستقطع من المعاش بنسبة معينة
عليه
ご
فائدة قد تضاعف المبلغ الذي حصلوا
وهذا التصرف يوقع الأسر فى كثير من الاضطرابات المالية بعد إحالة الموظف إلى المعاش
أو وفاته
وفضلاً عن ذلك هو من التعامل بالربا المنهى عنه والذي حرمه الله سبحانه وتعالى بقوله وأحل الله البيع وحرم الربا وقوله تعالى يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن
كنتم مؤمنين وقول الرسول لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه
٢٥١
في لبس الحرير والذهب
روى جماعة من الصحابة منهم على بن أبي طالب كرم الله وجهه أن رسول الله الخرج وبإحدى يديه حرير وبالأخرى ذهب قال و هذان محرمان على ذكور أمتى حلال لإناثهم ويروى حِلّ لإناثهم ولهذا فقد أجمع الفقهاء على تحريم التحلى بالذهب والفضة للرجال وقد روى عن على رضى الله عنه أن النبي الله نهى عن التختم بالذهب وأما الأسنان فقد قال أبو حنيفة رحمه الله لا تشد الأسنان بالذهب وتشد بالفضة وقال صاحباه أبو يوسف ومحمد لا بأس بالذهب أيضاً ودليلها أن عرفجة بن أسعد الكناني أصيب أنفه في موقعة من المواقع العظيمة بين العرب تسمى يوم كلاب وكلاب يضم الكاف على وزن غراب واد بين البصرة والكوفة فاتخذ أنفاً من فضة فأنتن فأمره النبي عله الا الله بأن يتخذ أنفاً من ذهب فقياساً على إباحة اتخاذ الأنف من الذهب للضرورة أبيح شد الأسنان من الذهب للضرورة كذلك ويرى أبو حنيفة أن الضرورة في الأسنان تندفع بالفضة
ومن هنا يتضح للسائل أن الفقهاء قد اختلفوا في إباحة شد الأسنان بالذهب فإن لم يمكن اتخاذها من الفضة وكان لابد من الذهب فلا مانع من ذلك عملا بقول أبي يوسف ومحمد رحمها الله ولأن الضرورات تبيح المحظورات
في حرمة الشعوذة
بحث الإسلام دائماً على العمل الجاد المثمر ويأمر بتحرى الحلال فى الكسب والشعوذة من الأمور المنافية لتعاليم الإسلام والبعيدة عن مبادئه وهى من النصب والاحتيال على الكسب غير المشروع وقد نهى الرسول علي الله عنها بقوله إن الكهانة والتكهن في النار والكسب من ورائها كسب خبيث لا يحل أكله ولا الانتفاع به وقد كان لأبي بكر الصديق رضى الله عنه غلام فأتاه يوماً بطعام وبعد أن تناول منه لقمة سأله عن مصدره فقال له كنت أحسن الكهانة في الجاهلية ولقد مررت بقوم فتكهنت لهم فأعطونى هذا الطعام فوضع أبو بكر أصبعه في فيه واستقاء هذه اللقمة قائلا والله لو لم تخرج مع نفسى لأخرجتها لأنني سمعت رسول الله الله يقول كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به وإنى خشيت أن ينبت شيء من جسدى من
هذه اللقمة
٢٦
والله
مسجد إذن إنما يسهم في عمل شريف حث عليه القرآن وجعل صاحبه في عداد المهتدين وحثت عليه السنة وجعلت صاحبه من أهل الجنة أما المساهمة في بناء كنيسة فإن ذلك محرم على المسلم لأنه يعتبر نشراً لدين غير دينه سبحانه وتعالى يقول إن الدين عند الله الإسلام ويقول ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه فليس لمن يسهم في بناء كنيسة من المسلمين أجر وإنما عليه وزر وإثم
في زكاة الزروع والخضر
قرر الفقهاء أن زكاة الزروع والخضر تخرج بعد قطعها وزكاة الحبوب بعد كيلها وتنقيتها وذلك ليعرف مقدار الخارج من الأرض فيعرف بذلك حق الزكاة قال تعالى وآتوا حقه يوم حصاده قال العلامة الألوسى فى تفسيره لهذه الآية ليس الأداء وقت الحصاد والحب في سنبله كما يفهم من الظاهر بل بعد التنقية والتصفية
عن
في الكفارة
إن الكفارة من الأمور التي حدد الله كيفيتها تحديداً دقيقاً لا لبس فيه والآيات التي تتحدث مختلف أنواع الكفارات لا تحتمل تأويلا ولا صرفاً لها من ظاهرها يقول الله تعالى في كفارة
اليمين
لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم
تشكرون
وفى هذه الآية يبين الله الكفارة محدداً أنواعها فخيره بين عدة أنواع فإذا لم يتيسر له نوع منها أجاز له سبحانه النوع الرابع وهو الصيام ثم قال سبحانه مشيراً إلى هذه الأنواع ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم فلا يجوز لمسلم أن يتخطى هذا التحديد
في
حجم
الصدقة
يقول الله تعالى وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم
إن الذي يتصدق بقدر صغير أو كبير له ثوابه فإن تصدق بعشرة قروش وهو ينوى أن
٢٥٢
ومن ذلك يعرف أن الشعوذة عمل غير مشروع ولا يحل الانتفاع بشيء من الكسب المتحصل من هذا العمل
في حكم أكل مال اليتامى بغير رضاهم
أساس الحكم في هذا الموضوع قوله تعالى في سورة النساء إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً
ولقد شاهد رسول الله الله ليلة أسرى به عذاب الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً عن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قلنا يا رسول الله ما رأيت ليلة أسرى بك قال انطلق إلى خلق من خلق الله كثير رجال كل رجل منهم له مشفر كمشفر البعير وهو موكل بهم رجال يفكون لحاء أحدهم ثم يجاء بصخرة من نار فتقذف في فم أحدهم حتى تخرج من أسفله ولهم جوار وصراخ
ย
قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً
ورسول الله صرح بأن أكل مال اليتيم من السبع الموبقات أي التي توبق الإنسان في جهنم أى تدخله فيها عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله الله قال و اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات
أما الإمام السندى فإنه قال
يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهيب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأنفه وعينيه يعرفه كل من رآه وقانا الله شر هذا كله
في التسول بقراءة القرآن
قراءة القرآن بهذه الحالة امتهان فهى ممنوعة شرعاً لأن القارئ بهذه الكيفية يعرض القرآن للسخرية وهناك وسائل كثيرة للحياة الكريمة بدل الاستجداء بالقرآن وكان الصحابة رضوان الله عليهم حافظين للقرآن ومع هذا كانوا تجاراً وكانوا عاملين للحياة الكريمة العزيزة قال الله تعالى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين
٢٥٣
القيامة
وقال لأن يأخذ أحدكم حبلا فيحتطب فيبيع فيأكل ويتصدق خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ويظهر في هذا الحديث النهي عن المسألة والتحذير منها قال إنها تأتى يوم نكتة سوداء فى وجه صاحبها وقال اليد العليا خير من اليد السفلى وزجر رجلا تفرغ للعبادة وترك السعى وراء الرزق وكان أخوه الذي ينفق عليه حيث قال له أخوك أعبد منك
وضرب عمر رضى الله عنه رجلا اعتكف فى المسجد وهو قادر على الكسب وقال له إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة
وأمرنا الله تعالى بالسعى لا فرق بين قارئ للقرآن وغيره حيث قال فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وقال فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله وقال وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث المحذرة من التكاسل عن العمل بل كانت حياة الرسول عل المثل الأعلى في السعى والعمل وهو إمام المتقين
في إنشاء بنك اللبن
من المعلوم أن الشريعة الإسلامية تحرم من الرضاع ما تحرم من النسب يقول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب معنى هذا أن الشريعة الإسلامية تحرم على الشخص تناول لبن أجنبية ما يحرمه النسب بشروط ذكرها الفقهاء وبذلك نعلم أن إنشاء بنك للبن فيه اختلاط للأنساب لأن الطفل حينما يتناول لبناً معيناً تصير ويصير زوجها أباً له أى أن يحسب من أسرة صاحبة اللبن فيحرم عليه أن يتزوج من بنات هذه المرأة سواء من هذا الزوج أو من غيره وكذلك يحرم عليه تزوج بنات هذا الرجل سواء من هذه المرأة أو من غيرها
صاحبة اللبن
له
ومما سبق يعلم أن إنشاء بنك اللبن فيه اختلاط للأنساب لا يقل خطراً عن اختلاط الأنساب في الزنى إذ يجوز أن يتزوج الإنسان أخته من الرضاع أو عمته من الرضاع إلخ فنكون بهذا قد اعتدينا على أصل من أصول هذه الشريعة الغراء فالإسلام إذاً يحول بيننا وبين مثل هذا العبث
بمقدساته
٢٥٤
في تحديد النسل
إن الأسباب التي قد توحى إلى بعض الناس بتحديد النسل كثيرة منها مثلا 1 - أن تكون المرأة مريضة لا تحتمل صحتها الحمل والولادة ويقرر الأطباء أن في الحمل خطورة على حياتها وفى هذه الحالة يباح لها تحديد النسل
٢ - ومنها أن ترغب المرأة ويرغب زوجها فى استبقاء جمال المرأة وسمنها - كما يقول الإمام الغزالي - لدوام التمتع بها واستبقاء حياتها خوفاً من خطر الطلق يقول الإمام الغزالى وهذا أيضاً
ليس منهيا عنه
- ومنها أن يتحرج أحدهما من إنجاب ذرية مريضة وفى هذه الحالة يباح أيضاً تحديد النسل أما الحالة الوحيدة التى يحرم فيها تحديد النسل فهى الخوف من عدم وجود القوت بالنسبة للأسرة لأن الله ضمن الرزق لكل كائن يقول تعالى وما من دابة في الأرض إلا على الله
رزقها
علما بأن تحديد النسل يختلف عن تنظيم النسل فإن تحديد النسل لا يخضع لظروف أو ملابسات وإنما يسير بطريقة تعسفية تحكمية أما تنظيم النسل فإنه يساير الظروف والملابسات ويخضع للأحوال والعوامل والمناسبات وحينما يتخلى الإنسان عن الاعتقاد الفاسد من أن الله يخلق شخصاً ولا يتكفل برزقه فإن تنظيمه للنسل للظروف الاضطرارية لا مانع منه
في الاشتغال بالمزمار
الشخص الذي ينفخ فى المزمار آئم ما لم يكن في عرس لورود النهي عن ذلك فعن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبي الا الله قال أمرت بهدم الطبل والمزمار أخرجه الديلمي وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال و الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل رواه أبي الدنيا وأبو داود بدون التشبيه وعن على كرم الله وجهه أن رسول الله نهى عن ضرب الدف ولعب الصنج وضرب المزمار لما أسلفنا من الأحاديث نرى أن الاشتغال بالمزمار حرام وقد عده ابن حجر الهيتمى من الكبائر بالنسبة لفاعله ومستمعه
البيهقي وابن
٢٥٥
في مرتب مدرس التربية الإسلامية
الأصل في المرتب الذي يتقاضاه مدرس اللغة العربية أنه حلال لأنه أجر في مقابلة عمل مشروع ونقول الأصل لأنه إذا أهمل المدرس فى عمله أو تكاسل أو ناله الفتور فيه فإن مرتبه يصبح حلالا طيباً وبقدر نشاطه إذن وإخلاصه فى عمله يكون مرتبه حلالا وبقدر إهماله يكون حراماً
لا
أما مرتب مدرس التربية الدينية الإسلامية فليس منظوراً فيه إلى أنه أجر في مقابلة عمل مشروع لأن الأعمال الدينية لا أجر عليها إلا من الله تعالى وإنما ينظر المسلمون إلى الأمر بالمنظار
الآتى
وهو أن هذا المدرس تفرغ لعمل يفيد الأمة فيجب على الأمة أن تكفل له نفقته وهكذا كان الأمر بالنسبة للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم لقد كانت أعمالهم كلها دينية في سبيل الله حتى التي ترتبط بالمصالح الدنيوية منها لابد أن تكفل لهم الأمة أمر نفقاتهم فقدرت لهم من بيت المال ما يكفيهم وهذا هو الأساس الذى يبيح أخذ المرتب على تدريس التربية الدينية الإسلامية
في الحلف بغير الله
روى البخارى ومسلم أن رسول الله قال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت وقال الله كل يمين يحلف بها دون الله شرك
من هذا تعلم أن الحلف لا يكون إلا بالله ومثل الحلف بالله الحلف بالقرآن لأن القرآن كلام الله وكلام الله صفة من صفاته فهو كالحلف بالله سواء بسواء وأما الإجبار على الحلف فممنوع شرعاً إلا إذا كان لغرض شريف مثل التثبت من صحة قول الحالف في موضوع يتصل بمصلحة المسلمين وإلا فالإجبار على الحلف الباطل حرام والإكراه على الحلف لا يضر الحالف إذا تحققت شروط الإكراه وكان الحالف بريئاً وعند الإكراه بغير حق يرفع الحالف أمر من أكرهه إلى القضاء لحفظ دينه وكرامته وإذا ترتب على الحلف أضرار مادية يرفع الحالف أمره إلى
القضاء
٢٥٦
في اللقطة
إن الأشياء التى يجدها الإنسان فى الطريق إذا كانت ذات قيمة فإنه يجب على الإنسان أن يعلن عنها فى أماكن وجودها والمظان التي يوجد فيها صاحبها وعليه أن لا يتصرف فيها تصرفاً ينقص من قيمتها على أى وجه من الوجوه ولا يحل له أخذها لنفسه بمجرد العثور عليها فإذا لم يجد صاحبها فعليه أن يسلمها لقسم الشرطة حتى يأتى صاحبها ويتعرف عليها ومسألة الإيداع في قسم الشرطة أمر لم يكن معروفاً من قبل ولذلك قال الفقهاء إن من وجد شيئاً ذا قيمة ويئس من وجود صاحبه بعد البحث عنه فإنه إذا كان محتاجاً إليه احتياجاً حقيقياً فله أن ينتفع بالشيء وإذا لم يكن محتاجاً له وجب عليه أن يتصدق به على ذمة صاحبه لأنه لما عجز عن إيصال عين الشيء إليه فعليه أن يوصل ثوابه إليه
والإعلان عن المفقود يكون بحسب قيمته مدة ومكاناً
في السرقة
يقول الله سبحانه وتعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم
فحد السرقة هو قطع اليد وهذا هو حدها في الشرع في أي بلد كان من بلاد الإسلام لا يختص ببلد دون بلد فمن طبق هذا الحد كان ممتثلا لأمر الله أينما وجد ومن لم ينفذ هذا الحد على السارق كان مخالفاً لحكم الله فى أى مكان كان وقطع يد السارق يطبق دائماً في مكة حينما تثبت جريمة السرقة ثبوتاً قاطعاً ويطبق أيضاً في جميع أرجاء المملكة السعودية وقد كانت السرقة منتشرة في هذه المملكة قبل تطبيق هذا القانون فلما طبق على السارق قلت السرقة قلة كبيرة حتى لقد أصبحت نادرة أو غير موجودة فى كثير من المدن والقرى
في صلة الرحم
يقول الله تعالى ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم نزلت هذه الآية الكريمة فى أبي بكر رضي الله عنه وقد حلف ألا ينفق على مسطح وهو
YOV
ابن خالته وكان مسطح هذا مسكيناً فقيراً وقد فعل سيدنا أبو بكر رضى الله عنه ذلك عندما أساء إليه مسطح إساءة بالغة فلما نزلت الآية قال سيدنا أبو بكر رضى الله عنه بلى أنا أحب أن يغفر الله لى ورجع إلى مسطح ماكان ينفقه عليه وفى معنى هذه الآية الكريمة الأحاديث الكثيرة التي تعبر عن مستوى رفيع في الأخلاق وتعبر عن الشعور السامي في الإنسانية يقول صلوات الله عليه أفضل الصدقة على ذى الرحم الكاشح أي المنقطع المعادى على أن صلة الرحم ليست مكافأة على معروف ولا جزاء على حسنات وإنما هي واجب ديني وإنساني حث عليه الإسلام ويحذر من البعد عنه يقول صلوات الله عليه و ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذى إن قطعت رحمه وصلها
وجاء رجل إلى رسول الله الا الله فقال يا رسول الله إن لى قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلى وأحلم عليهم ويجهلون على فامتدحه صلوات الله عليه على فعله وحثه على التزامه وعدم العدول عنه على أن من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أجله فليصل رحمه ونختتم الإجابة بقوله
تعالى
ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم
في بر الوالدين
قال تعالى ووصينا الإنسان بوالديه حُسناً وقال ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً وقال الجنة تحت أقدام الأمهات
والآيات القرآنية والأحاديث النبوية فى الحث على الإحسان إلى الوالدين ووجوب إكرامها والتزام الخلق الخير بالنسبة إليهما كثيرة ولقد نهى الله سبحانه وتعالى عن كل ما يسيء إليها والآيات الجامعة للأدب الإسلامي بالنسبة للوالدين هى قوله تعالى وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمها كما ربياني صغيراً فإذا ما أساء الإنسان في حق أمه متعمداً فلعنته فإن عقابه عند الله شديد
وبالوالدين
أما إذا أخطأ
غير
٢٥٨
متعمد فعليه في هذه الحالة وفى الحالة الأولى أن يستغفر الله مباشرة وأن يذهب إلى أمه مستعطفاً مستغفراً تائباً وعليه أن يتلطف ليسترضيها بكل وسيلة مشروعة حتى ترضى عنه فإذا لم ترض بعد كل
عفوه
ذلك فليس عليه إلا أن يحسن إليها ما استطاع إلى ذلك سبيلا وأن يلجأ إلى الله طالباً وغفرانه والله سبحانه وتعالى يقول بصدد هذا ربكم أعلم بما فى نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفوراً
في طلب رجل مسن عاجز عن العمل نقوداً من ولده الموسر
فلم
يعطه وأساء إليه فماذا يفعل
يقول الله تعالى ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً
ويقول صلوات الله وسلامه عليه فما معناه
أنت ومالك لأبيك فقد نص القرآن الكريم على الإحسان إلى الوالدين وأمر الله سبحانه
وحث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه على البر بهما وغير ذلك مما هو متعلق بحقوق الوالدين وليس من الإحسان بل ليس من الإسلام فى شىء كف الابن عن والده العطاء و حرمانه مما يملك وخاصة فى وقت الحاجة
فإذا كان الشرع أكثر وصاياه الحكيمة بالوالدين فلا يكون ذلك إلا لأمر له من الأهمية ما يقتضى الثواب الجزيل والأجر العظيم لمن استجاب إليه فإذا طلب الرجل نقوداً من ابنه الموسر فلم يعطه فله الحق أن يأخذ منه عن طريق الحاكم والشكوى لولى الأمر أو الجهات المسئولة حتى يتسنى له الأخذ من ولده ما يكفيه شر الحاجة ويكف يده عن المسألة
في بر الوالدين بعد موتهما
إن طريقة بر الوالدين بعد موتهما قد رسمتها الأحاديث النبوية في وضوح لا لبس فيه ومن أنواع البر أن يتصدق الإنسان عنهما
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال يا رسول الله إن أمي توفيت ولم توصني أفينفعها
أن أتصدق عليها قال صلوات الله عليه نعم أى تنفعها صدقة ابنها عنها ومن أنواع البر الدعاء لهما فقد ورد فى ذلك الحديث المشهور عن أبي هريرة قال صلوات الله عليه إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له
٢٥٩
ويجمع الكثير من أنواع البر بالوالدين ما ر أسيد رضى الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هل بقى من بر أبوى شيء بعد موتهما أبرهما به قال صلوات الله عليه نعم خصال أربع الدعاء والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقها وصلة الرحم التي لك من قبلها وقد ثبت بالسنة أن درجة الميت ترفع بسبب استغفار الابن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ترفع للميت بعد موته درجته فيقول أي ربي أي شيء هذه فيقال ولدك استغفر
لك
في رجل مسن ومريض أساء إليه ولده
طاعة الوالدين وبرهما والإحسان إليهما أمر حث الله عليه قال تعالى وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمها كما ربياني
صغيراً وتتأكد طاعة الوالدين عند الكبر حينما يبلغان مرحلة الضعف والحاجة وحينئذ يجب ألا يتضرر الولد من تصرف والده ولا يتأذى من قوله ولا يتأنف منه ولا يظهر له أي تبرم مها كان لأن الله خص هذه المرحلة بالذات بالذكر والتنبيه كما مر في الآية الكريمة من قوله إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً والولد الذي يخالف ذلك يكون عاقًا لوالديه مهما كان كبيراً لأن هذا دين وسيعامله أبناؤه أياه فليختر لنفسه ما يحب أن يتعامل به عندما يصل إلى هذه المرحلة من السن فالولد مخطئ ولا شك ويلزمه أن يعتذر لوالده - ويندم على ما فرط منه في حقه ذلك فعلى الوالد وهو صاحب العقل الكبير والتجارب - أن يكون شفيقاً على ولده مقدراً لظروفه وأن يكون حكيماً مع أولاده لا يفضل أ أحداً منهم على الآخر لأن الكل محتاج إلى عطفه وحبه وعليه ألا يلجأ إلى أسلوب الحرمان فإنه أسلوب قد يؤدى عكس الغرض منه ويوجد العداوة بين الإخوة فى حياة الوالد وبعد العمر الطويل له
كما يعامل
ومع
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا رواه الترمذى بسند صحيح على أن الخصام منهى عنه بين الغرباء وإذا حدث فالمبادرة إلى الصلح مطلوبة قال تعالى والصلح خير
٢٦٠
وقال رسول الله لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام
في من انقطع للدراسة مدة طويلة ولم يزر أهله
أمر الله سبحانه وتعالى بطاعة الوالدين والإحسان إليهما في كثير من آيات الكتاب العزيز وقرن ذلك بعبادته قال تعالى اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً والإحسان إلى الوالدين يكون بقدر الاستطاعة وحسب الإمكان كما قال تعالى لا يكلف الله نفساً إلا وسعها
فمن كان غائباً عن والديه وجب عليه أن يبرهما بالسؤال الدائم عنهما بالمكاتبات والمعاونة المالية إن أمكن وغير ذلك من أنواع الهدايا والطرف بقدر استطاعته ولو كان مستطيعاً للسفر وعنده نفقاته زائدة عن حوائجه الأصلية وجب عليه يسافر لزيارة الوالدين ما دام قادراً على ذلك فإن قصر فى هذا الواجب كان مؤاخذاً عليه من الله سبحانه وتعالى والغائب خاصة إذا كان طالباً للعلم في حاجة إلى رضا والديه ودعائهما ليوفقه الله في طلبه العلم ويحفظه في غربته ودعاء الوالدين مستجاب لولدهما
في الحلف على تحريم منزل الأخت على النفس
يأيها النبي لم تُحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فر
لكم تَحِلَّة أيمانكم
وفى الحديث الصحيح عن الرسول الله قال من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه
ومن المعلوم أن تحليل الحلال خير من تحريمه فعلى من حلف على تحريم الحلال المبادرة إلى الخروج عن هذا التحريم والرجوع إلى حالته الطبيعية من الحل والتكفير عن ذلك وكفارة اليمين ذكرها الله تعالى في قوله لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدنم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن
٢٦١
لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم وإطعام كل مسكين بما يشبعه في أكله ولا يقل عن ثمن نصف قدح من الحبوب الغالبة في
قوت البلد
فعلى السائلة أن تكفّر عن يمينها وأن تدخل بيت أختها سواء وُجد لهذا الدخول باعث من وذلك أن صلة الرحم لها أهميتها الكبرى في الدين الإسلامي ومن قطع
حاجة أو صلة
رحم
رحمه قطعه الله ومن وصل رحمه وصله الله
في من قال لأخيه أنت ابن غير شرعى
من قال لأخيه أنت ابن غير شرعى كان قاذفاً لأمه وعاقالها وإن شاءت طالبت بجده لقذفه لها قال تعالى والدين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك
هم
الفاسقون
ومن قال لأخيه أو لأحد من المسلمين ياكافر فإن كان من قيلت له كافراً فليس عليه شيء
وإن لم يكن كافراً باء القائل بالكفر وعليه التوبة فوراً
في من يصوم ويصلى ويقاطع والديه وذوى رحمه ويسيء إليهم يقول الله تعالى وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمها كما ربياني صغيراً
أما عن الرحم على وجه العموم فإن الله سبحانه يقول فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في
الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم فمن قطع رحمه يلعنه الله ويجعله كالأصم الأعمى وهذا تهديد عنيف نستعيذ بالله من أن نقع
تحت طائلته
وقد كانت أول صفة الرسول الله الا الله و وصفته بها السيدة خديجة رضوان الله عليها أنه يصل رحمه ولقد قال رسول الله علي الله عن الرحم من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله على أن الرحمة على وجه العموم الرحمة العامة الشاملة الرحمة التي يشعر بها القلب ويحفظها
يتصدق بقرش فلينظر إلى قلبه هل فرح بذلك أو ندم عليه فإن كان قد فرح فله ثوابهما وإن كان قد ندم فليس له إلا ثواب ما قصد وهو القرش فقد يثاب المرء برغم أنفه قال تعالى وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ثم إنه يتفاوت الثواب في القليل والكثير الذي ينفق بحسب درجة الإخلاص وبحسب العسر واليسر
في هل يجوز للمسلم أن يأكل من طعام يوزع صدقة على الموتى يجوز للمسلم الذي ليس من آل البيت أن يأكل من طعام الصدقة إذا كان فقيراً محتاجاً وذلك أن الصدقات للفقراء والمحتاجين
وقد حث الله سبحانه وتعالى الناس عليها ليشبعوا بها بطوناً ويزيلوا بها جوعاً ويرضوا بها أنفس
الفقراء
أما إذا لم يكن الإنسان في حاجة إلى أكل مال الصدقة فيسن ألا يتناول منه شيئاً بل ينبغى له أن يتصدق هو حتى يدخل في نطاق الذين يثيبهم الله سبحانه وتعالى ثواب المتصدقين والرسول يقول
ه الصدقة تسد سبعين بابا من أبواب الشره ويقول الصدقة تطفئ غضب الرب ويقول الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار فعلى الأغنياء أن يتنافسوا في الصدقة ومع ذلك فإنه إذا أكل من صدقة ليست بواجبة فلا حرمة عليه كما لو أكل من طعام يوزع صدقة على الموتى وثواب توزيع الصدقة يصل إلى الموتى سواء أكل منها الفقراء فقط أم شاركهم في بعضها من ليسوا بمحتاجين
کسب شخص من اليانصيب خمسة وعشرين ألف جنيه وبنى بهذا المبلغ مسجداً واشترى بعض الحاجات بما بقى وأوقفها على المسجد فهل هذا جائز شرعاً
إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وهذا المال حرام وما ينبغى أن يكون الحرام طريقاً للوصول إلى الله والوصول إلى الله لا يكون إلا بما شرع الله قال تعالى يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غنى حميد
٢٦٢
الإنسان من أسس الرسالة الإسلامية ومن أهدافها وإن من لا خير فيه لأهله فإنه لا خير فيه لغيرهم وأداء الواجبات الدينية كالصلاة والصوم إذا لم يحمل الإنسان على العطف والرحمة خصوصاً بأهله فإن في أداء هذه الواجبات خللا يجب أن يتلافاه الإنسان حتى يصل إلى مرضاة
الله ورسوله
هذا كله إذا كان قاطعاً لرحمه أى لم يصلهم دون أن يكون مسيئاً إليهم أما إذا كان قد بلغت به قسوة القلب إلى الإساءة إلى الأرحام فإن ذلك لا يعلم عقابه إلا الله وإن ذلك ليدل دلالة واضحة على أن أداءه للفروض الدينية إنما هو شكل من الأشكال ورسم من الرسوم فيجب عليه المبادرة إلى الإصلاح ما استطاع إلى ذلك سبيلا وعسى الله أن يوفقه إلى ما يحبه
ويرضاه
في من احتقر أقاربه بسبب فقرهم
يقول الله تعالى يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم نساء ولا نساء من عسى أن يكن خيراً منهن
وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله الله قال بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم رواه مسلم
لقد نهانا الله سبحانه وتعالى نهياً كليا وحذرنا رسوله تحذيراً عاماً أنه لا يحل لامرئ مسلم أن يسخر أو يستهزئ بأخيه أو يحتقره سواء أكان المستهزأ قريباً أم بعيداً ذا رحم أم أجنبيا ذكرا كان أم أنثى فإن ذلك تترتب عليه العداوة بين الناس ويسود الشقاق بين أفراد الأمة ويورث الحقد والضغائن في القلوب فتنحل بسبب ذلك أواصر المحبة وتنقطع أسباب المودة على حين أن الإسلام يأمر بالتوادد والتعاطف والتحابب في الله ولله حكمة الله سبحانه وتعالى في هذا النهى أن الإنسان لا يدرى قيمة نفسه وغيره عند الله ومن تعالى فربما كان المستهزأ به أفضل عند الله وأعظم من المستهزئ ويقول صلوات الله وسلامه عليه رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره هذا وإن جزاء
احتقار المسلم لأخيه المسلم الطرد من الجنة وعدم السعادة بها في الآخرة فعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي عل الله قال لا يدخل الجن من في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة فقال إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس ومعنى بطر الحق دفعه وغمطهم احتقارهم
٢٦٣
فلا يحل لإنسان يؤمن بالله ويصدق ما جاء به رسولنا الله أن يحتقر أخاه بسبب من الأسباب الدنيوية مهما كان فقيراً أو غنيًّا فإن الغنى ليس مقياسا لتقدير الإنسان أو احترامه كما أن الفقر
لا يكون سبباً داعياً للاحتقار أو الاستهزاء إنما المقياس العام الوحيد إن أكرمكم عند الله أتقاكم فالذي يحتقر أ أخاً لها لفقره عليه أن يستغفر الله من ذلك ويسترضى أخاه ويطلب منه الصفح والعفو
مجرد الصلة
في من يعاملها أقاربها معاملة سيئة ولهذا قطعت علاقتها بهم قطع علاقة الشخص بأقاربه بل المسلمين من أعظم الأخطاء ما لم يترتب على الاختلاط الوقوع فى مأثم فيترك كل ما يؤدى إلى معصية دون ما عداه قال تعالى إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون وقال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً فتحملى أيتها السيدة في صلة رحمك وإن أساءوا إليك ولا تقاطعيهم فإن لك بذلك الأجر وعليهم الوزر
أسأت إلى أمي وأختى ثما الطريقة التي أكفر بها عن
هذه الإساءة
الطريقة التي تكفر بها عن جرمك هي استغفارك الله عز وجل وتوبتك توبة نصوحاً تندم فيها على ما فرط منك مع عزمك على عدم إهانة أختك مرة أخرى وطلبك رضاها ورضا أمك فإذا " ما سامحاك سامحك الله وغفر ذنبك وإذا لم يسامحاك فاستغفر الله لهما واطلب منه أن يرضيهما
عليك
هل يجوز للمسلم شرعاً البكاء على وفاة أحد أقربائه
والده أو أمه أو غيرهما مثلا
البكاء على الميت ليس ممنوعاً شرعاً إذا كان الدافع له عاطفة الفراق أو المحبة ولم يكن نتيجة جزع ولم يصحب بقول أو فعل مخالف لما أمر الله تعالى به ولقد روى البخارى رضى الله عنه أن أنس بن مالك ومعه بعض الصحابة رضى الله عنهم دخلوا على ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس
٢٦٥
آخرها يا رب إن كنت أعطيتني فضل مال وكنت رجلا أبايع الناس وكان من خلقى الجواز فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر قال فيقول الله عز وجل أنا أحق من ييسر ادخل الجنة هذا فيما يتعلق بالموقف الذى يجب أن يقفه الدائن من المدين إذا كان معسراً أما فيما يتعلق بمغفرة الله للمدين الذى لم يسدد دينه فيقول رسول الله صل اللهم ما معناه من أ أخذ مال امرئ يريد إتلافه أتلفه الله ومن أخذ مال امرئ يريد أداءه أدى الله عنه ونية المستدين إذن لها شأن كبير فيما يتعلق بمغفرته سبحانه وتعالى فإذا كانت نيته سداد الدين حينما أخذه ولم تسمح له ظروف الحياة بسداده مع أنه كان يريد فى صدق وإخلاص هذا السداد ومات على هذه النية فإن الرجاء في الله سبحانه وتعالى كبير فى أن يتجاوز عنه لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها فإذا سامحه صاحب الدين غفر الله له وتجاوز عن عدم سداد الدين أما إذا كانت نيته عند أخذ الدين إتلافه فإن الله عز وجل يحاسبه على نيته وإذا سامحه صاحب الدين في هذه الحالة فإن ذلك يخفف عنه كثيراً ولكنه لا يمحو كلية جريمة سوء النية وسوء القصد
في شرب الدخان
الذى يدخن السجائر ونحوها من التنباك والمعسل آثم لكراهة رائحة الدخان المنبعث من تلك المشروبات وقد قال رسول الله الله في أكل الثوم والكرات والبصل ما معناه من تناول هذه الأشياء فلا يقربن مسجدنا يؤذينا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ورائحة الدخان أشد كراهة من رائحة الثوم والكرات والبصل وهو ينا فى آداب الدخول في المسجد والمكث فيه وإن آداب الدخول فى المسجد والمكث فيه تتلخص في ثلاثة أشياء
۱ - الطهارة من الحدث والنجس
٢ - الترين بأحسن اللباس والتطيب بما تيسر من الروائح الطيبة
٣- الاشتغال بذكر الله عز وجل
قال تعالى يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد
وقال تعالى في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو
والآصال
٢٦٦
في حكم التدخين في الإسلام
بعض الناس تحتمل صحته ويحتمل جسمه التدخين ولا تضره السجائر كثرت أو قلت ولا يلحق به التدخين ضرراً من حيث نفقته ولا نفقة من يعول وفى هذه الحالة يكون حكم التدخين أنه مكروه لأنه إنفاق المال فيما لا يفيد وإنفاق المال فيما لا يفيد ليس من عمل المتزنين روية وتفكيراً وعقلا ومن أجل ذلك يعتبر التدخين في هذه الحالة مكروهاً فقط أي أنه ليس بحرام
أما إذا انعكس الأمر وأضر التدخين بالصحة فإنه يكون حراماً وشربه يكون إثماً ومعصية وإذا أضر التدخين بمن يعولهم شارب الدخان وذلك كما لو كان فى حالة ضنك في معيشته وكان محتاجاً إلى المال في إنفاق على أسرته من أجل مسكنها أو ملبسها أو مأكلها أو من أجل علاج مريض في الأسرة - فإن التدخين في هذه الحالة يكون أيضاً حراماً وكفى بالمرء إثماً أن يهمل من يقوت بإنفاق المال فيما لا يجدى
إن كل راع مسئول عن رعيته والمسئولية كما أنها واجبة في الجانب الأدبى رعاية وعناية وإصلاحاً فإنها أيضاً واجبة في الجانب المادى إنفاقاً وتطبيبًا وتوفيراً للمسكن والمأكل وقد يكون التدخين نوعاً من الإسراف والتبذير والله سبحانه وتعالى يقول ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ويقول إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين
ونخرج من كل ذلك بأن حكم التدخين يختلف باختلاف حالة الشخص والقاعدة العامة هي ما قاله رسول الله و لا ضرر ولا ضرار أى أنه يجب على الإنسان أن يتجنب كل شيء يلحق به ضرراً وأن يتجنب كل أمر يلحق ضرراً بالآخرين
في لزوم الوفاء بالنذر
يقول الله تعالى إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً لقد امتدح الله تعالى في هذه الآية الأبرار حيث وصفهم بالوفاء بالنذر وقد أخبر الله بوقوع العقاب على من لم يوف به فقال تعالى ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لَنَصَّدَّقَنَّ ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقيهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون
?
٢٦٧
فالوفاء بالنذر لازم وهو لازم عند الاستطاعة فإذا ما استطاع الإنسان أن يوفى بالنذر وأخر الوفاء به فهو آثم ويجب عليه للتخلص من الإثم الاستغفار والتوبة والوفاء بالنذر كاملا
في تقبيل يد الصالحين
إن تقبيل يد الشيخ الصالح التقى العامل بالدين أوامره ونواهيه يكون تعبيراً عن الإجلال والاحترام والتوقير والإقرار بالفضل لذويه وتقبيل اليد في مثل هذه الحالة تعبيراً عن الاعتراف بالفضل وإظهاراً للشعور بالتقدير جائز بل مستحب ويكفى نفياً لكل شية أن نروى القصة
التالية
ذهب رسول الله الله إلى الطائف فهاجمه سفهاء أهل الطائف هجوماً عنيفاً والجَبُّوه إلى ير حائط العتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة فلما رآه أصحاب الحائط أرسلا إليه عنباً غلام لهما نصراني يقال له عداس
ذهب عداس بالعنب حتى وضعه بين يدى رسول الله له فلما وضع رسول الله لا يده فيه قال باسم الله ثم أكل ثم نظر عداس فى وجهه ثم قال إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد فقال رسول الله ومن أهل أي بلاد أنت يا عداس وما دينك قال نصرانى وأنا رجل من أهل نينوى فقال رسول الله من قرية الرجل الصالح يونس بن متى فقال له عداس وما يدريك ما يونس بن متى فقال رسول الله ذلك أخي كان نبيا وأنا فأكب عداس على رسول الله لا يقبل رأسه ويديه وقدميه و ا هـ من هذه القصة نرى أن عداسًا قبل يدى رسول الله ورجليه ونرى أن
نبی
رسول الله لم ينهه عن ذلك ولم يبين ! له أن ذلك
ممنوع فدل ذلك على أنه لا بأس
في الهدية تقدم للشرفاء والشيوخ
الهدية التى تقدم إلى الشرفاء والشيوخ تكون مندوبة إذا قصد بها المودة ولم يقصد بها نفع مادى يعود على مهديها أما بالنسبة إلى الشرفاء فلقول الله عز وجل قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي
وقال تعالى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً
ويقول الله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها وأما بالنسبة للشيوخ
٢٦٨
الذين تصدوا لملاقاة الناس وقضاء حاجاتهم والإجابة عن أسئلتهم فتقديم الهدية إليهم مندوب كذلك لأنهم إما أن يكون لهم من المال ما يفي بحاجاتهم أصلا أو يكون ما يفي ببعض حاجاتهم دون البعض بكل ما يحتاجون إليه وفى الحالتين الأوليين يجب على الدولة بصفة خاصة وعلى المستطيع من المسلمين بصفة عامة أن ينظروا إليهم نظرة إجلال وإكبار وأن يقدموا لهم ما يحتاجون إليه لاعلى سبيل الصدقة ولكن بطريق الهدية ولا يغفلن أحد ما قام بها مالك والشافعي وغيرهما من العلماء المشتغلين بالعلم ولولا ماكان يؤديه الخيرون إليهم لما تمكنوا من إجابة الناس عندما يسألون ولما تمكنوا من القيام بدروسهم التي بينت معالم الدين وجعلته ميسور الاطلاع عليه والأخذ به من كل متعطش إلى المعرفة والعلم بدين الله
الأئمة
والهدية إن لم تكن واجبة في بعض الأحيان فهى مندوبة وإن لم تكن الهدية واجبة أو مندوبة في بعض الأحيان فهي مستحبة فمن أين يعيش أولئك الشيوخ إن لم يكن لديهم ما يفي بحاجاتهم وحاجات الطالبين أما من كان لديه المال الكافى فليست الهدية إليه واجبة بل هي مستحبة لأنها برهان وتعبير صادق عن تقدير مهديها للعلم في شخص أهله على أنه حينئذ سترد إليه هديته مضاعفة
ما حكم الميت يوضع في صندوق ويدفن
يوم
اتفق الفقهاء على أن الدفن للميت واجب على المسلمين والمقصود من الدفن مواراة الميت في حفرة تحجب رائحته وتمنع السباع والطيور عنه والأعداء وعلى أى حال إذا تم ذلك فقد حصل الغرض وينبغى تعميق القبر قدر قامة محافظة على ذلك المعنى روى النسائي والترمذى عن هشام بن عامر قال شكونا إلى رسول الله الله أحد فقلنا يا رسول الله الحفر علينا لكل إنسان شدید فقال رسول الله الله احفروا وأعمقوا وأحسنوا وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد فقالوا فمن نقدم يا رسول الله قال و قدموا أكثرهم قرآنا وكان أبي ثالث ثلاثة في قبر وروى ابن أبي شيبه وابن المنذر عن عمر أ أنه قال أعمقوا إلى قدر قامة وسطه وعند أبي حنيفة وأحمد يعمق قدر نصف القامة ويقصد اللحد وهو الشق في جانب القبر جهة القبلة ينصب عليه اللبن فيكون كالبيت المسقف على الشق في حفرة وسط القبر تبنى جوانبها للميت ويسقف عليه وكل ذلك جائز وعلى ذلك فيعتبر صندوق الخشب الذى يوضع فيه داخل القبر خاصة عند الحاجة كما جاء في
٢٦٩
السؤال كاللحد والقبر للميت فيجوز ذلك
بسم
وعليه أن يلتزم السنة بأن يجعل الميت على جنبه الأيمن ووجهه تجاه القبلة ويقول واضعه
الله وعلى ملة رسول الله ويحل أربطة الكفن وهو في الصندوق كالقبر
روى عن ابن عمر عن النبي عل الله قال كان إذا وضع الميت في القبر قال باسم ا الله وعلى ملة رسول الله أو على سنة رسول الله رواه أحمد وأبو داود والترمذي فيكون الصندوق جائزاً وحكمه حكم القبر ويوضع بإحكام في القبر وينبغى ذلك عندما تكون الأرض صالحة كما جاء في السؤال
في الطقوس الواجب اتباعها بالنسبة للميت
ما يجب اتباعه بالنسبة للميت هو عند خروج الروح قول لا إله إلا الله بجواره ليسمعها لعله يقولها وتخرج روحه وهو مؤمن
فقد قال رسول الله من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ولا يكره على قولها لعله قد تمنعه سكرات الموت عن استطاعة التلفظ بها وهو مطمئن القلب
بها
ثم إغماض العينين عقب خروج الروح ثم يقول مُغمض عينيه اللهم اغفر له وارفع درجته في المهديين واخلفه فى عقبيه واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه ثم توجيهه للقبلة ثم تغسيله وتكفينه فى ثلاثة أثواب بيض ثم الصلاة عليه ويستحب أن يكثر عدد المصلين رجاء أن يشفعهم الله فيه فقد ورد أن من صلى عليه أربعون
رجلا شفعوا فيه وعلى قدر صلة الشخص بالمتوفى يكون اهتمامه به وعمل كل ما يستنزل رحمة الله عليه ثم تشيع جنازته ثم دفنه ثم بعد ذلك تسدد ديونه ثم تنفذ وصاياه ثم تقسم تركته على مستحقيها
في التطهر من تغسيل الميت
الميت المسلم طهور وليس التطهر من تغسيل الميت واجباً بل مندوب لما روى من أن النبي قال من غسل ميتاً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ والأمر هنا محمول على الندب
لما روى عن عمر رضى الله عنه قال كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل
۷۰
ولما غسلت أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق رضى الله عنه حين توفى خرجت فسألت من حضر معها من المهاجرين إن هذا يوم شديد البرد وأنا صائمة فهل على من غسل قالوا
لا
وعلى ذلك فليس فيمن غسل الميت ما يقدح طهارته وطهارة ثيابه ولم يرد ما يمنع من إمامته الناس فى صلاة الجنازة أو اشتراكه فى هذه الصلاة بل هو كغيره من المسلمين في هذه الصلاة له ثوابها وعليه أن يبادر إليها
في عدم جواز لمس عورة الميت
لا يحل لمس عورة الميت أو النظر إليها فيلف الغاسل على يده خرقة ليغسل بها عورة الميت ومما لا شك فيه أنه يجوز لمس الميت لمن هو متوضئ وغير متوضئ ما دامت اليد نظيفة من نجاسة تلوث الميت وينبغي أن يكون لهذا اللمس ما يبرره وإلا كان عبثاً لا يليق فالمسلم غير المتوفى ليس بنجس بل المسلم إذا كان جنباً ليس بنجس بمعنى أن يده غير ملوثة بالنجاسة وأن من لمسه لا يجب عليه غسل بده والميت كالحي في ذلك
ومن رحمة الله
بالمسلم
أن جعله الله طاهراً حياً وميتاً طهارة معنوية وجعل من حقه على
المسلمين أن يغسلوه بعد الموت ليقبل على الحياة الأخرى طاهراً ظاهراً وباطناً إن شاء الله وعناية الإسلام بالميت مظهر رائع من مظاهر الوفاء يقوم به الأحياء من إخوانه المسلمين إشعاراً لهم بأن الواجب يقضى أن يكون الله خالصاً لا ينبغى انتظار مثوبة من
المعروف
أحد
وعلى فعل
قال تعالى إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً ومثل الإطعام غيره من كل خير وبر واحترام الميت كجسد وكخصائص وصفات وآثار واجبة وفى الحديث ه اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم
في نقل رفات الميت
يجوز عند الضرورة القصوى وعندما يكون لا مفر من ذلك نقل رفات أحد الموتى لغرض عام كبناء المساجد كما فعل الله في بنائه لأول مسجد في الإسلام بالمدينة
۷۱
عليه
كما يجوز نقله من الطرق العامة ليكون بعيداً عن المشى عليها ولكى لا يتعرض لبعض المارة
كما يحرم تركه بالممرات أو إهانته أو إهماله كما أخبر بذلك رسول الله علي واحترامه في جمعه في مكان بعيد عن المشى أو القعود عليه لأن من قعد على جمرة من نار تنفذ من ثيابه إلى جسده خير له من أن يقعد على قبركما أخبر بذلك النبي الا الله حيث قال فيما رواه الإمام مسلم وغيره عن أبي هريرة رضى الله عنه لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر
هل يجوز الدعاء للميت
وهل يجوز دفن الميت بدون كفن
وهل يصح للرجل غسل زوجته
لا مانع من الدعاء للميت فى البيت بعد الصلاة عليه والدعاء له عند الدفن والله تعالى يقول والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان وقد أمرنا بالصلاة على النبي والدعاء له بأن يصلى عليه ويسلم تسليماً مع استغنائه عن
ذلك
والدعاء ينفع صاحبه وينفع غيره من الناس حيا كان أو ميتاً أما بالنسبة للكفن فلا يجوز دفن ميت بغير كفن لأن الكفن حق له على إخوانه المسلمين وقد كان الرسول ما يطمئن إلى تكفين كل ميت ولم يثبت أن ميتاً دفن يغير كفن وعلى ذلك فدفن الميت بغير كفن مخالف للسنة والإجماع اللهم إلا فى حالة الشهيد فإنه يدفن بثيابه كما هو دون غسل أو كفن
أما الغسل فالجمهور على جواز غسل الرجل زوجته وقال أبو حنيفة لا يجوز غسل الرجل
زوجته
وسبب اختلافهم هو تشبيه الموت بالطلاق فمن شبه الموت بالطلاق قال لا يحل أن ينظر إليها
بعد الموت ومن لم يشبهه بالطلاق فإن ما يحل له من النظر إليها قبل الموت يحل له بعد الموت وهو
الراجح
والخبيث المنهى عنه في الآية كل ما حرم الله الانتفاع به لتحريم مصدره كمال الميسر واليانصيب ومال الاتجار بالخمر والحشيش والأفيون والربا من أى طريق كان والحاجات التي اشتريت بما بقى من ربح اليانصيب وأوقفت على المسجد وقفها باطل ولا ينعقد شرعاً كبطلان إقامة المسجد بهذا المال الذي حرمه الله وحرم طريق الوصول إليه
في حكم من امتنع عن الزكاة
لقد امتنع عن أداء الزكاة قبائل من العرب في عهد سيدنا أبي بكر رضى الله عنه
الله عنه على أنهم من المرتدين أي على أنهم كفروا بعد إيمان
عن أبي هريرة رضى الله عنه فيما رواه الإمام البخارى قال
فقاتلهم رخ
رضی
ه لما توفى رسول الله وكان أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضي الله عنه كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال والله
عصم
لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعونى عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله القاتلتهم على منعها
قال عمر رضي الله عنه
ه فوالله ما هو إلا أن شرح الله صدر أبي بكر رضى الله عنه فعرفت أنه الحق
فمن امتنع عن الزكاة إنكاراً لها فهو كافر أما من امتنع عنها شحاً بها فإنه داخل في نطاق المسلم العاصي إنه داخل في نطاق من يقول الله تعالى فيهم والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا
ما كنتم تكترون
۷
في الطعام الذي يقدم بعد الموت
الأصل في الطعام الذي يقدم بعد الموت أن يقدم لأهل الميت من غيرهم لانشغالهم بمأتمهم وحزنهم الذى يصرفهم عن إعداد الطعام وانصراف شهيتهم عن البحث عنه والأصل في ذلك أن النبي الله قال حينما استشهد جعفر بن أبي طالب اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإن لديهم ما يشغلهم ا وإذا كان الطعام المقدم لأهل الميت يزيد على حاجتهم فلا مانع من اشتراك غيرهم
معهم فيه
أما أن يعد أهل الميت طعاماً ويحملون أنفسهم فوق هم المصيبة وألم الحزن مسئولية إعداد
الطعام وتهيئته للمعزين فهذا ما لم يرد به الشرع بل هو ضد روح الشرع ومخالف لمقاصده ذلك فإذا أعد أهل الميت طعاماً للناس فلا مانع من أكله إذ لا حرمة فيه ومع ولا مانع يمنع منه وإن كان هذا التناول خلاف الأولى لأن فيه تشجيعاً على هذه العادة
ومساهمة في انتشارها هذا وقد عد الصحابة التوسع فى إعداد الطعام وتقديمه للمعزين من النياحة أي المبالغة في التذكير بالميت وعد محاسنه والتفاخر بها فعن جرير بن عبد الله البجلي قال كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة أي أنه نهى كما أن النياحة منهى عنها وأنه من الإنسانية ومن المروءة أن يُعد لأهل الميت الطعام لا أن يعد أهل الميت الطعام
عنه
للآخرين
في تغسيل الميت وتكفينه
إذا مات الميت وجب على جميع من علم بموته وجوباً كفائياً أن يقوم بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فإذا أدى هذه الأعمال أحد المسلمين سقط الوجوب عن الباقين وإذا لم يقم به أحد
أنموا جميعاً والصلاة على الميت لها ثوابها وكذلك اتباع الجنازة حتى تدفن له ثوابه أيضاً روى مسلم عن خباب رضى الله عنه قال و يا عبد الله بن عمر أ ألا تسمع ما يقول أبو هريرة
۷۳
إنه سمع رسول الله له يقول من خرج مع من بيتها وصلى عليها ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان أجر كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع كان له مثل أحد فأرسل ابن عمر رضى الله عنهما خباباً إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثم يرجع إليه فيخبره بما قالت فقال قالت عائشة صدق أبو هريرة فقال ابن عمر رضى الله عنهما لقد فرطنا في قراريط
كثيرة
هذا من
تعلم أن من صلى على الجنازة فقط له أجر واحد ومن تبعها حتى تدفن له أجران وما دام هناك من يقوم بالدفن ويؤدى الواجب به فهو جائز ولا إثم على من رجع قبل الدفن
في الثواب الذي يصل إلى المتوفى
قراءة القرآن عبادة وقربة إلى الله سبحانه وتعالى لها ثوابها عند الله وكذلك إطعام الطعام قربة وطاعة لها ثوابها عند الله سبحانه وجو المأتم جو يذكر بالفناء وفراق الدنيا ولقاء الله للعرض والحساب لذا يلجأ المسلمون عند المأتم إلى التقرب إلى الله بقراءة القرآن وإطعام الطعام يرجون بذلك أن الله على ذلك وأن يكون ذلك الثواب لهم عند الله لقائه وكذلك يرجون الرحمة والمغفرة لميتهم بهذه الطاعة التي يتقربون بها إلى الله من قراءة وإطعام
طعام
يثيبهم
يوم
ثواب القراءة يصل إلى الميت كما هو رأى الجمهور من أهل السنة وعلى ما هو مذهب الشافعية والحنابلة وكذلك إطعام الطعام والتصدق وقد ورد عن الإمام أحمد و رضی الله عنه الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه ولأن المسلمين يجتمعون في كل مصر يقرءون ويهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعاً أما البدعة المكروهة فهى أن يتكلف الإنسان فى ذلك ما يرهقه ويجعله يستدين أما إذا كان
المتوفى
ميسوراً أو من ذوى الثراء فإن دعوة القراء بقراءة القرآن وعمل الولائم صدقة على روح مستحب فهي قربات في سبيل الله أن يتقبلها الله ويرضى عمن أقامها وعمن أقيمت له
عسى
القبور في نظر الإسلام
بتسع
للإسلام نظرته الخاصة إلى القبور فالقبر في نظر الإسلام ينبغى أن يكون واسعاً عميقاً لا يتـ لأكثر من واحد إلا لضرورة ويستحب رفعه عن الأرض قدر شبر ليعلم أنه قبر فيتوقى صاحبه
٢٧٤
ويدعى ويزار أما ما عدا ذلك من تشييد القبور والزيادة في رفعها عن شبر فلم يكن موجوداً في الصدر الأول للإسلام وعمل الصدر الأول للإسلام واضح في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة إنه لا تشييد فيها أو لا ارتفاع للبناء ولا زخرفة
والمقصود
عن جابر رضي الله عنه قال نهى النبي اللهم أن يتعدى على القبر وأن يحصص ويبنى عليه أن القبور مكان للموتى ودليل الفناء فالمبالغة فى بنائها وتشييدها وتعليتها مخالفة أن تدل عليه من التذكير بالموت والدلالة على الفناء والقبور تذكر بالموت وزيارتها عظة وعبرة ولا تتأتى العظة والعبرة بالتنافس في التشييد
لما ينبغي
والزخرفة
ومع ذلك فإنه لا يحرم بناء ضريح لأحد كبار أولياء الله احتراماً له وتقديراً لما بذله في سبيل
الدعوة إلى الله بسلوكه الصالح وعمله الكريم وذلك على غرار القبة الشريفة الخضراء التي تضم أطهر الأجساد بالمدينة المنورة
جسد رسول الله الا الله وصاحبيه أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما
في ذبح الذبائح عند القبور
ذبح الذبائح عند القبور مكروهة وهى من البدع السيئة التي يجب الإقلاع عنها أما زيارة القبور فإنها مندوية للاتعاظ وتذكر الآخرة ويندب للزائر أن يقول عند رؤية القبر السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية ومما ورد أن يقول الزائر عند رؤية القبر اللهم رب الأرواح الباقية والأجسام البالية والشعور المتمزقة والجلود المتقطعة والعظام النخرة التى خرجت من الدنيا وهى بك مؤمنة أنزل عليها روحاً منك وسلاماً منى
وكما تندب الزيارة للرجال تندب للنساء العجائز اللاتى لا يخشى منهن الفتنة إن لم تؤد زيارتهن إلى الندب والنياحة وإلا كانت الزيارة محرمة عليهن أما النساء اللاتى يخشى منهن الفتنة ويترتب على خروجهن لزيارة القبور مفاسد كما هو الغالب على نساء هذا الزمان فخروجهن للزيارة حرام وقال الشافعية والحنابلة يكره خروج النساء لزيارة القبور مطلقاً سواء كن عجائز أو شواب
فإن كان خروجهن يؤدى إلى الفتنة أو وقوع محرم كانت الزيارة محرمة
في جواز زيارة القبور بالنسبة للمسلم
زيارة القبور للمسلم جائزة ولم يرد ما يمنع منها بل لقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار القبور وأعطى المثل والعبرة للزائرين روى مسلم بسنده - عن أ أبي هريرة رضى الله عنه – أن رسول الله
أتى المقبرة فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددنا أنا قد رأينا إخواننا قالوا أو لسنا إخوانك يا رسول الله قال أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله فقال أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهرى خيل دهم بهما ألا يعرف خيله قالوا بلى يارسول الله قال فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض رجال عن حوضى كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم فيقال إنهم قد بدلوا بعدك فأقول
سحقاً سحقاً
ألا ليذادن
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي علي مر بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر أخرجه الترمذى
وحسنه
وعن عائشة رضى الله عنها قالت كان النبي الله كلما كان ليلتها يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم أغفر لأهل بقيع الغرقد أخرجه مسلم ولقد كان النهى عن زيارة القبور فى أول الإسلام لقرب عهدهم بالجاهلية وما كان فيها من فحش القول وسوء الأدب ثم أباح لهم ذلك بعد أن أرشدهم إلى ما ينبغى في هذه الزيارة من الأدب روى أبو سعيد الخدري أن النبي قال ل نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا أخرجه الشافعى وأحمد والمقصود من إباحة الزيارة بل الندب إليها أن يتزود المسلم لحياته من النظر إلى الأموات والتفكر فى الموت لعل ذلك يصرفه عن الشر ويدفعه إلى الاستكثار من الخير
في زيارة النساء للقبور
قال القرطبي في قوله لعن الله الزائرات للقبور هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة ولعل السبب في هذا اللعن ما يفضى إليه تكرار الزيارة من تضييع حق الزوج وما ينشأ
٢٧٦
منهن من الصياح ونحوه فإذا كانت زيارتهن للاعتبار بلا نواح ولا تذكير بمآثر الميت فهي مكروهة كراهة تحريم لظاهر الحديث
ويرى بعض العلماء أن كراهة زيارة النساء للقبور للتنزيه لما رواه أحمد والشيخان وغيرهم أن رسول الله قال نهينا أن نتبع الجنائز ولم يعزم علينا
أحمد وروی
والراجح أن زيارتهن جائزة للترخيص فيها بعد ذلك ويؤيده حديث عبد الله بن مليكة و أن عائشة رضى الله عنها أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها يا أم المؤمنين من أين أقبلت قالت من قبر أخى عبد الرحمن فقلت لها أليس كان نهى النبي عن زيارة القبور قالت نعم كان نهى عن زيارة القبور ثم أمر بزيارتها رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ومسلم أن عائشة سألت رسول الله الله عما تقول إذا زارت القبور فقال رسول الله الله قولى السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وعلى ذلك فلا مانع من زيارة النساء للقبور إذا لم يخرجن عن حد الخشوع وستر العورة وآداب الإسلام وخرجن إليها متحشيات يردن العظة والعبرة وكفى بالموت واعظاً فإذا خرجت متعطرة متزينة ليشم الناس عطرها ويرون زينتها فإن ذلك حرام وعليها لعنة الله ورسله وملائكته
في استحباب قراءة القرآن عند القبر
يرى الإمام الشافعى رضى الله عنه استحباب قراءة القرآن عن القبر لتحصل للميت بركة القرآن ووافقه على ذلك القاضي عياض والقرافي من المالكية ويرى الإمام أحمد أنه لا بأس بها والذى أميل إليه أنه لا بأس بها لأن الرحمات تتنزل عند قراءة القرآن فيرجى أن تعم الميت رحمة الله عز وجل عند قراءة القرآن وليس المراد بالقراءة هي مايفعله القراء الآن بل لابد فيها من التأدب بآداب التلاوة وعدم الإخلال بالحروف والامتثال لأمر الله تعالى فى قوله ورتل القرآن ترتيلا ومما لا شك فيه أن القرآن نور وأن قراءته سبب فى إنزال الرحمات وسبب في التجليات الإلهية بالمغفرة والرضا ومن أجل ذلك يقرؤه أهل الميت عند القبر راجين أن تنزل الرحمات على فقيدهم ولقد مر رسول الله الا الله على قبرين يُعذَّب صاحباهما وكانت بيده جريدة رطبة فشقها نصفين ووضع على كل قبر نصفاً راجياً الله أن يخفف عنهما وإذا كان وضع الشيء الأخضر الرطب على قبر الميت يرجى
منه التخفيف فإن قراءة القرآن بالشروط المسنونة للقراءة من باب أولى
۷۷
ما رأى الدين فى تأجيل دفن جثمان الميت أكثر من الحد المفروض يرى الدين سرعة تجهيز الميت ودفنه لتقريبه إلى ما أعد الله له ويعتبر ذلك فرض كفاية على جميع من علموا بذلك وفى استطاعتهم أن يقوموا بأداء ما يلزم نحو الميت فإن تأخر دفن الميت عن القدر الذى يتسع لتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ثم دفنه كان جميع من علموا بذلك ولم يقوموا بما يلزمهم نحو ميتهم آئمين
وتأخير دفن جثمان الميت ليس من الدين في شيء بل إنه مخالفة شرعية ورسول الله والخلفاء الراشدون وقادة الفتح الإسلامى الذين حكموا مصر وغيرها لم يبق واحد منهم في مكانه الذى توفى به أكثر من القدر الذي تم فيه تجهيزه
ما الذي نهى عنه الدين في زيارة القبور
نهى الدين في زيارة القبور عن الجلوس على القبر فقد قال لأن يجلس أحدكم
على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبره
رواه مسلم وغيره
ونهى عن النياحة فقال إذا لم تتب النائحة قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال قطران ودرع من جرب وأما حزن القلب ودمع العين فلا بأس بها فإنه قد حصل ذلك من رسول الله له عند وفاة ابنه إبراهيم فقد قال عل إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون
في سرادقات العزاء
لقد خرجت عادات المأتم في كثير من البلاد الإسلامية عن الجو الإسلامي الصحيح والجو الإسلامي الصحيح في ذلك هو أن الموت عبرة وأنه عظة وكفى بالموت واعظاً ومذكراً بالآخرة وبأن الحياة مهما حاول الإنسان أن تمتد به ستنتهى وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد
ومن أجل العظة حث الإسلام على تشييع الجنازة وذكر الثواب عليهما لما في جوها من تذكير
۷۸
بأن كل مشيع سيلقى نفس المصير عاجلا أو آجلا وبهذا السبب أو بذلك تعددت الأسباب والموت واحد وربما تدفع هذه العظة إلى التوبة والرجوع إلى الله وبعد تشييع الجنازة يعزى أهل
الميت وينصرف كل لشأنه متعظاً معتبراً متذكراً للآخرة وللموت الذى لا مفر منه فإذا غلب التأثر على أهل الميت فشغلهم على أن يعدوا لأنفسهم الطعام فينبغي لجيرانهم ولأقاربهم أن يكفوهم ذلك هذا هو الجو الإسلامي في الجنائز أما ما يفعله الناس الآن فإنه وضع لا يستقيم مع الروح الإسلامية خصوصا الإسراف فى هذه السرادقات التى تقام والمغالاة فيها حبا للمظاهر والسمعة والتفاخر
وإنه لمن المشاهد المؤلمة أن الحديث في أمور الدنيا على أنحاء شتى وتدخين السجائر في نوع من اللامبالاة كل ذلك يجرى فى هذه السرادقات حين يرتل القرآن الكريم من أجل ذلك تعلن في صراحة أن هذه المظاهر ليست مظاهر إسلامية وهى أحرى أن تكسب فاعليها السيئات وعلى كل متبصر مستنير أن يعمل على عدم إقامتها فيرضى الله ويرضى رسوله
خطأ في البائع يتبين بیعه
إذا تبين البائع خطأ ما وقع حال بيعه وكان هذا الخطأ لصالحه بدون قصد فلا شيء عليه فيما وقع لقوله الا الله ه رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولكن هذا العفو عن الخطأ وعدم الذنب فيه يرتفع بمجرد علمه به وإدراكه له إذ عليه بمجرد العلم أو الإدراك تصحيح
الخطأ
فإذا كان البائع عارفاً بمن اشترى منه بادر إلى إعطائه حقه وإصلاح ما حدث خطأ من وإن كان لا يعرفه فعلية الاحتفاظ له بحقه حتى يرجع عليه ولو طال الزمن ولو نما له هذا الحق واستثمره لكان خيراً وعملاً صالحاً ففي حديث الثلاثة الذين أطبقت عليهم صخرة فسدت الغار وسألوا الله بصالح أعمالهم فرفعها عنهم قال أحدهم اللهم إنى استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرتهم غير رجل واحد ترك الذى له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءنى بعد حين فقال لى يا عبد الله أد إلى أجرى فقلت كل ماترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال يا عبد الله لا تستهزئ بي فقلت إلى لا أستهزئ بك فأخذه كله فساقه فلم يترك
منه شيئاً
۷۹
عليه
والمقصود أن حق المشترى في ذمة البائع ولا يجوز للبائع أن يتصرف فيه بأى وجه بل
أن
اللهم
يوصى من بعده حتى يحصل صاحبه عليه
م إلا إذا كان هذا الحق مما يمكن التجاوز فيه ومراعاة وقوعه فإن للبائع حينئذ الحق في
التصرف فيه
في الحكم فيمن يسخرون من العبادة ومن العباد ويشوهون صفاتها
يبين الله سبحانه وتعالى الحكم في السخرية بوجه عام فيقول سبحانه يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ما ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم
الظالمون فالساخر في حكم الله ظالم وللظالمين عند الله عذاب يختلف في شدته بحسب جريمتهم هذا في الساخر بوجه عام
بید
جريمة السخرية من العباد والعبادة تصل فى شفاعتها عند الله سبحانه وتعالى إلى حد الكفر وكفى أن نذكر في ذلك قوله تعالى
إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مرُّوا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء الضالون وما أرسلوا عليهم حافظين فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا
يفعلون ولا ريب في أن السخرية بالعبادة والعباد إنما هى سخرية بالدين في عناصره السامية وذلك کفر صريح ومن تاب توبة نصوحاً وجد الله غفوراً رحيماً
هل يجوز شراء طعام معد للأكل من شخص لا يصلى
لا يجوز شراء الطعام المعد للأكل من شخص لا يصلى لأنه بتركه الصلاة أهدر دم نفسه وعرض نفسه لقتال ولى الأمر والمسلمين قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منى
دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله ومن يعامله بعد معرفته بهذا الحديث
۸۱
هل يجوز نسبة طفل إلى غير والده بالتبنى
إن نسبة طفل إلى إنسان يعلم أن هذا الطفل ليس ابناً له ومع ذلك ينسبه إلى نفسه على أنه أبوه سواء كان الولد معلوم النسب أو مجهولا يطلق عليه اسم التبنى وهو الذى أ أبطله الإسلام بقوله تعالى في سورة الأحزاب ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه وما جعل أزواجكم اللائى تظاهرون منهن أمهاتكم وماجعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم
وقد كان رسول الله كرم زيد بن حارثة بنسبته إليه مكافأة له على تفضيله البقاء في خدمته على الذهاب حراً مع والده حارثة فتبناه رسول الله وسماه زيد بن محمد فلما أبطل الإسلام نظام التبنى عاد زيد إلى اسمه الأول زيد بن حارثة ونزل قوله تعالى ماكان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليماً والتبنى الذي يريده السائل بنسبة طفل إليه على أنه أبوه وزوجته أمه وأولاده إخوته - كما يناديهم - هو ما أبطله الإسلام لما يترتب عليه من المفاسد الاجتماعية الخطيرة فإن هذا هو الولد المتبنى سيشارك فى الميراث وهو ليس صاحب حق بل قد يحرم صاحب الحق من حقه وسيترتب على بنوته تحريم ما أحله الله وإباحة ما حرمه بالنسبة للميراث والمصاهرة وإباحة الخلوة
حرم
بالأجنبيات والأجانب على أنهم من المحارم والمحرمات إلى غير ذلك من المفاسد التي من أ أجلها الإسلام هذا اللون من التبنى لكن يجوز للسائل ولغيره ممن يريدون المساعدة والعون لهؤلاء الأطفال المساكين أن يقوموا بتربيتهم والإنفاق عليهم والوصية لهم بجزء من مالهم تأميناً لمستقبلهم على أنهم إخوة لهم فى الدين لا على أنهم أبناؤهم وبذلك يستطيع السائل أن يقدم ا العون كما يشاء لهذا الطفل على أن لا ينسبه إليه ولا إلى زوجته ولا مانع أن يفهمه حينما يكبر ويعقل أن أبويه أصيبا في حادث من الحوادث وأنه قد تطوع بتربيته وتعليمه والله يجزيه هو وأهل الخير من أمثاله
أعظم الجزاء
ونسل رضى الله عنه في الصياح
٢٨٢
في من يفعل المحرمات قبل الحج أو بعده
هذا الذي يشرب الخمر ويزنى ويذهب إلى المراقص إما أن يقع ذلك منه قبل الحج أو بعده فإن وقع ذلك منه قبل الحج وأخلص في حجه وتاب توبة نصوحاً وأدى الحج كما ينبغى غفر الله له الذنوب وعاد من الحج نقيًّا طاهراً متأهلا للترقي والسعادة كقوله من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه
أما إذا وقع منه بعد الحج فإنه يدل على أن الحج لم يثمر فيه وعلى أن عبادته لم تكن خالصة لله وعليه إثم كل ذنب اقترفه بعد الحج وهو بفعله هذه المنكرات يضيع على نفسه أثر الحج ويبتعد تدريجياً عن رحمة الله
ومع
ذلك فإذا حج بإخلاص أثمر الحج معه ثمرته وتاب الله عليه لإخلاصه على أن من شروط قبول التوبة العزم المصمم على عدم العودة لمثلها فإن التائب وهو مصر على الذنب كالمستهزئ بالرب وهو في الحقيقة إنما يدمر نفسه ويضيع عليها كل فرصة للنجاة والخروج من سجن الذنوب
فإذا كان في حجه مصرا على هذه المعاصى عازماً على عدم تركها فإن حجه لن يكون سبباً في تكفير ذنوبه بل سيكون حجة عليه لأن الحج تجرد من الهوى والشهوات وإقبال بكل الهمة على الله وكيف يقبل على الله من عزم على مقارفة المعصية وأبى التصميم على تركها فليحذر عذاب الله من ينتهكون حرماته فإن الله تعالى غيور عليها وسيعلم الذين ظلموا
منقلب ينقلبون
أما من ناحية إسقاط الفريضة فإن حجه يسقط الفريضة عنه ويكون مثل ذلك كمثل شخص يصلى الفروض ويشرب الخمر فإن صلاته تسقط عنه الفرض وأما الخمر فإن حسابه عليه مرجعه إلى الله كذلك الأمر فى من حج وعصى فإن حجه يسقط عنه الفرض
وحساب معصيته على الله
شربه
۸۳
ما هي تحية الإسلام الجائزة شرعاً
وهل جائز أو مكروه تحية الوجوه بالأنف والفم أو معانقة الأكتاف من حق المسلم على أخيه المسلم أن يحييه عند لقائه والتحية التي شرعها الإسلام وسنها رسول
الله هي ما ورد في الحديث الصحيح الذى قال فيه صلوات الله وسلامه عليه ه حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبع جنازته فتحية الإسلام هي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وما أبدعها من تحية ! لأنها تبشر بالسلام والاطمئنان والأمن والرحمة والبركة من الله وهى تحية أهل الجنة قال تعالى حين تحدث عن أهل الجنة تحيتهم فيها سلام وتحية الملائكة لهم كما قال تعالى والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ومن بدأ أخاه بهذه التحية كان له من الله الثواب الجزيل كما ورد في الحديث الشريف أن من قال السلام عليكم له عشر حسنات ومن قال السلام عليكم ورحمة الله له عشرون حسنة ومن قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته له ثلاثون حسنة ويكره للسملم أن يعدل عن هذه التحية إلى غيرها أيا كان نوعها لأنها تقليد وخروج عن
الآداب التي شرعها الإسلام وزهادة في الثواب الذي أعده الله لمن حيا بالسلام والمعانقة تكون عند شدة الشوق كما إذا عاد المسلم من سفر أو غزوة أو حج وقد ثبت أن النبي الله وعانق سيدنا جعفر بن أبي طالب ابن عمه حين قدومه من الحبشة وكان مهاجراً بها في أول الإسلام فيؤخذ من ذلك مشروعيتها وجوازها ومع ذلك فإنها ليست تحية وإنما التحية هي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فإذا حيا الإنسان بهذه التحية فإنه لا بأس بعدها بتحية من نوع آخر تبعاً للعادات والتقاليد
٢٨٤
ما حكم الإسلام فى المسلمين يلتقون ولا يسلم بعضهم على بعض
من السنن التي رغب فيها الرسول مع الله إفشاء السلام وهو حق للمسلم على أخيه المسلم وورد في الصحيحين عن رسول الله حق المسلم على المسلم س ست
1 - إذا لقيته فسلم عليه
- وإذا دعاك فأجبه
-T
وإذا استنصحك فانصحه
٤ - وإذا عطس فحمد الله فشمته
وإذا مرض فعده
٦ - وإذا مات فاتبع جنازته
والسلام يقوى الروابط ويوثق الصلات بين المسلمين ويغرس المحبة في قلوبهم كما قال عليه
السلام
ألا أدلكم على عمل إذا عملتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم فإذا التقى المسلمون من لهم أن يسلم بعضهم على بعض فإذا تهاونوا في ذلك كانوا تاركين
لسنة الرسول التي رغب فيها وحث عليها
في
من تعرض نفسها للحمل مع علمها بخطورة ذلك
إن من أسس الإسلام المعروفة بداهة المحافظة على سلامة الكائن الإنساني بحيث يجب عليه ألا يعرض نفسه لأذى وعلى المحيطين به أن لا يوقعوه في ضرر والله سبحانه وتعالى يقول ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة أى لا تتعرضوا للشر مختارين مندفعين إليه بإرادتكم وقد أباح جمهور الفقهاء للأم أن تمتنع عن الحمل وللزوج أن يمنع امرأته عن الحمل إذا تعرضت بسببه إلى أذى يصيبها في جسمها أو فى نفسها بل أباحوا ذلك لمجرد الظن الراجح وقالوا إن الزوج يكون آثماً إذا عرض امرأته للحمل مع علمه بخطورة ذلك على صحتها وقالوا إن الزوجة تكون آئمة إذا عرضت نفسها للحمل مع علمها بخطورة ذلك على صحتها ومن أجل ذلك فإنه إذا قرر الأطباء أن فى الحمل ضرراً على صحة الزوجة وأنه يجب إجراء
٢٨٥
عملية لأجل منع الحمل فإن الموافقة على إجراء العملية واجب شرعاً والامتناع عن إجرائها محرم
شرعاً
فعلى الزوج أن يوافق على إجراء العملية مطمئن النفس هادئ القلب وبارك الله لهما فيا رزقها وليس الأمر في الأبناء بالكثرة وإنما هو بالنجابة وحفظ الله وتوفيقه ونرجو الله أن يتولى ما رزقها بالحفظ والتوفيق
في سيراليون جماعة من المسلمين يتزوجون بأكثر من أربع نسوة ولا يلتزمون بأداء الصلوات الخمس في كل يوم بل منهم أيضاً من لا يصلى إلا في رمضان وإذا زنى أحدهم بزوجة غيره فإنه يدفع لزوج تلك المرأة جنيهين أو ثلاثة ثمناً لما ارتكبه
فهل هؤلاء مسلمون
يحرم على الرجل المسلم أن يجمع في عصمته أكثر من أربع زوجات في وقت واحد قال تعالى وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم
حتى حل الزواج بأربع مشروط بالعدل بينهن فإن خاف عدم العدل فليقتصر على واحدة وأخرج النسائي أن النبي قال لغيلان بن أمية الثقفى وقد أسلم وتحته عشر نسوة اختر منهن أربعاً وفارق سائرهن هذا إذا أسلم وتحته أكثر من أربع أما إذا تزوج المسلم أكثر من أربع فإن كان ذلك في عقد واحد فزواج الجميع باطل ولا ينعقد النكاح وإذا كان مفرقاً فعقد ما زاد على أربع يكون باطلا ولا ينعقد النكاح أما ترك الصلوات الخمس فهو من الكبائر
روى الترمذى عن بريدة رضي الله عنه عن النبي العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر وروى أيضاً عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله إن أول ما يحاسب يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر والصلاة كما تكون في رمضان تكون في غيره لأنها مفروضة خمس مرات كل يوم لا فرق بين رمضان وغيره
به العبد
٢٨٦
والزنى حرام حرمه الله ورسوله وأجمع المسلمون على حرمته سواء دفع الزانى أجراً أم لم يدفع قال تعالى ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا وورد عن النبي قال ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل
في
لا تحل له رحم
وهؤلاء الذين يفعلون هذه المنكرات مسلمون اسماً إلا أنهم عصاة مرتكبون للكبائر ولابد
لهم من التوبة حتى يكفّر الله عنهم خطاياهم ويعفو عن سيئاتهم
في تعود الناس في الريف رهن عقار يأخذه الدائن وينتفع
به إلى أن يسدد المدين دينه فهل هذا جائز شرعاً
إن رأى الدين فى ذلك هو أن منفعة العين المرهونة لمالكها الأصلى وعلى هذا فإنه إذا رهن شخص بيتاً وكان للبيت إيجار فإن الإيجار لصاحب البيت أى للراهن وليس للمرتهن في إيجاره شيء ولا يجوز للمرتهن استغلال البيت على أى حال سكناً أو إيجاراً وليس لأحد أن
يقول
وما فائدة الرهن إذن وذلك أن للرهن فوائد كثيرة فهو
أولا ضمان لوصول الحق لصاحبه فالرهن ضمان سداد إنه عبارة عن قرض بضمان وثانياً الثواب والأجر العظيم بسبب فك الكربات ورسول الله لا يقول ما معناه من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربة من كرب الآخرة ومن يسر على
0
معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه وثالثاً تقوية الروابط بين المجتمع فتكون الألفة والمحبة التي يحرص الشرع الكريم على
غرسها في النفوس
ورابعاً ينفع الرهن في تيسير بعض الأعمال التجارية التي تعود بالنفع على المستدين – فإذا استولى صاحب المال على العين وانتفع بها فإن ذلك يكون ربا إذ تنطبق عليه القاعدة كل قرض جر نفعاً فهو ربا
وقد حرم
الله تعالى الربا حيث قال وأحل الله البيع وحرم الربا
وأذن أهله بالحرب فقال فأذنوا بحرب من الله ورسوله ومن الملاحظ أن الله سبحانه لم يعلن الحرب فى القرآن الكريم إلا على أكلة الربا وذلك لبشاعة الربا وقد قال الله سبحانه يمحق الله الربا ويربى الصدقات
۸۷
في أخذ الأجر على خطاب الضمان المصرفى
هل يجوز أخذ الأجر على خطاب الضمان المصرفي علماً بأن خطاب الضمان هو تعهد نهائى يصدر من البنك بناء على طلب عميله بدفع مبلغ نقدى معين أو قابل للتعيين بمجرد طلب المستفيد ذلك من البنك خلال مدة محدودة ويقوم العميل بدفع المبلغ للمصرف فور دفعه
للمستفيد
وأن الكفالة هي عقد بمقتضاه يكفل شخص تنفيذ الالتزام إذا لم يف به المدين نفسه فغاية كل من خطاب الضمان والكفالة غاية تأمينية هدفها مساعدة العميل في تقوية مركزه الائتماني تجاه المستفيد في خطاب الضمان أو المكفول له
خطاب الضمان المصرفي في حقيقته العملية صورة من صور الكفالة بوجه عام وهو البديل المقبول في المعاملات للتأمين النقدى فبدلا من قيام المتعاقد بتقديم تأمين نقدى كبير متجمد كتأمين الوفاء بالتزامه يقوم خطاب ضمان مصرفى بالقيمة المطلوبة فى أى مجال من مجالات معاملاته كتأمين لدخول المناقصات وللدوائر الجمركية وللضرائب وكوثيقة تتسلم البضائع المشحونة في ميناء الوصول قبل وصول المستندات وغير ذلك وخطاب الضمان غير قابل للنقض من جهة الأمر إذا تعلق به حق المستفيد لكن إذا عدل عن طلب الخطاب قبل إصداره أو بعد إصداره قبل تسليمه للمستفيد أجيب إلى طلبه ودفع المصرف للمبلغ المعين لا يمنع من محاسبة العميل الآمر للمستفيد وديا أو قضائيا ونظراً إلى أن العلاقة بين الآمر بخطاب الضمان المصرفى وبين المصرف هى كالعلاقة بين الموكل ووكيله فإن دفع المصرف للمبلغ المعين بناء عن أمره لا يتعارض مع رجوع المصرف على الآمر بما دفع طبقاً للقواعد العامة باعتباره الموكل ملزماً بأن يرد دفع
للمستفيد كالوكيل على موكله بما يرجع للوكيل ما أنفقه في تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد نجيب على هذا بأن الفقهاء قد فرقوا بين أنواع الكفالة حسب الموضوع الذي تتعلق به من كفالة بالمال وكفالة بالنفس
وفرقوا في الكفالة بالمال بين الكفالة التى يكون موضوعها الالتزام بأداء دين أو الالتزام بتسليم عين أو ضمان خلوص المال المبيع من كل ما عليه الملغير من حقوق وهو ما يعرف بضمان الدرك عند الحنفية ويسمى ضمان العهدة عند غيرهم ومعظم الحالات التي يستعمل فيها خطاب
۸۸
الضمان المصرفى بناء على ما ذكر في السؤال تعد فى أكثرها من نوع كفالة الدين والكفالة في الاصطلاح الفقهي هي ضم ذمة إلى ذمة فى المطالبة كما هو مذهب أكثر الحنفية أو فى المطالبة بالدين كما هو مذهب الشافعية والمالكية ورواية عن أحمد والمقصود من ذلك على كلا الرأيين هو تأكيد التوثيق وهو الغاية المرادة من خطاب الضمان المصرفى وإذا كان القانون قد أجاز خطاب الضمان بإيجاب من المصرف دون توقف على قبول المستفيد فإن الإمام أبا يوسف فى قوله الأخير لم يجعل القبول ركناً في الكفالة بالنفس أو المال تتوقف عليه صحتها وهو مذهب الثلاثة
كما ذهب الحنفية إلى جواز رجوع الكفيل على المكفول عنه إذا كانت الكفالة بأمره ونقل السرخسى فى المبسوط كما نقل صاحب البحر الزخار جواز الرجوع بدلالة المادة ولاخلاف في جواز الكفالة إلى أجل معلوم ويرى أكثر الفقهاء جواز الضمان قبل وجوب الحق وبعده وبناء على ما تقدم نرى أن خطاب الضمان المصرفى يتضمن معنى الضمان والكفالة لأنه التزام من المصرف للمستفيد أيا كان بدفع ما يلزم العميل الآمر في الموعد المحدود وبالشروط المتفق عليها كما يتضمن معنى الوكالة حيث يقوم المصرف نيابة عن عميله بإجراءات إتمام ما يشتمل عليه كتاب الضمان وتسهيلها ويستحق ما يدفعه على الآمر فور دفعه للمستفيد
لذلك يحق للمصرف أخذ عوض لقاء قيامه بما وُكل إليه من اتخاذ إجراءات خطاب الضمان المصرفى هذا وقد أجاز علماء الإمامية أخذ الأجر على الضمان مطلقاً
في شأن طلب الرأى في موضوع الاعتمادات المستندية
التي يباشرها البنك فى التجارة الخارجية وتحقق للتجار
مستوردين و مصدرين فوائد وتيسيرات عديدة
فيما يتعلق بالرأى في موضوع الاعتمادات المستندية التي تشيرون إليها فإن مفهوم المذكرة التفصيلية المرفقة بكتابكم أن الاعتماد المستندى هو تعهد مصرفى بوفاء دين المشترى المستورد
الذي يستحقه البائع المصدر لقاء البضاعة التي صدرها إليه
وأن المصرف الإسلامي في سبيل تسهيل معاملات عملائه من المستوردين الراغبين في فتح اعتمادات مستندية لصالح المصدرين الأجانب فى الخارج مضطر إلى أن يتفق مع بنوك أجنبية
۸۹
بالخارج لتنوب عنه في سداد مستحقات المصدرين الأجانب هناك على الوضع الذي أشارت إليه الصفحة الثانية من مذكرة البنك التفصيلية وأن البنوك الأجنبية في مقابل نيابتها عن البنك الإسلامي في دبي في هذه العملية تشترط أن يودع البنك تحت تصرفها مبالغ معينة لتسدد منها مستحقات البائعين المصدرين بناء على تعليمات
منه
وأن البنوك المتفق معها تعرض على البنك الإسلامى احتساب فوائد لصالحه على المبالغ المودعة لديها على الوجه المتقدم وعن المدة التي تبقى خلالها تحت ذمة التصرف فيها وهى مدد تتراوح بين ثلاثة أشهر وستة أشهر أو أكثر وتبين من ذلك أن المبالغ المودعة لدى البنوك لحساب البنك الإسلامي بدبي ليست ديناً للبنك عليها وليست قرضاً طلبته هذه البنوك وإنما أودعها البنك الإسلامي لديها في مقابل نيابتها عنه في عمل يعود نفعه عليه وعلى المستوردين والمصدرين ولو لم يودع البنك الإسلامي ما تطلبه البنوك الأجنبية بالخارج من مبالغ على هذا الوجه لما تحقق للتجار الذين يتعاملون معه كبنك إسلامي أى نفع أو فائدة فينصرفون عنه إلى غيره من البنوك التي تستغل حاجتهم أبشع استغلال
ولاشك أن البنك الإسلامي حين يودع هذه المبالغ - مضطرا - لدى البنوك الأجنبية التي تستثمرها إنما يقصد إلى مصلحة يعود نفعها عليه وعلى التجار وإلى حمايتهم من التعامل بالربا الصريح مع غيره من البنوك الأخرى وذلك غرض شريف يستحق التشجيع وبخاصة أن البنك ما زالت معاملاته حديثة العهد فإذا ما عرضت البنوك الأجنبية بالخارج فوائد لصالحه من مبالغه المودعة لديها لحساب اعتماداته المستندية وهى تستثمرها في مجالات يندر فيها الكساد أو الخسران فليس في ذلك مظنة ظلم لأحد أو استغلال لحاجة إنسان
وعلى الرغم من أن هذا النوع من المعاملات بكيفيته وظروفه لم تكن معروفة لفقهائنا الأولين الحداثة العهد به فإن الميزان الشرعى فى حل التعامل وحرمته قول الله تعالى لا تظلمون ولا تظلمون وما دامت الفوائد التى تعرضها البنوك الأجنبية فى هذا السبيل ليست فائدة لدين ولا منفعة
جرها قرض
وما دامت البنوك الأجنبية فيما نعلم توجه الفوائد التي لا يقبلها بعض الأفراد المتعاملين معه إلى
جهات تبشيرية
ما دام الأمر كذلك فإننا لا نرى حرجاً من قبول ما تعرضه البنوك الأجنبية في هذا الشأن كجزء
۹۰
من أرباح استثمارها لأمواله المودعة لديها لحساب اعتماداته المستندية على أن يوجه ذلك إلى المنشآت الإسلامية العامة فلا يضيفه البنك الإسلامى إلى رأس ماله ولا يملكه لأشخاص معينين من ذوى الحاجة والله ولى التوفيق
يصنع
في التعامل مع البنوك
إن التعامل مع البنوك أنواع متعددة فقد يضع الإنسان ماله في البنك على ذمة شركة من الشركات قد وضع البنك لها مشروعها ورسم لها تخطيطها ويحاول تنفيذ المشروع وذلك كما كان بنك مصر وكما تصنع بعض البنوك وهذا النوع من التعامل مع البنك لا شيء فيه وهو حلال وذلك أنه عمل تجارى لأنه شراء عدة أسهم في مشروع تجاري يقوم به البنك وكلما كان التعامل مع البنك نوعاً من التجارة كان ذلك جائزاً مثل مساهمة الإنسان في شركة الحديد والصلب أو فى شركة راكتا ه أو فى شركة الخزف وهكذا ولا يتأتى أن يقول إنسان على المساهمة في هذه الشركات إنها عمل محرم ذلك أنها أوضاع تجارية لا شبهة فيها للربا أما إذا وضع الإنسان ماله في البنك ليأخذ عليه فائدة محددة ولا شأن للمودع بتجارة البنك خسرت أو كسبت ولا شأن له بالأسعار ارتفعت أو انخفضت فإن ذلك يكون ربا حرمه الله سبحانه وأنذر متعاطيه بالحرب
في حكم
0
من يتشبه بالأوربيين في طريقة حلق رأسه
قال تعالى يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض
ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتى بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين فمن تشبه بالأوربيين في طريقة حلق شعر رأسه حبا لهم وتودَّداً إليهم وابتعاداً عن أبناء دينه ووطنه وبيئته واشمئزازاً منهم ونفوراً فإنه يكون بذلك خارجاً على الأوضاع الإسلامية ويكون آئماً وعاصياً من ناحية الدين ومن ناحية الخلق ومن ناحية الوطنية
۹۱
إلى
أما إذا لم يقصد شيئاً من ذلك وإنما كان عادة وعرفاً شاع وأصبح الناس يتبعونه دون التفات تشبه بالأوربيين فإن ذلك حكمه حكم العادات التي تشيع والعادات التي تشيع لا إثم فيها ولا معصية ما دامت لا تتنافى ما أمر به ا به الله أو نهى الله مع
عنه وحلق الرأس على طريقة معينة من العادات التى لا تخالف نصا من نصوص الدين فهى إذن من المباح ما لم يتعمد الإنسان أن ينفصل عن إخوانه ليكون من الأوربيين فإن فعل ذلك كان في حكمهم ولقد أراد مرة أحد المريدين أن يأكل الغليظ من الطعام وأن يلبس الخشن من الثياب فقال له شيخه اتق الله وكن كيف شئت
في ما ورد أن رسول الله الله قال اطلقوا اللحى وجذوا الشارب
روى البخاري بسنده عن ابن عمر عن النبي الله قال
خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوارب قال عياض يكره حلق اللحية وقصها وتجذيفها وأما الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن بل تكره الشهوة في تعظيمها كما تكره في تقصيرها وتوفير اللحى أو إعفاؤها لا يقصد به تركها بلا حلق وإنما تشذب وتهذب بما يحقق الاعتدال فيها بلا تطويل ولا تقصير وقد أخرج مالك في الموطأ عن ابن عمر أنه كان إذا حلق رأسه في حج أو عمرة أخذ من لحيته
وشاربه
والكراهية هنا للتحريم على ما اختاره كثير من العلماء للأحاديث الواردة في الأمر بإعفائها وهي كثيرة والأصل في الأمر الوجوب ولا يصرف عنه إلا لدليل ولا دليل على هذا الصرف ثم إن المشهور من فعل الرسول الا الله وأصحابه التوفير ولم يرد الحلق فساند الفعل القول وتأكد الوجوب
هذا عن توفير اللحى أما عن قص الشارب فهو مثل توفير اللحى ويستحب أن يبدأ بالجانب الأيمن والقص إنما يتحقق بتخفيف شعره وتقصيره وإظهار طرف الشفة وفى ذلك كمال الهيئة والتميز عن النساء وتحقيق هيبة الرجال وتيسير الأكل والشرب بلا عائق من شعر الشارب ما يعطى فكرة صحيحة عن موقف الإسلام فيما يتصل بحلق اللحية أو إخفاء الشارب هذا وقد اعتبر الإسلام كلا الأمرين من خصال الفطرة التي يعتبر الخروج عليها خروجاً على
في شهر رمضان
يقول الله تعالى شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر بريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون
إن الله سبحانه وتعالى بين في هذه الآية الكريمة أن القرآن أنزل في شهر رمضان وأنه أنزل
هدى للناس
والهداية هي أسس نعمة أنعم الله تعالى بها على الإنسانية وهذه النعمة تقتضى شكراً ويتمثل الشكر على الهداية فى عبادة تزكى النفس وتسمو بالروح وتستغرق الشهر كله فكانت هذه العبادة هى الصوم الذي يثمر التقوى ويقول الله تعالى عن ذلك يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون فصوم شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن إنما هو شكر على العبادة وهذا الشكر يثمر التقوى والتقوى تثمر رعاية الله للمتقى في كل ضيق ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث
لا يحتسب
ويقول يأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفّر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم
والله ذو الفضل العظيم
والتقوى التى هى ثمرة الصوم لها ثمارها الطيبة إذن فى هذه الحياة الدنيوية وفى الحياة
الأخروية
في اسم شهر رمضان ولماذا خصه الله بالصوم
يقول الله تعالى شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه
فقد أمر الله تعالى بالصوم بعد أن ذكر أن هذا الشهر الكريم نزلت فيه الهداية الكاملة ممثلة في
۹
طبيعة الإنسان وقلبًا لصورته وتشبه من الرجال بالنساء وبذلك فالحديث في توفير اللحية وتقصير الشارب أو حلقه صحيح والحكمة من ذلك ما ذكرناه من السير على ما تقتضيه الفطرة وعدم
تغيير الخلقة والبعد بالرجال عن التشبه بالنساء وتيسير التنظيف وتحسين الهيئة
في حكم من حلق لحيته في الإسلام
وتشيه
حلق اللحية في الإسلام نهى عنه رسول الله ما لأنه تشبه بالصبية من الأطفال بالنساء وتربية اللحية سنة النبيين قال تعالى مُخبراً عن حديث جرى بين هارون وموسى عليها السلام يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي دلت الآية على أن سيدنا هارون – عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام - كان ذا وفرة لشعر لحيته ورأسه وقد صح أن رسول الله علم يحلق لحيته قط في تحلله من الإحرام لا في حجة ولا في عمرة وفى الصحيحين أن رسول الله لعل الله قال خالفوا المشركين اخفوا الشوارب واعفوا عن اللحى ولقد بعض الفقهاء شهادة من يحلق لحيته ومع ذلك فإن بعض الفقهاء يرى أن إرسال اللحية سنة ومهما يكن من شيء فإن رسول الله عل الله لم يحلق لحيته قط وقد قال الله سبحانه وتعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخرة وذكر الله كثيراً ولقد نهى رسول الله الليل عن إزالة الشعرة البيضاء من اللحية السمراء لأنها علامة الوقار ونور المؤمن يوم القيامة وهذا النهى هو فى الوقت نفسه نهى عن إزالة شعر اللحية
ما حكم استعمال الكرافتة في الإسلام
في هذا الزمان جائز باعتباره من الأمور التى جرت بها عادة المسلمين في العصر الحاضر والمسألة في الواقع فيما يتعلق بالكرافتة ليست مسألة حل وتحريم وإنما هي مسألة ضرورة أو عدم ضرورة ولقد رأى كثير من الغربيين والشرقيين أن الكرافتة لا ضرورة لها وهي تؤذى الإنسان أكثر مما تنفعه وكثيراً ما نرى بعض الناس يحل رباط رقبته ليتنفس بالهواء يملأ صدره وليتنفس في يسر ورحابة وما من شك فى أن الكرافتة وارد من واردات الغرب ولعل في الأزياء الوطنية ما يغني والنزعة التي تعتز بالزى الوطنى خير من نزعة التقليد لكل ما هو غربي وننتهى من ذلك بأن مسألة الكرافتة تخرج عن دائرة التحليل والتحريم إلى دائرة الاعتزاز
بالوطنية
۹۳
في شروط التحريم بالرضاع
من شروط التحريم بالرضاع أن يصل اللبن إلى جوف الرضيع ممن أرضعته في وقت يكفيه غذاء اللبن لأن هذا هو المقصود بالرضاع أى الاشتراك في التغذى بلبن واحد وما دامت الأم متأكدة من أن ثدييها لم يكن بهما لبن فلا يعتبر هذا رضاعاً محرماً وإنما هو نوع من هدهدة الطفل أو محاولة إسكاته أوى
روى البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها أن النبي علا الله دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه وكأنه كره ذلك فقالت إنه أخى فقال أنظرن من أخواتكن فإنما الرضاعة من
المجاعة
أى الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحل بها الخلوة هى حيث يكون الرضيع طفلا يسد اللبن جوعته لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن وينبت بذلك لحمه فيصير كجزء من المرضعة فيشترك في الحرمة مع أولادها فكأنه اللي قال و لا رضاعة معتبرة في الشرع إلا الرضاعة المطعمة من
المجاعة
وروى أبو داود عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله الله قال لا رضاع إلا ما شد العظم
وأنبت اللحم وروى الترمذى بسنده عن أم سلمة رضى الله عنها أن رسول الله الله قال و لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وقال صحيح
في تأخير الزفاف عن العقد
لا يلزم تأخير الزفاف عن العقد مدة أسبوع ولا يوم بل إتمام العقد هو بدء حل الزفاف والدخول وما يقال غير ذلك ابتداع لا دخل له بالإسلام بل هو مضاد له مخالف لتعاليمه والمرأة بالعقد أصبحت زوجة لزوجها معاشرتها بعد العقد مباشرة
في التشاؤم
تشاؤم بعض الناس من بعض الأشياء منهى عنه ولن يكون شؤم إلا بالتشاؤم ولو أن الذين يتشاءمون استعصموا بالله عز وجل واعتقدوا أن الأمور كلها بيده لما أصابهم شيء مما
٢٩٤
الأسد
يتخوفون منه عند رؤية ما يتشاءم منه قال رسول الله لا طير ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم فرارك من والحديث الوارد في أن الشؤم فى ثلاثة المرأة والدار والفرس وارد وذلك أن الأرواح بالنسبة للمرأة جنود مجندة فربما كانت روح هذه المرأة لا تأتلف مع روح زوجها وربما يكون مع المرأة قرين من الجن يفسد على زوجها الحياة معها والدار قد تكون مسكونة ببعض طوائف الجن التى لا قدرة لبعض الذين يقيمون بها على التحصن من شر أولئك الجن وربما تكون الدار مقبرة قديمة لبعض الذين ماتوا على غير دين الله فتكون محلا لنزول العذاب بها إلى يوم القيامة لهذا ينبغى الابتعاد عنها لمن علم بذلك ولمن أصابه من المكث بها ضرر والفرس تصحب بقرين من الجن أيضاً إذا ما حلت حل به ونال أهل ذلك البيت منه
عناء شديد لهذا يكون الشؤم باعتبار الثلاثة الواردة فى الحديث بحسب ما يراه الناس والحقيقة ما قلناه
في وسوسة الجن
إن النفس الإنسانية لها أحوال غريبة أحياناً يحاول العلم لها تعليلا فينجح مرة ويخفق أخرى فهناك مثلا انفصال الشخصية وهى حالة واقعية لاحظها العلم وأجرى عليها تجاربه وسجل مظاهرها وانتهى فيها إلى بيان وتفسير وفى حالة انفصال الشخصية يتردد الإنسان في صورة منتظمة بين شخصيتين فإذا كان في إحدى الشخصيتين فإنه لا يعلم عن الأخرى شيئاً وقد تكون إحداهما مناقضة تماماً للأخرى
ومن الحالات العجيبة التى يضعها العلم في نطاق الأمراض النفسية ما شاع في الناس في كل زمان ومكان من أن يلبس عفريت جسم ! امرأة أو جسم رجل وهذه الحالة أصبحت شبه مألوفة منذ أن كثرت التجارب فيما يسمونه بالروحانية الحديثة وليست الروحانيات الحديثة إلا أن
جسم
يلبس عفریت الوسيط ويتحدث على لسانه وليس الوسيط إلا إنساناً رجلا أو امرأة مهيأ النفس والجسم لأن يحل فيه كائن من العوالم غير المنظورة والسبب الأصيل في هذه التهيئة هو ضعف الإرادة عند الوسيط وسرعة استجابته للوهم وللإيحاء إنه عادة شخص مهيأ بسبب ضعف إرادته لأن يكون مسرحاً لكل وهم ولكل إيحاء
٢٩٦
أخرج الإمام أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه عن بعض أمهات المؤمنين أن رسول الله
قال
ه من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة حديث صحيح وأخرج الإمام أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله ل من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد حديث حسن
في الأوقات التي لا يجوز فيها الاتصال الجنسي بين الرجل وزوجته
فقد حدد الله سبحانه وتعالى أياماً معينة وأوقاتاً محدودة لا يجوز فيها الاتصال الجنسي بين الرجل وزوجته منها مثلا أيام الحج للرجل الحاج والمرأة الحاجة يقول الله تعالى الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ومنها أوقات الإمساك في شهر رمضان أي في نهار الشهر المبارك يقول تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا
نسائكم عنكم
فالاتصال الجنسي في ليالي رمضان حلال أما في نهاره فإنه حرام ومنها أيام الحيض يقول الله تعالى ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى
يطهرن
ومنهما أيام الاعتكاف يقول الله سبحانه وتعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد أما الأوقات التي يستحب فيها الاتصال الجنسي فإنها لم تحدد ذلك أن الاتصال الجنسي إنما يتم حينما تكون هناك رغبة من أحد الزوجين واستجابة من الآخر والرغبة والاستجابة يحدثان في أي وقت وكل الأيام - فيما عدا الأوقات المحدودة المحرم فيها الاتصال الجنسي – تستوى بالنسبة للاتصال بين الزوجين
في منع المرأة من حقها في الميراث
المسائل التي تكون عادة مثار نزاع فى المجتمع أو بين أفراد الأسرة الواحدة قد فصلت في القرآن
تفصيلاً تاماً ووضحت في صورة سافرة لا لبس فيها
ومن ذلك موضوع الميراث
۹۷
لقد بين القرآن الأنصبة محددة فى مختلف الحالات والظروف فأبان نصيب الزوجة حينما يكون للمتوفى أولاد ونصيبها حينما لا يكون له أولاد وبين الحالات التي فيها الأم والبنت والأخت وهكذا مع بيان الأنصبة بتحديد محدد وهذا يعتبر معلوما من الدين بالضرورة فمن جحده إنكاراً له أو جحده غير معترف بعدالته أو جحده مفضلا غيره من التشريعات عليه فإنه يكون بذلك قد خرج عن محيط الملة الإسلامية إن القرآن ليصف أمثال هؤلاء الذين يخرجون على قوانين الله سبحانه بأنهم ظالمون وبأنهم فاسقون بل بأنهم كافرون ومن أجل أن لا يقع الإنسان تحت طائلة غضب الله يجب عليه أن يعطى المرأة نصيبها الذي
حدده الله لها
في الملابس
لم يحدد الإسلام للمسلم ملابس معينة وإنما الذى شرطه هو ستر العورة للرجل والمرأة وعدم إبداء مفاتن الجسم والملابس تخضع للبيئات والأجواء ويلزم كشرط عام في الملابس ألا تكون محدودة للعورة ولا مظهرة لما يجب ستره عن الأعين وأن لا يقصد يلبسها التشبه بالكفار والمشركين فإن الإسلام يحب دائماً للمسلم أن تكون له ذاتية مستقلة عن غيره فلا يكون مقلداً للغير وإنما يكون متبعاً للتعاليم الإسلامية والذي فضله الإسلام هو الثياب البيضاء فقد ورد فيها الأثر خير ثيابكم البيض وكان رسول الله لا يفضلها وكذلك يحب الإسلام اللون الأخضر وقد أمر الشرع بأخذ الزينة والتحلى بأحسن الثياب بقدر الاستطاعة عند الذهاب إلى الجمع والأعياد والمحافل العامة قال تعالى يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين وكذا من المستحسن أن لا تكون الثياب ضيقة تضايق الجسم أو طويلة تجر على الأرض وذلك احترازاً عن النجاسات والأقذار وابتعاداً عن الوسوسة في الصلاة وطرداً للعجب والخيلاء الذى يصاحب جر الثياب وقد فسر كثير من المفسرين قوله تعالى وثيابك فطهر أي قصر توقياً للنجاسات
۹۸
ملابس بعض النساء تعرض أبدانهن للنظر
فما حكم النظر لهن في هذه الحالة
وهل شيوع مثل ذلك يكون مبرراً لعدم تحريم النظر
إن هذا السؤال يستلزم الحديث عن زوايا مختلفة خاصة بالتبرج لابد من علاجها وأول هذه وبهذا الصدد نبدأ بذكر حديث لرسول الله الله عن أبي هريرة
الزوايا هي التبرج نفسه رضى الله عنه قال قال رسول الله لعل الله صنفان من أهل النار لم أرهما بعد نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن أمثال أسنمة البخت المائلة لا يرون الجنة ولا يجدن ريحها ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس وهذا الحديث فيما يتعلق بالنساء المتبرجات كأنه قيل بالأمس القريب ليعبر عن الوضع في
العصر الحاضر ويكفى ما فيه من وعيد ليرد انحراف من تؤمن بالله واليوم الآخر ولقد تحدث القرآن الكريم عن الواجب بالنسبة للرجل والمرأة على السواء فيما يتعلق بالنظر قال تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون هذا بالنسبة للرجال أما بالنسبة للنساء فإن الله سبحانه وتعالى يقول وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ولقد سأل أحد الصحابة رسول الله علي الله عن نظرة الفجأة فأمره أن يصرف بصره وقال رسول الله الله العلى كرم الله وجهه يا على لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليس لك الآخرة وقال علي الله عن ربه فيما رواه عبد الله بن مسعود إن النظرة سهم من سهام إبليس مسموم من تركه مخافتى أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه وما من شك في أن على المرأة المتبرجة مسئولية كبيرة مسئولية تؤدى بها إلى غضب الله ومقته إذا لم تتب وترجع إلى الله محتشمة متأدبة بآداب الإسلام وعلى الرجل أيضاً مسئولية مزدوجة إن عليه مسئولية
۹۹
الراعي وكل راع مسئول عن رعيته وعليه مسئولية النظر الذى يجب أن يكفه عن محارم الله
فإذا قام الرجل بمسئوليته المزدوجة فقد أرضى الله ورسوله
هل النبي محمد الله هو المأمور وحده بحجب زوجاته أو أن
الأمر شمل المسلمين جميعاً
نريد بتوفيق الله أن نقول أولا إنه ليس معنى الحجاب فى الإسلام أن لا تعمل المرأة فقد أباح لها الإسلام أن تعمل وأباح لها الإسلام أن تتصرف فى أموالها بالتجارة أو ببناء العمارات أو بغير ذلك من أنواع التصرف والمعنى الحقيقى للحجاب فى الإسلام هو إبعاد جو الفتنة وجو الشر عن طريق المرأة وعن طريق الرجل ومن معانى الحجاب فى الإسلام عدم التبرج وعدم تعمد إظهار الزينة إلا للزوج أو المحارم
يقول الله تعالى وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن
أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون
ومن ضروب الإيقاع في الفتنة التي حرمها الإسلام أن لا يخلو رجل بامرأة والحجاب بهذا المعنى ليس خاصا بأزواج النبي وإنما هو عام يشمل المسلمين جميعاً يقول الله تعالى يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ويقول رسول الله الا اللي ما معناه حينما يخلو الرجل بالمرأة يكون الشيطان ثالثهما والحجاب بالمعانى التى ذكرناها واجب على جميع المسملين
في الزوج الذى يحجب زوجته ويبعدها عن مزالق الفتن
الزوج الذي يحجب زوجته ويبعدها عن مزالق الفتن ومواضع الشبهات زوج قد تأدب بأدب الإسلام وحافظ على عرضه وكرامته
٣٠٠
وفى توليه إحضار الأشياء من السوق قيام بالواجب عليه نحو بيته وهو مثاب على ذلك من الله سبحانه وتعالى لأن من أفضل السعى سعى الإنسان على أهله وأولاده وهو بهذا العمل يكون قد جنب زوجته الاختلاط في الشوارع والأسواق وأبعدها عن أن يتعرض لها من لا خلاق لهم
والله سبحانه وتعالى يثبته على هذا العمل الحميد
ما هو حجب النساء وما حكمه في الإسلام
إن الحجاب في الإسلام معناه أولا أن لا تخلو المرأة برجل ليس من محارمها وأن لا تسافر وحدها أو مع رجل ليس من محارمها
روى الشيخان عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه سمع النبي الله يقول و لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا معها ذو محرم فقال له رجل يا رسول الله إن امرأتى خرجت حاجة وإنى كنت في غزوة كذا وكذا فقال له انطلق فحج مع امرأتك والحجاب معناه ثانياً عدم التبرج وهو أن تحجب المرأة ما أمر الله بحجبه من جسمها ولقد
أباح الشرع لها كشف الوجه واليدين والأحاديث فى هذا والآيات القرآنية كثيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله الله صنفان من أهل النار لم أرهما بعد نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن أمثال أسنمة البخت المائلة لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس والحجاب ثالثاً
معناه إبعاد المرأة عن جو الفتنة الفتنة بالنسبة لها والفتنة بالنسبة للرجال وهذا كله إنما هو ارتفاع بالمرأة إلى جو السمو والتكريم يتناسب مع مكانتها وتكريم الإسلام لها
في البيع بالتقسيط
لقد أباح جمهور الفقهاء أن يكون الثمن المؤجل أعلى من الثمن المدفوع فوراً وذلك لأن الثمن المدفوع فوراً يمكن الانتفاع به فى معاملات تجارية أخرى أما الثمن المؤجل فإنه لا يتأتى فيه
ذلك
وهذا النوع من المعاملات ليس داخلا في نطاق الربا ذلك فإنه يجب أن يراعى أن ومع تكون المعاملات التي من هذا النوع معاملات سليمة تجارياً وأخلاقيا فلا يجوز أن تستغل حاجة
۳۰۱
المشترى فيرفع البائع الثمن كما يريد مضاعفاً المكسب أضعافاً مضاعفة فإن ذلك – فضلا عن كونه إثماً من وجهة النظر الأخلاقية - لا يجوز شرعاً
وأن التاجر الذي يراعى حق الله ويراعى واجبات الخلق الكريم ينعم بالبشرى التي أعلنها
الرسول في قوله
التاجر الصدوق يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء
من يجد كنزاً في الأرض هل هو من حقه أو من حق صاحب الأرض
لقد تحدث الفقهاء رضوان الله عليهم في هذا الموضوع تحت عنوان الركاز أي الشيء النفيس المدفون في الأرض الخفى وهو ما نسميه الآن الكنز والكنز الذي وجده أحد العمال في أرض من يعمل عنده هو لصاحب الأرض وليس للعامل حق فيه لأن الأرض وما فيها وما عليها ملك صاحبها وليس لغيره حق فيها وإنما له أجرة عمله حسب ما اتفق عليه هو وصاحب الأرض ولكن على صاحب الأرض فى هذه الحالة إخراج خُمس ذلك الكنز الذي وجد بها لبيت المسلمين إذا وجد وإلا فيوزعه على من تصرف لهم الزكاة ومصارف الزكاة معروفة قد بينها الله سبحانه وتعالى في قوله
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ويقول رسول الله الله ما يؤخذ من الركاز ففيه الخمس رواه الشيخان
في التعادى بين المسلمين
لا يجوز شرعاً أن يتعادى المسلمون وعليهم أن يفسحوا صدورهم لبعضهم وأن يتألفوا لقول الله تعالى إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون وفى نهى القرآن الكريم عن الفرقة قال تعالى
وأولئك لهم
عذاب
ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات عظيم والعلماء أولى الناس بحسن التفاهم فيما بينهم وترك ما يثير الفرقة مهما اختلفت وتعددت مشاربهم ولتكن أسوتهم برسول الله الذي قال الله له
مذاهبهم
6
القرآن فكان لابد أن نحتفل به والاحتفال بشيء ما إنما يكون بما يناسبه فالاحتفال بالهداية ممثلة في القرآن إنما يكون بما يعد النفس ويمهدها لاستقبال هذه الهداية على خير ما ينبغي وذلك بالصوم فكأننا بالصوم إيماناً واحتساباً نصل إلى مستويات من شفافية النفس وتطهيرها وتزكيتها فتتنسم هدى السماء وتتشربه و و تمتزج به فرحة مغتبطة فتفهم في عمق قول الله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً والشهر فيما قيل أصله من الشهرة يقال عنه
أما
قد شهر فلان سيفه إذا أخرجه من غمده فاعترض به من أراد ضربه – يُشهره شهراً وكذلك شهر الشهر إذا طلع هلاله وأشهرنا نحن إذا دخلنا في الشهر هذا عن كلمة شهر عن كلمة رمضان فإنها من الرمض يقول صاحب مختار الصحاح الرمض بفتحتين شدة وقع الشمس على الرمل وغيره والأرض رمضاء بوزن حمراء وقد رمض يومنا اشتد حره وبابه طرب وأرض رَمَضَةُ الحجارة ورمضَتْ قدمه أيضا من الرمضاء أي احترقت وفي الحديث صلاة الأولين إذا رَمِضَت الفِصَالُ من الضُّحا أي إذا وجد الفصل حر الشمس من الرمضاء يقول صلاة الضُّحا تلك الساعة وأرمَضَتْهُ الرمضاءُ أحرقته شهر رمضان جمعه رمضانات و أرمضاء بوزن أصفياء قيل إنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسمى بذلك
وكان مجاهد رضى الله عنه يكره أن يقال رمضان ومن كلامه لكن نقول ما قال الله شهر
رمضان
في تاريخ شهر رمضان
صيام شهر رمضان فريضة فرضها الله تعالى أما صيام رجب وشعبان فمندوب فقط وشهر رجب من الأشهر الحرم الذى ذكرها الله تعالى في كتابه ونبه المسلمين إلى حرمتها وهو من الأشهر الحرم المعظمة في الجاهلية والإسلام وفيه ليلة الإسراء والمعراج التي كرم الله فيها رسول الله الله وأكرمنا فيها بفرضية الصلاة علينا وعلى المسلمين فشهر فيه هذه الليلة جدير بشكر الله فيه وشهر شعبان خصه رسول الله الله بالصيام فيه أكثر من غيره ونبه إلى أن شهراً يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله ورسول الله لا يحب أن يرفع عمله وهو
خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين
والاختلاف في الآراء أمر طبيعى وقد حدث في كل مكان وفي كل زمان وقد كان الصحابة يختلفون في الرأي وكان التابعون يختلفون فى الرأى والعلماء منذ أن وجد الإسلام
لأن
يختلفون في آرائهم ولكن مع الاختلاف فى الرأى كانت المودة دائماً سائدة فيما بينهم الهدف لكل من العلماء إنما هو الحق والبحث عن الحق لا ينشأ عنه عداوة بين الباحثين بل ينشأ عنه تكاتف وتعاون فإذا حدثت العداوة فإنها تكون دليلا على أن صفات العالم الصادقة ليست متوافرة فى المتعادين نسأل الله أن يهدينا جميعاً للحق وأن يمنحنا التوفيق في طلبه
في أخذ العوض هل هو جائز
لو كان أخذ العوض ممن أتلف شيئاً لا يملكه غير جائز لربما أدى ذلك إلى استهانة بعض الناس بالأشياء التي لا يملكونها إن الناس ليسوا جميعاً على وتيرة واحدة فبعضهم أمين محافظ يعنى بالأشياء لغيره كما يعنى بالأشياء التي يملكها بل ربما كانت عنايتهم ومحافظتهم على الأشياء التي يستعيرونها من الغير أشد من محافظتهم وعنايتهم بما يملكون وهؤلاء هم فأ أصحاب الفطر السليمة والمقاييس الأخلاقية الكريمة ويقابل هؤلاء من لا يبالون بما يملك غيرهم إنهم في حياتهم عابثون مستهترون لا يرعون حقاً ولا يحافظون على ذمام وبين هؤلاء وهؤلاء درجات لا تكاد تحصى تتأرجح بين طرف وآخر
والتشريع الإسلامى تشريع يوجه وينظم ويحافظ ويرعى من أجل ذلك أجاز أخذ العوض لصاحب الشيء وأوجبه على من أتلف وعلى من أتلف شيئاً أن يرد مثله لصاحبه أو يرد قيمته بيد أن الإسلام إذا أجاز أخذ العوض وأوجب رده فإنه لا يغلق الباب فيما يتعلق بالتسامح فإذا تنازل صاحب الشيء وسامح من أتلف فيكون هذا إحساناً منه والله يحب المحسنين
في الانفعالات النفسية التي تسبب أفعالا محرمة
قد تدفع القوة الغضبية والانفعالات النفسية إلى أن يقوم الإنسان ببعض الأعمال التي لا تليق به كإنسان والتي يبغضها الدين ويحرمها الشرع من ذلك شق الثياب ويأثم الإنسان بفعله ومن يأتيه فهو عاص ومذنب ويجب عليه أن يعجل بالتوبة والإنابة إلى الله مستغفراً طالباً العفو
٣٠٣
والرحمة منه سبحانه ولقد كان الرسول الله يهتم كثيراً بعلاج ما يؤدى إلى شق الثياب ويؤدى إلى ما هو أعنف من ذلك أعنى الغضب ولقد قال رجل لرسول الله أوصنى فقال فيما رواه البخاري و لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب ومن نصائحه التهدئة الغضب أن يستعيد الإنسان بالله من الشيطان الرجيم وأن يجلس إذا كان واقفاً وأن يغادر المكان أو أن يتوضأ ويصلى أو أن يقرأ شيئاً من القرآن فإن فيه الشفاء إن شاء الله
في المزاح
المزاح من أصله مذموم إلا قدراً يسيراً يحقق الألفة ويوثق المحبة ولا يخرج عن حدود الوقار والسبب في ذلك
1 - أن فيه كثرة الضحك واستمراء اللعب وسقوط الهيبة وما إلى ذلك مما هو معروف قال عمر رضى الله عنه من كثر ضحكه قلت هيبته ومن مزح ا استخف به ومن أكثر من شيء عرف به ومن کثر کلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه وقال النبي الله يوماً لأصحابه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً فبكى الصحابة وسمع لهم صوت واضح بالبكاء وقال ابن عباس من أذنب ذنباً وهو يضحك دخل النار وهو يبكى - أن فيه سقوط الهيبة قال سعيد بن العاص لابنه
R
ه يابني لا تمازح الشريف فيحقد عليك ولا الدنيء فيجترئ عليك وقال عمر ابن عبد العزيز رحمه الله اتقوا الله وإياكم والمزاح فإنه يورث الضغينة ويجر إلى القبيح تحدثوا بالقرآن وتجالسوا به فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال - أنه سبيل إلى العداوة والنزاع قيل لكل شيء بذور وبذور العداوة المزاح أما ما يجوز منه فهو ما كان عليه الرسول الا الله وصحابته الأخيار كان لا يمزح ولا يقول إلا حقاً وقال الصحابة يا رسول الله إنك تداعبنا قال إلى وإن داعبتكم فلا أقول إلا حقا رواه الترمذي وحسنه
وقد وردت أحاديث توضح صور المزاح الذى كان يصدر من الرسول الله من ذلك جاءت امرأة فقالت يا رسول الله احملني على بعير فقال نحملك على ابن البعير
٣٠٤
فقالت ما أصنع به إنه لا يحملني فتبسم رسول الله وقال ما من بعير إلا وهو ابن بعيره وكان لأبي طلحة ابن يقال له أبو عمير وكان رسول الله الله يأتيهم ويقول يا أبا عمير ما فعل النغير أى العصفور الذى كان يلعب به وقال لصهيب وبه رمد أتأكل العمر وأنت رمد فقال إنما أكل على الشق الآخر فتبسم النبي
ذلك
هذا هو المزاح الذى لا يخرج عن الحق ولا يؤدى إلى كثرة الضحك أو تحقير الغير أو ما إلى
في الختان
يرى الإمام الشافعي ومن وافقه أن الحتان واجب لقوله تعالى اتبع ملة إبراهيم وقد ورد في الأحاديث الصحيحة عن الرسول الله بأن إبراهيم النبي قد اختتن والسبب في ذلك أن الآية صريحة فى وجوب اتباع سيدنا إبراهيم فيما فعل إلا فيما قام الدليل على أنه سنة في حقنا وليس بواجب حينما يروى عن طريق السنة الصحيحة وفي الحديث الصحيح عن الرسول الله قال خمس من الفطرة وعد منها الختان وكلمة الفطرة شاملة للواجب والسنة والمندوب إذ هى بمعنى السنة أى الشريعة الكاملة
المطهرة بكل ما تشمل عليه من إصلاح الدين والدنيا واستدل بعض العلماء على وجوبه بجواز كشف العورة لأجله وكشف العورة حرام لا يجوز
إلا لداع يقاوم الحرمة وهو الوجوب وهذا الاستدلال لا يظهر فى حق الطفل الصغير غير البالغ وإنما يظهر في حق من لم يتم ختانه حتى وصل إلى مرحلة البلوغ أما متى يكون الختان فقيل في اليوم السابع من الولادة وقيل في الأربعين وقيل في السابعة وعليه فمن المتفق عليه عند من قال بوجوبه أنه لا يجب إلا بعد البلوغ حينما يكون المرء داخلا
تحت التكليف وواقعا تحت حكم الوجوب هذا فيما يتعلق بمذهب الشافعي أما فيما يتعلق بمذهب الإمام مالك فإن الكلمة المعروفة عند المالكية التي تعبر عن مذهبهم هي الختان للرجال سنة وللنساء مكرمة والختان واجب عند أحمد وسنة عند أبي حنيفة وننتهى من كل ذلك إلى أن الختان للرجال والنساء عند الإمام الشافعي واجب وعند الإمام مالك سنة بالنسبة للرجال ومكرمة بالنسبة للنساء وعلى كل المذاهب فإن من الواجب فيما يتعلق
قولهم
٣٠٥
بختان المرأة اتباع توجيه الرسول عمال العالمي للمرأة التي تختن بالمدينة لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة
وأحب إلى البعل
في التقتير والإسراف
إن قوله تعالى إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً جاء في سياق آيات تحث على الإنفاق والبذل ونحث الله سبحانه على الإحسان بالوالدين الإحسان الذي يتضمن الرعاية بجميع أنواعها قولية كانت أو فعلية ومنها الإنفاق عليهما عند الحاجة وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ثم يحث الله سبحانه على إيتاء ذوي القربي والإنفاق عليهم والبر ويحث كذلك على إيتاء المسكين وابن السبيل ثم يرشد سبحانه بعد بهم ذلك مباشرة إلى أن الطريقة المثلى فى كل ذلك إنما هو عدم التبذير والابتعاد عن الإسراف ثم يبين بعد ذلك مباشرة القانون الذى يرتضيه سبحانه لبنى آدم فيقول ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً
وما من شك في أن التبذير مذموم وأن الإسراف لا يقره عاقل ولكن البخل أيضاً
هم
مذموم والتقتير لا يقره المستنيرون يقول الله تعالى ومن يوق شح نفسه فأولئك المفلحون ويقول سبحانه فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغنى عنه ماله إذا تردى إن البخيل المقتر الذي يكتر الذهب والفضة لن ينفعه ماله وماكنز حينما تأتيه سكرة الموت بالحق وحينما يحل به المحتوم يوم لا ينفع مال ولا بنون
وكما حث القرآن على التزام القصد وعلى اتخاذ التوسط في الإنفاق فإن الرسول صلوات الله عليه وسلامه حث على الإنفاق على الأهل فيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله لا قال دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذى أنفقته على أهلك وقال صلوات الله عليه كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت فالتقتير على الأسرة بحجة نهى الله سبحانه عن التبذير ليس طريق المهتدين بهدى الله الذى هو التوسط والقصد والاعتدال وليس من الدين في
شی
وئل مرضى الله عنى في الإسلام والعلم
في أمر الله الناس بالعلم والتعلم
أمر الله عز وجل المسلمين بالعلم والتعلم إلى أقصى ما يستطيعونه حيث قال هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون وقال إنما يخشى الله من عباده العلماء وقال الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان وقال ن والقلم وما يسطرون وقال اقرأ وربك الأكرم الذى علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم
وكشوفات العلم الحديث من خير ما يوثق صلة العبد بربه ويجعله يقر بوحدانيته قال تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد وحديث إسراء رسول الله مال و عروجه إلى ما فوق سبع سموات يؤكد وجود الله ووحدانيته وقدرته والذين صعدوا إلى القمر لم يستطيعوا البقاء عنده ولا المكث عليه مدة أطول مما مكثوا لأن الذى خلق السموات والأرض وما بينهما جعل لكل عالم ما يناسبه ونص في كتابه على أن الأرض لنا ونحن لها بحيث لا نستطيع الحياة على كوكب سواها قال تعالى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى
وقال سبحانه هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً
فدلت هذه الآية على أن الأرض لنا ونحن لها والسماء لغيرنا وليس لعالمنا وحادثة صعود الإنسان فوق القمر وعدم استطاعته البقاء فيه من أول الدلائل على صدق ما جاء في كتاب الله تعالى
والله أعلم
في الحث على العلم
طالب الله بالعلم وحث عليه ومن توجيهات القرآن للرسول عل فضلا عن غيره أمره بأن
يقول وقل رب زدني علماً
ولا يمكن المساواة بين العالم والجاهل فى المنزلة أو المكانة قل هل يستوى الذين يعلمون
والذين لا يعلمون
۳۰۹
٣١٠
ومن هنا كانت مسئولية العالم كبيرة إن خطأه ليس خطاً عادياً وإن مسئوليته جسيمة وإن العالم إذا زل زل بزلته عالم وقد صور الرسول مع موقف العالم الذي يأمر الناس بالخير ولا يقوم بأدائه تصويراً معبراً فيما روى عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله يقول " يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى فى النار فتندلق أقطاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان مالك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه ومن الآثار الواردة فيما يتصل بقارئ القرآن الذى لا يعمل بما قرأ بل يأتى ما لا يتناسب وهذه القراءة قول بعض السلف رب تالي للقرآن والقرآن يلعنه يقول ألا لعنة الله على الظالمين وهو ظالم لنفسه
وفى الحديث الصحيح القرآن حجة لك أو عليك أي أن القرآن يشهد لك بالصلاح والتقوى إن امتثلت ما فيه وطبقت العمل على القراءة ويشهد عليك إذا تركت العمل بما فيه وانصرفت عن طريق الدين ومن هنا كان السلف الصالح يرون في القرآن مرآة لأحوالهم وميزاناً لتصرفاتهم وكانوا يستحيون من القرآن أن يوجد في مكانهم ثم يخرجون عما ينبغى من جد في العمل واتزان في السلوك فعلى هذا العالم أن يتمسك بحدود الدين وأن يعمل بما في القرآن وإن خرج عن ذلك أو انحرف وجب تنبيهه
في الدين والعلم
إن مسألة الصلة بين الدين والعلم انسجاماً واتفاقاً أو تعارضاً ونزاعاً - تثار من آن لآخر على صفحات الجرائد وفى ثنايا الكتب وبين المفكرين في أنديتهم
ولقد كتب الغربيون كثيراً في هذا الصدد بل إنهم أول من كتب فيه ولكن هذه المسألة تجاوزت الغرب إلى الشرق وكتب مفكرو الشرق فيها واختلفوا فيما بينهم كما اختلف مفكرو الغرب
وإن ما كتبه العلامة الفرنسي إميل بوترو بهذا الصدد يعطينا صورة عن هذه المسألة في الغرب وفى الشرق الحديث إنه يقول فى ترجمة المرحوم مصطفى عبد الرازق إن أمر العلاقات بين الدين والعلم حين يراقب في ثنايا التاريخ يثير أشد العجب فإنه على
۳۱۱
الرغم من تصالح الدين والعلم مرة بعد مرة وعلى الرغم من جهود أعاظم المفكرين التي بذلوها ملحين في حل هذا المشكل حلا عقليًّا لم يبرح العلم والدين قائمين على قدم الكفاح ولم ينقطع بينهما صراع يريد به كل منهما أن يدمر صاحبه لا أن يغلبه فحسب على أن هذين النظامين لا يزالان قائمين ولم يكن مجدياً أن تحاول العقائد الدينية تسخير
العلم فقد تحرر العلم من هذا الرق وكأنما انعكست الآية منذ ذاك وأخذ العلم ينذر بفناء الأديان ولكن الأديان ظلت راسخة وشهد بما فيها من قوة الحياة
وعنف الصراع ونريد فى هذه الكلمة أن نتحدث عن العلاقة بين الإسلام بالذات والعلم واتخذنا الإسلام
بالذات كمثال للدين 1 - لأن كتابه المقدس حفظ بصورة هى من الدقة بحيث لا يتأتى فيها الشك فالقرآن المتلو الآن - كما يقول المستشرق الفرنسى الكبير الأستاذ ديمومبين - هو القرآن الذي كان يتلوه محمد في القرن الأول الهجرى وأن الباحث المنصف - كما يقول - لا يجد مناصاً من الإقرار بهذا
٢ - ولأن حضارته المادية والثقافية والعقلية والروحية التي صدرت عنه ونتجت عن وجوده معروفة إلى حد كبير
وموقف الدين الإسلامي من العلم واضح كل الوضوح فأول كلمة في الدستور الإسلامي القرآن اقرأ
ثم إن الآيات القرآنية التي تحث على العلم وتبين فضل العلماء كثيرة يقول الله تعالى لنبيه له وقل رب زدني علماً ويقول الله تعالى يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ويقول تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء ومن طريف القراءات فى هذه الآية قراءة لبعض العلماء الإمام أبو حنيفة ترفع لفظ الجلالة وتنصب لفظ العلماء وتقول حاشية الصاوى على الجلالين والمعنى إنما يعظم من العباد العلماء وإنما كان كذلك لكونهم أعرف الناس بربهم وأتقاهم له فالواجب على
مهم
الناس تعظيمهم واحترامهم اقتداء بالله تعالى فإن الله تعالى أخبر أنه يعظمهم ويحلهم أما الأحاديث النبوية فإنها هي الأخرى كثيرة من أجمعها الحديث الذي رواه أبو داود
والترمذي يقول صلوات الله عليه وسلامه
ه من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة وأن الملائكة لتضع أجنحتها
۳۱
لطالب العلم رضاً بما يصنع وأن العالم ليستغفر له من فى السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وأن العلماء ورثة الأنبياء
وأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذه بحظ وافر وقد دفع هذا الاتجاه – في القرآن الكريم وفى الأحاديث - المسلمين إلى المباحث العلمية في جميع نواحي الحياة روحية أو عقلية أو مادية ونشأت من ذلك الحضارة الإسلامية التي أنتجت أمثال جابر بن حيان فى الكيمياء وابن الهيثم في الطبيعيات وأبي بكر الرازي في الطب وابن سيناء فى الطب كذلك والفلسفة والغزالى فى الجانب الروحي وابن رشد في الفلسفة العقلية وابن خلدون فى الاجتماع والتاريخ وكثيرين غيرهم وقد أشاد كثيرون من منصفى الغربيين بالحضارة الإسلامية وبمناهجها يقول و غوستاف لوبون ويعزى إلى بيكون على العموم أنه أول من أقام بالتجربة والملاحظة اللتين هما أساس المناهج العلمية الحديثة ولكنه يجب أن نعترف قبل كل شيء بأن ذلك كله من عمل العرب
وحدهم
ويقول العلامة الشهير هميولد بعد أن يذكر أن ما قام على التجربة والملاحظة هو أرفع درجة في العلوم إن العرب ارتقوا فى علومهم إلى هذه الدرجة التي كان يحملها القدماء تقريباً
وإن مؤرخى الحضارة الغربية يعترفون بأن المبشر الأول بالعلم التجريبي إنما هو روجر بيكون ويعترفون بأن آراءه في العلوم أصدق وأوضح من آراء فرنسيس بيكون يقول الأستاذ ه دوهرنج إن آراء روجر بيكون فى العلوم أصدق وأوضح من آراء سميه المشهور وهذا العلم التجريبي هو - دون جدال - الأساس الذى قامت عليه الحضارة الأوربية والأكثرية العظمى من مؤرخى الحضارة الأوربية يعزون هذا المنهج على الخصوص إلى روجر بيكون وفرنسيس بيكون ولكن عالماً من علماء الغرب الممتازين بعد أن درس دراسة عميقة بحث بحثاً مستفيضاً انتهى به الأمر إلى تقرير حقائق كان يجب على الشرقيين أن يعرفوها من زمن بعيد هذا العالم هو الأستاذ بريفولت إنه يقول فى كتابه الذي ألفه تحت عنوان بناء الإنسانية إن روجر بيكون درس اللغة العربية والعلم العربي والعلوم العربية في مدرسة أكسفورد على خلفاء معلميه العرب في الأندلس وليس لروجر بيكون ولا لسميه الذي جاء بعده الحق في ينسب إليها الفضل في ابتكار المنهج التجريبي فلم يكن روجر بيكون إلا رسولاً من رسل العلم والمنهج الإسلاميين إلى أوربا المسيحية وهو لم يمل قط من التصريح بأن تعلم معاصريه اللغة
أن
فتاوی
الإمام عبد الحليم محمود
الجزء الثاني
الطبع
الخامسة
دار المعارف
۳۳
صائم أما من صام الأشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان لا يحاسبه الله
مهما كانت ذنوبه فظني أنه غير وارد
عشر
في متى فرض صيام رمضان
فرض صيام رمضان فى السنة الثانية من الهجرة
روى ابن سعد في طبقاته الكبرى بسنده عن أبي سعيد الخدري قال
يوم القيامة
نزل فرض شهر رمضان بعد ما صرفت القبلة إلى الكعبة بشهر في شعبان على رأس ثمانية
شهراً من مهاجر رسول الله الله
في حكمة الصوم
الحكمة الأولى يقول الله تعالى يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون فإذا ما وطن الإنسان نفسه على الصلاح والخير بعد أن مهد له الصوم إلى ذلك وأعده ليسير في سهولة ويسر على الصراط المستقيم فقد فاز بثمرة الصوم وهى
التقوى
والتقوى هى تجنب المعصية الكبرى التى لا يغفرها الله أبداً وهي الشرك بالله وكذلك تجنب ما دونها من المعاصى وهذا جانبيها السلى أما جانبها الإيجابي فإنه القيام بكل واجب افترضه الله تعالى وإذا ما حقق الإنسان التقوى فقد فاز ودخل في نطاق الآية القرآنية الكريمة ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم
وقد روى في الحديث إن الله ينادى يوم القيامة يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون فترفع الخلائق رءوسهم فيقولون نحن عباد الله عز وجل ثم ينادى الثانية الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين فينكس الكفار رءوسهم ويبقى الموحدون رافعي رءوسهم ثم ينادى الثالثة الذين آمنوا وكانوا يتقون فينكس أهل الكبائر رءوسهم ويبقى أهل التقوى رافعی رءوسهم قد أزال الكريم عنهم الخوف والحزن كما وعدهم أما الحكمة الثانية التى من أجلها فُرض الصوم فهى ما يمكننا أن نلتمسه في قول الله تعالى
٣١٤
والمنهج العلمى إذن إنما هو منهج لمعرفة كيفيات المادة وإذا ما خرج الأمر عن دائرة المادة فقد خرج عن دائرة العلم
وعلى هذا الأساس فليس للعلم مطلقاً دخل في أمور الدين إثباتاً وإقراراً أو نفياً وإنكاراً وإذا ما قال قائل إن العلم يثبت كذا من الأمور الروحية فإنه يكفينا منه هذه الكلمات لنسحب ثقتنا به كعالم وإذا ما قال إن العلم ينكر كذا من الأمور الروحية فإن هذه الكلمة تكفى أيضاً لسحب ثقتنا به كعالم إذ إن العلم في المجال الروحي لا يثبت ولا ينفى وهذا واضح مما سبق أن ذكرناه
ذلك فقد يتيح العلم بأبحاثه فى ارتباط الكون وتنسيقه وإبداعه والتناغم الذي يسوده
والدقائق الباهرة التي يبينها علم التشريح مثلا في التركيب الحيواني قد يتيح العلم من كل ذلك لعلماء الدين مواد يبنون عليها تذكيرهم وعظاتهم وبيانهم أن العالم لم يكن نتيجة المصادفة العمياء أو الاتفاق الأصم ويبينون من نتائج العلم أن الآيات في الله الذي أتقن كل شيء من صنع
مجال المادة نفسها تشهد
في معنى قول الله تعالى يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا
الآية
معنى قوله تعالى يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا إنما يفهم من سياق ما قبله من الآيات إن سورة الرحمن من السور التي تتوجه بالخطاب إلى الجن والإنس وتذكر مظاهر قدرة الله وعظمته وقهره الجميع خلقه والآية التي معنا تتوجه إلى الجن والإنس بالخطاب وتبين عجزهم وضعفهم أمام قدرة الخلاق العليم فالجن والإنس محصورون في السموات والأرض وليس في استطاعتهم تجاوزهما أو النفوذ منهما وفى قوله تعالى إن استطعتم فانفذوا تهكم بهم وإظهار لمدى ما هم عليه من
ضعف
وفى التعبير انفذوا بيان لاحتياج الخروج إلى التغلب على موانع عديدة على الإنسان أو الجان أن يتخلص منها ليتحقق له النفاذ ولن يتأتى له ذلك
فالآية تفيد أن الجن والإنس محصورون فى مجال معين وفى نطاق خاص لا يمكنهم تجاوزه
وهم مقهورون على ذلك وعليهم الإقرار والاعتراف والإذعان لقدرة الله تعالى وقد بين الله سبحانه أن النفاذ من أقطار السموات والأرض يتأتى بالعلم يقول سبحانه
6
٣١٥
لا تنفذون إلا بسلطان والسلطان في الآية الكريمة معناه العلم وعلى ذلك فإن كل ما نراه من غزو للفضاء ونزول على الكواكب لا يتعارض مع الوضع القرآني في كثير ولا قليل بل إن القرآن يحث عليه ويدعو الإنسان إلى الوصول في أجواء السماء إلى الحد الذي يستطيع وإلى الغوص في أعماق الأرض إلى الحد الذى يستطيع كذلك وذلك أن الله سبحانه يمن علينا بأن سخر الكون كله لنا ونص على تسخير الأرض والسماء وما بين الأرض والسماء أن نستجيب إلى امتنانه سبحانه فنسخر ما سخر لنا فإذا سخرنا الكواكب لفائدة
وعلينا
الإنسانية فإننا نكون مستجيبين للتوجيه الإلهى
والله أعلم
هل القناعة بالعلم النظرى - في هذه الآونة – قد تحدث انفصاماً بين الحياة والدين
عرف الإسلام قيمة العلم وحث عليه وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة وعظم
العلماء العاملين المخلصين وقرنهم معه سبحانه ومع ملائكته المطهرين شهد الله أنه لا إله قائماً إلا هو والملائكة وأولو العلم بالقسط ولم يفرق الإسلام بين علم نظرى وعلم عملى بل دعا إلى كل ما فيه العزة لله ولرسوله وللمؤمنين وما فيه خير البشرية ونفع الإنسانية وسخَّر الله كل ما فى الكون للإنسان ودعاه إلى التفكير والتدبير والتعقل وجولان النظر فيما خلق الله تعالى للعبرة واستنباط ما فيه الخير لنفع البشرية وكما عبر بالإنزال عن كتابه سبحانه لإقامة الحق والعدل بين الناس عبر عن الدعوة إلى الانتفاع بالحديد والمعادن ومافى حكمها بالإنزال حتى يتذكر المسلمون بأن القوة مطلوبة وأن العزة مطلوبة وأن التكامل الاقتصادى أيضاً مطلوب ومرغوب يقول تعالى
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوى عزيز والأزهر يدرس - للتخصص - العلوم النظرية فى بعض كلياته - ويزاوج بين العلوم العملية والنظرية في بعض كلياته الأخرى ولم يقل أحد أن القناعة بالعلوم النظرية مطلوبة فى هذه الآونة بل لابد من هذا وذاك والله يقول الحق وهو يهدى السبيل
٣١٦
تحدث الإنجازات العلمية التي تطالعنا كل يوم تأثيرات متفاوتة على العقيدة الدينية فكيف نعزز حجتنا الدينية بقيمة علمية تتواءم وهذه الإنجازات
الحضارة الحديثة والإنجازات العلمية المعاصرة تقوم على أساس من العلم وتمكن الإنسان من تيسير أمور الحياة ومتعها ومنافعها والإسلام يقدر العلم حق قدره هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون
ويقول فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم لأن العالم قلما يجنح عن الصواب في عبادته والإسلام لا يفرق بين علم وعلم ما دام ينفع البشرية وخيرها والإسلام بذلك يقر الدعامة الأولى التى تقوم عليها الحضارة الحديثة والإنجازات العلمية الرائعة وليس على الإنسان من شائبة في أن ينتفع ويستمتع بمتع الحياة الدنيا ومباهجها ما دامت في حل واعتدال وإنسانية قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون فأباح الإسلام التمتع بها بشرط ألا تتحول إلى سرف ومصدر هلاك وشقاء فتخرج عن طبيعتها لأن التمتع بها موضع للاختبار والابتلاء أيضاً ويحذر الإسلام من أن تصبح هذه الإنجازات مصدر فتنة له وأن يخدع بها أو يهلك بها نفسه أو غيره ويحذر من سيطرتها على الإنسان حتى يطغى بها فيضل وينسى نفسه ويطغى بسيطرتها عليه أو يطمس معالم الجانب المشرق الروحى فى الإنسان أو انكماشه حتى تضيق دائرته وتضمحل
فالإسلام يدفع إلى التطور والحضارة ويقف موقفاً إيجابيًا ولكنه يحذر من سلبياتها
وأخطارها
وإذن إذا قصد بالتقدم والاكتشافات السمو والتهذيب الإنساني فالإسلام يدعو إليه وإذا قصد به الانحلال والتسلط والاعتداء والطغيان فهو برىء منه ومن نزعته هذه ولنتدير مليا قوله تعالى
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا
معهم
الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا
۳۱۷
الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إنَّ الله قوى
عزیز
فالقرآن يسوى بين إنزال الله تعالى لأحكام العدل والهداية وإنزال الحديد بلفظ الإنزال لتساند القوة المادية القوة المعنوية فتكون العزة لله ولرسوله وللمؤمنين وليكون المسلمون أعزة وأقوياء وأصحاب متعة ويتصفوا بصفات الله كما في ختام الآية
في الإنجازات العلمية الحديثة
الإنجازات العلمية الحديثة تقوم على العلم والإسلام يقدر العلم والعلماء في مختلف القطاعات والفروع ويدفع الإسلام إلى الحضارة والتقدم والرقى الخير الإنسانية ويحذر من الطغيان والاعتزاز والإضرار والضرر بها وحين يكون للمسلم قوة العلم والعمل تكون العزة والكرامة والتكامل والغنى يقول تعالى
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ويقول جل شأنه ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين
في المعجزة والعلم
المعجزة أمر خارق للعادة يظهره الله على يد مدعى النبوة تصديقاً له في دعواه ويلاحظ أن المعجزة - من اسمها - تعجز الغير عن الإتيان بمثلها - وأنها من الله القوى القادر القاهر وأنها ليست عادية لا تخضع للأسباب الظاهرة ولا العلمية ولا تكون إلا على يدى النبي من أنبياء الله فكيف يتأتى للعقل البشرى القاصر المحدود والمخلوق والذى يدور في فلك معلوم ومحدود كيف له أن يحكم على المعجزة بالإمكان وعدمه إن العاقل لا يعرف ماهيته وعليه أن يلزم حده ونحن نؤمن بالمعجزات ووقوعها لأنبياء الله تعالى والله على كل شيء قدير
في الصوفية والعلم
الصوفية الصافية هى التى تلتزم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله قولا وعملا وإخلاصاً ويحيون في ظل الإسلام الذى ارتضاه الله لعباده أساسه التوحيد الخالص ومراقبة الله في السر والعلن وتكوين الضمير القائم على خشية الله وحسن الصلة والخلق بين الناس وجعل الله تعالى قبلتهم
۳۱۸
في كل شيء وجعل الدنيا مزرعة الآخرة والمادة عندهم في أيديهم لخير الناس ونفعهم وليست
في قلوبهم
وإذا كانت المبادئ الوافدة والمستوردة قد أفسدت وضلت وأضلت وإذا كان الإلحاد قد استشرى ويقوم به أناس تربوا فى حجر المستعمر وعلى موائده وليسوا مواطنين صالحين لأن ولاءهم لغيرهم ولغير الله والوطن فإن الحاجة ماسة إذن لوجود تيار إيماني يعمل بكتاب الله وسته ويقاوم المادية الملحدة والله الموفق
في حث الإسلام على العلم
الإسلام يحث على العلم وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة وعرف قدر العلم والعلماء هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ولا يفرق بين علم نظرى وعلم عملى بل يدعو إلى كل فروع العلم والمعرفة والعمل الخيرى الدنيا والآخرة والله سبحانه قد سخر كل ما في الكون للإنسان ودعاه إلى التفكير والاستنباط والانتفاع
والأزهر يزاوج بين العلوم الدينية وغيرها من العلوم العملية ولم يقل أحد بأن القناعة بالعلوم النظرية مطلوبة لأن هذه نظرة قاصرة والله تعالى أعلم
في اشتراط العلم في الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الإسلام واجبة على كل مسلم ومسلمة بالقول والعمل ويدعو الإسلام إلى العلم والتفقه وإعداد نفر للدعوة إلى الحق والخير والسلام فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ويشترط في الداعي الإخلاص أولا والقدوة الصالحة والثقافة الواسعة والرؤية المستنيرة والتسلح بعلوم العصر والإلمام بلغة أجنبية وحب الموقع والعمل والاستعداد للعمل والجهاد والنفاذ إلى روح الدين ومغازيه ولقد افتتحنا بحمد الله كلية للدعوة فى طنطا وسنفتح أخرى بالقاهرة ونرجو أن نحصل منهما على الداعية الواعى المستنير والله الموفق
۳۱۹
في معنى الروحية والمادية
معنى الروحية إدراك المعانى الإنسانية المهذبة الفاضلة والتمثل بالقيم الدينية الرفيعة ومراعاة تعاليم الكتاب والسنة وإيثار ما هو خير وأفضل عند الله والخير والحق والجمال والإيثار ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والإسلام يدعو إلى ذلك لأن فيه عمار الكون وسعادة البشر ورضاء الله وقد أفلح من تزكى
ومعنى المادية الاتجاه إلى المادة والوقوف عندها وحدها فى الجاه والمال والولد
والمتع الدنيوية والاستغراق فى حب الدنيا والغفلة عن الآخرة وكل ما من شأنه أن يرقى الإنسان والإسلام وسط لا يحرم الاستمتاع بالمادة ولكن فى وسط واعتدال ومن وجه حلال يحلها قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق
وإنما يحرم الإسلام المادية الطاغية والماديين المغالين ويصفهم بأنهم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فالإسلام يفضل الجانب الروحي ونجعل
الجانب المادى لخدمته ورقيه والله الموفق
في الثقافة الأصيلة
الثقافة الأصيلة للمجتمعات الإسلامية والعربية هى الثقافة الإسلامية ووعائها العربي وغيرها دخيلة ووافدة أو مستوردة ومن يحد عن الثقافة الأصيلة ينس نفسه وماضيه ويقع في حيرة واضطراب
ولقد حرص الاستعمار وأذنابه من بعده على زرع أجساد غريبة في جسم العالم الإسلامي والعربي لتظل مرتبطة به وتبقى بعيدة عن هدى السماء وعن مصادر ثقافتها الأصيلة وقد آن الأوان لأن تسترد هذه الثقافة عرشها المسلوب وتتبوأ مكانتها اللائقة بها في بلادها في عصر العلم والإيمان وعلى رأس وزارة التربية والتعليم ۱ رجل فاضل وخير كريم أسهم في إنعاش الثقافة الدينية فى المدارس وزاد في أوقاتها وبقى أن يعرف ذلك طريقه إلى الجامعات وسائر أجهزة الدولة ليتحقق التكامل والفائدة فإن المجتمعات المادية والملحدة شقيت برغم التقدم العلمى ولن تسعد إلا بالروحية المهذبة الفاضلة
تماماً
۱ يعنى الدكتور مصطفى كمال حلمى الوزير العالم إذ كان يعلق عليه الإمام رحمة الله آمالا كبيرة في أن تأخذ التربية الإسلامية حظها في عهده وعلى يديه وفقه الله لما يحبه ويرضاه
6
٣٢٠
في الإلحاد
الإلحاد أثر من آثار الاستعمار وأثر للعلمانية وأثر للشيوعية التي تنكر وجود الله وتهزأ بالأديان وتسخر من رجالها حتى يتفلت الشباب والغوغائية من ربقة الدين والسير في طريق الحيوانية والهبوط إلى مستوى لا يليق بالإنسان
ومقاومة الإلحاد يتطلب تضافر الجهود من الدولة بأجهزتها المختلفة والعناية بتدريس الدين وإعداد الداعية الواعي البصير القادر والدعوة الصادقة من كل إنسان مؤمن لنفسه وآله ومحيطه إلى خير العمل وإلى سبيل الله السوى وتبنى الكتاب الصالح والدعوة الطيبة والكلمة الحسنة والقدوة الخيرة
وأيضاً إلى مقاومة الفساد وتقليم أظفاره وإبعاد أصحابه عن مجال التوجيه وتحديد إقامة الكلمة الشريرة وتطبيق شرع الله والله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن
في مباركة الله مجالس العلم
يبارك الإسلام مجالس العلم - وتحفها الملائكة ويغفر الله لحاضريها ولقد كانت للندوات الدينية ومجالس العلم حظ كثير بين الخلفاء والعلماء والملوك المسلمين الصالحين العاملين والصالون إذا تحول إلى منتدى دينى أجدى بكثير من استعماله فما لا فائدة فيه أو ما يجلب سخط الله وغضبه وحبذا لو تحولت كل الصالونات والنوادى والساحات والملاعب والمساجد إلى ندوات دينية وعلمية لتزدهر الحركة العلمية والدينية ويعم نفعها بإذن الله
الأزهر حصن للثقافة الإسلامية
الأزهر حصن للثقافة الإسلامية والعربية أكثر من ألف عام وبذلك حفظ للمسلمين تراثهم والتقت فيه العروبة والإسلام فى محيط الثقافة التى أفاضها القرآن وصارت وحدة قوية إلى أن أوقع بينها المستعمر والعدو ووفدت إلى الأزهر وفود من شتى أنحاء الأرض تنهل من معينه وتعود بالخير لبلادها وبالأزهر كليات مختلفة تحت اسم كلية البنات الإسلامية للعناية بالمسلمة واستقام أمر هذه الكليات ويفد إليها كثيرات من البلاد الإسلامية وأقبل عليها المسلمات بشكل
۳۱
رائع لعدم الاختلاط فيها واستقبلت الدولة والبلاد العربية خريجاتها بقبول حسن وقد توسع الأزهر فى إنشاء المعاهد الثانوية والإعدادية والابتدائية للبنات لتكون روافد طبيعية لهذه الكليات والتي أعددنا لها لتكون فرعاً لجامعة الأزهر ولتتسع للأعداد اللازمة لإعداد الفتيات المسلمات إعداداً لائقاً بهن ويناسب دورهن في الحياة بإذن الله والله الموفق والمعين
في حكم الإسلام في نزول الإنسان على القمر
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز الله الذى خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخّر لكم الفلك لتجرى في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار من هذا تعلم أن القمر سخره الله سبحانه وتعالى لبنى آدم وفى ذلك حث لهم على أن يصلوا إلى السيطرة عليه باكتشاف القوانين التى وضعها الله سبحانه وتعالى لتسخيره ليطوعه لهم ليستفيدوا منه وليزدادوا إيماناً بالله سبحانه وتعالى مبدع الكون وبارئه على أحسن نظام وأبدع تكوين فإذا وصل الإنسان إلى القمر ونزل على سطحه وسار فوقه وانتفع بما خلقه الله فيه فإنه بذلك يكون قد انتفع بما سخره الله له ومن الواجب حينئذ على الإنسان الذى يصل إلى القمر أن يشكر الله على هذه النعمة التي أنعم بها عليه وهى أن قدر على الوصول إلى القمر وشكر هذه النعمة باستعمال هذا الاكتشاف الجديد في كل ما يعود على البشرية بالخير والسعادة لا فيما يدمر العمران ويقضى على بني الإنسان أو فيما يعود على العالم بالشر من الاستعلاء والاستعباد للإفساد فإن ذلك كفر بنعمة الله وابتغاء للإفساد فى الأرض والله لا يحب المفسدين
ولقد حرص الإسلام على نفى ماكان فى الأعصر القديمة من أن الكواكب آلهة أو أنها مقدسة وبين أنها كغيرها من المخلوقات من نبات وحيوان وجبال وبحار من مخلوقات الله فقال سبحانه وتعالى ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون
الكواكب من مخلوقات الله سبحانه وتعالى مثلها كمثل بقية المخلوقات وعلى الإنسان أن
يبذل كل ما يستطيع في سبيل استكمال المعرفة بها
۳
ما حكم الإسلام فى إرسال الأقمار الصناعية إلى القمر
إنه ليسرنا أن نجيب عن هذا السؤال الذى يدور في أذهان كثير من الناس الآن وموقف الإسلام من هذا الموضوع إنما هو موقفه من العلم ولقد حث الإسلام المسلمين على التزود من العلم في صور وأساليب بلغت حد الروعة والقرآن الكريم هو الذي بين أن العلماء يشهدون التوحيد مع الله ومع الملائكة وشهادة التوحيد هى قمة الدين الإسلامي والقرآن الكريم هو الذي طلب إلى الرسول الله أن يدعو الله قائلا ربي زدني علماً
والعلم الذى يقصده الإسلام هو العلم الروحى والعلم المادى إنه العلم بالكون وما وراء الكون إنه العلم بالمادة وما وراء المادة
ولقد أنبأنا الله سبحانه وتعالى بأنه سخر لنا الأرض والسماء وما بين الأرض والسماء لقد سخر لنا سبحانه وتعالى البحار والأنهار والجبال وسخر لنا الشمس والقمر والكواكب ومعنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى يدفعنا إلى امتلاك ذلك كله والسيطرة عليه بالعلم والمعرفة والتجارب والملاحظات
فإرسال الأقمار الصناعية إلى القمر إنما هدفها زيادة المعرفة بسنن الله الكونية وفى ذلك زيادة للمعرفة بقدرة الله وعظمته
ويجب على الأقطار الإسلامية أن تسهم فى غزو الفضاء وفى إرسال الأقمار الصناعية إلى القمر وإلى غير ذلك من الكواكب ويجب عليها أن لا تقف مكتوفة الأيدى متفرجة أمام هذا التقدم العظيم في العلم وإنما يجب عليها أن تأخذ في طريق معرفته وتحقيق المساهمة فيه وتطويره فإن كل ذلك إنما هو تحقيق لهدف القرآن الكريم الذى يقول يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتو العلم درجات وتحقيق لهدف السنة النبوية الشريفة التي تقول من سلك طريقاً يبتغى فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة
والاكتشافات الحديثة من أوضح الأدلة على وجود الله لأن هذه الاكتشافات تظهر إبداعاً وتنسيقاً وعناية وحكمة لا تدع مجالا للمصادفة أو الاتفاق وإن انتفت المصادفة ثبت وجود الله
۳۳
يمتنع بعض الناس عن التداوى والذهاب إلى الأطباء
قائلين إن الشافى هو الله فما رأى الدين في ذلك
إن العقيدة الإسلامية هي أن الله سبحانه وتعالى هو الشافى يقول الله تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم وإذا مرضت فهو يشفين وذلك لا خلاف فيه بيد أن الشفاء لا يختلف عن غيره من الأمور التي جعل الله لها الأسباب وأمرنا باتخاذها وأن نواميس العالم التى هى من صنع ! الله أن لكل مسبب سبباً والشفاء إذن مسبب له سبب ومن أجل ذلك قال رسول الله الله فيما رواه الترمذي و تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواة غير داء واحد قيل يارسول الله وما هو
قال الهرم "
وروى الإمام مسلم عن رسول الله قال
لكل داء دواء فإذا أصاب الدواء الداء برأ بإذن الله
ويؤكد رسول الله لا قانون الأسباب والمسببات فيقول فى صراحة إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله إلا السام وهو الموت
في الكتب الجنسية
لقد حث الدين على العلم ورغب فى التزود منه ودعا إلى كل ما يوسع المدارك ويزيد في ثقافة الإنسان وينفعه في دينه ودنياه
وهذا كله إنما ينطبق على العلم النافع والثقافة المفيدة
والكتب الجنسية كلها إثارة وتشجيع على ارتكاب الفاحشة إن لم يكن ذلك بصريح عباراتها في شرحها للعملية الجنسية وما يترتب عليها مما يدفع القارئ إلى تقليد ما يقرأ أو تطبيقه ولا شك أن قراءة مثل هذه المعلومات من أخطر ما يكون على سلوك الشباب والفتيات لإثارتها الغرائز وإشاعتها للفاحشة
وما انتشرت الفوضى والإباحية إلا بعد أن انتشر هذا النوع من الثقافة بين شبابنا وفتياتنا فواجب المربين التحذير منها والحث على الابتعاد عنها لنضمن شباباً سليماً من الانحرافات وإن في كثير من الكتب النافعة التي تحث على الفضيلة وتشجع على البطولة والوطنية أو تزيد المعلومات والمدارك إن فى كل ذلك لغنى عن هذا الفساد
شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم
الشهر فليصمه
فقد أمر الله بالصوم بعد أن ذكر أن هذا الشهر الكريم نزلت فيه الهداية الكاملة ممثلة في القرآن فكان لابد أن نحتفل به والاحتفال بشيء ما إنما يكون بما يناسبه فالاحتفال بالهداية ممثلة في القرآن إنما يكون بما يعد النفس ويمهدها لاستقبال هذه الهداية على خير ما ينبغى وذلك هو الصوم فكأننا بالصوم إيماناً واحتساباً نصل إلى مستويات من شفافية النفس وتطهيرها وتزكيتها فتتسم هدى السماء وتتشربه وتمتزج به فرحة مغتبطة فيقهم في عمق قول الله
تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً وأما الحكمة الثالثة لفرض الصيام فإننا نلتمسها في قوله تعالى مختتماً بعض آيات الصوم ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون
فقد فرض الصوم لننتهى منه ونحن فى رحاب الله مغتطبين مستبشرين قد تركت عنا النفوس وتطهرت منا الأفئدة فيترتب على ذلك أن نكبر الله ونحمده على هدايته السماوية أولا وعلى توفيقه لنا بإتمام الصوم ثانياً ونشكره على كل ذلك فيزيدنا سبحانه بهذا الشكر هداية وتوفيقاً لئن شكرتم لأزيدنكم ومما له مغزاه العميق أنه في ثنايا هذه الآيات الكريمة التي تتحدث عن الصوم وتوجهنا إلى التقوى وإلى تكبير الله وإلى الشكر يخاطب الله رسوله الله فيقول وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون
ولا ريب أن النفوس التي صامت إيماناً واحتساباً وتركت وتطهرت والتزمت التقوى وكبرت الله وشكرته إنما هى نفوس قريبة من الله إذا دعته استجاب وإذا استلهمته الرشد والصواب الهم واستهدته هدى
في قول الرسول الله من صام رمضان إيماناً
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
أنه
يصوم
صيام رمضان يكفر خطايا الإنسان الماضية كما ورد فى الحديث المذكور ومعنى إيماناً واحتساباً أن يكون الصيام موجهاً له فى كل سلوكه فيتعلم من الصيام مراقبة الله في أعماله والإخلاص له وعند ذلك يحترز عن الخطايا والمنكرات ويكون ممن انتفع من الصيام ولا حرج على فضل الله والذى يغفر الذنب ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات
وسئل رضى الله عنه في التصوف الإسلامي
في كلمة تصوف
۱ - يُروى عن أحد الصالحين أنه كان يمتنع عن التحدث فيما يتعلق بشخصه ولو أمكنه أن يلغى سيرته الشخصية من أذهان الناس ولو أمكنه أن يلغى اسمه لفعل راضياً مغتبطاً ذلك أن التسمية والجانب الشخصى الفردى فى الإنسان لا قيمة لهما إذا نظرنا إلى الآفاق العليا من الروحانية
عليهم
ومما يُلائم هذا الاتجاه قول بعض الصوفية ما معناه إن طائفة الصوفية لو تنزهت عن الفردية والشخصية لنزههم الله عن التسمية تنزيهاً مطلقاً ولكن لما شابت الفردية أعمال بعضهم وضع لهم اسم واندرجوا تحت عنوان الصوفية وسئل الشبلى رضى الله عنه لم سميت الصوفية بهذا الاسم قال هذا الاسم الذي أطلق اختلف فى أصله وفى مصدر اشتقاقه ولم ينته الرأى فيه إلى نتيجة حاسمة بعد ومن أقدم الآراء التي قيلت وأطرفها ما ذكره البيرونى من أن هذا اللفظ إنما هو تحريف لكلمة سوف اليونانية التى تعنى الحكمة يقول البيرونى إن من اليونانيين من كان يرى الوجود الحقيقى للعملة الأولى فقط لاستغنائها بذاتها فيه وحاجة غيرها إليها وأن ما هو مفتقر فى الوجود إلى غيره فوجوده كالخيال غير حق والحق هو الواحد الأول فقط وهذا رأى السوفية وهم الحكماء فإن سوف باليونانية الحكمة وبها سمى ه الفيلسوف فيلا سوفيا أي محب الحكمة
ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريب من رأيهم سموا باسمهم ويرى البيروني أن التصحيف دخل هذا الاسم بعد ذلك فقال مفسراً ومعللا ولم يعرف اللقب بعضهم فنسيهم للتوكل إلى الصفة وأنهم أصحابها في عصر النبي الله
ثم صحف بعد ذلك قصير من صوف التيوس ورأى البيرونى هذا على طرافته لا يستقيم لسبب بسيط وهو أن التسمية بالصوفى كانت
موجودة قبل ترجمة الحكمة اليونانية إلى اللغة العربية فالبيرونى يقول في صراحة ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريب من رأيهم سموا باسمهم ورأى البيروني إذن لا يستقيم إلا على أن هذا اللفظ نشأ فى الإسلام بعد أن عرفت الكلمة اليونانية وعرف معناها وتداولتها
۳۷
۳۸
الألسنة ولاكنها الأفواه وألفت معناها العقول أى حوالى منتصف القرن الثالث الهجري على أن الكلمة عرفت قبل ذلك بكثير بل لقد عرفت فى العهد الجاهلي على ما يرى
أقل تقدير مع صاحب و اللمع
ولكن إذا كان رأى البيرونى لا يستقيم فإلام نتجه في اشتقاق هذه الكلمة إن الآراء أصبحت معروفة بل لقد كانت معروفة من قديم الزمان وصاحب الرسالة القشيرية يستعرضها رأياً رأياً وينقضها جميعاً
1 فأما قول من قال إنه من الصوف وتصوّف إذا لبس الصوف كما يقال تقمص
إذا لبس القميص فذلك وجه لكن القوم لم يختصوا بلبس الصوف
ب ومن قال إنهم منسوبون إلى صفة مسجد رسول الله الا الله فالنسبة إلى الصفة لا تجيء على نحو الصوفى
جـ ومن قال إنه من الصفاء
فاشتقاق الصوفى من الصفاء بعيد فى مقتضى اللغة
د وهناك قول أنه مشتق من الصف فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث المحاضرة من الله تعالى ولكن اللغة لا تقتضى هذه النسبة إلى الصف
وإذا كان صاحب الرسالة القشيرية ينتقد كل هذه الآراء فإنه إذن لا يرى الاشتقاق ويقول هذه التسمية غلبت على هذه الطائفة فيقال رجل صوفى وللجماعة صوفية ومن يتوصل إلى ذلك يقال له متصوف وللجماعة المتصوفة
وليس يشهد للاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق لقد استعرضنا الآراء التي قيلت في هذا الموضوع قديماً فهل ترى هناك من جديد
رأى الباحثين الحديثين في أصل كلمة تصوف
يقول الشيخ عبد الواحد يحيى أما أصل هذه الكلمة صوفى فقد اختلفت فيه اختلافاً كبيراً ووضعت فروض متعددة وليس بعضها أولى من بعض وكلها غير مقبولة
إنها في الحقيقة تسمية رمزية وإذا أردنا تفسيرها ينبغي لنا أن نرجع إلى القيمة العددية وأنه لمن الرائع أن نلاحظ أن القيمة العددية الحروف صوفى تماثل القيمة العددية لحروف
الحكيم الإلهى فيكون الصوفى الحقيقى إذن هو الرجل الذى وصل إلى الحكمة الإلهية إنه العارف بالله إذ إن الله لا يُعرف إلا به وتلك هى الدرجة العظمى الكلية فيما يتعلق بمعرفة
التقشف فليس من المستبعد أن ترحل كلمة صوف إلى معابد اليونان ولم يبق بعد ذلك إلا أن يكون هذا الرأى على حد تعبير الدكتور / زكي مبارك ليس ضرباً من الإغراب
أما الفريق الثاني من الباحثين الحديثين - وهم أكثرية - فإنه يرى أن كلمة تصوف و مأخوذة
من الصوف
- إنني أرى - كما ترى الغالبية العظمى من الباحثين الحديثين - أن لفظ و التصوف ينتسب إلى الصوف وكما يقال تقمص إذا لبس القميص - كذلك يقال تصوف إذا لبس الصوف ومن أبرز القائلين بهذا الرأى المرحوم الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق والمرحوم الدكتور زكي مبارك والمستشرق مرجليوث
وإذا كانت هذه الكلمة تنتسب إلى الملبس – وهو مظهر وشكل ورسم – فليس معنى ذلك أن التصوف مظاهر وأشكال وليس من المحتم دائماً أن يكون المعنى الأصلى للاسم هو المراد مما وضع الاسم له إذ المعنى قد يتطور ويتغير ويختلف وقد يقصد عكسه ومن أجل ذلك فإنه لا مجال لتخوف هؤلاء الذين لا يريدون أن ينسبوا التصوف إلى الصوف بحجة أن انتسابه إلى المظاهر يحط
شأنه من حقيقة أن الباحثين كثيراً ما يجدون صلة وثيقة بين المعنى والأصل للاسم وما وضع الاسم
له أو بين الاسم والمسمى ولكن ذلك ليس مطرداً والواقع أن التصوف معروف لا شأن له بالمظاهر والأشكال
وإذا كان بعض الأشخاص لا يزالون يمارون في قيمته أو فائدته فإنهم لا يتخذون التسمية تكأة لهذه الماراة ولو فرضنا أنهم اتخذوها تكأة لخرجوا عن سمت الباحثين ولأصبحوا سخرية
للساخرين
على أنني أرى - كما يرى كثيرون غيرى - وكما يثبت التاريخ أن هذه الكلمة تصوف لم توضع فى الأصل للتصوف بمعناه العادى الذى نفهمه الآن وإنما وضعت في المبدأ لتدل على نمط من العزوف عن الدنيا إنها كانت علامة الزاهدين والناسكين فسمى بها هؤلاء الذين انصرفوا عن الدنيا
إن العزوف عن الدنيا عادة قديمة جدا يتمسك بها بعض الناس تمشياً مع فكرة دينية وإرضاء لشعور تنسكي وقد حدثنا القرآن عن هؤلاء الذين يترهبون ابتغاء رضوان الله ويتعذب بها بعض الناس
٣٣١
إرضاءً لفكرة منطقية واتباعاً لمذهب عقلى يرى ان السعاده في الهدوء والمدوء لا ياني إلا بتحديد الرغبات والبعد عن الشهوات وذلك هو الزهد وسواء أكان الي من الدنيا ديناً أم كان منطقاً فإنه موجود منذ أقدم العصور فالدين صاحب الدنيا منذ نشأه الإنسان منذ وجوده ولقد رأى هؤلاء الزهاد - من ناحية الملبس - في الصوف ما يحقق أهدافهم التي تتصل بالتقشف والخشونة فهو متين رخيص لا يحتاج الإنسان معه فى الشتاء إلى غيره ولا يحتاج إلى تغييره كثيراً ذلك أنه لا يبلى بسرعة فتصوفوا أى لبسوا الصوف وكان لابد من اسم يطلق على هؤلاء وكان من السهولة بمكان أن يطلق عليهم صوفية أو أطلق الاسم مصادفة فذاع وشاع وأصبح الزهاد يعرفونه - في البيئات العربية – باسم الصوفية هؤلاء الزهاد كانوا موجودين فى العصر الجاهلى تديناً أو منطقاً وكانوا موجودين في صدر الإسلام تديناً أو منطقاً حتى إذا كانت رابعة وكان الجنيد وكان ذو النون ذاع التصوف وانتشر ممثلوه عازفين عن الدنيا لابسين الصوف وأطلقت الكلمة عليهم ولم يميز الناس بين حالتين مختلفتين كل الاختلاف هما حالة الزهد البحث وحالة التصوف ولم يثر الصوفية على التسمية فى حد ذاتها ومن لم يرض منهم نسبتها إلى الصوف ذهب في نسبتها مذاهب أخرى
وإذا كانت الكلمة تنتسب إلى الصوف فهى كلمة موفقة كل التوفيق ولعل عناية المقادير هي التي هيأت لها الجو للظهور والشيوع إذ إنها تمت بصلة حرفية جرسية إلى كثير من الكلمات التي تدل على معان وثيقة الصلة بالتصوف كالصفاء وصلته ظاهرة والصف الصف الأول في الجهاد جهاد العدو وجهاد النفس والصفة صفة مسجد رسول الله عمال التي كان يعيش فيها
قوم وهبوا أنفسهم الله وللجهاد والصفة الصفة الجميلة
وسوفيا اليونانية هى التى تدل على معرفة الغيب على وجه الخصوص وكان من التوفيق أيضاً هذا الغموض نفسه فى أصل الكلمة فما من شك فى أن اختلاف المذاهب والآراء في أصلها يبين الكثير من معانى التصوف ومن مظاهره
۳۳
في تعريف التصوف
عند
يتجه الكثير من الناس في تعريف التصوف إلى الجانب الأخلاقي وهذا الاتجاه شائع الصوفية وعند غيرهم من الباحثين فى التصوف والمؤرخين له ونذكر الآن عدة أمثلة نتبين منها
هذا الاتجاه
يقول أبو بكر الكتاني المتوفى سنة ٢٣٣ هـ
التصوف خلق فمن زاد عليك فى الخلق فقد زاد عليك فى الصفاء وتروى الرسالة القشيرية أن أبا محمد الجريرى المتوفى سنة ٣١١ هـ سئل عن التصوف فقال الدخول فى كل خلق سنى والخروج من كل خلق دنى
خلق
0
وأحد تعريفات أبي الحسين النووى للتصوف - كما تذكره تذكرة الأولياء ينفى عن التصوف أن يكون رسماً أو علماً ويحدده بأنه خلق إنه يقول ليس التصوف رسماً ولا علماً ولكنه ثم يعلل ذلك بقوله لأنه لو كان رسماً الحصل بالمجاهدة ولو كان علماً لحصل بالتعليم ولكنه تخلق بأخلاق الله ولن تستطيع أن تقبل على الأخلاق الإلهية بعلم أو رسم ويحدد أبو الحسين النووى - في تعريف آخر - الأخلاق التي يتكون منها التصوف فيقول التصوف الحرية والكرم وترك التكلف والسخاء هذا الاتجاه الأخلاق في تعريف التصوف شائع فى الشرق وفى الغرب وهو ا أيضاً شائع في الزمن القديم وفى الزمن الحديث ومع ذلك فإنه لا يعبر عن التصوف تعبيراً دقيقاً على أن هؤلاء الذين ذكروا هذه التعاريف الأخلاقية للتصوف ذكروا هم أنفسهم تعاريف أخرى وذلك – على الأقل - يدل دلالة لا لبس فيها على أنهم لم يروا كفاية الجانب الأخلاقي في تحديد التصوف وتعريفه
والمواقع
أننا لو نظرنا إلى كثير من الأشخاص الذين اشتهروا بالسمو في الجانب الأخلاقي الكريم واتصفوا بأروع الصفات الأخلاقية واتخذوا الفضيلة مذهباً وشعاراً فإننا نجدهم مثاليين في المحيط الأخلاقى وفى المجتمع ولكن ليس معنى ذلك أنهم لا محالة من
أشخاصاً
الصوفية
ولو نظرنا في البيئة اليونانية لوجدنا داعية إلى الفضيلة ومتمذهباً بها ومحاولا نشرها بشتى الوسائل وبمختلف الطرق سواء أكان ذلك بالدعوة الإقناعية أو بالمنطق الجدلى
أو بالأسوة الكريمة ذلك هو سقراط ومع ذلك فإن سقراط هذا لم يكن صوفيا بالمعنى الدقيق
لكلمة صوفى
وإذا انتقلنا إلى البيئة الإسلامية فإننا نجد الحسن البصرى رضى الله عنه من أروع وأجمل الشخصيات الأخلاقية العالمية لقد كان مثلا صادقاً للشعور الأخلاقي في طهره وصفائه وكان ينشر الفضيلة بوعظه المؤثر ومنطقه القوى وسلوكه المثالى ومع ذلك فلم يكن الحسن البصرى صوفيا بالمعنى الدقيق لكلمة صوفى على أنه من الطبيعى أن تكون الأخلاق الكريمة أساساً من أسس التصوف وأن تكون الأخلاق في أسمى صورة من صورها ثمرة للتصوف ومن الطبيعى أيضاً أن تكون الأخلاق الكريمة شعار الصوفى فيما بين الأساس والثمرة فهى إذن ملازمة للتصوف وللصوفى ملازمة تامة لا تتخلى عنه ولا يتخلى عنها ولكن ليس معنى ذلك أنها هي التصوف
وهناك اتجاه أكثر شيوعاً من الاتجاه السابق وهو تعريف التصوف بـ الزهد وحينما يسمع كثير من الناس كلمة التصوف يفهم منها معنى الزهد ولا يفهم من كلمة صوفى إلا الزاهد في الدنيا
وما من شك فى أن الصوفى لا يتعلق قلبه بالدنيا ولو كان عنده الآلاف والملايين بيد أن الزهد فى الدنيا شيء والتصوف شيء آخر ولا يلزم من كون الصوفى زاهداً أن يكون التصوف هو
الزهد
ويخلط كثير من الناس بين الصوفى الزاهد والعابد فإذا ما رأوا أو سمعوا عن شخص كثير العبادة قالوا عنه إنه صوفى
ولا ريب أن الصوفى كثير العبادة ولكنك قد تجد أشخاصاً كثيرين يقيمون الصلوات المفروضة ويكثرون من النوافل ويداومون على العبادة ولا يكون معنى ذلك أنهم من
الصوفية
ولخلط الناس بين الزاهد والعابد والصوفى حاول ابن سينا أن يفرق بينهم وبين أهداف كل منهم يقول في كتابه الإشارات
ا - المعرض عن متاع الدنيا وطيباتها يخص باسم الزاهد
- المواظب على فعل العبادات من القيام والصيام ونحوهما يخص باسم العابد
٣٣٤
٣- المنصرف بفكره إلى قدس الجبروت مستديماً لشروق نور الحق في سره يخص باسم العارف
و العارف عند ابن سينا هو الصوفى
ويتحدث ابن سينا أن الزاهد قد يكون عابداً والعابد قد يكون زاهداً فيمتزج الزهد والعبادة فى شخص واحد ولا يكون بعبادته وزهده معاً صوفيا ولكن الصوفى لا محالة
زاهد عابد على أن هناك تفرقة حاسمة بين زهد الصوفى وعبادته وبين زهد غير الصوفى وعبادته وهذه التفرقة إنما هى فى الهدف أكثر منها في الأسلوب والمنهج
الله
ولقد تحدثت السيدة رابعة العدوية رضى الله عنها عن هذا بأسلوب مؤثر وتحدث غيرها والكل يتفق على أن زهد غير الصوفى إنما هدفه الاستمتاع في الآخرة فهو نوع من المعاملة كأنه يشترى متاع الدنيا بمتاع الآخرة أما الصوفى فإنه يزهد في الدنيا لأنه يتنزه عن أن يشغله شيء عن وعبادة غير الصوفى هدفها دخوله الجنة كأنه يعمل فى الدنيا لأجرة يأخذها في الآخرة هي الأجر والثواب فمثله كمثل الأجير يعمل طيلة النهار ليأخذ أجره في المساء أما عبادة الصوفى فإنها استدامة لصلته بالله تعالى إنه يعبد الله لأنه مستحق للعبادة و نسبة شريفة إليه لا لرغبة أو رهبة وتقول السيدة رابعة رضوان الله عليها ما معناه اللهم إن كنت أعبدك خوفا من نارك فألقنى فيها وإن كنت أعبدك طمعا في جنتك فاحرمنيها وإن كنت أعبدك لوجهك الكريم فلا تحرمنى من رؤيته
ولأنها
هذه المعانى الخاصة بأهداف الزهد والعبادة - من حيث كونهما لوجه الله - إنما هي معان عادية عند الصوفية وكأنها بدهية فى محيطهم وفى جوهم واصبر نفسك مع الذين يدعون
ربهم
بالغداة والعشى يريدون وجهه
والتصوف إذن ليس خُلقاً فحسب ولا زهداً فقط ولا عبادة لا غير وإنما هو يتضمن
الخلق الكريم والزهد الرفيع والعبادة المتجردة وبرغم كل ذلك فإنه شيء آخر وكلمة أخيرة قبل أن نفرغ إلى تعريف التصوف إن الذين يربطون بين التصوف من جانب والكرامات وخوارق العادات من جانب آخر كثيرون ولكن التصوف ليس كرامات ولا خوارق العادات إنه شيء يتجاوز الكرامات ويتجاوز خوارق العادات إن هذه الكرامات مسألة لا يأبه بها الصوفية كثيراً بل يعتبرونها من الأشياء اليسيرة التي تبعث
۳۳۵
السرور في قلب من يجربها الله على يديه ولكنه إذا فرح بها واكتفى تدل على أنه لم يبلغ بعد
التصوف قدماً ثابتة ولا درجات ممتازة
ما هو إذن التعريف الصحيح للتصوف
تذكر الآن بعض التعريفات التى تتجه الوجهة الصحيحة فيما يتعلق بالمعنى الحقيقى لهذا
الموضوع
الله
أبو سعيد الخراز المتوفى سنة ٢٦٨ هـ
سئل عن الصوفى فقال من صفى ربه قلبه فامتلأ قلبه نوراً ومن دخل في عين اللذة بذكر
٢ - الجنيد البغدادي المتوفى سنة ٢٩٧ هـ
التصوف هو أن يميتك الحق عنك ويحيبك به
- أبو بكر الكتاني المتوفى سنة ٣٢٢ هـ
التصوف صفاء ومشاهدة
٤ - جعفر الخلدى المتوفى سنة ٣٤٨ هـ
التصوف طرح النفس فى العبودية والخروج من البشرية والنظر إلى الحق بالكلية
وسئل الشبلى عن التصوف فقال
بدوه معرفة الله ونهايته توحيده
وإذا نظرنا إلى تعريف الكتانى فإننا نجد أن عبارته المختصرة قد جمعت بين جانبين هما اللذان - فما نرى - يكونان - في وحدة متكاملة – تعريف التصوف
أحدهما وسيلة
والثاني غاية
أما الوسيلة فهي الصفاء
وأما الغاية فهى المشاهدة والتصوف من هذا التعريف طريق وغاية طريق يتضمن نواحي كثيرة تشير إليها تسميته نفسها ولعل ذلك من الأسرار التي كانت السبب في هذه التسمية واتخاذها عنواناً على هذه الطائفة لقد قال جماعة إنما سميت صوفية لصفاء أسرارها ونقاء آثارها وقال
بشير بن الحارث الصوفى من صفا قلبه الله وقال بعضهم الصوفى من صفت الله معاملته وصفت له من الله عز وجل كرامته
۳۵
ولقد اشترط رسول الله اللي في مغفرة الذنوب أن يكون الصوم إيماناً واحتساباً ومما يشرح كلمة إيماناً واحتساباً ما رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي عن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى الله قال من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ منه كفر ما قبله لابد إذن فى تحقيق إيماناً واحتساباً أن يعرف الإنسان حدوده وأن يتحفظ من السيئات وبذلك يتحقق قول رسول الله له فيما رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح الصيام جنة وحصن من النار وشرط الصيام إيماناً واحتساباً أن يبدأ الإنسان فيه بالتوبة الخالصة النصوح التوبة التي تنادى كل خلية من خلايا جسم الإنسان بها التوبة التي تنبع من أعماق الإنسان فتكون توبة صادقة تأخذ صفة النصوح وإذا ما كانت التوبة كذلك فإنها تثمر التقوى فإذا ما أثمرت التقوى كان الإنسان فى رضا الله سبحانه وتعالى فى الدنيا والآخرة
رسول الله وشهر رمضان
هذا
عبر الرسول الله عن فضل شهر رمضان فيما كان يخطب به المسلمين إذا أهل عليهم الشهر المبارك فعن سلمان رضى الله عنه قال خطبنا رسول الله مع في آخر يوم من شعبان
قال
يأيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر شهر جعل الله صيامه فريضة وقيامه تطوعاً من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وشهر يُزاد رزق المؤمن فيه من فطَّر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم
فقال رسول الله يعطى الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة أو على شربة ماء أو مذقة لبن وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار فاستكثروا فيه من أربع خصالي خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غناء بكم عنهما فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه وأما
٣٣٦
وهؤلاء يهدفون إلى أن كلمة الصوفية إنما تشير إلى الصفاء وهذه الإشارة لا تخضع لمقاييس اللغة ومادامت إشارة فإنه من التعسف أن يجادل إنسان في أمر انسجامها مع اللغة وعدم
انسجامها
ويقول قوم إنهم إنما سموا صوفية لأنهم في الصف الأول بين يدى الله عز وجل بارتفاع هممهم إليه وإقبالهم بقلوبهم عليه ووقوفهم بسرائرهم بين يديه وهؤلاء إنما يعبرون عن إشارة الصوفية إلى الصف أى إلى الصف الأول فى العمل على الوصول إلى الله والجهاد في سبيله إشارة الكلمة إلى أهل الصفة الذين كانوا على عهد رسول الله الله فإنها تشير إلى أوصافهم من العبادة والتهجد وعدم الطمع فى الدنيا واستعدادهم الدائم للجهاد في سبيل الله وتشير الكلمة للصفة أى الصفة الكريمة التى لا يتعلق فيها القلب بالمادة وإنما يتعلق بالله
تعالى
وكل ذلك إنما هو حديث عن الوسائل
على أن هذه الوسائل التى تشير إليها الكلمة لها وسائل أخرى هذه الوسائل الأخرى منها
@
السلطان من
ما يعبرون عنه بقولهم لا يَمْلِكُ ولا يُملك ويعنون بذلك أنه لا يسترقه الطمع وهذه الكلمة لها مدلول واسع هو أن يتحرر الإنسان من الدنيا حتى ولو ملكها عريضة طويلة يتحرر من الجاه من الانغماس فى الملذات من الجرى وراء المال من حب حب الترف من الصفات التي تتنافى مع الفضيلة وخاتمة المطاف في هذه الوسائل أنها تؤدى إلى الصفاء فإذا ما حل الصفاء كان عند الإنسان استعداد كامل للمشاهدة فيجود الله عليه بها إن شاء
هذه المشاهدة هى أسمى درجات المعرفة وهى الغاية النهائية التى يسعى وراءها ذو الشعور
المرهف والفطر الملائكية والشخصيات الربانية فالتصوف إذن معرفة - أسمى درجات المعرفة بعد النبوة - إنه مشاهدة وهو طريقة إلى
المشاهدة
وإذا أردنا أن نلجأ إلى الإمام الغزالى فى تلخيص الطريق والغاية فإننا نجده يقول في كتابه الخالد إحياء علوم الدين
الطريق تقديم المجاهدة ومحو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى ومهما حصل ذلك كان الله المتولى لقلب عبده والمتكفل له بتنويره بأنوار
العلم
۳۳۷
وإذا تولى الله أمر القلب فاضت عليه الرحمة وأشرق النور في القلب وانشرح الصدر وانكشف له سر الملكوت وانقشع عن وجه القلب حجاب الغرة بلطف الرحمة وتلألأت فيه حقائق الأمور الإلهية
فإذا ما حصل ذلك كانت المشاهدة
ومن القصص اللطيفة التى تصور الوسيلة إلى المشاهدة فى سهولة ويسر القصة التالية
قال ذو النون رأيت امرأة ببعض سواحل الشام فقلت لها من أين أقبلت رحمك الله قالت من عند أقوام تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً قلت وأين تريدين قالت إلى رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله قلت صفيهم لى فأنشأت تقول
قوم
همومهم
بالله
علقت
فما لهم
هم
إلى تسمو
أحد
مطلب
القوم
مولاهم
وسيدهم
يا حسن
مطلبهم
لمواحد
الصمد
ما إن
تنازعهم
دنيا ولا شرف
من
المطاعم
واللذات
والولد
ولا لليس تیاب
فائق
أنق
ولا لروح سرور
حل
في
بلد
إلا
مسارعة في
إثر
منزلة
قد قارب الخطو فيها باعد الأبد
فهم
رهائن
غدران وأودية
وفى
الشوامخ تلقاهم
العدد
مع
والمشاهدة التي هي الغاية الصوفية هى أيضاً تحقيق واقعى للتعبير
الذي تنطق به في كل آونة حينما تقول أشهد أن لا إله إلا الله فالشهادة هي غاية الصوفى وهو إنما يسعى جاهداً إليها بشتى الوسائل ليحقق بالفعل مضمون ما يلفظ به قولا أو ما يقوله حروفاً
وما من شك في أن تعاريف التصوف الكثيرة التي نجدها منشورة هنا وهناك والتي تكاد تبلغ الألف إنما في أغلب الأحايين تعبر عن زاوية من زوايا التصوف تتصل بالوسيلة أو تتصل بالغاية فلا يمكن أن يقال عنها - إذا ما كانت كذلك - إنها خطأ تام ولكن الخطأ إنما هو في أخذها على أنها تعبر عن الحقيقة الكاملة أما ما يعبر عن الحقيقة الكاملة فإنما هو تعريف الكتاني التصوف صفاء ومشاهدة
۳۳۸
جاهدین
في مصادر التصوف الإسلامي
يحاول المستشرقون وغيرهم من الذين يكتبون في التصوف الإسلامي رد الحياة الروحية الصوفية في الإسلام إلى مصدر أجنبى بحت هندى أو يوناني إلخ أو إلى عدة مصادر منها القرآن أو حياة الرسول صلوات الله وسلامه عليه ويحاول بعضهم أن يظهر بمظهر الاعتدال فيرى أن العامل الأول فى نشأة التصوف إنما كان القرآن وحياة الرسول - صلوات الله وسلامه عليه – ومنهما استمد التصوف بذوره الأولى ثم كانت الثقافة الأجنبية - هندية أو يونانية أو فارسية أو مسيحية - هى التى أثرت فيه وجعلته يتطور وهى التى أمدته من الآراء بما زعموا أنه بعيد عن روح الإسلام وطبيعته وبرغم أن الأستاذ لويس ماسينيون يقول في صراحة وأما دراسة مصادر التصوف فإن الشقة بيننا وبين استكمالها مازالت بعيدة فإن المستشرقين ومن نهج نهجهم يحاولون أن يعزوا التصوف إلى مصدر معين أو إلى مصادر مختلفة يشترك فيها المصدر الإسلامي أو لا يشترك والتصوف إذن على رأى بعضهم مذهب دخيل في الإسلام مأخوذ إما من رهبانية الشام وهو رأى ميركس وإما من أفلاطونية اليونان الجديدة وإما من زرادشتية الفرس وإما من فيدا الهنود وهو ويأخذ المستشرقون في مناقشة بعضهم البعض وهدم بعضهم البعض بل إن الشخص الواحد منهم يغير رأيه فيختلف باختلاف فترات حياته فالمستشرق ثولك مثلا يذهب في أول حياته إلى أن التصوف الإسلامي إنما هو مأخوذ عن أصل مجوسى ثم يعدل عن ذلك إلى الطريق المقابل ويرى أن التصوف وكل ما فيه من الأقوال المتطرفة يمكن الرجوع به إلى تعاليم الرسول وسيرته ويقول الأستاذ الدكتور / أبو العلا عفيفي - بحق - ولما بدأت حركة طبع الكتب فى مصر والهند وغيرهما في النصف الثانى من القرن التاسع عشر وبدأ يتدفق سيلها من مطبعة بولاق الأميرية خاصة تغير مجرى البحث العلمي لا في التصوف وحده بل في جميع فروع الدراسات
الإسلامية
رأى جونس
وتغير إذن رأى ثولك وتغيرت بذلك أدلته وأسانيده وكما اعتبر في فترة حياته الأولى أن أدلته وأسانيده فيما يتعلق بالمصدر المجوسى للتصوف الإسلامي حاسمة فقد اعتبر في فترة حياته
۳۳۹
الثانية أن أدلته وأسانيده فى المصدر الإسلامي للتصوف حاسمة أيضاً وإذا كان الأمر فيما يتعلق بثولك يمكن الاعتذار عنه بأنه وجد في فترة لم تكن الكتب الصوفية ميسورة كل اليسر فإن ما حدث لثولك هو نفسه ما حدث للمستشرق نيكلسون أنه يتحدث عن التصوف فيرجع نشأته إلى عوامل خارجة عن الإسلام عملت عملها ابتداء من القرن الثالث الهجرى وأهم هذه العوامل وأبرزها في نظره هو الأفلاطونية الحديثة المتأخرة والتي كانت شائعة في مصر والشام إلى عهد ذى النون المصرى ومعروف الكرخي وإذا أردنا تصوير رأى نيكلسون بقلمه فى هذه الفترة فإننا نراه يقول ولكنى على يقين من إذا نظرنا إلى الظروف التاريخية التي أحاطت بنشأة التصوف بمعناه الدقيق استحال علينا أن نرد أصله إلى عامل هندى أو فارسى ولزم أن نعتبره وليداً لاتحاد الفكر اليوناني والديانات الشرقية أو بعبارة أدق وليداً لاتحاد الفلسفة الأفلاطونية الحديثة والديانة المسيحية والمذهب الغنوصي ثم يتحول نيكلسون عن هذا الرأى حينما يكتب مادة التصوف في دائرة معارف الدين والأخلاق فيقول وقد عولجت مسألة نشأة التصوف الإسلامي حتى الآن معالجة خاطئة فذهب كثير من أوائل الباحثين إلى القول بأن هذه الحركة العظيمة التي استعادت حياتها وقوتها من جميع الطبقات والشعوب التي تألفت منها الإمبراطورية الإسلامية – يمكن تفسير نشأتها تفسيراً علمياً دقيقاً بإرجاعها إلى أصل واحد كالفيدانتا الهندية أو الفلسفة الأفلاطونية
أننا
الحديثة - أو بوضع فروض تفسر جانباً من الحقيقة لا الحقيقة كلها
ويشرح
الأستاذ لويس ماسينيون فكرة نيكلسون الأخيرة فيقول
وقد بين نيكلسون أن إطلاق الحكم بأن التصوف دخيل في الإسلام غير مقبول فالحق أننا نلاحظ منذ ظهور الإسلام أن الأنظار التي اختص بها متصوفة المسلمين نشأت في قلب الجماعة الإسلامية نفسها في أثناء عكوف المسلمين على تلاوة القرآن والحديث وقراءتها وتأثرت بما أحداث أصاب هذه الجماعة من وما حل بالأفراد من نوازل
ويتابع
الأستاذ ماسينيون شرح
فكرة نيكلسون فيقول على أنه إذا كانت مادة التصوف إسلامية عربية خالصة فما لا يخلو من فائدة أن نتعرف على المحسنات الأجنبية التي أدخلت
عليه ونمت في كنفه
وفكرة نيكلسون هذه هي تقريباً فكرة نفس الأستاذ ماسينيون فماسينيون يرى أن التصوف
٣٤٠
لا يرجع إلى مصدر واحد وإنما يرجع أولا إلى القرآن وهو أهم المصادر التي استمد منها التصوف نشأته وحياته
كما
يرجع إلى المصدر الثانى وهو الحديث والفقه وغيرهما من العلوم العربية الإسلامية أما المصدر الأخير فهو الثقافة العلمية الأجنبية العامة التي وجدت في البيئة الإسلامية في عهودها الأولى
هذه الاختلافات الكثيرة التي استفاض فيها الكاتبون وكونوا فيها الفصول الطوال واستنفدوا فيها الجهد والتي لا تزال مع كل ذلك مستمرة لا تنتهى ولا تريد أن تنتهى إن دلت على شيء فإنما تدل على أن وضع المشكلة بهذا الوضع إنما خطأ هو من أساسه وهذا الخطأ في وضع المشكلة مفهوم السبب والعلة
لقد وقف الكاتبون من التصوف موقفهم من الثقافة الكسبية والثقافة الكسبية يتأتى فيها التأثر والتطور والتقليد فالكاتب أو الشاعر أو المفكر على وجه العموم الذي يستمد ثقافته من البيئة الخارجية يتلون ويتشكل بما يقرأ وربما يدور حوله وبما يتشربه من بيئته ونتاجه إذن هو أثر البيئة الخارجية اللهم إلا إذا كانت له أصالته التي تسمو به عن أن يكون صدى للوسط الذي يعيش فيه
ولكن التصوف والصوفية ليسا من هذا الوادى وإذا أردنا أن نتحدث في تحديد ودقة فإنا نرى أن المشكلة التي نحن بصددها تتفرع إلى أمرين
١ - الاتجاه إلى الحياة الصوفية أو النزعة إلى سلوك الطريق الصوفى
- الشعور الصوفى
أما فيما يتعلق بالاتجاه نحو السلوك الصوفى فله مؤثراته الداخلية البحتة وهى مؤثرات تتصل بالفرد من الناحية الداخلية أكثر من أن تتصل بعامل خارجي لابد إذن من أن يكون الاستعداد الشخصي الفردي الفطرى موجوداً مهيئاً ويكفى لأن يسلك عمليا هذا الطريق كلمة أو فكرة أو إشارة أو حادثة من الحوادث فيأخذ فعلا في سيره نحو الله تعالى إلى ذاهب إلى ربى هذا العزم المصمم الذى يتمثل فى هذه الكلمة الكريمة لابد له من الاستعداد الفطري الذي لا يغنى عنه فلسفة أفلاطونية ولا فيدانتا هندية ولا زرادشتية فارسية وقد يكون المتجه إلى التصوف قارئاً للأفلاطونية الحديثة أولا يكون وقد يكون على علم بعقائد الهند أو لا يكون فالمتخصص فى الأفلاطونية الحديثة لا يفيده تخصصه هذا ولا قلامة ظفر في أن
٣٤١
يكون صوفيا وكذلك الأمر في المتخصص فى عقائد الهند وقد قرأ الإمام الغزالي كتب الصوفية أنفسهم ويحدثنا بذلك فيقول فابتدأت بتحصيل علمهم من مطالعة كتبهم مثل قوت القلوب لأبي طالب المكي رحمه الله وكتب الحارث المحاسبي والمتفرقات المأثورة عن الجنيد والشبلي وأبي يزيد البسطامي الله أرواحهم - وغير ذلك من كلام مشايخهم حتى اطلعت على كنه مقاصدهم العلمية وحصلت ما يمكن أن يحصل عن طريقهم بالتعليم والسماع
- قدس
ولكن ذلك لم يجعل منه صوفيا ولم يكن الإمام الغزالى بهذه الكتب ولا بمطالعته لفلسفة اليونان ودراسته العميقة صوفيا ولكنه تبين أن أخص خواصهم – على حد تعبيره - ما لا يمكن الوصول إليه بالتعليم بل بالذوق والحال وتبدل الصفات
وليس التصوف إذن ثقافة كسبية تتأثر بهذا الاتجاه أو ذاك وإنما هو ذوق ومشاهدة يصل الإنسان إليهما عن طريق الخلوة والرياضة والمجاهدة والاشتياق بتزكية النفس وتهذيب الأخلاق
وتصفية القلب لذكر الله تعالى
وهذا هو جوهر الشعور الصوفى
معبر
أخص خصائص التصوف شعور لا يمكن التعبير عنه فإن الإنسان يصل فيه إلى درجات يضيق عنها نطاق الكتابة فلا يحاول ر أن يعبر عنها إلا اشتمل لفظه على خطأ صريح لا يمكنه الاحتراز عنه والذى لابسته تلك الحالة – على حد تعبير الإمام الغزالي – لا ينبغي أن يزيد على أن يقول
وكان ما كان مما لست أذكره فظن خيراً ولا تسأل عن الخبر المشاهد الصوفية إذن ليست ثقافة كسبية ولا يتأتى الحدث عن مصادرها الخارجية - أيا كانت
هذه المصادر ووضع
المسألة - مسألة مصادر التصوف - إذن موضع البحث والنظر والدراسة إنما هو وضع خطأ لا يفعله ولا يقوم به إلا من لا يفهم التصوف في تذوقه بقليل يسهم
ولا بكثير
ولم
والنتيجة التي نريد أن ننتهى إليها إذن هى أن الاتجاه نحو التصوف والنزوع إليه إنما هو فطرة
واستعداد
أما الذوق الصوفى والشعور الصوفى والمعرفة الصوفية فإنها استمداد من مصدر النور
والهداية
٣٤٢
في نشأة التصوف
إن التصوف باعتباره فكرة وباعتباره حالة نشأ مع نشأة الإنسان والاستدلال على هذا لا يتأتى أن يستند إلى نصوص لأن نشأة الإنسان كانت قبل الكتابة والتسجيل ولكنه من أن الإنسان منذ نشأته يتطلع إلى معرفة الغيب وإلى استشراف عالم ما وراء الطبيعة بل
البديهي
إلى الاتصال بذلك العالم عن طريق الوسيلة الصحيحة لهذا الاتصال وهذه الفكرة على هذا الوضع تقرها الأديان على وجه العموم ذلك أن الأديان تعترف بنبوة آدم وبأن الله قد اجتباه إنها تعترف بصلته بالله وبأن الله قد علمه الأسماء كلها والنبوة أعلى درجة من التصوف إنها تتضمنه وتزيد عليه أن النبوة تتضمن الولاية ولكنها أعلى درجة ومنزلة
منها لأنها اصطفاء من الله إن الله اصطفى آدم ونوحاً
والأديان – على وجه العموم - لا تنتهج نهج التطور بين النشوئيين الذين يرون أن العقل الإنسانى درجات مختلفة وأن تطلعه للمعرفة الإشراقية إنما نشأ متأخراً أي عندما نضج وتهذب والحق أنه ليس هناك دليل واحد على أن العقل درجات تتابعت رقيًّا وإنما كل الأدلة العقل - باعتباره عقلا لا باعتباره معرفة – مكتسبة - هو هو في بني البشر باديهم
ومتحضرهم
تثبت أن
ولو أخذنا طفلا من البدائيين من مجاهل أفريقيا ووضعناه منذ نشأته في أرقى الأوساط الأوربية تحضراً لنشأ نشأة أوربية بحتة وكذلك الأمر لو أخذنا طفلا من أرقى الأوساط الأوربية تحضراً ووضعناه مع البدائيين منذ الميلاد لنشأ نشأة بدائية
العقل الإنساني هو هو منذ أن وُجدت الإنسانية إلى الآن والذي اختلف إنما هو المعارف المكتسبة هي وحدها التي تميز المتحضر عن البدائى والتى تميز رجل القرن العشرين بعد الميلاد عن الإنسان فيما قبل الميلاد
ومما هو جدير بالذكر أن التصوف - في وجوده وتحققه – غير محتاج إلى معارف مكتسبة طبيعية أو كيمياوية أو فلكية أو غير ذلك إنه محتاج إلى أساس من العقيدة الصحيحة والعقيدة الصحيحة وجدت مع الإنسان منذ أن سواه الله ونفخ فيه من روحه
٣٤٣
هذه النفخة الإلهية أو هذا السر الإلهى فى الإنسان أو هذه الروح التي بين جنبيه
أو هذا القلب الذي منحه الله إياه إذا ارتكز على أساس صحيح من الدين ثم جاهد في طريق التزكية والتصفية واتخذ الوسائل التى تؤدى إلى الاتصال بالملأ الأعلى فإنه ينتهى – بتوفيق الله -
إلى ما يريد من هذا الاتصال وإلى ما يطمح إليه من ثمار الاتصال أعنى المعرفة معرفة ما وراء الطبيعة إنها الأمل العذب الذى يراود الكثير من النفوس التي تريد أن تتنزه
عن المادة وأن تسمو على الحس وأن تصبح ربانية
وهذا النمط من الناس موجود فى كل زمان ومكان ولكنه من الطبيعى أنه من الندرة بمكان وجل جناب الحق على أن يكون شرعة لكل وارد أو أن يصل إليه إلا الواحد بعد الواحد على حد تعبير ابن سينا
ومن المعقول أن هذا النمط وجد مع وجود الإنسانية مادام الطموح وحب الاستطلاع والتشوف إلى عالم الغيب فطرة في بعض الطبائع وجد التصوف إذن منذ أن وُجد الإنسان وفيها قبل الحضارة اليونانية كانت المسائل – فيما يتعلق بالمعرفة - تسير سيراً طبيعياً فقد كان هناك ميدان للحس يجول فيه كيفما شاء وهناك ميدان للعقل يبحث فيه كيفما يريد ولكن كان من المعروف فى الحكمة الهندية مثلا والحكمة المصرية القديمة أن عالم ما وراء الطبيعة إنما هو من اختصاص البصيرة وما كان يسمح قط في تلك الحضارات أن تختلط الأمور وأن تتعدى كل أداة من أدوات المعرفة اختصاصها وكانت ميادين المعرفة محددة تحديداً كاملا لا لبس فيه ولا غموض كانت محددة فيما يتعلق بالوسائل وكانت محددة فيما يتعلق بالموضوعات وكان لمعرفة الغيب رجال هيأت لهم فطرتهم وظروفهم أن ينتهجوا سبيله بل حدث في بعض الأحيان أن حدد هؤلاء الرجال من بين طبقة معينة هى الطبقة التي يظن أنها ورثت نوعاً من الشفافية عن أسلافها وطبقة البراهمة عن الهنود طبقة محددة وما كان كل شخص يمكن أن يكون كاهناً عند قدماء
المصريين
ولا تزال هذه الفكرة للآن - فكرة تحديد ميادين المعرفة وتحديد وسائلها – موجودة في الهنود المحافظين على تراثهم القديم أما حينما نشأت الحضارة اليونانية ولم تكن هذه الحضارة مرتكزة على دين صحيح ولم تكن مستقرة على دعائم من النصوص المقدسة الثابتة فإن الأمور بدأت تختلط وبدأت الحدود تزول
٣٤٤
نوعاً ما بين ميادين المعرفة وبدأت بالتالى تضطرب الأمور فيما يتعلق بأدوات المعرفة ذلك فإن هذه الحضارات اليونانية القديمة نفسها - فى بعض صورها - كانت تسير على
ومع
نهج الحضارات الصحيحة هندية كانت أو مصرية
فهذا مثلا فيثاغورث ومدرسته كانوا يسيرون فى المعرفة على أسس صحيحة ولكن وجد بجوار فيثاغورث من انتهجوا النهج العقلى فى معرفة ما وراء الطبيعة وبدأ الأمر يختلط حتى كان أرسطو فذهب بهذا الخلط إلى أقصى مداه واضطرب الأمر بسببه اضطراباً لا يزال العالم يعانى الكثير من آثار انحرافه إلى الآن
إن إدخال العقل فى مسائل ما وراء الطبيعة انحراف يؤرخ بالعصر اليونانى ولكن هذا الانحراف لم يكن خفياً في العصر اليوناني وفيما تلاه من العصور على كثير من ذوى البصائر النافذة الذين اتخذوا من الآثار المقدسة ملجأ وعصمة والذين اتخذوها دثاراً وشعاراً والذين عملوا بها وتشربتها أرواحهم حتى أصبحت وكأنها فطرة فيهم فقادتهم إلى أن يكونوا ربانيين لقد قادتهم إلى الأمل المنشود شهود ما وراء الطبيعة أو شهود التوحيد فانضووا تحت لواء الآية الكريمة شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم
إنهم أولياء الله إنهم الصوفية
هل للتصوف صلة بالدين
في التصوف والدين الإسلامي
الواقع أنه لا يوجد صوفى لا يؤمن بالله واليوم الآخر ذلك لأن التصوف لا يخلو من الغاية وغايته روحية رضا الملأ الأعلى وحب الله والاتصال به والفناء فيه ليصبح عارفاً به سبحانه تلك هى الأغراض التي يسعى إليها أو إلى بعضها الصوفى لذلك لا يتأتى لشخص ليس بمؤمن أن يسعى إليها ذلك أن الإيمان بالله يستلزم الإيمان بكماله والسعى وراء هذا الكمال إذن التصوف مجاهدة ضد النفس والأهواء والشهوات حتى يصل الإنسان إلى الغايات التي وضحناها سابقاً وهذه الغايات تقوده نحو الكمال أو نحو المثل العليا ولكن التخلق بأخلاق الله لا يتأتى إلا عن طريق الوحى المعصوم فلابد إذن من اتباع تعاليم الرسول اتباعاً سليماً
٣٦
الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضى شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة رواه ابن خزيمة في صحيحه ثم قال صح
الخبر
وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال
إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين أما عن ثواب الصيام فيبينه ما روى عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله قال الله عز
وجل
كل عمل بن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إلى صائم إلى صائم وقال والذي نفس محمد بيده الخلوف فم الصائم أطيب من ريح وقال من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه
في جهاد النفس في رمضان
المسك "
على الصائم أن يجاهد نفسه في رمضان بالبعد عن مجالس الهوى والبعد عن كل ما لا يقربه من ربه ولا يحفظ عليه صيامه وعليه أن يُقبل على تلاوة كتاب الله وعلى الإكثار من الاستغفار وذكر الله ومجالسة العلماء والصالحين فى نهاره وأن يشغل ليله بطول القيام الله رب العالمين وأن لا يستجيب لشهوات نفسه من طعام أو شراب لأن القصد من الصوم كسر شهوة النفس وتعويدها الاكتفاء باليسير من الطعام والشراب وما يفعله المسلمون فى هذا الزمان من التفنن في إعداد الطعام والتكلف فيه وإيجاد المرغبات في تناوله مما يضر بصحة الصائم ينافي مشروعيته وعلى الصائم في سلوكه في رمضان أن يتأسى برسول الله له فيصوم نهاره مبتعداً عن كل
ما يغضب الله عز وجل بل وعليه أن يترك المباحات طلباً لترقى المقامات العلية في كل أحواله وأن يجتهد في ليله بطاعة ربه وإيقاظ أهله للقيام فيه وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إن كان من ذوى العلم بذلك وأن يسرع بالخير فيكسب المعدوم ويغيث الملهوف ويتحلى بالفضائل بعد التخلى عن الرذائل ويكون بحق من عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً
6
٣٤٦
كذلك فإننا - نعتقد - ولسنا في ذلك الرأى من المجددين - أن محمداً عما كان أول قدوة
الصوفية الإسلام
بقى الحديث عن التصوف في القرآن وقد كثر الكلام فيه أيضاً ومحط النزاع هو أن القرآن كتاب دنيا وآخرة يدعو إلى هذه وتلك ويقول فى صراحة وإنجاز ولا تنس نصيبك من
الدنيا
أما التصوف فهو توكل وزهد وليس له من هذه الحياة الدنيا قليل ولا كثير والحقيقة أن كلا الرأيين يحتاج إلى تحديد فالقرآن كتاب دين ودنيا ولكنه لا يسوى بين الدنيا والآخرة والصوفى ليس رجل آخرة فقط لأنه يصارع في الحياة صاعداً بها نحو الكمال أجل إن القرآن يدعو إلى ألا ننسى نصيبنا من الدنيا وإلى أن نكون أقوياء وإلى أن السن بالسن والعين بالعين والأنف بالأنف والجروح قصاص وإلى أن الجهاد واجب على كل مسلم وأسس القرآن تشريعاً لكثير من المشاكل الدنيوية كل هذا صحيح
ولكننا لو نظرنا بتأمل لوجدنا أن الحياة الآخرة فى نظر القرآن خـ
خير
وأبقى وأن أكرمكم
عند
الله أتقاكم وأن الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر وأنها لا تساوى عند الله جناح بعوضة ثم هو بعد ذلك يذكر أن عباد الرحمن هم الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً والذين يبيتون لربهم سُجَّداً وقياماً إلى آخر ما في القرآن من آيات ترشد إلى أن الحياة في هذا العالم هي حقاً الحياة الدنيا وأن الآخرة خير وأبقى والجهاد يدعو إليه الإسلام من أجل الآخرة وهو جهاد في سبيل الله وقد رفع الصوفية رايته خفاقة في كل
العصور
أن
يتكفف
أما أن الصوفى رجل آخرة فقط فهذا أيضاً فيه كثير من الوهم أو على الأقل عدم التحديد فهذا الصوفى يتزوج ويدعو هو الآخر إلى أن اليد العليا خير من اليد السفلى وأن المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وأن العيش من كسب حلال طيب خير من الإنسان الناس أعطوه أو منعوه ولكنه مع ذلك يتمذهب بمذهب القرآن وللآخرة خير لك من الأولى فمعنى إيثاره للآخرة إذن إنما هو أن يريد بكل عمل من أعماله وجه الله تعالى وما من شك في أن القرآن الكريم والرسول معه الا الله يطويان جميع المسائل ويضعانها تحت لواء الله سبحانه إنما يصبغان كل عمل من أعمال الإنسان بصبغة الله يريد أن يكون كل عمل إنما
٣٤٧
يراد به وجه الله سبحانه فتكون الأعمال بهذا عبادة وتكون الدنيا ديناً ويكون الإنسان إلهيا
يتخلق بأخلاق الله
في قضية التصوف
إن الذين ينكرون التصوف ليسوا من رجال العصر الحديث فحسب بل إن النزاع بين الفقهاء و الصوفية قديم قدم التصوف نفسه ورجال الظاهر على وجه العموم ينفرون من ه الصوفية ويحاربونهم أينما كانوا حرباً لا هوادة فيها
والحرب قائمة أيضاً بين الصوفية ومن يتخذون العقل مقياساً للآراء ویرون أنه
وحده
الهادى إلى الرشاد ولم يهدأ الصراع قط بين الصوفية وغيرهم - فقهاء كانوا أو عقليين – على مر الزمن فما هي مآخذهم على و التصوف أولا يرى الفقهاء ويشاركهم فى هذا الرأى كثير من الباحثين أن و التصوف دخيل على الإسلام إذ ليس فى الإسلام إلا التقوى والورع ونوع من الزهد يشبه أن يكون عفة أو قناعة ثانياً الأدلة على وجود الله ووحدانيته وقدرته وإرادته موجودة في القرآن الكريم في وضوح لا لبس فيه فإذا ما تركناه وذهبنا نلتمسها في متاهات التصوف فإننا لا تأمن أن نضل في مجاهل الطريق ثالثاً التصوف ليس في متناول الجميع فهو إذن أرستقراطية تتنافى مع روح الإسلام
الديمقراطية
ولأن التصوف ليس في متناول الناس جميعاً فهو إذن تكليف بما لا يطاق والله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها
رابعاً و التصوف ضعف والإسلام قوة والله سبحانه وتعالى يقول وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل والجهاد باب من أبواب الإسلام لا يتلاءم مع صوم النهار وقيام الليل
أما العقليون فإنهم يرون أن الله - سبحانه وتعالى - منحنا العقل لنهتدى به إليه فإذا ما احتقرناه كما يفعل الصوفية فقد احتقرنا أجل نعمة الله لنا ويرى العقليون أن العقل هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى اليقين في محيط ما وراء
٣٤٨
الطبيعة وهم يبرهنون على وجود الله عقليا ويرون فى براهينهم غناة ودقة ويقيناً ووضوحاً
لا لبس فيه
وقد حث الله فى القرآن الكريم على استعمال العقل والآيات التي تخاطب العقل وتدعو إلى استعماله كثيرة متعددة
هذه هي أهم ما يأخذه منكرو التصوف على التصوف و الصوفية وأما ما عداها مما يتهكمون به على الأشكال والطقوس والعادات التي يلصقونها بـ التصوف وليست منه فإنا نضرب عنها صفحاً وذلك أننا نتحدث عن التصوف الحقيقى والصوفية الحقيقيين
تحديد موطن النزاع
ونريد الآن أن نبين - فى إيجاز - بعض ما يراه الصوفية في هذه الاعتراضات لنتبين الحق فى هذا الغموض والاضطراب والخلط الذى يسود قضية التصوف إن الاستدلال على وجود الله لا يحتاج - فى نظر الصوفية - إلى كد الذهن وإعمال الفكر كيف يتأتى أن يخفى الله وأن يكون من الخفاء بحيث نحاول جهدنا أن نتطلب ما يثبت وجوده من أدلة
إن إثبات وجود الله ليس مشكلة في نظر الصوفى وإذن فإنه لا يؤخذ على الصوفى أنه يذهب إلى طرق خفية لينتهى من ورائها إلى الاستدلال على وجود الله إن الصوفية يرون أن مجرد محاولة إثبات وجود الله إنما هى انتقاص من جلاله سبحانه فمتى خفى سبحانه حتى يحتاج إلى دليل على وجوده إنه سبحانه أظهر من كل موجود
ولكن البشرية - شرقية كانت أو غربية ومسلمة كانت أو مسيحية وقديمة كانت أو حديثة – لا تخلو من طائفة كبيرة تتطلب في إلحاح وفى قلق وفى تحمس جارف ما وراء إثبات وجود الله النفس الإنسانية هكذا خلقت فكما منح الله الإنسان عقلا كبيراً وذكاء حاداً ونفساً متطلعة كان ذلك مدعاة له إلى التوغل فى البحث فيما وراء الطبيعة قالوا إن وجود الله ووحدانيته وكونه عالماً مريداً كل هذه مسائل هيئة لو وقفت عندها النفوس لما كانت هناك فلسفة ولما كان علم الكلام ولما كانت الأبحاث النظرية فيما وراء الطبيعة ولما كان التصوف
ولكن النفوس لم تقتصر على ذلك ولا يمكنها الاقتصار على ذلك ولن يتأتى لها - عن
رغبة أو رهبة – أن تقتصر على ذلك
٣٤٩
المشاكل التي يراد حلها كيف خلق الله العالم أخلقه من العدم المطلق فكيف إذن ينتج شيئاً من لا شيء إن شيئاً من لا شيء لا يتصوره العقل بل إنه يحكم باستحالته أم خلقه من مادة كانت
موجودة فالمادة إذن قديمة قدم الله نفسه وهناك إذن قديمان الله والمادة والله لا نهائى الذات ومقتضى هذا أن لا يخرج عن ذاته مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء إنه الأول والآخر والظاهر والباطن وهو كل شيء في كل شيء وبهذه النظرة يخاطب شلى الله سبحانه وتعالى - فيقول
إن أصغر ورقة من أوراق الأشجار التي يلاعبها النسيم ليست بضعة منك جزءاً من أجزائك كلا ولا أحقر دودة تسكن القبور وتسمن من لحوم الموتى أقل مشاركة لك في حياتك السرمدية ويقول إن هذه الروح التي توجد في كل مكان بها يحيى كل موجود وهى
هو ١
على
أحق هذا أم أن ذات الله لا تتضمن أرضاً ولا سماء ولا برا ولا بحراً فهي إذن محدودة لأنها ما عدا هذا الكون ثم إن الله - زيادة على ذلك - لا يمكن أن يوجد في كل مكان والله عالم أهو عالم بما كان أنه كان وبما سيكون وبما هو كائن على أنه كائن أم أنه عالم بما يكون وبما هو كائن على أنه سيكون أم أنه عالم بما هو كائن وبما سيكون على أنه كان أيسيطر الزمن على علم الله أم أن الله فوق الزمن وأنه في حاضر لا يزول ولكن كيف يتأتى لنا حقا أن نفهم أن الله في حاضر لا يزول مع بداهة شعورنا بالماضى والحاضر
والمستقبل
والله عالم كما قلنا أهو عالم بذاته فحسب لأنّ علمه فى شرفه وسموه وكماله إنما يتعلق بما يناسبه من شرف وكمال وسمو وليس ذلك إلا ذاته سبحانه وتعالى أن علم الله يتعلق بذاته وبالكليات ولا شأن له بالجزئيات لأنها تافهة لا قيمة لها والله
منزه عن أن يتعلق علمه بالتافه أم علم الله يتعلق بذاته وبالكليات والجزئيات على الرغم مما في الجزئيات من نقص وتفاهة ومن مناظر تشمئز منها النفس ويعافها النظر والله قادر أهو قادر على كل شيء أقادر هو على
1 عن مبادئ الفلسفة ترجمة الدكتور أحمد أمين
٣٥٠
الجمع بين الضدين مثلا أقادر على أن يجعل الثلاثة أكثر من العشرة والجزء أكبر من الكل أم أن هناك المستحيل بالنسبة إلى قدرة الله
وإذا كان هناك المستحيل بالنسبة إلى قدرته أفيتصف إذن بالكمال أم أن قدرته لا تتعلق
بالمستحيل – كما يقول علماء الكلام معتقدين أنهم بذلك قد حلوا الإشكال
والله مريد
أيريد الخير والشر فلم الحساب والعقاب أو المثوبة إذن وكيف يريد الشر مع أن طبيعته خير محض كيف يريد الشر مع أن إرادة الشر تعتبر نقصاً
وإذا لم يكن يريد الشر فهل يحدث الشر في هذا العالم رغماً عنه أم أنه يحدث وهو عنه
راض وإن لم يكن له مريداً
أيرضي الله عن الشر أم يكرهه
إن رضاءه بالشريتنافى من كماله وإذا كان يكره الشر فكيف يوجد مع كراهيته له أيجب الله أن يُعصى أم أنه يعصى رغماً عنه وصفات الله عامة مطلقة شاملة لا نهائية إنه رحمن رحمة مطلقة لا نهائية ورحمته وسعت كل شيء وهو جبار ذو جبروت لا نهائى ولطيف لا حد
للطفه
فكيف تنسجم
الرحمة المطلقة
الجبروت المطلق مع أن البداهة تقضى بأن تنفى كل صفة مع منهما وجود الأخرى وإنه لمن الرائع حقاً أن نرى ما يريد أن يراه الشاعر إسماعيل صبرى حينما
خاطب الله قائلا
ومر الوجود يشف عنك لكي أرى غضب
اللطيف ورحمة
الجبار
أيمكننا أن نرى حقًّا غضب اللطيف الذى لا نهاية للطفه ورحمة الجبار الذي لا نهاية
الجبروته
والله عفو وعفوه مطلق شامل إذ إن صفاته كلها مطلقة شاملة فهل إسماعيل صبرى محق
إذن حينما يقول
يارب
جهم لم يبق عفوك في السموات العلا
أين تری تقام
للظالمين والأرض شبراً
غداً
وللأشرار خالياً للنار
وكيف يلقى الله بالمعرفة إلى رسله بأى لغة يخاطبهم وكيف ينزل الملك على رسول الله فيراه
ويسمعه فى حين أن من كانوا معه لا يرونه ولا يسمعونه
٣٥١
هی
ومن أين يأتي الملك أمن السماء ولم مع أن الله فى كل مكان إن مشكلة الوحى الأخرى من المشاكل التي استنفدت الكثير من المداد وماذا بعد هذه الحياة أحياة أخرى جسمانية نأكل فيها ونلهو ونلعب ونسرح ونمرح
ونأخذ بذلك ثمن ما أديناه فى حياتنا الدنيا العابرة من عبادة ومن طاعة أم أنها حياة روحانية لا صلة لها بالمادة البتة أم أنها مزيج من الحياة المادية والحياة الروحية تأتلف فيها المادة بالروح ائتلافاً منسجماً متناغماً
إن الذاهبين الأولين لم يعد منهم أحد ليصف لنا الحالة فى دقة دقيقة وفي تحديد محدد والقرآن يتحدث عن نعيم الآخرة وعذابها فيفسر قوم وصفه على أنه حسی وروحاني ويفسر آخرون وصفه على أنه روحاني بحت
وما هدف الله في إيجاد هذا العالم أخلقه ليعبده وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون أم خلقه ليعرف كما قيل كنت كنزاً مخفياً فخلقت الخلق في عرفوني إن كمال الله غنى عن أن يكون فى حاجة إلى طاعة البشر و وأسمى من أن يكون في حاجة إلى يعرف يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد
أن
أخلق الله العالم اعتباطاً أم خلقه لحكمة
إن الله يتنزه عن أن يعمل العمل اعتباطاً افحسبتم أنما خلقناكم عبثاً تعالى الله
علوا كبيراً
عن
ذلك
والحكمة إنما هي تعبير عن الغرض أو الهدف أو الغاية وذلك ينبئ عن الحاجة والله تعالى
منزه عن الحاجة
نعود فنتساءل لم أوجد الله العالم
والشيخ محمد عبده يذكر بعض المشاكل التي أثارت العقل وجعلته ينشط إلى البحث والنظر وبعدها من المتشابه قال رحمه الله في رسالة التوحيد
جاء القرآن يصف الله بصفات وإن كانت أقرب إلى التنزيه مما وصف به في مخاطبات الأجيال السابقة فمن صفات البشر ما يشاركها فى الاسم أو فى الجنس كالقدرة والاختيار والسمع والبصر
وعزا إليه أموراً يوجد ما يشبهها في الإنسان كالاستواء على العرش وكالوجه واليدين ثم أفاض
في الفضاء السابق وفي الاختيار الممنوح للإنسان وجادل الغالبين من أهل المذهبين
٣٥٢
ثم جاء بالوعد والوعيد على الحسنات والسيئات ووكل الأمر في الثواب والعقاب إلى
مشيئة الله وأمثال ذلك
ويقول وما حكاه الله من قصة آدم وعصيانه بالأكل من الشجرة فما خفى فيه سر النهي عن
الأكل والمؤاخذة عليه
الحس ومشاكل ما وراء الطبيعة
علم
هذه المشاكل لم أخترعها اختراعاً ولم أبتدعها ابتداعاً وإنما هي موجودة تصادفك في الفلسفة وتصادفك في الكلام وهى موجودة قديماً حديثاً وهى بعض من كل كيف نصل حقيقة إلى الإجابة عليها ما هو السبيل الصحيح للاطمئنان التام فيما يتعلق بشأنها هل مرد الأمر فيها إلى الحواس والملاحظة والتجربة والعلم الحديث وما فيه من طبيعة وكيمياء أو من فلك وطب اللهم لا
العقل ومشاكل ما وراء الطبيعة
هل مرد ذلك إلى العقل إذن أيكشف العقل حقًّا عن ذلك أيصل العقل إلى كشف مساتير ما وراء الطبيعة واختراق حجب ما وراء المادة والصعود إلى الملأ الأعلى وعقل من أعقلى أنا أنحتكم إلى عقلى وهو - فيما أرى - ناضج وسيحلها دون أن يكون مسيراً يهوى أو بعصبية أيرضى بعقلى حكماً أم نحتكم إلى عقلك أنت أيها القارئ العزيز وهو فيما ترى ناضج
8
وسيحلها دون أن يكون مسيراً بهوى أو بعصبية ولكن إمام الشيعة بحسب نظرهم - معصوم وهم يلجئون إليه فيا ادلهم من الأمور ولن يرضوا بغير حكمه بديلا وهم ملايين عدة أنستلهمهم الرشد في هذه المسائل إن الكاثوليك يرون أن البابا معصوم إنه على الأقل - فيما يرون – معصوم في الأمور الدينية ورأيه هو الفيصل في كل ما يتعلق بمسائل الدين أترضى آراؤه البوذيين أو المسلمين أو اليهود
هل حل هذه المسائل من اختصاص أصحاب القبعات أو من اختصاص أصحاب العمائم أحلها محصور في السوربون أم هو من اختصاص الأزهر إن هذه المسائل شغلت الرءوس على اختلاف أنواعها من ذوات القلانس من قدماء المصريين إلى حملة العمائم إلى لابسى
٣٥٣
القبعات السوداء إلى أرباب الضفائر إلى ألوف تصببت عرقاً من ! ١٠ إلى أى هؤلاء نلجأ
في حلها لقد
تحيرت
البدو
ماذا
تكون وضلت بوادی الظنون الحضر
وقد تقول إنها من اختصاص الفلاسفة ويجب أن نلجأ إذن إلى أهل الاختصاص أنلجأ
إلى عقل أفلاطون أم إلى عقل أرسطو
وهل نلجأ إلى عقل بيكون أو إلى عقل و ديكارت
هل تلجأ إلى عقل فيلسوف حسى أو إلى عقل فيلسوف مثالى أو نلجأ إلى علماء الكلام وأيهم اللنظام وقد كان حاد الذكاء متوقد الذهن صاحب منطق وجدل إن ابن تيمية لا يرضى لنا ذلك وابن تيمية رجل واسع الاطلاع حاد الذكاء متوقد الذهن فهل نتبعه
أو نتبع شخصية من شخصيات العصر الحديث أنتبع و الشيخ محمد عبده أم الشيخ عليش إن كلا منهما رجل فاضل واسع الاطلاع ولكنها لا يكادان يلتقيان في شيء من آرائها سواء في ذلك الوسائل والأهداف فإلى عقل أيهما نحتكم وبعد كل ذلك أليس رأى كانت هو الحكمة كل الحكمة حينما يقول إن العقل الإنسانى مركب تريباً يؤسف له فإنه مع شغفه بالبحث في مسائل لا تدركها حواسنا لم يستطع أن يكشف عن معمياتها أما الإمام الرازي فإنه يقول في عجز العقل
إقدام العقول عقال
وأكثر
ضلال
نهاية سعی العالمين ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
ومن كلامه الحكيم ولقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفى عليلا ولا تروى غليلا ويقول في وصيته التي أملاها على تلميذه إبراهيم بن أبي بكر الأصفهاني ولقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيت فيها فائدة تساوى الفائدة التي وجدتها في القرآن الكريم
والإمام الرازي هذا وهو الذى يقول فيه صاحب وفيات الأعيان فاق أهل زمانه في علم الكلام والمعقولات وعلم الأوائل
۱ من مبادئ الفلسفة ترجمة الدكتور أحمد أمين
٣٥٤
وليس كانت وليس الرازي إلا مثلين من أمثلة عديدة تتلاقى في النهاية مع الشاعر الرقيق إسماعيل صبرى فترجو من الله ما يرجو حينما يلجأ إليه قائلا
يارب أهلنى لفضلك واكفنى شطط العقول وفتنة الأفكار ذلك فهذه المشاكل تقض مضاجع كثيرين من ذوى الإحساس الديني المرهف وتؤرق أعينهم وتشغلهم - مصبحين ممسين ومثلهم فى ذلك مثل إبراهيم عليه السلام إذ قال رب
ومع
أرنى كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي
فما هي الوسيلة التي يروون عن طريقها غلتهم وتشفى صدورهم وتطمئن قلوبهم إن الدين لم يتعرض لهذه المشاكل والحس لا يصل إلى حلها والعقل بموازينه ومقاييسه وقواعده عاجز كل العجز كما رأينا سابقاً عن الوصول إلى حلها وليس أدل على عجزه من التجربة الواضحة لكل ذى عينين أن الفلسفة منذ عهد سقراط تتخبط وتتعثر وتتضارب وتتناقض وتحل وتعقد ولا تصل البتة إلى نتيجة حاسمة في أية مسألة من مسائل ما وراء الطبيعة
الشائكة
وعلم الكلام مختلف مضطرب يحارب بعضه بعضاً بل يكفر رجاله بعضهم بعضاً إلام نتجه إذن
إننا إذا نفضنا أيدينا من الحس فذلك لأننا لم نجد فيه غناء فيما وراء الطبيعة وإذا أعرضنا عن العقل فليس ذلك احتقاراً له لأننا نستعمله معترفين بفضله في ميدانه الخاص به وإنما كان
إعراضنا عنه في ما وراء الطبيعة لأننا لا نريد أن نقحمه في غير دائرة اختصاصه نعود فنقول إلام نتجه إن الأمر ليس بهين وتكشف الطريق الصواب ليس من السهولة
بمكان
البصيرة ومشاكل ما وراء الطبيعة
ولكننا إذا ما لجأنا إلى الله نستلهمه الخير ونستهديه طريق الرشاد وإذا ما توجهنا إلى القرآن نسترشده فيا ادلهم وخفى فماذا نجد نجد أن القرآن الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يرشد في مواطن عدة إلى نوع من المعرفة ليس طريقه الحس وليس طريقه العقل ولا يستمد صراحة من الكتب المقدسة ذلك النوع فى أبسط صوره وأعمها وأشملها هو الرؤيا فالقرآن يحدثنا في سورة يوسف عن عدة رؤى إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين
٣٥٥
ويعتقد والده في رؤياه ويؤمن بها ويسدى إليه النصيحة يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً
عجاف
وحينما سجن العزيز يوسف ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إنى أراني أعصر خمراً وقال الآخر إنى أراني أحمل فوق رأسى خبزاً تأكل الطير منه وذهبا إلى يوسف واستنباه الأمر وطلبا إليه مستعطفين نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين ونبأهما يوسف بتأويل الرؤى ولا تقتصر السورة على ذكر ذلك وقال الملك إنى أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع سنبلات خضر وأخر يابسات يأيها الملأ أفتوني في رؤياى إن كنتم للرؤيا تعبرون وسبع ويفسر يوسف تلك الرؤى فيرى أن نفسه الملك و تكشف لها المستقبل ورأت الغيب المحجوب وعبرت عنه في صورة رمزية ويعبر يوسف الرمز قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتى من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتى من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ولما اجتمع شمل يوسف بأبيه وإخوته وخر له إخوته سجداً ذكر يوسف أباه برؤياه السابقة وقال يأبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جلعها ربي حقاً
والحديث الشريف يذكر أن الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة ليست الرؤيا معرفة حسية وليست معرفة عقلية وليست معرفة مصدرها الكتب المقدسة ولكن قد قرب الله تعالى على خلقه بأن أعطاهم أنموذجاً من خاصية النبوة وهو الرؤيا فى النوم إذ النائم يدرك ما سيكون من الغيب إما صريحاً وإما فى صورة مثال يكشف عنه التعبير وهذا لو لم يجربه الإنسان من نفسه وقيل له إن من الناس من يسقط مغشياً عليه كالميت ويزول عنه إحساسه وسمعه وبصره فيدرك الغيب لأنكر وأقام البرهان على استحالته وقال القوى الحساسة الإدراك فمن لا يدرك الأشياء مع وجودها وحضورها فبألا يدركها مع ركودها أولى وأحق وهذا نوع قياس يكذبه الوجود والمشاهدة ١ والنبوة هى الأخرى ليست معرفة حسية وليست معرفة عقلية إنها ليست تجربة وليست منطقاً ليست استقراء ناقصاً أو تاماً وليست قياساً من الشكل الأول أو الرابع ولكنها
وحى من الله
سبب
والقرآن غاص بهذا النمط من المعرفة الإلهية إنه غاص بذكر الأنبياء والرسل الذين كلمهم الله وحياً أو من وراء حجاب أو بإرسال الرسل إليهم أعنى الملائكة والقرآن يحدثنا أيضاً في
1 الغزالي في المنفذ من الضلال
في رؤية هلال رمضان
تختلف رؤية الهلال من بلد إلى بلد بحسب اختلاف المطالع كما هو مشاهد ومن المعلوم أن رؤية العدل أو العدلين إذا أخذ بها الحاكم تلزم الجميع فى نفس البلد أو القطر وهذا متفق عليه أما أهل البلاد الإسلامية الأخرى فما هو الحكم بالنسبة لهم هل يلتزم كل بلد بما التزم به أهل بلد معين أو لا
يرى كثير من الفقهاء أن الرؤية فى بلد ما من بلاد الإسلام تلزم أهل البلاد الأخرى وأنهم إذا أفطروا فتبين لهم صيام غيرهم في بلد آخر عليهم قضاء اليوم الذي أفطروا فيه وهم يرون ذلك لأن الأمة الإسلامية في الوضع الإسلامى أمة واحدة فأى جزء منها إنما يعتبر ممثلا لها كلها يقول سبحانه إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ويقول سبحانه وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون
ويرى آخرون أن الرؤية لا تلزم أهل البلد الذي وقعت فيه الرؤيا روى مسلم عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام فقال قدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل على رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة فى آخر الشهر فسألني ابن عباس ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته فقلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت أولا تكتفى برؤية معاوية وصيامه فقال لا هكذا أمرنا النبي فظاهر هذا الأثر يقتضى أن لكل بلد رؤيته قرب أو بعد
وما من شك فى أنه من الممكن الاتفاق على توحيد وقت الصيام وعلى موعد العيدين وذلك باتفاق رؤساء البلاد الإسلامية على الأخذ برؤية وبشهادة العدول في أي بلد إسلامي وذلك له وجهة فى الشرع من ناحية النظر ومن ناحية الأثر فإذا فعلت ذلك الأمة الإسلامية تحققت لها الوحدة في مواسمها وأعيادها
٣٥٦
أسلوب قصصي شائق عن العبد الصالح الذى أخذ سيدنا موسى فى البحث عنه جهده حتى وجده وأبدى رغبته فى اصطحابه ومرافقته فقال له العبد الصالح إنك لن تستطيع معى صبرا وألح
موسى
وقبل العبد الصالح - في النهاية - على شروط اشترطها ولم يكن فيها رفيقاً بموسى أو عطوفاً وسارا فأخذ العبد الصالح بأعمال لا تنسجم مع العاطفة ولا مع المنطق ولا مع القانون ولم يكن موسى يحتمل الصبر على ما يرى دون تفسير له وتعليل وكان من أول شروط العبد الصالح عليه ألا يسأله عن شيء ولم يجد موسى إلى الصبر سبيلا ولم يجد العبد الصالح وقد أخل موسى بالشرط - مناصاً من أن يعلنها صريحة واضحة هذا فراق بيني وبينك والقصة كلها حرية بأن تذكر بأسلوب القرآن الطريف الشائق
وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقباً فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله فى البحر سربا فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإنى نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجباً قال ذلك ماكنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً قال له موسى هل أ أتبعك على أن تعلمنى مما علمت رشداً قال إنك لن تستطيع معى صبراً وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً قال ستجدنى إن شاء الله صابراً ولا أعصى لك أمراً قال فإن اتبعتني فلا تسألن عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً قال أمل أقل إنك لن تستطيع معى صبراً قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقنى من أمرى عسراً فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله قال أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكراً قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبراً قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى عذراً فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعها أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجراً قال هذا فراق بينى وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً
أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل
سفينة غصباً
٣٥٧
وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً فأردنا أن يبدلها ربها خيراً منه زكاة وأقرب رحماً
وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك ا ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى ذلك تأويل ما لم تسطع
أن يبلغا أ
أشدهما
عليه صبرا صبراً ۱
هناك إذا طريق للمعرفة غير الحس وغير العقل ما السبيل إليه
في الطريق إلى المعرفة
إن تجارب الصالحين منذ عصور متطاولة دلت على أن تزكية النفس وتطهيرها والالتجاء إلى الله والتقرب إليه كل ذلك يسمو بالإنسان إلى عالم من الروحانية تستشرف فيه النفس إلى الملأ الأعلى فتفيض عليها نفحات وإلهامات ومعرفة لا تتأتى لذوى النفوس المادية الذين شغلوا
بالدنيا عن الدين وبالمادة
عن
الله
طريق البصيرة طريق الصواب
ولكن الكثيرين يشكون فى هذا الطريق - طريق البصيرة الذى سبيله التزكى والتطهر - الموصل إلى المعرفة ويرون أنه أسطورة من الأساطير أو خرافة من الخرافات ويطلبون في إلحاح الاستدلال على أن هذا الطريق صحيح
ويرون أن النبوة والرسالة والعبد الصالح كل هذه أمور خارقة للعادة أرادها الله فكان ما أراد ولكن ليس هناك دليل على أن غيرهم من البشر يستطيعون أن يصلوا إلى معرفة إلهامية فما الدليل إذن على أن التصوف وسيلة من وسائل المعرفة
إلى هؤلاء نقول ما قاله الشيخ عبد الواحد يحيى لأمثالهم من المعترضين قاله في ساحة السربون لأساتذة الجامعة وعلماء باريس حينما دعوه ليحاضرهم في ما وراء الطبيعة سيتساءل قوم أمن الممكن أن نتخطى الطبيعة فنصل إلى ما وراءها إننا لا نتردد في أن
نجيبهم في وضوح واضح ليس ذلك ممكناً فحسب ولكن ذلك واقع موجود
1 سورة الكهف ٦٠
٣٥٨
سيقولون تلك قضية تفتقر إلى برهان
ولكن أي برهان يمكن أن يقدمه الإنسان على وقوع هذا الأمر ووجوده إنه لمن الغريب حقاً أن يطلب البرهان على إمكان نوع من المعرفة بدلا من أن يحاول الإنسان أن يصل إليها بتجربته الشخصية سالكاً إليها ما تتطلبه من سبل
إن الشخص الذي وصل إلى هذه المعرفة لا يعنيه - في قليل أو كثير - ما يثور حولها من جدل
ونقاش
وإنه لمن البين الواضح أن إحلال نظرية المعرفة محل المعرفة نفسها إعلان صريح على
عجز الفلسفة الحديثة
وهذا الرأى نفسه هو ما يراه كثير من كبار المفكرين في كل عصر
إنه رأى الفارابي ورأى ابن سينا ورأى الشيخ محمد عبده يقول الأستاذ الإمام في رسالة التوحيد أما أرباب النفوس العالية والعقول السامية من العرفاء ممن لم تدن مراتبهم من مراتب الأنبياء ولكنهم رضوا أن يكونوا لهم أولياء وعلى شرعهم ودعوتهم أمناء فكثير منهم نال حظه من الإنس بما يقارب تلك الحال حال الاتصال في النوع أو الجنس لهم مشارفة في بعض أحوالهم على شيء من عالم الغيب ولهم مشاهد صحيحة في عالم المثال لا تنكرها عليهم لتحقق حقائقها في الواقع فهم لذلك لا يستبعدون شيئاً مما حدث به الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - ومن ذاق عرف ومن حرم انحرف ودليل صحة ما يتحدثون به وعنه ظهور الأثر الصالح وسلامة أعمالهم مما يخالف شرائع أنبيائهم وطهارة فطرهم مما ينكره العقل الصحيح أو يمجه الذوق السليم وانتفاعهم يباعث من الحق الناطق في سرائرهم المتلألئ فى بصائرهم إلى دعوة من يحف بهم إلى ما فيه خير العامة وترويح قلوب الخاصة
ولا يخلو العالم من متشبهين بهم ولكن ما أسرع ما ينكشف حالهم ويسوء مالهم ومآل من غرروا بهم ولا يكون لهم إلا سوء الأثر في تضليل العقول وفساد الأخلاق وانحطاط شأن القوم الله بلطفه إلا أن يتداركهم بهم فتكون حالهم الخبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ١
الذين رزئوا
۱ رسالة الشيخ محمد عبده في التوحيد ط صبيح ص ٦٩ ٧٠
٣٥٩
التصوف أرستقراطية
مما سبق نتبين أن الصوفية يرون أن الحس وسيلة إلى المعرفة له ميدانه وأن العقل وسيلة إلى المعرفة له ميدانه هو أيضاً
والبصيرة التى سبيلها تزكية النفس - وسيلة إلى المعرفة لها ميدانها ولا صلة التركية النفس بالعاطفة و الصوفية أقل الناس تأثراً بالعواطف على خلاف ما هو مشهور عادة وإذا استعملوا أحياناً كلمة القلب فلا يعنون بها ما يتصل من قرب أو من بعد بالعاطفة
وتركية النفس طريق صعب المرتقى وتركيز الانتباه فى الله وهو المقصود بـ الذكر وعر المسلك ولذلك كان طريق التصوف طريقاً خاصاً لا يمكن سلوكه إلا لطائفة قليلة من الناس وإذا نظرنا إلى الشروط التي يجب توافرها فى السالك علمنا النفوس الجديرة بسلوك هذا الطريق من الندرة بمكان
ومن هنا يعترض خصوم التصوف قائلين التصوف إذن أرستقراطية
وهذا اعتراض لا قيمة له فالتصوف حقًّا أرستقراطية وطبيعة الأمور تأبى ألا يكون أرستقراطية إنه نظام الصفوة المختارة إنه نظام هؤلاء الذين وهيهم ا الله حبا مرهفاً وذكاء وفطرة روحانية وصفاء يكاد يقرب من صفاء الملائكة وطبيعة تكاد تكون مخلوقة من
حاداً
نور
الديمقراطية أسطورة
وإذا كانت الديمقراطية معناها التساوى في كل شيء فهى أسطورة من الأساطير فالتساوى لا يوجد في عالم الطبيعة بحال من الأحوال إنه لا يوجد بين الحيوانات في الغالب ولا يوجد بين بني آدم في المدن أو فى القرى
إن الله لم يسو بين الناس في ألوانهم ولا فى قوتهم الجسمانية ولا في ذكائهم ولا في دهائهم ومكرهم ولا في أرزاقهم وحظوظهم ونظام الطبقات الذي يسود في الهند والذي ننتقده ونشنع عليه إنما هو النظام الواقع فعلا في جميع أقطار الأرض
والروس الذين بلغت الديمقراطية عندهم حد الفوضى فيهم الرئيس والمرءوس والسائد
٣٦١
قال تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً لا يدعو الصوفية إلى أن يكون الناس جميعاً متصوفين و جل جناب الحق عن أن يكون شرعة لكل وارد أو أن يطلع عليه إلا الواحد بعد الواحد إن أهل الحق نادرون وهذه فكرة بديهية لا تحتاج إلى الاستفاضة بيد أن الصوفية إذا كانوا لا يدعون الناس جميعاً إلى التصوف فإنهم يعملون جهدهم للوصول إلى مجتمع أسمى إنهم يريدون أن يسود بين جنبات المجتمع جو من الروحانية والرحمة والمحبة يجعل الناس إخواناً متعاونين متكاتفين
تفاوت الناس في فهم الدين
أما الاعتراض بأنه إذا كان الإسلام الحق هو التصوف فالإسلام إذن دين طائفة محدودة ولا يتيسر لكل إنسان فهو اعتراض لا ينسجم مع النزعة العامة عند الصوفية إن الصوفية لا يكفرون من عداهم إنهم يرون أن طائفة الإنتاج ناجية ونحن جميعاً نعلم أن التحقيق الإسلامي ليس بدرجة واحدة عند - جميع الناس إن إيمان أبي بكر رضوان الله عليه ليس كإيمان غيره والرسول يمثل تفاوت الطبائع في الاسترشاد فيقول إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله تعالى بها الناس فشربوا منها وسقوا ووزعوا وأصاب طائفة أخرى إنما هى قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله تعالى فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به
التصوف قوة
والتصوف قوة ذلك أن نفوس الصوفية هيئة عندهم فى سبيل الله يبذلونها عن رضاً لإعلاء كلمة الله فهم الذين جشموا أنفسهم المشاق لنشر الإسلام بين ربوع إفريقيا وأقطارها التي لم تفتحها الجيوش الإسلامية وقد كان لهم الفضل الأكبر في نشر الإسلام فى أندونيسيا وغيرها من الأقطار النائية وكانوا ينشرونه بالقدوة الطيبة والخلق الكريم أكثر مما ينشرونه بالدعاية التي قد لا تجدى
٣٦٢
وكان الكثير منهم من المرابطين ومعروف أن المرابط هو ذلك الشخص الذي يعيش على الحدود الإسلامية مكرساً حياته لصد غارة الأعداء
والعبادة والروحانية والزهد والورع كل ذلك ليس من مظاهر الضعف وإنما هو قوة يقول ابن سينا عن الصوفى العارف شجاع وكيف لا وهو بمعزل عن تقية الموت التصوف روحانية والروحانية قوة لا يتمارى في ذلك اثنان
أولها
التصوف ليس دخيلا على الإسلام
أما أن و التصوف دخيل على الإسلام فيكفينا في الرد على ذلك أن نذكر ثلاثة آراء للشيخ عبد الواحد يحيى وهو فيلسوف مسلم صوفى والثاني للمستشرق الشهير الأستاذ مسينيون الذي يعتبر أعظم باحث في التصوف بين المستشرقين في العصر الحاضر
والثالث لصاحب كتاب و التبصير في الدين وهو معنى أشد عناية بالرد على كل من يخالف مذهب أهل السنة
ومؤلفه هو الإمام الكامل الفقيه الأصولي المفسر الإسفراييني ويرى الشيخ عبد الواحد أن التصوف يكون جزءاً جوهريا من الدين الإسلامي إذ إن الدين يكون ناقصا بدونه بل يكون ناقصاً من جهته السامية أعنى جهة المركز الأساسى لذلك كانت فروضاً رخيصة تلك التي تذهب بالصوفية إلى أصل أجنبى يونانى أو هندى أو فارسى وهى معارضة بالمصطلحات الصوفية نفسها تلك المصطلحات التي ترتبط باللغة العربية ارتباطاً وثيقاً
وإذا كان هناك من تشابه بين الصوفية وما يماثلها في البيئات الأخرى فتفسير هذا طبيعي لا يحتاج إلى فرض الاستعارة ذلك بأنه ما دامت الحقيقة واحدة فإن كل العقائد السنية تتحد في جوهرها وإن اختلفت فيما تلبسه من صور
ويقول الأستاذ مسينيون وقد بين نيكلسون أن إطلاق الحكم بأن التصوف دخيل في الإسلام غير مقبول
والحق أننا نلاحظ منذ ظهور الإسلام أن الأنظار التي اختص بها و متصوفة و المسلمين نشأت في قلب الجماعة الإسلامية نفسها في أثناء عكوف المسلمين على تلاوة القرآن والحديث وتقرئتها
٣٦٣
وتأثرت بما أصاب هذه الجماعة من أحداث وما حل بالأفراد من نوازل ويذكر صاحب كتاب التبصير في الدين ما يمتاز به أهل السنة عن غيرهم من الخوارج و الروافض و القدرية فيذكر أن سادس ما امتاز به أهل السنة هو علم التصوف والإشارات وما لهم فيها من الدقائق والحقائق لم يكن قط لأحد من أهل البدعة فيه حظ بل كانوا محرومين مما فيه من الراحة والحلاوة والسكينة والطمأنينة
وقد ذكر أبو عبد الرحمن السلمى أنه لم يوجد في جملتهم قط من ينسب إلى شيء من بدع ه القدرية و الروافض و الخوارج
وكيف يتصور فيهم من هؤلاء وكلامهم على التعليم والتفويض والتبريء من النفس والتوحيد
والمشيئة
وأهل البدع ينسبون الفعل والمشيئة والخلق والتقدير إلى أنفسهم وذلك بمعزل عما عليه أهل الحقائق من التسليم والتوحيد
التصوف والعصر الحديث
لقد كان أتباع فولتير في القرن الثامن عشر وأنصار رينان في القرن التاسع عشر يسخرون ممن يتجه إلى دراسة التصوف وكان تأثيرهما من القوة بحيث كان الناس - شرقيين وغربيين – منصرفين عن هذا الميدان مقبلين على العلم الحديث معتقدين أنه سيحل كل مشكلة في الطبيعة وفيما وراءها ولكن الناس معنيون بالدراسة الصوفية فما الذي غير اتجاههم إننا ندع الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد يفسر لنا بأسلوبه الرصين
ما الذي غير اتجاه العقل الإنساني في القرن التاسع عشر الذي غيره هو العلم نفسه لأنه عرف حدوده وكفكف من غروره فهو اليوم يدعى ويتواضع كثيراً في دعواه يدعى أنه يصف
ما يحس ولا يزيد
ولا نريد أن نقول إن العلم أخفق في تعزية الإنسان وتعمير قلبه وضميره كلا بل نريد أكثر من ذلك نريد أنه أخفق في دعواه الوحيدة التى كان خليقاً أن ينجح فيها لأن أصحابه كانوا يسمونه بالعلم و المادى وهو اليوم لا يعلم من المادة إلا أنها حركة مجهولة في فضاء مجهول نعم كل مادة تتركب من ذرات وكل ذرة تنفلق فتصبح شعاعاً وكل شعاع هو حركة في الأثير وما الأثير شيء كلا شيء وليست له حدود ولا أوصاف ولا مقادير يعرفها العلماء
٣٦٤
فالعلم المادى لا يعرف المادة إلا في هذه الحدود ومن الأدب إذن أن يتواضع كثيراً فلا يحتكر المعرفة ولا ينكر على غيره أن يحاولوها حيث استطاعوا وهذا هو الجديد على العلم الحديث إنه لا يعلم كل شيء لأنه مقيد بالحواس وإذا كانت الحواس لا تعلم جميع ا الأشياء فهل يعلمها
الفكر
كلا - أيضاً - لأن الفكر محدود ككل شيء في الإنسان فلابد للمعرفة من وسيلة أخرى من وسائل الحس ووسائل التفكير
لابد لها من البصيرة أو من البديهة أو من الإلهام وذلك هو مجال التصوف أو مجال
الدين فهذه هي المعرفة التي يتعاون عليها الحس والفكر والإلهام اهـ
أما بعد / فأرجو أن يكون الحق قد استبان فيما بين الصوفية وغيرهم من نزاع وإنى لعلى يقين من أن نظرة الإنصاف ستزيل ما فى نفوس خصومهم من حدة فيتلاقى الجميع – في رحاب المودة التي يدعو إليها الصوفية - إخواناً فى الله متحابين
التصوف والتحلل من الشريعة الإسلامية
في كل ميدان من الميادين نجد الأدعياء نجدهم في الميدان الدينى وفى الميدان السياسي وفى الميدان العلمى ونجدهم كذلك في ميدان التصوف وهدف هؤلاء الأدعياء معروف إنه الاستفادة المادية من أقصر الطرق وكما لا يضر الدين ولا يضر العلم أن ينتسب إليه الأدعياء المزيفون فكذلك الأمر فيما يتعلق بالتصوف وكما أن للدين وللعلم حقائق معروفة وسمات معينة وحدوداً من شأنها أن تظهر زيف المزيفين وباطل المبطلين فكذلك الأمر فى الجانب الصوفى نقول هذا بمناسبة ما سمعناه حديثاً عن بدعة ضالة أخذت تتسرب إلى بعض النفوس التي لم
تتعمق في الجانب الديني عموماً ولا فى الجانب الصوفى خصوصاً هذه البدعة ترى أن الشخص الذى وصل إلى مرتبة معينة من المعرفة تسقط عنه التكاليف الشرعية فليس عليه صلاة ولازكاة ولا حج ولا غير ذلك مما يلتزمه المسلمون ومن المؤسف أن تكون هذه الفكرة قد نشأت أول ما نشأت في العصر الحاضر بين رجال درسوا القانون والتشريع يزعمون أنهم وصلوا إلى درجة من المعرفة الصوفية العليا وإلى حد لا تجب عليهم فيه التكاليف
الشرعية
٣٦٥
وإذا بحثت عن مصدر هذه المعرفة التي وصلتهم فسترى عجباً عجاباً ستعلم أن مصدر هذه المعرفة إنما هو الأرواح التي يستحضرونها فتلبس - فيما يزعمون – جسم الوسيط وتتقمصه وتكشف لهم عن الغيب من أزلة إلى أبده ومن بدايته إلى نهايته ومن مشرقه إلى مغربه وقد انتشرت بدعة تحضير الأرواح فى وسطهم يتحدثون عنها مصبحين وممسين حتى لقد أصبحت دينهم الذي لا يدينون بغيره ولا يتلقون الوحى عن سواه وأصبحت كلمة الأرواح عندهم تحل محل القرآن الكريم والسنة المطهرة ومن الغريب أنهم يدعون انتسابهم إلى التصوف ويزعمون أنهم من كبار الصوفية ومن أساطين العارفين ومن عباقرة الملهمين
وقد بلغ الأمر بأحدهم أن زعم فى فترة من الفترات أنه من كبار الأولياء ثم لم يكفه ذلك فزعم أنه رسول ملهم ثم تجاوز ذلك إلى أنه عيسى عليه السلام ثم كان فيما بعد محمداً عثم تخلص من البشرية جملة فزعم لأخصائه أن الألوهية حلت فيه والأرواح التي يستحضرها تؤيده في كل ما يزعم ولا ترى هذه الأرواح - كما لا يرى هو - فى ذاك شذوذاً ولا تناقضاً وصدق الله تعالى إذ يقول فيه وفى أمثاله ممن يتصلون بالجن وينحرفون عن سواء السبيل
وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً ولعلك تتساءل هل بين تحضير الأرواح والتصوف من صلة وجواب رجال التصوف في ذلك حاسم قاطع ليس هناك من صلة بين تحضير الأرواح والتصوف اللهم إلا إذا كانت هناك
صلة بين المتناقضات
إن رجال التصوف يعتبرون تحضير الأرواح عملة زائفة لأنها تعامل مع الجن والشياطين
ويتذكرون في هذه المناسبات قول الله تعالى
هل أنبئكم على من تنزلُ الشياطين تَنَزَّلُ على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم
كاذبون
وقوله تعالى ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون وليس من غرضنا هنا أن نتحدث عن تحضير الأرواح كظاهرة خداعة وليس من غرضنا أن نتحدث عن التهريج والزيف والضلال والانحراف الذي يسود الأوساط التي تعمل على ترويجه وليس من همنا أن نبين نشأتها التاريخية فى العرب بين الأوساط اليهودية التي روجت لها وأنفقت في سبيل نشرها الأموال الطائلة لأغراض وأهداف يعرفها المحيطون بسر انتشار هذه الدعوة و تحضير
الأرواح
۳۸
في اتباع أوامر الحاكم في الصيام والفطر
المسلمون بالنسبة إلى الصوم لرؤية الهلال في بلد غير بلدهم أو فى قبوله من رآه ببلدهم واعتبار شعبان تسعة وعشرين يوماً تابعين لسلطانهم إن قال بالصيام صاموا وإن قال بالفطر أفطروا ويستثنى من ذلك من رأى الهلال بنفسه فيلزمه الصيام لتحقق الرؤية بالنسبة إليه والدليل على ذلك ما رواه مسلم بسنده عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل على رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة فى آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنها ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته فقلت نعم الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين
وراه
أو نراه فقلت أولا تكتفى برؤية معاوية وصيامه فقال لا هكذا أمرنا رسول الله وعلى ذلك فليس بلازم الصيام على رؤية أهل القطر المجاور اللهم إلا إذا قرر ذلك السلطان فإن الصيام يتعين حينئذ أو الفطر إذا قرر الحاكم الفطر وهذا من الإسلام احترام للإمارة وتنظيم لأمور الدولة على أن هذا لا يمنع فى هذا العصر الذي تقدمت فيه وسائل المواصلات وتحول العالم إلى كتل تتجمع لأوهى الأسباب من أن نتقدم برجاء إلى الله نسأله فيه توحيد مواعيد الصيام والفطر فى كل بلاد الإسلام واتفاق الولاة على ذلك
في اختلاف وقت الصيام
يقول الله تعالى في آيات الصيام من سورة البقرة الآية رقم ۱۸۷ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل وينبه الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن وقت الصيام إنما يبدأ من الفجر وينتهى عند غروب الشمس وقد كان ابن أم مكتوم رضى الله عنه يؤذن إعلاناً بطلوع الفجر وبوجوب الإمساك عن الطعام والشراب وقد كان الرسول صلوات الله عليه يقول إذا أقبل الليل من هنا وأدبر النهار من هنا فقد أفطر الصائم وعلى هذا الأساس يختلف وقت الصيام من قطر لآخر باختلاف توقيت الغروب سواء طالت
٣٦٦
إن عرضنا الآن إنما هو بيان موقف الصوفية من مسألة إسقاط التكاليف الشرعية وهي مسألة لم يبتدعها من يزعمون التصوف في العصر الحديث وليس لهم حتى فضل السبق في الباطل إن كان السبق في الباطل له فضل إنها ضلالة قديمة نشأت في أوساط متحللة انتسبت إلى التصوف انتساباً باطلا وحاربها ممثلو التصوف في كل عصر وفى كل بيئة ومما لا شك فيه أن القول الفصل فى كل مشكلة من المشكلات إنما يرجع فيه إلى الذين يمثلون الموضوع الذي تنتسب إليه المشكلة
وإذا رجعنا إلى زعماء التصوف الذين لا يختلف في زعامتهم أثنان نجدهم سواء في ذلك القدماء منهم والمحدثين - ينكرون الفكرة إنكاراً تاماً ويرونها زيفاً وضلالا وانسلاخاً عن
الدين بالكلية
وسنتحدث عن آراء بعض القدماء في هذا الموضوع ثم نفصل نوعاً ما رأى الشيخ
عبد الواحد يحيى وهو زعيم علم من زعماء الصوفية في العصر الحديث قال أبو يزيد البسطامي لأحد جلسائه
ه قم بنا حتى ننظر إلى هذا الرجل الذى قد شهر نفسه بالولاية وكان رجلا مشهوراً بالزهد فمضينا إليه فلما خرج من بيته ودخل المسجد رمى ببصاقة تجاه القبلة فانصرف أبو يزيد ولم يسلم عليه وقال هذا غير مأمون على أدب من آداب رسول الله لا فكيف يكون مأموناً على ما يدعيه
ومن كلام أبي يزيد
ه لو نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى يرقى فى الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة
ويقول سهل التسترى معبراً عن أصول التصوف وأصول طريقنا سبعة التمسك بالكتاب والاقتداء بالسنة وأكل الحلال وكف الأذى وتجنب المعاصى ولزوم التوبة
وأداء الحقوق ويقول الجنيد - سيد هذه الطائفة وإمامهم على حد تعبير القشيري ومن لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به فى هذا الأمر لأن علمنا هذا مقيد بأصول الكتاب والسنة
وقال علمنا هذا مشيد بحديث رسول الله الله وقال الطرق كلها مسدودة على الخلق الاعلى من اقتفى أثر الرسول الله واتبع سنته ولزم طريقته
٣٦٧
حالا
وذكر رجل المعرفة أمام الجنيد وقال
أهل المعرفة بالله يصلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقرب إلى الله عز وجل
فقال الجنيد
إن هذا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال وهو عندى عظيمة والذي يسرق ويزنى أحسن من الذي يقول هذا
فإذا ما وصلنا إلى الإمام الغزالي فإننا نجده يقول في شيء من التفصيل فيه دقة وفيه استدلال غاية في القوة
واعلم أ أن سالك سبيل الله تعالى قليل والمدعى فيه كثير ونحن نعرفك علامة له وذلك أن تكون جميع أفعاله الاختيارية موزونة بميزان الشرع موقوفة على توقيفاته إيراداً وإصداراً وإقداماً وإحجاماً إذ لا يمكن سلوك هذا السبيل إلا بعد التلبس بمكارم الشريعة كلها ولا يصل فيه
إلا من واظب على جملة من النوافل فكيف يصل إليه من أهمل الفرائض فإن قلت فهل تنتهى رتبة السالك إلى الحد الذى ينحط عنه فيه بعض وظائف العبادات ولا يضره بعض المحظورات كما نقل عن بعض المشايخ من التساهل في هذه الأمور وأقول لك اعلم أن ذا عين الغرور وأن المحققين قالوا لو رأيت إنساناً يطير في الهواء ويمشى على الماء وهو يتعاطى أمراً يخالف الشرع فاعلم أنه شيطان وهو الحق
كشفك
فإذا ما انتهينا أخيراً إلى أبي الحسن الشاذلى رضى الله عنه إننا نجده يقول إذا تعارض الكتاب والسنة فتمسك بالكتاب والسنة ودع الكشف وقل لنفسك إن الله تعالى ضمن لى العصمة فى الكتاب والسنة ولم يضمنها في جانب الكشف ولا الإلهام ولا المشاهدة إلا بعد عرضها على الكتاب والسنة
والصوفية يتبعون في كل هذا النصوص القرآنية والسنة النبوية القولية والعملية للرسول علا الله
وهم يعلمون - لا شك - البديهات التاريخية من أن الرسول عمله الا الله مكان المثل الأعلى في أداء الشعائر إلى آخر لحظة من حياته الطاهرة
هذا رأى القدماء وخير ما نختتمه به إنما هو الحديث النبوى الكريم سئل النبي عن قوم تركوا العمل بالدين وأحسنوا الظن فى الله فقال كذبوا لو أحسنوا الظن لأحسنوا
العمل
٣٦٨
رأى المرحوم الشيخ عبد الواحد يحيى
1
يبدو أن كثيراً من الناس يشكون فى ضرورة التزام الشريعة لمن يريد أن يسلك السلوك الصوفي وهذا في الواقع استعداد نفسى لا يوجد إلا في الغرب الحديث
ولا شك فى أن أسباب ذلك متعددة ولا يعنينا هنا البحث في مدى المسئولية التي تقع على عائقي رجال الدين أنفسهم الذين يميلون إلى إنكار كل ما يتجاوز حدود الشريعة في مظهرها الحرفى فليس ذلك جوهر بحثنا هذا بيد أنه من المدهش | أن بعض من يزعمون الانتساب إلى التصوف يقعون فيما وقع فيه رجال الشريعة وإن كان بطريقة عكسية ذلك أنهم ينكرون ضرورة الشريعة أو يهملون العمل بها وقد يكون من المحتمل أن نرى أحد ممثلى الشريعة يجهل التصوف وإن كان جهله لا يبرر إنكاره ولكن ليس من المحتمل وليس من الطبيعى أن يجهل رجل التصوف ميدان الشريعة ولو من
على
جانبها العملى ذلك أن الأكثر وهو التصوف يتضمن الضرورة الأقل وهو الشريعة أن نظرة من يريد أن يسلك السلوك الصوفى إلى الشريعة من حيث عدم أهميتها و على الخصوص أهمية الجانب العملي منها بالنسبة له هذه النظرة تتضمن ولو نظرياً تقليل أهمية الجانب العملي في التصوف نفسه وفى هذا الخطورة كل الخطورة فإنه من المشكوك فيه كثيراً أن يتوفر للشخص الذى عنده هذه الفكرة الاستعداد الصوفى ومن الخير له أن يلتزم الشريعة التزاماً كليا قبل أن يبدأ السلوك فإذا لم يمكنه التزامها فلا خير فيه بالنسبة للجانب الصوفى إن تقليل شأن الشريعة إنما هو مظهر من مظاهر الروح التي لا تبالى بما أنزل الله وعادة تكون الروح الخاضعة لما أنزل الله هو أول خطوة في طريق السالكين وتجاهل الناحية العملية إنما هو سمة من سمات الغرب الحديث على الخصوص ومن يقوم الجو الدنيوى الذى يعيش فيه الغربيون في سبيل فهمهم للجانب العملي من
الطبيعي
أن
الشريعة وممارستهم له بيد أن مقاومتهم لهذا الجو الدنيوى هو بالضبط العلاج لانحرافهم هذا
1 الشيخ عبد الواحد يحى من كبار المفكرين العالمين نشأ في فرنسا كاثوليكيا وانتهى به البحث إلى اعتناق الإسلام والأخذ بالتصوف ومارس التصوف نظرياً وعملياً حتى ليعد من أكبر الحكماء في العصر الحديث وقد توفى بالقاهرة منذ سنوات وترجمت كتبه إلى اللغات الحية وأثره في الغرب كبير إلى درجة أن كثيراً من الجمعيات في أوربا كونت باسمه لتتابع أثره
وتحذو حذوه
وهو في هذه الكلمة يكتب عن تجربة وخبرة وممارسة لا عن وجهة نظره فحسب
٣٦٩
وهو السبيل إلى عودتهم إلى النهج المستقيم أعنى التزام الشريعة قلنا إن الاتجاه النفسي الذي نتحدث عنه هنا إنما هو سمة من سمات الغرب الحديث وفى الواقع لا يمكن أن يوجد هذا الاتجاه في الشرق ذلك أن الروح الدينية الصحيحة لا تزال مسيطرة في بيئاته
ثم إن الشريعة والحقيقة متصلتان اتصالا يجعل منهما مظهرين لشيء واحد أحدهما خارجي والآخر داخلى أو أحدهما ظاهر والآخر باطن لذلك كان ما يوجد في الغرب الآن من جماعات تدعى أنها على النهج الصوفى وهى مع لا ترتكز على أية شريعة إلهية مجرد خداع ومن البديهي أن هذه الجماعات من وجهة النظر
الصوفية الصحيحة ليست على شيء
ولشرح الأشياء بأبسط الطرق نقول
ذلك
إن الإنسان لا يشيد القصر في الهواء إنه لا يشيده على غير أساس وكل فكرة لا ترتكز على
هی
أساس من السنة الصحيحة إنما هي بناء في الهواء إنها بناء على غير أساس والبناء الذي يمكن أن يبقى على الدهر لابد له من أساس مدعم وعلى الأساس يرتكز البناء كله حتى الأجزاء العليا منه والارتكاز على الأساس يستمر حتى بعد انتهاء البناء وعلى هذا النمط تكون النسبة بين الشريعة والتصوف فالشريعة الصحيحة الأساس الذي لابد منه لكل سالك وكالأساس تماماً لا يمكن طرح الشريعة بعد سلوك الطريق بل نقول أكثر من ذلك فإنه كلما سار التصوف فى طريقه واستغرق فيه بدت له ضرورة الشريعة واستنارت معرفته بها وأصبح فهمه لها أكثر عمقاً وأكثر دراية بحقيقتها من هؤلاء الذين درسوها وآمنوا بها دون أن يضربوا بسهم فى الميدان الصوفى ذلك أنهم لا يرون من الشريعة إلا مظهرها الخارجى ولكن الصوفى يعيش فى جوها الروحى ويحياها إذا أمكن هذا التعبير أن هذا الذى لا يعتنق شريعة صحيحة ولا يلتزمها لا يمكن أن يحيا إلا حياة دنيوية بحتة فلا يمكن أن يطلق عليه رجل دين فضلا عن أن يطلق عليه وصف الصوفى على أن الغربيين الذين يجعلون الدين بمعزل عن نشاطهم اليومي كما هو شأن الأكثرية الساحقة منهم لا يمكن أن يتصفوا بأنهم متدينون وإن آمنوا بعيسى وأدوا الشعائر الكنسية وإذا كان لا يقبل من رجل الدين أن يعلن تدينه دون أن يجعل للشريعة السيطرة على قياده فإنه لا يقبل من باب أولى من رجل التصوف أن يزعم انتسابه إلى الصوفية دون أن تسيطر شعائر
على
الدين والتزاماته على حياته
٣٧٠
عند
وهناك بلا شك نوعان من الحياة حياة دينية وحياة دنيوية ومع ذلك فالفرق بينهما إنما هو من جهة ما تصطبغ به فكرة الإنسان عن الأعمال التي يؤديها أريد أن أقول إن الأعمال في نفسها لا توصف بأنها دينية أو دنيوية وإنما يتأتى لها أحد الوصفين بسبب سيطرة الفكرة الدينية القائم بهذه الأعمال أو عدم سيطرتها وقد يكون العمل واحداً في نوعه يؤديه شخصان فيوصف عند أحدهما بأنه ديني وعند الآخر بأنه دنيوى فإن كان القصد الله فالعمل ديني وإن كان القصد شيئاً آخر فالعمل دنيوى والحديث الشريف يوضح هذه الفكرة كل التوضيح إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ١ ومن البديهي أن الحديث في أوله عام بالنسبة لكل الأعمال وأن مسألة الهجرة فيه تطبيق جزئى
القضية عامة
وفى العصور القديمة لم يكن هناك تفرقة بين دين ودنيا بل لم يكن هناك مجرد الفهم أو مجرد التخيل لفكرة الانفصال هذه وإنما نشأت هذه الفكرة حينما تدهورت الإنسانية وانحطت شيئاً فشيئاً وهانحن أولاء قد وصلنا فى هذا التأخر إلى أن الغرب حاليا يصعب عليه كل الصعوبة أن يفهم فكرة ضرورة سيادة الروح الدينية فى مجتمعاته إنه على نهج انفصالي لا يوجد في الحياة
السليمة
وإننا نرى ضرورة التزام الشريعة لكل إنسان ولكننا نؤكد - ونحسن على يقين من الأمر - لهؤلاء الذين يريدون أن يسلكوا الطريق الصوفى بأنهم لن يصلوا إلى أولى مراحل الطريق إذا لم يلتزموا الشريعة التزاماً تاماً
فتوى للإمام الغزالى فى التصوف والتحلل من الشريعة الإسلامية
كتب له بعض الزائفين
ما قوله متع
خاصته من
الله المسلمين ببقائه ومتع الطالبين بمشاهدته ولقائه ومنحه أفضل ما منح أفضل أصفيائه وأوليائه في قلب خصه الحق بأنواع من الطرف والهدايا ومنحه أصنافاً من
الأنوار والعطايا يستمر له ذلك في جميع الأوقات والأحوال متزايدة مع عدم العوائق والآفات
۱ رواه البخاري في صحيحه
۳۷۱
مع كون ظاهره معموراً بأحكام الشرع وأدائه منزهاً عن مآئمة ومخالفاته ويجد في الباطن
مكاشفات وأنواراً عجيبة
ثم إنه انكشف له نوع يعرفه أن المقصود من التكاليف الشرعية والرياضات الدينية هو الفطام
عما سوى الحق كما قيل لـ موسى
فإذا تم الفطام وحصل المقصود بالوصول إلى القربة ودوام الترقى من غير فترة حتى إنه لو اشتغل بوظائف الشرع وظواهره انقطع عن حفظ الباطن وتشوش عليه بالالتفات عن أنواع الواردات الباطنية وإلى مراعاة الظاهر
وهذا الرجل ينزع يده من التكليف الظاهر ولا يقصر فى أحكام الشريعة لكن الاعتقاد الذي كان له فى الظاهر والتكاليف تناقض عما كان فى الابتداء من التعظيم لوقعها عنده ولكنه يباشرها ويواظب عليها عادة لا لأجل الخلق وحفظ نظرهم ومراقبة الله بل صارت إلفاً له وإن نقص اعتقاده فيها فهو يعظمها ما حكمها
إن المقصود من الداعى والدعوة حصول المعرفة والقربة وإذا حصل هذا استغنى عن
الداعي والواسطة كيف معالجتها
فإن قلنا المعرفة لا تنتهى أبداً بل تقبل الزيادة أبداً فلا يستغنى عن الداعى أبداً لا محالة فربما قال الداعى قد بين ما احتيج إلى بيانه وشرح معالم الطريق وذهب فلو احتاج السالك إلى مراجعته في زوائد وإيرادات لم تكن المراجعة في هذه الحالة فيقول ما هو طبيب على فى هذه الحالة لأنه غاب عن إمكان المراجعة فما علاجه نعم فالجواب مسوق حسبما عود من شافى بيانه الجواب وبالله التوفيق ينبغى أن يتحقق المريد هنا أن من ظن أن المقصود من التكاليف والتعيد بالفرائض الفطام عما سوى الله والتجرد له فهو مُصيب فى ظنه إن ذلك مقصود ومخطئ في ظنه أنه كل المقصود ولا مقصود سواه
بل الله تعالى في الفرائض التي استعبد بها الخلق أسرار سوى الفطام تقتصر بضاعة العقل عن
دركها
ومثل هذا الرجل المنخدع بهذا الظن مثل رجل بني له أبوه قصراً على رأس جبل ووضع فيه
۳۷
شجرة من حشيش طيب الرائحة وأكد الوصية على ولده أن لا يخلى هذا القصر عن هذا الحشيش طول عمره
وقال إياك أن تسكن هذا القصر ساعة من ليل أو نهار إلا وهذا الحشيش فيه فزرع الولد حول القصر أنواعاً من الرياحين وطلب فى البر والبحر أوتاداً من العود والعنبر وجمع في قصره جميع ذلك من شجرات كثيرة من الرياحين الطيبة الرائحة
والمسك
فانغمرت رائحة الحشيش لما فاحت هذه الروائح فقال لا شك أن والدى أوصانى بحفظ هذا الحشيش لطيب رائحته والآن قد استغنينا بهذه الرياحين عن رائحته فلا فائدة فيه الآن إلا أن يضيق هذا المكان فرماه من القصر فلما خلا القصر من الحشيش ظهرت من بعض نقب القصر حية هائلة وضربته ضربة هائلة أشرف بها على الهلاك فتنبه حيث لم ينفعه التنبه إلى أن الحشيش كان من خاصيته دفع هذه الحية المهلكة وكان لأبيه بالوصية بالحشيش غرضان
أحدهما انتفاع الولد برائحته وذلك قد أدركه الولد بعقله
والثاني اندفاع الحيات المهلكات برائحته وذلك مما قصر عن دركه بصيرة الولد فاغتر بما عنده من العلم وظن أنه لا سر وراء معلومه ومعقوله كما قال تعالى ذلك مبلغهم من العلم
وقال فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم
والمغرور من اغتر بعقله فظن أن ما هو منتف عن علمه فهو منتف في نفسه ولقد عرف أهل الكمال أن قلب الآدمى كذلك القصر وأنه معشش حيات وعقارب مهلكات وإنما رقيتها
وقيدها بطريق خاصة المكتوبات والمشروعات
بقوله سبحانه إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً وقوله تعالى كتب عليكم الصيام فكما أن الكلمات الملفوظة والمكتوبة في الرقية تؤثر بالخاصة في استخراج الحيات بل فى استسخار الجن والشياطين وبعض الأدعية المنظومة المأثورة تؤثر في استمالة الملائكة إلى السعى فى إجابة الداعى ويقصر العقل عن إدراك كيفيته وخاصيته وإنما يدرك ذلك بقوة النبوة إذا كوشفت السر بها من اللوح المحفوظ فكذلك صورة الصلاة المشتملة على ركوع واحد وسجودين وعدد مخصوص وألفاظ معينة من القرآن متلوة مختلفة المقادير عند طلوع الشمس وعند الزوال تؤثر بالخاصة في تسكين التنين المستكن في قلب الآدمى
۳۷۳
الذي يتشعب منه حيات كبيرة الرءوس بعدد أخلاق الآدمى يلدغه وينهشه في القبر متمكناً من جوهر الروح وذاته أشد إيلاماً من لدغ من القلب أولا ثم يسرى أثره إلى الروح وإليه الإشارة بقوله
يسلط الله على الكافر في قبره تنيناً له تسعة وتسعون رأساً صفته كذا وكذا الحديث ويكثر مثل هذا التنين فى خلق الآدمى ولا يقمعه إلا الفرائض المكتوبة فهي المنجية من وهى أنواع كثيرة بعدد الأخلاق المذمومة
المهلكات
وما يعلم جنود ربك إلا هو
فإذا من التكليف غرضان
أدرك هذا المغرور أحدهما وغفل عن
الآخر
وقد وقع لأبي حنيفة مثل هذا الظن في الفقهيات فقال أوجب الله في أربعين شاة شاة وقصد به إزالة الفقر والشاة آلة فى الإزالة فإذا حصل بمال آخر فقد حصل تمام المقصود فقال الشافعي رضي الله عنه
برمی
صدقت في قولك إن هذا مقصود وركب متن الخطر في حكمك بأنه لا مقصود سواه فيم تأمره إذ يقال له يوم القيامه كان لنا سر فى إشراك غير الفقير مع نفسه وفى جنس ماله كما كان من سبعة أحجار في الحج يؤدى بدلها خمس لآلئ أو خمساً أكبر إذ لم يقبله وإذا جاز أن يتمحص التقييد في الحج وأن يتمحص المعنى المعقول معاملات الخلق فلم أن يجمع المعقول والتقييد جميعاً فى الزكاة فتكون إزالة الفقر والسر غير معقولة وزاد أبو حنيفة على هذا فقال
يستحيل
المقصود من كلمة التكبير الثناء على الله بالكبرياء فلا فرق بينه وبين ترجمته بكل لسان
وبين قوله و الله أعظم فقال الشافعي
وكما علمت أنه لا فرق فى صفات الله بين العظمة والكبرياء مع أنه تعالى يقول العظمة إزارى والكبرياء ردائى و الرداء أشرف من إزار وهل استنبطت مقصود
الخضوع من الركوع وأقمت مقامه السجود لأنه أبلغ منه في الاستكانة
فإن قلت لعل الله سراً فى الركوع خاصة سوى ما فهمناه فلم يستحيل أن يكون له سر فى
٣٧٤
كلمة السلام فلا يقوم مقامه الحديث وكل خطاب للآدمى وإن يكن له سر فى القرآن المعجز لا يقوم مقامه غيره وقد أقام الترجمة مقامه إن يكن له سر فى الفاتحة وقد أقام مقامها سائر القرآن
فإن كان يقول المقصود معانى القرآن وتأثر القلب لا حروفه وأصواته فإنها آلات فهلا قال المقصود من حركة اللسان تأثر القلب فليكف عن القراءة للجلوس مع الله تعالى على هيئة الإجلال والذكر والسؤال بصورة الصلاة
وجميع ما ذكر أبو حنيفة بطلان مظنون غير مقطوع
أما
إقامة القراءة بالقلب مع ترك اللسان وملازمة الذكر مع ترك الركوع والسجود وصورة الصلاة فمقطوع ببطلانها بالإجماع وهذا ما انجر به ذلك الخيال الضعيف إلى خرق الإجماع ومخالفة
الشرع القاطع فإذا كان المبتدئ فى المعرفة يجرد عن التصور ويطرح الصور فيطفئ نور معرفته نور ورعه فيثور عليه التنين في قبره فيتعجب منه ويبدو له من الله ما لم يكن يحتسب فإذا أصابته ضربة التنين قال ما هذا فيقال إنما كان ترياق هذا التنين صور الفرائض المكتوبة وإليه الإشارة بما يروى ه أن الميت يوضع في قبره فتأتيه ملائكة العذاب من جهة و فيدفعها القرآن فتأتيه من جهة رجليه فيدفعها الحج الحديث
فإن أصر هذا المغرور على جهالته وقال من بلغ رتبة الكمال كما بلغت أمن هذا التنين وطهر باطنه عنه فيقال له إنك مغرور في أمنك
فلا يأمن من مكر الله إلا القوم الخاسرون
فيم تأمن أن يكون التنين ساكناً مستكنا في صميم الفؤاد استكنان الجمر تحت الرماد أو استكنان النار فى الرماد وإن مات فيعود حيا فإن منبته ومنبعه هذا القلب هو مظنة الشهوات والصفات البشرية وقلع الحشيش لا يؤمن عوده مرة أخرى بأن يتجدد نباته مهما كانت الأرض معرضة لانسياب الماء إليها من منابعها فكذلك القلب مادام مصبا لواردات المحسات والشهوات لم يؤمن فيه عود النبات بعد الانقطاع والانبتات
وننبه على هذه المعرفة بالتأمل في ثلاثة أمور الأول بداية حال إبليس وأنه كيف وصف بأنه كان معلم الملائكة ثم سقط عن درجة الكمال بمخالفة أمر واحد اغتراراً بما عنده من العلم وغفلة عن أسرار الله في الاستعباد ولم يسقط عن
٣٧٥
درجته إلا بكياسته وفطنته وتمسكه بمعقوله في كونه خيراً من آدم عليه السلام فننبه الخلق بهذا الرمز على أن البلاهة أدنى إلى الخلاص من فطانة بتراء وكياسة ناقصة الثاني حال آدم عليه السلام وأنه لم يخرج من الجنة إلا بركوبه نهياً واحداً ليعلم أن في ركوب النهى إبطال اعتقاد الكمال لخالقه الأمر الثالث حال رسول الله الا الله فإن هذا المغرور لعله يقول إنه تسلم رتبة الكمال ثم إنه لم يزل يلازم الحدود ويواظب على المكتوبات إلى آخر أنفاسه بل يزيد في فرائضه وأوجب عليه التهجد ولم يوجب على غيره وقيل له يأيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه
قليلا
وإنما وجبت عليه هذه الزيادة لأن الخزانة كلما ازداد جوهرها نفاسة وشرفاً ينبغي أن يزداد حصنها إحكاماً وعلوا فلذلك قيل في تعليل إنجاب التهجد إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً وأقوم قيلا فتبين له أن هذه الصلوات هي حصن الكمال فلا يبقى إلا به ولعل المغرور المعتوه يقول إنه كان يواظب عليها إشفاقاً على الخلق لأجل الاقتداء لا لحاجته إليها في حفظ الكمال
فيقال له فلِمَ زاد عليه فى التهجد وجوبا هلا قال إن مبلغ درجة النبوة يستغنى عما يحتاج إليه غيره ولو قال لقبل منه كما قبل منه أنه أحل له تسعة من النساء بل ما شاء فإنه بقوة النبوة يقوى على العدل كثرة النساء كما قبل من المدرس أن يأمر تلامذته بالتكرار والتسهد ليلا وهو مع
ينام ويقول إنى بلغت درجة استغنيت بها من ذلك وليس يترك أحد تكراره بهذه الشبهة ولعل هذا إذا اختاره ضحك الشيطان وسخر منه وقال له أنت أكمل من النبي والصديق وكل من واظب على الفرائض وعند هذا يقطع الطمع من صلاحه فهو ممن قيل فيهم وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذن أبداً
أما ذكره من أنه لو اشتغل بالتكاليف لشغله عن القربة التي نالها والكمال الذي بلغه فهو كذب صريح ومحال فاحش قبيح لأن التكاليف قسمان أمر ونهى
فأما المنهيات مثل الزنى والسرقة والقتل والضرب والنميمة فترك ذلك كيف يشغل عن الكمال وكيف يحجب عن القربة والكمال كيف يكون موقوفاً
على ركوب هذه القاذورات
٣٧٦
وأما المأمورات فكالزكاة والصوم والصلاة
فكيف تحجبه الزكاة ولو أنفق ماله فقد دفع السوء عن نفسه جميع ولو صام جميع دهره فهل يفوته بذلك إلا سلطنة الشهوة فما الذي يفوت من الكمال بترك
الأكل ضحوة النهار في شهر واحد هو رمضان
وأما الصلاة فتقسم إلى
أفعال وأذكار وأفعالها قيام وركوع وسجود
ولا شك في أنه لا يخرج من القربة بالأفعال المعتادة فإن لم يصل فيكون إما قائماً أو مضطجعاً
وغير المعتاد هو السجود والركوع وكيف يحجب عن القربة ما هو سبب القربة قال الله تعالى لنبيه واسجد واقترب
ومن عشق ملكاً ذا جمال فإذا وضع وجهه على التراب بين يديه استكانة له وجد في قلبه
روحاً وراحة وقرباً
ولذلك قال الله
جعلت قرة عيني في الصلاة فاستدامة حال القربة واستزادتها في السجود أيسر منه في الاضطجاع والقعود
ومها ألقى فى قلبه أن السجود سبب حرمانه عن القرب كان ذلك أنموذجاً من حال إبليس حيث ألقى فى نفسه أن السجود بحكم الأمر سبب زوال قربته وكماله فكل ولى سقط من درجة القربة إلى درجة اللعنة فسببه ترك السجود ومقتداه وإمامه إبليس وكل ولى أسعد بالترقى إلى درجات القرب قيل له
واسجد واقترب ومقتداه وإمامه الرسول
ولا ينبغي أن يتوهم الولى الخالص أنه بعيد عن خداع إبليس ما دام في هذه الحياة بل لا ينجو عنه الأنبياء غير أنهم محفوظون كما قال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يُحكم الله آياته والله عليم حكيم وأما أركان الصلاة فتكبير وفاتحة وركوع وسجود وتشهد لا فريضة إلا هذا فما وجه الضرر
في قوله
الله أكبر وفى الحمد لله والالتجاء إليه واستعانته وطلب الهداية إلى الصراط المستقيم وهذا مضمون الفاتحة
۳۷۷
مع
وكل ذلك مناجاة الله تعالى وإن صح ما يقوله مثلا وفى كل يوم آلاف الأنفاس فليصرف هذه الأنفاس المعدودة إلى الذكر والسجود ولينقص هذه اللحظات من درجات كماله ليأمن بهذه المكتوبات عن ضرر التنين الذي لا يعتد بشر سواه ويتخلص من خطر الخطأ فى هذا الاعتقاد ولا شك في أن الخطأ ممكن فيه إن لم يكن مقطوعاً به وإن قال إن عزوف القلب إلى حفظ ترتيب الأفعال والأذكار هو الذى يشغلنى عن درجة القرب فهو دعوى محال لأن الهدى لا يحتاج إلى تكلف الحفظ بل المشتهر غيره إذا حفظ شيئاً يناسب حاله لم يعتبر اليقين به حفظ طريقه وإلحاحه بل يجد من نفسه في ذلك هزة ونشاطاً فكيف لا تكون قرة عين العبد فى مناجاة محبوبه وخدمته التي رسمها وارتضاها له
مع
معنى ارتفاع التكاليف عن الولى
معنى ارتفاع التكليف عن الولى أن العبادة تصير قرة عينه وغذاء روحه بحيث لا يصبر عنه فلا يكون عليه كلفة فيه ١ وهو كالصى يكلف حضور المكتب ويحمل على ذلك قهراً فإذا اكتمل بالعلم صار ذلك ألذ الأشياء عنده ولم يصبر عنه فلم يكن فيه كلفة وتكليف الجائع ليتناول الطعام اللذيذ محال لأنه يأكله بشهوة ويلتذ به فأي معنى لتكليفه إذن تكليف الولى محال والتكليف مرتفع عن الولى بهذا المعنى لا بمعنى أنه لا يصوم ولا يصلى ويشرب ويزنى
وكما يستحيل تكليف العاشق النظر إلى معشوقه وتقبيل قدميه والتواضع له لأن ذلك منتهى شهوته ولذته فكذلك غذاء روح الولى فى ملازمة ذكره وامتثال أمره والتواضع له بقلبه لا يمكنه إشراك القالب مع القلب في الخضوع إلا بصورة السجود فيكون ذلك كمالا للذة حتى يشترك فى الالتذاذ قلبه وقالبه كما قيل ألا فاسقني خمرا وقل لى هی أي ليدرك سمعى لذة اسمه كما أدرك ذوقى طعمه بل تنتهى لذة الولى من القيام لربه قانتاً
الخضوع والتعظيم
"
الخمر
مناجياً إلى أن لا يدرك الورم فى القدم فيقال له ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول أفلا أكون عبداً شكوراً
۱ وفى ذلك يقول لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به
۳۷۸
هل يسقط وقع العبادة من القلب بتكلف المواظبة عليها
أما قولك إنه إذا تكلف المواظبة على العبادات المشروعة وقد تغير اعتقاده فيها وسقط وقعها من قلبه فهل ينفعه ذلك فاعلم أنه لو لم يعتقد أنه لا فرق في وجودها وعدمها في حفظ درجة الكمال والقرب أو دفع مهلكات الباطل وجوز أن يكون الله تعالى سرفيها ليس يطلع عليه
هو فعبادته صحيحة
وإن اعتقد أنه لا فرق بين وجودها وعدمها وأنه لا يتصور أن يكون تحت خاصيته سر هو لا يطلع عليه فعبادته باطلة
بل إيمان بالإلهية والنبوة تخيل باطل فإنه إذا لم يُجوز فى كمال قدرة الله تعالى سرا بعينه من الأسرار وخاصية من الخواص فى الأعمال والأذكار فليس مؤمناً بكمال القدرة ويرى القدرة مقصورة على قدرة عقله وهو كفر صريح
وإن جوز ذلك وإن لم يكن اعتقد أنه لم يكلف به فهو كافر بالنبوة جاهل بما علم بالضرورة من الشريعة فإنه اللهم بلغ قوله تعالى
إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً
وفهم الصحابة وأهل الإجماع وجوب الصلاة على العموم من غير استثناء فإن شك في إيجاب الرسول فليتأمل القرآن والأخبار
وإن شك في قدرة الله تعالى على نفسه فى الأعمال والأذكار تكون الفريضة لأجله كالحصن له وجه الكمال وكالحراسة عليه من المهلكات الباطنة فليرجع إلى نفسه وليطالبها أنها عرفت استحالة ذلك بضرورة العقل أو نظره وأنه كيف يعتقد ذلك ويرى في عجائب صنع الله تعالى ما هو فرع
منه
حتى إن هذا الشكل المشتمل كل ضلع منه على خمسة عشر عدداً من حساب الجمل إذا أثبت رقومه على خزف لم يصبه الم بشرط مخصوص
۹
0
۸
د
ح
ط
J
ز
,
۳۷۹
ولو أعطى المرأة التي تعذرت عليها الولادة عند الطلق سهلت عليها الولادة وعرف ذلك بالتجربة وأنه يؤثر بخاصية تقتصر عقول الأولين والآخرين عن إدراك وجه مناسبته ويكثر مثل هذا في عجائب الخواص فمن أين يستحيل أن يكون لنظم الكلمات الإلهية في الفاتحة مع الجمع بين أعمال جميع الملائكة من القيام والركوع والسجود والقعود خاصية في النجاة الأخروية أو في حفظ درجة الكمال والقرب أو دفع المهلكات الباطنة التي تلدغ في القلب لدعاً أشد من لدغ الحيات والعقارب أو مؤثرة في سعادة الآدمي بوجه آخر من الوجوه يقصر العقل عن إدراكه فمن لم يؤمن بإمكان هذا فهو عديم العقل والإيمان جميعاً
وذلك أننا
في وحدة الوجود
۱ - نريد أن نبدأ مباشرة بملاحظة تزيل - بصورة غير متوقعة - حدة المناقشة في هذا الموضوع بصدد وحدة الوجود ولسنا بصدد وحدة الموجود والموجود متعدد سماء وأرض جبال وبحار أشجار وأناسى إلخ وهو مختلف صلابة وهشاشة لوناً ورائحة وطعماً متفاوت ثقلا وخفة إلخ ولم يقل أحد من الصوفيين الحقيقيين - منهم ابن عربى والحلاج - بوحدة الوجود وماكان المؤمن ولا يتأتى لمؤمن أن يقول بوحدة الوجود وما كان للصوفية وهم الذروة من المؤمنين أن يقولوا – وحا شاهم –
بوحدة الوجود وقد تتساءل من أين إذن أتت الفكرة الخاطئة التي يعتقدها كثير من الناس من أن الصوفية يقولون بوحدة الوجود
وتفسير ذلك لاعسر فيه إن فريقاً من الفلاسفة في الأزمنة القديمة وفي الأزمنة الحديثة
يقولون بوحدة الوجود يعنى أن الله سبحانه وتعالى هو والمخلوقات شيء واحد قال بذلك هو إقليطس فى العهد اليونانى والله عنده نهار وليل صيف وشتاء وفرة وقلة جامد وسائل إنه - على حد تعبيره - كالنار المعطرة تسمى باسم العطر الذي يفوح منها تقدس سبحانه وتنزه عما يقول
والله سبحانه وتعالى - في رأى شلى فى العصور الحديثة - هو هذه البسمة الجميلة على شفتي طفل جميل باسم وهو هذه النسائم العليلة التي تنعشنا ساعة الأصيل وهو هذه الإشراقة المتألقة
٣٨٠
بالنجم الهادي في ظلمات الليل وهو هذه الورود اليانعة تتفتح وكأنها ابتسامات شفاه جميلة إنه الجمال أينما وجد ولكنه أيضاً - سبحانه وتعالى - القبح أينما كان وكما يكون طفلا فيه نضرة وفيه وسامة يكون جثة ميت ويكون دودة تتغذى من جسد ميت ويكون قبراً يضم بين جدرانه هذه الجثة وهذا الدود أستغفرك ربى وأتوب إليك ولوحدة الوجود بمعنى وحدة الموجود أنصار في كل زمان ولما قال الصوفية بالوجود الواحد شرح خصومهم الوجود الواحد بالفكرة الفلسفية عن وحدة الوجود بمعنى وحدة الموجود وفرق كبير بينهما ولكن الخصومة كثيراً ما ترضى عن الترييف وعن الكذب فى سبيل الوصول إلى هدم الخصم والغاية تبرر الوسيلة كما يقولون وشيء آخر فى غاية الأهمية كان له أثر كبير فى الخطأ في فهم فكرة الصوفية عن الوجود الواحد وهو أن الإمام الأشعرى - رضي الله عنه - رأى في فلسفته الكلامية أن الوجود هو عين الموجود ولم يوافقه الصوفية على هذه الفكرة الفلسفية ولم يوافقه الكثير من مفكري الإسلام وفلاسفته على رأيه وهو رأى فلسفى يخطئ فيه أبو الحسن الأشعرى أو يصيب وما مثله في آرائه الفلسفية إلا مثل غيره فى هذا الميدان يخطئ تارة ويصيب أخرى ورأى مخالفوه بأن الوجود غير الموجود وأنه ما به يكون وجود الموجود ولما قال الصوفية بالوجود الواحد شرح خصومهم فكرتهم فى ضوء رأى الأشعرى دون أن يراعوا مذهبهم ولا رأيهم ففسروا قولهم بالوجود الواحد على أنه قول بالموجود الواحد
وهذا التفسير بهذه الطريقة يسحب الثقة فى آراء هؤلاء الخصوم وأمر ثالث يجب ألا نعيره أدنى التفات لأنه أتفه - فى منطق البحث - من أن نعيره التفاتاً وهو هذه الكلمات التي تناثرت هنا وهناك مخترعة ملفقة مزيفة ضالة فى معناها تافهة فى قيمتها الفلسفية غريبة على الجو الإسلامي تنادی بصورتها ومعناها إنها اخترعت تضليلا وافتياتاً
إنها هذه الكلمات التي يعزونها إلى الحلاج رضوان الله عليه أو إلى غيره لا توجد في كتاب من كتبه ولم يخطها قلمه لقد اخترعوها اختراعاً ثم وضعوها أساساً تدور عليه أحكامهم
بالكفر والضلال
ويكفى أن يتشبث بها إنسان فيكون فى منطق البحث غير أهل للثقة
٢ - الوجود الواحد وهل فى الوجود الواحد من شك إنه وجود الله المستغنى بذاته عن غيره وهو الوجود الحق الذى أعطى ومنح الوجود لكل كائن وليس لكائن غيره سبحانه الوجود من نفسه إنه سبحانه الخالق وهو البارئ وهو المصور هو الذي يصوركم في الأرحام
كيف يشاء
ومن بعض معانى هذا التصوير قوله تعالى
٣٨١
ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين وصلة الله بالإنسان إذن هى أنه سبحانه يمنحه الوجود الذي يريده له في كل لحظة من
اللحظات المتتابعة فتشكل حياته في كل لحظة بصورة أمده الله سبحانه وتعالى بها وصلة الله بكل كائن إنما هي على هذا النمط إنه سبحانه مثلا يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما أحد من بعده إنه يمسكهما وجوداً ويمسكهما تدبيراً من ويمسكهما تماسكاً وتناسقاً إنه يمسك فيهما الكيف والكم وإذا ما سحب إمداده عنهما تلاشتا كماً وكيفاً إن الله سبحانه وتعالى محيط بالكون مهيمن عليه قيوم السموات والأرض قائم على كل نفس بما كسبت وقائم على كل ذرة من كل خلية وقائم على كل ما هو أصغر من ذلك وما هو أكثر بحيث لا يعزب عن هيبته عن قيوميته مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء هذه القيومية أخذ القرآن والسنة يتحدثان عنها فى استفاضة مستفيضة ليهز الإنسان هزة عنيفة تجعله لا يخلد إلى الأرض ولا يتبع هواه وإنما يرتفع ببصره ويستشرف بكيانه إلى الملأ الأعلى مستخلصاً نفسه من عبودية المادة ليوحد الله سبحانه وتعالى فى عبودية خالصة له وفى إخلاص لا يشوبه شرك من هوى أو شرك من سيطرة المادة أو الغرائز - ونريد الآن أن نصور بعض مواقف القرآن فى هذا الصدد إن الله سبحانه وتعالى يوجه
نظرنا في سورة الواقعة إلى مسائل نحن عنها في العادة غافلون أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نجن الخالقون أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون أفرأيتم الماء الذى تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون أفرأيتم النار التى تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون
وعلى العكس من ذلك لو شاء الله لما خلق هذا الفرد والجعل الزرع حطاماً ولما أنزل الماء من المزن ولما أنشأ شجرة النار إنه سبحانه بيده الأمر سلباً وإيجاباً وبيده أمر الخلق إيجاداً وإعداما أرأيت هذه الرمية التى ترميها إنك ما رميت إذ رميت ولكن الله أرأيت الانتصار في الجهاد إن هذا الانتصار من عند الله أما القتلى فلم تقتلوهم ولكن
رمی
الله قتلهم
۳۸
ورزق الإنسان هذا وطعامه
فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقًّا فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلا وحدائق غلباً وفاكهة وأبا متاعاً لكم ولأنعامكم - هذه الهيمنة وهذه القيومية يمر بها قوم فلا يعيرونها التفاتاً إنهم يمرون بها مرور الحيوانات بما لا تدرك ولا تعقل إن الله سبحانه وتعالى لا يحتل من شعورهم درجة أيا كانت وهمهم كل همهم مصبحين ممسين إنما هو ملء البطن أوكتر الذهب والفضة أو النزاع على جاه أو العمل لتثبيت سلطان إنهم يمرون بآيات الله فلا يشهدونها وتحيط بهم آثاره فلا ينظرون إليها وتغمرهم نعماؤه وآلاؤه فلا يوجههم ذلك إلى الحمد ولا إلى الشكر إن الله سبحانه وتعالى لا يحتل في قلوبهم ولا في تفكيرهم ولا فى بيتهم ولا في حياتهم قليلا ولا كثيراً والطرف الآخر المقابل لهذا هو هؤلاء الذين انغمسوا حقًّا في محيط الإلهية سبحوا في بحارها واستنشقوا نسائمها الندية وغمرهم لألاؤها وضياؤها لقد بدءوا بحمد الله وشكره على نعمائه وآلائه التي تحيط بهم من جميع أقطارهم فزادهم الله نعماً وآلاء لئن شكرتم
لأزيدنكم
لقد اتقوا الله حق تقاته فعلمهم الله لقد اكتفوا بالله هادياً ونصيراً فهداهم الله إلى صراطه المستقيم ونصرهم على أنفسهم وعلى أعدائهم وأخذوا شيئاً فشيئاً يحاولون تحقيق التوحيد قولا وعقيدة وتذوقاً وتحققاً وأخذوا يرون في أشهد أن الا إله إلا الله معانى لا يتطلع إليها غيرهم
وبدأ معنى الشرك يتضح لهم في صورة لا تخطر على بال اللاهين الذين سبب شقائهم أموالهم وأهلوهم وبدء وا يحطمون الشرك يحطمون أصنامه وأوثانه من النفس والهوى والشيطان ومن الغرائز الحيوانية والغرائز الإنسانية وانهار الشرك حتى همسات الفؤاد لقد انهار الشرك الواضح وانهار الشرك الخفى وثبت فى أذواقهم واستقر في أحوالهم ومقاماتهم أن لا إله إلا الله وأنه أينما تولوا فثم وجه الله وأينما كانوا فالله معهم وهو أقرب إليهم من حبل الوريد وهو أقرب إليهم من جلسائهم ومعاشيرهم إنه يغمر كيانهم فلا يرون غيره سبحانه لا يرون غيره قيوم السموات والأرض ولا يرون غيره مالكاً للملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن
يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء
لقد أصبحوا ربانيين وأصبح الله فى بصرهم وسمعهم وجوارحهم وفى قلبهم من قبل ذلك ومن بعده يشغله كله فلا يدع فيه مكاناً للأغيار
۳۸۳
01
وأخذ هؤلاء الصوفية يوجهون أفراد هذا القطيع من البشر إلى الله تعالى أخذوا في
محاولة جاهدة مستمرة لا نتزاع الإنسان من الإخلاد إلى المادة ليتطلع إلى السماء لقد حاولوا أن يواجهوا نظر الناس إلى الله عن طريق آلائه التي تغمرهم وعن طريق صنعه
وقد أحسن كل شيء خلقه سبحانه أخذوا يوجهون نظر الناس إلى الله تعالى في الزهرة تتفتح وفى الزرع ينبت متجهاً إلى السماء وفى الشمس تشرق وفى القمر يتألق وفى مواقع النجوم ومداراتها وفى كل هذا الإبداع السارى فى الكون يشرحون معنى تلك الآيات الكريمة تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور الذى خلق سبع سموات طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو
حسير
وكان تعبيراتهم تعبيرات متذوقين وليست التعبيرات الجافة لعلماء الكلام أو الفلاسفة – وهم في تعبيراتهم - يشرحون أن الله سبحانه وتعالى الممد الوجود لكل موجود إنه تمد القائم بالقيام
ويمد الماشي بالمشى والمتحرك بالحركة
إنه – على حد تعبير أهل السنة والأشاعرة - الذى يقطع وليست السكين هي التي تقطع وهو الذي يحرق وليست النار هي التي تحرق وهو الذي حينما يريد يقول للنار كونى برداً وسلاماً فتكون برداً وسلاماً
ومهما عبر الصوفية في هذا الميدان عن الوجود الواحد فقالوا في ذلك وزعم الناس أنهم أسرفوا واشتطوا فإنهم لن يبلغوا المدى الذى بلغته تلك الآية الكريمة التي تمثل في روعة رائعة الهيمنة المهيمنة والاستغراق القاهر والجلال الشامل والتي لا تعنى وحدة متحدة ولا اتحاداً متطابقاً بين الخالق والمخلوق أو العابد والمعبود والآية هي
هو الأول والآخر والظاهر والباطن
والآيات القرآنية التي ذكرناها إنما هدفها أن تدفعنا دفعاً إلى الشعور بقيومية الله سبحانه وتعالى مهيمنة وهيمنته مسيطرة وإلى الشعور بتوجيهه سبحانه وتعالى للإنسان أن يفر إلى الله في كل أمر من أموره وأن يسمو بنفسه حتى يتحقق بأن لا إله إلا الله
K
وما فعل الصوفية أكثر من ذلك إنهم مهتدون بهدى القرآن والسنة يريدون للإنسان أن يكون ربانيا فإذا ما استمر الكثير من الناس يخلدون إلى الأرض وينظرون دائما إلى أسفل فليس ذلك ذنب الصوفية فقد أدوا واجبهم نحو التوجيه إلى الله
خير
أداء
٣٨٤
أما إذا لم يكتف بعض الأفراد بالإخلاد إلى الأرض وبالنظر إلى أسفل وإنما أخذوا يهاجمون من يدعوهم للتطلع إلى السماء ويوجههم إلى الله تعالى فهؤلاء إنما يحاربون الله ورسوله وجزاؤهم
معروف
٦- وقد تتساءل فيم إذن حوكم الحلاج وقضى عليه بالقتل إن أمر هذه القضية قضية الحلاج معروف سرها ولم يكن خافياً في يوم من الأيام
لقد كان الحلاج قوة جارفة كان مركزاً للجاذبية لا يضارع يلتف حوله الناس أينما حل
ويسيرون
معه
أينما ارتحل وكان - ككل صوفى - يجب آل البيت لأنه كان يحب الرسول ل لهم وكان آل البيت إذ ذاك يطمحون في أن تكون الدولة لهم وماكان بنو العباس يطمئنون إلى شخصية كشخصية الحلاج المحبة لآل البيت نسل رسول الله الله ومادام الحلاج دعاية قوية تسير في كل مكان وتتجه إلى
كل بلد فيجب - حفاظاً على أمن الدولة وتحصيناً لاستقرارها - أن ينكل بالحلاج وما كان مقتل الحلاج دينياً قط وإنما كان سياسياً بحتاً ومن السهل على الملوك المستبدين أن يزيفوا القضايا أن يأتوا بشهود الزور وأن يعدوا القضاة بالمال والترقية وأن ينفذوا أهواءهم فكان ماكان من قضية ومن قتل والدين من كل ذلك براء والألفاظ التي ينسبونها للحلاج ليست في كتاب من كتبه وكتبه - وبعضها موجود - لاتسند خصومه ولا تؤيدهم هذا ما كان من أمر الحلاج وبقيت كلمة
إن المنطق الصحيح ألا يفتى المهندس فى أبحاث الأطباء وألا يحكم الأديب باعتباره أديباً في أعمال المهندسين ومن العدالة - على هذا الوضع - ألا يحكم على هذه القمم الشامخة – ابن عربي والحلاج وابن الفارض - من لم يبلغ مداهم أو يقاربه لقد قيل مرة لأحد شيوخنا الصالحين الأجلاء إن فلاناً ينتقد ابن عربي في المجلات فقال رضوان الله عليه وهل من حق الخنافس أن تحكم على أعمال الأسد إن الخنافس لا تحكم على أعمال السباع وليس من حقها أن تتحدث فيما تفعله السباع ومنطقها دائماً منطق الخنافس أما الإمام الشافعي - رضوان الله عليه - فإنه يقول عن خصوم سيدنا محيى الدين بن عربى إن حكمهم حكم ناموسة نفخت على جبل تريد إزالته من مكانه وتذهب الريح بأهم من الناموس وتبقى الجبال شوامخ راسيات بها تثبت الأرض وبها يحفظ ميزان الدنيا ا هـ والرأى الذى لا يتأتى غيره من المنصف الرأى الحق هو ما قاله الإمام الشعراني عن الصوفية عامة وعن سيدنا محيى الدين خاصة ولعمرى إن عباد الأوثان لم يجرءوا على أن يجعلوا آلهتهم
٣٨٥
هـ
عين الله بل قالوا ما تعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فكيف يظن بأولياء الله أن يدعو الاتحاد بالحق سبحانه هذا محال في حقهم رضوان الله عليهم ا فلابد أن يبلغ الإنسان المستوى أو يقارب المستوى وحينئذ سيقول كما قال أسلافنا الذين بلغوا المستوى أو قاربوه رضى الله عن سيدنا محى الدين ورضى الله عن الحلاج وعن ابن الفارض ونفعنا بهم ويكتبهم هذا وبالله التوفيق
ما هو التصوف الإسلامي ومتى بدأ ومن هم الأوائل
يقول أبو بكر الكتانى المتوفى سنة ٢٣٣ هـ في تعريف التصوف التصوف خلق فمن زاد عليه فى الخلق فقد زاد عليه فى الصفاء ويقول أبو الحسن النوري ليس التصوف رسماً ولا علماً ولكنه خلق ثم يعلل ذلك بقوله لأنه لو كان رسماً لحصل بالمجاهدة ولو كان علماً لحصل بالتعليم ولكنه تخلق بأخلاق الله ولن تستطيع أن تقبل على الأخلاق الإلهية يعلم أو رسم
ويقول أبو الحسين أيضاً التصوف الحرية والكرم وترك التكلف والسخاء أما أبو سعيد الخراز فإنه يعرفه بقوله من صفى ربه قلبه فامتلأ نوراً ولا دخل في عين الله فيذكر الله وسئل الشبلى عن التصوف فقال بدؤه معرفة الله ونهايته توحيده
والتعريف الجامع هو قول أبي بكر الكتانى التصوف صفاء ومشاهدة ولقد بدأ التصوف مع الإسلام مباشرة وذلك لأنه خلق كريم واتجاه إلى الله في اليسير من الأمور والعظيم منها وهذا هو الإسلام ومن أوائل الصوفية بعد الصحابة والتابعين إبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وذوالنون المصرى والحارث بن أسد المحاسى رضى الله عنهم
أجمعين
في قول الله تعالى ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم
وعلى ضوء هذه الآيات يمكن أن نصف الولى بأنه المؤمن التقى وقد جمعت التقوى صفات عديدة ذكرها الله تعالى في مجالات مختلفة من القرآن الكريم نذكر منها قوله تعالى ذلك الكتاب
ومن تسحر بالليل قاصداً الصيام تقرباً إلى الله بهذا الإمساك فهو ناو للصيام ومن عزم أثناء الليل على الكف عن المفطرات أثناء النهار مخلصاً لله فهو ناو للصيام كذلك وإن لم يتسحر
في شروط الصوم الصحيح
شروط الصيام الصحيح الإمساك عن إيصال شيء إلى الجوف عمداً مع ذكر الصوم فيفسد بالأكل أو الشرب عمداً
أما إذا أكل أو شرب ناسياً فلا يفسد ذلك صومه وكذلك الإمساك من الناحية الجنسية هذه هي شروط الصيام الصحيح من الناحية المادية وهى على كل حال تسقط الفرض بيد أن هذه الشروط مع إسقاطها الفرض لا تكفى مطلقاً في نظر الصالحين وللصالحين شروط أخرى منها ۱ - غض البصر عما حرم الله تعالى يقول الله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ويقول رسول الله في
النظرة سهم مسموم من سهام إبليس لعنه الله فمن تركها خوفاً من الله أتاه عز وجل إيماناً وجد
حلاوته في قلبه
فلا يرفث
٢ - حفظ اللسان من الغيبة والنميمة والكذب وقد نهى القرآن عن كل ذلك ويقول رسول الله الله فيما رواه الشيخان إنما الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائماً ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إلى صائم - كف السمع عن المحرم حتى لا يدخل فيمن قال الله تعالى فيهم سماعون للكذب وبالجملة كف الجوارح كلها عما حرم الله تعالى وما من شك في أن كف الجوارح عما حرم الله تعالى له درجة أرقى من درجة مجرد الامتناع عن
الأكل والشرب والناحية الجنسية أما الدرجة العليا في الصوم فإنها صوم القلب عما سوى الله تعالى يقول أبو سعيد الخراز
كل ما فاتك من الله
الله
سوی يسير وكل حظ لك سوى الله قليل
٣٨٦
لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون والمتصوف حقا من تحقق الإيمان ودعم الإيمان بالتقوى فى قوله وفعله وخلقه ومشاعره وفكره وكل شئون حياته فضم إلى العلم العمل وأقام العمل على أساس من التدين الصحيح وللذكر عند الصوفية مقام جليل وعليه عماد اجتهادهم ومحور سلوكهم يناجون به ربهم ويستمطرون به رحمته ويتحققون عن طريقه بالعبودية الخالصة
فإذا ما قلنا إن كل متصوف - تصوفاً حقيقياً - ولى الله تعالى فلا مبالغة في هذا القول وإذا ما قلنا بأن من الأولياء من ليس بصوفى فلا خطأ في هذا القول أيضاً الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم واحترام المؤمن التقى – أو الولى - صوفيا كان أو غير صوفى مطلوب والخروج عن هذا الاحترام مرذول والله تعالى يقول في الحديث القدسي ه من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشى بها ولئن استعاذ بي لأعيذنه وإن سألني
لأعطينه
فالأولياء الحقيقيون موجودون إلى قريب من الساعة والصوفية نوع منهم يقول الله لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتى أمر الله
في وجود أولياء الله تعالى من النساء
لا مانع من وجود أولياء الله تعالى من النساء فمريم عليها السلام التي عبدت ربها وبالغت في حصانة نفسها كانت صديقة وكانت مين القانتين وامرأة فرعون التى ضاقت بكفر زوجها وآمنت بربها وقالت رب ابن لى عندك بيتاً في الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين كانت من أولياء الله والسيدة خديجة أم المؤمنين وابنتها الزهراء من أولياء الله تعالى والسيدة عائشة رضى الله عنها وسائر أمهات المؤمنين وبنات النبى الله من أولياء الله وكل من آمن بالله تعالى وأخلص في عبادته من الرجال والنساء
۳۸۷
في الطرق الصوفية
الطرق الصوفية وسائل لتزكية النفس وتهذيب الخلق وتحسين السلوك والسير بالمريد في طريق الاتباع العملى للرسول الله ليكون مؤمناً حقا ومسلماً صدقاً ولا يشعر بأثر الطرق الصوفية إلا من مارسها بإخلاص وهيأ الله له من وسائل الترقى ما يحقق له الوصول
وبينما الصوفية الحقيقيون يدعون إلى الله بالقول والعمل ويحاولون انتشال المؤمنين من كل ما يثبط عن الدين أو يصرف من هدى النبوة فإن بعض الأدعياء قد شوهوا صورة التصوف في نظر الناس وأدخلوا فيه ما ليس منه بل ما يخالف أسسه وقواعده وتحولوا به عن الهدف الذي يميزه عن غيره من ألوان التربية والتعليم فغالوا في الحديث عن الكرامات وجنحوا به نحو الشعوذة والمظاهر البعيدة عن روح الإسلام الصحيحة والمنافية لحقيقة الاتباع ولعل هؤلاء الأدعياء هم الواجهة السيئة التي يصرف الله بها عن الحق من لم يصدق في قصده ولم يتحقق منه كمال العزم في نيته إذ إن على من يريد التصوف الحقيقى ألا يعير هؤلاء المدعين أدنى أهمية وأن يبحث عن التصوف الحقيقى فى أهله والحق واضح والباطل لا يخفي قال تعالى فماذا بعد الحق إلا الضلال وقال ال هو الحلال بين والحرام بين
فإذا لم يعط بعض الطلبة الطرق الصوفية أية أهمية فإن ذلك راجع للفكرة الخاطئة التي يروجها أعداء التصوف خاصة والإسلام عامة عن التصوف بأنه وسيلة للتكاسل والتواكل والاستجداء والبعد عن تحمل مسئوليات الحياة كما طالب الإسلام والتي يؤكدها أدعياء التصوف والمنتسبون إليه والمخربون فيه من الداخل ولكن هذا العذر غير مقبول لأن الحق عزيز وطالبه لابد له من البحث عنه والتماس الطرق التي توصل إليه
ومن هذه الطرق الدخول فى طريقة صوفية تبعد الإنسان من ناحية الفكر والسلوك عن كل ما يشين وتوجهه إلى طريق الخير وتجمع مع غيرها من الطرق المسلمين شباباً وشيوخاً رجالا ونساء على كلمة التوحيد ومبادئ الدين مما يؤدى إلى سيادة مبادئ الدين ووحدة المسلمين
في حكم الطرق الصوفية حلال أو حرام
الطرق الصوفية في معناها الصادق وسائل متعددة للهداية إلى الله تعالى إنها تعمل على هداية الأفراد وتعمل على هداية الجماعات وتريد أن تصل بالمجتمع إلى أن يكون مجتمعاً ربانياً وشيخ
۳۸۸
الطريقة يرجو الله دائماً أن يدخل في نطاق من قال رسول الله الله فيهم و لأن يهدى الله بك رجلا خير لك من حمر النعم
وهى
تبدأ - جميعها - بالتوبة الخالصة النصوح إلى الله تعالى ومن المعروف أن الله تعالى حث على التوبة بشتى الوسائل وحث عليها رسول الله الله بمختلف الوسائل يقول الله تعالى وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون
ويقول تعالى يأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً
ويقول سبحانه وتعالى في حديث قدسي
ه يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم ويروى الإمام مسلم بسنده عن أبي موسى الأشعري عن النبي علا قال إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها وللتوبة شروط يشرحها الإمام النووى فى كتابه الجميل " رياض الصالحين فيقول قال العلماء التوبة واجبة من كل ذنب فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمی
فلها ثلاثة شروط
أحدها أن يقلع عن المعصية
والثاني أن أن لا يعود إليها أبداً
يعزم
والثالث أن يندم على فعلها فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمى فشروطها أربعة هذه الثلاثة وأن يبرأ من حق صاحبها فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه وإن كان حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه وإن كان غيبة استحله منها ويجب أن يتوب من جميع الذنوب فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب وبقى عليه الباقي وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة يروى الإمام مسلم بسنده أن رسول الله قال الله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع فى ظلها وقد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدى وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح وأخذ العهد بيعة روى الإمام أحمد من حديث سلمى بنت قيس وكانت إحدى خالات رسول الله وقد صلت معه للقبلتين وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار قالت
۳۸۹
جئت رسول الله نبايعه في نسوة من الأنصار فلما شرط علينا ألا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزنى ولا نقتل أولادنا ولا نأتى ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف قال ولا تغششن أزواجكن
قالت فبايعناه ثم انصرفنا فقلت لامرأة منهن
ارجعي فسلى رسول الله ما غش أزواجنا فسألته فقال تأخذ ماله فتحابي غيره ومشايخ الطرق يتأسون برسول الله الله في الدعوة إلى البيعة على طاعة الله ورسوله ولا يخرج العهد عن أن يكون بيعة على الطاعة والبيعة على الجو الإسلامى من أسمى الوسائل فى تقريب العبد من ربه وهى مجموعة من العقائد والأخلاق أحبهما الله ورسوله وهى عامة للرجال والنساء
وقد ذكر الله تعالى فى القرآن الكريم بيعة النساء فالله تعالى يقول يأيها النبي إذا جاءك
6
المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن
الله غفور رحيم وقد ذكرت السنة الصحيحة بيعة الرجال روى الإمام البخارى رضى الله عنه من حديث عبادة بن الصامت رضى عنه وكان عبادة شهد بدراً وهو أحد النقباء ليلة العقبة أن رسول الله ا قال وحوله جماعة من أصحابه با يعونى على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا بيهتمان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك وهذه بيعة عامة
وقد تكون البيعة بيعة خاصة كبيعة الرضوان يقول الله تعالى فيها
لقد رضی الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأنا بهم فتحاً قريباً ويقول الله سبحانه وتعالى لرسوله إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بماعاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً ولقد بين رسول الله لي أن البيعة تتخذ صوراً مختلفة وذلك أنه ما دام أساسها طاعة الله ورسوله فهى بيعة الله تعالى
۳۹۰
ومن صور البيعة مثلا أن يمتشق الإنسان الحسام في سبيل الله وأن يطلق المدفع جهاداً للعدو يقول رسول الله فيما رواه ابن أبي حاتم بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه من سل سيفه في سبيل الله فقد بايع الله
كل هذه ألوان من البيعة والبيعة أوسع من ذلك
ومن عاهد الشيخ فقد بايعه على الطاعة ومن بايع على الطاعة فقد بايع الله سبحانه وتعالى وليست البيعة على الطاعة الصادقة بأقل من البيعة على امتشاق الحسام أو استلام الحجر الأسود بل إن امتشاق الحسام واستلام الحجر الأسود أجزاء من البيعة على الطاعة
ونعود فنقول إننا حينما نتحدث عن الطرق الصوفية إنما نتحدث عن الطرق الصادقة التي تسير متناسقة تماماً مع جو القرآن والسنة
ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونُصْلِه جهنم وساءت مصيراً
أما المتبع فإنه يدخل تحت قوله تعالى ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم
يقول السادة الصوفية
في تعدد الطرق الصوفية
التوحيد واحد والطرق إلى الله كنفوس بني آدم
ويعنى قولهم هذا هو أن نتيجة سلوك الصوفية لا تختلف من قطر لقطر ولا من زمن لزمن ولا من شخص لشخص إنها التوحيد توحيد الله سبحانه في ذاته وتوحيده في خلقه وفى تصوفه
وفى عنايته بالكون ورعايته ألا له الخلق والأمر إليه يرجع الأمر كله وإذا كان التوحيد واحداً وإذا كانت هذه الحقيقة من طبيعتها لا تتغير ولا تختلف فإن طريق
القرب من هذه الناحية طريق تذوقها اليقين فالطرق تختلف والثمرة واحدة أما السبب في اختلاف الطرق فهو أن طبائع الناس وفطرهم مختلفة يصلح لبعضها ما لا يصلح للبعض الآخر وقد يصلح لسلوك طريق ولا يصلح لسلوك طريق آخر وقد يصلح طريق لشخص ولا يصلح لآخر والناس - منذ أن وجد الناس - يحاولون جهدهم التقرب من الله لأن في القرب من الله كمالا ذاتياً وذلك أن الله هو الكمال المطلق فالقرب منه سبحانه قرب من الكمال وقد ورد تخلقوا بأخلاق الله وورد كونوا ربانيين والناس كذلك يحاولون جهدهم القرب من الله
۳۹
أين تقف الصوفية اليوم من هزات العلم ومادية العصر
الإسلام دين الله الذي ارتضاه لعباده ورضيت لكم الإسلام ديناً أساسه التوحيد وتكوين الضمير القائم على الخشية من الله ومراقبة الله فى السر والعلن وحسن الصلة بين المرء ونفسه وبين المرء ومجتمعه اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ووظيفة العبادات فيه عبادة الخالق وتنمية روح الجماعة في النفس والحد من الأنانية ودفع روح التعاون والمحبة والمودة وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة
ومنهج الإسلام هو منهج الحياة المستقيمة في جميع جوانبها وفى اتجاهاتها المختلفة في المكتب والعمل وسياسة الأسرة والأمة وفى الدنيا والدين قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله
رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ولقد عمل الرسول ع والصحابة رضوان الله عليهم في كل مناحى الحياة فأتقنوا العمل وجعلوا الله قبلتهم في كل شيء وصيروا الدنيا مزرعة الآخرة وكانوا مع الله فكان الله معهم وقل اعملوا فسيرى الله عملكم
ورسوله والمؤمنون هذه خطوط عريضة لمنهج الإسلام وخطته ومبادئه السامية وقد التزم بها الصوفية المخلصون وأخذوا بها أنفسهم وسألوا الله سبحانه التوفيق فيما قصدوا
والإخلاص فيما عملوا ويعملون
وما أحوج البشرية اليوم إلى الالتزام بهذا المنهج الإلهى فى وقت طغت فيه المادية واستشرى فيه الإلحاد وسادت فيه الأنانية وعم الجشع والطمع وازدادت فيه ضراوة الطغيان ومجاوزة الحد في الظلم حتى بات فيه الضعيف هلعاً والفقير جزعاً والحق مهضوماً والسلام مهدداً بسبب مادية العصر وطوفان الإلحاد وكثرة الفساد والاغترار بالمنجزات العلمية والتفوق في التقنية والتكنولوجيا
فما أحوج البشرية لمنهج الصوفية الصافية والرجوع إلى الله ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا
لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض
والإسلام يبارك العلم والتقدم والرقى لخير البشرية وسعادتها
۳۹۳
بالغ الصوفية في التحدث عن كرامات الأولياء فلا يكاد يخلو كتاب صوفى من عرض العديد من كرامات مشايخ الصوفية نما هو وجه الحقيقة فيا يدعونه
وما هي الحدود الفاصلة بين الكرامة والخرافة
ليس لأحد أن يبتدع تعريفاً للولاية بعد تحديد الله سبحانه وتعالى لها إنه سبحانه وتعالى يقول
عن الأولياء إنهم
الذين آمنوا وكانوا يتقون
ولقد أبان الله سبحانه وتعالى رعايته لهم وعنايته بهم فقال سبحانه ألا إن أولياء الله
لا خوف عليهم ولاهم يحزنون
وزاد سبحانه وتعالى تفضلا بالنسبة لهم فقال
لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة
ثم أكد سبحانه ذلك بقوله تعالى لا تبديل لكلمات الله
ثم بين نفاسة الثمار التي تجتنى من الولاية فقال
ذلك هو الفوز العظيم
وإن كل حديث عن الولاية إنما هو تفسير لهذه الآيات الكريمة ومن ذلك الحديث القدسي الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله الله إن الله تعالى قال
ه من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشى بها ولئن سألني أعطيته ولئن
وبصره
استعاذني لأعيذنه
و معنى آذنته بالحرب أعلمته بأنى محارب له وكرامات الصحابة والتابعين لاتكاد تحصى ففي البخارى أن رجلين خرجا من عند رسول الله الا الله في ليلة مظلمة فإذا النور بين أيديهما حتى تفرقا فتفرق النور معهما وفى البخارى أيضاً أن عمران بن حصين كانت تكلمه الملائكة ونادى عمر بن الخطاب يا سارية الجبل يحضه على الرجوع إلى الجبل حذراً من العدو
٣٩٤
وبينهما مسيرة أيام فسمعه سارية فرجع إلى الجبل وسلم من العدو ويقول صاحب كتاب نشر المحاسن عن ظهور الكرامات
وإنها جاء عنها في القرآن الكريم والأخبار والآثار بالإسناد ما يخرج عن الحصر والتعداد فمن ذلك في القرآن الكريم ما أخبر الله تعالى عن مريم رضوان الله تعالى عليها بقوله عز وجل كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله وكان يجد عندها فاكهة الشتاء فى الصيف وفاكهة الصيف فى الشتاء هكذا جاء في التفسير وكذلك إلهام أم موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - في أمرها ما هو معروف وكذلك ما أخبر الله تعالى من العجائب على يد الخضر رضوان الله تعالى عليه مع موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام وكذلك قصة ذى القرنين رضوان الله تعالى عليه وتمكين الله تعالى له ما لم يمكنه لغيره وكذلك قصة عرش بلقيس في قوله تعالى قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك وكل هؤلاء المذكورين ليسوا بأنبياء بل أولياء اهـ ويقول الإمام الشافعي ظهور الكرامات على الأولياء رضى الله تعالى عنهم جائز عقلا وواقع نقلا أما جوازه فى العقل فلأنه ليس بمستحيل في قدرة الله تعالى بل هو من قبيل الممكنات كظهور معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهذا مذهب أهل السنة من المشايخ العارفين والنظار الأصوليين والفقهاء والمحدثين رضى الله تعالى أجمعين وتصاريفهم ناطقة بذلك شرقاً وغرباً عجماً وعرباً اهـ
في الأوراد الصوفية
عهم
الورد الترام صيغ معينة – من العبادة القولية والقلبية فى أوقات معينة من النهار أو الليل وهذه الصيغ المعينة قد تكون استغفاراً بسيد الاستغفار مثلا وهو ه اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبى أي أعترف فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وقد يكون الاستغفار بصورة يسيرة هى تكرار أستغفر الله أستغفر الله وقد تكون صيغة الورد الذكر باسم من أسماء الله وتكرار مئات أو آلاف المرات مثل لفظ الله أو الذكر بلا إله إلا الله ويقول رسول الله ع و أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلى لا إله
إلا الله
٣٩٥
وقد تكون صيغة الورد صلاة على الرسول عليه الا الله معينة من صيغ الصلاة على الرسول عليه
الصلاة والسلام
وقد تكون صيغة الورد جزءاً معيناً من القرآن لقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقسمون القرآن أقساماً يقرءونها يومياً كل بحسب فراغه واستطاعته والعادة أن يكون الورد باقة متسقة من كل ما ذكرناه
في التوكل
إن المعنى الحقيقى للتوكل هو أن يعتقد الإنسان اعتقاداً جازماً أن من وراء الأسباب الظاهرة إرادة الله مشرفة على تلك الأسباب فى أسسها وبواعثها وهى مشرفة على الأسباب في غاياتها ونهاياتها وعلى الإنسان أن يعمل كما أمر الشرع وعليه أن يكل أمر النتيجة إلى الله سبحانه وقد كان رسول الله الا الله إمام المتوكلين وكان إمام المجاهدين المكافحين الآخذين بالأسباب وسيدنا أبو بكر رضي الله عنه حينما بويع بالخلافة أصبح ذاهباً إلى السوق يتجر كعادته فتكاثر عليه المسلمون قائلين كيف تفعل ذلك وقد أقمت الخلافة النبوة قال لهم لا تشغلونى عن عيالى فإنى إن أضعتهم كنت لما سواهم أضيع
حتى فرضوا له قوت أهله من بيت المسلمين
لقد كان كبار الصحابة رضى الله عنهم يعملون ويكتسبون وكانوا مع ذلك من كبار المتوكلين فالكسب لا ينافى التوكل
ما الذي يفهم من رؤيا الرسول في المنام وهل تصدق الرؤيا
يقول رسول الله الله لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا وما المبشرات يا رسول الله
قال الرؤيا الصالحة
وما من شك في أن رؤيا رسول الله الله من الرؤى الصالحة فإن الشيطان لا يتمثل به في الرؤيا يقول
ه من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل بي وهذه الرؤيا بشرى طيبة لصاحبها وعليه أن يسلك السلوك الذي يناسب الرؤيا بأن يلزم
٤١
في أقسام الصوم
الفقهاء الصوم إلى ستة أقسام
۱ - فرض
مسنون
ه - نقل
واجب
- مندوب
٦ - مكروه
فالصوم المفروض هو صوم رمضان أداء وقضاء وصوم الكفارات والمنذور والصوم الواجب هو قضاء ما أفسده من نفل ومثله فى الوجوب صوم | الاعتكاف المنذور والصوم المسنون هو صوم عاشوراء لما ثبت من أنه اللهم صمام العاشر من المحرم وقال لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر
وأما المندوب فهو صوم ثلاثة أيام من كل شهر ويندب أن تكون الأيام البيض التي يتكامل ضوء الهلال فيها وهى الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر وصوم الاثنين والخميس وصوم ست من شوال متتابعة أو متفرقة ويندب صوم ما ثبت طلبه والوعد عليه بالسنة عن رسول الله لا قولا أو فعلا كصوم داود عليه السلام فقد كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وهو أفضل الصيام وأحبه إلى الله كما ثبت ذلك عن رسول الله الله فقد روى عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في كل شهر ثلاثة أيام قلت إنى أقوى من ذلك فلم يزل يرفعنى حتى قال صُمّ يوماً بعد يوم فإنه أفضل الصيام وهو صوم أخى داود عليه السلام
اصم
وأما النفل فهو ما سوى ذلك مما لم يثبت كراهيته
والصوم المكروه قسمان مكروه كراهة تنزيهية ومكروه كراهة تحريمية
فالأول كصوم - عاشوراء منفرداً عن عن يوم التاسع والثانى هو صوم العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى وصوم أيام التشريق وهى الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر من ذي الحجة وكره إفراد يوم الجمعة وإفراد يوم السبت بالصوم فقد روى عن جنادة الأزدى قال دخلت على رسول الله الا الله في يوم الجمعة في سبعة من الأزد وهو يتغدى فقال هلموا إلى الغداء فقلنا يا رسول الله إنا صيام فقال أصمتم أمس قلنا لا قال أفتصومون غداً قلنا لا قال فافطروا فأكلنا معه فلما خرج وجلس على المنبر دعا بإناء من ماء فشرب وهو على المنبر والناس ينظرون إنه لا يصوم يوم الجمعة وعن ابن عباس أن النبي قال ولا تصوموا يوم
٣٩٦
الإنابة إلى الله تعالى ويحافظ على أداء الفروض الدينية ومتابعة الرسول علا في النوافل والسنن وأن يقرأ سيرته ال في الكتب الصحيحة حتى يمكنه أن يتأسى به في صورة صادقة
هل يمكن رؤية الشخص العادى لسيدنا جبريل عليه السلام
کاحاد
نعم يمكن الشخص العادي أن يرى سيدنا جبريل عليه السلام فليست رؤيته بمستحيلة ولكن ليست رؤيته وعدمها خاضعة لرغبة شخص أو عدمها وإنما هو ذلك كله إلى الله عز وجل وعلى المنحو الذي يريده الله سبحانه حسب قدرة الرائى لأن سيدنا جبريل عليه السلام ليس البشر وقد رأته السيدة مريم عليها السلام وليست بنبية ورآه أناس كثيرون في حياة النبي الله وفى الصحيح عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد إلخ الحديث في أول صحيح مسلم وكان هذا الذي رآه الصحابة هو جبريل عليه السلام وليس معنى أنه يُرى أن كل من يراه يوحى إليه وحى تشريع لأن وحى التشريع انتهى بوفاة رسول الله الا الله وإنما تعتبر الرؤيا مناماً أو يقظة بالمعنى الذي يتناسب وحال الرائى من بشارة أو نذارة أو تقرير أو نحو ذلك والله أعلم
6
في حكم من ليس لديه مال لزيارة قبور الأنبياء والأولياء يقول الله سبحانه وتعالى لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ويقول تعالى لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر عسر يسراً
وإن من فضل الله علي بني البشر وتكريم الله للإنسان أن كلفهم بما يطيقون فهو بخلقه رءوف رحيم لا يكلفهم ما يشق عليهم أو ما يعجزون عنه يقول سبحانه فاتقوا الله ما استطعتم وزيارة قبور الأنبياء والأولياء ليست واجبة ومع أن الحج ركن من أركان الإسلام فإنه واجب مادام الإنسان قادراً على ذلك مستطيعاً أداءه فإذا لم يستطع فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذه
على عدم
أدائه
أما زيارة القبور بالنسبة للأنبياء والأولياء فهي سنة فقد ورد في حديث عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله الا الله يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وآتاكم ما توعدون غداً مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل
۳۹۷
بقيع الغرقد رواه مسلم وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال مر رسول الله ما بقبور
المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر رواه الترمذى حديث حسن فالذى لا يملك من المال ما يمكنه من زيارة قبور الأنبياء والأولياء فليس عليه شيء وله أن يقرأ شيئًا من القرآن ويجعل ثواب ذلك للنيل وعليه أن يصلى عليه كثيراً فمعنى الصلاة عليه صلة توصله برسول الله الله ويقرأ القرآن ويهب
ثوابه لروح الولى ويدعو له بالرحمة والمغفرة وإن ذلك يكفيه إن شاء الله
يذهب بعض الناس إلى أضرحة الأولياء بطلبات لهم مكتوبة مؤملين قضاءها لما علاج هذه الحالة
إن آمال الإنسان إذا لم تجد تحقيقاً لها في عالم الواقع وعالم الأسباب والمسببات تحاول معتمدة على الخيال أن تجد تحقيقاً لها عن طريق غير عادى فتلجأ إلى وسائل ليست بالوسائل
العادية وقد أمر الله سبحانه وأمر رسوله صلوات الله عليه باتخاذ الوسائل والأسباب الطبيعية العادية كالدواء للشفاء وكالعمل لكسب الرزق
ومع أن كل شيء بأمر الله فقد جعل الله في العالم نواميس وأسباباً ومسببات وعللا و معللات فلا يقعد أحدكم عن طلب الرزق وهو يقول اللهم ارزقني فإن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة فإذا ما أدى الإنسان ما عليه بالطريق الطبيعى فإنه بعد ذلك يترك الأمر لله متجها إليه سبحانه أن يجعل عمله منتهيا إلى النجاح وأن لا يخيب رجاءه في مسعاه وقد قال تعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان وقال سبحانه ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من
بعده
وإننا فى كل يوم نكرر فى الصلاة قوله تعالى وإياك نستعين فيجب على الإنسان أن يلجأ إلى الله تعالى فى قضاء أموره مع اتخاذه الأسباب التي جعلها الله تعالى نواميس للكون وأمر
عباده بالسير على منهاجها
۳۹۸
في إقامة الموالد في المساجد
إن المساجد بيوت الله تقام وتشيد لتكون واحات ترتاح فيها النفوس من صحراء الحياة المجدبة ترتاح فيها النفوس بالعبادة والذكر والاتجاه إلى الله مستغفرة ضارعة وترتاح فيها النفوس بالاستماع إلى دروس التفسير والحديث والفقه وعلوم الدين على وجه العموم ولقد أنشئت المساجد لتكون أمكنة للدرس كما تكون أمكنة للعبادة بل لتكون أندية للصلح بين الناس ولحل مشاكل المجتمع العامة والخاصة فإذا انتقلنا من المساجد إلى الموالد فإن الحكمة فى إقامة المولد إنما هي التذكير بفضائل من يحتفل به وتعليم الناس التأسى به فى أخلاقه الجميلة وأحواله الحسنة وأعمال الخير التي أراد
به
بها وجه الله تعالى وشرح ما قام به من خدمات للإنسانية وكل ذلك من أجل التأسى والاقتداء بسيرته وحينما تلتقى أهداف المولد بأهداف المسجد وحينما لا تتعارض الأهداف فإنه يجوز إقامة المولد بالمسجد ومن أهداف المساجد ما ذكره الله تعالى بقوله في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب وما ذكره في قوله سبحانه إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين
يجوز إذن الاحتفال بالمولد في المسجد بشرطين
1 - أن تلتقى الأهداف
٢ - ألا يؤدى الاحتفال إلى مفسدة كأن يكون فيه تشويش على المصلين بالفعل أو التكلم
بكلام لم يأت به شرع أو تعطيل قيام فريضة
في ذكر أسماء الأولياء
هذا الهتاف هو نوع من الاستغاثة مثل يا أبي يا أخى والحقوا بي وأغيثوني ونحو ذلك ولا يمانع أحد في الاستغاثة بالحى فيما يمكن أن يساعد فيه من دفع للصوص ومشاركة في عزاء أو فى تحمل مسئولية أو ما إلى ذلك
۳۹۹
أما إذا كانت الاستغاثة بالحى فيا لا يمكن أن يساعد فيه كتفريج كربة أو تحسين مستقبل أو تحقيق بركة في مال أو عمل أو ما إلى ذلك فإن كانت على وجه الاعتقاد بأنه يستطيع النفع والضرر وأن له بعض خصائص الألوهية فهى كفر والعياذ بالله لأنه اعتقد النفع والضر في غير الله
سبحانه وتعالى
وإن كانت على وجه التبرك وطلب المعونة بالدعاء لحسن اعتقاد أو معرفة بتقوى وصلاح من استغاث به فلاشيء فيها وقد قال الرسول الله العمر وقد جاء يستأذنه في العمرة لا تنسنا يا أخي من دعائك وسواء أكان المستغاث به قريباً أم بعيداً حياً أم ميتاً فالمدار على تحسين الاعتقاد لا فاعل فى الحقيقة إلا الله وجميع المسلمين يعلمون ذلك ويؤمنون به ويعتقدونه على أننا يجب أن يكون توجهنا دائماً إلى الله تعالى فى كل ما نتعرض له من أخطار إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله
في الطريقة التيجانية
وعلى أنه
الطريقة التيجانية طريقة من طرق أهل التزكية تزكية النفس الذين تخصصوا لتصفية القلوب من المعاصى الباطنة وهم الذين يسميهم العلماء المحققون و الصوفية وإذا كان من العلماء من تخصص لدراسة العقائد ورد شبه الملحدين والمشككين ومنهم من تخصص في استنباط الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ومنهم من تخصص في دراسة السنة ورجالها لتمييز الصحيح من غيره من حديث رسول الله
فإن منهم من تخصص فى تزكية النفوس وتربية الهمم وتطهير القلوب من الأدران والأرجاس سيراً في طريق التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بحسب الطاقة الإنسانية وهم الصوفية ومنهم
التيجانيون
أما عن ملاءتهم البيضاء التي يجلسون حولها فأصلها أن أصحاب الشيخ أحمد التيجاني كانوا يذكرون في ساحة يسير الناس فيها بنعالهم وتعتبر الطهارة فيها حكمية فاقترح بعض هؤلاء الأصحاب أن يتخذوا فراشاً أطهر من هذه الأرض فاتخذوا هذا الفراش لزيادة الثقة بالطهارة
عند الذكر
ومن التيجانية من يفعله ومنهم من لا يفعله ومما لاشك فيه أنه من المتفق عليه أن الطهارة
٤٠٠
مندوبة عند ذكر الله عز وجل بدناً وثوباً ومكاناً وكلما كانت الطهارة أعظم كان النور أعظم اعن فعل الرسول مع الله أو عدم فعله لذلك فليس كل ما لم يفعل على عهد رسول الله الله باطلا متى كان جائزاً عقلاً وشرعاً ولا ترده القواعد الشرعية وهذا الفعل لا يتصل بالأحكام الشرعية فى قليل ولا كثير إنه من فروع الشريعة اليسيرة بل من الفضائل من ما شاء أخذ به ومن شاء لم يأخذ ولا يلتزم التيجانيون به التزاماً مؤكداً وليس من أعمدة الطريقة أو أسسها
الهامة
في أوراد الطريقة التيجانية
أوراد الطريقة التيجانية كغيرها من الطرق داخلة فى نطاق الذكر ولذاكرها ثوابها وقد وردت فى الحث على الذكر عموماً آيات وأحاديث كثيرة مشهورة منها قوله تعالى فاذكرونى أذكركم وقوله يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكره وأصيلا وقوله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وقول الرسول مع الله مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله مثل الحى والميت وقوله سبق المفردون وقيل وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيراً
وقوله لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده ولكن المسلم قد يلزم نفسه بذكر معين ويعاهد الله على هذا الالتزام وحينئذ يلزمه ما تعهد به لقوله تعالى وليوفوا نذورهم وقوله من نذر أن يطيع الله فليطعه والأوراد على وجه العموم ليست فريضة وإنما تكون سنة إذا كانت مما كان يقرؤه رسول الله وبالصورة والكيفية التي كان يقرؤها بها وأوراد الطرق ليست كذلك فهي ليست فريضة ولا سنة وإنما هي طاعة الله سبحانه يلتزمها من أحب ويترك التزامها من أراد
في دلائل الخيرات والطريقة التجانية
إن دلائل الخيرات إنما هي صلوات على رسول الله الله ولا تمنع طريقة من الطرق الصلوات على رسول الله الا الله وذلك لأن الله أمرنا بالصلاة عليه فقال سبحانه وتعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً
2-1
ورجال الطريقة التيجانية ومشايخها يقرءون دلائل الخيرات وكان الشيخ عمر غمبو خليفة الطريقة التيجانية في السودان يقرأ دلائل الخيرات هو وتلاميذه وتابع أبناؤه قراءتها من بعده بل إنه توجد نسخة من دلائل الخيرات بخط العارف بالله الشيخ أحمد التيجاني الكبير شيخ الطريقة ويقول فضيلة الشيخ محمد الحافظ التيجانى خليفة الطريقة بجمهورية مصر العربية إن الأوراد اللازمة في الطريقة يصح أداؤها بأى صيغة للصلاة على النبي وإنه يجوز لقارئ ورد التيجانى أن يقرأ دلائل الخيرات بل إن فى الطريقة التيجانية أحزاباً من الطريقة الشاذلية وحزب النووى ولا حرج على السالك أو المريد فى صيغة الصلاة على الرسول مادام يلتزم طريقة واحدة لأن من انقطع لشيء أحسنه
أسماء الله الحسنى والطريقة التيجانية
قال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يُلحدون في أسمائه سيجزون
ما كانوا يعملون
وإذا كان الله تعالى يأمرنا في هذه الآية بدعائه بأسمائه الحسنى فلا يصح من أحد – كائناً من كان - أن يحرم قراءة الأسماء الحسنى أو الذكر بها
والشيخ أحمد التيجاني رحمه الله لم ينه عن الذكر بالأسماء الحسنى أو التقرب إلى الله تعالى بقراءتها واستحضار معانيها وكيف يقول بذلك وأذكار طريقته التي قررها وغير ذلك من الأذكار التي كان يتقرب إلى الله بها لا يخلو ذكر منها من اسم أو عدة أسماء من أسماء الله الحسنى إن الشيخ التيجاني قال إن هذه الأسماء الكريمة لما لها من مدلولات سامية وفضل كريم ينبغى أن تصان عن كل ما يجعل منها وسيلة لتحصيل غرض دنيوى أو نفع مادى فحرم قراءتها للوصول إلى مطالب دنيوية لأن في ذلك انحرافاً عن الطريق الصحيح الذي وجهنا الله تعالى إليه إن الذكر في أساسه ومضمونه وسيلة لاستحضار عظمة الله تعالى وإن مدلول هذه الأذكار سواء أكانت بأسماء الله تعالى أم بغير ذلك مما ورد يتغلغل في قلب المؤمن ويسرى في مشاعره ويتحكم في سلوكه ويصل به فى نهاية المطاف إلى أن يكون عبداً ربانياً متخلقاً بأخلاق الله سبحانه وتعالى وتخلص من ذلك إلى أن قراءة أسماء الله الحسنى مطلوبة بشرط الإخلاص فيها والتوجه إلى الله مباشرة بتلك القراءة وعدم الاشتغال عنه بدنيا تستولى على الخاطر أو مادة تستغل الذكر للوصول إليها لأن الإنسان بذلك يقدم الأغراض ويتخذ العبادة وسيلة لتحقيقها وهو ما سماه
٤٠٢
الشيخ التيجانى شرك الأغراض أو عبادة الأغراض بواسطة العبادة الشرعية فإذا ما جمع العبد بالذكر بين التقرب إلى الله تعالى وطلب تحصيل الدنيا فهو في ذكره أدنى درجة ممن يخلص التوجه إلى الله والتقرب إليه بألوان الذكر وأنواع العبادة وقد حذر الله تعالى من الإلحاد في أسمائه بوصفه بما ينافي قدرته أو عظمته أو تسميته بما لا يليق أو لم يرد عن الشرع ما يفيد صحة التسمية به لما في ذلك من إساءة الأدب في حق الألوهية أو التهجم على مواطن الخطر دون دراية أو معرفة
وما نهى عنه الشيخ التيجانى إنما هو اتخاذ الذكر بأسماء الله الحسنى وسيلة لابتزاز الأموال من الناس واستغلالهم على وجه من وجوه الدنيا
صلاة الفاتح
صلاة الفاتح ليست من اختراع الشيخ التيجانى وليست وحياً نزل عليه من عند الله لقد وجدت هذه الصلاة قبل الشيخ التيجانى وبعض صيغها مأثور عن الإمام على بن أبي طالب رضى الله عنه مذكور فى بعض الكتب المعتمدة ودعوى أنها وحى جلى أو خفى أو أنها من الكلام المقدس النازل من عند الله تعالى دعوى كاذبة ولم يقل بذلك الشيخ التيجانى أو أحد من أتباعه المعتمدين وعلى ذلك فقارنتها بشيء من القرآن مقارنة غير مقبولة وغير واقعية ذلك لأن القرآن بلفظه ومعناه لا تتسامى صيغة من الصيغ مهما كانت إليه ولا يمكن أن توضع موضع المقارنة به أو المفاضلة بينها وبينه وما ورد من معادلة ثواب من قرأها بثواب من قرأ القرآن سنة آلاف مرة غير مقبول وغير معقول وهو من الأمور التي زيفت على الشيخ التيجانى فيما نعتقد ولا يتسامي إلى القرآن غيره ولا يقارن به أى كلام سواه
وفضل كلام الله على سائر كلام البشر كفضل الله على خلقه ومن قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ويقول رسول الله الله في ذلك إني لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ولا يتأتى أن يفرغ إنسان من الحديث عن فضل الكلام لله فى الثواب ولا عن فضله فى الهداية العامة للإنسانية وكل موازنة بين كلام الله وغيره إنما هي الحاد في الدين يجب أن لا يدور بذهن المسلم
٤٠٣
في ترددِ المريدين بين الطرق
الطرق الصوفية وسائل عملية للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالطاعة والعبادة والذكر ومجاهدة
النفس والأهواء إنها محاولات عملية للرجوع بالمسلم إلى ماكان عليه الرسول اله وصحابته بالتربية والتوجيه السليم النابع من رغبة المنتسب إليها ومساعدة الشيخ أو المرشد له في ذلك ومن دخل طريقة من هذه الطرق فوجد فيها ذلك فعليه أن لا يتركها لأنه بذلك يترك طريقاً للخير يسره الله له وسبيلا للتقوى وضعه الله أمامه وهو بهذا الترك يكون هاجراً للخير مبتعداً عن طريق الفلاح يصح فيه ما قاله الرسول علل الله فيمن ترك حلقة العلم ورجع هذا عن ترك الطريقة وأما الدخول فى طريقة أخرى بعد ذلك فلا مانع منه مادام الدخول بقلب سليم ورغبة صادقة في التطهر والتركي وعلى من يريد الدخول في الطريقة – أى طريقة - أن يقتنع أولا بأهمية هذا الدخول وأن يصدق في العزم عليه ونعود فنقول الطرق الصوفية الصحيحة واحدة وإن اختلفت في أساليب التربية ووسائل التزكية فمن المعلوم أن الأذكار النبوية لا يستطيعها إنسان واجتهاد النبي في العبادة ودوام تذكره وخشيته لا يمكن الوصول إليه وكل شيخ من مشايخ الطرق استعذب ما استعذب وتمسك بما استطاع من الهدى النبوى الكريم ورسم طريقته على هذا الأساس فالأسلم السير في طريق واحد وإن كان الانتقال عنه إلى غيره جائز في حدود ما ذكرناه والانتقال إذا بهذه الشروط أن لا يشهر أو يستخف بالطريقة المتروكة وأن لا يحقر منها أو من شيخها وعلى من ترك طريقاً من ورد طريقة صوفية إلى ورد طريقة صوفية أخرى لا مانع منه مادام ترك مثل هذا الورد وتناول الورد الآخر ليس ناتجاً عن استخفاف بالورد المتروك أو تحقير له أو عداء لشيخ الطريقة أو أهلها أو ما إلى ذلك والورد في أي طريقة لا يخرج عن كونه ذكر الله سبحانه
وتعالى
وقد كان النبي لم يذكر الله على كل أحيانه وكان يغاير من صيغ الذكر وكان ذكره جامعاً لكل أوراد الطرق المعتبرة والطرق الصوفية ليست إلا ألواناً من التربية والتهذيب والسير بالمريد إلى طريق النجاة باتباع سنة رسول على كل حال خاصة في مجال الإصلاح النفسي والتهذيب الخلقى والتطهير الروحى ومن الأدب عدم ترك طريقة إلى أخرى إلا لداع صحيح كعدم الاستفادة من الطريقة
٤٠٤
أو الشعور بالضيق والحرج فيها أو غير ذلك من الأسباب الشرعية فإذا دخل في طريقة أخرى فعليه أن يبدأ بأخذ العهد والأسباب إلى توجيه الشيخ الجديد بقى أن نوجه النظر معنا هنا إلى شيء هام وهو ا ر أن ذلك فيما إذا لم يلزم الإنسان نفسه بورد معين ويعاهد الله على التزامه فإن إهماله له بعد ذلك يعتبر معصية وتركاً لواجب أو فرض فقد جعل الله تعالى النذر في الصالحات موجباً لفعل ما التزم الإنسان به منها قال تعالى وليوفوا نذورهم وقال له من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر بعضى الله فلا يعصه والأولى لمن الترم طاعة أن لا يخرج عنها أو يتركها إلى غيرها
في الدخول في الطريقة التيجانية ثم الخروج منها
من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام وحج وما إلى ذلك من أركان الإسلام وشروطه لا يستطيع كائن من كان أن يحكم عليه بغير الإسلام وفى الحديث الصحيح أن رسول الله الله قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله والدخول في الطرق التيجانية ثم الخروج منها أو تركها لا يمكن أن يكون كفراً ولم يقل بذلك أحد ممن يعتمد من علماء هذه الطريقة أو رجالها ولو قاله أحد منهم فيجب أن نضرب بكلامه
عرض الحائط
أخذ طريقة
بيد أن رجال الطريقة التيجانية كغيرهم من رجال الطرق الصوفية يأسفون كل الأسف ممن يخرج من طرقهم وذلك أنهم يرون - وهو حق - أن هذه الطرق هي معارج إلى الله إنها ذكر وتسبيح وتعاهد بالتزام الطاعة وتقرب إلى الله بشتى الوسائل الشرعية الصحيحة ومن أ ثم تركها يكون إذن تاركاً لطاعة قد تعهد بالتزامها وبايع الشيخ على الطاعة لله ورسوله وشخص كهذا يكون قد نقض ما عاهد الله عليه على يد الشيخ فهو لم يوف بعهده وهو إذن عاص يتوب توبة خالصة وأن يلتزم بعد ذلك الطاعة متخذاً طريقة أخرى أو راجعاً إلى طريقته الأولى أو يلتزم الطاعة دون التزام طريقة بعينها
وعليه
وكل هذا ليس خاصًا بالطريقة التيجانية وإنما هو عام بالنسبة إلى كل الطرق الصوفية
٤٠٥
رأس الإمام الحسين رضي الله عنه في القاهرة
الحسين بن على رضى الله عنه سيد الشهداء وعترة الرسول عل ومن خيرة أهل بيته شاء الله تعالى أن يقتل شهيداً وهو يقاوم فتنة طاغية أبت عليه إلا أن يكون وقوداً لها وقتل رضي الله عنه بكربلاء ودفن بها ولكن قاتليه لم يكتفوا بما ارتكبوا من إثم في قتله بل حملهم الفجور على ما هو أشنع من ذلك فاحتزوا رأسه وأحضروها إلى يزيد بن معاوية كدليل محسوس على إخلاصهم للباطل وقيامهم بواجب الفساد والإفساد واقتنع يزيد بما وقع وانتقل الرأس فيما انتقل إلى مصر بموكب حافل ودفن في مكانه المعروف بالقاهرة وبنى عليها مسجد من أكبر مساجد القاهرة وجسمه إذن رضى الله عنه في كربلاء أما الرأس فإنه في القاهرة
السيدة رابعة العدوية
إن قصة حياة السيدة رابعة العدوية هى قصة حياة مكافحة تغلب فيها الدين على الفجور والصلاح على الفساد ولقد ولدت في البصرة فى مطلع القرن الثانى ١٨٠ هـ لقد ولدت لأب فقير عابد فتشربت منه العبادة في بواكر حياتها وتطلعت إلى تذوق حلاوة الطاعة واتجهت أفكارها إلى النواحى الدينية خاصة فيما يتمثل في المراقبة والخوف من الله سألها أبوها وقد قالت يا أبت لست أجعلك في حل من حرام تطعمنيه أرأيت يا رابعة إن لم نجد إلا حراماً فقالت نصبر يا أبت فى الدنيا على الجوع خير من أن نصبر في الآخرة على النار مات والدها وهى صغيرة ولحقته أمها ولم يبق لها سوى قارب تشاركها فيه أخواتها الثلاث شمرت عن ساعديها وعملت على تشغيله حتى قيل إنها كانت تدعى بالعدوية لأنها كانت تعمل في تعدية الناس بقاربها من شاطئ إلى آخر وكانت تسمى المعداوية ثم اختصرت إلى العدوية سمعت وهى في قاربها هاتفاً ينشد بعض أبيات فى حب الله وفناء الدنيا فانجذبت إليه رددت قوله واضطرتها ظروف الحياة فى عصرها إلى ترك القارب والانطلاق في الأرض وانطلقت رابعة إلى حلقات الذكر وإلى المساجد وإلى حياة روحية حقبة لفتت إليها أنظار الناس في ذلك الوقت وشغلت مكاناً مرموقاً فى عالم الصوفية ولم تكن كما قيل عنها لعوباً تغترف
٤٢
الجمعة وحده رواهما أحمد وعن عبد الله بن بسر عن أخته واسمها الصماء أن رسول الله قال ولا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب
أو لحاء شجرة فليمضغه رواه الخمسة إلا النسائي
ويكره صوم الوصال ولو يومين وهو ألا
بالأمس كما يكره صوم الدهر
الغد يفطر بعد الغروب أصلا حتى يتصل صوم
هذا وإنا لنرجو أن يكون صوم الصائم سنة كان أو مفروضاً أو مندوباً ليس صوماً عن الطعام والشراب والمتعة فقط بل أن يكون كما يريده الله سبحانه صوماً للجوارح كلها عن كل ما لا يليق من عبد أسلم و وجهه لله رب العالمين حتى تتحقق الغاية من الصيام التي أجملها القرآن الكريم في قوله تعالى يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون
أداء
في مظاهر التيسير في الصوم
نصف
قال الله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقال سبحانه وما جعل عليكم فى الدين من حرج ومن مظاهر التيسير على المسلم إعفاؤه من فريضة صوم رمضان إذا فنيت قوته وعجز عن الصوم لكبر سنه وهو ما يسميه الفقهاء بالشيخ الفاني والعجوز الفانية قالوا ويجوز الفطر لشيخ فان أو عجوز فانية وتلزمها الفدية وهى إطعام مسكين عن كل يوم غداء وعشاء أو فطوراً وسحوراً أو غداء ين أو عشاءين أو يخرج عن كل يوم صاع من بر أو صاعين تمراً قيمة ذلك والأصل فيه قول الله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال العلماء أى لا يطيقون صيامه وتقدير حرف النفي لا أسلوب معروف في القرآن الكريم كما في قوله تعالى الله تفتاً تذكر يوسف أى لا تفتاً وقوله تعالى يبين الله لكم أن تضلوا أى لا تضلوا إلخ
عطاء أنه
ويرى بعض العلماء أن المعنى وعلى الذين يطيقونه أى يقدرون عليه بمشقة وعسر روى سمع ابن عباس رضى الله عنه يقرأ على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال ابن عباس رضى الله عنهما هى للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان
مكان كل مسكيناً
يوم
رواه الترمذي
٤٠٧
عنها و الذى يقرأ القرآن وهو ما هر به من السفرة الكرام البررة والذى يقرأ القرآن ويتعتع فيه
وهو عليه شاق له أجران
وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله الله
ه من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف
وميم
حرف
حرف ولام حرف ومن الذكر الصلاة على رسول الله الا الله وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى فقال إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً
يقول رسول الله فيما رواه الإمام مسلم من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشراً ومن الذكر الاستغفار يقول تعالى فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً ويقول سبحانه استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً
وهل توجد أوقات مفضلة للذكر
من أفضل أوقات الذكر الثلث الأخير من الليل
فقد ورد ما معناه أن الله سبحانه ينزل إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل وينادى ألا هل
من مستغفر فأغفر له ألا هل من تائب فأتوب عليه ألا هل من سائل فأعطه ألا هل من كذا ألا هل من كذا حتى مطلع الفجر
وما معنى نزول الله سبحانه فى ثلث الليل الأخير
معناه تجليه سبحانه بالرحمة فى هذه الفترة من الزمن
و سئل رضى الله عنه من بعض الشخصيات
هو
في سيدنا آدم عليه السلام وبناء البيت الحرام
وردت روايات مختلفة وليست بالقوية حول بناء البيت أقربها إلى القبول أن آدم عليه السلام
أول
بناه ثم بنى بيت المقدس بعده بأربعين سنة ويشير إلى ذلك ماروى في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أى مسجد وضع في الأرض أولا قال المسجد الحرام قلت ثم أي قال المسجد الأقصى قلت كم كان بينهما قال أربعون سنة
ومما لا شك فيه أن إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام بنيا البيت ورفعا قواعده قال تعالى وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أى عيناه له وجعلنا منزله عنده وعبادته فيه وقال وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل والآية الكريمة تشير إلى أن القواعد كانت موجودة وكان عمل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام أن يرفعا هذه القواعد أى يبنيا عليها حتى ترتفع ا ارتفاعاً كاملا والله تعالى يقول إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركاً وهدى للعالمين وهو
ما يتناسب وبناء آدم عليه السلام له وقد روى ابن أبي حاتم بسند صحيح عن سيدنا على رضى الله عنه قال كانت البيوت قبله - أى قبل البيت - ولكنه أول بيت وضع لعبادته تعالى أما عن داخل الكعبة ورؤية الله فى السماء منه فخيال مخالف للدين والله تعالى منزه عن أن يحل في السماء في مقابلة الكعبة أو أن تدركه الأبصار وهو خيال يخالف الواقع وتكذبه التجربة فقد دخل الكعبة كثيرون من الصالحين ولم يرد عنهم ما يفيد شيئاً من ذلك وهذا لا ينافي فضل الكعبة وأنها هدى للعالمين ومجمعاً للمؤمنين
في لماذا اختار الله الجزيرة العربية للرسالة المحمدية
يقول الله تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي يبكة مباركا وهذا البيت كان قبل إبراهيم عليه السلام وإبراهيم عليه السلام إنما رفع قواعده التى كانت موجودة من قبل وإذ
يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل
٤١١
٤١٢
وكما كان أول بيت للعبادة فإنه في التقدير الأزلي آخر بيت الله تعالى فيه العبادة على الوجه الصحيح ولقد اختار الله تعالى الجزيرة العربية للرسالة المحمدية لأن بها بيته هذا المحرم ملتقى الحجيح من كل جانب من جوانب الأرض ولأن أهلها كانوا حينئذ أحسن الناس استعداداً لحمل رسالة الله ولو أن الرسالة كانت في غير جزيرة العرب ما وجدت آذاناً صاغية ولا قلوبًا واعية ذلك أن الروم كانوا أهل دين يصعب عليهم تركه إلى دین آخر والفرس كانوا ذوى ملك وسلطان يرون فيهما العزة والمتعة ولا يمكن أن يدينوا معها بدین آخر من أبرز ما فيه تغيير العقيدة وتغيير الأنظمة وإزالة الطغيان الذي كان سمة كثير من الملوك والأمراء لذلك كانت الجزيرة العربية المكان الصالح لنشر الدعوة المحمدية لأن أهلها كانوا بفطرتهم وعدم انتمائهم لأى دين من الأديان - التي كانت حينئذ - مهيئين لقبول الرسالة وحملها ولقد رفض اليهود الإسلام بالمدينة وما حولها وهم يعلمون تمام العلم صفة رسول الله له في كتابهم ولكن خوفهم من ذهاب السلطان جعلهم يجحدون
في سيدنا نوح عليه السلام
إن المصدر الوحيد الصحيح عن الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام الآن إنما هو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ولا يوجد كتاب آخر يمكن أن يوثق به فى المعلومات الخاصة بسيدنا نوح عليه السلام والقرآن لم يتحدث عن المكان الذى دفن فيه سيدنا نوح وكل ما يذكر في هذا إنما هو ضرب من التخمين ويجب ألا نعيره التفاتاً وما من شك فى أنه لا مستند من التاريخ لدى صاحب بدائع
الزهور
أما كرك فإنه اسم لموضوعين أحدهما قلعة مشهورة حصينة في طرف البلقاء من أرض الشام من ناحية جبال الشراة وليست هي المقصودة وإنما نبهنا عنها حتى لا تلتبس بالأخرى والبلدة المقصودة هى قرية كبيرة من نواحي بعلبك لأن قبراً طويلا يزعم أهل تلك النواحي أنه
بها
قبر سيدنا نوح عليه السلام وما من شك فى أنه لا يتأتى إثبات ذلك تاريخياً
٤١٣
هل هناك أنبياء هاجروا قبل سيدنا محمد هاجروا بأبدانهم ودعوتهم وإذا كانت الهجرة مرتبطة بالدعوة فما معنى الهجرة هنا ولماذا هذا الارتباط
أولا هاجر سيدنا إبراهيم عليه السلام هاجر من أور الكلدانيين إلى حران بلدة بين دجلة والفرات في بلاد العراق إلى دمشق وشرق الأردن وفلسطين ومصر والحجاز ثانياً سيدنا يعقوب هاجر من عين مولح إلى قدان أرام من أرض العراق حيث خاله هناك
ثم رحل بعد عشرين سنة إلى فلسطين ثم هاجر إلى مصر أيام كان يوسف بها ثالثاً سيدنا موسى هاجر من مصر إلى مدين بأرض بين الحجاز والشام قبل نبوته ولما أمعن فرعون في إذلال بني إسرائيل ومن معه من المؤمنين به هاجر هو ومن معه من المؤمنين واجتازوا البحر إلى جهة غير مصر وأغرق الله فرعون ومن معه
به
الهجرة دائماً مرتبطة بالدعوة إلى الله ولما لم تفد الدعوة فى قوم يودون التخلص من الداعي وكل ما يمت إليه بسبب فإن الله جلت قدرته يفتح للدعوة ميداناً آخر تشق فيه طريقها وتبلغ با غايتها لتقوم بذلك الحجة لله ولرسوله على الذين خالفوا ولم يؤمنوا وحاربوا الأنبياء حتى اضطروهم إلى الفرار بدينهم هم ومن معهم من المؤمنين فالهجرة لا تنفك عن الدعوة وقد تنفك الدعوة عن الهجرة فإن الله عز وجل قد يبعث رسولا ويكون له فيهم من الحياة والسلطان ما يمنعهم من التسلط عليه كيوسف عليه السلام قال تعالى ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات آية ٣٤ من سورة غافر
في سيدنا إسماعيل عليه السلام
إسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم أما
القول بأنه إسحاق فباطل من عشرين وجهاً
الكتاب
في كتاب اليهود أن الله أمره أن يذبح ابنه بكره وفى لفظ وحيده ولا يشك أهل أن إسماعيل هو بكر أولاده المسلمين مع قد بشر الله أم إسحاق به وبابنه يعقوب فقال تعالى عن الملائكة وامرأته قائمة فضحكت
٤١٤
فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب محال أن يبشرها بأن يكون له ولد ثم يأمر بذبحه ثم قال تعالى وبشرناه بإسحاق نبيًّا من الصالحين بشارة من الله وشكراً على صبره
على ما أمر به
سمی
الذبيح حليماً لأنه لا أحلم ممن أسلم نفسه للذبح طاعة لربه ولما ذكر إسحاق سماه عليماً والقرآن يقدلم إسماعيل دائماً إن الله سبحانه أجرى العادة البشرية أن بكر الأولاد أحب إلى الوالدين ممن بعده وإبراهيم عليه السلام لما سأل ربه الولد ووهبه له تعلقت شعبة من قلبه بمحبته والله تعالى قد اتخذه خليلا والخلة منصب يقتضى توحيد المحبوب بالمحبة وألا يشارك بينه وبين غيره فيها فلما اتخذ الولد شعبة من قلب الوالد جرت غيرة الخلة تنتزعها من قلب الخليل فأمره بذبح المحبوب فلما أقدم على ذبحه وكانت محبة الله أعظم عنده من محبة الولد خلصت الخلة حينئذ من شوائب المشاركة فلم يبق فى الذبح مصلحة إذ كانت المصلحة إنما هي في العزم وتوطين النفس فيه فقد حصل المقصود فنسخ الأمر وفدى الذبيح وصدق الخليل الرؤيا وحصل مراد الرب
في سيدنا موسى عليه السلام
إن الله سبحانه وتعالى حينما تحدث عن سيدنا موسى فى سورة القصص حينما كان سيدنا موسى بمصر أن رجلا جاء من أقصى المدينة يسعى ليعرف موسى بأن الملأ يأتمرون به ليقتلوه ونصحه يخرج في سرعة حتى لا يناله منهم شر فخرج موسى خائفاً يترقب داعياً الله سبحانه أن ينجيه من
القوم
الظالمين
واتجه موسى عليه السلام إلى مدين ولما وصلها ووقف على البئر الذي يستقى منه أهل مدين وجد زحاماً شديداً لسقى الماشية ووجد امرأتين تمنعان مواشيها من الماء حتى لا تصابا بأذى في فقال لهما ما شأنكما فعرفتاه أنهما تنتظران أن ينصرف الرعاة فيخف الزحام ليسقيا مواشيها
الزحام وعرفتاه أن أباهما شيخ كبير عاجز عن الخروج والسقى فسقى لهما وبعد قليل جاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا إلى آخر هذه القصة المعروفة هذه القصة لم يذكر الله سبحانه وتعالى فيها اسم الشيخ الكبير ولم تذكر الأحاديث الصحيحة الاسم ومن هنا اختلف العلماء في الشيخ وهل كان شعيباً أو غيره ولم تتجه الأذهان إلى سيدنا شعيب عادة
٤١٥
لقد اتجهت الأذهان إلى سيدنا شعيب بالذات لأن القرية التي وصل إليها سيدنا موسى هي
قرية مدين وقد كان سيدنا شعيب بها وليس هناك من سبب سوى هذا وأن هذا لا يقوم وحده بتحديد اسم الشيخ الكبير وما هو الموقف السديد في مثل هذه الأمور والأوفق أن يدع الإنسان أمر هذا الشيخ إلى الله ومهما بحث الإنسان فلن يصل إلى اليقين فى الموضوع إذ إن اليقين في هذه الأمور البعيدة عنا في الزمن بعداً كبيراً ليس بالأمر السهل وذلك لأن اليقين يتأتى عن النص الإلهى ولا نص ولا تاريخ ثابتاً في هذا فوجب التوقف وهو أسلم خصوصاً أن الأمر ليس أمر عقيدة مطلوبة أو إيمان مفروض
في سيدنا لقمان عليه السلام
ظاهر نصوص الكتاب والسنة تدل على أن لقمان لم يكن نبياً بل كان رجلا أخلص لله نفسه فتفجرت ينابيع الحكمة من قلبه وتحدرت من لسانه جداول يرتوى من سلسالها العذب كل من أضناه الفكر وأحرقت الحيرة قلبه
وليس ما آتاه الله لقمان الحكيم بعزيز على غيره ففي بعض أفراد أمتنا المحمدية شخصيات امتازت بعمق نظرتها وجلاء فكرتها فعمر بن الخطاب أمير المؤمنين والخليفة الثاني لرسول الله كان القرآن ينزل مصدقاً لقوله كما نزل حاكياً لقول لقمان ولم يكن عمر رضى الله عنه ولكنه كان من المخلصين وله من الحكم التي تدل على صدق فراسته وعمق عبقريته ما يجعله في الرعيل الأول من سادة الحكماء وكذلك لسيدنا على بن أبي طالب رضى الله عنه من الحكم ما يجعل الناظر فيها والسامع لها يخر لله ساجداً لقوة جرسها في سمعه واستيلاء معانيها على قلبه ولا بن عطاء الله السكندرى وغيره من المتصوفين من الحكم ما يرتقى من يعقلها من خصيصة الهوى والشهوات إلى أوج الخضوع لله تعالى والمسارعة في الطاعات وما على الذى يريد شيئاً من ذلك إلا أن يستديم الإخلاص لله تعالى فقد ورد أن من أخلص الله أربعين يوماً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه
٤١٦
في سيدنا يونس عليه السلام واسم السمك الذي ابتلعه والبحر الذي ابتلعه فيه
C
اسم السمك الذي ابتلع سيدنا يونس هو الحوت وهو صنف من السمك معروف أما البحر الذي ابتلعه الحوت فيه فهو البحر المتوسط حيث ذكر الإمام القاسمي في تفسيره أن الله تعالى أمر يونس أن ينطلق إلى أهل نينوى من أرض الموصل ليدعوهم إلى الإيمان به تعالى وحده وإلى إقامة القسط ونشر العدل وحسن السيرة وكانوا على الضد من ذلك لقد تعاظم كفرهم وتزايد فخشى أن لا يتم الأمر معهم فأبق من بيت المقدس إلى يافا ونزل في سفينة سائرة إلى ترشيش ليقيم فيها
ومن المعلوم أن يافا على البحر المتوسط وأنه البحر الوحيد في هذه المنطقة قال بعض المحققين ولعل هذا الحوت من النوع المعروف بالزفا وهو من كبار الحيتان المتنوعة الهائلة الجثث التي لم يزل يصطاد منها في هذا العصر وفي بطونها أجساد الناس بملابسهم يبتلع الرجل برمته دون أن يخدشه أو يجرحه ولكن المعجزة مع سيدنا يونس عليه السلام أنه مكث في بطنه مدة كبيرة مالكاً رشده ملازماً الدعاء والتسبيح والتضرع إلى الله سبحانه حتى فرج الله الكرب
عنه الشدة وأزال عنه
في سيدنا يوسف عليه السلام
قال تعالى لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين أى في خبره وخبر إخوته فالذين أوقعوا سيدنا يوسف في الجب هم إخوته من أبيه فقط
وقد اختلف في موقع الجب أى البئر الكبير فقيل ببيت المقدس وقيل بأرض الأردن وقد أورد الله سبحانه وتعالى قصة يوسف وإخوته في القرآن الكريم من أجل العبر والعظات الكثيرة التي تؤخذ منها والواقع أن السورة الكريمة سورة يوسف مليئة بما يجب التأمل فيه والتروى والله سبحانه وتعالى يشير إلى ذلك فى هذه السورة على الخصوص إذ يقول في مفتتحها نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ويقول في آخر
السورة لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب لقوم يؤمنون فعلينا أن نتجه إلى عظات هذه السورة وعبرها لعل الله ينفعنا بها
٤١٧
في سيدتنا مريم عليها السلام
يقول الله تعالى في سورة مريم واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً
كانت مريم رضوان الله عليها من بيت طاهر وقد نذرتها أمها قبل أن تلدها قائلة رب إلى نذرت لك ما في بطنى محرراً فتقبل منى إنك أنت السميع العليم ولقد تقبل الله نذرها بقبول حسن وأنبت مريم نباتاً حسناً ونشأت مريم على العبادة والزهد والتنسك ونشأت في كفالة نبي الله زكريا يرعاها ويوجهها ولما وجدت أن الاختلاط بالناس لا يمكن الإنسان من التفرغ لما ينبغى للعبادة اتخذت مكاناً شرقياً بعيداً عن أهلها واستترت بحجاب حتى لا تحجبها رؤية الخلق وسماع أحاديثهم الدنيوية عما يفيضه الله عليها من أنواره وتجلياته وبينما هي في هذا المعتكف ظهر لها كائن على الصورة البشرية فظنته إنساناً يريد بها السوء ويريدها على نفسها فاستعاذت منه قائلة إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أى إن كنت تخاف الله وتتقيه وتعمل بأوامره والتَّقى ينهاه إيمانه ودينه عن أن يسيء خصوصاً إذا ذكره إنسان بالله فتقى في الآية صفة وليست اسماً لشخص
بالله
هذا هو الصحيح الذي عليه جمهور المفسرين ولما أخبرها أنه رسول الله إليها ليهب لها غلاما زكيا هدأت من جانب ظن السوء به ولكن القلق غمرها لأمر آخر لسنا بصدد بيانه
في السيدة عائشة رضوان الله عليها
كانت السيدة عائشة رضوان الله عليها أحب نساء رسول الله الله إليه وقد سئل رسول الله عن أحب الناس إليه فقال عائشة فقيل له ثم من قال أبوها صديقة بنت
صديق
قال الفقهاء فمن لم يقدر على الفدية لعسرته يستغفر الله سبحانه ويستقيله أي يطلب منه الإقالة أو العفو
ومن الفقهاء من قال إنه لا فدية على الشيخ الفانى والعجوز الفانية وهو مذهب المالكية وبعض فقهاء الحنفية لأنه عجز مستمر إلى الموت فكان كالمريض إذا مات قبل أن يصح والمسافر قبل أن وإن كان المستحب أن يفدى
ومن هذا يتبين أنه ليس على الشيخ الفانى - إذا كانت حالته كما شرحنا - صيام ولا فدية وليس عليه إلا أن يستغفر الله سبحانه ويطلب عفوه والله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها
في أي سن يجب على الطفل أن يصوم
وهل على الآباء مسئولية في هذا الواجب
الصيام كسائر العبادات لا يكلف بها إلا البالغ العاقل فمتى وصل الطفل إلى سن البلوغ أصبح مكلفاً بسائر العبادات ومنها الصيام
وسن البلوغ غير محدد وهو يختلف باختلاف الأشخاص والبيئات ولكن الدليل عليه هو الاحتلام فمتى احتلم الطفل أصبح مكلفاً وعلى الوالدين مسئولية تبصير الولد بدينه ومطالبته بأداء ما افترض عليه وتعويده ذلك من صغره ليشب على الطاعة قال رسول الله مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع وفي الحديث أن إحدى الصحابيات أخبرت أنهم كانوا يصومون أطفالهم في الصغر حتى إذا جاعوا عللوهم وأحضروا لهم اللعب من العهن
روى البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ قالت أرسل رسول الله مع صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار - من كان أصبح صائماً فليتم صومه ومن كان أصبح مفطراً فليصم بقية يومه فكنا نصومه بعد ذلك ونصوم صبياننا الصغار منهم ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه حتى يكون عند الإفطار
٤١٨
في ورقة بن نوفل
يتردد سؤال عن ورقة بن نوفل - أول من عرف رسالة الرسول - هل مات مسلماً والحقيقة أن ورقة بن نوفل هو ابن عم السيدة خديجة رضى الله عنها وقد ذهبت إليه مع الرسول
بعد أن رجع إليها يرجف فؤاده بعد أن جاءه جبريل لأول مرة وهو معتكف في غار حراء
وقص الرسول لله ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزل على موسى ليتنى أكون حيا إذ يخرجك قومك من بلدك فقال أَو مُخرجي هم قال نعم لم يأت أحد بمثل ما أتيت "
به إلا عُودِى وإن يدركنى يومك أنصرك نصراً مؤزراً ولم يلبث ورقة أن توفى بعد ذلك قيل في الروض الأنف آمن ورقة بن نوفل بالنبي الله قبل البعثة أي قبل أن ينزل عليه قول الله تعالى يأيها المدثر قم فأنذر روى الترمذى بإسناد جيد عن عروة بن الزبير رضى الله عنه قال سُئل رسول الله الا الله عن ورقة بن نوفل كما بلغنا فقال لقد رأيته في المنام عليه ثياب بيض أظن أن لو كان من أهل النار لم أر عليه البياض قيل في الروض الأنف وكان يذكر الله في شعره في الجاهلية ومن ذلك قوله
لقد
نصحت لأقوام وقلت لهم أنا
النذير فلا يغرركم
أحد
لا تعبدن إلها سبحان ذي العرش سبحاناً اله يدوم
غير
خالقكم فإن
دعوكم فقولوا بيننا
جدد
وقبلنا
الجودي سبح
والجمد
والواقع أن في كلام ورقة لرسول الله الا الله ما يشعر شعوراً واضحاً بأنه آمن به وعلى ذلك
يكون قد مات مسلماً
في أي يوم بدأ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعلم القرآن كان عمر بن الخطاب شديداً على المسلمين قبل أن يسلم وكان الرسول ما يدعو الله بأن يعز
به الإسلام
والسبب في إسلامه أنه دخل على أخته وزوجها وعندهما من يعلمها القرآن فلما سمعوا طرقه على الباب اختفى زوج أخته وأخفت أخته الصحيفة ولما دخل عليها وسألها عما سمع وأغلظ لها
214
القول وضربها اعترفت له وأعطته الصحيفة فقرأ فيها طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى فدخلت حلاوة الإيمان في قلبه وذهب مسرعاً إلى رسول الله المعلناً إسلامه ومن هذا اليوم بدأ عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقرأ القرآن ويتعلمه
من
في سيدنا على بن أبي طالب كرم الله وجهه
روى البزار بسند فيه رجال وثقوا على ضعفهم عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في على أبغضه فقد أبغضنى ومن أبغضى فقد أبغض الله ومن أحبه فقد أحبنى ومن أحبنى فقد
أحبه الله
وروى الطبراني بإسناد حسن عن أم سلمة قالت أشهد أني سمعت رسول الله الله يقول من أحب عليا فقد أحبنى ومن أحبنى فقد أحبه الله ومن أبغض عليا فقد أبغضنى ومن أبغضنى فقد أبغض الله
وروى الطبراني بإسنادين - قال في مجمع الزوائد أحسب فيها جماعة ضعفاء وقد وثقوا عن عمار بن ياسر قال قال رسول الله أوصى من آمن بي وصدقني بولاية على بن أبي طالب من تولاه فقد تولانى ومن تولانى فقد تولى الله عز وجل ومن أحبه فقد أحبنى ومن أبغضه فقد أبغضنى ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل
أحبنى فقد أحب الله تعالى ومن وهذا هو الحديث الذي ذكره السائل وقد ورد مما يؤيده فضلا عن ذلك حديث غدير خم وقد ورد بعدة روايات نذكر منها ما رواه أحمد بسند رجاله رجال الحديث الصحيح عن سعيد بن وهبة قال نشد على عليه السلام الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي ال فشهدوا أن رسول الله الله قال من كنت مولاه فعلى مولاه
والمراد بالولاية هنا ولاية الدنيا الحب وعدم الذم أو الانتقاص كما يفعل الجاهلون أما ولاية الملك والسلطة فغير مرادة هنا لأن النبي له الا الله أوصى ببيته خيراً وأوصى بعلى خيراً ولم يوص بملك أو خلافة لأحد وإن كان قد أشار إشارات واضحة إلى خلافة أبي بكر وقد نفى على أن يكون الرسول أوصى له بشيء أو اختصه بعلم خاص كما أشاع بعض الناس كما في صحيح البخارى من أن علياً سُئل هل أوصى لكم رسول الله الله فقال ما عندنا إلاكتاب الله وهذه الصحيفة فإذا فيها العقل أى الدية وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر
رضي الله عنه
٤٢٠
والمسلمون جميعاً يحبون سيدنا عليا كما يحبون أهل البيت لأنهم من رسول الله له والمسلم الصادق يحب سيدنا أبا بكر الصديق رفيق رسول الله الله في الغار وصاحبه في الهجرة والذي يقول له الله لا تحزن إن الله معنا ويحب المسلمون عمر بن الخطاب الفاروق الذي كان إذا سلك طريقاً سلك الشيطان طريقاً غيره والذى يقول فيه رسول الله الله فيما ذكره عن المحدثين فإن كان في أمتى محدث فعمر منهم
لماذا يقال عند ذكر أحد الصحابة رضي الله عنه وعن ذكر على كرم الله وجهه
ومن هم الذين قال الله فيهم رضى الله عنهم ورضوا عنه
الرضا من الله سبحانه وتعالى على العبد معناه قبول عمله ومكافأته عليه ورضا العبد عن الله معناه فرحه بما أعطاه من أنواع الكرامة والنعيم والذين رضى الله عنهم ورضوا عنه هم المؤمنون المتقون الذين ذكروا في قوله تعالى في سورة البينة إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه ويدخل في هؤلاء كثير من الطوائف على تفاوت فيما بينهم يدخل فيها الذين أنعم الله عليهم
من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
ربهم
جنات
ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى قوماً معينين وأعلن أنه رضى عنهم يقول الله سبحانه وتعالى لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة
وكل بيعة للجهاد في سبيل الله بالمال والنفس إنما هى رضاء الله سبحانه وتعالى والذين يبايعون الله بأموالهم وأنفسهم مخلصين ضمن الله لهم الجنة فهو راض عنهم وهم راضون عنه والآية الكريمة تدل دلالة واضحة على أن كل من آمن وعمل صالحاً - أي التزم بحدود الله في أوامره والتزم بحدود الله في نواهيه – فقد رضي الله عنه وقد رضى عن الله سبحانه وتعالى وسيدنا على هو ابن عم رسول الله الا الله وقد أسلم صغيراً فلم يضع جبهته على الأرض سجوداً لصنم إذ إنه دخل في الإسلام وهو غلام ومن هنا كرم الله وجهه بأن لم يسجد إلا لله
سبحانه
٤٢١
سيدنا على كرم الله وجهه
كان لسيدنا على أنصار وشيعة بايعوه بالخلافة ووافقوه على رأيه في محاربة من لم يقروا له بالخلافة لخروجهم على رأى جماعة المسلمين وفي موقعة صفين - بين على ومعاوية - كاد على أن ينتصر فرفع جيش معاوية بمشورة عمرو بن العاص المصاحف على الرماح ونادوا بيننا وبينكم كتاب الله من لثغور الشام بعد أهل الشام ومن لثغور العراق بعد أهل العراق
كان الخوارج أو القراء أول من أشار بقبول التحكيم وشكلوا قوة ضاغطة على سيدنا على وأحاطوا به وهددوه بالقتل كما فعلوا بعثمان إذا لم يقبل التحكيم وأراد أن يختار ابن عباس حكماً عنه فأبوا إلا أبا موسى الأشعرى
فلما ظهرت نتيجة الحكم ثار الخوارج على على لأنه قبل التحكيم وانفصلوا عنه ناقشهم فعادوا إلى الجماعة ثم انفصلوا مرة ثانية ناقشهم عبد الله بن عباس فرجع أكثرهم وبقيت جماعة تركهم على لكنهم أفسدوا في الأرض وقتلوا الأبرياء واحترموا ذمة الكفار ولم يحترموا حرمة المسلمين قاتلهم على بعد أن أعلنها صريحة مدوية أنهم المارقة الذين قال الرسول الله في حقهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
سيدنا أبي الدرداء رضي الله عنه
أبو الدرداء رضى الله عنه كما يقول الذهبي الإمام القدوة قاضى دمشق وصاحب رسول
الله الله أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس حكيم هذه الأمة وسيد قرائها وهو معدود فيمن قرأ القرآن على الرسول ع الا الله ولم يثبت أنه قرأ على غير الرسول الله وهو معدود فيمن جمع القرآن في حياة رسول الله وتصدر للإقراء في خلافة عثمان رضى الله عنه بدمشق وولى بها القضاء أسلم أبو الدرداء يوم بدر ثم شهد أحداً وكان فيمن رد المشركين عن الجبل ومنعهم من الانقضاض على المسلمين وقال فيه رسول الله الله نعم !
عويمر
وقد جمع رضي الله عنه بين العلم والعمل وقد غلب عليه جانب التعبد
الفارس
٤٢٢
ولما رأى سلمان الفارسي رضى الله عنه استغراق أخيه أبي الدرداء في العبادة وكان الرسول الله قد آخى بينهما أقسم عليه ليفطرن ولينامن وقال له إن الجسدك عليك حقاً ولربك عليك حقا ولأهلك عليك حقاً
أما
عن قبره فهو موجود بدمشق قال الذهبي
لما كان زمن عمر كتب إليه يزيد بن أبي سفيان أن أهل الشام قد كثروا وملئوا المدائن واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم في الدين فأعنى برجال يعلمونهم فأرسل إليه ثلاثة رجال ثم ذكر ا أن الثلاثة كانوا عبادة بن الصامت بحمص وأبي الدرداء بدمشق ومعاذ بن جبل بفلسطين ولم يزل أبو الدرداء بدمشق حتى مات وكان موته سنة ٣١ أو سنة ٣٢ من الهجرة
النبوية
وقد أسهم مساهمة كبيرة في نشر القرآن الكريم حتى كان من في حلقته أزيد من ألف رجل ولكل عشرة منهم ملقن وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائماً فإذا أحكم الرجل منهم تحول إلى أبي الدرداء يعرض عليه قراءته
رحم
الله أبا الدرداء وأحسن مثواه
يقول الإمام الذهبي
سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه
إنه الإمام الفقيه المجتهد الحافظ صاحب رسول الله الله أبو هريرة الدوسي اليماني سيد
الحفاظ الأثبات
كان مقدمه على رسوله وإسلامه فى أول سنة سبع عام خيبر واختلف في حضوره هذه الموقعة أو مجيئه في آخرها بعد الفراغ منها وقد صحب الرسول مع مع أربع سنين وقد لازم المسجد وقاسى الجوع وعاش عيشة متقشفة أهل الصفة مع
معه
حتى
وقد انتفع بملازمة الرسول الله قال له مروان يوماً يا أبا هريرة إن الناس قد قالوا أكثر الحديث عن رسول الله الله وإنما قدم قبل وفاته بيسير فقال أبو هريرة قدمت والله ورسول الله الله بخيبر وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين سنة سنوات وأقمت توفى أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه وأغزو وأحج معه وأصلى خلفه فكنت أعلم الناس بحديثه وعده ابن سعد من كبار المفتين بالمدينة بعد وفاة عثمان رضي الله عنه وكان كثير العبادة قال أبو عثمان النهدى تضيفت أبا هريرة - أي كنت ضيفاً عنده -
٤٢٣
سبعاً فكان هو وامرأته وخادمته يتناومون الليل أثلاثاً يصلى هذا ثم يوقظ هذا ويصلى هذا ثم يوقظ هذا وكان يصوم الاثنين والخميس وولاه عمر على البحرين فكان فيهم نعم الأمير - ولاه معاوية على المدينة وكان مروان في ولايته على المدينة يستخلف أبا هريرة ونخلص من ذلك إلى أن أبا هريرة عاش فترة إسلامية بالمدينة مصاحباً الرسول ع وخادماً له وكان من أئمة المحدثين والمفتين وعلماء المسلمين جمع بين القول والعمل وكانت وفاته بالمدينة ودفن بالبقيع وكل ما يقال عن أبي هريرة من سوء فإنه من نزغ الشيطان فقد كان رضي الله عنه من صفوة الصحابة رضي الله عنه وأرضاه
في آل البيت رضوان الله عليهم
لقد وضع الله سبحانه وتعالى البركة فى نسل سيدنا الحسن وفى نسل سيدنا الحسين وتفرق أفراد الأسرة الشريفة في أقطار الأرض فراراً من الاضطهاد أو سعياً وراء الرزق أو لغير ذلك من
الأسباب
وليس ببعيد إذن أن تكون هذه الأسرة أو تلك فى هذا القطر أو في ذاك من ذرية سيدنا الحسن أو من ذرية سيدنا الحسين أو من ذريتهما معاً أى تكون الوالدة حسنية والوالد حسينياً
أو العكس ذلك كله ممكن ولا استحالة فيه ومرجع الأمر إذن إنما هو شجرة الأنساب
على
ما يجب أن يكون نصب أعيننا أن الميزان الإلهى إنما هو التقوى ولقد قال الله سبحانه إن أكرمكم عند الله أتقاكم ولقد مات ابن سيدنا نوح غريقاً مشركاً ولما قال سيدنا نوح يستعطف ربه في ابنه
رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق
قال الله له موضحا ومربيا ومعلماً إنه ليس من أهلك ثم علل سبحانه وتعالى ذلك بقوله یا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح وزاد سبحانه هذا التعليل شيئاً من العتاب فقال إنى أعظك فالعبرة إذن إنما هي بالتقوى
ولقد ضرب الله الأمثال للناس موضحاً هذا المعنى على أنحاء شتى فقال سبحانه ضرب الله
مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط
ثم قال سبحانه في الطرف الآخر
وسئل رضى الله عنه في الدين والحياة
في أمر الحكم في الإسلام
إن أمر الحكم في الإسلام مبنى على الشورى يقول سبحانه وأمرهم شورى بينهم ويقول تعالى لرسوله وشاورهم فى الأمر وأمر الحاكم فى الإسلام مبنى على الرعاية يقول صلوات الله عليه وسلامه كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالحاكم داخل في هذا العموم الذى فى الحديث الشريف والمثل الأعلى في الإسلام بعد الرسول ل وبعد أبي بكر رضى الله عنه هو سيدنا عمر بن الخطاب الذى كان يمعن النظر فى كل صغيرة وكبيرة مما يقترح عليه من أمور الدولة والذى كان يسهر على شئونها مؤمناً بأن الله سبحانه سائله عما استرعاه كيف كان تصرفه فيه وقد حذر الرسول الله أن يهمل الحاكم فى العناية بأمور الدولة يقول الله فيما رواه البخاري ومسلم ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه
الجنة
وفيما رواه الإمام مسلم عن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت و سمعت رسول الله الله يقول في بيتى هذا اللهم من ولى من أمر أمتى شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولى من أمر أمني شيئاً فرفق وإن الحاكم الذي لا يمعن النظر فيما يقترح عليه من أمور فارفق به بهم الدولة غاش لرعيته وهو من أجل ذلك داخل فى حكم رسول الله الا الله بتحريم الله عليه دخول الجنة وأما سماع أقوال الوشاة فإنه من الغيبة لقد حذر الله ورسوله عن الغيبة قولها وسماعها وما أبشع الصورة التى صورها الله عن الغيبة يقول سبحانه ولا يغتب بعضكم بعضاً أيجب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم
ويقول سبحانه يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا وإن الحاكم الذي يصغى إلى أقوال الوشاة ولا يمعن النظر في تحقيق ما يسمع مهمل أيضاً يحرم
عليه دخول الجنة بنص الحديث ولقد كان رسول الله لا يوصى بأن لا يحدثوه عن أ أصحابه
بما يسيء لأنه يريد أن
دائماً
بلقاهم بصدر منشرح
٤٢٧
٤٢٨
في القانون الإلهي والقانون الوضعى
كل حضارة لها شطران شطر مادى وشطر روحى أو معنوى أو نظري بحت ففيما يتعلق بالشطر المادى فهو هذا الشطر الذي يعتمد على الحس وعلى العقل ويعتمد على المنهج السليم وهو منهج الملاحظة والتجربة والاستقراء وهذا الشطر يتطور ويرتقى ويتكون شيئاً فشيئاً ويسير دائماً فى طريق الرقى لأن هذا الشطر من الحضارة له مقياس يحسم به الخطأ والصواب ويحسم به الباطل من الحق وهذا المقياس هو التجربة فكل أمر يختلف فيه العقل أو الحواس التجربة تحسمه لأنها خير مقياس يضم الحواس
ويلزم العقل
ومن
هنا فقد كانت الثمرة الدائمة للحضارة هى الترقى الدائم وقد وصل العالم الآن إلى القمر لأن التجربة المستمرة عبر أخطاء ثم تلافيها أولا بأول أوصلت الدفع الصاروخي إلى التغلب على العوائق التي كانت تثيرها الجاذبية الأرضية واختلاف طبقات الجو من حيث الطبيعة والمناخ والتكوين
وليس الأمر كذلك فيما يتعلق بالشطر الروحانى أو النظرى من الحضارات الإنسانية وأقصد بهذا الشطر النظرى العقيدة والأخلاق والتشريع ونظام المجتمع هذا الشطر لم يصل بعد إلى الشأو الحاسم في الرقى الذى وصل إليه الشطر المادى ومازال فيه مستمرا ربما لأن من خصائص النظريات العقلية أنها لا مقياس لها ما هو المقياس الذى نقيس به الخطأ والصواب فيما يتعلق بالسلوك من ناحية العقل ليس هناك مقياس وعقلياً ما هو المقياس الذي نقيس به الخطأ والصواب فيما يتعلق بالعقيدة
وعقليا ما هو المقياس الذى نقيس به الخطأ والصواب فيما يتعلق بالمجتمع لا شيء وعقليا ما هو المقياس الذي نقيس به الخطأ والصواب فيما يتعلق بالتشريع لاشيء ولهذا بقى هذا الشطر حتى الآن خلال تاريخ الإنسانية الطويل ظنيا يمكنك أن تثبته بأدلة هذه الأدلة يمكنك دائماً أن تنفيها وأن تدعمها ثم يأتى آخرون ويهدمون العموم وينفون النفي مسألة من مسائل التشريع فيها رأى معارض لرأى آخر ومنذ أيام أرسطو ومقياسه الذى هو المنطق والإنسانية تبحث بجهودها الخاصة عن مقياس للأمور النظرية وللتشريع وللأخلاق وغير ذلك ومنذ ابتداء العصر اليونانى قبل الميلاد والإنسانية تضع في التشريع ونظم
وكل
في تأخير السحور
ينبغي
إن تأخير السحور مستحب ذكر ذلك رسول الله بيد أنه أن يكون السحور قبل الفجر بوقت كاف فإذا استيقظ للسحور متأخراً وأدركه أذان الفجر والطعام في فمه فإن الأحوط بالنسبة له أن يمسك عن الطعام إلى نهاية النهار ثم يقضى اليوم بعد رمضان والمؤذنون عادة يتثبتون من حلول الوقت فيؤخرون الأذان ولو نصف دقيقة ومن أفضل العادات فى رمضان أن يجعل الإنسان مدفع الإمساك حدا فاصلا بين إباحة الأكل والإمساك عنه وهو عادة ينطلق قبل الفجر بثلث ساعة
في ما يتحلى به الصائم من سلوك
يتخذ بعض الناس تعلة يتعللون بها في أنواع السلوك لا يحبها الله ورسوله منها ضيق الخلق الذي يتمثل في الغضب وهو خُلق يبغضه الله ورسوله وقد طلب رجل النصيحة مرة من رسول الله الله فقال له لا تغضب وإن من آثار الصوم الصحيح الصبر بل إن الصوم نفسه نوع من الصبر بل هو نصف الصبر على حد تعبير رسول الله فإذا لم يتحل الإنسان بالصبر في رمضان فإن فى صيامه خللا والصائم الصادق فرح بصومه متفائل به راج به المغفرة فإذا تفاءل الصائم بصومه ورجا به المغفرة من الله تحلى بحسن الخلق وبمكارم الأخلاق وقد قال رسول الله إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
في الاعتكاف في رمضان
كان رسول الله لا يدخل المسجد قبل غروب شمس يوم العشرين من شهر رمضان حتى يستقبل ليلة الحادى والعشرين منه ويبتدئ فى العبادة ولا يخرج من المسجد ولا يتحدث فيه مع أحد اللهم إلا للضرورة القصوى إلى أن ينتهي رمضان وهذا الطريق هو الأكمل وهو ما يسمى بالاعتكاف وقد لا يتيسر لبعض الناس فيكون الطريق الآخر وهو التفرغ بقدر الاستطاعة للعبادة في البيت
٤٢٩
المجتمع وأخلاقياته نظماً كثيرة وتشريعات شتى لا تستقر عليها سوى سنين أو قرون معدودات ثم
لا تلبث أن تهجرها
ولنتوقف قليلا عند المفكر الفيلسوف الإغريقي أفلاطون الذى حاول أن يوجد تشريعات فألف جمهوريته كنظام للمجتمع المتكامل
أو نظاماً للمجتمع لقد قسمه إلى طبقات واعتقد أن نظام الطبقات هو النظام الطبيعي في العالم فهناك طبقة المفكرين في المجتمع وهناك طبقة العواطف وهناك طبقة الشهوات وقد سمى الطبقة الأولى الطبقة الذهبية طبقة رجال الفكر وسمى الطبقة الثانية الطبقة الفضية طبقة الجنود وسمى الطبقة الثالثة الطبقة النحاسية وهى طبقة التجار والصناع والزراع والعاملين في الإنتاج حاول أفلاطون بعد هذا أن نظاماً يضع الكل طبقة فحدد سن الزواج للفتاة وسن الزواج للرجل من كل طبقة ففيما يتعلق بطبقة الإنتاج مثلا حدد الزواج للفتاة فيما بين سن العشرين وسن الخامسة والأربعين والأطفال الذين تنجبهم الفتاة بين هذين السنين هم الأطفال الشرعيون فقط فى اعتباره ولا شرعية لمن تنجبهم في غير هذه السن ويتركون في العراء حتى يموتوا وفيما يتعلق بالرجل فقد اعتبر شرعية الأطفال واجبة فيما بين سن الرابعة والعشرين وسن الخمسين ومن هنا لا يتم الإنجاب إلا فى هذه الحدود وإذن فالأطفال الذين يولدون
خارج هذه الحدود ماذنبهم ذنبهم أنهم أتوا إلى الدنيا في غير هذه السن المحددة وأما طبقة الجيش فينبغي ألا تتزوج - فى رأى أفلاطون - زواجاً مستمرا ويجب ألا تمتلك شيئاً لا ملابس ولا عقاراً ولا مالا ولا زوجة ولا أولاداً وإنما يأتون في ليلة معينة ويعقدون زواجاً بالقرعة لمدة سنة والأطفال الذين يأتون ثمرة هذا الزواج يودعون في مصحة أو ملجأ ويكونون أبناء للدولة فضلا عن هذا يرى أن الشاب الممتاز جسمياً وعقليا يتصل جنسياً بمجموعة كبيرة من الفتيات الجميلات ومنطقه فى هذا كما يقول في جمهوريته نحن نعنى بالخيل فتنجب منها سلالات ممتازة فلم لا نعنى بالبشر مثلما نعنى بالخيل إن الشبان الممتازين صحياً وبدنياً وجماليا يجب أن نأتي لهم بالنساء الممتازات صحياً وبدنياً وجماليا ولا نجعل بينهما قيوداً فى الاتصال الجنسى ثم نأخذ السلالة الممتازة الناجمة عن اتصالهما لتكون نواة لارتقاء نوعية البشر في الجمهورية
ثم إن أفلاطون حدد الملكية فلم يسمح للرؤساء وهم طبقة رجال الفكر أن يملكوا ولم يبحها كذلك – كما رأينا – للجند وإنما أباجها للرجال من طبقة الإنتاج وبشرط أن يكون هناك حد أقصى للملكية لا يتجاوز أربعة أمثال المتوسط يعنى مثلا إذا كان متوسط نصيب
٤٣٠
الفرد في مدينة ما نصف فدان فيجب ألا يملك شخص أكثر من فدانين وفي جمهوريته إذا ولد طفل مريض يُعدم
وإذا ولد طفل مصاب بعاهة يعدم وإذا ولد طفل مشكوك في ذكائه يعدم وليس في جمهورية أفلاطون مكان للشعراء والأدباء ولقد دعى أفلاطون نفسه مرة لتطبيق جمهوريته فأخفق إخفاقاً كاملا ثم دعى مرة أخرى بعد سنوات فأخفق أيضا إخفاقاً
كاملا
ومضت الإنسانية – في طريق التجربة والخطأ - تبحث عن تشريع يحكمها ويزيل خلافاتها ويقيل عثراتها وكان من تجاربها المثيرة فى هذا المجال مذهب المزدكية الذي استفحل أمره لدرجة أن ملك الفرس اتبعه واعتنقه وطبقه وهو مذهب يبدأ منطلقه الفكرى من سؤال مطروح هو ما الذى أقلق الإنسانية وأرقها وأتعبها منذ فجر التاريخ وأجاب المذهب المذكور قائلا المال والنساء ولكى نزيل قلق الإنسانية فلابد أن تكون هناك شيوعية كاملة فى المال والنساء وصادف ذلك هوى لدى ملك الفرس فاتبع المذهب وذهب مزدك وأتباعه إلى القصر وأحبوا الاتصال بنساء الملك وبناته
وأخذ ولى العهد يتضرع إلى مزدك ويرجوه فى أن يترك والدته وإخوته حتى لقد قبل قدميه وهو يتضرع إليه فترك مزدك أمه وإخوته ثم آل الملك إلى ولى العهد فأتى بمزدك وقتله واندثرت تجربة إنسانية أخرى تبحث عما تعتقد أنه عدل وحق
واستمرت الإنسانية فى بحثها القلق الذى تدفع ثمنه دائماً من أخطائها فتأتى مثلا إلى المذهب المانى نسبة إلى شخصية المفكر الفارسي ماني قال ماني إن العالم في ضيق دائم وكرب مقيم بسبب الصراع والجشع والعداوات والبغضاء المستشرية بين الناس في سبيل أغراض الدنيا وإذا كان الأمر كذلك فلم يستمر هذا العالم إن مجموعة من الرجس والقاذورات والشرور يجب أن تزول وخرج الفيلسوف العبقرى من هذا السؤال برأى هو إذا تطهر العالم من الناس فقد تطهر من البؤس والشقاء والشر ولكى يتم تطهير العالم من الناس فقد شرع ماني أن يمنع الزواج ويمنع الاتصال الجنسي وبهذه الطريقة لا يولد أطفال في المجتمع ويموت الناس ويندثرون في مدى سبعين أو ثمانين سنة وربما مائة وبهذا تتطهر الأرض من الرجس والضلال والشر واتبع ه مانى كثيرون ونقص النسل وكان فى هذا إضعاف للدولة وأتى به ملك الفرس
٤٣١
وسأله عن مذهبه أمام حشد من الناس من أتباعه فراح و ماني و يحدثه بمنطقه عن مذهبه ويدعو
إليه
فقال له ملك الفرس مادمت ترى أن تطهير العالم من الناس ينهى الشقاء فيه بتطهيره منك وفعلا أمر بقتله وقتل أتباعه
فلنبدأ
الاختلاف في التشريع لاحد له فهناك تشريع شيوعى وهناك تشريع رأسمالي والشيوعية نفسها ملل ونحل فهناك شيوعية يمينية وهناك شيوعية يسارية وهناك شيوعية اشتراكية وهناك شيوعية معتدلة وهناك شيوعية متطرفة وغير ذلك
وفى و الرأسمالية يمين متطرف ويمين معتدل ويمين اشتراكي يساري يحد نوعاً من
الملكية
0
وبعض هذه التشريعات الحديثة تلغى الأديان نفسها والصهيونيون يعترفون علانية في كتاب و برتوكولات صهيون و أنهم هم الذين رتبوا نجاح كارل ماركس الذى خرج على العالم بأنه يجب أن يزول الدين ويجب أن تتطهر الإنسانية من الدين ومن فكرة الإله
ووجد كارل ماركس من يتبعه وينشئ دولا على منهاج مبادئه ولست أدرى هل يمكن أن يكون هناك دليل أقوى من ذلك على أن الإنسانية التى وصلت إلى الذرا في حضارتها
المادية قد توقفت فى بعض نواحيها ولم تتقدم خطوة واحدة من الناحية الروحية
والخلاصة أنه ليس هناك مقياس عقلى واضح أو مبين أو ثابت في المسائل العقلية والنظرية والتشريعية يفصل بين الحق والباطل وإلا لما تقبلت بعض المجتمعات ونفذت أفكاراً تدعو إلى شيوعية النساء وشيوعية المال وإلهاء الناس بالمسرح عن الله كما قال كارل ماركس وفى هذا يقول سقراط إن العقل الإنسانى بالنسبة للمسائل النظرية كلوح من الخشب يريد أن يعبر به الإنسان بحراً هائجاً لجى العواصف
ولهذا التعارض كان لابد من سفينة آمنة لا تغرق فى البحر بالإنسانية ولا تزعزعها العواصف والأعاصير ولقد نزلت الأديان هداية للعقل في الجانب النظرى نزلت في التشريع والأخلاق ونظام المجتمع ومن خصائص الوحى فيما يتعلق بالتشريع أنه هاد للعقل ولا يتأتى أن يكون هناك إيمان أبداً بدون الاعتقاد بأن الدين هاد للعقل ويكون عن دائرة الإيمان من اعتقد غير هذا
خارجاً
ونزل التشريع الإلهى معصوماً وهذه قضية أخرى يؤمن بها كل مؤمن هذه العصمة يعبر
٤٣٢
عنها الله سبحانه وتعالى بقوله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم وقال لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد
ومن خصائص التشريع الإسلامى الإلهى أنه يكف الإنسان تماماً عن محاولة الخروج عليه أما بالنسبة للتشريع الوضعى فإذا أنت وجدت فرصة للخروج عليه دون أن تضبط فلا جناح عليك مادامت عين القانون لم تلمحك لدرجة أن بعض الفلاسفة المنحرفين مثل نيتشه و الذي أشاد به اليهود وروجوا له يقول إذا أمكنك أن تخرق القانون الوضعى فاهدمه إذا استطعت هدمه إذا كان ذلك في مصلحتك بشرط أن تكون ذكياً لا تقع تحت طائلته وبتعبير آخر إذا كنت تقود سيارتك بسرعة فائقة وصدمت إنساناً وقتلت بذلك النفس التي حرم ا حق واستطعت أن تفر دون أن تضبط ودون أن يتمكن أحد من التقاط رقم سيارتك ونجوت من المحاكمة والعقاب فإنك تكون ماهراً أو شاطراً لأن القانون الوضعي لم يضبطك أما القانون الإلهي فهو يكف الإنسان ظاهراً وباطناً فى حين أن القانون الوضعى لا يكفه إلا ظاهراً
الله بغير
فالله عليم بذات الصدور ولكن القانون الوضعى عليم بما يراه الشهود فحسب ومن خصائص القانون الإلهى أنه حينما يطبق تعز الدولة التي تطبقه وحينما يغفل عنه يُذلّ المجتمع الذي أدار له ظهره إما بالتناحر والبغضاء فيما بين الناس وإما باستذلال المجتمع للفقراء أو للاستعمار أو للتخبط والهزيمة حينما طبقته الأمة الإسلامية في عهد الرسول عام وحينما طبقته فى عهد الصحابة - الخلفاء الراشدين - كانت الأمة التي لا تغيب عنها الشمس وليس بمنكور قصة الخليفة الذى رأى سحابة فقال لها امطرى حيث شئت فسيأتيني
خراجك طبقت الشريعة فطهرت النفوس وظهرت القوة وتم النصر وكان المسلمون يخوضون
المعارك
بروح الفداء والشريعة والإيمان وكانوا ينتصرون على أضعاف أضعافهم عدداً وعلى من هم أقوى منهم سلاحاً وعدة كما حدث في معركة القادسية مثلا لأن هناك جزءاً من حافز القتال وهو إيمان المؤمن بعدالة القانون الذى يحكمه والمساواة بينه وبين جميع الرعايا في هذه
أن
المعادلة ومن هنا يقبل الموت والفداء سعيداً مستبشراً ساعياً إلى النصر أو الشهادة بدلا من يتباطأ أو يتخاذل وشعاره المضمر أو المعلن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون
الفاسقون
وقد كان الحث على لزوم الشريعة حازماً ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ز ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما
هم
٤٣٣
شَجَر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ما المانع من تطبيق الشريعة الإسلامية بدلا من القانون الرومانى وقانون نابليون حقا لماذا لقد انتصرت الأمة الإسلامية وعزت فيما سبق فى ظل إيمان ثابت وطيد بالإسلام وكانت محترمة بين الأمم مهيبة الجانب قوية الشوكة طيلة تمسكها بالشريعة الإسلامية ثم بدأت شيئا فشيئاً تنصرف إلى الانحلال والبعد عن الشريعة وجاء الاستعمار فكان من أهم أهدافه أن يستذلها عن طريق القضاء نهائياً على شريعة الله واستبدالها بقانونه الوضعى أتى بعشرات القضاة من بلاده بثيابهم المزركشة وشعورهم المستعارة ووقارهم المزيف ليحكموا بغير ما أنزل الله وباسم الحرية الشخصية قتلوا كرامة الإنسان بإباحة الربا والبغاء العلني وقد حرص المستعمرون قبل أن يخرجوا من قطر من الأقطار بعشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر على أن يخططوا المستقبلهم في تلك الأقطار ولم يجدوا خيرًا من أن يذيبوا - نهائيا - طاقات الأمة التي يتركونها في
غمار ثقافتهم والتزاماتهم الفكرية ومقاييسهم الحضارية فيما يتصل بالسلوك والتشريع وفي بعض الأقطار الإفريقية حين أرادوا أن يجعلوها موالية للغرب أخذوا خمسة وثلاثين ألف لقيط ويتيم وكفلوا لهم رعاية أسطورية فى ظل مذاهب تعادى الإسلام وخرجوا منهم المهندسين والأطباء والقادة والإداريين فلما خرج الاستعمار بجنوده بقى أبناؤه الروحيون أفئدة ة تهوى إلى المستعمرين بمثلهم العليا وأساليبهم وأخلاقياتهم وترتبط بهم وتدور في
يقودون
هم
الذين
فلكهم ففي مصر مثلا خرج الاستعمار بجنوده بعد أن زرع فيها مدرسة الحقوق التي كان نصيب الشريعة الإسلامية فيها ساعتين من اثنتين وعشرين ساعة في الأسبوع وترك قوانين يخالف بعضها ما أنزل الله ولما تملكنا نظام سياستنا التعليمية لم نخرج عن قوانين نابليون والقانون الروماني والقانون البلجيكي والنتيجة أن المحامى والقاضى وعضو النيابة الذي يتخرج في كلية
6
الحقوق في مصر وفى كثير غيرها من البلاد الإسلامية يخرج بعقلية أوربية وفكر أوربي وأنماط أوربية فى القياس والتوجيه والمنطق وماذا يريد الاستعمار أكثر من أن يربط إليه أبناء أمة يتركها بهذه الطريقة الذى حدث شيء يستمر الإنسان في الحديث عنه في حسرة وألم يحزان في
النفس
حدث في غيبة التشريع الإلهى هذه الكثرة من جرائم السرقة لو اتبع التشريع الإسلامي لما كانت هناك سرقة ولننظر إلى بلاد أخرى غيرنا بلاد حولنا تطبق شريعة الإسلام وحدود الله في جرائم السرقة
في المملكة العربية السعودية مثلا قبل أيام الملك عبد العزيز آل سعود كانت هناك
٤٣٤
سرقة وكان هناك نهب وقتل وكان حجاج بيت الله الحرام يسيرون في حراسة الجيش لدرجة أن مصر كانت ترسل مع حجاجها كتيبة من الجيش تحرس الحجاج
وجاء الملك عبد العزيز وأمر بتطبيق شريعة الله وحدوده فانتهت جريمة السرقة أو كادت تنهى ولقد حدث أن زار السعودية منذ سنين قليلة وفد أوربي يضم مفكرين ومشرعين وفلاسفة من إيطاليا وفرنسا وألمانيا وانبهر الوفد لسبق الإسلام فى كثير من التشريعات فيما يتعلق بحقوق الإنسان بل اكتشف أن بعض مواده لم ترق إليها الحضارات الموجودة بعد ولكنه تساءل في نهاية الحوار الذي دار بينه وبين بعض علماء الإسلام السعوديين تساءل عن قطع يد السارق أليس فى ذلك بشاعة أليس في ذلك قسوة
فقال العلماء السعوديون للعلماء الأوربيين انظروا إلى هذه الصحراء المترامية يسير فيها الإنسان وقد لا يسمعه فيها أحد أو يراه أحد أو يحس به أحد واملئوا سيارة من الذهب أو الفضة المال أو النفائس وانتقلوا بها فى الصحراء من مدينة إلى مدينة أو فاتركوها إذا تعطلت السيارة بها وسط الصحراء وهيموا على وجوهكم بحثاً عن المعونة ثم عودوا إلى السيارة تجدون ما بها سليماً لم تمسه يد وقارنوا بين هذا وبين ما يحدث في مدينة مثل نيويورك في ساعة واحدة کم حادث سرقة وقع وكم حادث قتل وكم حادثة اغتصاب وقال العلماء السعوديون إنه فى مدى ثمانية عشر عاماً لم تطبق حدود الله في قطع اليد – على أكثر من ستة أو سبعة على أكثر تقدير ولكن جريمة السرقة انقطعت تماماً وماذا حدث في غيبة التشريع الإسلامي هذه الأنهار من الخمور والكثرة الكاثرة من الخبائث والمنكرات مصر بلد إسلامي – ومازالت الأقطار الأخرى تحسن الظن بمصر لكن البعض في هذا البلد يتباهى بإنتاج البيرة والخمر في الأسبوع الذي ذكرت فيه الجرائد أن مصر كسبت مليون جنيه من البيرة كتبت هذه الجرائد نفسها أن السينما خسرت ثمانية ملايين جنيه ثم يقولون – في تبرير إباحة الخمور إنما نبيع الخمور من أجل السائحين كل هذا هُراء لا يأتى إلا من المنحرفين عقليا وأخلاقيا وليس عندهم فكرة عن الآية الكريمة ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض يجب أن يعود التشريع الإسلامي - يعود لأمرين
الأمن على النفس والمال والعرض يتسنى ذلك حتى لمن لم يكن مسلماً
٢ - استمرار النصر بتوفيق الله تعالى
حينما كان شعار الجندى المصرى الله أكبر فى حرب رمضان صمدت و الله أكبر
٤٣٥
مبشرة بزمرة من المؤمنين انفصلت عن الانحراف ونطقت بكلياتها الله أكبر ولكن هذا النصر له قوانين لضمان استمراره إن الله سبحانه وتعالى ذكر قوانين النصر والهزيمة فإذا ما تخلينا عن الله سبحانه وتعالى تخلى الله عنا أما قوانين النصر فمنها الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتو الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر كل بحسب موقعه في المجتمع أمر بمعروف ونهى عن المنكر
إذا انصرفوا عن ذلك فليس هناك ضمان لاستمرار النصر
هناك مطالبة من كثير من الطوائف وهناك بطبيعة الحال استجابة فى مجلس الشعب وإلا فلا يصح أن يكون ممثلا لأمة إسلامية ويكون لكم الفضل – أيها القراء والمفكرون والزعماء في وضع القوانين التي يستمر بها النصر والأمن على المال والعرض والنفس ومن يعتصم بالله فقد هُدى إلى صراط مستقيم
في الانتخاب
إن انتخاب إنسان نائباً عن دائرة من الدوائر ينبغى أن لا يكون من أجل مصلحة شخصية وإنما يكون من أجل صفات فى النائب تجعله أهلا للنيابة وينبغى أن لا يكون انتخابه من أجل وعود أو عهود يرتبط بها أمام الناخبين خصوصاً إذا كان الناخبون يعرفون فيه من قبل أنه ليس أهلا للنيابة عنهم إن الانتخابات أمانة تؤدى للمخلص الكفء دون أن تكون هناك حاجة إلى عهود أو وعود قد لا يتمكن في المستقبل من أدائها وقد لا يكون أداؤها في يده وحده دون
معارضة
وعلى كل حال فإن العهود والمواثيق التي تتصل بوجوه الخير والتي تكون في سبيل الله إذا أخل النائب بها متعمداً أو مهملا لها غير مبال لها فإنه يدخل بذلك تحت الآيات والأحاديث التي تناولت ذلك وحذرت منه تحذيراً شديداً من ذلك قول الله تعالى يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون
ومن ذلك قوله الله آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان
أما إذا دعا بالخير وعمل على تحقيق وعده ما استطاع فحالت الظروف دون ذلك فإنه مثاب مأجور على إرادة الخير والعمل له ومن هم بحسنة فلم يتيسر له تحقيقها كتبت له حسنة
A
٤٣٦
في شعار الإيمان للدولة
إننا نستمتع
وعرف
أعضاء
في العصر الحاضر بكثير من حرية الكلمة وحرية إعلانها وأول أمر أتحدث عنه هو أن الرئيس أعلن شعار الإيمان أعلنه غير مرة وأعلنه في خطبه وفي الصحف القاصي والنائى أن الرئيس أعلن شعار الإيمان وما من شك في أن الأغلبية العظمى من مجلس الشعب من المؤمنين الصالحين ولو عرض عليهم مشروع يتناسق مع شعار الإيمان لبادروا إلى الموافقة عليه ومازلت أذكر جلسة مشهورة من جلسات مجلس الشعب جلسة جاء فيها عرض قطع يد السارق فتحمس الغالبية العظمى من أعضاء مجلس الشعب لتشريع قطع يد السارق وتأزم جو المجلس ولم تنته المسألة إلا بعد أن أخذ الأعضاء وعداً بدراسة الموضوع دراسة مستفيضة وعرضه في الرول إذ إنه ليس معروضاً ولم يدرس من قبل والصورة التي أريد إعلانها من هذا أن مجلس الشعب مستعد لإقرار شعار الإيمان إذا عُرض
عليه
وكنت أفهم أن القضاء وزارة وقضاة وأجواء قضاء على اختلافها وتعددها ستبادر بدراسة شعار الإيمان وتعدد القوانين وتقعد القواعد ولكن لم يحدث شيء من ذلك وكنت أفهم أن كليات الحقوق في جميع أرجاء الجمهورية أو على الأقل كلية منها تبادر فتتخلص من آثار الاستعمار واللادينية التي فرضت عليها عشرين درساً في الأسبوع في القوانين الوضعية ودرسين فقط في الأسبوع فى الشريعة بكل فروعها المتعددة
إن النظام الذى تسير عليه كليات الحقوق هو نفس النظام الذى فرضه الاستعمار وقد زال هذا الاستعمار فكان على هذه الكليات وهى مشهورة بالتحرر أن تتحرر من آثار الاستعمار وأن تعيد النظر في مناهجها وبرامجها التي تعلن أن الاستعمار باق يتحدى في زاوية من أخطر زوايا المجتمع وهى زاوية القضاء والعدالة إن الرئيس لا يتسع وقته لمتابعة الجزئيات ولكنه يعلن المبادئ العامة ويدع التطبيق والتفصيلات إلى المسئولين عنها ولقد وفقه الله فى إعلان دولة العلم والإيمان إلى المنهج الإسلامي الصحيح المنهج الذي وضعه الله تعالى للأمة الإسلامية وهذا المنهج هو المنهج الذي قام به رسول الله الله ورسمه لأمته إن دور الرسول الله أن يعلمهم ويزكيهم
هو
٤٣٧
وهذ هو الشعار الذي أعلن أما العلم فإنه يسير فى صورة لا بأس بها ولكنه إذا كان يسير في صورة لا بأس بها من ناحية الثقافة المادية فإنه قاصر كل القصور من ناحية المنهج الإيماني الذي يمثل الشطر الثاني من دول العلم والإيمان والعلم بدون إيمان مدمر مهلك ونحن في أمس الحاجة إلى تلاميذ وطلبة قد أخذوا حظاً كافياً من شعار الإيمان في جميع درجات التعليم
أنا
وإن تعجب فعجب أن يأمر الرئيس أحد وزراء التعليم بالعناية بالدين كما وكيفا فى جميع مراحل التعليم التي تدخل في دائرته وعلى إثر ذلك عقدت اللجان وبدأت اجتماعاتها وحضرت بعضها واستمرت اللجان تنعقد على فترات طويلة ثم انتهت بلا شيء ومازال الأمر على ما هو عليه والدراسات الدينية في جو وزارة التعليم على هامش الحياة وكنت أفهم أن وسائل الإعلام حينما تسمع إعلان شعار الإيمان تستجيب له استجابة كاملة ولا أحد ينكر أثر وسائل الإعلام إنها تصنع الرأى العام والرأى العام يصنع - كما تصنع الماديات ولو استقامت وسائل الإعلام لكانت عاملا من أهم العوامل في إصلاح المجتمع وتحقيق شعار الإيمان ولكن الأغلبية العظمى من وسائل الإعلام سارت وتسير على اللامبالاة بشعار الإيمان والشيوعيون – وهم متغلغلون في وسائل الإعلام بحسب منهج مرسوم - وصل بهم الأمر إلى مهاجمة الدين فإن الشيوعية نقيض الإيمان والوحى والرسالة على خط مستقيم وهي في وسائل الإعلام لا تسكت عن الإيمان وإنما وصل بها الأمر إلى مهاجمته وإنه من المعروف أن المنهج الشيوعى يهاجم أولا علماء الدين في التمثيليات وفى المسرحيات وفي المقالات والكتب حتى إذا ما ضعفت شوكة علماء الدين بدءوا يهاجمون الدين نفسه على صور مختلفة تتكيف بالجو وبالبيئة التي يعيشون فيها ووصل الأمر بالشيوعيين فى إحدى المجلات أن يشجعوا على الفسق والزنى وكتبوا فى صورة علنية عن آراء سافرة تبرر حرية الفتاة فى أن ترافق وترنى وتفعل الرجس تحت قانون الحرية وكأن البلد بلا دين وبلا رقابة خلقية
وكنت أفهم أن هناك رقابة على هذه الصور التي تعلق فى الشوارع وعلى جدران المنازل مثيرة للغرائز داعية إلى أفلام كلها رجس وفسق ورقابة على الأفلام المثيرة للشباب الموجهة إليه إلى تحقيق غرائزه بصورة أو بأخرى وأعود فأقول إن الرئيس وهو يعلن المبدأ العام مبدأ الإيمان لا يتتبع الجزئيات وليس هناك قائد اجتماعى يعلن المبادئ ثم يضيع وقته لتتبع الجزئيات فعلى كل فرد وعلى كل مؤسسة أن تستجيب لشعار الإيمان
٤٣٨
أما النتيجة لهذه الاستجابة فهي النصر الذي وعد الله به المؤمنين حيث قال وكان حقا علينا
نصر المؤمنين
وإلى إذا كنت أنبه على هذه الأمور فإنى أحب أن أتحدث فى النهاية عن الخطورة التي تترتب على عدم الاستجابة
لقد انتصرنا على الرغم من كل توقعات المتشائمين وصدر الأمر التاريخي العظيم بالعبور وعبرنا
بتوفيق الله تعالى وانتصرنا وإن دوام هذا النصر موكول بالاستجابة لله تعالى إن تنصروا الله ينصركم والواجب إذن - من أجل دوام النصر - أن يقوم كل منا بدوره فى شعار الإيمان والله سبحانه وتعالى يقول ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور
في موقف الإسلام من الوحدة العربية
يقول الله تعالى في سورة آل عمران
يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً
في هذه الآيات الكريمة أمر صريح بالاتحاد وبالاجتماع ونهى عن الخلاف والتفرقة وقد ورد ذلك أيضا في الأحاديث الشريفة فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله الله
قال
إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويسخط لكم ثلاثاً يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويسخط لكم ثلاثاً قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال
هل يعمل أعداء العرب على التفرقة بينهم إن أعداء الإسلام يعملون دائماً على إيجاد عوامل التفرقة بين العرب وافتعال أسباب للخلاف بينهم ومن أقدم ما عرف من ذلك حادثة شاس بن قيس اليهودي التي يرويها التاريخ
وترويها كتب السيرة
وسواء أكان الإنسان متخذاً طريق الاعتكاف أم طريق التفرغ بقدر الاستطاعة فإن العبادة وإحياء الليل في هذه الأيام يكون بقراءة القرآن والصلاة والذكر والدعاء أما قراءة القرآن فقد روى فى فضلها الكثير من ذلك ما رواه البخاري عن رسول الله الله أنه قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه وما رواه الترمذى عنه من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشرة أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف وقد وردت الآثار في الحث على سور وآيات مخصوصة والفاتحة أعظم سورة في القرآن
في رخصة الفطر
يقول الله تعالى شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أ أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم
تشكرون
والآية الكريمة ترشد إلى أن المريض يفطر ثم يقضى ما أفطره فيما بعد حينما يكتب الله له
الشفاء
ويجوز له أن يقضى ما لم يصمه يوماً يوماً أى يقضيه متفرقاً أو متتابعاً بحسب الظروف
المواتية
فإذا استمر به الضعف في العام الأول فليقضه فى العام التالى أو فى العام الذي يليه ولقد علل الله سبحانه وتعالى هذا الفطر وإرجاء القضاء بتعليل جميل جليل هو قوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر والجو جو تيسير ولا فدية على المريض المنتظر الشفاء إذا تأخر الصيام عاماً أو أعواماً فيما روى السادة الأحناف وعليه أن يقضى حينما يمن الله
عليه بالشفاء
في من رخص له بالفطر
الأمة
يقول حبر
رخص للشيخ
ابن عباس رضي الله عنهما الكبير
أن يفطر ويطعم كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليه وهذا الحكم إنما
هو للرجل والمرأة على السواء وهو حكم يتفق عليه جمهرة الأئمة وهو حكم يسير في انسجام
٤٣٩
لقد مر شاس على نفر من الأوس والخزرج فى مجلس جمعهم فغاظه صلاح ذات بينهم وقال في نفسه قد اجتمع ملأ بني قيلة في هذه البلاد ومالنا - إذا اجتمع ملؤهم بها - من قرار وأمر فتى شاباً يهودياً - وكان معهم - أن ينتهز فرصة يذكرهم فيها بيوم بعاث ذلك اليوم الذي انتصر فيه الأوس على الخزرج وتكلم الغلام فأنشدهم ما قيل في ذلك اليوم من أشعار فذكر القوم ذلك اليوم وتنازعوا وتفاخروا واختصموا وقال بعضهم لبعض إن شئتم عدنا إلى مثلها وبلغ رسول الله علي ذلك الأمر فخرج إليهم فيمن معه من الأنصار والمهاجرين فذكرهم بما ألف الإسلام بين قلوبهم وجعلهم إخواناً متحابين وكان مما قال أدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية ومازال بهم حتى بكى القوم وعانق بعضهم بعضاً واستغفروا الله جميعاً
ومن أجل البقاء على وحدة الأمة العربية قوية متينة آخى رسول الله ما بين المؤمنين منذ أن كان بمكة قبل الهجرة وآخى بينهم في المدينة بعد الهجرة فقد آخى بين أبي بكر وعمر وبين طلحة والزبير وبين عبد الرحمن بن عوف وعثمان وبين آخرين كثيرين وفى مجلس المؤاخاة هذا قال على رضى الله عنه يا رسول الله إنك آخيت بين أصحابك فمن أخى قال صلوات الله عليه و أنا أخوك
فلما هاجر صلوات الله عليه إلى المدينة آخى بين أصحابه من المهاجرين والأنصار قائلا تاخوا فى الله أخوين أخوين
ولقد كان جعفر بن أبي طالب - ذو الجناحين الطيار في الجنة - يومئذ غائباً بأرض الحبشة ذلك فقد آخى رسول الله بينه وبين معاذ بن جبل ومع هذه المؤاخاة إنما هي مجرد رمز لما يجب أن يكون عليه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يقول الله تعالى إنما المؤمنون إخوة
في الإسلام والسيف
الواقع أن هذه المسألة إنما هي فرية مصطنعة أثارها أعداء الإسلام دون أن يكون هناك مبرر
لإثارتها
وذلك أن الإسلام بدأ بواحد وهو رسول الله وفيما بعد قال أحد الصحابة لقد رأيتني
٤٤١
وأهم هذه الملابسات الصخب الإلحادى الذى تقوم عليه بعض المجتمعات التي نحت الدين من طريقها لاعتبارات ليس من غرض الحديث التعرض لها بيد أنها في جملتها وتفصيلها اعتبارات لا تقوم على منطق ولا تتذرع بحجة صحيحة ومن بين هذه الملابسات أيضا عجز المعتقدات الدينية في الغرب عجزاً تاماً عن إشباع تطلعات العقل والقلب الأمر الذى أتاح ويتيح الغرض لسيطرة التطور المادى وتخاذل الفكر الديني أمامه هناك وانزوائه فى غمرة الفراغ الفكرى نتيجة مجانبة الإسلام فى السلوك لدى هذه المجتمعات وتسلل الصخب الإلحادى وما تمخض عنه من عجز المعتقدات الدينية في الغرب إلى بعض الأفكار في المجتمعات الإسلامية فكان لذلك أثره فى الظاهرة التى شاعت بين بعض الأفكار وهى بحمد الله قلة في مجتمعنا - من أن الفكر الدينى يعانى أزمة في مواجهة التطور المادى وأما الجماهير فإن لهم من حصانة الإسلام في ذاته وقاية طبيعية من هذه الظاهرة المرضية الأمر الذي ينتهي بنا إلى القول بأن المجتمعات الإسلامية في مجموعها لا تعانى أزمة فى مواجهة التطور المادى وإنما تشكو ظاهرة مرضية بدت لدى البعض ويتحتم علاج هذه الظاهرة إذ العدوى ليست في الأجسام فقط وإنما تتعدى إلى الأفكار والأخلاق
يلاحظ الكثيرون بعض المظاهر التى توحى بعزلة رجال الدين عن الحياة الاجتماعية والسياسية كما يلاحظون بعض المظاهر
السلبية فى العادات والتقاليد والتواكل والاستسلام للواقع لما هو موقف الدين من كل ذلك
هذه الملاحظة في عمومها الذي وردت به غير مقبولة من الناحية الواقعية بإطلاق فالمعروف تاريخياً أن علماء الإسلام كانوا على مر العصور يشاركون مشاركة تامة في أحداث السياسة والاجتماع ومن يدرس التاريخ أو يطلع عليه يجد ذلك حقاً بل يجد أنهم كانوا القادة والمحركين وأقرب الأحداث نسبياً ما كان من علماء الإسلام أيام الحملة الفرنسية ثم ثورة ١٩١٩ وهل ينسى الناس أمثال عمر مكرم والشيخ السادات وسعد زغلول أليس هؤلاء ممن خرجهم
الأزهر
بل إن علماء الأزهر كانوا درع الشعب الواقية من صلف الحكام وظلمهم وهل ينسى أ مواقف الشيخ أحمد الدردير – رضي الله عنه وأرضاه
أحد
٤٤٢
لكن الذي كان فعلا هو أن الاستعمار الإنجليزى عمل بكل جهده على عزل علماء الأزهر عن مجالات التأثير وبخاصة في التدريس في المدارس الابتدائية والثانوية وكان بطل هذا العمل هو القس الإنجليزي دانلوب الذى عمل بما استطاع من حيلة أن يخنق جهاز الأزهر ويحصره في نطاق ضيق يحول دون فاعلية التأثير وعلى الرغم من كل ذلك استطاع العملاق بفضل الله وعونه أن يظل صامداً فى حلبة التأثير وإن كان قد أصابته خدوش فذلك ضرورة من ضرورات
المعارك
وليس | أدل على أن علماء الإسلام يشاركون فى الحياة الاجتماعية والسياسية من قيام جبهات غير إسلامية تحاول بمختلف الأساليب أن تنال منهم حتى يخف وزنهم في قلوب المواطنين الأمر الذي يتبعه حتماً فقدان التأثير وليس من اللازم في توصيف المشاركة أن يوكل إلى المشارك عمل اجتماعي أو سياسي بعينه
أما
وإنما المشاركة في معناها الأصيل فهم الواقع والتأثير بأى أسلوب من أساليبه عن المظاهر السلبية ف