الإمام
الدكتور عبد الحليم محمود
فَتَاوَى
فاضلی
الإمام عبد الحليم محمود
الجزء الأول
صار المعارف
الميول البشرية للإنسان دون ملاحظة للدين إذا قلنا بأخذ الصالح فما هو الصالح وفى رأى
من
إن الصالح يختلف من إنسان إلى آخر
إذا قلت مثلا ٦٪ فائدة البنوك ثم تساءلت أهذا صالح أم غير صالح يقول لك كثير من الناس بحسب عقولهم وأفكارهم وآرائهم يقولون لك إنه لا بأس بذلك لابأس بستة في المائة في البنوك ويرفض ذلك آخرون
فهل ٦٪ في البنوك صالح أخذها أو ليس بصالح يختلف الناس ونأتى إلى مسائل أخرى متحدثين بأسلوب الدين ونقول شرب قليل من الخمر هل هو صالح
أو ليس بصالح وستجد لا محالة من يقول لك إنه لابأس بشرب قليل من الخمر والاستحمام المختلط على الشواطئ جماعات رجالا ونساء هل هو صالح أوليس بصالح نأخذه من الحضارة الغربية أو لا نأخذه الحضارة الغربية ستجد أيضًا أصحاب من الأهواء الشيطانية وأصحاب الآراء الجنسية يقولون لك إن هذا صالح الجسم صحته
هل
تتوافر في ضوء الشمس ويستفيد من الفيتامينات التى فى إشعاع ضوئها و هذه القضايا - وكثير غيرها مما لا يقرها الدين - سنجد لها أتباعا يقرونها من هؤلاء الذين يتبعون أهواءهم وسنجد من يقول إن ذلك صالح إذا قلنا بأخذ الناحية الصالحة فى الحضارة الحديثة ورفض الناحية غير الصالحة فإن الرأى لا يستقيم لأن الناس يختلفون فيه اختلافا كبيرًا ولا يتأتى التحديد تحديد الصالح وتحديد غير الصالح لا يتأتى الاتفاق على التحديد مادمنا فى مجال العقل فحسب ومادامت المسألة آخذة
وضعها العقلى الفكري فقط ما المخرج - إذن من هذا
ماهو - إذن - موقفنا من الحضارة الحديثة إذا كنا لا نقبلها ولا نرفضها ولا نقبل التوسط
فيها
وأريد أن آخذ الآن في إبداء رأينا الشخصى فيما يتعلق بالموضوع ونحن فيما يتعلق بمجال الحضارة الحديثة نرى - كما يرى غيرنا - والآراء فيما سنذكره لا تختلف تقريبا - أن الحضارة الحديثة تنقسم إلى قسمين القسم المادى قسم المعامل والمصانع قسم الطب قسم الكيمياء قسم الطبيعة هذه
إن أخاك و أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق بنا
إليه فلنخفف من عياله أخُذُ من بنيه رجلا وتأخذ أنت رجلا فنكلها عنه
"
فقال العباس نعم فانطلقا حتى أتيا أبا طالب ۳۱ وانتهى الأمر بينهما وبينه أن أخذ رسول الله ع عليا فضمه إليه وأخذ العباس جعفرا
نشأه على مع الرسول ل منذ نعومة أظفاره فتفتحت عيناه – طفلا – على أكرم مثل للقدوة الحسنة ممثلة فى الرسول عليه الصلاة والسلام وتفتحت عيناه على أكرم مثل للود المتبادل بين الزوجين الطاهرين والحنان الذى يملأ البيت الكريم والرحمة التي تفيض من قلب محمد وخديجة فيكون من أثرها حمل الكل وصلة الرحم وقرى الضيف والإعانة على نوائب الدهر فترك ذلك في نفسه أكرم الأثر وأوحى الله إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى - يومئذ - ابن عشر سنين فلم تتدنس جبهته بالسجود لصنم ولم يكن فى سن تجترح فيها المعاصى فاعتنق الإسلام طاهراً ولقد أراد - قبل إسلامه - أن يستشير أباه وبات ليلته يفكر في الأمر فلم يكن يغمض له جفن فلما أصبح أعلن في ثقة واطمئنان أنه أسلم وأنه في غير حاجة لرأى أبي طالب
وقال
لقد خلقني الله من غير أن يشاور أبا طالب فما حاجتى أنا إلى مشاورته لأعبد الله وكان رسول الله ل إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه على ابن أبي طالب مستخفياً من أبيه أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه فيصليان الصلوات فيها فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا ۳ و وحين نزلت الآية الكريمة وأنذر عشيرتك الأقربين دعا محمد عشيرته إلى الطعام في بيته وحاول أن يحدثهم داعياً إياهم إلى الله فقطع أبو لهب حديثه واستنفر القوم
ليقوموا
عمه
ودعاهم محمد في الغداة كرة أخرى فلما طعموا قال لهم
ما أعلم إنساناً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرنى على هذا الأمر فأعرضوا عنه وهموا بتركه
۳۱ سيرة ابن هشام ص ۹۳ ۳ سيرة ابن هشام ص ٣٦٢
104
لكن عليا نهض وهو ما يزال صبيا دون الحلم وقال أنا يا رسول الله في عونك أنا حرب على ما حاربت فابتسم بنو هاشم وقهقه بعضهم
وجعل نظرهم يتنقل من أبي طالب إلى ابنه ثم انصرفوا مستهزئين ۳۳ وفى ليلة الهجرة أسر الرسول ل إلى على أن يتسجى بُرْدَه الحضرمي الأخضر وأن
تم
أخذ
٣٤
ينام في فراشه وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدى عنه الودائع التي كانت عنده للناس وآخى رسول الله ل بين أصحابه من المهاجرين والأنصار حين نزلوا المدينة ليذهب عنهم وحشة الغربة ويؤنسهم من مفارقة الأهل والعشيرة ويشد أزر بعضهم ببعض بيد على بن أبي طالب فقال هذا أخي فكان رسول الله ا و على بن أبي طالب رضى الله عنه أخوين ٣٥ لقد رباه رسول الله ا صغيراً وكان رضي الله عنه يعيش في بيته كأحد أبنائه وكان أول من أسلم من الذكور وآخى رسول الله ل بينه وبينه وزوجه بأحب بناته
إليه
فاطمة رضى الله عنها
ثم إن شجاعته الفذة وإخلاصه النادر للرسول وتقواه وزهده كل ذلك مشهور لا يحتاج إلى توضيح ولذلك يقول الدكتور طه حسين بحق ولقد قال المسلمون بعد وفاة النبي إن عليا كان أقرب الناس إليه وكان ربيبه وكان خليفته على ودائعه وكان أخاه بحكم تلك المؤاخاة وكان ختنه وأبا عقبه وكان صاحب لوائه وكان خليفته فى أهله وكانت منزلته منه بمنزلة هارون من موسى بنص الحديث
عن النبي نفسه
لو قد قال المسلمون هذا كله واختاروا عليا بحكم هذا كله للخلافة لما أبعدوا
ولا انحرفوا ٣٦
ولا غرابة والأمر كذلك أن كان جمع من الصحابة
أبي بكر و عمر وغيرهما
۳۳ حياة محمد للدكتور هيكل ص ١٤٠
٣٤ المصدر نفسه ص ۱۱
٣٥ سيرة ابن هشام والروض الأنف ص ۱۸
٣٦ عثمان للدكتور طه حسين ص ١٥٢
بری
أن عليا أفضل من
10
وذكروا أن ممن كان يرى هذا الرأى عماراً و سلمان الفارسي و جابر بن عبد الله
و العباس و بنيه و أبي بن كعب و حذيفة إلى كثير غيرهم
8
۳۷
ولكن اجتماع الثقيفة انتهى باختيار أبي بكر رضي الله عنه خليفة للمسلمين فامتنع على رضى الله عنه عن البيعة لاعتقاده أنه أحق بالخلافة والحديث التالي يبين
موقفه
في صحيح البخاري حدثنا يحيى بن بكير عن عائشة أن فاطمة - عليها السلام - بنت النبي ع أرسلت إلى أبى بكر تسأله ميراثها من رسول الله ل مما
أفاء الله عليه بالمدينة و فدك وما بقى من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول الله ل قال لا نورث ما تركناه صدقة إنما يأكل آل محمد في هذا المال وإني والله لا أغير شيئاً من صدقة رسول الله ل عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله ع ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله ل فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي ع ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها على ليلا لم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها وكان لعلى من الناس وجه حياة فاطمة فلما توفيت استنكره على وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن اثننا ولا يأتنا أحد معك كراهية ليحضر عمر فقال عمر
لا والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر
وما عسيتهم أن يفعلوا بي والله لآتينهم
فدخل عليهم أبو بكره فتشهد على فقال
إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك ولكنك استبددت علينا الأمر وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله نصيباً حتى فاضت عينا أبي بكر ه فلما تكلم أبو بكر قال
والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله الله أحب إلى أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير ولم أترك أمراً رأيت رسول الله
يصنعه فيها إلا صنعته
۳۷ فجر الإسلام من ص ۳۸
١٠٦
فقال على لأبي بكر موعدك العشية للبيعة
فلما صلى أبو بكر الظهر رقى المنبر فتشهد وذكر شأن على وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ثم استغفر
وتشهد على فعظم حق أبى بكر وحدَّث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكاراً للذى فضله الله به ولكنا كنا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً فاستبد علينا فوجدنا في أنفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت وكان المسلمون إلى على قريباً حين راجع الأمر بالمعروف ۳۸ ا هـ بايع على أبا بكر في إخلاص المؤمن الصادق الإيمان وأخذت حياته تسير في مجراها الطبيعي زهد وتقوى وعلم وورع واستمر منارة يهتدى بها الحائر ومثلا أعلى يسير على هداه من رغب عن سنن الباطل وطمح إلى رضوان الله
D
وتوفى أبو بكر - رضوان الله عليه - بعد أن عهد بالخلافة إلى الفاروق فاجتمعت كلمة المسلمين على ابن الخطاب فقادهم جَهْدَه إلى مرضاة الله وكان على في زمنه كما كان في زمن أبى بكره المنارة والمثل الأعلى
وكان كل شيء يرشح عليا للخلافة بعد موت عمر قرابته من النبي ل وسابقته فى الإسلام ومكانته بين المسلمين وحسن بلائه فى سبيل الله وسيرته التي لم تعرف العوج قط وشدته في الدين وفقهه بالكتاب والسنة واستقامة رأيه في كل ما عرض عليه من
المشكلات
*
6
ولئن تحرج المسلمون من تقديمه على أبي بكر لأنه كان رفيع المكانة عند النبي ل وثاني اثنين فى الغار ولأنه خلف النبي على الصلاة بالناس ولئن تحرج المسلمون من تقديمه على عمر لمكانة عمر
بالخلافة إليه ثانياً
أولا ولعهد أبي بكر
لقد كان المسلمون يستطيعون أن يختاروا عليا للخلافة لا يجدون بذلك بأساً ولا يبقون فعمر قد رشحه ومكانته ترشحه ثم هو كان بعد ذلك من قوة العصبية في
فيه حرجاً
۳۸ البخارى ويجب أن نأخذ هذا الحديث بتحفظ فيما يتعلق بتفاصيله وتعبيراته فهو رواية السيدة عائشة - رضى الله عنها - وقد يكون فيه بطريقة لاشعورية بعض ما يغض من شأن على ولكنه صحيح فيا يعرفنا به من امتناع على عن البيعة ومن تحديد الزمن الذي امتنع فيه ولهذا أهميته
۱۰۷
العرب عامة وفى قريش خاصة بالمنزلة التي كان فيها عبد الرحمن بن عوف فهو قد أصهر إلى قريش وأصهر إلى مصر وأصهر إلى ربيعة وأصهر إلى وكان له بنون من نسائه على اختلاف قبائلهن فلو قد ولى الخلافة قبل أن ي الناس لكان خليقاً أن يقارب بين العصبيات المتباعدة وأن يجمع الناس على طاعته وأن
اليمانية
يحملهم على الجادة كما قال عمر
ولكن المسلمين لم يختاروه لأمرين
يفترق
أحدهما خوف قريش أن تستقر الخلافة في بني هاشم إن صارت إلى أحد منهم وقد بينت الحوادث أن علياً لم يكن لينقل الخلافة بالوراثة فهو قد سار سيرة النبي وسيرة لأحد عمر فلم يعهد من بعده
والآخر أن عليا لم يقبل ما عرضه عليه عبد الرحمن من أن يبايع على كتاب الله وسنة رسوله وفعل أبى بكر و عمر لا يحيد عن شيء من ذلك تحرج على من أن يعطى هذا العهد مخافة أن تضطره الظروف إلى أن يقصر عن الوفاء به كاملا فعرض أن يبايع
على أن يلزم كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين بقدر جهده وطاقته ۳۹ وللمرة الثالثة لم يتول سيدنا على الخلافة إنما تولاها سيدنا و عثمان واستمر سيدنا على المنارة والهدى والمثل الأعلى وحدثت الأحداث التي انتهت بقتل سيدنا
عثمان وتولى سيدنا على الخلافة فلم يتغير سلوكه ولم ينحرف عن الجادة وقد عاش على قبل الفتوح كما عاش بعد الفتوح عيشة هى إلى الخشونة والشظف أقرب منها إلى الرقة واللين فلم يتجر ولم يتسع وإنما اقتصر على عطائه يعيش منه ويرزق أهله ويستثمر فضوله فى مال اشتراه بينبع ثم لم يزد عليه
ولما مات لم تحص تركته بالألوف فضلا عن عشراتها أو مثاتها أو الملايين وإنما كانت تركته كما قال و الحسن ابنه في خطبة له سبعمائة درهم كان يريد أن يشترى بها خادماً وكان على في أثناء خلافته القصيرة يلبس خشن الثياب والمرقع منها ويحمل الدرة ويمشى فى الأسواق فيعظ أهلها ويؤدبهم كما كان يفعل عمر فكان هذا دليلا على أن
عمر كان صادق الفراسة حين قال لو ولوا الأجلح لحملهم على الجادة ٤٠ حقا لقد كان سيدنا على مثلاً سامياً في الدين والأخلاق ومع ذلك فإنه لم يكد يتولى الخلافة بعد مقتل سيدنا عثمان حتى اضطرب الأمر واختل النظام
۳۹ عثمان للدكتور طه حسين ص ١٥٢
١٥٣
٤٠ عثمان ص ١٥
1A
أراد سيدنا على أن يقود الناس إلى الآخرة فإذا هم متطلعون إلى الدنيا وأراد أن يوجههم إلى الله فإذا بالمادة قد غلبت عليهم ولقد عاش طيلة خلافته في جلاد وصراع ضد الأهواء والشهوات والدنيا وفى النهاية لقى مصرعه على يد عبد الرحمن بن ملجم وتغلبت الأهواء والشهوات والدنيا ممثلة في معاوية وانتصرت الدنيا ولكن كان للآخرة عشاقها ومحبوها وهؤلاء لم يتوانوا في نصرة على حيا فلما قتل أخذوا يذكرون حياته الحافلة بصالح الأعمال وجليلها وأخذت صورة و على 1 - بمر الزمن - تلبس شيئاً فشيئا هالة من الإجلال والتقديس والتنزيه والربانية و وهل من مزيد كانت الشيعة - في بدء أمرها - محبة كمحبَّة سلمان الفارسي لآل البيت ثم أصبحت محبة وعطفاً وشفقة حينما اعتقد بعض الناس أن البيت العلوى لم يأخذ المكانة اللائقة في المجتمع فلما أصبح الظلم اضطهاداً وتعذيباً وتشتيتاً وبتراً للأعضاء وسملا للعيون وقتلا تكونت و الشيعة بالمعنى الاصطلاحي المعروف الآن وكان رجال البيت العلوى ومن يعطف عليهم يغذون الفكرة ويمدونها بما استطاعوا من مال ومن
والألوهية
تشجيع
ولكن الأفكار - إذ ذاك - لم تكن تسير بالمال والتشجيع فحسب وإنما كانت تتطلب سنداً من الدين لا مناص منه لام ولجأت الشيعة إلى القرآن وإلى السنة تستمد منها - فى يسر أو في تعسف – ما يعينها
على ما تريد
وآل أمر الشيعة إلى شيع وأفرط الكثير منها في على وغالى والحب – حقا – يعمى ويصم فكان من ذلك الغلاة ولعل فيما تقدم ما يدل على أن أصل الشيعة لم يكن يهوديا ولم يكن فارسيا كما يزعم بعض المستشرقين وإنما نشأت الشيعة نشأة طبيعية ونمت نموا طبيعيا
فرق الشيعة
إلى
وبرغم أن الشيعة تفرقت إلى ما لا يكاد يحصى من أحزاب فإنه من الممكن تقسيمها
19
۱ - غلاة
٢ - إسماعيلية وما تفرع عنها
- إمامية اثنا عشرية
٤ - زيدية
٤١
أما
الشيعة
أما الغلاة فقد بادوا وانقرضوا وقد تبرأ منهم الشيعة الإمامية منهم والزيدية يقول الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في رده على بعض الناقدين و للشيعة فهل مراده ما يسمونه غلاة الشيعة كالخطابية و الغرابية و العلياوية وه المخمسة و البزيعية وأشباههم من الفرق الهالكة المنقرضة التي نسبتها إلى الشيعة من الظلم الفاحش وما هى إلا من الملاحدة كالقرامطة ونظائرهم الإمامية و أمتهم ع فيبرءون من تلك الفرق براءة التحريم أما عبد الله بن سبأ الذى يلصقونه بالشيعة أو يلصقون و الشيعة به - فهذه كتب الشيعة بأجمعها تعلن بلعنه والبراءة منه وأخف كلمة تقولها كتب رجال و الشيعة في حقه ويكتفون بها عن ترجمة حاله عند ذكره في حرف العين هكذا عبد الله بن سبأ ألعن من أن يذكر ٤٢ وأما الإسماعيلية وهم منتشرون في الهند والباكستان وجنوب إفريقيا وشرقها فلسنا الآن بصدد الحديث عنهم وعن مذهبهم وقربه وبعده عن الدين وصلته أو عدم بالأفلاطونية الحديثة أو بغيرها من مذاهب وسنترك ذلك لفرصة أخرى إن شاء الله سنقتصر في الحديث إذاً على الإمامية الإثنا عشرية و الزيدية والشيعة الإمامية الاثنا عشرية يمثلون - كما يقول الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء - - أكثرية أهل السواد في العراق وتسعة أعشار إيران وجماعات فى القفقاز من الاتحاد السوفيتي وجبل عامل من الشام وجزر البحرين و الكويت وسواحل و الأحساء و و الهند ٤٣ ويقول الدكتور أحمد أمين ويبلغ الإمامية و الآن نحواً من سبعة ملايين في فارس ونحو مليون ونصف فى العراق وخمسة ملايين في الهند ٤٤
و الزيدية
هم
الشعب اليمنى على الخصوص
٤٣ أصل الشيعة
٤٤ ضحى الإسلام ص ۱۳
٤١ أصل الشيعة ص ٤٦ - ٤٧
٤٢ أصل الشيعة ص
صلته
1 - والإمامية والزيدية يتفقون على أن عليا أفضل الخلق بعد رسول الله ۱ - وأنه لذلك كان أحق بالخلافة من أبي بكر و عمر أما فيما عدا هذا فلا يكادون
يتفقون على شيء
مذهب الإمامية
C
والإمامية مجمعون على أن النبي نص على استخلاف على بن أبي طالب باسمه وأظهر ذلك وأعلنه وأن أكثر الصحابة ضلوا بتركهم الاقتداء به بعد وفاة النبي وأن الإمامة لا تكون إلا بنص وتوقيف وأنها قرابة وأنه جائز للإمام في حالة التقية أن يقول إنه ليس بإمام وأبطلوا جميعاً الاجتهاد وزعموا أن الإمام لا يكون إلا أفضل الناس وزعموا أن عليا رضوان الله عليه كان مصيباً في جميع أحواله وأنه لم يخطىء في شيء من
أمور الدين
إمامته
وأنكروا الخروج على أئمة الجور وقالوا ليس يجوز ذلك دون الإمام المنصوص على
وهم يدعون الإمامية لقولهم بالنص على إمامة على بن أبي طالب ٤٥ وسميت الإمامية الاثنا عشرية لأنها تُسلسل الأئمة إلى الثاني عشر محمد بن الحسن ابن على وهو الغائب المنتظر عندهم الذى يدعون أنه سيظهر فيملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما وجوراً والشجرة التالية تبين تسلسل الأئمة عند فرق الشيعة نقلا عن المستشرق برنارد لويس
٤٥ مقالات الإسلاميين ص ۸۷ - ۸۸ط النهضة المصرية
الأئمة المستورون الإسماعيلية
آل على
على توفى سنة ٤٠ هـ - ٦٦١م
111
الحسن ٥٠ هـ ٦٧٠ م
الحسين ٦١ هـ ٦٨٠م
محمد بن الحنفية
۸۱ هـ ۷۰۰ - ۷۰۱م
الحسن
على زيد العابدين ٩٤ هـ ٧١٢ ٧٧٣ م
عبد الله محمد الباقر ۱۱۳ هـ ۷۳۱ ۷۳م زید ١٢٥ ١٢٦ هـ ٧٤٣
إبراهيم
محمد النفس الزكية
١٤٥ هـ ٧٦٢م
يحى
عيسى
جعفر الصادق - ١٤٨ هـ ٧٦٥ م
إسماعيل
موسى الكاظم ۱۸۳ هـ -
۷۹۹ م
محمد
I
أحمد
T
على الرضا ۰ هـ ۸۱۷ ۸۱۸ م
I
محمد الجواد ۰ هـ ٨٣٥
الحسين المعل
على الهادى ٢٥٤ هـ ٨٦٨ م
٧٤٤ م
محمد القائم ٣٢٢ هـ ٩٣٤م حسن العسكرى ٢٦٠ هـ ٨٧٣ ٨٧٤ م
الخلفاء الفاطميون
I
محمد المهدى استتر حوالى
سنة ٢٦٠ هـ ٨٧٢ ٨٧٤م
أئمة الشيعة الاثنى عشرية
۱۱
الزيدية
وكان الإمامية و الزيدية فى بدء أمرهما حزباً واحداً ثم اختلفا ! والسبب في اختلافها لم يكن أصلا من أصول الدين وإنما كان حول الإمامة وهو يبين وجهة نظر كل
منهما فيها يقومل - البغدادي وسبب افتراقها أن زيد بن على قد بايعه على إمامته خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة وخرج بهم على والى العراق وهو يوسف بن عمر الثقفى عامل هشام بن عبد الملك على العراقيين فلما استمر القتال بينه وبين يوسف بن
عمر الثقفي قالوا له
إنا ننصرك على
أعدائك
على بن أبي طالب
فقال و زیده
بعد
أن تخبرنا برأيك فى أبي بكر ا وا عمر اللذين ظلما جدك
إلى لا أقول فيهما إلا خيراً وما سمعت أبي يقول فيهما إلا خيرا وإنما خرجت على بني أمية الذين قاتلوا جدى الحسن وأغاروا على المدينة يوم الحرة ثم رموا بيتاً لله بحجر ه المنجنيق والنار ففارقوه عند ذلك - حتى قال لهم رفضتمونى ! ومن يومئذ سموا
رافضة
وبقى زيد في مقدار مائتى رجل وقاتلوا جند يوسف بن عمر الثقفى حتى قتلوا عن
آخرهم وقتل زيد ثم نبش من قبره وصلب ثم أحرق بعد ذلك ٤٦ والزيدية يرون أن الأدلة الخاصة بإمامة على - رضي الله عنه – اقتضت تعيينه بالوصف لا بالشخص وتقصير الناس إنما أتى من حيث إنهم لم يضعوا الوصف في موضعه لا يتبرءون من الشيخين ولا يطعنون في إمامتهما مع قولهم بأن عليا ٤٧ و
وهم
أفضل منهما ذلك أنهم يجوزون إمامة المفضول مع وجود الأفضل ويشترطون بأن يكون و الإمام عالماً زاهداً جوادا شجاعا ويخرج داعيا إلى إمامته
٤٦ الفرق بين الفرق للبغدادي ص ٢٥ ط المعارف ٤٧ و ابن خلدون ص ۱۳۹ ط عبد الرحمن محمد
١٤
الناحية المادية البحتة من الحضارة الحديثة لا يتأتى لنا قط أن نقول إن أوربا ابتدعتها ابتداعًا أو اخترعتها اختراعا
وهذه الناحية نفسها - الناحية المادية - لها جانبان
جانب المنهج - وجانب الموضوع أما فيما يتعلق بجانب المنهج فإنه منهج الاستقراء وهو منهج تتبع الجزئيات للوصول إلى نتيجة كلية هذا المنهج الاستقرالى أو المنهج العلمى أو منهج السمع والبصر أى منهج ا
إسلامي
الملاحظة - منهج
لقد سار عليه الإسلام وسار عليه المسلمون قبل أن تنشأ الحضارة الأوربية إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا والسمع والبصر أساس الملاحظة والتجربة أو عنهما تنشأ الملاحظة والتجربة إن عدم اتباع الظن والسير وراء الملاحظة ووراء التجربة هذا منهج الإسلام اتخذه المسلمون منذ زمن بعيد وقد اعترف الغربيون أنفسهم بأن الإسلام هو الذى بدأ بوضع المنهج التجريبي واعترفوا روجيه باكون و الذى يعتبر فى أوربا المؤسس الأول للمنهج التجريبي أ أخذه عن العرب وبأنه لم يكن إلا تلميذا من تلاميذ العرب لم يكن إلا طالبًا فى مدرسة العرب اعترفوا بهذا صراحة يقول أحد كتابهم فيما يتعلق بالمنهج الخاص بالتجربة والملاحظة أى الاستقراء الذي بنيت عليه الحضارة المادية الحديثة - وهو الأستاذ بريفولت فى كتابه بناء الإنسانية يقول ليس الروجيه باكون ولا لفرانسيس باكون الذي جاء بعده الحق في ينسب إليهما الفضل فى ابتكار المنهج التجريبي فلم يكن روجية باكون إلا رسولا من رسل العلم والمنهج الإسلاميين إلى أوربا المسيحية وهو نفسه لم يمل قط من التصريح بأن تعلم معاصريه في أوربا اللغة العربية وعلوم العرب هو الطريق الوحيد للمعرفة الحقة
ويقول في مكان آخر من كتابه
منهج
ولقد كان العلم أهم ماجادت به الحضارة العربية على العالم الحديث ويقول أيضا لم يكن العلم وحده هو الذي أعاد إلى أوربا الحياة بل إن مؤثرات كثيرة من الحضارة الإسلامية بعثت باكورة أشعتها إلى الحياة الأوربية
ويستفيض المؤلف فيما يتعلق بما للعرب وبما للمنهج العربى من أثر فيما يتعلق بالحضارة الحديثة لا أريد أن أطيل في سرد نصوصه - وهي كثيرة - كلها تثبت أن هذا المنهج التجريبي إنما هو
المنهج الذى قامت عليه الحضارة العربية وأن أوربا إنما أخذته من العرب ولم تبتدعه ابتداعًا ولم
وقد كان زيد يناظر أخاه محمد الباقر على اشتراط الخروج في الإمام فليزمه الباقر ألا يكون أبوهما زين العابدين إماماً لأنه لم يخرج ولا تعرض للخروج وكان الباقر ينعى عليه أيضاً مذاهب المعتزلة وأخذه إياها عن واصل ابن عطاء ٤٨
و الزيدية سموا بذلك نسبة إلى صاحب المذهب وهو زيد بن على بن الحسين السبط وقد ساق الزيدية الإمامة على مذهبهم فيها وإنها باختيار أهل الحل والعقد لا بالنص فقالوا بإمامة على ثم ابنه الحسن ثم أخيه و الحسين ثم ابنه على زين العابدين ثم ابنه زيد بن على وهو صاحب هذا المذهب وخرج بالكوفة داعيا إلى الإمامة فقتل وصلب
0
وقال الزيدية بإمامة ابنه يحيى من بعده فمضى إلى خراسان بعد أن أوصى إلى ه النفس الزكية فخرج بالحجاز وتلقب بالمهدى فأرسل إليه و المنصور جيشاً فقتل عهد إلى أخيه إبراهيم الذى قتل بالبصرة
بعد
أن
الشيعة وأصول الإسلام
4-
نرى مما سبق أن الشيعة تكونت فى المبدأ حبا فى على لقرابته من الرسول الله
ولشخصيته الفذة ثم تطورت فأصبحت حزب البيت العلوى ونظرياتها دارت - أولا وبالذات - حول الإمامة وحول الإمام فالمهدى إمام من أئمتهم يعود فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً و العصمة لأئمتهم لا شك فيها بحسب نظرهم وه الغيبة التي تعقبها الرجعة إنما هى لإمام هو آخر الأئمة اختفى وهم في في انتظار عودته مها طال الزمن
وا التَّقيَّة إنما وجبت لإحكام العمل حتى يتولى البيت العلوى الرياسة أين الخلاف في الأصول في كل هذا
يقول الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء فيما يتعلق بموقف و الشيعة الإمامية من
الغلاة الذين يتبرأ
منهم
كل مسلم
٤٨ مقدمة ابن خلدونه ص ١٤٠
٤٩ مقدمة و ابن خلدون ص ١٤٠ ط عبد الرحمن محمد
١١٤
أما الشيعة الإمامية وأعنى بهم جمهرة العراق وإيران وملايين من مسلمي الهند ومئات الألوف في سوريا والأفغان فإن جميع تلك الطائفة من حيث كونها شيعة يبرءون من تلك المقالات ويعدونها من أشنع الكفر والضلالات وليس دينهم إلا التوحيد المحض وتنزيه الخالق عن كل مشابهة للمخلوقات أو ملابسة لهم في صفة من صفات النقص والإمكان والتغير والحدوث وما ينافي وجوب الوجود والقدم والأزلية إلى غير ذلك من التنزيه والتقديس المشحونة به مؤلفاتهم فى الحكمة والكلام من مختصره كالتجريد أو مطولة كالأسفار وغيرهما مما يتجاوز الألوف وأكثرها مطبوع منتشر وجلها يشتمل على إقامة البراهين الدامغة على بطلان التناسخ والاتحاد والحلول والتجسيم
رأينا في الشيعة
٥٠
الشيعة حزب وهم لذلك يزيفون كل ما يقف عقبة في سبيل توطيد مركزهم ويتهافتون على كل ما يتوهمون أنه يساعدهم ويؤولون التاريخ حسب ما تهوى نفوسهم فإذا ما تركنا العصبية جانباً فإننا نرى - فى إخلاص - أنه لو كان هناك ما يشبه – ولو من بعد - أن يكون رغبة للرسول فى أن يتولى على الأمر من بعده لسارع أبو بكر
و عمر إلى بيعته
إن إخلاص أبى بكر و عمر الله ولرسوله وللدين أسمى وأجل من أن يتطرق إليه ظل من الشك
وسيدنا عمر - رضي الله عنه - حينما دهمته الطعنة المشئومة وأوشك أن يلاقي ربه وأراد أن يخرج من الدنيا ولم يأل جهداً فى الإخلاص لربه وللأمة الإسلامية لم يول ه عليا وإنما جعل الأمر شورى بين ستة نفر هم أمثل الأمة الإسلامية في نظره ومن
بينهم
علی رضوان الله عليه
ولم ينته مجلس الشورى هذا باختيار على
ولما تنازل عبد الرحمن بن عوف عن ترشيح نفسه ليختار الخليفة – وكان الأمر بيده - لم يختر عليا وإنما اختار عثمان رضى الله عنهما
ثم إنه امتنع عن بيعة على سعد بن أبي وقاص بطل و القادسية وفاتح فارس
٥٠ أصل الشيعة ص ٤٧ - ٤٨
۱۱۵
وأول من رمى بسهم ومطمئن إليهم
في سبيل الله وأحد هؤلاء الذين توفى الرسول وهو راض عنهم
وامتنع عن بيعته عبد الله بن عمر الرجل الزاهد الورع الذي آثر الله في كل
تصرفاته
وامتنع عن بيعته أيضاً أسامة بن زيد - وصلته بالرسول معروفة – وتقدير الرسول له أشهر من أن يتمارى فيه اثنان
وامتنع عن بيعته محمد بن مسلمة ومكانته في الأنصار معروفة وامتنع عن بيعته غير هؤلاء ممن أراد السلامة لدينه والبعد عن الفتن على أن أصول الإسلام العامة تستوجب المساواة بين المسلمين في الحقوق والواجبات وتجعل الأكرم هو الأتقى
والحق أن الأمة الإسلامية - على اختلاف طبقاتها - تقدر عليا تقديراً كريماً وتنزله من نفسها منزلة سامية أما ما وراء ذلك من آراء الشيعة الغالية منهم والمعتدلة فليس ديناً وليس ضرورة عقلية وإننا لنعتقد - في إخلاص - أن الزمن كفيل برد الشيعة إلى السنن القويم وبالله التوفيق
أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلما وجوراً يملك سبع سنين أخرجه
أبو داود
وهذا الحديث وإن كان في ظاهره انقطاع إلا أنه بالنسبة للأحاديث الواردة في وجود المهدى وولايته للمسلمين صحيح المتن وهو بذلك يوجب على المسلمين التحرز من رفض ما جاء في المهدى من أخبار وتفهم من الأحاديث الواردة فيه أنه ليس خاصا ببقعة من الأرض كنيجيريا مثلا أو غيرها وإنما قائد للمسلمين بدليل قول النبي لا يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلماً
وجوراً
والجو العام لأحاديث المهدى يبشر بتحقيق الدولة العالمية التي تضم جميع ا أقطار الأرض تحت راية واحدة وهى راية العدل والخير والحق وهو أمل يسعى له كثير من الذين يريدون للإنسانية خيراً ويظنون بها خيراً وهو حلم راود الكثير من الفلاسفة خطط له الفارابي مثلا حينما كتب عن عالمية الحكم بمناسبة كتابته عن المدينة الفاضلة
والأحاديث عن المهدى أيضاً تذكير للمسلمين بأن من رسالتهم إزالة الظلم والجور من العالم أجمع ونشر الحق والخير وتحقيق العدالة
والله أعلم
في نزول المسيح عليه السلام إلى الأرض مرة ثانية
نعم سينزل المسيح عليه السلام إلى الأرض مرة ثانية وسيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرد بنفسه على من الهوه وبدلوا شريعته وأنكروا ما جاء به من التبشير بسيدنا محمد كما قال
تعالى
وإذ قال عيسى ابن مريم يا بنى إسرائيل إلى رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدى من التوراة ومبشراً برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد
والدليل على ذلك قوله
والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم عمال حكماً مقسطاً - أي عادلا - فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد وفي رواية يقول أبو هريرة راوي الحديث اقرءوا إن شئتم وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته أى وما من أحد من أهل الكتاب يكون فى زمن نزول عيسى عليه السلام إلا ويؤمن به
۱۱۸
إيماناً صحيحاً قائماً على أساس أنه عبد من عباد الله وأنه مقر لنبينا بالرسالة وفي رواية عن
الرسول قال
والله لينزلن ابن مريم حكماً عادلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير بل إن عيسى عليه السلام حينما ينزل يبلغ من تقديره للرسول و لرسالته أن يمتنع عن التقدم على إمام المسلمين الذى يصلى بهم يقول الله
ولا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى ابن مريم الله فيقول أميرهم تعال صل لنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله
هذه الأمة
قال الإمام النووي في قوله الله حكماً دليل على أن عيسى عليه السلام ينزل حاكماً بهذه الشريعة أى الإسلام - ولا ينزل نبيًّا برسالة مستقلة وشريعة ناسخة بل هو حاكم من حكام
هذه الأمة
وما من شك في أن محمداً علي و هو خاتم النبيين والرسل بنص القرآن الكريم يقول سبحانه وخاتم النبيين وكونه خاتم النبيين إنما يؤخذ أيضاً من أن الله سبحانه تكفل بحفظ القرآن من كل تحريف أو تبديل يقول سبحانه إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون فالذكر أى القرآن بمثابة رسول دائم قائم فى الإنسانية يحق الحق وسيبطل الباطل والله سبحانه وتعالى بهذا الحفظ يشير إلى أن محمداً عل الله لا تزال رسالته قائمة محفوظة وكأنه بذلك بيننا مبشر وهادٍ ونذير ورحمة لكل من اتبعه فنزول عيسى عليه السلام إنما هو من أجل التبشير بدعوة نبينا والعمل على إقامتها ومما له مغزاه العميق أن رسول الله الله يقول عن سيدنا موسى والله لو كان موسى حيا ما حل له إلا اتباعى وكذلك الأمر في سيدنا عيسى فلو كان حيًّا ما حل له إلا اتباع محمد رسول الله والله أعلم
في المسيخ الدجال
المسيخ الدجال إنسان مولود من أبوين كسائر البشر فسيدنا عمر رضوان الله عليه ظن أنه ابن صياد وكان ابن صياد مولوداً من أبوين وقد أراد سيدنا عمر أ أن يقتله فنهاه الرسول الله قائلا له إن يكن فلن تُسلّط عليه وإن لا يكنه فلا خير له فى قتله فهو موجود إذا واستعاذة
۱۱۹
الرسول صلوات الله عليه منه إنما كانت تعليماً للأمة وتحذيرًا لها منه وسيظهر قبل قيام الساعة وأما علامات قدومه فذلك عندما يخف وزن الإيمان فى النفوس ويغزو الشر القلوب وتكثر
الخلافات
ويسود الشغب
أما الفتنة التي ستحدث فإن ضعاف الإيمان وجرهم عن طريق الرغبة وعن طريق الرهبة إلى اتباعه والكفر بالدين الصحيح كفر مطلق وهى أيضًا ذلك الصراع الرهيب بينه هو وأتباعه من جانب وبين من استمسكوا بالإيمان واعتصموا بحبل الله وقانا الله شره وأعاذنا من الفتن والله أعلم
في عمد بعض اللادينيين إلى الخلط بين المذاهب الفنية والأدبية وبين المذاهب الاقتصادية والاجتماعية الوثيقة الصلة بتصور العقيدة
المذاهب الفنية والأدبية التي تتعلق بوسيلة التعبير وكيفية توصيل المعانى إلى الناس لا يقيدها الدين إلا من ناحية ما تعبر عنه أى أن الدين يهتم بالمعنى المعبر عنه وبأن تكون وسيلة التعبير غير مفيدة معنى آخر وبأن يكون هذا المعنى في إطار الخير
ومن المفيد أن نشير إلى قوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم أي أن
من قاعدة
الرسالة لا يمكن أن تصل إلى المرسل إليهم إلا إذا كانت بلغة يعرفونها وبلسان يفهمونه وقد أوجب الإسلام تعلم لغات الناس لتوصيل الدعوة إلى غير العرب انطلاقاً ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وانطلاقاً من هذه القاعدة تنوعت أساليب القرآن من محاورات عقلية إلى أمثال حسية إلى قصص أدبية ليتسع مجال فهمه لكل العقول ولشتى البيئات وهو سر من أسرار الإعجاز فيه إن كل إنسان مهما كانت درجة ثقافته يفيد منه ولا يمكن أن يرتفع إنسان مها علت ثقافته عن مستوى التعبير القرآني الكريم
وفى السنة الشريفة تنوعت أساليب الرسول الله ما بين استفهام لتنبيه الأذهان إلا ما يلقى من علوم وتوجيه مباشر وسؤال لاستخراج المعلومات من الناس ثم تصحيح هذه المعلومات إلى غير ذلك مما يجده الباحثون
ومذاهب التعبير إذن مذاهب إنسانية تختلف باختلاف أحوال الناس ونظمهم ودرجة
۱۰
ثقافتهم والإسلام لا يقيدها كما قلنا إلا من ناحية ما تعبر عنه ومن ناحية الألفاظ المستخدمة في
التعبير
أى أن الإسلام لا يبيح الخروج على آدابه ولو في اللفظة المستعملة في التعبير ويترك للمسلم بعد ذلك أن يعبر عن فكرته بالأسلوب الذى يرد دون أن يقيده بمذهب ما فلم يأت الإسلام بمذهب للتعبير لا يرضى غيره وهكذا
هذا عن المذاهب الفنية والأدبية
أما المذاهب الاقتصادية والاجتماعية فقد رسم الإسلام إطاراً للتحرك في مجالها بما سنه من تكاليف وقرره من قواعد فأسلوب التصرف في المال مقيد في الإسلام بمراعاة أن يكون مصدره من حلال وبأن يدفع حق الله منه وهو الزكاة وبألاً يفرط فى حق لازم عليه كالنفقة على أهل بيته وصلة رحمه
وهكذا
أما كيفية العمل فقد ترك الإسلام للناس طريق التطور في استخراج خيرات الأرض عن طريق الصناعة بطرقها المختلفة أو الزراعة أو التخصص في مجال من المجالات والمذاهب الاجتماعية رسم الإسلام لها أطرا لا ينغى الخروج عليها كنظام النكاح والطلاق وسائر ما يتعلق بتكوين الأسرة وتركيب المجتمع ومسئولية المسلم من غيره من المسلمين وفيما عدا ذلك ترك الإسلام للمسلم أن ينظر في نظم المجتمعات المختلفة ويؤسس النظريات على أساس من هذا النظر ليظهر روعة الإسلام فيما قرره من أحوال المجتمعات ليتكون له من البصر بشئون الدنيا ما يمكنه من نشر تعاليم الإسلام أو تطبيقها إن كان ممن يملك وسائل التطبيق
المذاهب الفكرية والفنية إذن وسائل للتعبير لا يقيدها الإسلام إلا من حيث ما تعبر عنه والمذاهب الاقتصادية والاجتماعية - إن وافقت الإسلام أخذ بها على أنها إسلام أو وضع إلهى لا على أنها أفكار بشرية وإن خالفت الإسلام ضربنا بها عرض الحائط إذ المسلم لا يرى خيراً فيما لا يوافق دينه وإلا كان متناقضاً نفسه أفغير دين الله يبغون وله أسلم من فى السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون
۱۱
في أهل الفترة
من عاش ومات قبل الرسول الله وقبل نزول القرآن الكريم يسمون أهل فترة وهؤلاء قد اختلف في حكمهم علماء التوحيد
فيرى أهل السنة أنهم ناجون وليسوا بمكلفين لقوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث
رسولا
ولقوله تعالى رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة وآية وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا صريحة كل الصراحة فى أن أهل الفترة ناجون وهم لا يبعثون على دين معين ونجاتهم إنما هي بفضل الله ورحمته
في أول من كفر بعد مجيء الإسلام
ومن هو أول من حاول تشويه الإسلام
إذا دخل الإيمان في القلب وشع نوره على الأعضاء فإن المؤمن لا يمكن أن يرتد عنه ولا يتأتى الكفر إلا ممن دخل في الإسلام لمجرد منفعة أو مصلحة تعود عليه فإذا لم تتحقق هذه المصلحة فإنه يرجع عن دينه وهذا هو الذى لا يغفر الله له ذنبه ولا يتجاوز عن سيئاته قال تعالى إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا
أما أول من حاول تشويه الإسلام فهم اليهود كانوا فى عصر الرسول لا يشككون في الإسلام ويقولون للذين كفروا إنهم أهدى سبيلا من محمد وقومه قال تعالى في سورة النساء ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً و بعد عصر الرسول لا دخل كثير منهم في الإسلام ليكيدوا له ويدسوا سمومهم فيه ويشوهوا تعاليمه فدسوا الإسرائيليات في تفسير القرآن ووضعوا كثيراً من الأحاديث ونسبوها للنبي أن المسلمين الصادقين كانوا لهم بالمرصاد فبينوا زيفهم ونبهوا على كل دسيسة حاولوا بها الكيد للإسلام وصدق الله تعالى إذ يقول
بید
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
وسيل ترضى الله عنه عن الرسول في اليات التسليم
تكتشفه اكتشافا هذا يتعلق بالمنهج
10
أما فيما يتعلق بالموضوع فإن المؤلف نفسه الذى ألف هذا الكتاب الذي تحدثنا عن بعض آرائه يقول في صراحة لالبس فيها إن العلم الأوربى مدين للعلم الإسلامي العربي في كثير من موضوعاته إنه ليس مدينا فى المنهج فحسب وإنما في الموضوعات أيضًا ومما هو معروف أنه كان في الحضارة الإسلامية أفذاذ فيما يتعلق بالعلم الطبيعي كان هناك ابن الهيثم في البصريات وفى الأضواء و يرى كثير من المؤرخين للحضارة الأوربية أن كتاب ياكون نفسه في الحرارة والضوء ماهو
إلا نسخة من كتاب ابن الهيثم فى البصريات
كان عندنا ابن الهيثم فى الطبيعة
وكان عندنا الرازي وابن سينا في الطب وكان عندنا جابر بن حيان فما يتعلق بالكيمياء
وكان عندنا الكندى فما يتعلق بالرياضيات
كان عندنا كل هؤلاء العلماء الأفذاذ الذين تعترف أوربا بأنها مدينة لهم إلى الآن فيما يتعلق بمنهجهم التجريبي المبنى على الملاحظة وعلى التجربة
وفيما يتعلق بالموضوعات التي تطرقوا إليها واستنتجوا منها النتائج التي لاتزال لها قيمتها الآن هذا الموضوع - موضوع الطبيعة - إذا أردنا التعبير الإسلامي عنه هو على حد الكلمة التي أطلقها الشيخ محمد عبده وهى الكلمة التي تعبر التعبير الصحيح الإسلامي سنن الله
الكونية فالطبيعة وقوانينها واكتشافاتها وموضوعاتها والبحث فيها إنما هو البحث في سنن الله الكونية واكتشاف قوانينها إنما هو اكتشاف لسنن الله الكونية إن الله سبحانه وتعالى يمن علينا في القرآن الكريم بأن سخر لنا البحار والأنهار وسخر لنا الأرض وسخر لنا السماء وسخر لنا الكواكب وسخر لنا القمر وسخر لنا الشمس وسخر لنا الكون كله لقد سخره للإنسان وهو بهذا الامتنان يطلب من الإنسان أن يجوب الفضاء وأن يغوص في الماء وأن يخترق كل المعميات فى هذا الكون حتى يزداد إيمانا على إيمان وإقرارًا فيزداد فى خضوعه وفى خشوعه لعظمة الله العظيمة ولهيمنته هذه التي لا يند عنها شيء في هذا العالم المسخر
تتبع آيات الله في الأنفس وفي الآفاق كل هذا دعوة إسلامية وتتبع آيات الله والتسخير
في عدد الرسل
أرسل الله سبحانه وتعالى إلى بني البشر رسلا من أنفسهم ليرشدوهم إلى ما فيه صلاحهم
وسعادتهم فى معاشهم ومعادهم والأنبياء والرسل كثيرون لا يعلم عددهم إلا الله والواجب الإيمان إجمالاً بأن الله أنبياء ورسلا كثيرين لا يعلمهم إلا هو كما قال تعالى
منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك
ويجب علينا أن نؤمن تفصيلا بخمسة وعشرين رسولا وهم المذكورون في القرآن الكريم وقد
جمعهم في
علماء التوحيد في بيتين من الشعر
تلك
حجتنا منهم ثمانية من بعد عشر ويبقى سبعة وهمو إدريس هود شعيب صالح وكذا ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا وقد ورد في ذلك أحاديث ضعيفة والمشهور منها ما رواه ابن مردويه عن أبي ذر قال قلت یا رسول الله كم الأنبياء قال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قلت يا رسول الله كم الرسل منهم قال ثلاثمائة وثلاثة عشر جم هذا والله أعلم بعدتهم كما ورد في الآية السابقة
في لماذا اختار الله الجزيرة العربية للرسالة المحمدية
إن أول بيت وضع للناس الذى ببكة مباركاً
غفير
وهذا البيت كان قبل إبراهيم عليه السلام وإبراهيم عليه السلام إنما رفع قواعده التي كانت
موجودة من قبل
وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب
الرحيم وكما كان أول بيت للعبادة فإنه فى التقدير الأزلي آخر بيت الله تقام فيه العبادة على الوجه
الصحيح الصادق
١٢٥
١٢٦
الله
ولقد اختار الله تعالى الجزيرة العربية للرسالة المحمدية لأن بها بيته هذا المحرم ملتقى الحجيج من كل جانب من جوانب الأرض ولأن أهلها كانوا حينئذ أحسن الناس استعداداً لحمل رسالة ولو أن الرسالة كانت فى غير جزيرة العرب لما وجدت آذاناً مصغية ولا قلوباً واعية ذلك أن الروم كانوا أهل دين يصعب عليهم تركه إلى دين آخر والفرس كانوا ذوى ملك وسلطان يرون فيها العزة والمتعة ولا يمكن أن يدينوا معها بدين آخر من أبرز ما فيه تغيير العقيدة الأنظمة وإزالة الطغيان الذي كان سمة كثيرين من الملوك والأمراء لذلك كانت الجزيرة العربية المكان الصالح لنشر الدعوة المحمدية لأن أهلها كانوا بفطرتهم وعدم اعتناقهم أي دين من
وتغيير
الأديان التي كانت موجودة حينئذ مهيئين لقبول الرسالة وحملها
ولقد رفض اليهود الإسلام بالمدينة وما حولها وهم يعلمون تمام العلم صفة رسول الله عله في كتابهم ولكن خوفهم من ذهاب السلطان جعلهم يجحدون وأصحاب السلطان في الفرس لا شك كانوا يرفضون الدين الجديد خوفاً من زوال سلطانهم
والروم
في ما يقال بأن سيدنا محمد ع هو أول مخلوق
فأين كان حينما كان آدم وحواء في الجنة
في كتاب حجة الله على العالمين فى معجزات سيد المرسلين و للنبهاني و في خلق نوره وانتقاله من أصلاب أجداده الطاهرين قال الحافظ أبو على الحسن بن على بن عبد الملك الرهوني المعروف بابن القطان في كتابه البشائر والأعلام لسياق ما لسيدنا ومولانا محمد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام من الآيات البينات والمعجزات الباهرات
كان من أول ما ظهر من آياته ما قبل البدء ما رواه على بن الحسين عن أبيه عن جده رضى قال قال رسول الله كنت نوراً بين يدى ربى عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة
عنهم
الله
عشر
ألف عام
وفي حديث آخر كنت نبيا وآدم بين الماء والطين
ولعل المراد أنه كان نبيا في علم الله سبحانه وتعالى
وكان الا الله حينما كان آدم وحواء في الجنة في صلب آدم
وكما ورد في الحديث الشريف خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدتني أمى لم يصبنى من سفاح الجاهلية شيء
۱۷
والرأى السليم الصحيح في كل هذا هو أن النبى الله هول و ولادة طبيعية عادية وليس في أمر خلقه خوارق عادات والأحاديث التي تتحدث عن خلقه الله قبل خلق آدم لا أساس لها من الصحة وليس الأمر أمر أولية في الخلق فليس فى أولية الخلق أساس للتفاضل أو التفضيل وإنما أساس الفضل والتفضيل هو التقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم وهو الخلق الحسن ولقد كان رسول الله الله على أعلى مستوى أخلاق وهو الذى قال سبحانه وتعالى فيه وإنك لعلى خلق عظيم وهو القائل إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
ولقد وصفت السيدة عائشة رضوان الله عليها خلقه فقالت كان خلقه القرآن ولقد وصل
القمة في الإخلاص السامى وفى السمو الأخلاقي بقول الله تعالى له
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول
المسلمين عال
إنى
روى الإمام أحمد بسنده عن العرباض بن سارية رضى الله عنه قال قال لى النبي الله عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته
أحمد وروی بسنده عن ميسرة قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا قال وآدم بين
الروح والجسد
رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح وهذان الحديثان لا يدلان على أنه لعل الله أول مخلوق وإنما يدلان على أن نبوته ثابتة من القديم وأن الله سبحانه وتعالى كتبها وقدرها وتم بها ما أراد
أما كونه الله أول مخلوق فيحتاج إلى ما يدل عليه من الآثار الصحيحة وأولية الخلق لا تستلزم تفضيلا ولا تشريفاً ذلك لأن الله سبحانه وتعالى رتب بعض الأشياء
على بعض في الوجود ولم يجعل السبب بأفضل مما يترتب عليه من المسببات أما كونه لا أحب مخلوق إلى الله فهذا مما لا يمكن أن يشك فيه والقرآن الكريم يشير إلى ذلك في كثير من الآيات إنه لا رحمة للعالمين قال تعالى
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
وهو خاتم الأنبياء قال تعالى
ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين
وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأتم نعمته عليه وهداه صراطاً ونصره الله نصراً عزيزاً واختصه بالشفاعة العظمى التي يتقاصر دونها مشاهير الأنبياء
۱۸
وببركته علل رفع العذاب عن أهل الأرض ولم يهلكهم الله فى الدنيا بكفرهم أو من عنادهم
قال تعالى
وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وامتثالا منه لقوله تعالى وأما بنعمة ربك فحدث تحدث عن كثير من هذه النعم وعن تكريم الله تعالى له وتفضيله له على كل خلقه قال ع
لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي وقال أنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة وأنا أول من يقرع باب الجنة رواه مسلم وقال ه أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع - رواه مسلم وأبو داود
وقال
أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدى لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ - آدم فمن سواه – إلا تحت لوائى وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر رواه أحمد والترمذى
وابن ماجه
وفضائله الا الله كثيرة والأدلة على كونه أحب الخلق إلى الله عديدة نفعنا الله باتباعه ورزقنا حبه وحب من يحبه وجعلنا من جنوده الصادقين
أما لماذا فذلك أنه لا أخلص نفسه الله سبحانه وتعالى إخلاصاً كاملا ومعنى كونه أول المسلمين إنه أول المسلمين في كل فضل وفى كل خير وفى كل مكرمة ولأجل ذلك كان أحب خلق الله إلى الله
وألقى بنفسه إلقاء كاملا في الرحاب الإلهى مستجيباً إلى الله في كل ما أمر منتهياً عن كل ما نهى ولقد حقق صلوات الله وسلامه عليه قوله تعالى
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين
في النسب الشريف
الصحيح من نسب رسول الله لأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك ابن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
أما ما بعد عدنان الأسماء من
فإنه لا يقين فيه
۱۹
والذي صح عن رسول الله الله أنه انتسب إلى عدنان لم يتجاوز وقد روى عن ابن عباس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ في ذكر نسبه إلى عدنان قال كذب النسابون مرتين أو ثلاثاً
ما هو
وقد روى عن عمر رضى الله عنه أنه قال إنما ننتسب إلى عدنان وما فوق ذلك لا ندرى أما مسألة أن النسب الشريف ينتهي حقا إلى سيدنا إبراهيم فقد روى في ذلك الإمام البخاري حديثاً صحيحاً عن واثلة بن الأسفع قال رسول الله إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفانى من بنى هاشم ويلاحظ أن هذا الحديث الشريف لم يذكر سلسلة النسب من إسماعيل عليه السلام إلى بنى كنانة ولكنه يؤكد أن النسب الشريف ينتهى إلى إسماعيل وإبراهيم عليهما السلام وليس في ذلك استحالة عقلية وليس هناك من التاريخ اليقينى ما ينفى ذلك وبقى الحديث صحيحاً وأن نسبه
ينتهي إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام
في حكمة إرسال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
يقول الله تعالى معبراً عن الحكمة في إرسال سيد الخلق هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين
ومن دعاء سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز
الحكيم
من هذه الآيات ومن غيرها نعلم أن الحكمة في إرسال الرسل إنما هي تبليغ آيات الله أي تعاليمه وأحكامه وتكاليفه إلى بني البشر إن الله سبحانه وتعالى لم يرد أن يترك البشر دون هداية في الأمور الأساسية لبناء المجتمع وهى العقيدة والأخلاق والتشريع فأرسل لأهل الأرض الدستور السماوى الذى يؤدى اتباعه والعمل به إلى تزكية النفس وتطهيرها وصفائها فالأديان والرسل إنما كانوا لبيان الأسس والقواعد التي لا يقوم المجتمع الصالح بدونها وكانوا
أيضاً لمصلحة الفرد التي تتمثل في الارتفاع به إلى مستوى التزكية والطهر والصفاء وهو مستوى يجد
فيه من يحققه السعادة كل السعادة والبهجة كل البهجة ويشعر من يرتق في معارجه منغمساً في نور هداية الله سبحانه بالسكينة تحيط به وبالطمأنينة تملأ - جميع أقطاره ويشعر فوق كل ذلك رضوان من الله أكبر حكمة إرسال الرسل إذن إنما هي إسعاد المجتمع وإسعاد الفرد والرقى بها إلى المستوى
الذي يرضاه الله لهما وهو المستوى الربانى بید أن الإنسانية ابتعدت شيئاً فشيئاً عن الأديان والرسالات فأخذت تشقى بنسبة هذا الابتعاد أفراداً وجماعات وأخذت فى تدمير بعضها بعضاً وتنكيل بعضها بالبعض الآخر ولو عادت إلى الله لسعدت أفراداً ولسعدت جماعات وباب السعادة مفتوح ورحمة الله لن تضيق بمريد مخلص وعلى كل فرد إذا أراد الخير لنفسه وللإنسانية أن يتمسك وأن يدعو إلى التمسك بهدى السماء ففي ذلك سعادته وسعادة المجتمع
في معجرة النبي في الأمية
رسولنا محمد كان أميًا لم يعرف القراءة والكتابة وهذه معجزة له إذ إنه جاء بالقرآن الذي أعجز العرب الفصحاء البلغاء وهم أهل القراءة والكتابة مع كونه أميا وهذا دليل على أنه
من عند الله
وقد عبر القرآن عن ذلك بقوله
وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون
وفى سورة الأعراف قوله تعالى الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل
في خلق الرسول الله
سئلت السيدة عائشة رضوان الله عليها عن خُلق رسول الله صلوات الله عليه فقالت كان خلقه القرآن والقرآن كان يتحدث عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه حديثاً مباشراً أو كان يرسم المبادئ ويضع القواعد فى العقيدة والأخلاق ويصور في الوقت نفسه الطريق الذي كان يسير عليه السراج المنير الرءوف الرحيم صلوات الله وسلامه عليه فالقرآن إذن المصدر الأول الذي تستمد منه صفات الرسول وأخلاقه الله
۱۳۱
والمصدر الثانى هو كتب الأحاديث الصحيحة وخيرها صحيح البخاري يليه صحيح مسلم وكل كتاب من كتب الأحاديث على وجه العموم يخصص قسماً منه لصفات الرسول وأخباره ثم يأتي فى المرتبة الثالثة كتب السيرة القديم منها والحديث
ومن خير كتب السيرة القديمة سيرة ابن هشام ولقد طبعت طبعات مختلفة محققة مع شرح الكلمات الصعبة ومن خير الكتب القديمة والحديثة كتاب الأنوار المحمدية للعارف بالله يوسف النبهاني
أما الكتب الحديثة فإن من خيرها كتاب حياة محمد للدكتور هيكل وقد نال هذا الكتاب إقبالا يستحقه وقد توالت طبعاته ولا تزال تتوالى وتجد رواجاً كبيراً هى أهل له ومنها كتاب و محمد رسول الله وهو كتاب مترجم عن الفرنسية كتبه أحد كبار مفكري الفرنسيين بعد أن هداه الله الحرام على المصادر الإسلامية الأصلية
للإسلام وبعد أن حج بيت الله معتمداً
في حجة الوداع
في السنة العاشرة للهجرة وقد دار الفلك دورته قبل شهر ذى القعدة نادى منادى رسول
الله ما في المسلمين أن يجهزوا أنفسهم لحج بيت الله الحرام مع رسول الله فقد عزم الرسول أمره على أن يؤدى بالمسلمين فريضة الحج ليأخذوا عنه المناسك فهو إمام المسلمين وقدوتهم لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو | الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً واجتمع الألوف المؤلفة من المسلمين وقدموا من الصحارى والبوادى وضربوا خيامهم حول المدينة استعداداً للرحيل إلى بيت الله الحرام وفى الخامس والعشرين من ذى القعدة سار الرسول ومعه نساؤه كلهن ومائة ألف أو يزيدون من المسلمين ميممين شطر المسجد الحرام بمكة المكرمة ليطوفوا بالبيت ويقفوا بعرفات ويؤدوا مع الرسول علل هذه الفريضة الجامعة فيعرفوا منه صلوات الله وسلامه عليه المناسك الصحيحة وهو القائل صلوات الله عليه
خذوا عني مناسككم وبلغ الرسول والحجيج معه مكة المكرمة في اليوم الرابع من ذى
يوم
الحجة وأدوا جميعاً مناسك العمرة ويقف الرسول علا الله محرماً لأداء مناسك الحج وفى التروية وهو الثامن من ذى الحجة ذهب الرسول والمسلمون معه إلى منى فقضوا فيها ليلتهم حتى مطلع الفجر فصلى الرسول الفجر وركب ناقته القصواء حين بزغت الشمس ويمم بها جبل عرفات والمسلمون من ورائه وارتقى الرسول الجبل وألوف المسلمين محيطين به بين مُلبٌ ومُكبر وضربت
۱۳
للرسول قبة بنمرة ولما زالت الشمس يوم عرفات يوم الحج الأكبر ركب ع اللي ناقته وسار بها حتى أتى بطن الوادى ونادى فى الناس بصوت جهوري وهو على ناقته وكان يردد الصوت من بعد ربيعة بن خلف وبعد أن حمد الله وأثنى عليه خطب فى الناس خطبته الجامعة التي وضع بها
القواعد والأسس لهذا الدين القويم وأكد الحلال والحرام وبين الحقوق والواجبات فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وأن الرّبا كله باطل قليله وكثيره سواء وأن للمرأة على الرجل حقوقاً وللرجل عليها حقوقاً ونبه ما فيه عز الدنيا والآخرة لكم هو كتاب الله وسنة رسوله فإذا انحرفوا عنها فذلك
المسلمين إلى أن
هو الضلال البعيد وها هى دى خطبته قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه أيها الناس اسمعوا قولى فإني لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا بهذا الموقف أبداً
أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا
وكحرمة شهركم هذا وإنكم تلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وإن كل ربا موضوع – أي مهدر - ولكن لكم أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون
قضى الله أنه لا ربا وأن ربا العباس بن عبد المطلب موضوع كله ه وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب أما بعد أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبداً ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضى به مما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم أيها الناس إن النسىء زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحله الله وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مفرد الذى بين جمادى وشعبان
ألا يوطئن
ه أما بعد أيها الناس فإن لكم على نسائكم حقا ولهن عليكم حقا لكم عليهم فرشكم أحداً تكرهونه وعليهن ألا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح
ه فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله
۱۳۳
ه فاعقلوا أيها الناس قولى فإني قد بلغت وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً أمراً بيناً كتاب الله وسنة رسوله ه أيها الناس اسمعوا قولى واعقلوه تعلمون أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت فأجاب الناس من كل صوت نعم فقال اللهم فاشهد هذه هي خطبة الوداع وسميت بذلك لأن الرسول مع الله ودع الدنيا وذهب إلى الرفيق الأعلى مناسك الحج والذهاب إلى المدينة بقليل وكان أسلوبه ع فيها أسلوب مودع كقوله اسمعوا واعقلوا فلعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا في هذا الموقف أبداً - ألا هل بلغت اللهم فاشهد وقد حدث أنه لا بعد الخطبة نزل عن ناقته وأقام حتى صلى الظهر والعصر ثم ركبها وسار حتى الصحراء وهناء تلا على الناس قوله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً فلما سمعها صاحبه الصديق أبو بكر رضى الله عنه بكى إذ أحس أن النبي الله وقد تمت رسالته قد دنا يومه الذي يلقى فيه ربه
بعد
أداء
وكما سميت الخطبة خطبة الوداع فقد سميت الحجة كذلك حجة الوداع كما سميت حجة البلاغ لأن النبي عله الا الله أتم فيها بلاغه للناس بما أمره الله ببلاغه وبعد قليل من عودته لها إلى المدينة المنورة بعد أن أتم مناسك الحج دهمه لا مرض الحمى وعانى منه صلوات الله وسلامه عليه ما عانى وخير الرسول عل بين مفاتيح خزائن الدنيا أو الخلد فيها ثم الجنة وبين لقاء ربه والجنة فاختار لقاء ربه صلوات الله وسلامه عليه
في معجزات النبي غير القرآن
لكل نبى معجزات فهل لرسول الله الله معجزات غير القرآن وما هي أيد الله سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله بالمعجزات التي تدل على تصديقه سبحانه وتعالى لهم في دعواهم وكأن الله سبحانه وتعالى - بهذا التأييد - يقول صدق عبدى في كل ما يبلغ عنى وهذه المعجزات تناسب العصر الذى بعث فيه الرسول وتكون من جنس ما اشتهروا به حتى
يكون عجزهم عن معارضته دليلا على أنها من صنع الله وليست من صنع البشر
1
لا يتأتى إلا عن طريق الملاحظة وعن طريق التجربة المنهج التجريبي المنهج الحديث هذا هو منهج
الإسلام
ويدعونا الإسلام أيضًا - إلى أن نكون فى هذا الجانب المادى أقوى مانكون وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة والاستطاعة لاتكاد تحد وكلما وصل الإنسان إلى حد من الاستطاعة تفتحت أمامه آفاق استطاعات جديدة يجب عليه أن يلجها فهو فى كل آونة مترق فى عالم الطبيعة وهو في كل آونة متتبع لهذه القوانين مترق فيها حتى يظل دائما فى القمة فيكون مركزه دائما وباستمرار القمة من
القوة المادية
وهم
وإذا كان المسلمون قد تأخروا فى هذا الجانب فليس ذلك ذنب القرآن الكريم ولا ذنب الإسلام وإنما ذنب تكاسلهم وخمولهم بهذا التأخر آئمون إسلاميا إنهم آئمون فى نظر الإسلام وفي نظر القرآن الكريم فهم أصحاب دعوة والقرآن أعدهم من قديم لهذه الدعوة وهم ا أصحاب رسالة وأصحاب الرسالات إن لم يكن عندهم القوة القوية وإن لم يكن عندهم السلطان المسيطر إن لم تكن عندهم السيطرة المتحكمة من أجل الخير ومن أجل العدل ومن أجل الحق إن لم يكن عندهم هذا فإن رسالتهم تستمر حبرًا على ورق ولم يرد الإسلام أن تكون الرسالة الإسلامية - أو أن تستمر الرسالة الإسلامية - حبرا على ورق فالإسلام يدعو المسلمين إلى أن يكونوا أقوى دولة فى العالم فإذا ما ضعفوا كانوا آئمين في نظر الإسلام كانوا آثمين وكانوا مقصرين فى حق رسالتهم التي كلفهم الله سبحانه وتعالى بها إنها آخر الرسالات إنها الرسالة الأبدية إنها الرسالة الدائمة ولا بد من قوة دائمة في هذا العالم تسندها فإذا لم تكن هذه القوة فإن هذه الرسالة لا يكون لها من التأثير ومن النفوذ ما يريده الإسلام منها ومن أصحابها
الجانب المادى - إذن جانب إسلامي وماعلينا إلا متابعة الإسلام في هذا الطريق بكل وسيلة ممكنة وبكل طريقة تتيسر
ولا يقال إذن - حينما نسير في الحضارة المادية مكتشفين ومخترعين ومتبينين الاكتشافات
والاختراعات إننا أخذنا الحضارة الأوربية وإنما يقال إننا تابعنا الخطوات التي تابعها وسار فيها أسلافنا وإذا كنا فى هذا المجال نستعين بهذا أو ذاك فإن الاستعانة ليس معناها أخذ من الحضارة لأن هذا الجانب لالون له أى أن الرقى المادى لالون له لا يقال هذه الكيمياء ألمانية أو فرنسية
۱۳۵
المدينة وصخبها ومشاغلها ويعتكف فى غار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينتزع إلى أهله ويتزود لذلك أى يأخذ الزاد للاعتكاف من جديد ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو فى غار حراء ٣ - ولما جاء الملك في الغار وحدث ماحدث بينهما خرج من الغار يرجف فؤاده وبعد أن أخبر السيدة خديجة بالأمر قال لها
ه لقد خشيت على نفسي
فقالت السيدة خديجة واصفة سيرة النبى فى دقة دقيقة سيرته التي كان عليها في مطلع الوحى وكان عليها طيلة حياته سيرته التي كانت متناسقة مع بواعث رسالته وأهدافها تلك البواعث والأهداف التي قال عنها سبحانه وتعالى وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين قالت السيدة خديجة ردا على قوله لقد خشيت على نفسى كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدم وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق وهذه الصفات التي وصفته بها السيدة خديجة والتى روتها السيدة عائشة فى الحديث الشريف الذي رواه البخارى إنما هي عبارة عن الرحمة
ولقد كانت سيرة النبي - رحمة كلها وهو القائل
إنما أنا رحمة مهداة
وهو القائل أنا نبي الرحمة
في حياة الشباب لرسول الله
لقد كانت حياته صلوات الله وسلامه عليه شرحا مستفيضًا وتوضيحا كاملا وتعبيرا تاماً لما ذكره ابن خلدون وما يتفق عليه العقلاء ويجمع عليه أصحاب البصائر المستنيرة من أن ذلك من علامات الأنبياء
أنه يوجد لهم قبل الوحى خلق الخير والذكاء ومجانبة المذمومات والرجس أجمع وهذا هو معنى العصمة وكأنه مفطور على التنزه عن المذمومات والمنافرة لها وكأنها منافية لجبلته ويضرب ابن خلدون بعض الأمثلة من حياة الرسول صلوات الله وسلامه عليه مبينة لهذه
القاعدة فيقول
١٣٦
وفى الصحيح أنه حمل الحجارة وهو غلام مع عمه العباس لبناء الكعبة فجعلها في إزاره فانكشف فسقط مغشيا عليه حتى استتر بإزاره
ودعى إلى مجتمع وليمة فيها عرس ولعب فأصابه غشى النوم إلى أن طلعت الشمس ولم يحضر شيئًا من شأنهم ومضت فترة الشباب برسول الله الله وهو طاهر زكى طاهر من الآثام التي تدنس الشباب في مجتمعاتهم وزكى لأنه بعيد عن الشرك لم يسجد لصنم قط صلوات الله عليه وسلامه
في الرسول يعمل كما يعمل سائر الناس
عاش الرسول علي حياته الكريمة بكل ما تقتضيه هذه الحياة من حركة وسعى وعمل في كل المجالات المطلوبة لقد رعى الغنم واشتغل بالتجارة قبل البعثة وكان القائد السياسي والحربي للمسلمين بعد البعثة
وتطلبت هذه الحياة العريضة التنقل فيما بين أرجاء الجزيرة العربية فتنقل فيها بل تجاوزها إلى غيرها كبلاد الشام واستخدم فى تنقلاته وسائل المواصلات المطلوبة والميسورة في وقته وفى ظروفه فاستعمل فى ركوبه الخيل والإبل والحمير وقد حفظت لنا كتب السنة والسيرة أوصافا لما كان يستخدمه لا في ركوبه وأسفاره بل أسماء
لها
ولكنه لم يحتج فى حياته الكريمة إلى ركوب سفينة أو اجتياز بحر ومع ذلك فقد كان عارفاً بالبحر وبما وراء البحر لقد سمع بعدالة ملك الحبشة النجاشي قبل الهجرة فوجه أتباعه إليه فرارًا من ظلم المشركين واستبدادهم وركبوا البحر من شواطئ
الجزيرة العربية إلى الحبشة وعادوا بعد تلك الهجرة مجتازين له
وبشر أمته بأن منهم من سيركب البحر مجاهدا في سبيل الله وسيغزو من وراءه إن عدم ركوبه سفينة أو نزوله البحر أمر عادى اقتضته ظروف حياته وأحوال بيئته لاصلة له بتشريع ولا علاقة له بالنبوة ومما يتصل بهذا المجال حكى أن بحارًا أوربياً قرأ فيما تُرجم من القرآن قوله تعالى أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها
۱۳۷
حياته
فسأل أكان هذا بحارًا يجتاز البحار ويتنقل بين أرجائها فقيل له بأنه لم يركب البحر في فقال إن هذا الوصف لا يصفه بهذه الدقة والبراعة إلا من شاهده وعاش
فيه فقيل له إن القرآن ليس من عنده إنه من عند الله - فآمن وكان ذلك سببًا في
إسلامه
في أبرز صفات الرسول الخالدة
إن من أبرز صفات الرسول الله الخالدة والتى تشع النور وتعطى القدوة الحسنة على مر
العصور والتي نحتاج إلى التركيز عليها فى حياتنا الحاضرة صفة الجهاد إن رسول الله الا الله الذى كان يقوم من الليل حتى تنفطر قدماه والذي كان في كثير من الأحيان يواصل في الصيام هو الذي يقول والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو
فأقتل
الله
وهو القائل
من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق إن النبي العابد - هو النبي المكافح وإن نبي الرحمة هو نبي الجهاد وما كان الجهاد قط في الإسلام إلا في سبيل فإذا ما خرج عن سبيل الله لم يكن إسلاميا وكل ما في سبيل الله إنما هو رحمة وأول ملاحظة هي أن الرسول العابد لم يتراجع في غزوة قط وكان الأبطال يتراجعون والصناديد من المهاجرين والأنصار يفرون أحيانًا ولكنه صلوات الله وسلامه عليه في ما يقوله سيدنا على وهو من هو بطولة وفروسية كنا إذا حمى الوطيس - أى الحرب - اتقينا برسول الله علل أي احتمينا به وفيه - فيكون أقربنا إلى العدو
وكان صلوات الله وسلامه عليه -- مع التجائه إلى الله تعالى يدعوه ويستغيث به ويستنجزه وعده بالنصر - يحكم الأمر إحكاما بحيث لا يدع فيه ثغرة
هكذا كان أمره في أموره جميع
لقد نظم الجيش فى غزوة بدر تنظيما محكما ثم اتجه إلى الله يدعوه وكان دائما متفائلا كان متفائلا حتى ولو كان العدو عشرة أمثال المسلمين
۱۳۸
بعد
لقد كان المشركون في غزوة بدر ثلاثة أمثال المسلمين فهزمهم المسلمون بإذن الله وكان انهزام المسلمين في غزوة أحد شذوذا في القاعدة وما كان ذلك إلا لأنهم خالفوا – متأولين -- أوامر الرسول غير أن تفاؤله صلوات الله عليه وسلامه لم يفارقه لحظة إذ إنه أن انهزم المسلمون في غزوة أحد مباشرة أمرهم صلوات الله وسلامه عليه بلم شعثهم وتضميد جراحهم والاستعداد فورًا لخوض المعركة من جديد ومن مظاهر تفاؤله صلوات الله وسلامه عليه أنه في غزوة الأحزاب وقد تجمع الشرك من أرجاء الجزيرة يسانده اليهود والغادرون ليقضوا على الإسلام في المدينة ليقضوا عليه دينا وليقضوا عليه دولة ليقضوا عليه عقيدة وليقضوا عليه رجالا وقد كان المسلمون يعملون في حفر الخندق حماية لهم ومنعا من وصول العدو إليهم
جميع
وفى هذه اللحظة الحرجة يروى البراء بن عازب رضى الله عنه القصة التالية حسبما رواه
| الإمام أحمد
أمرنا رسول الله لا بحفر الخندق لا تأخذ فيها المعاول فشكونا إلى رسول الله
C
فجاء ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول وقال باسم الله فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر وقال والله أكبر أعطيت مفاتيح الشام - والله إلى لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا ثم قال باسم الله وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إنى لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكانى هذا ثم قال باسم الله وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إلى لأبصر أبواب صنعاء من مكانى هذاه وأشاع هذا التفاؤل الثقة والاطمئنان في المسلمين وإن كان قد دعا إلى السخرية في وسط المشركين والوثنيين الذين قالوا إن محمدا يعدهم ويمنيهم وهم لا يأمنون على أنفسهم الآن هذا التفاؤل وهذه الثقة فى الله لم تفارق الرسول قط فى كفاحه الطويل الدائب الذي استمر إلى نهاية حياته الشريفة
في عرض الرسول نفسه على قبائل العرب
عرض المشركون على رسول الله الا الله من الأموال والجاه ما يغرى غير النبي بقبوله وترك ما يدعو إليه ولكن رسول الله لعل الله ل لم يكن ليدع ما أرسل به إلى الناس لدنيا لابقاء لها لأن الله
۱۳۹
ثبته بالقول الثابت والله أعلم حيث يجعل رسالته في الذين لا يخالفون عن أمره من صفوة عباده لو أن رسول الله استجاب لمشركي مكة وركن إليهم قليلا بالكف عن تسفيه أحلامهم وسب آلهتهم في تبليغ رسالة ربه لكان مقرا لهم والمقر لأحد على فعل معصية يعتبر شريكا له في
فعلها ومجزيا بإثمها
وحاش رسول الله له أن يقر أحدا على معصية أو يركن إليه أو يدع ما أرسل به إلى العرب وقوله تعالى وإن كادوا ليستفزونك من الأرض بيان لشدة تمسك رسول الله له بما أوحى به الله إليه
في عدد الغزوات التي قام بها النبي
عدد الغزوات التي غزاها الرسول الله تسع عشرة غزوة وقيل إنها إحدى وعشرون عن أبي إسحاق قال كنت إلى جنب زيد بن أرقم فقيل له كم غزا النبي الله من غزوة قال تسع عشرة قيل كم غزوت أنت معه قال سبع عشرة قلت فأيهم كانت أول قال العشيرة أو العشير فذكرتُ لقتادة قال العشيرة وروى عن جابر أن عددها إحدى وعشرون ففات زيد بن أرقم ذكر سنتين ولعلها الأبواء وبواط وأشد الغزوات هولا غزوة أحد لأن هذه الغزوة فيها انتصر المسلمون أولاً ثم أخذوا في تقسيم الغنائم وجمعها فاستغل الفرصة المشركون وانهالوا عليهم كالسيل الجارف ثم رأى المسلمون أن الهول الذي وقع عليهم لا يمكن صده فانسحبوا وولوا الأدبار حينئذ أصيب ا وشفت رباعيته ولم يكن معه إلا أبو بكر وعدد قليل من الصحابة وشاع الخبر أن محمدا قتل فاشتد الهول على المسلمين والخوف وكادت نفوسهم أن تضيق بها الأمكنة
في الإسلام حمل السيف دفاعاً عن حريته وعقيدته
بدأ رسول الله له الدعوة إلى التوحيد في مجتمع لايدين بالتوحيد وأخذ صلوات الله عليه طيلة الفترة المكية يبين الدعوة بالقرآن وبالأحاديث وبالسلوك المستقيم وفى هذه الفترة المكية كلها لم يرفع الرسول صلوات الله عليه سيفاً ولم يقم حرباً وكان أعداء الحق يعذبون المسلمين وينكلون بهم ويحاولون قتل رجال لأنهم يقولون ربنا الله وانتهى التعذيب إلى غايات أليمة فأخرج الذين يقولون ربنا الله من ديارهم وشتتوا من
أوطانهم فكانوا المهاجرين هاجروا إلى الحبشة أولا ثم هاجروا إلى المدينة
١٤٠
ولكن الكفر لم يكتف بذلك فأراد أن يقضى على الإسلام في المدينة وكان من توفيق الله أن وجد في هذه الفترة من المؤمنين من أمكنهم أن يردوا هجمات الشرك والكفر فحملوا السيف دفاعا عن أنفسهم وأوطانهم ولقد ألجأهم الشرك مرة إلى أن يحفروا حول مدينتهم عميقاً حينما جاء أعداء الله آلافا مؤلفة ليقضوا على المؤمنين فى ضربة واحدة وفى صورة
خندقا
حاسمة ورد الله الذين كفروا بغيظهم والتاريخ إذن يرينا - في صورة لامرية فيها - أن الإسلام لم يحمل السيف طيلة الفترة المكية وقد كان ينتشر بالدعوة إليه ثم حمل السيف دفاعًا في أوائل الفترة المدنية وكان ينتشر بالدعوة إليه ثم لما انتشر الإسلام بالدعوة السلمية انتشاراً واسعاً وأصبح قوة لها شأنها ولها خطرها رأى المؤمنون بها أن إيمانهم بالحق لا يكون كاملا إلا إذا فتحت أبواب الدعوة إلى هذا الحق في كل مكان ولما كان الطغاة والمستبدون يقفون في وجه الحق ويتكبرون على الهداية رأى المؤمنون بالحق أنه لابد من تحرير الشعوب من طغيان الطغاة واستبداد المستبدين حتى يمكن بيان الحق والدعوة إليه فحملوا السيف تحريرًا للشعوب وفتحا للأبواب التى أغلقها الملوك المستبدون في وجه الدعوة إلى الله وليس فى تاريخ الإسلام كله حادثة واحدة تدل على أن المسلمين أجبروا شخصا على اعتناق الإسلام بل كان الأمر بالعكس لبعض الولاة كان يضيق ذرعا بكثرة اعتناق الناس الإسلام بالرغم مما يعمله للحد من ذلك إن الاسلام انتشر في كل مكان أشرق نوره فيه لأنه حق واضح ولأنه رحمة للعالمين
في رسائل النبي إلى الأمراء والملوك
كان رسول الله الله يبعث الرسائل إلى ملوك الدول يدعوهم إلى الإسلام ومن هذا القبيل رسالته التي بعث بها دحية إلى هرقل بدأت هذه الرسالة بسم الله الرحمن الرحيم وهى آية من القرآن وبعد أن دعا الرسول صلى الله عليه وسلم هرقل إلى الإسلام كتب في رسالته
يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون
هذه الرسالة إلى هرقل رواها الإمام البخارى ورواها الإمام مسلم
فهي إذن ثابتة وهي تشتمل على بعض القرآن وهى مرسلة إلى النصارى
121
والذي أرسلها هو الرسول الله ومن المعلوم ومن المتيقن لدى رسول الله أنهم سيمسون الرسالة ولو كان مسها حراماً لاشتمالها على القرآن لما كتب الرسول الله فيها قرآنا وهذا هو ما رآه الإمام داود الظاهري والإمام ابن حزم
هذا ومما يبيح أن يحمل القرآن من هم على غير دين الإسلام أنه من المحتمل أنهم يقرءون فيه
فيهتدون
أما إذا تضمن حمل غير المسلم للمصحف إهانة لكلام الله فإنه يحرم على المسلمين أن يكونوا وسيلة أو وساطة لتمكين غير المسلمين من حمله هذا وعلى المسلمين أن يهدوا إلى كتاب الله بكل وسيلة كريمة تيسر اهتداء الناس إلى الحق وقد يكون من ذلك تمكين غير المسلم من الاطلاع على القرآن لا يلزم من رواية ابن عباس رضى الله عنه أن رسول الله له م كتب إلى هرقل أن يكون كتب
بنفسه فقد كان له كتاب للوحى وكان الكتبة يكتبون ما يأمرهم بكتابته وقد كان الرسول الله أميا قبل الرسالة قال تعالى وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ولم يرد ما يفيد تعلمه عالم الكتاب بعد الرسالة وورد فى الآيات والأحاديث الصحيحة ما يفيد أمية الرسول قال تعالى
ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل
وقال تعالى
هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم وأمية الرسول الله معجزة من أبلغ المعجزات دلالة على صدق الرسول في رسالته
ورد كل ما ادعاه المشركون من تلقيه الا الله عن أهل الكتاب ونحو ذلك كفاك بالعلم في الأمى معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم ولأجل ذلك أمر الرسول الله للقضاء على الأمية بين المسلمين بتعليم القراءة والكتابة وكان له كتاب للوحى ولغير الوحى كالرسائل ونحوها وآيات القرآن وأحاديث الرسول الله كلها داعية للعلم بشتى ألوانه وحاثة على سلوك طرق
التعلم والتعليم
١٤٢
زواج الرسول كان لمصلحة الرسالة
الذي نعرفه أن زواجه لو كان مسايرًا للحكمة والمصلحة لا للعواطف فقد قضى عل أول شبابه ولم يهتم بالزواج حتى فتح الله له ويسر له أمره وسخر أم المؤمنين خديجة وهي في مثل سن والدته وقد كان يعمل فى مالها تجارة من قبل عرف عنه فيها الأمانة والبركة فعرضت عليه نفسها فتزوجها واقتصر عليها طول حياتها وأعقب منها ذريته كلها إلا إبراهيم فإنه من مارية الجارية القبطية التي ملكتها يمينه لما أهداها إليه المقوقس عظيم القبط فلما ماتت السيدة خديجة وعمره خمسون أو فوقها لم يعمد إلى زواج شابة مثلا بل تزوج كبيرة فى السن هي السيدة سودة بنت زمعة بهدف أن ترعى أولاده وقد عقد على السيدة عائشة بمكة وكانت بنت تسع سنين إكراما لأبيها أول المؤمنين به وأصدقهم صحبة له وبعد الهجرة إذ كانت بنت تسع سنين دخل بها وما بنت سبع سنين ولا تسع بمحركة للعاطفة عند النبي الرزين المكين – تزوج سيدتنا أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان وقد كانت آمنت به وهاجرت إلى الحبشة فى سبيل الله فهل يتركها بعد ماعادت دون زوج لأبيها مثلا وقد كان عدوا محاربًا له أو يتخذها زوجة له صيانة لها ومد يد نحو السلم للقلوب كما زوجه الله بنت عمته السيدة زينب بنت جحش الذي كان زوجها لزيد بن حارثة لقد تزوجها الله بعد ما طلقها من زيد بن حارثة الذى كان النبي قد تبناه لاختياره الله ورسوله على أبيه وأهله وعشيرته وزوجه زينب بنت عمته الحكمة أرادها الله تعالى هى هدم عادة التبنى بعد ما كان يفعلها أهل الجاهلية بأن زوج نبيه امرأة زيد التي طلقها وقد كان النبي يخالطه شيء من الحياء قبل نفاذ الأمر ولكنه السميع المطيع لأمر الله فمادام منفذا له فلا عليه من قالة الناس والله أحق أن يخشاه وقد كان أول من يخشى الله ويطيعه فلا يتأخر عن تنفيذ ما يأمر به أما قوله هذا قسمى فيها أملك فلا تؤاخذنى فيما تملك ولا أملك فلا يدل على أ أن ا للعاطفة الزواج نبع ا بل اعتذار عن ميل القلب بحكم البشرية فى المخالطة والمباشرة مثلا إلى بعض الأطراف أكثر من غيره وذلك طبعى لا حرج فيه مالم يحمل على ظلم أو بغى وذلك لم يحصل إذ قال هذا قسمى أى بالعدل فيا أملك أى من التصرفات أما الذى لا أملك أنا بل تملكه أنت – من جعل الأشياء والأشخاص أحب إلى من غيرها - فلا مؤاخذة فيه مادام العمل في الحق لاعلى
تألفا
بعض
الهوى
١٤٣
عن لقب أمهات المؤمنين
وعن طلاق الرسول وعن كونه نبي أمي
إنما سميت السيدة عائشة وسائر أزواج النبي لعل الله أمهات المؤمنين إجلالا واحتراما ومنعا من زواجهن من بعده كما يتأدب المرء مع أمه هل طلق النبي نعم حملت إليه امرأة في عرشها فلما دخل عليها كان بعض النسوة قد خدعنها وقلن لها إذا أراد منك شيئًا فقولى أعوذ بالله منك فلما قالت ذلك أجابها قائلا عذت بمعاذ الحقى بأهلك أى أنك استغثت بغياث عظيم هو الله فارجعى إلى أهلك فإنك مطلقة والحقى بأهلك عند العرب عبارة تفيد ذلك
أن
هذه واحدة كما رووا أنه طلق السيدة حفصة بنت سيدنا عمر رضي الله عنه فأوحى الله إليه
يراجع
حفصة فإنها صوامة وقوامة وإنها من نسائه فى الجنة
لقد بقي له فيما نعلم أميا طول حياته المباركة حتى بعد نزول القرآن الكريم فقد كان له كتبة يسجلون الوحى بالقرآن كما نزل عليه
في مظاهر الرحمة في سلوك الرسول
إن سلوك الرسول صلوات الله عليه وسلامه كان الرحمة نفسها ولقد وصفته السيدة خديجة رضوان الله عليها فقالت إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدم وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق وهذه الصفات كلها تتبلور فى كلمة واحدة هي الرحمة
وفى يوم من الأيام رأى أحد الأعراب رسول الله الا الله يقبل أحد أحفاده فقال مندهشاً أتقبلون أبناء كم إن لى عشرة من الأولاد وما قبلت واحدا منهم فعرفه صلوات
الله عليه وسلامه في نوع من الاستهجان أن الله قد نزع الرحمة من قلبه ولقد تعدت رحمته الإنسان إلى الحيوان وكتب السيرة تروى أنه صلوات الله عليه وسلامه مر ذات يوم على بستان رجل من الأنصار فدخله فإذا جمل يحن وتذرف عيناه فأتاه النبي صلوات الله عليه وسلامه فمسح عليه فسكت ثم قال صلوات الله عليه من رب هذا الجمل فجاء فتى من الأنصار فقال هذا لى يارسول الله فقال له ألا تتقى الله عز وجل فى هذه البهيمة التي ملكك الله إنك
١٤٤
تجيعه وتدئبه أى تتعبه وتجهده فخجل الشاب الأنصارى وتغير سلوكه مع الجمل وتذكرنا هذه القصة بما قصه صلوات الله عليه من قصة ذلك الرجل الذى وجد كلبًا يلهث من شدة العطش فملأ خفه وسقاه فغفر الله له بسبب ذلك
في الإسراء والمعراج
ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين إلى أن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسد النبي علي وروحه بعد البعثة
ولقد توارد على ذلك - كما يقول الإمام ابن حجر - ظواهر الأخبار الصحيحة ولا ينبغي العدول عن ذلك إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى التأويل ولو كان ذلك مناما أو بالروح فقط لما كذب رسول الله لا مكذب الجواز وقوع مثل ذلك
لآحاد الناس
إن الناس في الرؤيا يرون أنهم سافروا وأبعدوا وذهبوا وجاءوا وعقدوا العقود ورأوا نتائج عقودهم وثمار عهودهم فلو كنا بصدد رؤيا لما ارتاب فى صدق الصادق الصدوق صلوات الله وسلامه عليه إنسان ولما أشفقت السيدة أم هانى رضى الله عنها على رسول الله الله حين أخبرها الخبر وقال إنه سيحدث الناس به فأرادت منه أن يعدل عن ذلك قائلة إنهم سيكذبونك فلم يستجب صلوات الله وسلامه بنصيحتها لأن الحق ينبغي أن يُذاع
وأذاعه الله بين الناس
- ماهو إذن الموقف الذى ينبغى أن يتخذه من هذا الموضوع
إن موقف المؤمن الصادق فى ذلك إنما هو موقف سيدنا أبي بكر
فعن عائشة رضى الله عنها أنه رجال من المشركين إلى أبي بكر رضى الله عنه فقالوا هل سعی لك إلى صاحبك يزعم أنه أسرى به الليلة إلى بيت المقدس - فقال أوقد كان ذلك
قالوا نعم
قال لأن قال ذلك فقد صدق قالوا تصدقه إنه قد ذهب إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح قال نعم إلى الأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة فلذلك سمى الصديق لقد كان رسول الله صلوات الله عليه خاتمة سلسلة من الأنوار التي يرسلها الله إلى العالم بين
أو إنجليزية وإنما هى الكيمياء أينما كانت وأينما وجدت لا تتسم بلون فإذا استعنا بهذا أو ذاك في سبيل متابعة أسلافنا فيما يتعلق بهذا المجال فلسنا متابعين وإنما نحن نواصل هذه المجهودات التي بدأها أسلافنا وانقطعنا عنها فترة ونريد أن نعود إليها من جديد
ويأتي بعد ذلك القسم ا الآخر من أقسام الحضارة الأوربية وهو القسم الثقافى وهذا القسم الثقافى نبتدئ فيه بشيء من تاريخ الإسلام نفسه أو بعض الحوادث التي حدثت في ربوع
الإسلام
لقد حل رسول الله بالمدينة التي نورت به وأخذ يعمل جاهدا على نشر الدعوة الإسلامية متخذا كل وسيلة لبيانها وإيضاحها
وفى يوم من الأيام - كما يروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن جابر رضى الله عنه – أتى عمر ابن الخطاب النبي الله بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي ع قال فغضب وقال أتتهوكون ۱ فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لاتسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبونه أو بباطل فتصدقونه والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعنى هذا الحادث رواه الإمام أحمد بوجه آخر عن سيدنا عمر رضي الله عنه وفيه يقول رسول
الله
ه والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتمونى لضللتم إنكم حظى من الأمم وأنا حظكم من النبيين ولم يكتف رسول الله - بذلك بل قام خطيبًا وكان مما قال و ياأيها الناس إلى قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لى اختصارًا وقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون
ثم أمر بتلك الصحيفة فمحيت حرفاً حرفاً
ويبدو
أن هذه الحادثة تكررت بصورة أخرى فقد روى ابن جرير وغيره قال جاء أناس من المسلمين بكتب كتبوا فيها ماسمعوه من اليهود فقال النبي عل كفى بقوم ضلالة أن يرغبوا عما جاء هم به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره
وتكررت المسألة
مرة ثالثة فقد أخرج عبد الرازق فى المصنف والبيهقي في شعب الإيمان عن
1 أى تشككون في شريعتكم
١٤٥
الفينة والفينة لتهدى إلى الرشاد ولتقود إلى الله ولتسمو بالمؤمنين درجات في معارج القدس لتصل بالجديرين منهم إلى الكمال المرجو عن طريق الإرشاد الإلهى وكان الكتاب الذي أنزل عليه صلوات الله عليه وهو القرآن خاتم الكتب وأكملها ومهيمنا عليها ولأن الرسول - صلوات الله عليه - تخلق بأخلاق أكمل كتاب رباني فهو إذن أكمل
رسول
ومن هنا كانت إمامته - صلوات الله عليه - بالرسل والأنبياء في بيت الله المقدس ولأنه صلوات الله عليه أكمل رسول كان من أجل ذلك أقرب المقربين إلى الله سبحانه وتعالى لقد تخطى الأرضين والسموات وتجاوز الكون كله ووصل إلى مالم يصل إليه بشر بل إلى مالم يصل إليه جبريل نفسه عليه السلام لقد وصل صلوات الله عليه إلى قاب قوسين أو أدنى وكما أن المعنى الذى يدل عليه نبأ المعراج من وجود الأنبياء والرسل في السموات ومن أن الرسول صلوات الله عليه أخذ يتجاوز هذه السموات واحدة بعد الأخرى ويتجاوز الأنبياء واحدا بعد الآخر نقول كما أن المعنى الذي يدل عليه النبأ معنى مكاني فإنه أيضًا – بل بطريق أولى - معنى روحى أى أن الرسول صلوات الله عليه في تساميه الروحي في كل لحظة من اللحظات قد بلغ في معراجه إلى درجات تجاوزت - في روحانيتها – آدم في سمائه الأولى ثم تجاوزت يحيى وعيسى عليهما السلام في سمائهما الثانية ثم تجاوزت يوسف عليه السلام في سمائه الثالثة وهكذا حتى تجاوزت روحيا إبراهيم عليه السلام في سمائه السابعة ولقد تجاوزت كل ذلك وتجاوز الكون كله إلى سدرة المنتهى إلى شجرة النهاية إلى حيث لا يبلغ ملك مقرب ولا نبي مرسل لقد رأى من آيات ربه الكبرى هذا هو مقام الرسول صلوات الله عليه ! !
ولكن بعض الناس ينزل بنا من هذه الآفاق العليا والسموات السامية و من الرحاب الإلهي ينزل بنا منحدراً فيجادل فى الإسراء والمعراج أكان رؤيا أم
كان يقظة
أستغفر الله وأتوب إليه ! !
إن ذلك الجدل إذا دل على شيء فإنما يدل على ضعف الإيمان في قلب المجادل وإذا كان ماسبق يدلنا على جانب من مقام رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فتزداد بذلك تقديرا وحبا واتباعا فإن من هدى الله سبحانه وتعالى وتوجيهاته في نبأ الإسراء والمعراج هذه الرمزيات الأخلاقية التى تربط ربطاً محكماً بين الدين والأخلاق
12
والواقع
أن الأخلاق في جو الإسلام مرتبطة بالدين ارتباطاً لا ينفصل منه تنبع وعلى أساسه تقوم وعنه تصدر إنها جزء من الدين الإسلامي لا يتجزأ مصدرها هو مصدره
إلهي رباني وبعض الناس في العصر الحديث يريد أن
يجعل
يجعل
للأخلاق مصادر أخرى
يريد بعضهم أن ويكون وتربيته ولونه هما شكله ونزعته واتجاهه الذى يتكيف بحسب الثقافة والبيئة
أساس الأخلاق الضمير بيد أن ذلك خطأ بين فالضمير يربى
والعصر والوسط
في الحكمة من الإسراء والمعراج
إنها ليست حكمة واحدة وإنها هي عدة حكم منها أنه كان تكريما للرسول في وقت استحكم فيه الجهاد بين قوى الخير ممثلة في الرسول وأتباعه وقوى الشر ممثلة في المشركين يتزعمهم أبو جهل وكانت قوى الشر في عنفوانها على قوى الخير فجاءت معجزة الإسراء والمعراج مبينة مكانة الرسول الله وأظهرت أن مقامه صلوات الله عليه وسلامه عليه قاب قوسين أو أدنى في القرب من الله سبحانه
ومن حكم معجزة الإسراء والمعراج أنها كانت تصفية لضعاف النفوس والشاكين والمترددين لقد كانت نفيا لهم عن الجماعة الإسلامية الناشئة إذ إنهم لو مكثوا فيها لكانوا ضررًا عليها ولئن كانت معجزة الإسراء والمعراج تكريما للرسول مع الله فإنها كانت ابتلاء للجماعة الإسلامية ليميز الله الخبيث من الطيب وليذهب الزبد جفاء
و تخلصت بذلك الجماعة الإسلامية الناشئة من الضعاف والشاكين والمترددين
ومن الحكم بيان أن القيادة في بيت المقدس يجب أن تكون للمسلمين وهذا هو المعنى الذي يؤخذ من إمامة رسول الله ل للأنبياء والرسل إن الإمامة فى بيت المقدس وإن الكلمة الأولى والقيادة يجب أن تكون للمسلمين دون غيرهم فإذا قصروا فيها فهم آنمون أفرادا وهم آنمون جماعات وهم آئمون دولا وحكومات ومن هذه الحكم ما نبهت عليه المشاهدة الأولى فى مرحلة الإسراء المباركة لقد كان أول ماشاهد رسول الله له مشهد هؤلاء الذين يزرعون ويحصدون في ولما سأل يوم عنهم قيل إنهم المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنات إلى سبعمائة ضعف وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير
الرازقين
والجهاد هو وسيلة الحصول إلى القيادة في بيت المقدس
١٤٧
أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها إن روح سيدنا عمر وروح صلاح الدين من وراء الأجيال تناديكم لإنقاذ بيت المقدس مرددة قول الله تعالى
انفروا خفافاً وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم
تعلمون
ومرددة قوله تعالى إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئًا والله على كل شيء قدير
وسُئِل رضى الله عنه
في نفسيتير القرآن الكريم
١٥٢
أما الفوائد التي تعود على حافظ القرآن فأهمها المعلومات التي يستفيدها من آي القرآن وأحكامه وقصصه ومواعظه فقد قلت إنه ينبغي للمتعلم أن يلم بالمعاني الإجمالية للآيات التي يحفظها ثم هو يستفيد قدرة على التعبير الأدبى ويحسن الاقتباس من آيات القرآن والقراءة بعد كل هذا عبادة يستطيع الحافظ أن يؤديها فى أى وقت وفى أى مكان
في حرمة مس المصحف للمحدث
إن قراءة القرآن على غير وضوء جائزة ما دام القارئ طاهراً من الجنابة وقد ورد أن سيدنا عمر رضي الله عنه كان يقرؤه على غير وضوء فلما سئل فى ذلك أجاب بما يفيد أنه جائز وأما حمله على غير وضوء فقد أجاز أبو حنيفة رضى الله عنه ذلك إذا كان بغلافة أي إذا كان مغلقاً داخل كساء ولقد اختلف العلماء في مس المصحف على غير وضوء فالجمهور على المنع من مسه ويقول
الإمام القرطبي واختلفت الرواية عن أبي حنيفة فقد روى عنه أنه يمسه المحدث حدثاً أصغر وقد روى
هذا عن جماعة من السلف منهم ابن عباس وغيره ويقول الإمام القرطبي وقد روى عن الحكم وحماد وداود بن على أنه لا بأس بجمله ومسه للمسلم طاهراً أو محدثاً حدثاً أصغر
أما
مس
الصبيان للمصحف فالأظهر الجواز لأنه لو منع لم يحفظ القرآن وبعد فإنه مما
لا شك فيه أن مس المصحف على طهارة كاملة من الأمور التي يحرص عليها المؤمن كلما أتيحت له الفرصة لذلك وهو فى هذا يسير مع الوضع الصحيح التكريم المصحف واحترامه بيد أنه تحدث ظروف لا يتمكن الإنسان فيها من الوضوء لسبب من الأسباب وتكون في الوقت نفسه الفرصة متاحة للقراءة في المصحف وفى هذه الحالة للإنسان أن يأخذ برأى الأئمة الذين أباحوا
غير وضوء ذلك خير من أن يترك فرصة متاحة للقراءة والثواب
مسه
على
١٥٣
في احترام الأوراق المكتوب فيها القرآن
القرآن نور أنار الله به طريق السير للمؤمن ومنة امتن بها عليهم وقد طالبهم باحترامه والقيام بحقوقه وحذرهم من التفريط فى احترامه فضلا عن امتهانه قال تعالى إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون ولا يمسه إلا المطهرون
والذي يبيع بعض الحاجات فى ورقة بها آية من آيات قرآنية مرتكب لمنكر والذي يبيع من الورق ما فيه آية قرآنية لمن يبيع فيه ويمتهنه مرتكب لمنكر وهكذا ولا يعتبر الامتهان غير مقصود إلا إذا أغفل المسلم أو ظن أن ما في الورق ليس قرآناً فإذا ما تمزقت أوراق مصحف أو بعض أوراقه بادر الإنسان بحرقها إذا لم يتيسر له حفظها في مكان أمين أو إلقاؤها فى البحر لأن الماء سيزيل آثار الكتابة وتتحول حينئذ إلى ورقة عادية سرعان
ما تتفتت
والمقصود في هذا كله المحافظة على القرآن الكريم بما يجب نحوه من احترام وإذا كان الله تعالى قد منع غير المتطهرين من مس المصحف أو شيء من القرآن فإن امتهان القرآن من أكبر المحرمات وقد كان سبب الوبال لبعض الأفراد الذين استهانوا بحرمته فمزقهم الله شر ممزق
في مس المصحف المكتوب باللغة اللاتينية بغير وضوء
الأمر فى مس المصحف المكتوب بالحروف اللاتينية لا يختلف عنه بالنسبة للمصحف المكتوب بالحروف العربية
غير أن أمر كتابة المصحف بالحروف اللاتينية لا يتم إلا بفهم المعنى المراد من كل آية قرآنية وصياغته باللغة المترجم إليها وليست ترجمة المعنى كترجمة النص فترجمته قد تكون مستحيلة في كثير من الحالات أما ترجمة المعنى فهى ميسورة للمترجم وفهم المعنى لآيات القرآن يختلف باختلاف الباحثين إنجازاً وإطناباً وفهماً للمراد كله وقصوراً في فهم المراد تارة أخرى وعلى ذلك فالمصحف العربي يختلف كثيراً عن المصحف البلاتيني من حيث إن المصحف العربى نص المنزل من عند الله لا يحتمل غيره أما المصحف اللاتيني فإنه ترجمة للمعنى وليس
نصا أعنى أنه كتاب تفسير لا قرآن
لذلك فمسه بغير وضوء لا منع منه
١٥٤
في فضل البسملة
حسب البسملة فضلا أن افتتح الله بها كل سورة من سور القرآن ما عدا سورة براءة وحسبها فضلا أن كان رسول الله الله لا يدعها في كل كتاب أرسله إلى من دعاهم إلى الإسلام وحسيبها فضلا أن ذكرها الله وجل في سورة النحل حاكياً عن سليمان عليه السلام أنه صدر
بها كتابه إلى بلقيس قال تعالى
إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلو على وأتونى مسلمين وقد كان رسول الله له ولا يدع البسملة في كل شأن من شئونه وحث عليها مبيناً فضلها
فقال
كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أجزم وفي رواية أبتر وفى أخرى أقطع والمعنى لا بركة فيه
وذكر في بداية العمل من إثارة الإذعان بأن هذا الأمر يكون ابتداؤه ويكون تمامه بالله وأنه لا حول ولا قوة إلا به جل جلاله
ومن آثارها بركة هذا العمل كما نص الحديث السالف الذكر عن رسول الله ولقد قالها نوح عليه السلام وهو يركب سفينته وقد بلغت الشدة نهايتها حينما فتحت أبواب السماء بماء منهمر وفجرت الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر وصارت الأمواج تتلاطم كالجبال م الله أماناً لنوح ومن معه في السفينة ولعل فى هذا بلاغاً لمن كان له قلب أو ألقى
فكانت بسم السمع وهو شهيد
في استحباب سماع تلاوة القرآن
إن سماع القرآن خير جزيل وإن تلاوته خير جزيل أيضاً وتلاوته بصوت مسموع أفضل من سماعه وذلك لأن تلاوته بصوت مسموع فيها - فى آن واحد - استعمال اللسان والآذان والتالى للقرآن يمكنه أن يقف عندما يمر على آية استغفار يستغفر وعندما يمر على آية توبة
يتوب وعندما يمر على عذاب يتضرع ويطلب النجاة ويتيسر له أن يعيد القراءة متدبراً متأملاً وأن يقف عند بعض الآيات متفهماً وكل هذا
١٥٥
لا يتيسر في نوع من الكمال بمجرد السماع ولا يمنع عدم المهارة بالقرآن من أن يقرأه الإنسان
فرسول الله يقول فيما رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها
و الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ويقول فيما رواه الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشرة أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام
حرف وميم حرف
وهذا الحديث نص فى القراءة لا في السماع
في معنى كلمة آمين
إن كلمة آمين معناها اللهم استجب وهى ترد عقب كل دعاء إنها ترد عقب الفاتحة بعد قوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
وروى الإمام البخارى والإمام مسلم وغيرهما رضى الله عنهم أجمعين أن رسول الله الله قال إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه
وفى رواية للبخارى إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة فى السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه ولكن هذه الكلمة تختص بالصلاة فعن أبي مصبح المقرالي فيما رواه أبو داود قال كنا نجلس إلى أبي زهير الميرى رضى الله عنهما وكان من الصحابة يحدث أحسن الحديث فإذا دعا الرجل منا بدعاء قال اختمه قال آمين مثل الطابع على الصحيفة قال أبو زهير العميرى أخبركم عن ذلك خرجنا مع رسول الله ع الاول ليلة نمشى فأتينا على رجل ألح في المسألة أى ألح في الدعاء - فوقف النبي لا يستمع منه قال النبي أوجب أن ختم قال رجل من القوم بأي شيء يختم فقال بآمين فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب - أى قبل الله دعاءه فانصرف الرجل الذي سأل النبي عل الله فأتى الرجل فقال اختم يا فلان بآمين وأبشر أما كون الإمام لا يجهر بها فذلك لأنها ليست قرآناً وأما جهر المأمومين بها فإنه ليس واجباً وهم بالخيار إن شاءوا جهروا وإن شاءوا أسروا
10
في نزول القرآن في ليلة القدر وهل كان جملة أولا
يرى بعض العلماء - ومنهم الشيخ محمد عبده - أن المراد بنزول القرآن في هذه الليلة ابتداء نزوله مستدلا بما قاله الشعبى - المراد من نحو أنزلناه وأنزل فيه القرآن الابتداء بإنزاله وعلى هذا المعنى فإن القرآن ابتدأ الله سبحانه إنزاله فى ليلة القدر ثم توالى إنزاله بحسب الظروف والملابسات وبحسب حكمة الله سبحانه وهو الحكيم الخبير أما كيف انقسمت السور القرآنية إلى المكيّة والمدنية فإن السبب فى ذلك هو اختلاف أماكن نزول القرآن فقد استمر نزول القرآن على الرسول ع ع ثلاثاً وعشرين سنة قال تعالى وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مُكث ونزلناه تنزيلا وقال وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لتثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ومن الآيات ما نزل بمكة ومنها ما نزل بالمدينة فسمى ما نزل بمكة بالمكي وما نزل بالمدينة بالمدنى واستخلص العلماء لكل سماته وخصائصه ومجال البحث فيه وإن فى تمييز المكي من المدنى ومعرفة مكان النزول يعطى صورة واضحة عن اهتمام المسلمين بكتاب الله وبكل ما يتعلق به حيث لم يكتفوا بحفظه بل عرفوا ملابساته وما أحاط به من
ظروف
في الوحي
يمكن الشخص العادى أن يرى سيدنا جبريل عليه السلام فليست رؤيته بمستحيلة وليست رؤيته وعدمها خاضعة لرغبة شخص أو عدمها وإنما مرد ذلك كله إلى الله عزّ وجل وعلى النحو الذي يريده الله سبحانه حسب قدرة الرائى لأن سيدنا جبريل عليه السلام ليس كآحاد البشر وقد رأته السيدة مريم عليها السلام وليست بنبية ورآه أناس كثيرون في حياة النبي عل وفي الصحيح عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال طلع علينا رجل شديد بياض شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد إلخ الحديث في أول صحيح مسلم وكان هذا الذي رآه الصحابة هو جبريل وليس معنى أنه يُرى أن كل من من يراه يوحى إليه وحى تشريع لا لأن وحى التشريع انتهى بوفاة رسول الله وإنما تعبر الرؤيا مناماً أو يقظة بالمعنى الذي يتناسب وحال الرائي من بشارة أو إنذار أو تقرير أو نحو ذلك والوحى الخاص بقوله وأوحينا إلى أم موسى أن
الثياب
أرضعيه الآية
الزهرى أن حفصة جاءت إلى النبي عليه الا الله بكتاب من قصص يوسف في كتف فجعلت تقرؤه عليه والنبي عليه الصلاة والسلام يتلون وجهه ثم أعاد عليها ماسبق أن قال للآخرين وهو والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا نبيكم فاتبعتموه وتركتمونى ضللتم أنا حظكم من النبيين وأنتم حظى من الأمم
نبيهم
وفى مرة رابعة قال رسول الله الله هذه الكلمة التي تبين مدى ما يجب على المسلمين نحو تعاليم
لقد قال
ه والله لو كان موسى حيا ماحل له إلا اتباعى
ولقد أحب رسول الله أن تكون المسألة فيما يتعلق بأخذ المسلمين عن غيرهم حاسمة باتة فلقد مر الصحابة في يوم من الأيام على اليهود وهم يتلون التوراة فتخشع المسلمون فعاتبهم رسول الله قائلا الآية الكريمة أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ! إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون وتمضى السنون وينتقل رسول الله الله إلى الرفيق الأعلى ويتبع الصحابة هديه في ألا يكون كتابهم وهدى نبيهم لا مجال توجيههم وفى يوم من الأيام بينما كانت السيدة عائشة رضى الله عنها في بيتها إذا بها تتلقى هدية فظنت أنها أهديت لها من عبد الله بن عمرو فردتها وذكرت السبب فى ردها قائلة عن عبد الله بن عمرو
إنه يتبع
الكتب
وقد قال الله تعالى
أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون فقال لها حامل الهدية إنها ليست من عبد الله بن عمرو ولكنها من عبد الله بن عامر فتقبلتها ويمضى الزمن والمسلمون يضعون أمام أعينهم قوله تعالى وقد آتيناك من لدنا ذكرا من عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا
أعرض
يقول الإمام ابن كثير
يعنى من
أعرض
عن
هذا القرآن فاتبع غيره من الكتب فإنه يناله هذا الوعيد كما قال
في الحديث المروى في المسند والترمذى عن أمير المؤمنين على مرفوعاً وموقوفا
من ابتغى الهدى فى غيره أضله الله
ولما تولى سيدنا عمر بن عبد العزيز الخلافة رأى أن المسلمين في حاجة إلى معرفة أوسع بعالم
١٥٧
هو وحى الرؤيا المنامية ولم يرد فى شرح الآية نص يكشف ماهية الوحي الذي كان ولعله وحى إلهام والآية الكريمة محتملة لذلك
في محاولات أعداء الإسلام لتحريف القرآن
المحاولات لتحريف القرآن الكريم مستمرة ودائمة منذ عهد قديم وقد تمثلت أولا في الخروج بتفسيره عن هدى الدين وصرف المسلمين عن هدايته بأخبار موضوعة تبلبل المفاهيم وتصرفها عن روح الدين كما هو ملاحظ في بعض التفاسير من الإسرائيليات والحشو ومن ناحية ثانية فقد حرفت بعض الطوائف معانى القرآن الواضحة الظاهرة إلى معان باطنة
لا تمثل إلا ما يهدم الدين تحت دعوى الخصوصية والفهم الذي لا يقبل الخطأ ونحو ذلك وتمثلت هذه المحاولات في القضاء على لغة القرآن وتوجيه الطعنات إليها ثم إلى القرآن ثالثاً بتغيير رسمه وكيفية نطقه
وآخر هذه المحاولات تغيير القرآن الكريم بحذف بعض الكلمات منه أو تغيير شكل الكلمة حتى يتغير المعنى تبعاً لذلك وطبع مصاحف محرفة طبعات أنيقة ونشرها على أوسع نطاق وعلماء المسلمين يحفظون القرآن في صدورهم ويكشفون ما استطاعوا عن هذا التزييف والأزهر يمارس نشاطاً كبيراً في مجال القضاء على كل محاولات التحريف فتقوم لجنة المصحف
التابعة لمجمع البحوث الإسلامية باعتماد ما تراه صحيحاً من المصاحف قبل الطبع وتفحص المصاحف المزورة وتصدر نشرات عنها وعن طبعاتها وتنبه البلاد الإسلامية إلى
خطرها
وتقوم حكومة مصر على أساس توجيه هذه اللجنة بمصادرة كل مصحف غير مطابق لنص
القرآن الكريم وسيقوم المجمع بطبع مصحف نموذجى ونشره على أوسع نطاق بحيث يعتبر أساساً لمقارنة غيره
به ۱
ومقارنة لكل ما يمكن أن يصدر من طبعات محرفة أنشئت إذاعة القرآن الكريم بمصر تتلو
٥١ كان الأمام عبد الحليم محمود رضى الله عنه أمينا عاما مجمع البحوث الإسلامية وقت صدور هذه الفتوى وقد تم في عهد توليه مشيخة الأزهر طبع هذا المصحف ونشر على أوسع نطاق
١٥٨
القرآن آناء الليل وأطراف النهار بعدة قراءات تيسر للمسلم أن يراجع مصحفه على أساس
قراءتها
وبعد فالله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ القرآن قال تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له
لحافظون
وعلماء الإسلام يحفظون القرآن وعندهم من النسخ المضبوطة الكثير ومن الممكن الرجوع إليهم فيما يشك في تحريفه والأمل كبير في أن تتكاتف الحكومات الإسلامية أمام هذا المظهر الخطر من محاولات تزييف الدين والتراث في أقدس مخلداته وهو القرآن الكريم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد
في التوبة كما وردت في القرآن
لقد فتح الله سبحانه وتعالى باب التوبة على مصراعيه أمام المذنبين الذين أسرفوا على أنفسهم في الذنوب بيشسهم من رحمته فقال تعالى
قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون وقال سبحانه وتعالى إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وقال أيضاً فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه وغير ذلك من آيات القرآن الكريم التي ترغب في التوبة وتحث عليها
وفى الحديث الصحيح إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل
وفيه أيضاً إن الله فتح بابه للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها فمن أسرف على نفسه ثم تيقظ ضميره يلزمه أن يرفع أكف الضراعة والندم على ما فرط منه في حق مولاه وليبك على خطيئته ويعزم على عدم الرجوع إليها ويرد المظالم إلى أهلها ويؤدى الفرائض التي فاتته بشروط التوبة إن فعل ذلك قبل الله توبته وعفا عن ذنبه وخطيئته وجعله في زمرة عباده
المقبولين
١٥٩
أما إن أخل بشروط التوبة وتاب باللسان ولم يرد المظالم ولم يفلح عن المعصية فإن توبته مردودة عليه نعوذ بالله من ذلك
في حادث الإفك
إن من المبادئ الإسلامية الأصيلة الأخوة الإسلامية إنما المؤمنون إخوة والمؤمنون في
الأعضاء
توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر ا بالحمى والسهره ومن أجل ذلك فإن الذين يسيرون في طريق معارض وهم ! الذين يحبون أن تنتشر الخصال القبيحة في الذين آمنو أعد الله لهم عذاباً أليماً فى الدنيا وفى الآخرة والله يعلم ما انطوت عليه السرائر وأما أنتم فلا تعلمون من ذلك شيئاً
إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم
وأنتم لا تعلمون وهذه الآية الكريمة وما يتلوها إنما هى تعقيب على ما اقترفه البعض من الخوض في حديث لقد أخذ البعض يخوض في عرض الرسول الله ولولا فضل الله ورحمته بالمجتمع الإسلامي إذ ذاك لمس الذين خاضوا فى الإفك والمشايعين لهم والساكتين على بهتانهم عذاب
الإفك
عظيم
ويستمر الله سبحانه في التعقيب على الحادث تربية للمؤمنين فيحذرهم سبحانه من اتباع خطوات الشيطان وذلك أن الشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر إنه لا يوجه إلى خير ولولا أن الله سبحانه قد طريق الهداية واضحاً لا لبس فيه رسمه فى العقيدة وأساسها التوحيد ممثلا في
رسم
إياك نعبد وإياك نستعين ورسمه فى التشريع وأساسه العدالة ورسمه في الأخلاق وأساسها الرحمة - ولولا فضل الله ورحمته على عباده لولاكل ذلك ما زكى منهم أحداً أبداً ولكن يأخذ بيد من يشاء فيزكيه ويطهره من الإثم بالتوبة والغفران وهو سبحانه السميع لكل من التجأ إليه متضرعاً متجهاً إلى تركية نفسه العليم بالمخلصين في الإنابة إليه
ولقد روى الإمام البخارى وغيره أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان ينفق على مسطح لقرابته وفقره فلما خاض فى أمر عائشة رضى الله عنها قال أبو بكر والله لا أنفق عليه شيئاً أبداً فنزل القرآن الكريم ناهياً أولى الفضل وذوى السمعة أن يقسموا على عدم الإنفاق على ذوى القربى
1
والمساكين والمهاجرين فى سبيل الله ونصح الله المؤمنين بالعفو والصفح وخاطبهم قائلا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم فلما سمع أبو بكر رضى الله عنه هذا الخطاب قال بلى والله إنى أحب أن يغفر الله لى وأعاد نفقته على مسطح
في إمكان الإعادة بعد العدم
وجود الشيء من جديد بعد كونه وتحلله السابقين ممكن بدليل مشاهدة وجوده بالفعل مرة لا سيما أن جمع المتفرق أسهل من إيجاده وإبداعه من عدم وإن كان لا يوجد حد بالنسبة الله شيء أسهل وشيء أصعب هذا الدليل الموجود في الآيات فى كلمات قليلة قُلْ يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ظهور الشيء من نقيضه كظهور النار من الشجر الأخضر ممكن وواقع تحت الحس
وإذن يمكن أن تدب الحياة في الجسد المتحلل الهامد مرة أخرى
وذلك أيضاً على أساس المبدأ الأكبر وهو
إن الشيء يمكن أن يوجد من العدم المطلق بفعل المبدع الحق هذا الدليل موجود في آية الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون وقد انتفع به الأشعرى
في إثبات إمكان البعث خلق الإنسان أو إحياؤه بعد الموت أيسر من خلق العالم الأكبر بعد أن لم يكن
في منهج التشريع القرآني
يشرع القرآن أحياناً في صورة مجملة – لبعض المسائل التي تتغير أساليبها بتغير الزمن ويترك للمجتمع تحديد الأساليب والطرق التي تناسب الحالة التي عليها المجتمع والتي تحقق الفائدة من التشريع وذلك كما فعل في الشورى مثلا فقد أمر بها الله سبحانه ثم ترك سياستها وكيفية تحقيقها لتؤدى الهدف منها إلى المصلحين في المجتمع وولاة الأمور فيه أما المسائل التي تكون عادة مثار نزاع فى المجتمع أو بين أفراد الأسرة الواحدة فإن القرآن قد فصلها تفصيلا ووضحها سافرة لا لبس فيها وذلك كالميراث مثلا لقد بين القرآن الأنصبة محددة فى مختلف الحالات والظروف فأبان نصيب الزوجة مثلا حينما
١٦١
يكون للمتوفى أولاد ونصيبه حينما لا يكون له أولاد والأم والبنت والأخت وهكذا وهذا معلوماً من الدين بالضرورة فمن جحده إنكاراً أو جحده غير معترف بعدالته أو جحده مفضلا غيره من التشريعات عليه فإنه يكون بذلك قد خرج من ا الملة الإسلامية والواقع الانحراف في موضوع الإرث يأتى من طائفتين طائفة المتفرنجين الذين يريدون أن يسووا بين الرجل والمرأة فى الميراث ويعتبرون أنفسهم من المجددين المتطورين وهم بهذا يعتبرون أنفسهم أحكم من الله سبحانه وأحكم تشريعاً منه وهم بهذا خارجون على الإسلام وعلى رب الإسلام
والطائفة الثانية هي طائفة العقليات والمنازع الجاهلية التى وصل بها احتقار المرأة أن كانت
تدفنها حية في العصر الجاهلي
إن هذه العقليات الجاهلية لم تمت بعد إذ لا يزال أثرها حيا للآن برغم تحطيم الإسلام لها وإنكاره عليها وهدمه لمبادئها إنها لا تزال حية فى نفوس الذين لم تتشبع نفوسهم بروح الإيمان والذين لم يغمرهم نور الإسلام ولقد صور القرآن موقف هذه العقليات بالنسبة للمرأة أبلغ تصوير في قوله تعالى وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم بدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون وهؤلاء يجحدون كل حق للمرأة ويحرمونها من الميراث برغم وضوح حكم الله سبحانه وتعالى
في وجوب إعطائها حقها وهم بذلك خارجون على الإسلام وعلى رب الإسلام وسواء كنا بصدد المتفرنجين أو بصدد العقليات الجاهلية فإن الواجب أن يخضع الإنسان لحكم الله أحكم الحاكمين وأن يوقن بأن كل خروج عليه إنما هو اتباع للهوى وسير وراء نزعات
الشيطان
وإن القرآن ليصف أمثال هؤلاء الذين يخرجون على قوانين الله سبحانه بأنهم كافرون وبأنهم
ظالمون وبأنهم فاسقون وقانا الله السوء وهدانا لاتباع أوامره واجتناب نواهيه
١٦٢
نسخت
في حكم النسخ في القرآن
يقول الشيخ جمال الدين القاسمي قد تقرر أن النسخ في الشرائع جائز موافق للحكمة وواقع فإن شرع موسى نسخ بعض الأحكام التي كان عليها إبراهيم وشرع عيسى نسخ بعض أحكام التوراة وشريعة الإسلام جميع الشرائع السابقة لأن الأحكام العملية التي تقبل النسخ إنما تشرع لمصلحة البشر والمصلحة تختلف باختلاف الزمان فالحكيم العليم شرع لكل زمن ما يناسبه ولقد فسر صاحب كتاب محاسن التأويل فى تفسير القرآن قول الله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها بقوله ما نبدل من آية بغيرها كنسخنا آيات التوراة بآيات القرآن أو ننسها أي نذهبها من القلوب كما أخبر بقوله ونسوا حظا مما ذُكِّروا به نأت بخير منها وعلى النسق في تفسير هذه الآية سار الشيخ محمد عبده وكثير من رجال الفكر في العصر م يرون أن نسخ القرآن بالقرآن لم يحدث ويتابعون فى ذلك أبا مسلم بن بحر الأصفهاني
الحاضر وهم المفسر الشهير الذي يقول
ليس في القرآن آية منسوخة ويشرح كل ما قالوا إنه منسوخ على وجه من التخصيص
أو التأويل
وهذا الرأى الذى نراه وعلى ذلك فإن من ينكر النسخ فى القرآن الكريم لا يكون كافراً والرأى المشهور لدى المسلمين إنما استند على الخصوص إلى آية النسخ في القرآن الكريم وهي آية يمكن أن تفسير بنسخ الشرائع لا بنسخ آيات القرآن بعضها لبعض
في الذين قاموا بتشكيل القرآن الكريم بعد
نزل القرآن على الرسول له بلسان عربي مبين وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرؤه كما أنزل عليه وكما سمعه من جبريل ويسمعه الصحابة منه فيحفظونه كما سمعوه وهم بسليقتهم العربية لا يلحنون ولما اتسعت الفتوح الإسلامية ودخل في دين الله غير العرب واختلطت اللغة وبدأ اللحن فى الكلام العربي أمر الحجاج بتشكيل القرآن خوفاً من اللحن فالحجاج في عهد بني أمية هو أول من
١٦٣
أمر بتشكيل القرآن ونقطه ومن الروايات المشهورة أن أول من قام بتشكيل القرآن ونقطه إنما هو أبو الأسود الدؤلى بأمر عبد الملك بن مروان وقد ذكر الإمام السيوطى رواية تقول إن من الذين اشتركوا في نقط المصحف وشكله الحسن البصرى ويحيى بن يعمرُ
في الحافظون لحدود الله
الحفاظ على حدود الله سبحانه هو الالتزام الكامل بأداء ما أوجبه الله على خلقه والعمل بمقتضاه أمراً كان أو نهياً يقوم بتلك أفراد الأمة حكاماً ومحكومين إذ كل راع مسئول عن رعيته وحدود الله تبدو فى ظاهرها عبارة عامة لكنها مع ذلك ذات مفهوم محدود جوهره الالتزام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويرسم الله سبحانه وتعالى صورة من الصور لهذه الحدود أو بعضها فى أول سورة النساء فمطلعها أمر بالتقوى يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ثم بعد ذلك أمر آخر يقول الله وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ثم هناك أحكام أخرى يقول تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفاً
ثم يقول وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا ثم بين سبحانه أحكاماً فى القسمة والميراث يقول تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون
وقوله يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين إلخ الآيات ثم أشار سبحانه إلى كل ذلك بقوله سبحانه تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم وتضمنت هذه الآية جزاء الحافظين لحدود الله أما العصاة الذين تعدوا الحدود وطغوا وبغوا فجزاؤهم فى الآية التالية مباشرة
ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين إنه الجزاء الوفاق للحافظين لحدود الله والمعتدين لها
15
في دعاء الصالحين
بظهر الغيب
روى مسلم عن أبي الدرداء رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل
وروى مسلم أيضاً أن رسول الله الله كان يقول دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل بل إن نفس الرسول عل الله صح عنه أنه طلب من عمر رضى الله عنه أن يشركه في الدعاء فقرت بذلك عين عمر
وغير ذلك كثير من الآيات والأحاديث إذن دعاء الصالحين نافع سواء كان ذلك الدعاء من الأفضل للفاضل كما حصل من الأنبياء لغيرهم أو كان من المفضول للأفضل كما حصل من عمر للنبي وكما حصل من المؤمنين الذين حكى عنهم ذلك في سورة الحشر ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم
فدعاء الصالحين مستجاب وبركة
وأما وجودهم والجلوس معهم فنافع وبركة والأدلة على ذلك لا تحصى ولا تعد من الكتاب
والسنة والحوادث
في الفرق بين العزم والهم
العزم هو توطيد النفس على المعصية والقصد إليها بالقلب والشعور والهم إمرار فكرة المعصية بالفكر من غير استقرار وفى الحديث الصحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما عن رسول الله له فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى قال إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن
هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة
١٦٥
وعلى هذا فمن دارت المعصية بخاطره دون عزم عازم ورغبة أكيدة فلم يعملها خوفاً من الله وإيثاراً للصواب كتب له حسنة لأنه جاهد نفسه فتغلب على الشر فيها ومن عزم عليها وتأكدت رغبته فيها كتبت عليه سيئة فإن لم يعملها وتغلبت مجاهدته كتبت له
حسنة
ومن المعلوم أن من عزم على المعصية فمنعه منها مانع من غير نفسه كخوف فضيحة أو عقوبة قانون أو ما إلى ذلك لا حسنة له وعليه إثم نيته التي نواها
في التخلق بأخلاق الله الجمالية
يقول الله تعالى لملائكته إنى جاعل فى الأرض خليفة ولقد استحق خلافة الله في الأرض لأن الله سبحانه خلقه وفيه الاستعداد للتخلق بأخلاق الجمال التى لله سبحانه ومن المعروف أنه مطلوب من كل شخص أن يتخلق بأخلاق الجمال التي لله سبحانه وتعالى فالله مثلا سمى نفسه الرحمن بل جعل هذه الصفة تالية للاسم الكريم أعنى اسم الله فقال سبحانه قل الله أو ادعو الرحمن ومطلوب من الإنسان أن يكون رحيماً ولقد هيئ لأن يكون رحيماً إذا شاء والله سبحانه كريم ومطلوب من الإنسان أن يكون كريماً وفيه الاستعداد لأن يكون كريماً وهكذا خلق الله الإنسان مستعدا للرحمة والكرم والمغفرة والعفو والسلام والعلم والسمع والبصر وغير ذلك من
ادعو
صفاته سبحانه وتعالى والله سبحانه خالق ومصور ومبدع وفى مقابل ذلك بالنسبة للإنسان العمل والكدح في الأرض التي جعلها الله ذلُولا له وسخرها له بل سخر الكون كله من سمائه وأرضه وما بينهما ليستخدم كل ذلك بالعلم والعمل واستحق الإنسان خلافة الله في الأرض إذن بهذه الصفات الخيّرة وبالعمل المتواصل
أما إذا لم يكن كذلك بأن كان شريراً أو كان كسولا فإنه يكون قد تخلى عن الرسالة التي هيأه الله لها وهى رسالة الخلافة فلا يكون أهلا لها
في خلق آدم ليكون خليفة الله في السموات والأرض
بين الله سبحانه وتعالى أنه إنما خلق آدم للأرض وذلك قبل أن يصور وينفخ فيه الروح ويبرز
في عالم الوجود فقال للملائكة
1
إني جاعل في الأرض خليفة
وقد سئل الحسن رحمه الله عن اآدم للسماء خُلق أم للأرض
فقال ما هذا للأرض خلق
فقال السائل أرأيت لو اعتصم ولم يأكل من الشجرة
قال للأرض خلق فلم يكن بد من أن يأكل منها
ومن أجمل الآراء في قصة آدم وأعمقها رأى الإمام أبي الحسن الشاذلي لقد شعر أبو العباس المرسى في يوم بضيق شديد لم يعلم له سبباً فذهب إلى أبي الحسن الشاذلي فلما رآه
قال مباشرة
آدم خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وأسكنه الجنة نصف يوم خمسمائة عام ثم نزل به إلى الأرض والله ما نزل بآدم إلى الأرض لينقصه ولكن نزل به إلى الأرض ليكمله ولقد أنزله إلى الأرض من قبل أن يخلقه بقوله إنى جاعل في الأرض خليفة وما قال فى الجنة ولا في السماء فكان نزوله إلى الأرض نزول كرامة لا نزول إهانة فإنه كان يعبد الله في الجنة بالتعريف فأنزله الله إلى الأرض ليعبده بالتكليف فلما توفرت فيه العبوديتان استحق أن يكون خليفة
وأنت أيضاً لك قسط من آدم كانت بدايتك في سماء الروح في جنة المعارف فأنزلك الله إلى أرض النفس لتعبده بالتكليف فلما توفرت فيك العبوديتان استحققت أن تكون خليفة أما أين نزل فذلك غيب لا يتحدث عنه التاريخ الموثوق به وقد كان يكفى ذلك للكف عن | بحث العلماء في هذا الموضوع ولكن العلماء بحثوا فيه واختلفوا شأنهم في ذلك في بحث كل ما لم يرد فيه نص صحيح
في معنى اليتيم
يقول تعالى ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل
واليتيم هو من مات أبوه وهو دون البلوغ ذكراً كان أو أنثى لأنه في حاجة إلى العطف
والرعاية
١١٦
في علامات الساعة
من الأمور التي يجب الإيمان بها كما جاءت عن الصادق المعصوم علا علامات الساعة لأنها من الأمور الغيبية ومن علامات الساعة إتيان المهدى ونزول عيسى عليه السلام وقد ورد بذلك الآثار عن الرسول الله وإتيان المهدى قبل عيسى عليه السلام ثم نزول عيسى يكون عند خروج الدجال فينزل فيقتله ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية كما ورد
في الحديث
6
ونزول عيسى عليه السلام إنما هو تأييد الرسالة سيدنا محمد علل وأنه سينزل عاملا بشريعة الإسلام مؤيدا لها ناشراً عبادتها وتعاليمها صلوات الله وسلامه على رسل الله أجمعين
في الإمام المهدي المنتظر
خبر ظهور المهدی جاءت به نصوص السنة الصريحة وأنه سيكون أول ظهوره بمكة المكرمة وسيكون قبل نزول المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وسيظل قائماً بأمر المسلمين يتولى شئونهم ويقودهم فى جهاد عدوهم حتى ينزل المسيح بن مريم حاكما بشريعة سيدنا محمد منفذاً لقواعد الإسلام والمفهوم من جو الأحاديث الخاصة بالمهدى أنه قائد عربى مناضل مجاهد يحاول نشر العدالة ورفع الظلم كما جاء فى الأحاديث الخاصة في أسلوب صريح وأنه ينزل سيدنا عيسى عليه السلام وقد أقيمت الصلاة فيتنحى المهدى للمسيح من إمامة المسلمين في تلك الصلاة فيدفعه المسيح عيسى بن مريم بين كتفيه ويقول له لك أقيمت فيصلى بالمسلمين تلك الصلاة ثم يتسلم سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام القيادة منه ثم
واضح
فصل
يذهب إلى الدجال فيقتله ومن أخبار المهدى ما رواه الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمى وفي لفظ آخر حتى يلى رجل من أهل
بيتي
وعن على رضى الله تعالى عنه عن النبي عل الله قال لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتى يملؤها عدلا كما ملئت جوراً أخرجه أبو داود وعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول علي المهدى منى أجلى الجبهة
١٣٤
ولما كان العرب أهل فصاحة وبلاغة كانت أعظم معجزة للرسول عل القرآن المنزل باللفظ العربي الذي أعجزهم ببلاغته فلم يستطيعوا معارضته أو الإتيان بشيء من مثله وهو المعجزة
الخالدة
ولنبينا الا معجزات كثيرة حسية أظهرها الله على يديه وشاهدها الحاضرون ولقد تحدث القرآن عن بعضها وذكرت السنة بعضاً آخر منها
فتحدث القرآن عن معجزة الإسراء والمعراج قال تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير وقوله تعالى ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى فالآية الأولى تذكر حادثة الإسراء والثانية تشير إلى المعراج وفي السنة الكثير من الأحاديث التي تتحدث عن معجزاته عليه السلام ومنها مثلا نبع الماء من بين أصابعه الشريفة ولقد أفرد بعض المؤلفين مؤلفات في معجزاته عليه الصلاة والسلام
في كيف كان بدء الوحى
إن الحديث الذى رواه الإمام البخاري عن السيدة عائشة رضى الله عنها وفيه بعض سيرة النبي وصفاته في مطلع نزول الوحى عليه هو حديث بدء الوحى
وهذا الحديث وثيقة هي من الأهمية بحيث لا يوجد ما يماثلها في الأدب العالمي وأهميتها ترجع إلى وصفها للكيفية التى أتى بها - أول ما أتى الوحى وإن الإنسان حينما يقرؤها يلمس فيها مباشرة صدق الحديث وسهولة التعبير وتصويرًا للحقائق لا يجد الشك إليه سبيلا ومن المعروف أن السيدة عائشة تروى فى هذا الحديث ما علمته علما يقينيا من الملابسات والظروف والأخبار الصادقة والروايات الصحيحة ومن حديث رسول الله ما لها مباشرة ويمكننا أن نذكر ما تحدثت به عن سيرة النبي الله فيما يلى بحسب الترتيب الذي ورد في
الحديث
1 - لقد أخذ رسول الله لا يرى الرؤيا الصالحة فى النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح
٢ - وعند ذلك حبب إليه الخلاء فكان يذهب إلى مشارف مكة بعيدا عن ضجيج
في المراد من أسماء الله الحسنى
إن أسماء الله الحسنى ا ألفاظ من القرآن الكريم وهى دلالات على الله سبحانه وتعالى تهدى إلى ما يتصف الله به من وجوه الكمال فهى مباركة فى نفسها من حيث هي أسماء للذات المقدسة وهى مباركة بالنسبة لقارئها من حيث هي هداية وإرشاد للمسلم في عقيدته ومن أجل ذلك كان الاعتقاد في بركاتها سواء كانت متلوة مقروءة أو محمولة مكتوبة اعتقاداً وعلى هذا فإنه لا مانع للمسلم من أن يحتفظ بأسماء الله الحسنى مكتوبة محفوظة ملفوفة في قطعة
سليما
من القماش الطاهر وذلك للتبرك بها كما يحتفظ الإنسان بآيات من القرآن الكريم ملفوفة في أحد من المسلمين أن يكتب الإنسان القرآن أن يكتب آيات منه أو يكتب
قماش طاهر ولم يمنع أسماء الله الحسنى ويحملها متبركاً بها فإذا كتبت أسماء الله الحسنى ولُفت لفًا متقناً أو جلدت فى عناية ثم علقت في رقبة الطفل
فلا مانع من ذلك خصوصاً أن ذلك يدل دلالة واضحة على تقديس أسماء الله الحسنى وتقديرها
واحترامها وعلى الرغبة الطيبة فى تعويد الأطفال على تقديسها واحترامها وتقديرها وما من شك في أن أسماء الله الحسنى إنما أخبرنا الله بها لتدل أولا وبالذات على الكمالات الإلهية ولتهدينا إلى العقيدة السليمة بالنسبة الله سبحانه وذلك لا يتنافى أبداً مع كتابتها وحملها
وتعليقها في رقبة الأطفال إيمانا ببركتها وتقديساً لها وحُباً فيمن دلت عليه سبحانه وقد ورد في الأخبار أن سيدنا خالد بن الوليد كان يتبرك بشعرات من شعر رسول الله الله يحتفظ بها في عمامته فالتبرك بأسماء الله الحسنى لا مانع منه
في أفضل وسيلة لحفظ القرآن الكريم
6
أفضل الطرق وأيسرها لحفظ القرآن الكريم هى أن يتفهم القارئ معاني الآيات التي يقرؤها وبوجه إجمالى فظلال المعانى فى ذهنه تساعد على بقائها وسهولة حفظ الجمل المعبرة عنها ثم يبدأ الطفل - عادة - بالسور القصيرة والأجزاء الأخيرة من القرآن الكريم يضاف إلى ذلك أن يقرأ المُحفّظ الآيات أمام تلاميذه فالقراءة الجيدة تعود التلاميذ على حسن النطق وحسن الترتيل ولا يكلف التلميذ بحفظ آيات كثيرة حتى لا يثقل عليه حفظ ما يكلف به
١٥١
۱۹
الطب ووسائل العلاج وفكر في تيسير الاستعانة لأطباء المسلمين بثقافات الأمم الأخرى في هذا المجال ففكر في ترجمة كتاب أو كتب فى هذا الموضوع ولكنه قبل أن يقدم على الأمر سأل نفسه إن هذا العمل عمل لم يفعل مثله رسول الله الا الله ولم يفعل مثله أحد الخلفاء الراشدين فهل يجوز له أن يقوم بذلك وتردّد في الأمر ثم استخار الله فترة طويلة من الزمن حتى شرح الله صدره لتنفيذ الترجمة فأمر بها وكان الكتاب بين أيدي المسلمين ولم يذكر أحد من المسلمين لعمر بن عبد العزيز رضى الله نهيا ولم يرفع صونا بالإنكار عليه لا لأنه الخليفة ولكن لأنهم لم يروا في العمل
عنه
من بأس
أحد منهم
وقد يتساءل إنسان عن السر في موقف الرسول الله وموقف عائشة رضوان الله عليها من الإنكار على الذين يتبعون الكتب وهو موقف يختلف عن موقف المسلمين من عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه حيث كانت موافقتهم له عامة كاملة وهنا قبل أن نمضى فى البحث نسارع بالعودة بالقارئ إلى ما سبق أن ذكرناه من التفرقة بين
مجالين
أولها المجال المادى مجال الطبيعة مجال المادة مجال الأرض والسماء وما بين الأرض والسماء وهذا المجال لا يطبع ذاتية الأمة بطابع خاص ولا يعطيها لونا معينا لأن القوانين المادية والمبادئ الحسية لا تختلف من قطر إلى قطر ولا من بيئة إلى بيئة
وإذا سايرت أمة أمة أخرى فى هذا المجال فإنها لا تكون بذلك قد فعلت ما يضر بذاتها أو يقلل من شأن شخصيتها والمسلمون فى عصورهم الزاهرة اندفعوا إلى كشف المساتير في المجال المادى فكونوا حضارة مادية خصبة وأفادوا الإنسانية فى الطبيعة وفى الكيمياء وفى الطب وفى الصيدلة وفى غير ذلك من ميادين الحس من جوانب المادة وهم وإن بلغوا حينئذ مرتبة القيادة والزعامة فإنهم لم يكونوا يتحرجون من الاستفادة فى هذا المجال بكل ما أنتجته الإنسانية من
مكتشفات
والمجال الثاني هو المجال الروحى وهو مجال يتضمن فى خطوطه العامة العقيدة والأخلاق والتشريع وهذا المجال هو الذي يكون ذاتية الأمة ويطبعها بطابع معين ويعطيها لونا خاصا لقد استخار الله سيدنا عمر بن عبد العزيز أربعين يوماً في ترجمة كتاب في الطب ثم شرح الله صدره كما سبق أن بينا وكتاب الطب كتاب من كتب الحضارة فى جوها المادى إنه كتاب من الكتب ذات الطابع المادى ولا بأس أن يترجم كتاب من هذا النسق أو أن يتابع أو أن يقتبس
۱۸
الحرث هو إصلاح الأرض وإلقاء البذر فيها ويسمى الزرع الحرث أيضاً
ولما كانت النساء مواضع النسل وما ينبغى فيهن من نطف الرجال فقد شبهتهن الآية الكريمة بالأرض التي هي موضع الإنبات والزرع فنطفة الرجل التي تلقى في الرحم فيكون منها الولد كالبذر الذى يلقى فى الأرض لإنبات الزرع فيكون معنى الآية الكريمة نساؤكم مواضع نسلكم كالأرض موضع حرثكم فكما تأتون أرضكم لإصلاحها وإلقاء البذر فيها من أي جهة شئتم فأتوا نساءكم من أى جهة شئتم ما دام الإتيان في موضع الحرث أى القبل إذ هو موضع فلا أن تأتيه من الأمام أو من أى جهة تشاء حرج
هو
المرأة
وقدموا الخير الذي أمركم الله به لأنفسكم وذلك شامل لصالح الأعمال قال تعالى وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله خيراً وأعظم أجرا وقيل هو طلب الولد وقيل هو التسمية عند غثيان الزوجة ومن الأدعية المأثورة في هذه الحالة بسم الله اللهم جنبنى الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنى ولا مانع أن يشمل ذلك كله واتقوا الله وخافوا ربكم وراقبوه في جميع أحوالكم فافعلوا ما أمركم به واجتنبوا ما نهاكم عنه واعلموا أنكم ملاقوه فمجازيكم على أعمالكم فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا
یره
وبشر المؤمنين الذين يعملون خير الأعمال ويتركون قبيحها روى أن اليهود كانوا يقولون مَنْ جامع امرأته من الخلف في قبلها جاء ولدها أحول فذكر ذلك درسول الله الله فقال صلوات الله وسلامه عليه كذبت اليهود ونزلت الآية يقول الإمام الزمخشري في تفسير الكشاف وقوله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم من الكتابات اللطيفة والتفويضات المستحسنة وهذه وأشباهها في كلام الله لقوله هو أ أذى فاعتزلوا النساء وقوله فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله آداب حسنة على المؤمنين أن يتعلموها ويتأدبوا بها وايتكلفوا مللها في محاوراتهم ومكاتباتهم أما آية يأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم الآية ٥٨ من سورة النور فقد اشتملت على كثير من الآداب الحميدة والتوجيهات السديدة ومن هذه الآداب الحميدة والتوجيهات السديدة ومن هذه الآيات يجب أن يأخذ الآباء بها أولادهم الذين لم يبلغوا الحلم بعد كما يؤدب بها الإماء والعبيد والاستئذان قبل الدخول في ثلاث حالات قد يكون الإنسان فيها مكشوف العورة أو هو معرض لكشفها لأنه في هذه الحالات الثلاثة غالباً ما يخلع ملابسه ويستبدل بها من الملابس أو الغطاء ما لا يؤمن معه كشف ما لا يحسن كشفه أما الإماء
۱۹۷
في تفسير قول الله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به وَالْمُنْخَنِقَةُ والمَوْقُوذَةُ والمُتردِّيةُ
والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذُبح على النُّصبِ ٢٤
أل في الآية الكريمة للجنس الشامل للبرى المتوحش والمستأنس الذي يُربى في البيوت ويألف لأنه لم يرد من السنة تخصيص لبعض أنواعه دون البعض
ونفهم من نص الآية الكريمة أن أكل لحم الخنزير بصفة عامة حرام يجب البعد والكف عن تناوله والاجتناب الكلى عنه امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى واتباعاً لرسوله الله فإنه الإمام
والقدوة الحسنة الذى تجب متابعته دون متابعة الذين يتناولونه من غير المسلمين وما أظن الذين يحرصون على تناول لحم الخنزير البرى مفرقين بينه وبين الخنزير الذي يربى في البيوت إلا تابعين لغير المسلمين تحقيقاً لمعجزة النبي عله الا الله في الذين يخالفون عن أمر الله وعن أمر الرسول لا حيث يقول لتتبعن سن من قبلكم شبراً شبر وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب خرب لسلكتموه إذن فإن لحم الخنزير سواء كان برياً أو مربى في البيوت – لا يصح
المسلم
أكله ولا يجوز
مطلقاً
في تفسير قول الله تعالى
تناوله
اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة
من الخاسرين
vo
والمحصنات هُنَّ العفيفات العاقلات الممتنعات عن الزنى والفساد والآية دالة على جواز نكاحهن دون غيرهن من أهل الشرك من المجوس ومنكرى الدين
جملة
فيجوز على هذه الآية نكاح المسلم الكتابية يهودية أو نصرانية بدليل هذه الآية
٧٤ سورة المائدة - آية ۳
۷۵ سورة المائدة - آية ٥
۱۳
أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا هنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب فقال الله سبحانه أنا أبلغهم عنكم قال فأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً إلخ وروى بقى بن مخلد عن جابر قال لقيني رسول الله الا الله فقال يا جابر ما لي أراك منكساً مهتما قلت يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالا وعليه دين فقال ألا أبشرك بما لقى الله عز وجل به أباك قلت بلى يا رسول الله قال إن الله أحيا أباك وكلمه كفاحاً أى مواجهة ليس بينها حجاب ولا رسول وما كلم أحد قط إلا من وراء حجاب فقال له يا عبدى تمن أعطك قال يا رب ردنى إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية فقال الرب تبارك وتعالى إنه قد سبق منى أنهم إليها لا يرجعون قال يارب فأبلغ من ورالى فأنزل الله عز وجل ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله الآية فقولهم من يبلغ إخواننا عنا إنا أحياء في الجنة تُرزق لئلا يزهدوا في الجهاد وفي رواية أخرى ليزدادوا في الجهاد رغبة ولا ينكلوا عند الحرب وقول الله سبحانه أنا أبلغهم عنكم ونزول هذه الآيات بهذه الصيغة يرجح القول بأنها عامة في الشهداء جميع
وأما العمل الذي يجب أن يقوم به المقاتل في سبيل الله حتى ينال الشهادة فهو أن يكون خروجه للجهاد في سبيل الله مع صدق العزم وإخلاص النية لله سبحانه فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى والرسول الله يقول لا يكلم أحد في سبيل الله – والله أعلم بمن في سبيله - إلا جاء يوم القيامة وجرحه يشخب اللون لون دم والريح ريح مسك وألا ينهزم
ولا يتقهقر وأن يظل يقاتل حتى يُقتل في سبيل الله صابراً محتسباً مقبلا غير مدبر فالله تعالى يقول يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومَنْ يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس
المصير
روی مسلم عن عبد الله بن أبي قتادة أنه سمعه يحدث رسول الله لا أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال فقام رجل فقال يا رسول الله إن قتلت في سبيل الله تكفر عنى خطاياى فقال رسول الله نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر
ثم قال رسول الله كيف قلت قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عن
۸
في العاشر من رمضان السادس من أكتوبر سنة ۱۹۷۳ من تحطيم حصونهم المنيعة بسيناء وتيتيم أطفالهم وترميل نسائهم وبكاء رؤسائهم وما ضرب عليهم من الذلة والهوان وسيبعث الله عليهم بمشيئته تعالى - ونرجو أن يكون ذلك قريباً - من يطهر بيت المقدس من رجسهم ليعود إليه وجهه العربي المشرق وكلما انتعشوا وبغوا فى الأرض وأفسدوا سلط الله عليهم من عباده من يسومهم سوء العذاب وصدق الله العظيم إذ يقول
وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب
في تفسير قول الله تعالى
إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفور
فقد ورد في سياق آيات تحث على الإنفاق والبذل فإن قبل هذه الآية الكريمة يحث الله سبحانه على الإحسان بالوالدين الإحسان الذى يتضمن الرعاية بجميع أنواعها قولية كانت أو فعلية ومنها الإنفاق عليهما عند الحاجة وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ثم يحث الله سبحانه على إيتاء ذى القربى والإنفاق عليهم والبر بهم ويحث كذلك على إيتاء حق المسكين وابن السبيل ثم يرشد سبحانه إلى أن الطريقة المثلى فى كل ذلك إنما هي عدم التبذير والابتعاد عن الإسراف ثم يبين بعد ذلك مباشرة القانون الذى يرتضيه سبحانه لبنی آدم فيقول ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً وما من شك في أن التبذير مذموم وأن الإسراف لا يقره عاقل ولكن البخل أيضاً مذموم والتقتير لا يقره المستنيرون يقول الله تعالى ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ويقول سبحانه فأما مَنْ أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغنى عنه ماله إذا تردّى إن البخيل المقتر الذي يكنز الذهب والفضة لن ينفعه ما له وماكنز حينما تأتيه سكرة الموت بالحق وحينما يحل به القدر المحتوم يوم لا ينفع مال ولا بنون وكما حث القرآن على التزام القصد وعلى اتخاذ التوسط في الإنفاق فإن الرسول صلوات الله عليه حث على الإنفاق على الأهل ففيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت
۱۰۹ سورة الإسراء - آية ۷
٢٤٤
في فضل سورة يس روى الإمام أحمد والحاكم وصححه معقل بن يسار رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلب القرآن يس لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر الله له اقرء وها على موتاكم وكلمة اقرء وها على موتاكم كلمة مطلقة فهى تفيد اقرء وها على من كان في حالة الاحتضار وتفيد اقرءوها على موتاكم فى المقابر ويساند هذا ماذكره الثعلبي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله الله قال من دخل المقابر وقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات
ومذهب الجمهور من أهل السنة أن ثواب قراءة القرآن يصل إلى المتوفى بل لقد ذكر ابن قدامة في كتابه المغنى أن الإمام الجليل أحمد بن حنبل قال الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فى ذلك ولأن المسلمين يجتمعون في كل عصر ويقرءون ويهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماع فإذا ما قرأ إنسان القرآن بنية إهداء الثواب إلى الميت فإنه يقول بعد الفراغ من القراءة اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان
على أن الجمهور من أهل السنة يعلن فى صراحة أن القراءة التي يصل ثوابها إلى الميت إنما هي القراءة التي ليست مأجورة ويعلن فى صراحة أيضًا أنه لابد من النية التي تتقدم القراءة وقراءة القرآن على الميت لا تقدر بزمن بعد الوفاة فلا تتقيد بمرور سبعة أيام أو أكثر أو أقل وما من شك في أنه من الخير أن يُقرأ القرآن عند الميت فى حالة الاحتضار و وأن يُقرأ بعد وفاته مباشرة وأن يُقرأ له بعد ذلك كلما تتاح الفرصة وليس في الإسلام مطلقاً مايدل على أ القراءة تكون بعد سبعة أيام
في قوله تعالى
لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهى إلى الأذقان
فهم
مُقْمَحُونَ ۱۸
الأغلال
جمع
غل بضم الغين وهو ما أحاط بالعنق
ومع
العنق اليدان واليد الواحدة
للتعذيب
۱۸ سورة يس آیتا ۷ ۸
في قوله تعالى عبس وتولى إلخ
٢٥٩
أى شعر بالحرج والضيق حينما دخل عليه الأعمى وهو يدعو بعض رؤساء الكفر إلى الإسلام فخاف أن يقطع دخول هذا الأعمى حديث الدعوة إلى الله تعالى ويضيع ما يمكن أن يكون قد علق بقلب هذا الكافر منه ولم يكن إعراضه ا عن الأعمى أو ضيقه به تحقيراً له أو توهيناً لشأنه وإنما كان تقديماً للأهم على المهم فجلوس رئيس من رؤساء الشرك لسماع الدعوة وتقبله لما يلقى عليه فرصة قد لا تعوض وقد يسلم فيسلم بإسلامه كثيرون أما هذا الأعمى فالفرص أمامه كثيرة ولقاء الرسول متيسر له متى شاء
قال ابن حزم أما قوله تعالى عبس وتولى الآيات فإنه كان عليه السلام قد جلس إليه عظيم من عظماء قريش ورجا إسلامه وعلم عليه السلام أنه لو أسلم لأسلم بإسلامه ناس كثير وأظهر الدين وعلم أن هذا الأعمى الذى يسأله عن أشياء من أمور الدين لا يفوته وهو حاضر معه فاشتغل عنه عليه السلام بما خاف فوته من عظيم الخير عما لا يخاف فوته وهذا غاية النظر في الدين والاجتهاد في نصرة القرآن فى ظاهرها الأمر ونهاية التقرب إلى الله الذي لو فعله اليوم بنا فاعل لأجر لعاقبه الله عز وجل على ذلك إذ كان الأولى عند الله تعالى أن يقبل على ذلك الأعمى الفاضل التقى
وكأن الله سبحانه وتعالى بهذا يوجه إلى فضل المؤمن على غيره من الكفار مها كانت الفروق الدنيوية من المال والجاه ونحوهما والآية الكريمة تبين شدة حرص الرسول على الدعوة إلى الله سبحانه ونبين من جانب آخر قيمة المؤمن عند الله وفضله على غيره من أهل الشرك والضلال
في قصة أصحاب الأخدود المذكورة من سورة البروج إن هذه الآيات الكريمة من سورة البروج وقد نزلت هذه السورة الكريمة لتبين أن المؤمن يؤدى رسالة وأن مثله فى هذه الحياة الدنيا مثل أصحاب الرسالات الذين يجاهدون في سبيل الله فيصادفون في ذلك مصادفة المعارضين وكيدهم ومكرهم وتعذيبهم ومادام الإيمان يملأ القلب فإن المؤمن يصير على كل ذلك مجاهداً إلى النهاية فينال النصر أو الشهادة ويضرب الله مثلا للمؤمنين
۷۷
ولقد امتزج رسول الله الله برسالته الخالدة فكان هو هي شرحاً وتفصيلا
وكانت هي هو بياناً لمعدنه وجوهره وخلافة له ونيابة عنه
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها لقد كان خُلقه القرآن وهذه الكلمة من السيدة عائشة رضوان الله عليها تحتاج إلى تحديد وبيان ذلك أن القرآن يحدد الخلق الكريم في حده الأدنى ثم لا يقتصر على ذلك وإنما يرسم القمم من مكارم الأخلاق ويوجه إلى السنام
منها ويقود إلى المشارف العليا من درجات المقربين
فهل تريد السيدة عائشة رضوان الله عليها حينما تصفه الا الله بأن خلقه القرآن هل تريد الخلق الكريم في حده الأدنى أو تريده في حده الأوسط أو تريده في حده الأقصى إن القرآن يحدد الدرجة التي وصل إليها الرسول علا الله من الخلق القرآني فيقول سبحانه
لرسوله وإنك لعلى خلق عظيم
هذه الآية القرآنية وصل إليها الرسول مع الهلال إنها ذروتها وسنامها
أول المسلمين ولقد قال صلوات الله وسلامه عليه إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق إنه البعث ليتمم المكارم الأخلاقية ليتممها بذاته بسلوكه وليتممها بقوله
برسالته إنه لم يبعث لينشر الأخلاق الكريمة فحسب وإنما بعث ليتمم مكارمها ومكارم الأخلاق لم تكن - قبل الرسول صلوات الله وسلامه عليه – قد تمت إن أول المسلمين لم يكن قد وجد بعد وكانت بذلك مكارم الأخلاق ناقصة كان ينقصها أكمل صفة وهى إسلام الوجه الله إسلاماً تاماً إن الكائنات لم تكن قد وصلت – لا في
لمکارم ا الأخلاق
نبي مرسل ولا فى ملك مقرب - إلى الذروة من إسلام الوجه الله والذروة من إسلام الوجه الله أو أول المسلمين والتعبيران سواء - إنما هو الذروة من مكارم الأخلاق إن الكائن الربانى إنه أول المسلمين أولهم بإطلاق أولهم بالنسبة للملائكة وأولهم بالنسبة لبنى آدم أولهم قديماً وأولهم إلى الأبد إن أول المسلمين لم يكن قد وجد بعد وكانت الإنسانية بذلك ناقصة وكانت الكائنات كلها بذلك ناقصة
كان الكون ناقصاً مادة ومعنى كان نقصه أن تتعطر أرضه بأزكى الأجساد وأن يتعطر جوه بأزكى الأرواح وكان لابد من وجود كائن بهذه المثابة يكمل الله به الدين ويتم به النعمة ويرضى رسالته ديناً عاماً خالداً للإنسانية جمعاء هو إسلام الوجه لله
۹
وقال بأصبعيه السبابة والوسطى قال أبو عثمان فرأيت أنها أزرار الطيالسة ولقد كان بعض الصحابة ينقل عن بعض فعروة بن الزبير رضى الله عنه ينقل عن خالته السيدة عائشة رضوان الله عليها فتقول له يابنى بلغنى أنك تكتب عنى الحديث ثم تعود فتكتبه فقال لها أسمعه منك على شيء ثم أعود فأسمعه على غيره فقالت هل تسمع في المعنى
خلافاً
قال لا قالت لا بأس بذلك
وبشير بن نهيك يكتب عن أبي هريرة ويجيزه أبو هريرة بالرواية عنه يقول بشير كما يذكر كتاب و السنة قبل التدوين نقلا عن كتاب المحدث الفاضل وغيره - أتيت أبا هريرة بكتابي الذي كتبته فقرأته عليه فقلت هذا سمعته منك قال نعم وكان لابن عباس رضى الله عنه ألواح يكتب فيها عن الصحابة مثل أبي رافع صاحب رسول الله الله بل لقد وصل الأمر بأنس رضي الله عنه الذى لازم رسول الله على ملازمة تكاد تكون تامة طيلة عشر سنوات إنه كان يملى الحديث على جموع من الطالبين فإذ أكثر الناس واحتاجوا إلى صحف يكتبون فيها جاء إليهم بها من عنده فألقاها إليهم ثم قال هذه أحاديث سمعتها وكتبتها عن رسول الله الله وعرضتها عليه
وكان يقول رضى الله عنه البنيه يا بنى قيدوا العلم بالكتاب وكان الصحابة يتراسلون فى الأحاديث يستفسرون ويتذاكرون فمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يكتب للمغيرة بن شعبة رضوان الله عليه عدة مرات يستفسر عن بعض ما يرويه المغيرة عن رسول الله
فيجيبه المغيرة بن شعبة مرة عما كان رسول الله الله مثلا يقول في ختام كل صلاة اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا راد لما قضيت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ويجيبه مرة أخرى بأن رسول الله ما نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ويكتب زياد بن أبي سفيان إلى السيدة عائشة رضوان الله عليها يسألها عن مسائل تتعلق بالحج ويذكر لها فتوى ابن عباس رضى الله عنه فتكتب له بما كان الله يفعله في الحج ويصف المرحوم الأستاذ مصطفى السباعى بعض الجهود التي قام بها الصحابة لجمع الحديث فيقول في نهاية حديثه عن تلك الجهود فلما كان عهد عثمان سمح للصحابة أن يتفرقوا في الأمصار واحتاج الناس إلى الصحابة وخاصة صغارهم بعد أن أخذ الكبار يتناقصون يوماً بعد يوم فاجتهد صغار الصحابة بجمع
٣٠٨
في شرح الحديث
كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم بالآخرة
فأباح بذلك زيارة القبور وعلل السبب في ذلك وهى تذكر أمور الآخرة وما يتصل
بها من الموت وعذاب القبر
ويماثل هذا الحديث ما رواه أحمد ومسلم وغيرهما عن زيارة النبي لقبر أمه وقوله
فزوروا القبور فإنها تذكر بالموت هذا بالنسبة للرجال
أما بالنسبة للنساء فإن كثرة زيارة القبور بالنسبة لهن ممنوعة لما روى من أنه لا لعن
زوارات القبور
น
قال القرطبي هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة ولعل السبب ما يفضى إليه ذلك من تضييع حق الزوج وما ينشأ منهن من الصياح ونحوه فإذا خفت زيارتهن ولم تقترن بسوء من كشف عورة أو قول قبيح ونحو ذلك فلا حرج منها روى من أن عائشة سألت رسول الله الله عما تقول إذا زارت القبور فقال قولى السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وعلى ذلك فزيارة القبور مندوبة للرجال جائزة للنساء وبشرط ألا يقترن بها ما يتنافى الغرض منها وهو التذكير بالموت والتذكير بالآخرة
في الشرك الخفى
مع
الشرك الخفى مرادف للنفاق وذلك لأن النفاق أن يظهر المرء خلاف ما يبطن فيبدو المنافق في صورة المؤمن وهو فى حقيقته من الكافرين أنه يستر شركه ويخفيه ولكن الله تعالى يكشفه ويبرز أهم صفاته في كثير من الآيات القرآنية التي تحدد منابع الإيذاء في هذا الشرك وأسباب التنفير منه ومواطن الخطر الناتجة عنه يقول تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله
بعلاماته
وسيل ترضي الله عنى في الذكر والدهاء
٣٤٠
في هل يجب أن يُقرأ الدعاء بعد صلاتي الفجر والمغرب
مذهب الشافعية أن القنوت في صلاة الصبح بعد الركوع من الركعة الثانية سنة رواه الجماعة إلا الترمذي عن ابن سيرين أن أنس بن مالك سئل
هل قنت النبي في صلاة الصبح فقال نعم فقيل له قبل الركوع أو بعده قال بعد الركوع ولما رواه أحمد والبزار والدارقطنى والبيهقى والحاكم وصححه عنه قال مازال رسول الله الا الله يقنت فى الفجر حتى فارق الدنيا أما في صلاة المغرب فلا قنوت فيها إلا عند النوازل فإنه شرع القنوت فيها وفى غيرها من الصلوات
روى أبو داود وأحمد عن ابن عباس قال قنت الرسول مع الله شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو عليهم على حى من بني سليم على رعل وذكوان وعصبه ويؤمن من خلفه وكان قد أرسل إليهم جماعة من الصحابة يدعونهم إلى الإسلام فقتلوهم
أما الأحناف فإنهم يقنتون في الوتر في الركعة الثالثة قبل الركوع لما رواه الإمام أحمد وغيره بإسنادهم عن الحسن بن على رضى الله عنه قال علمنى رسول الله الله كلمات أقولهن في
الوتر
اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقنى شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يُقضى عليك وإنه لا يذل من واليت
ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت وصلى الله على النبي محمد
في دعاء الوالدين
دعاء الوالدين مستجاب إذا صدر بسبب عقوق من الولد أو إساءة أدب أو ما إلى ذلك فإذا أدى الولد حق أبيه فلا شيء عليه بعد ذلك دعا الوالد له أو دعا عليه لأن الله سبحانه وتعالى قد وضع لنا مقاييس الخير ومقاييس الشر وعلى أساس هذه المقاييس يكون الحساب وقد يخطئ بعض الناس في استغلال حقه فيسى إلى من أحسن إليه أو لا يقنع بما يقدم إليه ومثل هذا لا يستجيب الله له دعاء على مَنْ أحسن إليه بل قد يتحول دعاؤه على غيره إلى دعاء عليه يصيبه شره ولا يتحقق له عن طريقه أى خير
٣٥٧
في الانحراف ودواعيه
لكن ماذا حدث عندنا في مصر الذى حدث عندنا نحن فى مصر أننا كنا نطبق نظام الشريعة الإسلامية ثم جاء الاستعمار ونسف الشريعة الإسلامية من القطر المصرى وأحل محلها القانون الوضعى واستقدموا قضاة ومستشارين من الأقطار العربية ثم رأى أن هذا النظام لا يتأتى أن يستمر كثيرًا فأنشئوا مدرسة الحقوق وكانت تسمى مدرسة قبل أن تكون كلية فأنشأ مدرسة الحقوق لتخريج قضاة أو محامين أو مستشارين إلى آخره ليحكموا بالقانون الوضعي وكان لابد أن يكون المنهج والبرامج فيها هو القانون الوضعى وزال الاستعمار وحاولنا أن نتخلص من كل آثار الاستعمار ولكننا ألفنا كليات الحقوق وألفنا مدرسة الحقوق فخيل إلينا أن الأمر عادى ولكن الأمر في حقيقته ليس بعادى إنه غاية الغرابة أن نقيم نحن – في بلدنا وفى قطرنا - كليات للغزو الفكرى التابع آثار الاستعمار ولنعمل على استمرار آثار الاستعمار ننفق عليها ونربى فيها أبناءنا ونضع أبناءنا في جو ليغزوهم هذا الجو فكريا ليكونوا أوربيين أكثر منهم مسلمين أو أكثر منهم وطنيين لأن الوطنية تقتضى أيضًا أن نتخلص من الغزو الفكرى ومن آثار الاستعمار ولكننا ألفنا الأمر ذهبت إلى كلية حقوق عين شمس لإلقاء محاضرة وسألت كم عدد المحاضرات فى الكلية فى الأسبوع فقيل اثنتان وعشرون محاضرة
كم منها للشريعة الإسلامية درسان فى الأسبوع وعشرون درسا للقوانين الوضعية لو كانت هذه الكلية فى فرنسا ما كانت تزيد على ذلك أو لو كانت فى إنجلترا ما كانت تزيد على ذلك وأحب أن أقول إنه لو كانت فى إسرائيل أيضًا ما كانت تزيد على ذلك
محاضرتان للشريعة الإسلامية فى بلد إسلامي محاضرتان فقط مقابل عشرين محاضرة
لاستمرار الاستعمار أو لاستمرار آثار الاستعمار أو للغزو الفكري فيما يتعلق بالاستعمار هذا لا يتأتى أن يستمر طويلا ولكن لأننا ألفنا ولأننا لم نفكر في الوضع ولأننا ألفناه كما ألف الناس التعارض والتناقض الفكرى ولكنهم ألفيه واستمروا عليه لم يفكر فيه أحد من أجل ذلك كانت الأمانة - الآن - موضوعة فى أعناقكم أنتم – إنني تحدثت عنها
ولكن الحديث عنها كان فى مجالات ربما لا تتصل كثيرًا بمجالات القانون ولكن مجالات القانون حينما نفكر فى الأمر - وحينما نتبصر في هذا الموضوع فإنه تصبح مسئوليتنا كبيرة ونحن
مؤمنون ومن غير شك هنا مجموعة كبيرة إن لم يكن الكل من الصالحين المؤمنين كيف يتأتى
۳۹
ومتى غاب الله حتى يكون في حاجة إلى إثبات فوجم الجميع ولم يستطع المؤلف الإجابة وتركهم الرجل الصالح وهو يردد
قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون قال رجل للنووى الصوفى المعروف ما الدليل على الله قال الله - قال الرجل فما العقل
قال العقل عاجز والعاجز لايدل إلا على عاجز مثله
من
رام بالعقل مسترشدا
وشاب
بالتلبيس
أسراره
سرحه
في
حيرة
يلهو
يقول في حيرته
هل
هو
والنتيجة التي نريد أن نصل إليها هي إن روح القرآن إذا هي قيادة النفوس إلى التوحيد وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين قل إنما يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم
مسلمون وتأتى مشكلة الملاحدة والوجوديين المنكرين لوجود الله ماذا نفعل بإزائهم إن مثل هؤلاء لا وجود لهم فى مجتمع سليم طاهر ويكفى اعتزالهم كمرض خبيث ينفر الإنسان منه ويكفى عزلهم أن يفسدوا الآخرين تلاميذ كانوا أو طلبة أو عمالا أو زراعاً ولن تمر فترة طويلة عليهم في هذا الوضع حتى يرتدعوا ويعدلوا عن اتباع أهوائهم وشهواتهم
وما الوجودية إلا لهوى إنما هوى النفس التي لا تحتمل القيام بالواجب الاجتماعي والدينى والإلحاد ضعف لأنه محاولة للفرار من التكاليف ومع كل ما تقدم فإنه لا يتأتى لى أن أترك هذا المجال دون أن أذكر قصة سمعتها حديثا هزتنى من الأعماق ووقعت من نفسى موقعاً من الروعة والجلال لا يمكنني تصوير مداه لقد ذكر لي هذه القصة فضيلة الأستاذ الكبير الشيخ مدثر الحجاز وكيل جامعة أم درمان الإسلامية ورئيس الطريقة التيجانية بالسودان
في إحدى القرى النائية المنعزلة من قرى السودان كان يعيش رجل عابد صالح وكان يقضى وقته بين المسجد والبيت لم يكن يفارق القرية يوما ما والقرية في انعزالها كأنها بالنسبة له
العالم كله
وفى يوم من الأيام ولظروف معينة غادر هذا الرجل الصالح القرية بصحبة صديق له وجدا فى السير حتى وصلا إلى الطريق الذى يؤدى إلى المدينة وما إن وصلا إلى الطريق حتى رأيا - بطريق المصادفة - رجلا من رجال الجيش الإنجليزي
۳۸۸
أحدهما انتفاع الولد برائحته وذلك قد أدركه الولد بعقله
والثاني اندفاع الحيات المهلكات برائحته وذلك مما قصرت عن إدراكه بصيرة الولد فاغتر الولد بما عنده من العلم وظن أنه لاسر وراء معلومه ومعقوله كما قال تعالى ذلك مبلغهم من العلم وقال فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم
والمغرور من اغتر بعقله فظن أن ما هو منتف عن عمله فهو منتف في نفسه وما من شك كما يروى كتاب إحصاء العلوم - فى أن آراء الملل وكل ما فيها من الأوضاع ليس سبيلها أن يمتحن بالآراء والروية والعقول الإنسية لأنها أرفع رتبة منها إذ كانت مأخوذة من وحى الهى لأن فيها أسراراً إلهية تضعف عن إدراكها العقول الإنسية ولا تبلغها وأيضاً فإن الإنسان سبيله أن تفيده الملل بالوحى مما لا يدركه بعقله وما يخور عقله عنه وإلا فلا معنى للوحى ولا فائدة إذا كان إنما يفيد الإنسان ما يعلمه وما يمكن - إذا تأمله - أن يدركه بعقله ولو كان كذلك لوكل الناس إلى عقولهم ولما كانت بهم حاجة إلى نبوة ولا إلى وحى لكن لم يفعل بهم ذلك فلذلك ينبغى أن يكون ما تفيده الملل من العلوم ما ليس فى طاقة عقولنا أن يكون ما تفيده عقولنا إدراكه ثم ليس هذا فقط بل ما تستنكره عقولنا أيضاً وذلك أن التى يأتى بها الملك - مما تستنكره العقول وتستبشعه الأوهام - ليست هي بالحقيقة منكرة ولا محالة بل هي صحيحة في العقول الإلهية فإن الإنسان وإن بلغ نهاية الكمال في الإنسانية فإن منزلته – عند ذوى العقول الإلهية منزلة الصبى والحدث والغمر عند الإنسان الكامل وكما أن كثيراً من الصبيان والأغمار يستنكرون بعقولهم أشياء كثيرة مما ليست في الحقيقة منكرة ولا غير ممكنة ويقع لهؤلاء أنها غير ممكنة فكذلك منزلة من هو في نهاية كمال العقل الإنسى عند العقول الإلهية وكما أن الإنسان من قبل أن يتأدب ويتحنك يستنكر أشياء كثيرة ويستبشعها ويخيل إليه فيها أنها محالة فإذا تأدب بالعلوم واحتنك بالتجارب زالت عنه تلك الظنون فيها وانقلبت الأشياء التي كانت عنده محالة فصارت هي الواجبة وصار ما كان يتعجب منه قديماً في حد ما يتعجب
من ضده
كذلك الإنسان الكامل الإنسانية لا يمتنع من أن يستنكر أشياء ويخيل إليه أنها غير ممكنة من غير أن تكون فى المحافظة كذلك
ويشرح الشيخ الجليل أبو سليمان المنطقى كل ذلك في دقة دقيقة وفي أسلوب جميل
6
٤٠٤
برء وسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فاطهروا وقوله ع لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ
أما النسيان المرفوع في مثل قوله لعل الله رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فالمراد رفع إثم التأخير بسبب هذا النسيان أما رفع الفرض نفسه كالصلاة وعدم وجوب
إعادتها فلا
وعلى المؤمن أن يكون مستيقظاً في عبادته متحرزاً من كل شبه تفسد صلاته ولعل في توجيه
الإسلام إلى الاغتسال يوم الجمعة ونحوه ما يمنع من آثار هذا النسيان ذلك لأن مكانة الصلاة كبيرة وفضلها عظيم والمحافظة على أدائها بشروطها مطلوبة قال
تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً
وقال حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقال له إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة رواه مسلم وقال العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر رواه الترمذي وقال حسن صحيح وروى الإمام
مسلم بسنده عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله
فى هل يشترط الطهارة في انعقاد اليمين
ليست الطهارة من الجنابة موطأ لانعقاد اليمين فاليمين صحيحة ومنعقدة سواء كان الحالف طاهراً أو غير طاهر غير أن مس المصحف يحرم على من ليس على طهارة لقوله تعالى لا يمسه إلا المطهرون فإذا كان السائل وضع يده على المصحف أو مسه أو لمس شيئا منه في أثناء الحلف فقد ارتكب إثماً مضاعفاً إلى ما ارتكبه من ذنوب وآثام فى حق الله وفي حق نفسه ومجتمعه وإذا كان السائل يريد أن يتوب إلى الله تعالى فبابه سبحانه مفتوح لكل من قصده ليلا أو نهاراً فهو سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء
الليل وسبحانه القائل وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وإذا كان السائل يريد راحة ضميره واستقرار النفس فعليه بالتوبة إلى الله والإقلاع عن هذه الرذيلة وعدم العودة إليها ولا إلى غيرها من المعاصى وأول الطريق إلى التوبة أن يكفر عن اليمينين
٤٢٢
ثم قال الله أكبر وركع ثم اعتدل فلم يصوب رأسه يخفضه ولم يقنع ووضع يديه على ركبتيه ثم قال سمع الله لمن حمده ورفع يديه واستدل أرخى يديه حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا ثم هوى إلى الأرض ساجداً ثم قال الله أكبر حتى جافى بعد عضديه عن إبطية
كل
وفتح ألان وأرخى أصابع رجليه ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ثم اعتدل حتى يرجع - عظم في موضعه معتدلا ثم هوى ساجداً ثم قال الله أكبر ثم ثنى رجله وقعد واعتدل حتى يرجع
كل عظم فى موضعه ثم نهض ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذى بهما حين افتتح الصلاة ثم صنع كذلك حتى كانت الركعة
صنع
التي تنقضى فيها صلاته أخر رجله اليسرى وقعد على شقه متوركاً ثم سلم وهناك صفات أخرى الصلاته الا الله ولا فرق بينها إلا في بعض الهيئات كقبض اليد على جسده وإرسالها حال الوقوف ونحو ذلك وكل من الأئمة اعتمد ما رجح عنده والخلاف هنا ليس خلافاً مُضِرًا وإنما هو من باب التوسعة وكل صحيح
فإذا قبض المصلى يديه في أثناء الوقوف فصلاته صحيحة وإذا أرسل يديه في أثناء الوقوف فصلاته صحيحة ويجب ألا تفرق أمثال هذه الأمور بين طوائف المسلمين وذلك أنه لم يقل إمام من أئمة المسلمين قط إن من أرسل يديه فسدت صلاته ولم يقل أ أحد من أئمة المسلمين قط إن من قبض يديه فسدت صلاته إن الصلاة صحيحة قبض المصلى يديه أو أرسلها
في شروط الصلاة
لا يشترط في الصلاة أن تكون في المسجد أو في مكان معين بل تصح في كل مكان ما دامت شروطها من الطهارة واستقبال القبلة قد توفرت وذلك لقول الرسول جعلت لى الأرض مسجداً وطهوراً فأيما عبد أدركته الصلاة فعنده طهوره ومسجده وقد ورد في الصحيح أن الرسول الله كان يصلى حيث أدركته الصلاة فالصلاة في المدينة التي ليست بها مساجد جائزة فى أى مكان منها بشرط طهارته
وهذا من فضل الله على المسلمين وقدسية الإسلام الرحبة التي لا تحتم على المسلم أن لا يصلى إلا بين الجدران - بيد أن من حكمة المساجد أن يؤذن للصلاة فيها حتى يجتمع المسلمون فيستأنس بعضهم ببعض ويتعارف بعضهم على بعض فيتعارفوا ولذلك ينبغي على أهل المدينة من المسلمين أن يتآزروا ويتعاونوا على بناء مسجد يجمع شملهم ويوحد جمعهم ومع
ذلك فإن
٤٣٧
0
مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم لعشر فإن الرسول صلوات الله عليه يهدف من وراء ذلك إلى فرض التعود على الصلاة منذ الصغر حتى تصبح مألوفة متعودة عند البلوغ لأن التعود مما يسهل الأعمال وفترة الصبى إذن لا تكليف فيها ولذلك فإنه يجب قضاء ما فاته منها وعلامة البلوغ الذي يوجب التكليف إنما هى الاحتلام عند الذكر والحيض عند ا الأنثى كما هو معروف في كتب الفقه
في أمر الأولاد بالصلاة
أهم أركان الإسلام وأولها هى الصلاة فهى عماد الدين وقد شرعت للمسلمين قبل تشرع الأركان الأخرى وطبقاً لحديث رسول الله لا يؤمر الأولاد بالصلاة وهم في سن السابعة ليتعودوا عليها فإذا بلغ الناشئ العاشرة ولم يصل ضربه ولى أمره كي يؤدي الصلاة وهو في هذه السن - طبعاً غير مكلف - ولكن يضرب عليها حتى يتعودها ويدرك أهميتها والطفل في سن العاشرة لا يصوم لمشقة الصيام عليه ولكنه يصلى
في كيفية الصلاة
إذا دخل الإنسان في حضرة مولاه - أعنى فى الصلاة - فينبغي ألا يشغل بشيء من النوافل أو الفرائض الأخرى التي شرعها الله سبحانه وسنها رسوله الله سوى الصلاة لأننا مأمورون بالتأسي برسول الله مال اللي في أقواله وأفعاله لا سيما لأنه أمرنا أن نؤدى فريضة الصلاة كما أداها فقال صلوا كما رأيتمونى أصلى ولم يؤثر عنه - - أنه صلى على نفسه أو أمر أحداً من أصحابه أن يصلى عليه ويسلم في
الصلاة في غير التشهد
والعبادات المشروعة سنة متبعة يجب ألا يدخلها ما ليس منها وألا يتأول فى ذلك لتبقى على هيئتها كما أخذت عنه
وليس لأحد من المجتهدين أن يتأول وأن يشرع في الصلاة غير ما شرع ا الله تعالى وسن رسوله وهذا ما عليه الجمهور غير أنه صلى وسلم على رسول الله - - في الصلاة في غير التشهد الأخير والتشهد الأول عند الشافعي رضى الله عنه فإن ذلك لا يفسد الصلاة وعلى أن يلتزم بما نص عليه الشارع ليكون مناسباً برسول الله لا في ذلك المشهد العظيم
المصلى
كلام صاحب المختار وصاحب القاموس
٤٥٣
ولو نظرنا إلى أصل الاشتقاق لوجدنا أن كلمة سبوح تفيد معنيين
الأول التنزيه والثانى السرعة وهما بالنسبة إلى الله تعالى يفيدان تنزيه الله تعالى عما
لا يليق به وسرعة الاتجاه والوصول إليه وعلى هذا فمعنى سبحان الله أنزه الله تعالى عما لا يليق به وأتوب إليه وأتصل به مسرعاً وهل سبوح قدوس معناها أسبح الله وأنزهه عما لا يليق به سبوح قدوس أبلغ من أسبح الله وأنزهه عما لا يليق به لأن المعنى المصدرى يفيد التأكيد بخلاف الفعل فإنه لا يفيده صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله الله كان يقول في ركوعه
وفى
وسجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح
هل ورد أن رسول الله الله كان يقول في سجوده شيئاً آخر ورد أنه كان يقول أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
ويصح أن يقول الإنسان الدعاء الذي علمه رسول الله الله لسيدنا أبي بكر رضى الله عنه وهو اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لى مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم
في سجود السهو
لا يجب سجود السهو عند نسيان سنة من سنن الصلاة كدعاء الاستفتاح وغيره من السنن ولا يجب السجود على مذهب الشافعية إلا فى حالة واحدة وهى ما إذا كان المصلى مقتدياً وسجد إمامه سهواً ففى هذه الحالة يجب عليه أن يسجد تبعاً لإمامه فإن لم يفعل بطلب صلاته ووجب عليه إعادتها إن لم يكن قد نوى المرافقة قبل أن يسجد إمامه ويكون السجود سنة في
حق المنفرد
في صلاة الصبح والفجر والضحى
س ما هي صلاة الصبح وصلاة الفجر وصلاة الضحى
ج صلاة الصبح هى الصلاة المفروضة المحدد وقتها بطلوع الفجر الصادق إلى طلوع
٤٦٨
الله ومنها سماع خطبة الجمعة وخطبتها موعظة وعبرة وتذكير بالله وخطبة الجمعة في الوضع السليم درس أسبوعى من فوق المنبر إنها تعليم للجاهل وتبصرة للمسترشد وتذكير للغافل ولابد أن ينصرف الناس قسراً لتجديد الإيمان عن طريق درس بصورة جبرية هو خطبة الجمعة لابد من صرفهم عن الانغماس فى المادة بصورة اضطرارية ليسمعوا ما يذكرهم بالدار الآخرة وما يبصرهم بأمور دينهم
ولهذه المعانى وغيرها يؤدى المسلمون صلاة الجمعة جماعة
وعن هذه المعانى وغيرها يقول الله سبحانه يأيها الذين آمنوا إذا نُودِيَ للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون
في أداء صلاة الفريضة في مسجد الجمعة
الذي يجتمع فيه المسلمون
لا مانع من أداء صلاة الفريضة في مسجد غير مسجد الجمعة الذي يجتمع فيه المسلمون ومن النعم الإلهية التي افتخر بها الرسول الله وبين أنه فضل بها على الأنبياء أن الأرض كلها جعلت له مسجداً وطهوراً يصلى فى أيها شاء ما دام المكان طاهراً وما دام لم يرد نهى من
الصلاة فيه أوكراهية لفعلها فوقه كالمقابر والمجازر وما إلى ذلك
وما دام المسجد قد بنى للصلاة فيه حلت فيه صلاة الجماعة ووجب على المسلمين عمارته بالعبادة والأذان والصلاة فيه ولا يحل لهم هجره أو تخريبه تحت أى دعوى ومع أي شعار مادام المسجد لم يقصد به الإضرار بالمسلمين وتفريق كلمتهم وثلم وحدتهم على أن كثيراً من الأئمة قالوا بجواز صلاة الجمعة في مسجد غير المسجد الجامع خاصة إذا كثر الناس وضاق المسجد الجامع
وما يحرص عليه الإسلام - قبل كل شيء وبعده - هو أداء الصلاة مستوفية شروطها والمحافظة
على وحدة المسلمين الفكرية والعملية وإزالة أسباب التفرق والشقاق بينهم ذلك لأن العبادة الحقيقية هي التي تثمر إخاء وتعاطفاً حقيقياً بين المسلمين
٤٨٤
أئمتهم وحسن توجيهاتهم وليعملوا بها حتى ا ممن قال الله تعالى فيهم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب
في الطريقة المثلى فى خطبة الجمعة لمن لا يفهمون اللغة العربية
إن الطريقة المثلى في خطبة الجمعة بالنسبة لمن لا يعرفون اللغة العربية إنما هي أن يحمد الله ويتشهد ويصلى على رسول الله الله ويقرأ آية من القرآن وحديثاً من أحاديث رسول الله الله باللغة العربية فيكون بذلك أدى أركان الخطبة
وذلك كله لا يستغرق أكثر من ثلاث دقائق وهو فضلا عن هذا أمر سهل ميسور لا يشق على
الخطيب حفظه
ثم بعد ذلك يخطب بلغة القوم الذين يصلى بهم الجمعة ويمكنه أن يستفيض في الخطبة بلغة القوم كيف شاء
وذلك أن الخطبة عظة وتذكير بالله وبالتقوى والإخلاص وبالآخرة والحساب وبالجنة
ونعيمها والنار وعذابها فلابد أن تكون بلغة القوم وإلا فقدت الخطبة وظيفتها وإذا اتبع الخطيب ما ذكرناه فإنه يكون قد خرج من كل خلاف لأنه ذكر أركان الخطبة باللغة العربية ثم وعظ القوم بلغة يفهمونها
في بناء المسجد وسط مقبرة
لا يصح بناء مسجد وسط مقبرة مسلمين إذا كان ذلك يستدعى هدم بعض المقابر وإزالتها ونبشها لأن حرمة موتى المسلمين وهم فى قبورهم كحرمتهم في حال حياتهم وقبورهم التي حلوا بها صارت ملكاً دون غيرهم ولا يحل لأحد نبشها أو النزول بأحد قبورها إلا لضرورة ملحة كدفن بعض الأموات بقبر أسرته إن لم يتيسر دفنه بقبره منفرداً وقد ورد عن سيدى رسول الله الا الله أنه قال لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه ثم تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر أو يتكئ عليه أما إذا كان في وسط المقبرة مكان خلاء لا قبور فيه وكان بناء المسجد فيه لا يستدعى هدم قبر أو إزالته فإن ذلك جائز ولا شيء فيه
في الصلاة في مسجد فيه ضريح
أحب - - إجابة على هذا السؤال - أن أنبه الناس فى قوة إلى مسجد رسول الله إنه مسجد مبارك الصلاة فيه بألف صلاة ويتوسطه ثلاثة أضرحة مباركة هي الضريح
٤٩٩
مراعاة ذلك فإذا أطال أحدهم إلى حد يتجاوز الوضع السليم فإنه ينبه في رفق حتى يعود إلى السنة الشريفة وهو على كل حال مأجور بقدر إخلاصه وصفاء نيته فيما يتعلق بإطالة الخطبة
في المرأة والمسجد
يقول صلوات الله عليه - فيما رواه الإمام أحمد في مسنده والإمام مسلم في صحيحه لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ويقول الإمام النووى فى ذلك بشرط أن لا تكون متعطرة أو متزينة أو يخشى منها الفتنة وفيصل الأمر إذن فى هذا الموضوع أن ذهاب النساء إلى المساجد محتشمات لا يمنع منه مانع بل هو فى هذا العصر مطلوب ينبغي أن نشجع عليه النساء لعل الله يهديهن بسماع كلمة موعظة أو بالتعرض لنفحات الله في مساجده ولقد فتحت أبواب السينما والمسارح على مصاريعها أمام النساء فمن الحكمة والأمر كذلك أن نفتح أمامهن أبواب المساجد أما ماروته السيدة عائشة - رضى الله عنها - من أنه لو رأى رسول الله صلوات الله عليه وسلامه ما أحدثته النساء في زينتهن لمنعهن المساجد فإن مرادها أنه على النساء أن يذهبن إلى المساجد محتشمات وحاشاها - رضى الله عنها - أن تقصد شيء أباحه منع الرسول صلوات الله عليه وسلامه فإذا ما كان الاحتشام وانتفت أسباب الفتنة فلا يأتى ذهاب النساء إلى المساجد إلا بخير بخير لهن وبخير للمجتمع بخير في الدنيا وبخير في الآخرة
في الميت الذي لم يُصَلَّ عليه
الصلاة على الميت يلزم أداؤها قبل الدفن فإذا دفن الميت من غير أن يُصلى عليه أخرج من القبر - إن كان لم يُهل عليه التراب - يُصلى عليه ثم يُعاد دفنه وإن كان قد أهيل عليه التراب حرم نبش قبره وإخراجه منه ويصلى عليه وهو في القبر وقد ورد أن النبي صلى على شهداء أحد بعد ثمانى سنين ومن السنن الجميلة ما نفعله نحن الآن من الصلاة على الغائب والسؤال الذى معنا لا يجوز فيه إخراج رفات الميت بحال من الأحوال بعد هذه المدة الطويلة لأن فيه انتهاكاً لحرمة الميت ونبشًا للقبر وهو حرام والإسلام يحترم الميت كما يحترم الحى ومما لاشك فيه أن فتح القبر بعد هذه المدة الطويلة وإخراج مابقى من الميت من عظام ورفات إنما هو إساءة لما تعارف عليه الناس من حرمة واجبة للميت ثم إن الصلاة تصل إلى الميت سواء كان قريباً أم بعيدا وسواء كان فى القبر أو خارجه ومن أجل كل هذا يُحرم فتح القبر وإخراج الميت منه
صفحة
۱
٢١٥
٢١٦
۱۷
۱۸
۱۸
۱۹
۰
۱
۳
٢٢٤
٢٢٥
٢٢٥
٢٢٦
۷
۸
۹
۳۰
۳۱
۳
٢٣٤
٢٣٥
٢٣٦
۳۷
۳۷
۳۸
۳۸
٥١٦
في تفسير إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم
في تفسير وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم في تفسير لقد جاءكم رسول من أنفسكم
في تفسير الر كتاب أحكمت آياته في تفسير وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها
الأرض
في تفسير وأما الذين سعدوا ففى الجنة خالدين فيها في تفسير وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل في قصة سيدنا يوسف عليه السلام في تفسير وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه في تفسير الله الذي جعل لكم مما خلق ظلالاً في تفسير ومنكم من يرد إلى أرذل العمر في تفسير إن الله يأمر بالعدل والإحسان في تفسير من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن في تفسير ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة في تفسير سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً
******
في تفسير وقضينا إلى بنى إسرائيل في الكتاب في تفسير إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين في تفسير وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه في تفسير أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة في تفسير قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن
قصة أصحاب الكهف
في تفسير قالوا ياذا القرنين
في تفسير إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم
في تفسير وإن منكم إلا واردها
في تفسير قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو في تفسير قد أفلح المؤمنون
في تفسير إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة
في تفسير الله نور السموات والأرض
في تفسير وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً
٥٦
صور إيمانية
ومن صور الإيمان السامية التي نتطلع إليها كنبراس مضىء وكمثل أعلى ننظر إليه في احترام وقداسة ونحاول أن نتخذ منه أسوة وقدوة الصور الآتية
تروى كتب السيرة النبوية وكتب الأحاديث الشريفة أن رجالا من أشراف قريش مشوا إلى أبي طالب فقالوا له يا أبا طالب إن لك سنّاً وشرفاً ومنزلة فينا وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنه عنا وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا وتسفيه أ أحلامنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين
وعيب
آلهتنا
ثم انصرفوا عنه في عزم مصمم وفى إرادة مريدة فعظم على أبي طالب من جانب فراق قومه وعداوتهم له ولكنه من جانب آخر لم يطب نفساً بإسلام رسول الله لهم ولا خذلانه ووقع في حيرة مريرة واستغرق في تفكير عميق ثم بعث إلى رسول الله لا وقص عليه نبأ قومه ثم قال
له
يا ابن أخي ابق على وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق فظن رسول الله أنه قد بدا لعمه رأى جديد وأنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه وفي لمحة فكرية عميقة مستغرقة تكشف لرسول الله المستقبل بدون نصرة عمه فإذا به يزداد ثقة بالله وإيماناً بنصره وإذا به يقول والله لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى شمالى على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته
ثم قام واثقاً بالله تعالى ثقة لا تزعزعها الأعاصير ثقة تميد دونها الجبال ولا يميد فلما ولى ناداه أبو طالب فقال أقبل بابن أخي فأقبل رسول الله الله فقال له اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبداً
وإن الشجاعة الأدبية المؤمنة لا تتمثل حقيقة إلا إذا كانت هناك معارضة قوية وكلما زادت المعارضة وكلما قويت حتى تصبح تهديداً منذراً ووعيداً مهدداً كانت الشجاعة الأدبية عند المؤمن بالحق والمؤمن بالصواب مثلا أعلى ورجولة كاملة وهذه الحادثة التي رويناها
لا تمثل ظاهرة عابرة في حياة الرسول صلوات الله عليه وإنما تمثل شعاراً دائماً
سئل رضى الله عنه في العقيدة
١٦٧
Li
ا بعد البلوغ فيكون قد زال عنه هذا الاسم لأنه قوى واشتد هذا هو اليتيم بوجه عام أما اليتيم الذي يستحق الصدقة فهو اليتيم الفقير الذى لا مال له من ميراث ويستوى في ذلك الذكر والأنثى
في قصة قوم تبع
قوم تبع الذين جاء ذكرهم فى القرآن هم حمير باليمن وقد فصل القرآن ذكرهم في سورة سبأ وكانت حمير كلما ملك فيهم رجل سموه تبعاً كما يقال قيصر لمن ملك الروم وكسرى لمن ملك الفرس وفرعون لمن ملك مصر والنجاشى لمن ملك الحبشة وغير ذلك من أعلام
الأجناس
وتبع هذا المذكور فى الآية كان رجلاً صالحاً خرج من اليمن وسار في البلاد حتى وصل إلى سمرقند واشتد ملكه واتسعت مملكته وكثرت رعاياه فاتفق أن مر بالمدينة المنورة في أيام الجاهلية فلاينه أهلها بأن حاربوه فى النهار وجعلوا يقدمون له الزاد بالليل فاستحيا منهم وكف
عنهم
ولما مر بالكعبة أراد هدمها فلما أخبر بما لها من حرمة تركها وكساها كسوة حسنة وقد اعتنق اليهودية دين موسى عليه السلام قبل ظهور المسيح وتابعه قومه فى ذلك حتى إذا مات عادوا بعده إلى عبادة النيران والأصنام وكان ما كان مما قصه الله تعالى عن أهل سبأ وتبدل خيراتهم إلى نقم أخرج الحاكم عن عائشة قالت كان تبع رجلا صالحاً ألا ترى أن الله تعالى ذم قومه ولم
يذمه
أحمد وروى بسنده عن سهل بن سعد عن الرسول قال لا تسبوا تبعاً فإنه كان قد أسلم أى أسلم وجهه الله ولم يشرك به شيئاً من خلقه و ولا يفوتنا أن نشير هنا إلى اضطراب الأخبار فى شأن نبع حيث لم ترد تفصيلاتها عن طريق
موثوق يعتد به ولم تثبت الكشوف التاريخية الصحيحة شيئاً مهماً فى هذا المجال وكل ما يجب علينا أن نؤمن به هو صلاح هذا الرجل وفساد قومه كما بينته عائشة رضى الله
عنها
١٦٨
في حكم قراءة القرآن على الأموات
قراءة القرآن على الأموات ليست واجبة إلا فى صلاة الجنازة فقط أما عند القبر فقد استحبها عبد الله بن سيدنا عمر رضی الله عنهما بعد الدفن مباشرة واستحبها الشافعى كذلك فقد ورد عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنه قال أحب أن يقرأ عند القبر بعد الدفن أول سورة البقرة
وخواتيمها وقال الإمام الشافعي أحب أن يقرأ عند الميت بعد الدفن ختمة كاملة وذلك لما يرجى من تنزل رحمة الله فى المكان الذى يتلى فيه كتابه وهذه الرحمة يستفيد بها الأحياء والأموات
وإذا ترك المسلم قراءة القرآن على الأموات فليس عليه عقوبة وقد كان النبي الله يزور المقابر كثيرا ويسأل الله تعالى لأهلها الرحمة والعافية والدعاء للأموات مستحب سواء زرت المقابر أم لم تزر تأسياً برسول الله والخليل إبراهيم عليهما الصلاة والسلام فقد أمر الله نبيه محمدا لله بالاستغفار للمؤمنين والمؤمنات
ولقد دعا لهم سيدنا إبراهيم بالمغفرة كما حكى الله عنه بقوله
ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب
في تفسير أوائل السور
الحروف التي بدئت بها سور القرآن مثل آلم و آلر و طسم و حم ص قيل إنها أسماء للسور التي بدئت بها وقيل إنها أقسام أقسم الله بها على أن ما اشتملت عليه السور التي بدئت بها حق لا ريب فيه وقيل إنها أسماء الله تعالى وقيل إنها نزلت للتحدى بها وإن القرآن الكريم مؤلف من مثل الحروف التي يؤلفون منها كلامهم وإن على الذين ينكرون أنه من عند الله أن يأتوا بمثله والله أعلم بمراده
آراء في فواتح السور
منها أنها أسماء للسور المبدوء بها فـ طس اسم للسورة المبدوء بها وكذلك حم ونحوها غير أن بعض هذه الأسماء مشترك من عدة سور مثل حم و الم و الر
١٦٩
ومثل هذه يكون التمييز فيها بمشخصات كأن يقال حم الأحقاف أوحم فصلت وهكذا وقيل إنها أسماء للحروف الهجائية التي وضعت بإزائها والغرض منها إفهام المخاطبين أن ما يتلى عليهم من الكلام إنما تركب من الحروف التي يتخاطبون بها ويتداولونها وإما لإظهار شرفها وفضلها إذ هي مبنى كتبه المنزلة
وموقف المؤمن من أمثال ذلك ينبغى أن يكون موقف الراسخين في العلم الذين يقولون آمنا به كل من عند ربنا
في مكانة الأنبياء
إنها فرصة طيبة للحديث في المسائل التي تتعلق بأنبياء الله تعالى صلوات الله وسلامه عليهم
أجمعين والمبدأ الأول هو أ أن الأنبياء معصومون فقد اصطفاهم الله سبحانه قبل ميلادهم وتخير لهم الآباء والأجداد والأمهات والجدات لقد اختار لهم الأسر المنبت وانظر إلى القرآن الكريم يقول عن عيسى عليه السلام قبل ميلاده
أذى
ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضيا
لقد كان أمراً مقضيا قبل ميلاده
وتكفل الله بهم بعد ميلادهم إنه سبحانه يصطفيهم لنفسه ويربيهم على عينه ويبعد عنهم كل ويبعدهم عما يشين ويعصمهم عن كبريات السيئات قبل بعثتهم ويعصمهم عن كبيرها
وصغيرها بعد بعثتهم
يجب
تلك
هي العقيدة الإسلامية الصحيحة وعلى ضوئها يجب أن يسير المفسر وعند حدودها أن يقف وعلى هذا فإن الأمر في الآية ظاهر
لقد اختصم اثنان من بني البشر كما يختصمون كل يوم فى هذا الأمر أو ذاك فذهبا إلى داود عليه السلام يعتقد الظالم أنه بلسانه الطلق وذكائه القوى يستطيع أن يلبس على داود عليه السلام فيبدى الباطل في صورة الحق ويظهر الظلم فى صورة العدالة ويعتقد المظلوم أن حقه واضح برغم كل ما يزيفه خصمه لقد كان النزاع على غنم والنعاج هى الإناث من الضأن ولا مجال لغير ذلك ولا يتأتى أن نصرف اللفظ إلى غير معناه وحكم بينهم داود عليه السلام قائلا لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ثم بين
۱۷۰
الطبائع البشرية فقال وإن كثيراً من الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض ثم استثنى طائفة قليلة حددها بقوله إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ولكن ثم تختتم الآية بقوله تعالى وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخرَّ راكعاً وأناب وما هي الفتنة التي ظن داود عليه السلام أن الله فتنه بها
والفتنة هى الملك وهى هذه السعة من السلطان والجاه والسيادة يقول تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة
وهل يسير بعض المفسرين على هذا النسق
نعم إن المحققين من المفسرين يرون هذا الرأى وعلى رأسهم القاضي عياض والإمام ابن كثير الذي يقول قد ذكر المفسرون ههنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات لم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه
في تفسير الربع الثاني من الجزء الأول من سورة البقرة
بسم
الله الرحمن الرحيم
إن الله لا يستحيى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق
من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يُضِلُّ به كثيراً ويهدى به به كثيراً وما يُضِلُّ به إلا الفاسقين ٢٦ الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يُوصل ويُفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون ۷ كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ۸ هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم ۹ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم ما لا تعلمون ۳۰ وعلَّم آدم 1 الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئونى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ۳۱ قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ۳ قال يادم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إلى أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ۳۳ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكفرين ٣٤ وقلنا يآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها
۱۷۱
رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ٣٥ فأزلها الشيطان عنها فأخرجها مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين ٣٦ فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ۳۷ قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ۳۸ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خلدون ۳۹ يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم وإياى فارهبون ٤٠ وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتى ثمناً قليلا وإيَّاى فاتقون ٤١ ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ٤٢ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين إن التفسير لكل ربع من القرآن الكريم في مجال التحريك والتحرك بالقرآن العظيم ينبغي أ يرسم صورة متكاملة لأن كل ربع فى تقسيم القرآن إنما يعطى معنى من المعاني التي تكتمل بها الصورة في كل سورة
أن
وهذا الربع الثاني من سورة البقرة يبدأ بداية مثيرة إلا أنها مرتبطة بالموضوع الرئيسي الذي يتناوله هذا الربع وأعنى بذلك تحديد علاقة الإنسان بربه وبقصة بدء الخليقة في ذلك الحوار القدسي بين الله سبحانه وتعالى والملائكة ثم بينه جلت حكمته وبين آدم عليه السلام وإبليس الله سبحانه آدم عليه السلام الأسماء كلها وهيأه بذلك ليكون خليفة الله في أرضه لكي يعرف ابتداء مصادر العلم ومبادئ الانطلاق بهذا العلم وبعد أن وقف آدم على هذه الأسرار وتلك المداخل أصبح مهيئاً للخلافة وحينما اجتاز آدم الاختبار طلب الله من الملائكة أن تسجد
القد
علم
لآدم وينتهى الأمر بما تشرحه الآيات تفصيلا من موقف إبليس الذي وصفه الله بالكفر والعصيان ولكن آدم عصى أمر ربه - لقدر وتقدير - تلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه وهنا الفرق الكبير والبون الواسع بين آدم الذي تاب فتاب الله عليه وبين إبليس الذي عصى ولم يستغفر ولم يتب وإنما استمر في كفره وعصيانه والغريب أن هذا الربع يبدأ باستهلال غريب أخاذ يثير التساؤل ولكن حينما تربطه بمحتوى ما جاء به الربع تكتمل في أذهاننا الحكمة من أن يورد سبحانه هذه الآيات في مدخل هذا الربع إنه تعالى يريد أن يوضح مسبقاً أن الكافرين سوف يشككون ويتذبذبون ولن يقروا أو يسلموا وأنهم سينتقدون أي شيء حتى فى هذا الأمر البسيط - ضرب المثل بالبعوضة – وهو لا يعدو أن يكون سبيلا وأسلوبا من الله عز وجل لتبسيط الأمر بتلك الأمثال ليقربها إلى عقل الإنسان وإدراكه
۱۷
وحسه ويقرر سبحانه بوضوح وجلاء أن المؤمنين يعلمون أنه الحق من ربهم حتى ولو كان الأمر مثل بعوضة فما فوقها أما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيراً ويهدى به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين والأوصاف المباشرة لهؤلاء الفاسقين في هذا الموقع هي
۱ - ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه
- يقطعون ما أمر الله به أن يُوصل ٣- يفسدون في الأرض
وبعد هذه المقدمة الأخاذة والمثيرة يبين الله لنا أن المؤمن وهو الذي يعلم أنه الحق – يصبح مطمئنا لأمر الله وحكمه واثقاً فى الكلام المنزل من عند ربه فمن مقومات الإيمان الأولى ما توضحه الآية والذين آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون زالت من قلوبهم الريبة والشك أما الذين كفروا فهم فى ريب دائم وتشكك مستمر فإذا كان أمر التشكيك يصل إلى هذا المثل البعوضة فما بالنا بقضية الخلق ولهذا فإن الله سبحانه يسأل هذا السؤال الذي يتضمن الدهشة والاستغراب وعدم تصور التصديق حينما يسأل كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم وأظهر سبحانه وتعالى المدخل إلى بدء الخليقة
عند
صفة العلم وهكذا نرى ونتعلم أن الله سبحانه وهو يبنى الإنسان من خلال الآيات كان لابد أن يبدأ بعد تعريف الإنسان بأنواع الناس الذين سيلتقى بهم مسار القرآن - كان لابد أن ينتقل إلى تحديد علاقة الإنسان بخالقه منذ بدء الخليقة لكى يعرف كل إنسان قدره ومكانته فليس آدم عليه السلام في ذلك إلا كل إنسان ومن يستشعر هذا المعنى لابد أن يستشعر مدى تكريم الله لشخصه وما ميزه به من علم استوجب سجود الملائكة لآدم فإذا كان التصرف على مستوى هذا التكريم يتكافأ مع هذا العلم الذي علمه ربه إيَّاه استطاع الإنسان أن يعرف فضل الله عليه وتكريمه إياه وكما حرص الربع الأول على تحديد وتعريف أنواع الناس الذين سيجرى التعامل معهم فإن الربع الثاني حريص على تحديد علاقة الإنسان أولا بخالقه ثم بالملائكة قبل الرسالات ينبغى أن تكون هذه العلاقة واضحة ومستقرة رحمة بالإنسان عندما يعرف مصادر
أن يدخل مع
القرآن – في
القوة ويعرف مصادر العلم ويعرف مصادر السلطة وممن يستمد الإنسان كل هذه المساندة فمن أكبر النعم التي تفضل الله بها على الإنسان أن يشمله برحمته وأن يزوده بعلمه وأن يسخر له ما في الأرض جميعاً وميزة العلم فى حد ذاتها من أكبر الدعامات لتحقيق الرحمة للفرد في تنمية
۱۷۳
هذا العلم الذى وضع الله به آدم عند نقطة أساس يمكن أن ينطلق منها إلى منابع الغيب بلا قيد وبلا حد فى نطاق ما يأذن به رب هذا الوجود فالحوار يؤكد كرامة الإنسان ويؤكد دور الإنسان في عمارة الكون ومسئوليته عن هذا العلم الذى أودعه الله فيه والفتوى يشار إليها بأنه علم آ آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئونى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم وهنا يضاف إلى العلم الحكمة وقد يعطى لنا العلم ولكن الحكمة هی التدبير المحكم وهى الله وإن الذين يشقون في هذه الحياة هم الذين يريدون أن يعرفوا الحكمة وراء كل شيء ومن وراء كل تدبير لأنهم يعيشون في الظاهر وسبحانه الأول والآخر والظاهر والباطن فمهما كان مقدار علمك فإنه فوق كل ذي علم عليم إن الله لا يحب أن يسأل لماذا ولا كيف أما إذا تفضل الله على عبد من عباده فآتاه الحكمة فيما لا شك فيه أنه قد أُوتى خيراً كثيراً وينتهى الحوار بالكلمة الفاصلة التي يجب أن ينتهى إليها كل إنسان حتى لا يتعب
صنعة
قال ألم أقل لكم إنى أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون وبهذا تحدد الموقف ليلتزم كل امرئ حده ومكانه من هذه القاعدة الكلية رحمة به حتى لا يضل ورحمة بالمجتمع حتى لا يضيع ورحمة بالبشرية حتى تهتدى إلى الصراط المستقيم إن كل تشريف لا يتم إلا بقدر ما يؤدى المقابل له من تكاليف فما استحق آدم سجود الملائكة إلا بعد أمرين
العلم ثم اجتياز الاختبار بنجاح
وهنا أصبح معدا لمباشرة الخلافة بكل ما عليها وبكل مالها وطالما أن هناك مسئولية فلابد أن تتأكد المسئولية بالتزام الأوامر والانتهاء من النواهى وإلا كيف يبنى الالتزام وهنا أيضاً يطلب من الملائكة السجود فتسجد ويمتنع إبليس الذى أبى واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة
فتكونا من الظالمين فطالما هناك تكليف كان هناك التزام أوامر وهناك نواه وبهذا يكون التكريم عليه أعباء والتزامات إذا أديت كان التكريم هو الجزاء وإذا لم تُؤدّ ينتهى بنا الأمر إلى ما تعرض له الربع الأول في شأن الكافرين والمنافقين وكانت أول تجربة لآدم يخرج فيها عن أمر ربه لنعرف أن الخطأ جائز وممكن إلا أن يكون تحديا
١٧٤
وأن الله تواب رحيم فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه وبعد أن أمره الله بالهبوط إلى الأرض كفل له الرزق والاستقرار إلى حين لقائه سبحانه وتعالى
هم
قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فـ فيها خالدون تأكيد جديد لما جاء في الفاتحة بأن هناك رسالات وهناك رسلا ستأتى سيتبعهم من أنعم الله عليهم وسيعصاهم من غضب الله عليهم وسينحرف بها من ضل عن الطريق أى أننا على مسار قراءة القرآن سنرى أمثلة لمن أنعم الله عليهم وأمثلة لمن غضب الله عليهم ومن حادوا عن الصراط المستقيم وكيف
6
كان عملهم وكيف كان جزاؤهم فنتعلم من هذه العظة ونتدارك أنفسنا بالخير والعمل الصالح وننتهى عند آية مخالفة الله عز وجل ثم ينبه إلى الذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون توضيحا للجزاء في لقاء المخالفة وفتحاً لباب التوبة كما كانت توبته على آدم بعد هبوطه تبياناً كاملاً لأساس التصرف بين الإنسان وربه وبين الإنسان والملائكة تعريفاً بإبليس ومن يمثلونه على الأرض حتى نتقى الوقوع في حبائلهم وينتهى هذا الربع بالكلام ولأول مرة عن بني إسرائيل وذلك بمزيد من التفصيل بالنسبة للذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم بالنسبة لبنى إسراء في مجال إعداد المسلم الذي يسعى القرآن لبنائه ينتهى هذا الربع بتحصين المسلم في مجال بنائه وإعداده لمواجهة أنواع البشر الذين سيلتقى بهم على هذه الأرض ويكون من بين من يحذرنا الله بنو إسرائيل وهذا التحذير يأتى من خلال خطاب موجه إليهم لعل وعسى أن يعود إليهم عقلهم
منهم
ويعود إليهم إيمانهم السابق حينما فضلهم الله على العالمين فجحدوا نعمته ونقضوا عهده فيخاطبهم قائلا يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم وإياى فارهبون وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلا وكأنما في خطابه هذا لهم يوضح تصرفهم بشأن التوراة التى بدلوا فيها وعدلوا ليشتروا بها ثمناً قليلا وإياى فارهبون ينبههم إلى أن يرهبوه وحده ثم يشير إلى صفة تعانى منها البشرية كلها من تصرف يهود حتى إنها أصبحت علامة مميزة لهم في مجال أخبارهم ودعايتهم وأعلامهم فيقول ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكنموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأركعوا مع الراكعين بالمعنى العام كونوا مع الناس ولا تنحرفوا كما انحرف إبليس
النواهي
لا تنقض عهد الله من بعد ميثاقه
لا تقطع ما أمر الله
به
أن يوصل
۱۷۵
لا تفسد في الأرض
اتبع هدى الله فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أوامر لبنى إسرائيل وهى أوامر خاصة لها صفة العموم
۱ - اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم
أوفوا بعهدى أوف بعهدكم
٣ - إِيَّايَ فارهبون
-2
آمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافر به القرآن
ه - لا تشتروا بآياتي ثمناً قليلا وإياى فاتقون
٦ - ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين
في تفسير قول الله تبارك وتعالى
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين فهل إبليس من الملائكة أو من الجن وهل هو من الشياطين
٥٢
معرفة جنس إبليس من المعتقدات التي كلفنا بها ومع ذلك فإن معرفة جنسه متوقفة على الخلاف في كونه من الملائكة أولا وهو قبل معصيته لأمر الله لا يُعلم حاله بطريق ثابت وكل ما قيل في ذلك فهو منسوب إلى بعض الصحابة أما بعد الإخبار بمعصيته ففي معرفة جنسه
رأيان
الرأى الأول أنه من الملائكة واستدل أصحاب هذا الرأى بأدلة منها ۱ ظاهر الاستثناء في قوله تعالى فسجدوا إلا إبليس وهو استثناء متصل يدل على أنه
من الملائكة
٥٢ سورة البقرة آية ٣٤
١٧٦
ب أنه لو لم يكن من الملائكة لما كان أمر الله لهم بالسجود متناولا له ولو لم يكن متناولا له استحال أن يكون تركه للسجود إباء معصية ولما استحق العذاب وحيث حصل ذلك عاما بأن الخطاب بالسجود يتناوله فهو من الملائكة
والرأى الثاني أنه ليس من الملائكة واستدل أصحاب هذا الرأى بأدلة منها ۱ قوله تعالى فى سورة الكهف إلا إبليس كان
من الجن
ب إن الملائكة معصومون من المعصية لقوله تعالى عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون
الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وإبليس عصى واستكبر عن السجود فهو ليس من الملائكة وأدلة الطرفين متناقضة فلا يمكن الأخذ برأى فى هذا الموضوع ولهذا قيل إن إبليس ليس من
الملائكة ولا من الجن بل هو خلق مفرد خُلق من نار وإبليس يطلق عليه شيطان لأن الشياطين هم شرار الجن - فإن منهم أخياراً كما يطلق لفظ الشيطان على من تمرد من الإنس والجن والدواب وإذا أردت تفصيلا أوضح فارجع إلى كتاب آكام المرجان للمحدث الشبلى ولمجلة الأزهر مجلد ٨ ص ٥٦٦ وما بعدها
في تفسير قول الله تعالى
يا بني إسرائيل اذكروا نعمتى التي أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين ۳ البقرة آية ٤٧
٥٣
سورة
ليس في القرآن آية تدل على تفضيل بني إسرائيل على كل العالمين فى جميع العصور وإنما فيه في سورة البقرة ما يدل على أنهم أفضل عالمى زمانهم فقد كانوا مؤمنين بالله ربهم وبأنبيائهم في وقت كفر الناس فيه بربهم فعوقبوا بعقوبات رادعة من إرسال الجراد على محاصيلهم الزراعية وإرسال الضفادع إليهم فأقضت مضاجعهم وحلت بأطعمتهم وسال الدم من أجسامهم لا بتلائهم بأمراض الحساسية وكانت نهايتهم أن غرقوا فى البحر ونجا موسى عليه السلام ومن معه والآيات التي وردت بتفضيل بني إسرائيل على عالمى زمانهم آيات بسورة البقرة منها يا بنى
إسرائيل اذكروا نعمتى التي أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين وبنو إسرائيل الذين لم يؤمنوا بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام من الخاسرين وليسوا بمساوين لأحد من المسلمين لقول الله تعالى
٥٣ سورة البقرة - آية ٤٧
إلى
منه أو أن يؤخذ في الجو الإسلامى من مبادئه وتسير الحياة بالمسلمين هادئة في جوانبها الحضارية ٢ ن يأتى العصر العباسي وتبدأ الترجمة والترجمة لم يعترض عليها معترض فيما يتعلق بجانب الطب أو بجانب الطبيعة أو بجانب الكيمياء ۳ ولكن المسلمين في أول العهد العباسي كانوا نافرين كل النفور من أن نترجم ماوراء الطبيعة اليونانية
إن ماوراء الطبيعة يعنى بالأبحاث التي تتصل بالعقيدة وأجمع المسلمون على أنه إذا كانت عقيدة اليونان حقا فعندنا ماهو أحق منها وهو القرآن الكريم في الأسلوب الإلهى وإذا كانت باطلا فإننا في غنى عنها
٢ لقد كتبنا في هذا الموضوع عدة مرات في الكتب والجرائد والمجلات ومما كتبناه فى ذلك مايلي إن الحقيقة التي لا يختلف فيها الدارسون للدين الإسلامي هي أن الإسلام منذ نشأته يناصر العلم ويحث عليه ويوجبه إنه يوجب العلم في جميع الميادين وفى شتى النواحي إنه يوجب العلم بمعناه الحديث العلم بالطبيعة وبالكيمياء وبالطب إنه يوجبه على صورة بحيث تصبح الأمة الإسلامية كلها آئمة إذا لم تصل فى هذا الميدان إلى أرقى ما يمكن أن يصل إليه الإنسان والله سبحانه يمن علينا بأن سخر لنا البحار والأنهار ويسخر لنا الشمس والقمر والكواكب والنجوم وسخر لنا الأرض وسخر لنا السماء وسخر لنا ما بين الأرض والسماء
وبعبارة مختصرة يمن الله علينا بأن سخر لنا هذا الكون بأكمله وأنه من شكر الله تعالى على نعمائه أن نستجيب إليه سبحانه فنسخر ما سخر لنا نسخره بالعلم ونتسلط عليه بالمعرفة وتمتلكه بالبحث ونتابع كل ذلك في تطور مستمر وفى تحديد متتابع ومما لاشك فيه أنه لا يتحدث أحد من المستنيرين والغيورين على الإسلام عن الغزو الفكرى فى هذا المجال - هو الوحيد الآن الذي يغير عنه في الحضارة الغربية الحديثة بالمجال العلمى - سواء في ذلك روسيا وأمريكا وأوربا وهو المجال الذي يعبر في العصر الحاضر عن التقدم والتأخر بسبب رقيه في أمة أو ضعفه فيها
۳ ولكن الإسلام مع اعترافه بالجانب العلمي المادى ومع إيجابه له لا يعترف به كقياس لتقدم الأمة أو تأخرها ولكن تقدم الأمة وتأخرها بحسب المقياس الإسلامي إنما هو بتحقيقها أو عدم تحقيقها المثل العليا في الأخلاق التي أتى بها الإسلام وهنا نصل إلى الجانب الآخر من جوانب الحضارة الغربية أو تصل إلى القضية الثانية من القضايا التي نريد أن نحدد موقف الإسلام منها وهى قضية الثقافة والناس حينما يتحدثون عن الحضارة الحديثة يتحدثون عن جانبين يتكون منهما الجانب العلمي المادى وقد شرحنا موقف الإسلام منه والجانب الثقافى النظرى وهو ما نريد أن نتحدث عنه الآن وفى هذا المجال نبدأ بذكر حقيقتين أما الأولى فهى أن النتاج البشرى كله في الجانب الثقافى النظرى هو نتاج ظنى ولا يتسم باليقين في قليل ولا في كثير وهو لأنه ظنى - متعارض ومتغير ومنطور وكل شخص يقول إن هذه القضية أوتلك - في الجانب النظرى - هي قضية يقينية إنما هو شخص مخطئ عرف ذلك أم لم يعرفه
عقيدة
أما الحقيقة الثانية فهى أن الإسلام له نظام أصيل مستقل إنه نظام إلهى إنه وحى السماء معصوم وهو دين وهو
ومن القصص ذات المغزى العميق أن الرسول صلوات الله عليه وسلامه رأى صحيفة بيد أحد الصحابة يقرأ فيها فسأله عنها فقال إنها قطعة من التوراة فظهر الغضب على وجه الرسول صلوات الله عليه ونهاه من الاستمرار في القراءة وقال له لو كان
موسى حيا ما وسعه إلا اتباعى وهنا نلحظ في وضوح تفرقة في موقف الإسلام من الجانب العلمي المادى وموقفه من الجانب الثقافي النظرى فهو في الجانب العلمى المادى موجب وفارض ومشجع وحاث
أما في الجانب الثقافى النظرى المتغير المتطور الظني القابل للخطأ والصواب فإن كل دعوة للأخذ به واعتناقه والإيمان به إنما هي دعوة عابئة وهى دعوة آئمة إذا ما طغت على الجو الفكرى الإسلامي وهى دعوة منكرة إذا ما أراد إنسان إحلالها محل المبادئ
الإسلامية
۱۷۷
ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
في تفسير قوله تعالى
فلهم
إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ٥٤
ليس الإيمان بالله واليوم الآخر ممازجاً للنصرانية واليهودية ودين الصابئة على أوضاعها الحاضرة المحرفة عما جاء به الأنبياء والمرسلون ولا تدل الآية على شيء من ذلك والذى تدل عليه أن المرء على أي دين كان فجاءه دين الله غير محرف على يد الداعي إلى الحق فاتبعه نجا وفاز أو أن الذي كان عليها كما جاء بها أنبياؤهم دون تغيير قبل التعقيب برسالة أخرى كان على الدين الحق والصابئة قوم زعموا أنهم
على دين نوح وقيل يؤمنون بطائفة من الأنبياء ويعظمون الأحد ويعملون بالمعمودية
والاعتراف
في قول الله تعالى
قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ٥٥
ادعى اليهود أن الدار الآخرة خالصة لهم دون الناس وأنهم أبناء الله وأحباؤه وأن غيرهم من الناس ليس لهم في الآخرة نصيب من الخير
فبين الله سبحانه بالدليل العملى كذب اليهود وافتراءهم حيث طالبهم بتمنى الموت والرغبة فيه
ولو تمنوه لوقع بهم والواقع
أن الآية تشتمل على تحقيق الحق بين المسلمين واليهود لقد ادعى اليهود ما ادعوا من
الميزات في الآخرة فأمر الله رسوله أن يساجلهم وأن يقول لهم أنتم تقولون ذلك وأنا أقول إنه كذب فقالوا نتباهل أى نقول لعنة الله على الكاذب والموت المحقق لمن يدعى خلاف الحق
فدعاهم إلى ذلك فأبوا ولو أجابوه لنزل بهم الموت ولشرق أحدهم بريقه وهكذا تبين كذب اليهود في دعواهم بهذا التحدى وظهر الحق من عند الله
٥٤ سورة البقرة - آية ٦٢ ٥٥ سورة البقرة ٩٤
۱۷۸
في تفسير قوله تعالى
فاذكروني أذكركم واشكروا لى ولا تكفرون ٥٦
معنى الآية الكريمة أن من ذكر الله بالقلب كالتفكر فى الدلائل الإلهية ومظاهر الكمال الرباني في هذا الخلق البديع والتنظيم الذى يجبر المتشككين على الإذعان والتسليم ويزيد المهتدين هدى ومَنْ ذكر الله باللسان بألوان الذكر الواردة من التسبيح والتهليل والتقديس والصلاة على الرسول
ومن ذكر الله بالجوارح بأداء أمر ربه والابتعاد عما نهى عنه صادراً في ذلك عن قلب حي
وشعور يقظ أثابه الله تعالى برفع درجاته وتحسين مكانته وما إلى ذلك من المنازل العالية التي لا تحدها حدود ولا تحصرها قيود وعبر عن ذلك بالذكر لأن من يذكر شيئاً يعرف حقه ويدرك ما له وما عليه وعلى ذلك فعلى الإنسان دائماً - خاصة صة المسلم أن يذكر الله على كل حال وفى أى وقت لئلا يحرم من فضل الله
فنى
الآية حث على الذكر ودعوة إليه لما ذكرناه
وبعد الأمر بالذكر وبيان فائدته جاء الأمر بالشكر وقدم الأمر بالذكر على الأمر بالشكر لأن الذاكر مشتغل بالله تعالى والشاكر مشتغل بالنعمة والاشتغال بالله أولى من الاشتغال بالنعم ومن لا يشكر الله كافر بنعمه ونعم الله كثيرة إنها لا تحصى وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ومن داوم على شكر الله زاده سبحانه من نعمه
لئن شكرتم لأزيدنكم
والذاكر الشاكر راض وهو بذلك سعيد في دنياه حتى إذا لقى الله سبحانه فرح بلقاء ربه
في حياة الشهداء في سبيل الله
حياة الشهداء حياة أرواح فقط إلا أنها أرقى من حياة غيرها بدليل قول النبي أرواح الشهداء في حواصل طير خضر فى رياض الجنة ثم تأوى إلى قناديل معلقة تحت العرش ٥٦ سورة البقرة - آية ١٥٢
۱۷۹
غير أن الآية الكريمة تنص بدلالة اللفظ على أنه لا ينبغى لأحد أن يقول في الشهداء إنهم أموات بدليل قوله تعالى ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ٥٧
وللشهداء خاصية أخرى بالنسبة لأجسادهم فإنها تبقى بحالها حتى تبعث أرواح أصحابها
متصلة بها
تلك الخاصية ليست لأحد سواهم إلا الأنبياء الصديقين والعلماء العاملين وبالاستقراء وجد أجسام كثير من المشهود لهم بالصلاح والتقى باقية فى قبورها بحالها لم يصبها شيء من البلى
في تفسير قول الله تعالى
4
قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ٥٨ وفى قول الله تعالى واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين ٥٩
قال الله تعالى فى سورة البقرة في الحث على الجهاد وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد
من القتل
وقال في آية أخرى يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل
والمعنى روى أنه عليه السلام بعث عبد الله بن جحش على سرية في جمادى الآخرة ليترصد عيراً لقريش فيهم عمرو بن الحضرمى وثلاثة معهم فقتلوه وأسروا اثنين واستاقوا العير وكان ذلك في غرة رجب وهم يظنونه جمادى فقالت قريش قد استحل محمد الشهر الحرام الذي آمن فيه الخائف ويتفرق فيه الناس إلى معاشهم فسفك فيه الدماء وأخذ الأسارى فشق ذلك على أصحاب السرية فنزلت الآية والمعنى أنهم يستعظمون القتال فى الشهر الحرام وما فعلوه من الصد عن سبيل الله والكفر به وبالمسجد الحرام وإخراج المسلمين من ديارهم أكبر من القتال في
٥٧ سورة البقرة - آية ١٥٤ ٥٨ سورة البقرة - آية ۱۹۰ ٥٩ سورة البقرة - آية ۱۹۱
14
الشهر الحرام والأفظع منه فتنة المسلمين عن دينهم والشرك فى الحرم أشد قبحاً فلا تبالوا أيها المسلمون بقتالهم في أي مكان وأى زمان
والذى يرى المنكر يرتكب يجب عليه أن يغيره بأى نوع من أنواع التغيير ولا يسكت عنه فمن وصايا لقمان لابنه يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور
وحديث الرسول من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم
يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان
في تفسير قول الله تعالى
أحل لكم ليلة الصيام الرفتُ إلى نسائكم من لباس لكم وأنتم لباس لهن إلى آخر
الآية ٦٠
أما قوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم فإنه نزل لإزالة لبس حدث في أول تشريع الصيام وذلك أن بعض المؤمنين ظن أن اتصال الرجل بزوجه ومباشرته لها محرم ليلا كما هو محرم نهاراً فيبين الله لهم أن الرفث وهو مباشرة الرجل زوجه ليس بحرام في ليالى رمضان وإن كان محرماً فى نهاره
في تفسير قول الله تعالى
ومنهم من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ٦١
الإمام أحمد
إن هذه الآية الكريمة تتضمن دعاة مباركاً وقد كان رسول الله ما يرددها كثيراً روى عن عبد العزيز بن صهيب قال سأل قتادة أنساً أى دعوة كان أكثر ما يدعوها النبي الله قال يقول اللهم ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وكان أنس رضى الله عنه إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها
٦٠ سورة البقرة - آية ۱۸۷ ٦١ سورة البقرة - آية ۰۱
۱۸۱
ولقد حدث عبد السلام بن شداد كما يذكر ابن كثير - قال كنت عند أنس بن مالك فقال له ثابت إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم قال
ه اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وتحدثوا ساعة حتى إذا أرادوا القيام قال يا أبا حمزة إن إخوانك يريدون القيام فادعوا الله لهم فقال أتريدون أن أشقق لكم الأمور إذا أتاكم الله فى الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقاكم عذاب النار فقد آتاكم الخير كله والحسنة في الدنيا أوسع من أن تختص بباب من أبواب الخير دون غيره فهى شاملة لجميع أنواع الخير وقد جمعت كما يقول الإمام ابن كثير كل خير فى الدنيا وصرفت كل شر فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوى من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب حصين وثناء جميل إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبادات المفسرين ولا منافاة بينها فإنها كلّها مندرجة في الحسنة في الدنيا وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزغ الأكبر في العرضات وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة وقبل أن نترك الكلام عن هذه الآية الكريمة نذكر ما رواه الإمام أحمد بسنده عن أنس رضى الله عنه أن رسول الله لا عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ فقال له رسول الله الله
هل تدعو بشيء أو تسأله إياه قال
اللهم
ماكنت معاقبي
نعم
كنت أقول
به فى الآخرة فعجله لى فى الدنيا فقال رسول الله الله
سبحان الله لا تطيقه أولا تستطيعه فهلا قلت
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
قال فدعا الله فشفاه والله أعلم
في قوله تعالى
نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم
ملاقوه وبشر المؤمنين ٦٢
يقول الإمام السجستانى فى غريب القرآن عن هذه الآية
٦٢ سورة البقرة - آية
۱۸۳
أو الأطفال وهذه الأوقات الثلاثة وقت القيلولة وبعد صلاة العشاء وقبل صلاة الفجر وقد سماها القرآن عورات ثلاث إذ فيها يختل نظام الإنسان في ملبسه على الوجه الذي شرحنا بقوله تعالى يأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات أمر الله سبحانه المؤمنين بأن يؤدبوا عبيدهم وإماءهم وكذلك أطفالهم الذين لم يبلغوا من التكليف بهذا الأدب الإسلامي الجميل وهو الاستئذان قبل الدخول بملبسهم ثلاث مرات في اليوم والليلة هي من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة - أى تخلعوها في القيلولة - ومن بعد صلاة العشاء هذه الأوقات الثلاثة لا يجوز دخول الصغار والإماء فيها إلا بعد الاستئذان لتكونوا قد سترتم فيها ما عساه أن يكون قد انكشف من عوراتكم فقبل صلاة الفجر وقت القيام من النوم وطرح الثياب التى ينام فيها ووقت الظهيرة تخلع الملابس للقيلولة وبعد صلاة العشاء وقت التجرد من ثياب اليقظة وارتداء ثياب النوم أما عدا هذه الأوقات الثلاثة فلا حرج عليكم في أن يدخل إماؤكم وصغاركم عليكم فيها بلا استئذان لأنهم يطوفون عليكم لخدمتكم وتطوفون عليهم لاستخدامهم وطلب ما تحتاجون إليه منهم ليس عليكم جناح بعدهن أى بعد الأوقات الثلاثة المذكورة طوافون عليكم بعضكم على بعض أي بعضكم طائف على بعض فالحاجات بينكم وبينهم متداخلة والمصالح متشابكة والأمر بالاستئذان في كل وقت يؤدى إلى الحرج كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم أى مثل ذلك البيان والتوضيح يوضح الله لكم آياته والله عليم حكيم بأحوالكم وما يصلح أمركم حكيم فيما يشرعه لكم من آداب وأحكام روى عن مدلج بن عمرو - وكان غلاماً أنصاريا - أرسله رسول الله لا وقت الظهيرة إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ليدعوه فدخل عليه وهو نائم وقد انكشف عنه ثوبه فقال عمر لوددت أن الله عز وجل نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا الا يدخلوا علينا هذه الساعات إلا بإذن ثم إلى النبي فوجده وقد أنزلت عليه هذه الآية وهى إحدى الآيات المنزلة بسبب عمر رضى الله عنه وقيل نزلت فى أسماء بنت أبى مرشد قالت إنا لندخل على الرجل والمرأة ولعلهها يكونان في لحاف واحد - وقيل دخل عليها غلام لها كبير فى وقت كرهت دخوله فأتت رسول الله فقالت إن خدمنا وغلماننا يدخلون في حال نكرهها - فنزلت الآية الكريمة
انطلق معه
في تفسير قول الله تعالى
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً فإذا بلغن أجلهن
١٨٤
فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير
٦٣
والمعنى أن الذين يموتون ويتركون زوجات لهم يجب على الزوجات أن ينتظرن بدون تعرض للزواج ولا يصح العقد عليهن في مدة أربعة أشهر وعشرة أيام فإذا انتهت تلك المدة فلا إثم ولا حرج على ولاة أمورهن فى السماح لهن بالتزين والتجمل والتعرض للزواج في حدود ما هو معروف في الشرع والله سبحانه وتعالى بما تعملونه خبير فلا يخفى عليه شيء من التحايل في مخالفة المعروف في شرعه ودينه ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام ولكن آية في سورة الطلاق خصصت تلك الآية بغير الحامل حيث قال الله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن والمقصود من المعروف ما يقره الشرع من التزين المقبول فإذا تبرجت النساء أو تزين بما يخالف الشريعة الغراء أثمن ووجب على ولاة أمورهن منعهن
في تفسير قول الله تعالى
الخبيث
خبر
يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تُغمضوا فيه واعلموا أن الله غنى حميد ٦٤
منه
يأمر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة عباده المؤمنين بالصدقة من طيبات أموالهم قال الأمة ابن عباس رضى الله عنهما أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه ونهاهم عن التصدق براذلة المال ودنيئه وهو خبيثه فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ويقول الإمام ابن كثير ولهذا قال ولا تيمموا الخبيث أي تقصدوا الخبيث ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه أى لو أعطيتموه ما أخذتموه إلا أن تتغاضوا فيه فالله أغنى عنه منكم
فلا تجعلوا لله ما تكرهون
والهدف الذى من أجله ذكرنا هذه الآية الكريمة هو أن كثرة الثواب في الصدقة تابعة لطيب المتصدق به وجودته فإن كانت فضلات الطعام هى الأطهر الأنفس الأجود فثوابها أكثر
٦٣ الآية ٢٣٤ من سورة البقرة
٦٤ الآية ٢٦٧ من سورة البقرة
١٨٥
على أن كثرة الثواب في الصدقة متعلق بأمر ثان أيضاً هو صفاء المتصدق وإخلاصه وإرادة
وجه الله سبحانه فى تصدقه
والخلاصة أن كثرة الثواب على الطيب من الصدقة أى أن تكون المتصدق به طيباً في النوع
وطيباً من حيث نية المتصدق
يقول الله تعالى
لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون
ويقول رسول الله الله
ه إنما الأعمال بالنيات
فعلى قدر جودة المتصدق به وعلى قدر صفاء المتصدَّق يكون الثواب
في تفسير قول الله تعالى
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله تعالى فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين
ما يتعلق بالمفردات
10
أحس عيسى أي علم ويقول أبو منصور اللغوى يقال أحسست بالشيء وحسست وقول الناس في المعلومات محسوسات خطأ والصواب المحسّات فأما المحسوسات فهي المقتولات يقال حسه إذا قتله
هم خواص
والأنصار الأعوان واستنصرهم طلب عونهم على إقامة الحق وبيان أمر الله الموحى به والحواريون هم كما يقول الإمام ابن عباس أصفياء عيسى ويقول الفراء عيسى أما الحواريون فى اللغة فهم الذين ظهروا من كل عيب وهؤلاء الحواريون كانوا اثنى عشر رجلا وكانت صناعتهم صيد السمك كما يقول الإمام ابن عباس رضي الله عنهما
لقد استجاب هؤلاء للدعوة إلى الله وقالوا فى صدق وإخلاص نحن أنصار الله والدعوة إلى الله والاستجابة إلى هذه الدعوة معناها الإيمان الصادق بالتوحيد الخالص والترحيد الخالص فى الماضى وفى الحاضر وفى كل مكان وفى كل زمان إنما هو الإيمان بأن الله ٦٥ آیتا ٥٢ ٥٣ من سورة آل عمران
١٨٦
وحده هو المتصرّف فى الكون لا شريك له فى الذات ولا شريك له في الفعل من خلق ورزق وإعطاء ومنع وحياة وموت
وقد بين القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة هذه العقيدة في استفاضة وفى دقة لا مزيد
عليهما
وليس في العالم الآن نص مقدس للأسلوب الإلهى يشرح الإيمان بالله كما يشرحه القرآن والكلمة التي تعبر عن هذا في إحاطة شاملة وفى عمق عميق هي كلمة الإسلام ومن أجل ذلك عبر الحواريون عن شعورهم العامر بالإيمان بالله بقولهم لعيسى عليه السلام واشهد بأنا مسلمون
وإذا أردنا شرحاً لكلمة الحواريين واشهد بأنا مسلمون فإننا نقول إن رسولنا سئل عن الإسلام ما هو فقال أن يسلم الله قلبك وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك لقد أسلم الحواريون قلوبهم لله فأصبحوا مسلمون والإسلام بهذا المعنى هو التوحيد وإذا وجد الإنسان ربه فإنه يسير فى جو إياك نعبد وإياك نستعين وجو إياك نعبد وإياك نستعين هو الجو الإسلامي الصادق وهو جو الأنبياء في رسالتهم الصافية
إن سيدنا نوحاً يقول وأمرت أن أكون من المسلمين
لقد أمر أن يسلم قلبه الله تعالى وأمر أن يدعو قومه إلى ذلك يقول الله سبحانه وتعالى ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم أليم
وأما هود فقد قال لقومه يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره وصالح أيضاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره وكل الرسل أمروا بالتوحيد وأمروا به أى أمروا وأمروا بإسلام القلب لله وكانوا بذلك مسلمين وكانوا بذلك يسيرون على منهج إياك نعبد وإياك نستعين وكان الحواريون مسلمين بهذا المعنى
والإسلام بهذا المعنى هو الدين إنه الدين فى إطلاقه المطلق زماناً ومكاناً وفى تحديده المحدد في القلب وفى السلوك وهو بذلك الدين عند الله
إن الدين عند الله الإسلام
وإذا كان ما قدمنا منطقاً دقيقاً لقضية إن الدين عند الله الإسلام ولا يتمارى في ذلك أحد - فإن معنى ذلك أن إسلام القلب لله هو الدين منذ الأزل ولقد جاءت الرسل به
وبكيفية الوصول إلى تحققه فى القلب والشعور لقد حققه الحواريون
وكذلك شأنهم وموقفهم فيما يتعلق بالأخلاق كانوا يعتزون بأخلاقهم ويعتزون بعصبيتهم
لعقيدتهم وأخلاقهم المنزلة الموحاة لقد كانوا يعتزون بذلك لدرجة أنهم لا يرون أن يكون هناك أي كتاب أو رأى يقوم بجوار هذه المبادئ الإلهية الإسلامية سواء أكانت عقيدة أم أخلاقا ولم يترجموا كتب الأخلاق إلى أن جاء المأمون والمأمون بتربيته الفارسية كان عنده من التهاون القليل أو الكثير ولم يكن عنده من التحرج ما كان عند غيره فأمر بترجمة الكتب التي تتصل بما وراء الطبيعة والكتب التي تتصل بالأخلاق
لقد قام بترجمة هذا على الرغم من النفور العام بين المسلمين المؤمنين المتدينين لقد ترجم كتب ماوراء الطبيعة ترجم كتب الأخلاق على نفور من هؤلاء الذين يرون أن العقيدة الإسلامية يجب ألا يكون بجوارها أي شيء آخر وأن الأخلاق الإسلامية يجب أن تكون
مستقلة لا يكون بجوارها شيء ولا تدنس ولا نتلوث بما يتوهم أنه حق بجانب الحق لكن الترجمة - ترجمة ماوراء الطبيعة - أخذت شيئًا فشيئًا مجالها وترجمة الأخلاق أخذت شيئًا فشيئًا مجالها - بل أصبحت مألوفة فى البيئة الإسلامية وأصبحت وكأنها شيء عادى وليست ترجمة ماوراء الطبيعة أقل شأناً - فيما يتعلق بالجو الإسلامى الصحيح من الورقة التي كانت بيد سيدنا عمر
إن العقيدة الإسلامية والأخلاق الإسلامية هما اللتان تكونان ذاتية المسلم أي أن ذاتية الأمة الإسلامية لا تتكون بكيمياء أمريكية لأن الكيمياء كما قلنا لالون لها ولا تتكون بطبيعة روسية لأن الطبيعة لالون لها
حقيقة أنه لابد من الكيمياء ولابد من الطبيعة كما قلنا للقوة وللغلبة وللسلطان ولتأدية الرسالة من أجل الحق والخير
إن الذى يكون ذاتية الأمة هو اللون الثقافى فيها وقد رأينا موقف الرسول وموقف المسلمين الأول منه
وعلى أى وضع إذا نظرنا إلى هذه الثقافة في نفسها الثقافة النظرية وهذا هو الجانب الذي أهتم به كثيرا وأريد أن أنبه الأذهان من جديد إلى أنى أتحدث عن ثقافة لاتتصل بالملاحظة ولا بالتجربة أى أنها ثقافة ليست بحسية أتحدث - إذن - عن الثقافة النظرية البحتة عن الفلسفة عن الأخلاق الجانب فى علم الاجتماع الذى لا يتصل بالملاحظة والتجربة عن الجانب في علم النفس الذى لا يتصل بالملاحظة والتجربة عن هذه الجوانب فى أى علم وفى أى موضوع لا يتصل بالاستقراء
هذا عن
۱۸۷
وتابع الحواريون حديثهم قائلين ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين وما من شك فى أن من اتبع الرسول على الوضع السليم فإنه يسلم قلبه
فإنه يكون بذلك قد هيأ نفسه ليكتبه الله الشاهدين
والشاهدون
هم
بجوارحهم
الله ومن أسلم قلبه الله الصادقون المخلصون فى إيمانهم اعترفوا به قولا وصدقوا قلباً وأقاموه
أما كيفية إسلام القلب الله في العصر الحاضر فقد تكفل بها القرآن الكريم في تفصيل مفصل وفى دقة دقيقة بالأسلوب الإلهى نفسه الذى قال الله عنه إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
في معنى قوله تعالى
ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ٦٦
هذه الآية من آيات سورة آل عمران المباركة وسورة آل عمران تتحدث فيما تتحدث عنه - عن عقيدة التوحيد لله سبحانه وهذه العقيدة هي جوهر عقيدة الإسلام التي قررها رب العزة وشهد بها هو وملائكته وأولو العلم فقال فى السورة شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام وقد جاءت الآية المسئول عنها فى هذا الإطار من الدعوة إلى التوحيد ونبذ غيره من الأديان سواء كانت ديانات صحيحة ثم حرفت أو اتجاهات فكرية فاسدة أدت إلى الشرك والإلحاد كعقائد الوثنية والشيوعية وغيرها
العلم
قائماً
ولكي يزداد الجواب وضوحاً نحب أن نقول إن الآية الكريمة المذكورة سبقت بآيات أربع تقرر عقيدة الإسلام منذ الأزل فهي دعوة الرسل كلهم جميعاً منذ آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام بأن يكون من جوهر رسالتهم ودعوتهم إلى الله أن يؤمنوا بمحمد خاتم الأنبياء وينصروه وإن بعث بعدهم مع ما آتاهم الله من علم ونبوة كريمة وحكمة وقد أقروا جميعاً عليهم السلام وشهدوا وشهد الله معهم على هذا الميثاق وتوعد الله من ينقض هذا العهد بالعذاب ووصفه بالفسوق والعصيان ثم ينكر الله سبحانه على من أراد ديناً سوى دين الله الإسلام القائم على التوحيد الذى جاءت به الرسل ونزلت به الكتب ثم أمر رسوله الكريم الله أن يسلك نفسه فى هذا العهد والميثاق من دعوة الرسل الله المسماة بالإسلام لا يفرق بين أ
٦٦ سورة آل عمران آية ۸۵
أحد
منهم
۱۸۸
ويؤمن بهم جميعاً كما آمنوا به في العهد والميثاق الذى أخذ عليهم ويعلن في صراحة ووضوح أن دينه وهو دين الإسلام ما هو الإ امتداد وإكمال لدعوة من سبقه من الرسل والأنبياء ثم تأتى بعد ذلك الآية المسئول عنها ليقرر فيها الحق سبحانه أن من سلك طريقاً آخر غير الإسلام أيا كان هذا الطريق سواء كان ديناً محرفاً عن وجهه الصحيح أو عقيدة فاسدة قامت على اتباع الهوى وميل النفس والشيطان كل ذلك لن يقبل من صاحبه لأنه مهما حل من الفضائل فهو بعيد عن أمرين
الأمر الأول عقيدة التوحيد الله سبحانه
والأمر الثاني الإيمان بالله والرسول الخاتم سيدنا محمد ع وبدون هذين الأمرين لا تقبل عقيدة مهما كانت أما الآيات فهي قوله سبحانه وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك
هم
الفاسقون
أفغير دين الله يبغون وله أسلم م من فى السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون
ثم جاءت الآية الكريمة بعد ذلك قائلة
ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
في قوله تعالى فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساء كم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ٦٧
معنى الآية كما ورد في كتاب الكشاف للزمخشرى وروح المعانى للألوسي وتفسير الحافظ وابن كثير وغيرهم فمن حاجك أى جادلك وخاصمك من النصارى في شأن ليس من بعد ما جاءك من البينات الموجبة للعلم فقل تعالوا و أى هلموا ندع كل منا ومنكم أبناءه ونفسه إلى المباهلة
٦٧ سورة آل عمران - آية ٦١
۱۸۹
وأصل
ثم نتباهل بأن نقول مبهلة الله أى لعنة الله على الكاذب منا ومنكم يقول الزمخشري البهلة بالفتح والضم لعنة وبهله الله لعنه وأبعده من رحمته من قولك أبهله إذا أهمله الابتهال هذا ثم استعمل فى كل دعاء يجتهد فيه وإن لم يكن التعاناً يقول العلامة ابن كثير في تفسيره وكان سبب نزول هذه المباهلة وما قبلها من أول السورة إلى هنا وفد نجران إن النصارى لما قدموا على رسول الله الله فجعلوا يحاجون في عيسى ويزعمون فيه ما يزعمون من النبوة والإلهية فأنزل الله صدر هذه السورة ردًّا عليهم قال الإمام محمد بن إسحق بن بصار في سيرته المشهورة وغيره قدم على رسول الله و وفد نصارى نجران ستون راكباً فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم يئول أمرهم إليهم وهم العاقب واسمه عبد المسيح وهو الأبهم وأبو حارثة ابن علقمة أخو بكر بن وائل وأويس بن الحارث وزيد وابناه وخويلد وعمرو وخالد وعبد الله ومحسن وأمر هؤلاء يئول إلى ثلاثة منهم وهم العاقب وكان أمير القوم وذا رأيهم وصاحب مشورتهم والذى لا يصدرون إلا عن رأيه والسيد كان عالمهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم وأبو حارثة بن علقمة وكان أسقفهم وصاحب مدارسهم وكان رجلا من رجال العرب من بنى بكر بن وائل ولكنه تنصر فعظمته الروم وملوكها وشرفوه وبنوا له الكنائس واخدموه لما يعلمونه من صلابته في دينهم وكان يعرف أمر رسول الله وصفته وشأنه مما علمه من الكتب المتقدمة ولكنه استمر فى النصرانية لما يرى من تعظيمه فيها وجاهه عند أهلها قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال قدموا على رسول الله المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر عليهم ثياب الحبرات جيب وأردية يقول من رآهم من ما رأينا بعدهم وفداً مثلهم وقد حانت صلاتهم فقاموا في مسجد رسول الله فقال رسول الله دعوهم فصلوا إلى المشرق قال فكلم رسول الله ع من أبي حارثة بن علقة والعاقب عبد المسيح والسيد الأيهم وهم من النصرانية على دين اختلاف أمرهم يقولون هو الله أى عيسى ويقولون هو ولد الله ويقولون هو ثلاثة تعالى الله عن قولهم علوا كبيراً وفى كل ذلك من قولهم نزل القرآن فلما كلمه حبران قال لهما رسول الله لا أسلما قالا قد أسلمنا قال إنكما لم تسلما فاسلما قالا بلى قد أسلمنا قبلك قال كذبتها يمنعكما من الإسلام ادعاؤكما أن لله ولداً وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير قالا فمن أبوه يا محمد فصمت رسول الله الا الله فلم يجبهما فأنزل الله في ذلك قولهم أمرهم سورة آل عمران في بضع وثمانين منهما
أصحاب النبي
الملك
مع
۱۹۰
وجاء في تفسير الألوسى أن رسول الله لا لما تلا عليهم قوله تعالى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون قالوا إن ما نعرف ما تقول ونزل فمن حاجك الآية
فقال لهم رسول الله الله إن الله تعالى قد أمرنى إن لم تقبلوا هذا أن أباهلكم فقالوا يا أبا القاسم بل نرجع فننظر فى أمرنا ثم نأتيك وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن طريف عطاء والضحاك عن ابن عباس أن ثمانية من أساقفة أهل نجران قدموا على رسول الله والسيد فلما نزلت آية المباهلة قالوا أخرنا ثلاثة أيام فخلا بعضهم وتصادقوا فيما بينهم
منهم
العاقب
قال السيد للعاقب قد والله علمتم أن الرجل نبي مرسل ولكن لاعنتموه إنه ليستأصلكم وما لا عن قوم نبيا قط فبقى كبيرهم ولا نبت صغيرهم فإن أنتم لم تتبصروه تبصرة وأبيتم إلا ألف دينكم فوادعوه وارجعوا إلى بلادكم
أنا
وقد كان رسول الله الله خرج ومعه على والحسن والحسين وفاطمة فقال رسول الله إن دعوت فأمنوا أنتم فأبوا أن بلاعنوه وصالحوه على الجزية وعن الشعبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أتاني البشير أهل نجران حتى الطير على
الشجر لو تموا على الملاعنة
وروی
أن أسقف نجران لما رأى رسول الله الا الله مقبلا ومعه على وفاطمة والحسنان رضى |
الله
عنهم قال يا معشر النصارى إنه رأى وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه ا الأرض نصرانى إلى يوم القيامة فقالوا يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك ونثبت على ديننا ونصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا عن ديننا على أن نؤدى إليك كل عام ألفى حلة ألف في صفر وألف في رجب وثلاثين درعاً عادية من جديد فصالحهم على ذلك وقال والذي نفسي بيده أن الهلاك قد تدلى على أهل نجران ولو لا عنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادى ناراً ولا استأصل الله نجران وأهله حتى يطيروا على رءوس الشجر ولما حال الحول على النصارى وكلهم حتى يهلكوا وبعد فالسائل بعد هذا البيان قد عرف الإجابة عن كل ما أورد من أسئلة والله الموفق
في تفسير قوله تعالى
قل يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً
۱۹۱
ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ۶۸
أرسل رسول الله كتباً إلى النصارى يدعوهم فيها إلى الإسلام وفى هذه الكتب قوله
تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وهى آية من القرآن الكريم وفى بعضها قوله تعالى يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون وهذا نص قرآني وأرسل رسول الله هذه الكتب وهو يعلم أن هؤلاء النصارى يمسونها وقد يكون أحدهم جنباً ومن هنا رأى الإمام داود الظاهرى والإمام ابن حزم والإمام البخارى إنه يجوز مس المصحف للجنب أما من حرم ذلك فإنما حرمه تعظيماً للمصحف وتكريماً وتعظيم المصحف وتكريمه تقتضى أن يرفع المسلم المصحف مباشرة إذا رآه مُلقى فى نجاسة ولو كان جنباً فإذا تركه فإنه يكون آئماً بتركه وإذا رفعه ولو كان جنباً فإنه يُثاب على رفعه وقوله تعالى إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون فسرها الإمام البيضاوى - على أحد مذاهب التفسير - بقوله في كتاب مكنون مصدق وهو اللوح المحفوظ لا يمسه إلا المطهرون لا يطلع على اللوح إلا المطهرون من الكدرات الجسمانية الملائكة وهم
ويجوز إعطاء المصحف لغير المسلم لإصلاحه إذا كان ممزقاً أو لتجليده إذا لم يوجد مسلم يقوم بهذا العمل أما إذا وجد مسلم يقوم بذلك فهو أولى وذلك لأن المسلم – لإيمانه يعظم المصحف ويحترمه أما غير المسلم - لعدم إيمانه بالقرآن لا يتحرى الاحترام والتكريم
في قول الله تعالى
كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ۱۹
14
بين الله سبحانه وتعالى السبب فى خيرية الأمة الإسلامية وذلك هو قيامها فرداً فرداً بالأمر بالمعروف والمعروف الذى تقدم الأمة الإسلامية على الأمر به هو الحق وهو الخير وهو الفضيلة وهو العدل وهو الرحمة وهو كل هذه الآداب السامية والشيم الجميلة التي أ أتى بها
٦٨ آل عمران آية ٦٤ ٦٩ سورة آل عمران - آية ۱۱۰
۱۹
الإسلام والتي يتضمنها الإيمان مبتدئة بإماطة الأذى عن الطريق حتى تنتهى بشهادة أن لا إله
إلا الله
والمنكر الذي تحاربه الأمة الإسلامية وتنهى عنه إنما هو الرذيلة بجميع ضروبها وهو الظلم على اختلاف ألوانه وهو التعدى غدراً وخيانة وهو كل ضرب من ضروب البطش والجبروت إن ر أمة أخرجت للناس لأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر ثم لإيمانها بالله الذى
الأمة الإسلامية خيرا حدد الله في نطاقه تحديداً كاملا الخير والشر
ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المبادئ التي اهتم الله سبحانه ورسوله بتوطيده
توطيداً محكماً ولقد أمر الله به ورتب عليه الفلاح فقال سبحانه ولتكن منكم أمة وإذا كانت الأمة الإسلامية خيراً أمة أخرجت للناس لهذا فإن الله لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل لأنهم ما كانوا يقومون بهذا المبدأ فقال سبحانه لعن الذين كفروا من بني إسرائيل
الآية
ولقد بين رسول الله له عاقبة اتباع مبدأى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهى النجاة وعاقبة إهمالها وهى الغرق فقال في حديث رائع مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أ أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا
أعلاها
وبعضهم
إنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن
أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً
في قوله تعالى
وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله وسيجزى الله الشاكرين
۷۰
الصحابة
هذه الآية نزلت تعقيباً على ما حدث في غزوة أحد حينما أشيع بين الناس أن محمداً ع قد قتل ورأى بعض الصحابة أن الحاجة إلى القتال قد انتهت وخارت عزائمهم ولكن بعض الـ ثبتوا في مواقعهم وتمسكوا بالقتال عن أنس رضي الله عنه أن عمه أنس بن النضير غاب عن قتال بدر فقال غبت عن أول قتال قاتله النبي عله الا الله للمشركين لأن أشهدني الله قتالا للمشركين ۷۰ سورة آل عمران - آية ١٤٤
۱۹۳
ليرين ما أصنع فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال اللهم إنى أعتذر إليك عما صنع هؤلاء - يعنى أصحابه - وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء - يعنى المشركين ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذ دون أحد فقال سعد أنا معك قال سعد فلم أستطع أصنع ما صنع فوجد فيه بضع وثمانون من بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم قال فكنا نقول فيه وفى أصحابه نزلت فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر
ونزلت الآية الكريمة وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم
على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزى الله الشاكرين وبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن الدين والرسالة لا يرتبطان بحياة الرسول الدنيوية أو انتهاء هذه الحياة فالمؤمن يدافع عن الدين
في تفسير قول الله تعالى
الذين استجابوا الله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم النَّاسُ إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله و الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل
vi,
عظيم "
يقول الله تعالى في سورة آل عمران
الذين استجابوا ذو فضل عظيم الآيات
ونعم
لقد نزلت هذه الآيات الكريمة في جملة ما نزل من آيات في غزوة أحد ولقد كان في غزوة أحد دروس وعظات كثيرة وكانت عاقبة هذه الغزوة خيراً بالنسبة للمسلمين فقد علمتهم أموراً كثيرة نذكر منها أمراً واحداً فقط هو أن يلتزموا التزاماً تاماً بأمر القائد مها كانت الظروف ومهما صور لهم خيالهم أنهم أصبحوا في حل من مخالفة الأمر وذلك أنهم رأوا بأعينهم بغية مخالفة الأمر وهو ما بدا من مظهر الهزيمة وما إن انتهت المعركة بهذا المظهر حتى ركب الأعداء راجعين إلى مكة ولكن المسلمين ظنوا أن الأعداء ركبوا مسرعين من أجل الذهاب إلى المدينة وكان هذا هو المنطق الطبيعي لغلبتهم
أن يذهبوا إلى المدينة ليقضوا على الإسلام نهائيا
۷۱ سورة آل عمران - الآيات ۱۷ ۱۷۳ ١٧٤
١٩٤
فدعا رسول الله المسلمين للنهوض من كبوتهم والاستعداد لسبق العدو إلى المدينة إذا كان حقاً ذاهباً إليها ولم المسلمون شعثهم وضمدوا جراحهم وحفزهم الإيمان والثقة في الله على
النشاط والعمل واستجابوا بذلك لله ورسوله من بعد ما أصابهم القرح أي نالهم الجراح والطعنات والضر على ألوانه أحد
جميع
يوم
فوعد الله سبحانه وتعالى الذين أحسنوا منهم واتقوا الأجر العظيم وهل ذهب المشركون إلى مكة دون تردد أو تلاوم كلا فإنهم حين سار بهم الطريق عادوا إلى أنفسهم يتساءلون أكانت المعركة فاصلة أأحسنوا في العودة إلى مكة وأخذوا يترددون ويتلاومون ويجيلون الرأى فيما بينهم ثم رأوا أن يمكروا بالمسلمين ليروا أثر الهزيمة في نفوسهم فأرسلوا إليهم يذكرون فيها أنهم قد جمعوا لهم جموعهم من جديد ليستأصلوا عن آخرهم وحين بلغت هذه الرسالة التى حاول المشركون أن يظهروها بمظهر الرسالة العرضية استعد المسلمون استعداداً كاملا للمعركة من جديد وعبر القرآن عن ذلك في أسلوب جميل وفى روح
الوكيل
قوية وفى معنى من الإيمان عميق يقول الله تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله فلما كان ذلك رد الفعل فى نفوسهم أثابهم الله تعالى على ذلك بما عبر سبحانه وتعالى عنه
بقوله
ونعم
فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم
في قوله تعالى
ر يأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ۷
قال ابن عباس في هذه الآية كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها وإن شاءوا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه
الآية
وفى بعض الروايات عنه أن الرجل كان يرث امرأة ذى قرابته فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها فأحكم الله تعالى عنه بذلك أى نهى عن ذلك
۷ سورة النساء آية ۱۹
۱۹۵
وقيل كان الرجل إذا مات وترك زوجه ألقى عليها قربه ثوبه فمنعها من الناس فإن كانت جميلة تزوجها وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها فنزلت الآية ولا يخفى ما كان في ذلك كله من تصرفات الجاهلية - من إهدار الحرية المرأة وكرامتها واستهانة بحقها فمنعه الله تعالى وترك لها حرية اختيار من تقبله من الأزواج بعد انقضاء عدة الوفاة وارتفع بها عن أن تكون مادة من المواد الموروثة عند الزوج فإذا ما انقضت العدة تقدم للزواج بالمرأة من شاء من الرجال من أقارب الزوج أو من غيرهم فمن قبلت الارتباط به حل له زواجها و يستوى على ذلك أى قريب للزوج فيجوز تزوجها من شقيقه ومن ابن عمه وابن خاله نعم لا يجوز لها الزواج من أبيه لأن الله تعالى جعل من المحرمات حلائل الأبناء أى زوجاتهم ولا يجوز لها الزواج من ابنه لأن الله تعالى قال
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء وما عدا ذلك من الأقارب يحل له الزواج منها ويحل لها الزواج من استيفاء شروط النكاح
في تفسير الآية الكريمة وهي قوله تعالى
منه بعد العدة وبعد
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في
المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ۷۳
10
هذه الآية تعالج أموراً خطيرة من أمور الأسرة بصفتها مجتمعاً صغيراً يحتاج – ككل مجتمع من المجتمعات -- إلى قائد يقوم على أمره ويسوس شئونه ويرجع إليه الأمر في إدارة السفينة فتقرر الآية الكريمة الشأن في القيام على النساء ورعايتهن وتوجيههن كما يوجه الراعي رعيته بالأمر والنهي ونحو ذلك هو للرجال
يقول الإمام الألوسى فى تفسيره روح المعانى واختيار الجملة الاسمية مع صيغة المبالغة الرجال قوامون على النساء للإيذان بعراقة الرجال ورسوخهم في الاتصاف بما أسند إليهم وعلل سبحانه وتعالى هذا الحكم بأمرين
۷۳ سورة النساء ٣٤
١٩٦
أحدهما فطرى خلقى بما فضل الله بعضهم على بعض والآخر في الأصل التكويني والخلقة فالشأن أن الرجال مهما قاموا بفطرتهم وتكوينهم للقيام بهذه المهمة فهم قوامون على النساء بسبب تفضيل الله تعالى لهم عليهن ولذلك خصوا بالرسالة والإمامة الكبرى فلا تكون المرأة خليفة للمسلمين والإمامة الصغرى فلا تصلى إماماً للرجال كما خصوا كذلك بإقامة الشعائر كالأذان والإقامة والخطبة والجمعة والشهادة فى أمهات القضايا وجعلت شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في قضايا المعاملات
قال تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى الأمر الثاني في التعليل لهذا الحكم أمر كسبى وليس فطرياً والشأن أن يقوم به الرجال وهو قوله تعالى وبما أنفقوا من أموالهم قال مجاهد إنه المهر ويجوز أن يراد به ما يعم المهر والإنفاق عليهن فالرجال هم الذين يدفعون المهور للنساء وهم الذين يجب عليهم الإنفاق عليهن حتى ولو كن غنيات بمالهن الخاص بهن
ثم بينت الآية بعد ذلك المنهج الذى يسلكه الرجال إذا نشزت المرأة وخرجت على طاعته من وعظ وهجر في المضاجع وضرب غير مبرح فإذا أطاعت واستقام أمرها فلا سبيل لبغى الرجل عليها أو طلاقه لها واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا
ولعله
من
المفيد أن نبين سبب نزول هذه الآية ليتبين للناس مدى عناية شرع الله تعالى بأمور الأسرة وما يصلح شأنها يقول الألوسى والآية كما روى عن مقاتل نزلت في سعد بن الربيع ابن عمرو وكان من النقباء وفى امرأته حبيبة بنت زيد بن زهير وذلك أنها نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى النبي الله فقال أفرشته كريمتي فلطمها فقال النبي ع لتقتص من زوجها فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال النبي عل الله ارجعوا هذا جبريل عليه السلام أتاني وأنزل الله هذه الآية الرجال قوامون على النساء إلخ
فتلاها ثم قال أردنا أمراً وأراد الله تعالى أمراً والذي أراده الله تعالى خير وقال الكلبي نزلت في سعد بن الربيع وامرأته خولة بنت محمد بن سلمة وذكر القصة وقد استدل بالآية على أن للزوج تأديب زوجته وأن عليها طاعته لا في معصية الله تعالى وأن أفضلية الرجل على
المرأة إنما بالفطرة والتكوين والخلق حتى إن كان فقيراً ففقر الرجل لا يجعل المرأة أفضل
إن التجربة تتحكم فتكون فيصلا فيما يتعلق بالحق والخطأ لكن المجالات النظرية البحتة ليس لها هذا الفيصل الذى يفرق بين الحق والباطل
ماوراء الطبيعة مجال نظرى بحت وهو يختلف من فرد إلى آخر ويتعدد بتعدد اختلاف
الأفراد
إذا جئنا للجو اليوناني فإنا نجد أن أفلاطون فيما يتعلق بتصور الآلهة يختلف عن أرسطو وتصور أرسطو يختلف عن تصور الرواقيين وتصور الرواقيين يختلف عن تصور أبيقور أو الأبيقوريين يصور أفلاطون الإله على أنه مثال للخير على رأس المثل أو مثال للجمال على رأس المثل أن أرسطو من مدرسته فإنه يصور الله سبحانه وتعالى بصورة أخرى ويرى أنه المحرك الأول وهذا المحرك الأول ليس هو الذى يحرك العالم بإرادته وليس هو الذي خلق العالم وليس هو الذى صور العالم وكونه بل إنه لا يعلم عن العالم شيئًا مطلقا إنه لا يعلم عن العالم
ومع
في
شيئًا يستوى في ذلك التافه من أمره والعظيم منه إنه لا يعلم حتى مجرد وجود العالم وتأتى الرواقية فترى الله سبحانه وتعالى يمتزج بالكون امتزاجاً كاملا فهو سره وهو في كل ذرة من ذراته وفى كل خلية من خلاياه ويأتى أبيقور ويقول ليس هناك شيء اسمه الله وليس هناك إله وتختلف هذه المدارس باختلاف أفرادها وباختلاف رؤسائها وقبل أن نستمرا شرح موضوع هذه الثقافة النظرية البحتة قبل أن أستمر فيها طويلا أريد أن أتحدث قصة لها عن مغزاها العميق كي تكون أمام أنظارنا حينما نضرب الأمثال فيما بعد اجتمع سقراط باثنين من الفيثاغوريين من كبار فلاسفة الفيثاغورية أحدهم اسمه سيمياس وكان من كبار الفلاسفة اجتمعوا يناقشون فيما يتعلق بخلود الروح هل هي باقية بعد الموت هل هي مستمرة أو أنها فانية هل الإنسان حينما يموت يموت مادة وروحاً أو إنه يموت مادة فقط وتبقى الروح ! وهل
الروح خالدة كانوا يتحدثون في هذا الموضوع ويحاولون ما استطاعوا أن يقيموا الأدلة على خلود الروح على أنها باقية بعد الموت ثم تنتهى بهم الأدلة وينقطع بهم البرهان
يقول سيمياس لسقراط إن الموضوع مازال فى حاجة إلى بحث أكثر ويوافق سقراط ثم يقول متأسفاً
إن العقل في مجال ماوراء الطبيعة مثله مثل لوح من خشب يريد الإنسان أن يقطع به البحر في
۱۹۸
ويرى ابن عمر أن اليهودية والنصرانية من أهل الشرك لأنهم بدلوا الدين وقالوا في الله تعالى
ما لا يليق به
والجمهور على خلاف ذلك
نعم يجوز للحاكم لمصلحة خاصة أن يمنع مثل هذا النكاح إذ رأى فيه ما قد يضر بالدولة أو يسيء إلى النظام العام من ذلك ما فعله عمر مع بعض الصحابة ممن تزوج بغير مسلمة
في تفسير قوله تعالى
بهدی به لله مَنِ اتَّبَعَ رِضوانَهُ سُبُلَ السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ٢٦
قال المفسرون فى معنى هذه الآية إن الله سبحانه وتعالى يهدى من اتبع رضوانه سبل السلام فيخرج عباده المؤمنين من ظلمات الكفر والشك والريب إلى نور الحق الواضح الجلى المبين السهل
المنير
وإن الكافرين إنما وليهم الشيطان يزين لهم ما هم فيه من الجهالات والضلالات ويخرجهم ويحيد بهم عن طريق الحق إلى الكفر والإفك والضلال
أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
وإنما جمع سبحانه وتعالى لفظ الظلمات ووحد النور ولم يجمعه لأن الحق الذي هو مشبه بالنور واحد والكفر الذى هو الظلمات أجناس كثيرة وأصناف متعددة وكلها باطلة كما قال تعالى وأن هذا صراطى مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون ففي هذا إشعار بتفرد الحق وانتشار الباطل وتفرقه وتشعبه ولذا كان طريق الإيمان واحداً لا اعوجاج فيه ولا التواء ولا تفرق
وأما الكفر والضلال فطرقها متعددة متشعبة
٧٦ سورة المائدة - آية ١٦
۱۹۹
في تفسير قوله تعالى
إنها وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم
راكعون
۷۷
يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين وفي سورة المائدة يقول الله
تعالى
يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين
وهذه الآيات كلها وغيرها كثير صريحة فى أنه لا يصح أن يكون الأب المسيحى وليا لابنته المسلمة في عقد زواجها
وقد يسأل إنسان ومن يكون الوالى إذاً
إن الوالى الذى يتولى عقد الزواج في مثل هذا هو الحاكم المسلم أو من يقوم مقامه من المسلمين أو من توكله هی أن يتولى عقد زواجها أما إذا رفض الأب المسيحى زواج ابنته التي أ أسلمت من شخص صممت هي أن تتزوج منه بعد أن أسلمت فليس لرفض الأب قيمة وإذا عقد العقد عند مأذون شرعي واستوفى شروطه من وجود الوكيل الذي توكله الزوجة ومن وجود الشهود فعقد الزواج صحيح ولا يؤثر رفض الأب المسيحى في صحته
في معنى قوله تعالى
يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون
۷۸
وبهذا قطع الله سبحانه وتعالى الطريق على كل متعلل لشربها وأبى قبول أي عذر ممن يتناولها
۷۷ سورة المائدة - آية ٥٥
۷۸ سورة المائدة - آيتا ۹۰ - ۹۱
۰۰
والصلاة عماد الدين وبين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة وقد حدد الله تعالى لها مواقيتها وأمر بمراعاة هذه الأوقات قال تعالى
إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً
ونزل جبريل فصلى بالنبي للعلم كل صلاة وبين من الصلوات في يومين متتابعين وفى اليوم الأول كانت صلاته فى أول الوقت وفى اليوم التالى كانت صلاته في آخر الوقت وبين بعد ذلك أن ما بين صلاته من وقت هو وقت الصلاة المطلوب أداؤها فيه
ولا يجوز تقديم الصلاة على وقتها إلا لعذر ضرورى من سفر أو مطر يتعذر معه أداء الصلاة في وقتها أو الاجتماع لها في المسجد في هذا الوقت
كما لا يجوز تأخيرها عن وقتها المحدد إلا لعذر قهرى من الأعذار التي حددها الرسول الله بقوله رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على مثله حتى يبرأ وعن النائم حتى يحلم وفى رواية وعن المبتلى حتى يبرأ
وكلها موانع طبيعية لا يد للإنسان فى أحداثها ولا قدرة له على منعها أما شرب الخمر فإنه كبير وجرم شنيع وصاحبه مسئول عما يرتكبه فى حال سكره محاسب عليه في الدنيا أمام قانون الشرع وفي الآخرة أمام الله وقد جعل الله الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر فكيف يجوز التلاعب بها تقديماً أو تأخيراً للتمكن من فعل المنكر وهو شرب الخمر وبعد فلا يجوز لمسلم أن يسكر ولا يصح له تقديم الصلاة على وقتها لأجل هذا السكر أو الخوف من حدوثه وليتق الله ربه ليحسن حسابه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله
بقلب سليم
في تفسير قول الله سبحانه
يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلَّ إذا اهتديتم ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم
من رأى منكم منكراً فليغيره الخ فهل هناك تعارض بين الآية والحديث
للإجابة على هذا السؤال نذكر حديثين يتصلان بالموضوع أوثق اتصال روى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن قيس قال قام أبو بكر الصديق رضى الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يأيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من
۰۱
ضل إذا اهتديتم وأنكم تضعونها على غير موضعها
أن
وإني سمعت رسول الله الله يقول إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيروه يوشك الله عز وجل
يعمهم
بعقابه
وروى الترمذى بسنده عن أبي أمية الشيباني قال أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له كيف تصنع في هذه الآية قال أية آية
قلت قول الله عز وجل يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا
اهتديتم
قال أما والله لقد سألت عنها خيراً سألت رسول الله الله قال بل التمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذى رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع العوام فإن من ورائكم أياماً الصابر فيهن مثل القابض على الجمر للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم ومعنى الآية إذن إن على المسلم أن يأمر وينهى ولا عليه بعد ذلك أثمر سعيه أم لم يثمر فيكون المقصود لا يضركم من ضل إذا اهتديتم بالتمسك بالحق والدعوة إليه ونبذ الباطل والنهى عنه وهو ما يوافق حديث أبي بكر رضى الله عنه وهذا التفسير هو ما نرجحه وعلى ذلك فلا تعارض بين هذه الآية وبين حديث من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان لأن الآية تطمئن المسلم إلى أنه لا وزر عليه إذا أدى واجبه وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
في تفسير قول الله تعالى
وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقُل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ۹
۷۹
إن هذه الآية الكريمة توضح تفضل الله على عباده ورحمته بهم فهى تأمر الرسول لا أن يبشر المؤمنين الذين عملوا السيئات ثم تابوا وأخلصوا بأن أمرهم سلام أي أن التوبة انتهت بهم إلى السلامة فقد غفر الله لهم وتقبل توبتهم وعرفهم أن الله سبحانه وتعالى كتب على نفسه الرحمة لهؤلاء الذين يعملون المعاصى عن جهل يعقابها بالنسبة لهم في هذه الحياة الدنيا وعن جهل ۷۹ سورة الأنعام - آية ٥٤
۰
بعقابها بالنسبة لهم في حياتهم الأخرى والواقع أن اليقين بعاقبة المعاصي في الدنيا والآخرة يجعل الإنسان بمعزل عن إتيان الآثام
ومن هنا يقول الحسن رضى الله عنه كل من عمل معصية فهو جاهل ويقول أحد الحكماء إن الآثام توقع الإنسان فى الشقاء ولا يعدل الإنسان عن السعادة التي تتمثل في الفضيلة إلى الشقاء الذى يتمثل فى المعصية إلا إذا كان جاهلا ومن هنا كما يقول - كانت المعصية جهلا وكانت الفضيلة معرفة ولقد ذكر القرآن الكريم معنى هذه الآية ليفتح الطريق أمام العصاة إلى التوبة وليحث الذين يعملون السيئات على قرع بابه تعالى بالرجوع إليه تائبين فتعمهم رحمته قال تعالى إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً
ويقول سبحانه
ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها
الغفور رحيم
۸۱
في تفسير قول الله تعالى
الله أعلم حيث يجعل رسالته ۸
ويقول الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير
وفي هاتين الآيتين بيان لحكمة الله سبحانه وتعالى في إرسال الرسل واختيارهم وأن هذا الاختيار راجع لمشيئته وحده يختار الرسول من أى بلدة ومن أي بيئة ويعده للرسالة ويهيئه لها فليس بشرط أن يكون الرسول من أهل البلدة ورسولنا الله جعله الله رحمة للعالمين وأرسله للناس كافة بشيراً ونذيراً وأمر الله الناس جميعاً اتباعه قال تعالى
يأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيراً لكم ذلك فلم تحرم أفريقيا من الرسل لقد ولد فيها موسى عليه السلام وأخوه هارون
ومع
۸۰ سورة النساء - آية ۱۷ ۸۱ سورة النحل - آية ۱۱۹ ۸ سورة الأنعام - آية ١٢٤
ووفد إليها يوسف ويعقوب والمسيح عليهم السلام ومن قبل ذلك وفد إليها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وبعد فلعل أفريقيا قبل الرسالة المحمدية حوت كثيراً من الرسل إذ لم يرد عنهم حصر جامع في القرآن الكريم ولم يذكر سجل كامل بأسمائهم وتواريخهم قال تعالى ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص
عليك
وقال ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك
في تفسير قول الله تعالى
وهو الذى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أكله والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ۸۳
6
ما تنبته
يوم
ويقول الرسول فيما سقت السماء العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر وحديث رسول الله يدل على العموم والآية الكريمة تؤيد المنهج نحو العموم وعلى أساس العموم المأخوذ من الآية ومن الحديث تكون الزكاة واجبة فى كل ما أنبته الأرض وهذا هو رأى أبي حنيفة الذى الزكاة في جميع الأرض لا يفرق في ذلك بين الخضراوات والفواكه - والحبوب وهو الرأى الذى نرتضيه أما فيما يتعلق بالمواشي التي تجب فيها الزكاة فهي والبقر والغنم وتجب الزكاة فيها إذا توافرت فيها الشروط الآتية أن تبلغ وأن يكون قد حال عليها الحول
الإبل
يعمم
في الأعراف
الأعراف هي !
الأشياء المشرفة والمراد بها هنا المكان المشرف الذي بين الجنة والنار أما
أصحاب الأعراف فهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وخلفتهم حسناتهم عن النار فجعلوا على الأعراف لأنها درجة متوسطة بين الجنة والنار فهم ليسوا من أهل الجنة ولا من أهل النار ولكن الله تعالى سيدخلهم الجنة بفضله ورحمته فلأنه ليس في ۸۳ سورة الأنعام - آية ١٤١
٢٠٤
الآخرة من دار سوى الجنة أو النار فهم - بعدل الله - في مكان بين الجنة والنار وهم - بفضله يكون مالهم الجنة
قال ابن مسعود رضى الله عنه يحاسب الناس يوم القيامة فمن كانت حسناته أكثر بواحدة دخل الجنة ومن كانت سيئاتهم أكثر بواحدة دخل النار وأن الميزان يخف ويثقل بمثقال حبة من خردل من إيمان ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الأعراف فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوهم سلام عليكم وإذا نظروا إلى أهل النار قالوا ربنا لا تجعلنا القوم الظالمين مع
في تفسير قول الله تعالى
ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ٨٤
يخبر الله سبحانه في هذه الآية الكريمة أن أهل القرى وهم الناس في مجتمعاتهم – صغيرة كانت تلك المجتمعات أو كبيرة وقديمة كانت أو حديثة - لو أنهم التزموا الإيمان واتبعوا قاعدة التقوى لوسعنا عليهم الرزق وزودناهم من الخير فى كل شيء وليست البركات خاصة بالرزق المادى وإنما تتضمنه وتتجاوزه إلى الرزق المعنوى فتكون البركات فى صورة الرعاية الإلهية للإنسان المؤمن المتقى وفى صورة العناية بالله إن الله مع المتقين إن رحمة الله قريب من المحسنين ومن يتَّقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه وسنة الله سبحانه أن من كان الله كان له ومن كان مع الله كان الله معه ومن تقرب إلى الله شبراً تقرب الله منه ذراعاً ومن تقرب إليه سبحانه ذراعاً تقرب منه باعاً أتاه ومن یمشی أتاه تعالى هرولة
ولكن أهل القرى لم يلتزموا سنة الله التى وضحها على لسان رسله ولم يتبعوا هديه وكذبوا برسله فأصابهم الله بما يتناسب مع أعمالهم من الشقاء والعذاب من عَمِل صالحاً فلنفسه ومن أ أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ومن يكسب إنما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليماً حكيماً
٨٤ سورة الأعراف آية ٩٦
٢٠٥
في تفسير قول الله تعالى إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى بلج
الجمل في سم الخياط وكذلك نجزى المجرمين
لا تفتح
10
محجوبون
إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا يرفع لهم عمل صالح ولا دعاء بل عملهم مردود ودعاؤهم غير مستجاب وعلى ذلك فلا مجال لدخولهم الجنة وهم عن رحمة ربهم أبواب السماء لأرواحهم وإنما تطرد من على أبواب عليين إلى أسفل سافلين أما الذنب الذي ارتكبه هؤلاء الذين أوعدهم الله بهذا الوعيد فإنه الشرك بالله والله سبحانه وتعالى لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء والشرك بالله سبحانه وتعالى له أثره على المجتمع وعلى الإنسانية في غاية الخطورة وخصوصاً على الجانب الأخلاقي من المجتمع والله سبحانه وتعالى يتحدث عن أمثال هؤلاء فيقول
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه
يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون قهم قوم أتبعهم الشيطان ووجههم وسيرهم إلى الشر والفساد فكانوا من الضالين ولو شاء الله لرفعهم وهداهم إلى آياته ولكنهم هم الذين اتجهوا إلى الشر وأخلدوا إلى الأرض بدل اتجاههم إلى السماء وإلى الهداية والصلاح والإصلاح وآيات الله واضحة ولكنهم عاندوا وكفروا وأشركوا فنالوا مقت الله وغضبه في الدنيا والآخرة
في تفسير قول الله تعالى فالذین آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم
المقصود بأمة محمد الله الذين آمنوا به وعزروه و نصروه واتبعوا النور الذى أنزل الذين يستحقون أن يُضافوا إليه ويتشرفوا بالانتساب له والاندراج تحت لوائه
الإجابة
المفلحون
معه
وهم
وهم
أمة
أما غير المسلمين في عصره وبعد عصره فلا يستحقون الانتساب إليه ولا يجوز تكريمهم
٨٥ سورة الأعراف - آية ٤٠
٢٠٦
بإضافتهم إليه ولم يضفهم الرسول الله إليه حينما تحدث عن أمته قال كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى
أمة ولكنهم يعتبرون من الدعوة حيث شاهدوا أنواره وأنوار ما جاء به فأعرضوا عن الحق واستكفوا عن اتباعه ومن هنا عبر عنهم الرسول مع الله باسم الأمة ولم يعبر عنهم بأمتى فقال
ه والذي نفسي بيده لا يسمع بي
جئت به إلا حرم الله عليه الجنة
أحد
من هذه الأمة
يهودى أو نصرانى ثم لا يؤمن بالذى
قسمى اليهود والنصارى أمة ولم يقل من أمتى يهوديا أو نصرانياً
ومن هنا فإن الفرق واضح بين ا
في تفسير قوله تعالى
أمة
محمد - - أى من آمن به - وغيرها من الأمم ممن لا يؤمن
وقطَّعناهم اثنتى عشرة أسباطاً أمماً وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً ٨٦
أما قوله تعالى وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطاً أمماً فإنه خبر عن بني إسرائيل يقول الله
أما
تعالى فيه إنه سبحانه صيرهم اثنتى عشرة قبيلة فأصبحوا في تفرقهم وتعددهم كالأمم هذا العدد بالذات فإنه يرجع إلى أن أولاد يعقوب عليه السلام كانوا اثنى عشر ولداً فكانت القبائل اثنتي عشرة قبيلة كل واحدة منها تنتمى إلى واحد منهم
في قول الله تعالى
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ۸۷
ويقول الله سبحانه في تعريف المؤمنين
إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى
ربهم يتوكلون
٨٦ سورة الأعراف آية ١٦٠
۸۷ سورة الأعراف آية ٢٠٤
يوم
عاصف أما مثل الدين بالنسبة لما وراء الطبيعة فإنه المركب إنه السفينة الأمينة لقطع البحر ويسألون جميعًا على أنه لو كان قد نزل دين يحدد هذا الأمر فإنهم كانوا يستجيبون إليه ويؤمنون به ويستسلمون وتهدأ نفوسهم فيما يتعلق بهذا الأمر ولا جدال في أن العقل في محيط ماوراء الطبيعة لوح من خشب لقطع البحر ولكنه في حقيقة
الأمر لوح من خشب في كل علم نظرى لا مجال للتجربة ولا للملاحظة فيه وخذ أى مادة من المواد النظرية خذ ماوراء الطبيعة وخذ الأخلاق وخذ التشريع خذ هذه النواحى الكثيرة المتعددة التي سميت بأسماء علوم مختلفة وهى كلها نظرية - فإنك ستجد العقل دائما هو لوح الخشب الذي لا يتلقى أن يقطع به الإنسان البحر مها احترس ومها كان يحاول أن ينجو بهذا اللوح والفلسفة فيما يتعلق بالعالم الحديث وكل فلاسفة العصر الحديث مختلفون على أنفسهم ليس بينهم فيلسوف واحد يتفق مع الآخر وإلا لما كان في حاجة أن ينشيء فلسفة جديدة لو اتفق مع زميله ومعنى الفلسفة أنها ابتداع دين بجوار الدين أو عقيدة بجوار عقيدة كذلك الأمر فيما يتعلق
بالأخلاق
إنها على هذا النسق وكذلك الأمر فيما يتعلق بالتشريع إنه على هذا النسق
وإذا ترك التشريع للعقل فسيكون هناك الاختلاف وإذا ترك ماوراء الطبيعة للعقل فسيكون هناك الاختلاف أيضًا والمخرج أن نصدر في كل هذه الأمور عن الدين ولا مجال لرأى آخر إذا
أخلصنا لابد من
أن نعتمد في المجالات الثلاث
مجال ماوراء الطبيعة
مجال الأخلاق
مجال التشريع على الدين
هذه المجالات ثابتة فى الدين مستمرة لاتقبل التطور
مجال العقيدة لا يقبل التطور العقيدة هى هى لا تختلف العقيدة الدينية الإسلامية من بيئة إلى أخرى ولا من قطر إلى آخر ولا من زمن لزمن ولا من مكان لمكان ولا تختلف الأخلاق الإسلامية أيضًا من بيئة إلى أخرى ولا من مكان لمكان ولا من زمن لزمن فهى هي
أما فيما يتعلق بالتشريع فإن كثيرًا من الناس يعتقدون أن التشريع الإسلامي متطور ولكن التشريع مبادئ ووسائل قد يترك الإسلام بعض الوسائل غير محددة ويتركها للزمن ولكن المبادئ أو الغايات هي هي
۰۷
والأمر بالاستماع والإنصات اللذين تفيض بسببها رحمة الله على السامع المنصت إنما كان من أجل التدبر للمعانى الكريمة التى انطوت عليها الآيات القرآنية ومن أجل الاتعاظ بها والتزام الحدود التي سنتها والقواعد التي أتت بها وهى لكل ذلك إذا تليت على المؤمنين زادتهم إيماناً
وكلام الله سبحانه وتعالى له أثره الطيب فى إثارة خشية الله عند المؤمنين الصادقين يقول الله سبحانه الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشاء والله سبحانه وتعالى يبين أن الخشية تتحقق عند المؤمنين الصادقين نتيجة لتلاوة القرآن أو سماعه حتى إنه لو نزل القرآن على جبل لتمثل فيه الخشوع بل يصل الخشوع به إلى درجة التصدع يقول سبحانه لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون فالواجب إذن التزام الهدوء والصمت مع التدبر والتأمل ومما لا شك فيه أن الله سبحانه أعظم من كل ما سواه وأننا في جو القرآن إنما نكون في جو إلهي أى أننا - قارئين أو مستمعين - إنما نتاجى الله سبحانه أو ننصت إليه فالواجب ألا يكون تأثرنا بغيره وألا يكون انتباهنا إلى ما سواه ولا بأس من أن ينطق الإنسان مختاراً أو مضطرًا عندما يمتلئ قلبه بمعنى من المعانى فى سموه وجلاله أو بكيفية من كيفيات الأداء التي تناسب المعنى لا بأس بأن ينطق متفاعلا مع الجو القرآنى بسبحان الله أو جل جلال الله أو سبحان من هذا كلامه أو أستغفر الله أو تبت إلى الله أو اللهم قني عذابك أو اللهم أفض على من رحمتك
وقد كان الرسول عل يفعل ذلك
ذلك هو موقف المؤمنين عند تلاوة القرآن أو عند سماعه
في تفسير قول الله تعالى
إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى
ربهم يتوكلون ۸۸
۸۸ سورة الأنفال - آية
۰۸
فلا ينبغى للمستمع ولا يجوز للمستمعين ارتفاع الأصوات وإحداث الصخب عند تلاوة القرآن ولا يتأتى لهم إلا الصمت والهدوء والسكينة ليزدادوا إيماناً وتخشع قلوبهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله يقول سبحانه الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشاء فإذا ازداد إيمان السامع للقرآن حينما يتلى واقشعر جلده ولان قلبه واستجابت أعضاؤه لذكر الله لا يجد مجالا للصباح ولا لكلمات الاستحسان بل تنهمر دموعه ويحسن الاستماع والاستجابة لكل ما يتلى يقول تعالى
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون
وكما يجب على السامع هذا فإنه يجب على القارئ أيضاً أن يعلم أنه حينما يجلس للقراءة فإنه يناجي الله تعالى بكلامه فيحسن الجلوس بين يديه ويتلو كتاب الله وعليه السكينة والوقار الذي يناسب جلال الله وعظمته فإن ما يتلوه حجة عليه وله فلا أقل من أن يفر من أن يكون عليه ليكون له وليكون بحسن أدائه وخشوعه حالة قراءته مع السفرة الكرام البررة قال صلوات الله وسلامه عليه الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة وقال الله اقرءوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا
وسائل النصر في القرآن الكريم رسمها الله سبحانه في عبارة موجزة بقوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ۸۹
وهذه الآية الكريمة صريحة في القوة المادية إنها تعنى أعدوا لهم القوة المادية البحرية من
مدرعات ومدمرات
وأعدوا لهم القوة البرية من مدافع ودبابات
وأعدوا لهم القوة الجوية بكل ما تستطيعون من قوة هذا من الناحية المادية والآية الكريمة صريحة أيضاً فى الإعداد المعنوى وقد كان رسول الله الله يقوم في هذا الإعداد المعنوى
بأمرين
الأول بعث الثقة بالتفاؤل في نفوس المؤمنين
۸۹ سورة الأنفال - آية ٦٠
والثاني رعاية وتدبير يفتان في عضد الأعداء ويخز لانهم ما أمكن ذلك فوسائل النصر هي الإعداد المادى والإعداد المعنوى والتدبير المحكم لتوهين الأعداء
في تفسير قول الله تعالى
يأيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ٩٠
يروى الإمام البخاري بسنده عن ابن عباس رضی الله عنه قال لما نزلت إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين شق ذلك على المسلمين حين فرض عليهم ألا يفر واحد من عشرة فجاء التخفيف فقال الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين قال فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر ما خفف عنهم أي أن ترتيب الحكم سار على ترتيب الآيتين وكان المسلمون في أول أمرهم قليلى العدد والمشركون كثيرى العدد فكان على المسلم أن يصمد لعشرة من الكفار - ثم كثر عدد المسلمين وتعددت تبعاتهم وخفف الله الشديدة في الجهاد فأصبح الفرض على المسلم أن يصمد لاثنين من الكفار ولو صمد لأكثر زاد ثوابه وهكذا وذلك ليتأتى الجهاد لأكبر عدد ممكن من المسلمين وتتوزع تبعاته عليهم وفي الآيات الأمر بالحض على القتال والتعبئة الروحية والنفسية للمقاتلين ليكون قتالهم عن عقيدة وبيان أثر الدعاية والتعبئة في الحروب
عنهم
هذه المسئولية
وفيها التذكير بصمود السابقين حيث كان الفرض عليهم أن يصمد الواحد منهم لعشرة من وقد قاموا بذلك الفرض فصمد الواحد منهم لأكثر من عشرة كما في غزوة مؤتة
الكفار
وغيرها من الغزوات
وفيها أن الصبر أساس النصر الصبر على أعباء القتال وعلى ما ينتج عنه من خسائر
والصبر في مواجهة دعايات الأعداء
۹۰ سورة الأنفال - آية ٦٥
٢١٠
في سورة براءة والبسملة
تسمى هذه السورة الكريمة سورة العذاب لأن العذاب - عقاباً للمنافقين والمشركين - قد ذكر فيها كثيراً وتسمى المبعثرة لأنها بعثرت أى أظهرت وكشفت أسرار المنافقين وعوراتهم وتسمى المدمومة أى المهلكة للمنافقين ومن لف لفهم وفى القرآن الكريم يقول الله تعالى عن الجاحدين المنكرين من ثمود حينما كذبوا صالحا وكفروا برسالته
فدمدم عليهم ربهم بذنبهم أي أهلكهم بسبب ذنوبهم وتسمى أيضاً المخزية لأنها بكشف أسرار المنافقين قد أخزتهم ولها أسماء أخرى تنحو هذا النحو من بيان أمر المنافقين حتى لقد فضحهم فى سفور لا لبس فيه
بیسم
وموضوعها إذن لا يتناسب هو والرحمة أو الرأفة ومن أجل ذلك لم يبدأها الله سبحانه
الله الرحمن الرحيم
وهل يرى المفسرون هذا التعليق
لقد عبر عن ذلك أسلافنا رضوان الله عليهم خير تعبير
بروى صاحب محاسن التأويل وروى الحاكم فى المستدرك عن ابن عباس قال سألت على ابن أبي طالب لم لم تكتب في براءة البسملة
قال لأنها أمان وبراءة نزلت بالسيف أى فنزولها لرفع الأمان الذي يأبي مقامه التصدير بما
يشعر ببقائه من ذكر اسمه تعالى مشفوعاً بوصف الرحمة ولذا قال ابن عيينة اسم الله سلام وأمان فلا يكتب فى النبذ والمحاربة قال الله تعالى ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً قيل له فإن النبي ع قد كتب إلى أهل الحرب البسملة قال إنما ذلك ابتداء منه يدعوهم ولم ينبذ إليهم ألا تراه يقول سلام على من اتبع الهدى و فمن دعا إلى الله عز وجل ودعى إلى الجزية فأجاب فقد اتبع الهدى فظهر الفرق وكذا قال اليهود إن التسمية افتتاح للخير وأول هذه السورة وعيد ونقض عهود فلذلك لم
تفتح بالتسمية
۱۱
في تفسير أول سورة التوبة
إن رسول الله لم يأمر بكتابة البسملة فى أول سورة التوبة لأنه لم ينزل عليه وحى
بذلك
والحكمة فى أن الله سبحانه وتعالى لم ينزل الوحى بكتابة البسملة هي كما رواه الحاكم عن رسول الله بما أن البسملة أمان وسورة التوبة نزلت لرفع الأمان وقد نزلت سورة التوبة لنقض عهد الكفار وفضيحة المنافقين الذين هم أخطر على الإسلام من الكفار الظاهر كفرهم فهي سورة عذاب والبسملة رحمة ولا تجتمع رحمة مع عذاب وسورة التوبة تسمى السورة الفاضحة لفضيحة المنافقين بها وسورة العذاب وكل ذلك يتنافى ما تشعره البسملة من الرحمة ولذلك لم تكتب في أولها مع
في حكم التشاؤم
نهى القرآن الكريم عن التشاؤم وبين أن الشؤم من التشاؤم حيث حكى عن رسل المسيح عليه السلام في سورة يس ردًّا على المتشائمين قالوا طائركم معكم
وقال لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر
فقد كان الناس يتطيرون ويتشاءمون إذ كانوا يخرجون الطير فإن طار إلى الشمال تشاءموا وإن طار إلى اليمين تيامنوا وكانوا يتشاءمون من شهر صفر فعقد القران فى أى شهر وفى أى يوم جائز لاكراهة فيه ولا حرمة فهذا الاعتقاد لا أصل له فى الدين بل هو من قبيل الخرافات التي يجب أن تحارب
لأن من حرم ما أحل الله أو أحل ما حرم الله خرج عن الدين لأن التحريم والتحليل المرجع فيه إلى الكتاب والسنة وعلى الأئمة العلماء البيان فقط ولقد ضرب الله مثلا لنا في ذلك عن أعمال الكفار حيث كانوا يحلون ويحرمون بعض الشهور حيث قال الله تعالى يحذرنا من الوقوع فيما وقعوا فيه إنما النَّسي زيادة في الكفر يُضَلُّ به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة
۱
ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدى القوم الكافرين
في تفسير قول الله تعالى
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ۹
۹۱
الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة ذكرت فضل الجهاد في سبيل الله وبينت فضل الشهداء وما لهم من المنازل والدرجات عند ربهم لم تفرق بين شهيد في عصر النبوة وشهيد متأخر
عن ذلك العصر
والآية الكريمة التي تقرر تلك الصفة الإلهية الرابحة التي عقدها الله تعالى مع المقاتلين في سبيل الله الذين يَقْتُلُون ويُقتلون فاشترى منهم ربهم عز وجل أنفسهم وأموالهم وباعهم الجنة لم تفرق
بين شهيد مع رسول الله وشهيد لم ينل شرف الصحبة لرسول الله يقول تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتُلُون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومَن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم وآيات سورة آل عمران التي تبين أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون وأنهم فَرِحُون بما حباهم
ربهم
به ربهم من النعم عامة شاملة لشهداء عصر النبوة وما بعده من عصور فقال تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند يُرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقد يكون في سبب نزول هذه الآيات الكريمة ما يؤكد أن هذا الفضل عام بالشهداء في كل العصور وليبقى الحافز على الدفاع عن الدين والاستشهاد في سبيل عزة الإسلام ودفع العدوان عن أرضه وحماه
فإن المجاهد في سبيل الله يبذل دمه وماله ويصد العدوان عن أرضه ودينه لعلمه بأن ما عند الله للشهيد خير وأبقى
ومما ذكره القرطبي في سبب نزول هذه الآيات قوله وفى مصنف أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله لما أصيب إخوانهم بأحد جعل الله
۹۱ سورة التوبة - آية ۳۷ ۹ سورة التوبة - آية ۱۱۱
خطایای فقال رسول الله و نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لى ذلك
وبين فضل الله سبحانه على المجاهد في سبيله الذى يخلص النية ويصدق في عزمه في طلب الشهادة له أنه يعطيه درجة الشهيد وإن مات على فراشه
فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله الا الله من طلب الشهادة صادقاً أعطيها
ولو لم تصبه
وعن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف حدثه عن أبيه عن جده أن النبي ع قال من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه أما من يخرج مع مقاتلا في صفوفهم رياة وسمعة أو لغرض دنيوى فلاحظ له في نيل فضل الشهيد وإن
المجاهدين
قتل
فقد جاء في صحيح مسلم عن ا أبي موسى الأشعرى أن رجلا أعرابيا أتى النبي فقال يا رسول الله الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل ليذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله فقال رسول الله الا من قاتل لتكون كلمة الله أعلى فهو في سبيل الله وعن أبي موسى قال سُئل رسول الله الله عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حجة ويقاتل رباء أى ذلك في سبيل الله فقال رسول الله من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله وقال الله من قُتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومَن قتل دون عرضه فهو
شهید
وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله الله يقول إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأوتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال فيم عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يُقال جرىء فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال فيم عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ورجل وسع الله عليه وأعطاه أصناف المال كله فأتى من به فعرفه نعمه فعرفها قال فيم عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقى في النار
٢١٥
أما
وحمل
ومن هنا يتضح أن الكرامة التي أعدها الله للشهيد والفضل الذي خصه الله به متوقف على صدق النية والإخلاص لله والهدف الذى قاتل وقُتل من أجله يستوى في ذلك الشهيد في عصر النبوة والشهيد بعد ذلك العصر فضل الصحبة الرسول الله الله فتلك درجة لم ينلها إلا من شرف بصحبته لرسول الله معه العبء الأكبر فى نشر الدعوة والذود عنها والتمكين لها فجر مطلعها فقد كانوا رضی الله عنهم رهبان الليل فرسان النهار وحسبهم ما قاله القرآن الكريم في شأنهم محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكَّعاً سُجَّداً يبتغون فضلا ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً
الله من
وقال فيهم رسول الله علال و أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم صلى الله وسلم وبارك على رسول الله ورضى عن صحابته ومتبعيهم إلى يوم الدين
في تفسير قول الله تعالى وعلى الثلاثة الذين خُلّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أ وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم
أنفسهم
۹۳
نزلت هذه الآية فى المتخلفين عن الرسول ع لعل الله في غزوة تبوك وهى غزوة ندب الرسول إليها كل قادر وبذل فيها الصادقون ما يستطيعون ولم يتخلف منها أحد ممن يستطيع الجهاد
إلا قليلون قال ابن كثير جـ ٤ ص ٥ كان المتخلفون من غزوة تبوك أربعة أقسام مأمورون - مأجورون كعلى بن أبى طالب ومحمد بن مسلمة وابن أم كلثوم ومعذورون وهم الضعفاء المرضى والمقلون الذين لم يجد الرسول ما يحملهم عليه فرجعوا باكين لعدم الخروج
و عصاة مذنبون وهم الثلاثة أى كعب بن مالك وصاحبيه وأبولبابة وأصحابه وكانوا
عشرة
۹۳ سورة التوبة - آية ۱۱۸
٢١٦
وهذه الآية نزلت في أبي لبابة وأصحابه فيما قاله المفسرون وما رواه أصحاب السير لقد ربطوا أنفسهم بسوارى أعمدة المسجد وقالوا لن نترك مكاننا حتى يطلقنا رسول الله فلما علم الرسول بذلك قال وأنا والله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله عز وجل هو الذى يطلقهم رغبوا عنى وتخلفوا عن المسلمين فأنزل الله تعالى وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم وعسى من الله لتحقق الوقوع فأطلق الرسول سراحهم وعذرهم فجاءوا بأموالهم فقالوا يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا فقال ما أمرت أن آخذ أموالكم فأنزل الله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها إلخ فقبل منهم بعض أموالهم ومن المعلوم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فالمتصدق عند التوبة من الذنب لقبول التوبة وسيلة للتطهير من الآثام والذنوب
في تفسير الآية
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رعوف رحيم ١٤
الخطاب في الآية للعالم كله - فيكون المراد بقوله تعالى من أنفسكم أى من جنسكم
وأصلكم بشراً مثلكم تفهمون عنه وهو ما يتناسب وعموم الدين وشمول الرسالة ويتضح هذا الرأى في قراءة عبد الله بن قسبط المكي من أنفسهم أى من أشرفكم نسباً وأكرمكم حسباً وهو ما قامت عليه الأدلة وشهدت به الوقائع
والآية مدنية بلا خلاف وهى من أواخر آيات القرآن نزولا وتفسير الآية على العموم هو أن الله من على العالم عامة وعلى العرب خاصة - بإرساله إليهم رسولا منهم يعرفونه ويرون من ملامح حياته الخاصة والعامة ما يقطع بصدقه ومن أهم صفاته وأظهر خصائصه رغبته الشديدة في تخليص العالم من المشقة والعنت والهلاك بإخراجهم من ظلمات الكفر وشروره إلى صفاء الإسلام ونوره وحرصه الحريص على الوصول بالبشرية إلى بر الأمان فى رضا الله وطاعته وعبادته حق
عبادة
وهذا الحرص على إسعاد الآخرين والأسى الشديد عليهم إذا لم يخرجوا عن غيهم وما هم عليه من ضلال فإنما يدل على رحمة شاملة ورأفة متأصلة تزداد عمقاً وتقوى وأصالة بالنسبة ٩٤ سورة التوبة - آية ۱۸
٢٤
مثلا مبدأ الشورى لم يحدد وسيلته الإسلام أى أن الشورى نفسها مبدأ إسلامي ثابت ووسيلة الشورى لم يحددها الإسلام وتركها للبيئات وتركها للأزمان يحددونها عن طريق البرلمان عن طريقة أخرى يحددونها كيفما شاءوا
لكن الغايات النهايات المبادئ القواعد إنها ثابتة ويتساءل كثير من الناس وما شأن
الاجتهاد إذن إن المجتهدين في الإسلام كثيرون فما شأن الأجتهاد فى الدين إذن والواقع أن هذا الجانب يضلّ فيه كثير من الناس أو يزل فيه كثير من الناس
الاجتهاد في الإسلام معناه أن يحاول المجتهد ما استطاع وأن يحاول ما أمكنه أن يربط بين حادثة حدثت جديدة وبين قاعدة إسلامية موجودة أو أن يدخل في نطاق قاعدة إسلامية عامة حادثة من الحوادث التي حدثت جديدة فليس الاجتهاد إذن ابتداعًا أو اختراعاً أو تطورًا وليس فيه شيء من هذا القبيل وإنما هو محاولة جديدة كادحة دائبة مستمرة للوصول إلى ما كان عليه الرسول لو كان الرسول موجودا
وإذا صح الحديث فهو مذهبي قاعدة تنقض كل شبهة من الشبهات التي ترمى إلى أن الاجتهاد إنما هو ابتداع أو هو اختراع أوهو شيء من هذا القبيل ليس إذن في الجانب الإسلامي تطور أقول هذا لأنه أخطر الأمور على العقيدة الإسلامية وعلى الجو من الإسلامي الفكرة التي تسود في كثير من الأوساط وهى سائدة في الثقافة الأوربية الآن أعنى فكرة التطور وفكرة التطور تتناسب الثقافة في أوربا مع
والثقافة في أوربا - الثقافة النظرية - التي لا تتصل بالتجربة أو بالملاحظة الثقافة النظرية في أوربا متطورة وهذا حقيقى متطورة لأنها بشرية وكل ماهو بشرى من نتاج العقل البشرى فإنما هو نسبي وهو إذن متطور وقد يكون هذا التطور تطورًا إلى القديم لا تطورا إلى شيء جديد يعنى مثلا مذهب الوجودية الحالى الذى يقال إنه مذهب جديد كل الجدة إنما هو مذهب السفسطائية القديم لا أكثر ولا أقل - إنه المذهب الذى يرى أنه ليس هناك حقيقة مطلقة وإنما الإنسان يكيف نفسه ويكون نفسه ويوجه نفسه
وهو ليس في هذا إلا فردا من الأفراد له رأيه الخاص لذلك لا يسرى رأيه على الآخرين لأنه ليست هناك حقائق مطلقة فهو عودة إلى المذهب القديم - مذهب السفسطائية القديم - المذهب الذي لفظته كل الهيئات السليمة إنه عودة إلى مذهب تلفظه كل البيئات السليمة ومذهب الوجودية في الحقيقة والواقع لا يسود إلا في البيئات المريضة التي لاترى وزنا للقيم
۱۷
للمؤمنين حيث يغذيها الحب ويغمرها الإخاء
وفي الآية تشريف للرسول الله وتكريم للمؤمنين وتبكيت للكافرين
ولقد كان الرسول حريصاً على هداية الإنسانية حزيناً لما سيصيب الكافرين نتيجة
البغي والعناد ويمثل لنا ذلك قوله تعالى فلعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا
إن عليك إلا البلاغ أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين
في تفسير قوله تعالى
الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت
من
لدن حكيم خبير
وقوله تعالى هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ٩٥
ذلك أن المعنى في الآية الأولى أن القرآن الكريم كتاب محكم في نفسه كما تتحدث آية أخرى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد
إنه محكم في نفسه وهو محكم عند الله سبحانه وهو محكم عند الراسخين في العلم ومعنى محكم هنا أنه حق واضح مترابط بين الدلالة صادق الحجة فكل آياته محكمة إحكاماً إلهيا كاملا
أما بالنسبة لعامة الناس فإن القرآن ينقسم إلى قسمين قسم مفهوم واضح هو ما يتعلق بالدين بمعناه العام عقيدة وأخلاقاً وتشريعاً
وعبر عن هذا القسم بأنه محكم لوضوحه وقسم يتعلق بذات الله وصفاته لا يعلم تأويله وتفسيره إلا الله والراسخون فى العلم
أما العامة فإن مستواهم الروحي لا يرقى إلى فهمه
وعبر عن هذا القسم بالمتشابه أى أنه غير واضح بالنسبة للعامة من الناس وهو من ذلك محكم في نفسه محكم عند الله ومحكم عند الراسخين في العلم
٩٥ الآية الأولى من سورة هود أما الأخرى فمن سورة آل عمران آية ۷
۱۸
في تفسير قول الله تعالى
مبين
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب
٩٦
يقول الله تعالى وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويقول سبحانه وفى السماء رزقكم وما توعدون ويقسم سبحانه على ذلك نظراً لضعف الإنسان وقلقه فيما يتعلق بالرزق فيقول تعالى فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون المبادئ الدينية المقررة أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق من كل ذلك نتبين ومن الإجابة على هذا السؤال فيما يتعلق بالأجير وفيما يتعلق بالكتاب وهو وجوب أ أداء الصلاة برغم كل الظروف فى أول الوقت أو فى منتصفه أو قرب نهايته إذا لم يكن بد من هذا ولتكن النتيجة
هذا
ما تكون ومن اتجه إلى الله فإن الله لا يضيعه أما السيدة التي عليها أيام من رمضان فإنها أدرى بحالتها الصحية هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الفيصل بينها وبين زوجها إنما هو رأى الطبيب وليس لزوجها أن يمنعها فإذا تأكدت من نفسها أو من رأى الطبيب تأكداً تاما أن حالتها تسمح فعليها القضاء ودين الله أسمى من أن أن من ينحرف مع انحراف الطبائع
يخضع لنزوات زوج
في قول الله تعالى
وأعلى
وأما الذين سُعِدُوا ففى الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء
غير مجذوذ ۹۷
هذه الآية واردة في مقابلة الآية التى وردت فى عذاب من كفروا بالله تعالى وكذبوا رسله وهى قوله تعالى فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها مادامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعّال لما يريد
وهى تنص على أن الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر هم ا
٩٦ سورة هود - آية ٦ ۹۷ سورة هود - آية ۱۰۸
السعداء عند
۱۹
الله عز وجل وأنهم ماكثون فى الجنة خالدون فيها لا تنقطع سعادتهم ولا يفنى نعيمهم أما قوله تعالى ما دامت السموات والأرض فإنه مثل أريد به تأييد خلود المؤمنين في الجنة وأنهم لن يفوتهم وقت من الأوقات إلا وهم مستمتعون فيه بنعيم الله في جنته وليس المراد به الاستثناء وذلك كقول العربي مثلا سأفعل كذا ما لاح كوكب أو ما أضاء فجر ومعناه أنه لن يترك فعل ذلك الشيء أبداً وليس معناه يفعله كلما لاح كوكب أو أضاء فجر وأنه يترك فعله في
غير ذلك كلا
وأن قوله تعالى عطاة غير مجذوذ يؤيد هذا التفسير فإن معناه عطاء من الله تعالى لا يفنى ولا يبيد والآيات فى القرآن كثيرة مستفيضة فى تأييد هذا المعنى وفى إثباته
في إن فعل الخيرات يذهب السيئات بدليل قول الله سبحانه وتعالى وأقم الصلاة طرفى النهار وزُلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى
للذاكرين
•94
إن الطريق الشرعى الذي رسمه الله سبحانه وتعالى هو أنه إذا اتجه الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى فإن الخطوة الأولى إنما هى التوبة الخالصة النصوح وكيفية التوبة الخالصة النصوح بينها الإمام النووى فيقول
فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمى فلها ثلاثة شروط أحدها أن يقلع عن المعصية والثانى أن يندم على فعلها والثالث أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته وإن كانت المعصية تتعلق بآدمى فشروطها أربعة هذه الثلاثة وأن يبرأ من حق صاحبها فإن كانت مالا أو نحوه ردّه إليه وإن كان حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه وإن كان غيبة
استحله منها
وقد فتح الله باب التوبة على مصراعيه وفتح أبواب رحمته لكل من يتجه إليه يقول
سبحانه
قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب
جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ۹۹
۹۸ سورة هود - آية ١١٤
۹۹ سورة الزمر - آية ٥٣
۰
ويقول سبحانه في حديث قدسي وفى دقة دقيقة داعياً إليه عباده و يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم فالتوبة هى الخطوة الأولى لمن أتى من المعاصى ويأتى معها وبعدها فعل الخيرات فيكون إن
شاء الله العفو والمغفرة والرحمة ويقول الله تعالى
إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً
ويقول صلوات الله وسلامه عليه
إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها
هذا وإن ارتكاب كثير من المعاصى فإن فعل الخيرات مكفر لها بشرط الإقلاع عن الذنب والندم على ما فات والعزم على أن لا يعود إليه أبداً فإن تحقق منه ذلك فلا شك أن فعل الخيرات يكفر ما ارتكبه من معاصى وصدق الله العظيم إذ يقول
إن الحسنات يذهبن السيئات فالتوبة الصادقة والعمل الصالح يبدل الله بذلك سيئاتهم حسنات ويغفر ما تقدم من ذنب ومما لا شك فيه أن باب الله
مفتوح
للتائبين والله يحب التوابين
في قصة يوسف عليه السلام
إن الآيات القرآنية الخاصة بهذا الموضوع تتسلسل فى معناها على الوضع التالى لقد عبر يوسف عليه السلام رؤيا الملك واقتنع الملك بأن هذا التعبير هو الصواب فقال انتونی به فلما جاءه رسول الملك يدعوه لمقابلته أحب يوسف أن يلقى الملك وهو برىء من كل شبهة فحمل الرسول رسالة الملك قائلا
ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ورجع الرسول إلى الملك وبلغه الرسالة فجمع الملك النسوة وسألهن
ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه
فرد النسوة قائلات
حاش لله ما علمنا عليه من سوء
۱
وكانت امرأة العزيز حاضرة حينئذ فقالت الآن حصحص الحق – أي تبين الحق وظهر وبرز - ثم اعترفت قائلة أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين وهذا الاعتراف منها عللته بقولها ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب أي ليعلم زوجها الحقيقة أن المسألة وهي لم تكن إلا مراودة وأن الجريمة الكبرى لم تقع ثم استمرت تقول وما أبرئ نفسى فإنها قد تمنت وأحبت وأرادت والنفس دائماً أمارة بالسوء إلا من عصم الله وما أبرئ نفسى إن النفس الأمارة بالسوء إلا مارحم ربى إن ربي غفور
رحيم
كل هذا كان بحضرة الملك ولم يكن يوسف إذ ذاك حاضراً وإنما أحضره الملك بعد ذلك أمراً من جديد التونى به أستخلصه لنفسى وكلمة أستخلصه لنفسى تدل دلالة واضحة على أن اقتنع اقتناعاً تاماً ببراءة يوسف عليه السلام فالآيات المسئول عنها من كلام امرأة العزيز وليست من كلام يوسف عليه السلام كما
الملك
أوضحنا
في تفسير قوله تعالى
وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم
۱۰۰
وهذه الآية نص صريح فى أن كتاب كل رسول الذى نزل عليه كان بلسان قومه فالتوراة والإنجيل والزبور كانت بلسان من نزلت إليهم وكان هذا اللسان هو اللسان العبري أو اللغة
العبرية
ولقد كانت تكتب تلك الكتب كالقرآن وقد وردت النصوص التي تثبت ذلك فموسى عليه السلام يقول الله تعالى عنه
وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخُذها بقوة وأمر قومك
يأخذوا بأحسنها ١٠١
وعن التوراة يقول تعالى
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين إلخ
۱۰۰ سورة إبراهيم - آية ٤ ۱۰۱ سورة الأعراف آية ٤٥
وعن الإنجيل يقول تعالى
وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى
ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين
وعن الزبور يقول تعالى
ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون فالتوراة والإنجيل والزبور كانت تكتب كالقرآن ونزلت بلغات أهلها وهى العبرية
ومن المعلوم أن اللغة العبرية لغة بنى إسرائيل تخالف اللغة العربية في حروفها وتختلف عنها في
طريقة كتابتها
ولا يفوتنا أن نذكر هنا ما يقوله تعالى مخاطبا رسول الله
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه
في تفسير قوله تعالى والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ١٠٢
هذه آية من سورة النحل ذكرها الله تعالى في تعداد نعمه على عباده ونذكر أولا مفرداتها التي هي في حاجة إلى بيان
الظلال
جمع ظل وهو ما يقى الإنسان من حر الشمس والأكنان جمع كن وهو وقاء كل شيء وستره
والسرابيل جمع سريال وهو ما يستر الإنسان
والبأس شدة الحرب
والمعنى والله سبحانه وتعالى جعل من النعم التي أسبغها على عباده ما يستظلون به من شدة الحر من الغمام والجبال والأشجار والبيوت وغيرها مما يستظل به من حر الشمس ولفحها لولا ذلك لأهلكت الشمس الآدميين
وكذلك من نعم الله سبحانه أن جعل لهم من الجبال أماكن يسكنون فيها ويستكتون ويستترون
۱۰ سورة العمل - آية ۸۱
۳
كالكهوف والمغاور والأسراب والحصون والمعاقل التى يسترون فيها الأعداء ويعتصمون بها من كل
ما يقصدهم بشر أو يريدهم بسوء ه أيضاً أن ومن
نعمه
جعل لهم مما خلق ثياباً من القطن والصوف والكتان والحرير ونحو ذلك
يحفظهم من الحر اللافح وتدفع عنهم البرد القارس الذى يضر بأجسامهم ويقلل من إنتاجهم وكذلك جعل لهم مما خلق دروعاً يلبسونها ويستترون بها فتدفع عنهم قذائف العدو ورماحه عند شدة الحرب والتحام الجيش مثل هذا الإنعام الكبير الذى أنعم الله به عليكم أيها الآدميون إنما جعله لكم ليتم نعمته عليكم فتشكروه عليها وتسلموا وجوهكم له وتبتعدون عن الشرك وعبادة غيره لأن من أنعم بهذا النعم الكبرى حقيق بأن يعبد وحده ولا يشرك بعبادته مع غيره
في تفسير قول الله تعالى ومنكم من يُردّ إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئاً ١٠٣
كان الرسول يستعيذ بالله ويقول وأعوذ بك من أرذل العمر فما معنى هذا وما ضرر العمر الطويل
أرذل العمر أردوه وهو الهرم والخرف ومعنى قوله تعالى ومنكم من يُردّ إلى أرذل العمر أى منكم من يبلغ من السن ما يتغير به عقله فلا يعقل شيئاً فيصير كما كان في أول طفولته ضعيف النية ساذج العقل قليل الفهم وهذه الحالة هى التى استعاذ منها رسول الله الا الله فالعمر الطويل بركة للصالحين وتكثير لثوابهم والعمر الذى انتهى بالإنسان إلى حالة يحتاج فيها إلى من يرشده ويهديه ويسوسه ويرعاه يصبح مفرغاً المشقة الكبيرة التي يسأل الإنسان ربه أن
على
من
ينجيه منها
منصب النبوة الشريف كما نعلم ومسئولياتها تتطلب من النبي الله أن يكون قادراً على إدارة شئون الدنيا وتحقيق مطالب الآخرة وذلك يحتاج إلى القوة البدنية والعقلية والهرم المرذول يمنع من ذلك ويجعل المرء عاجزاً حتى عن قيادة نفسه ومن هنا استعاذ منه الرسول الله وإن تقييد العمر بالأرذل يدل على أن من العمر الطويل ما هو خير وبركة ولا ينتهى بالإنسان إلى هذه الحالة المرذولة وهذا ما لم يستعذ منه رسول الله
۱۰۳ سورة النحل - آية ۷۰
٢٢٤
ثم إن أرذل العمر قد يحصل لمن هو صغير السن إذا ساء خلقه وفسد عمله أو صار كما يقول الفقهاء سفيهاً ولو كان في ريعان الشباب
ومن هنا فإن هذه الاستعاذة ليست استعاذة من طول العمر وإنما هى استعاذة من العمر الذي لا يكون فيه عمل صالح أو قدرة على أداء ما يجب وترك ما ينبغي أن يترك
في تفسير قول الله تعالى
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ١٠٤
كل ما هو عدل وإحسان وخير يأمر الله تعالى به وكل ما هو فاحشة ومنكر وإفساد ينهى عنه
سبحانه ومعاشرة الرجل لرجل مثله من الفواحش المنكرة التى لا يرتكبها إلا من انتكست فطرته وكان أخس من الحيوان فى طبعه لأن الحيوان لا يفعل ذلك ولا يأتيه ولقد انتشرت هذه الفاحشة في قوم فأرسل الله إليهم لوطاً عليه السلام ليحولهم عن هذه الفاحشة المنكرة ولكنهم أصروا على ارتكابهم لها فكان جزاؤهم أن أهلكهم الله بذنوبهم ونكس بيوتهم عليهم وذكر قصتهم في كثير من سور القرآن لتكون عظة وعبرة لأمثالهم قال تعالى في سورة الأعراف ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين وقد ذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أن اللائط يلقى من شاهق ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط وذهب آخرون من العلماء إلى أنه يرجم سواء كان محصناً أو غير محصن وهو أحد قولى الشافعي رحمه الله والحجة ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ه من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به وقال بعض الأئمة وهو قول آخر للشافعي رضى الله عنه إن حكمه حكم الزاني فإن كان أرجم وإن لم يكن محصناً جلد مائة جلدة وعلى الجملة فإن هذه الفاحشة من الكبائر التي
محصناً
١٠٤ سورة النحل - آية ۹۰
٢٢٥
يجب على مرتكبها أن يبادر إلى الإقلاع عنها والتوبة والرجوع إلى ربه والتكفير عن سيئاته قبل أن يأخذه الله كما أخذ قوم لوط بالعذاب الأليم فهو كافر لأنه أحل ما حرمه الله وأصبح معلوماً من الدين بالضرورة ونعوذ بالله من هذه الفاحشة التي تؤدى إلى العذاب الأليم
في تفسير قوله سبحانه
من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ١٠٥
هذه الآية ترغيب للمؤمنين في الإتيان بالأعمال الصالحة وبكل ما حث عليه الشرع من بر وإحسان وتشمل الذكر والأنثى وفى هذا دليل على مسئولية كل فرد من الرجل والمرأة عن عمله ومجازاة كل منهما بالجزاء الحسن على العمل الصالح بالمساواة والمراد بالحياة الطيبة هو الحياة التي ينعم فيها صاحبها بطيب العيش والهدوء والطمأنينة والاستقرار وعدم المخاوف والأحزان وهذه الحياة يرى جمهور المفسرين أنها فى الدنيا والدنيا وإن كانت لا تخلو من ببعض المنغصات إلا أن المؤمن يرزقه الله القناعة بما قسم الله له والرضا بما قرره وقضاه فيكون راضيا في حياته سعيدا بها منعماً فيها وذلك شأن كامل الإيمان والله سبحانه وتعالى يبين لنا أن التقوى سبب في إخراج الإنسان من كل مأزق ومن كل هم ومن كل ضيق وهي سبب في توافر الرزق وحصول الإنسان عليه من حيث لا يحتسب
فيقول سبحانه ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه والعمل الصالح مع الإيمان سبب فى السعادة فى الدنيا والسعادة في الآخرة
والسعادة في الدنيا هي ما عبر الله سبحانه وتعالى عنها بالحياة الطيبة
في سبيل الدعاة
يقول الله تعالى في كتابه الكريم مبيناً سبيل الدعاة وطريقهم
ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ۱۰
١٠٥ سورة النحل - آية ۹۷ ١٠٦ سورة النحل - آية ١٢٥
٢٢٦
وسبيل الداعي إلى الله سبحانه أن يكون عالماً بأمر الدعوة عقيدة وأخلاقاً وتشريعاً يقول الله تعالى في القرآن الكريم على لسان رسوله الكريم
أنا ومن اتبعنى
قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة والبصيرة في هذه الآية الكريمة تشمل الدعوة وأسلوب الدعوة وسبيل البصيرة في الدعوة العلم بها وسبيل البصيرة فى أسلوب الدعوة الرفق والاتزان وأخذ الأمور مأخذ الروية والتعقل وهذه الحكمة هی ثم الحديث الواعظ بأحسن الطرق والأساليب التي تأخذ بالقلوب وتتعلق بها الأسماع وهذه هي الموعظة الحسنة
وإذا اقتضت الظروف الجدل والنقاش واضطررت إليه اضطراراً فليكن بالحسنى والجدل والنقاش إنما هى المرتبة الثالثة فى الدعوة إلى الله وهى مرتبة لا يأتيها الإنسان إلا إذا اقتضت
الضرورة ذلك وهل في القرآن الكريم نهى صريح عن اتخاذ الأسلوب العنيف يقول الله تعالى للمؤمنين ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم وهذا نهى عن اتخاذ الأسلوب العنيف في الدعوة
ويقول الله تعالى لرسوله ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك وكل من خالف أوامر القرآن وأسلوب الرسول عليه والصلاة والسلام في الدعوة فهو آثم لأن كل دعوة في الإسلام على غير الوجه الذى أرشدنا الله ورسوله إليه تسيء إلى الإسلام أكثر مما تنفعه فهي دعوة ضارة بالإسلام ثم يأتى صاحبها ويمنع من الاستمرار فيها
في معنى قول الله تعالى
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ١٠٧
فالمسجد الأقصى موجود بنص تلك الآية الكريمة وكان مسرى رسول الله الله إليه وقد
تناولته أيدى الأمراء بعد الفتح الإسلامي بالتجديد تارة والزخرفة تارة أخرى وما ورد من أن الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان هو الذي بني المسجد الأقصى وأكمله من بعده الوليد صحيح
۱۰۷ الآية الأولى من سورة الإسراء
الأخلاقية ولا للدين ولا للحقائق المطلقة وترى أن الإنسان يكون نفسه من الألف إلى
الياء مستقلا عن التقاليد وعن الدين وعن كل شيء في المجتمع ونعود إلى فكرة التطور لقد نشأت مع دارون وكانت لها شهرة قوية فى أوساط أوربا وفي أوساط الشرق
ولكن هذه الفكرة نفسها - باعتراف كل العلماء - فيها الفجوات التي نجعلها ظنية لا يقينية إنها فكرة ظنية لم تصبح يقينا وكثير من العلماء هاجمها وعارضها وأقام الأدلة على انهيارها ذلك سارت في بعض الأوساط الشرقية وأصبحنا الآن - وهذا هو الخطر الذي نحذر - أصبحنا الآن نرى كتباً بأقلام المسلمين وبأقلام المفكرين الكبار تقول بفكرة التطور
ولكنها مع
منه -
وكأنها حقيقة موجودة
وما من شك في أن هناك التطور المادى لا ينكر ذلك أحد هناك تطور من الفحم إلى وابور الغاز إلى البوتاجاز وهناك التطور من السيارة إلى الطائرة هناك التطور المادى لا ينكر ذلك أحد إطلاقاً ولكن هذا التطور لا دخل له مطلقاً ولا شأن له مطلقا بتطور العقل من حيث هو عقل الإنسان
إن الإنسان من حيث هو الإنسان لم يتطور عقله من حيث هو عقل لم يكن مثلا عشر درجات ثم أصبح خمسين درجة أو ما شاكل ذلك
الإنسان لم يتطور إلى كائن آخر إنه لايزال هو الإنسان الذى وجد من عهد آدم إلى الآن ولكن من المؤسف أن بعض المفكرين فى الشرق يسيرون في الأمر وكأن التطور حقيقة واقعة وكأن التطور العقلى واقعة وكأنه يقين مطلق وفى هذا خطورة كبيرة
أضرب مثلا للخطورة حينما تدخل فكرة التطور في مسائل الدين و إن أحد كبار المفكرين الإسلاميين وله شهرة ذائعة في الجو الإسلامي حينما أراد أن يفسر القرآن وحين أراد أن يفسر قصة سيدنا آدم وخلق سيدنا آدم وأمر الله سبحانه وتعالى بالسجود وكان في ذهنه فكرة التطور وأن الانسانية بدأت بكذا وكذا وأن آدم ليس هو أول الإنسانية مباشرة يعنى أن الإنسانية لم تبدأ بآدم مباشرة كان في ذهنه كل ذلك فلما جاء يفسر القرآن ويفسر قصة آدم فسرها على أنها تصوير مجرد تصوير مجرد تمثيل مجرد قصة
مجرد قصة لماذا
مجرد تمثيل لماذا !
مجود تصویر لماذا
ليخرج من فكرة التطور وحتى لا يلتزم قضية أن آدم هو أول البشرية حقا أول البشرية
۷
ولعل بناءه له كان نتيجة حتمية لتجديده تجديداً يناسب ما للمسجد من مكانة سامية في نفوس المسلمين وغيرهم من الدول التى تتجه إليه وتستقبله في صلاتها ودعائها كاليهود والمسيحيين ولما لم يتم الملك بناءه أتمه من بعده ولده
وما نشر في الصحف أن من بعض الدول الإسلامية دول علمانية لا يغير من جوهر المسجد
الأقصى شيئاً
في قوله تعالى
وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنَّ في الأرض مرتين ولتعلُنَّ علوا كبيراً ١٠٨
المراد بالكتاب فى الآية الكريمة هو التوراة التي أنزلها الله تعالى على سيدنا موسى عليه السلام والمعنى كما يقول العلامة ابن كثير فى تفسيره يخبر الله تعالى أنه قضى إلى بني إسرائيل في الكتاب أي أخبرهم في الكتاب الذى أنزله عليهم أنهم سيفسدون فى الأرض مرتين ويعلون علوا كبيراً أى يتجبرون ويطيعون ويفجرون على الناس كقوله تعالى وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين أى أخبرناه بذلك وأعلمناه به
وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف فى هؤلاء الذين سلطهم الله على اليهود من هم وقد وردت فى ذلك روايات كثيرة يقول ابن كثير وفيما قص الله علينا في كتابه غنية عما سواه من بقية الكتب قبله ولم يحوجنا الله ولا رسوله إليهم وقد أخبر الله عنهم أنهم لما طغوا وبغوا سلط الله عليهم عدوهم فاستباح بيضتهم وسلك خلال بيوتهم وأذلهم وقهرهم جزاء وفاقاً وما ربك بظلام للعبيد إنهم كانوا تمردوا وقتلوا حلفاً من الأنبياء والعلماء وسواء أحدثت المرتان اللتان تشير إليهما الآية الكريمة أم حدثت أولاهما وبقيت الآخرة فإن الآية الكريمة تحدد وعبد الله لهم بأنهم إذا عادوا إلى الإفساد في الأرض عاد الله إلى التنكيل بهم على يد بعض عباده قال تعالى مختتماً هذه الآيات عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا
حصيرًا
جهنم
للكافرين
ومن المؤكد تاريخيا أنهم عادوا إلى الإفساد فى الأرض فسلط الله عليهم من نكل بهم وشردهم وأذاقهم وبال أمرهم ولا يغيب عن الأذهان ما حدث في النصف الأول من هذا القرن بهم وما يحدث من طرد العالم كله لهم ليستريح من شرهم وأخيراً وليس – بإذن الله آخراً ما حدث بهم ۱۰۸ سورة الإسراء - آية ٤
۹
به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذى أنفقته على أهلك وقال صلوات الله عليه وكفى المرء إثماً أن يضيع من يقوت فالتقتير على الأسرة بحجة نهى الله سبحانه عن التبذير ليس طريق المهتدين بهدى الله الذى هو التوسط والقصد والاعتدال وليس من الدين في شيء
في قول الله تعالى
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لها أُفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب
11-
ارحمها كما ربياني صغيراً ۱۱۰
في هذه الآيات الكريمة أمر الله بالإحسان إلى الوالدين بجميع أنواع الإحسان التي لا إثم فيها وشدّد سبحانه في هذا الأمر بحيث أدخله مع لزوم توحيده في العبادة تحت أمر واحد فإذا شعر الإنسان بأنه قد أهمل شأن والديه وكان بعيداً عنهما فعليه أن يسافر إليهما إذا استطاع وعليه يكتب إليها مستسمحاً مستغفراً إذا لم يستطع ويوسط بعض معارفه إذا كان له معارف بالقرب منهما في أن يعفوا عنه وتأتى التوبة من قبل كل ذلك وفى أثنائه ومن بعده توبة نصوحاً إلى الله سبحانه معترفاً بذنبه مستغفراً منه شاعراً بالندم على أنه قابل إحسانهما إليه جنيناً ورضيعاً وطفلا ويافعاً بما لا يليق بإحسانهما إليه
ويعزم عزماً مؤكداً أنه إذا التقى بهما يكون مثالا للابن البار وعسى الله سبحانه بذلك أن يغفر له ويقبل توبته هذا ما لم تكن التوبة فى لحظة الاحتضار أى ما لم يغرغر فإن التوبة في حالة
الاحتضار لا تفيد
في قوله تعالى
أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً ۱۱۱
۱۱۰ سورة الإسراء - آیتا ٢٣ - ٢٤ ۱۱۱ سورة الإسراء - آية ٥٧
٢٣٠
إن الوسيلة في هذه الآية بمعنى القربة التي يبتغى بها مطلوب وهو الفلاح الوارد في آخر الآية مترتباً على التقوى والجهاد في سبيل الله وطلب الوسيلة إليه سبحانه وتقوى الله طريقها معروف وهو الإيمان والعمل الصالح والقربات مبينة فى الكتاب والسنة والجهاد أمره واضح فلا إشكال في معرفة معنى الوسيلة ولا في معرفة ظواهرها
وجاءت الوسيلة بهذا المعنى فى قوله تعالى أولئك الذين يدعون يبتغون إلى أيهم أقرب أى يطلبون من الله الزلفى والقربة ويتضرعون إليه في طلب الجنة
ربهم
الوسيلة
وجاءت الوسيلة في السنة بمعنى قول النبي عل الله إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا على فإنه من صلى صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لى الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون هو فمن سأل الله لى الوسيلة حلت له الشفاعة رواه عن عبد الله ابن عمرو بن العاص والوسيلة صيغة على وزن فعيلة مأخوذ من توسلت إليه أي تقربت قال عنترة إن الرجال لهم وسيلة ولعلك تقصدين من سؤالك أيتها الطالبة ما تعارف عليه بعض الناس
أن
من قولهم توسلت بفلان إلى الله أو توسلت بجاه محمد أو جاه بعض الأولياء إلى الله فاعلمى التوسل إلى الله لا يكون إلا بالإيمان به وطاعته ولا يشفع لأحد إلا بإذنه سبحانه وإذا توسل إنسان إلى الله بدعاء رجل صالح ليكون هو الداعى دليل على حب وتقدير لهذا الصالح وتقدير لون من ألوان الطاعة الله وحبهم أما قول بعضهم أسائلك بحق أنبيائك فقد منعه بعض الفقهاء كما قال القدوري المسألة بحقه لا تجوز لأنه لا حق للخلق على الخالق
الصالحين
من
ومهما يكن من شيء فإن الواجب على المسلم أن يجتهد في عمل الطاعات فهي وسيلته إلى الله وأن يدعوه فإن الدعاء بالعبادة رابطة العبد بالله ولا بأس من سؤال أحد الصالحين أن يدعو له ربه فإن الطلب كله الله وقد سأل الصحابة بعضهم بعضاً ويجب تحسين الألفاظ وتحديدها عند الدعاء حتى لا يكون هناك اعتراض يثير الجدل ويرمى به بعض الناس بالكفر وأخيراً أقول إنما الأعمال بالنيات وما دام المقصود بالطلب وحده فإنه لا إشراك في ذلك وليكن تعليم الجهال من العامة بالحكمة والموعظة الحسنة وتفصيل موضوع الوسيلة بين المجيزين والمانعين ليس محله هنا
هو
الله
۳۱
في تفسير قول الله تعالى
قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ١١٢
أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم بلسان عربي مبين كما قال تعالى قرآنا عربياً غير ذى عوج وتحدى به العرب وهم أرباب الفصاحة والبلاغة على أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا عن معارضته قال تعالى قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً
ولقد افتتح الله سبحانه وتعالى بعض سور القرآن بحروف مثل ألم المر حم حم عسق وذكر العلماء لهذه الحروف معانى متعددة فمنهم من قال إنها أسماء للسور التي افتتحت بها ومنهم من قال إن كل حرف منها مأخوذ من اسم من أ أسمائه تعالى والعرب تنطق بالحرف الواحد تدل به على الكلمة التي هو منها
ومنهم من فوض أمر علم معانيها إلى الله سبحانه وتعالى كما ذكره الجلال السيوطي في الإتقان قال إنها من الأسرار التي لا يعلمها إلا الله
والراجح كما ذكره الرازي والمحققون أنها إنما ذكرت هذه الحروف في مفتتح السور بياناً لإعجاز القرآن وأنه كلمات مركبة من حروف الهجاء التي تتألف منها الكلمات التي ينطق العرب بها وقد عجز الخلق عن معارضتها فلو لم يكن وحياً من الله تعالى لم تتساقط مقدرتهم دون
معارضته
في تفسير قول الله تعالى
ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً قُل الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض أبصر به وأسمع مالهم من دونه من ولى ولا يشرك في حكمه أحداً ١١٣
۱۱ سورة الإسراء - آية ۸۸ ۱۱۳ سورة الكهف - آیتا ٢٥ - ٢٦
۳
جاء ذكر أصحاب الكهف فى القرآن الكريم فى سورة الكهف وقال الله تعالى لنبيه نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وهى على ما وردت به
الروايات
أنه كان بمدينة أفسوس أو طرسوس - بآسيا الصغرى - ملك اسمه دقيانوس و وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة غير الله ويظلمهم ويعذبهم إن هم خالفوا أمره وكان في البلدة فتية آمنوا بربهم وقرروا فيما بينهم الفرار بدينهم من ظلم ذلك الملك وعسفه فخرجوا واووا إلى كهف في الجبل واتخذوه مأوى لهم يعبدون الله فيه ولم يذكر في الروايات أنهم نبهوا أهلهم أو لم ينبهوهم وأغلب الظن أنهم أسروا إلى المقربين إليهم من أقاربهم بسفرهم حتى لا يكون في غيابهم هم أو غم لأهلهم وخاصة الآباء والأمهات وأهل الله يحبون دائماً أن لا يكونوا مصدر قلق وحزن لغيرهم وخصوصاً إذا كانوا أقرب المقربين إليهم وأغلب الظن أيضا أنهم وإن كانوا أخبروهم بالسفر فإنهم لم يخبروهم بالمكان
ولقد ذكر القرآن الكريم أنهم لبثوا فى الكهف ثلثمائة وتسع سنين ضرب الله على آذانهم في الكهف هذه المدة الطويلة ثم بعثهم وأخذوا يتساءلون بينهم عن المدة التي لبثوها كما قص القرآن وكذلك بعثناهم ليتساءلوا قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أنهم لبثوا في كهفهم هذه المدة الطويلة قال تعالى ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً قل الله أعلم بمالبثوا له غيب السموات
بينهم
والأرض ولقد حاول كثير من المفسرين أن يحدد مكان الكهف وأخذ يذكر البلد الذي به الكهف ولكن هذه المحاولات إنما هي ضرب من التخمين وليس فى القرآن ولا في السنة ما يحدده وعلينا أن نكتفى بما ذكره القرآن الكريم وإنما ذكر القصة للعبرة والعظة وهي في هذا المجال مليئة بالمعاني
ككل قصص القرآن
في معنى الكهف
قيل إن هذا الكهف بشرق الأردن وقيل بفلسطين وقيل بالضفة الشرقية من جهة نهر
الأردن
والذين بالكهف لم ينبهوا أهلهم قبل الذهاب إليه لأن كل من كانوا بالبلد الذي هم فيه كانوا
۳۳
كفاراً فخشية أن يمنعوا من الذهاب إلى الكهف وخشية التعذيب لم يخبروا أحداً بمقصدهم بدليل قول الله سبحانه وتعالى
فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحداً إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن
تفلحوا إذا أبداً
وهؤلاء
هم
المعروفون في التاريخ بأنهم أهل الكهف
في تفسير قوله تعالى
قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ١١٤
يختلف المؤرخون في أمر يأجوج ومأجوج وأمر السد الذى بناه ذو القرنين فما رأى الدين في ذلك يروى الإمام ابن حزم أن أمر يأجوج ومأجوج قد ذكر فى كتب اليهود التي يؤمنون بها والتي يؤمن بها النصارى ويروى أن أرسطو ذكر يأجوج ومأجوج وذكر السد في كتابه الحيوان أيضاً أن بطليموس ذكر في كتابه المسمى جغرافيا سد يأجوج ومأجوج ثم
ويذكر ابن حزم
يقول ابن حزم
واعلموا أن ما كان في عنصر الإمكان فأدْخَلَه مُدْخل فى عنصر الامتناع بلا برهان فهو كاذب مبطل جاهل أو مجاهل لاسيما إذا أخبر به من قد قام البرهان على صدق خبره 1
ويقول السيد محمد جمال الدين القاسمي في تفسيره قال بعض المحققين اعلم أنه كثيراً ما يحدث في الثورات البركانية أن تنخسف بعض البلاد أو ترتفع بعض الأراضى حتى تصير كالجبال وهذا أمر مشاهد حتى زمننا هذا فإذا سلم أن سد ذى القرنين المذكور فى هذه الآية غير موجود الآن فربما كان ذلك ناشئاً من ثورة بركانية خسفت به وأزالت آثاره ولا يوجد فى القرآن ما يدل على بقائه إلى
يوم القيامة ومعنى قوله تعالى
١١٤ سورة الكهف - آية ٩٤
٢٣٤
هذا رحمة من ربى فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء
معناه أن هذا السد رحمة من الله بالأمم القريبة منه لمنع غارات يأجوج ومأجوج عنهم ولكن يجب عليهم أن يفهموا أن متانته وصلابته لا يمكن أن تقاوم مشيئة الله القوى القدير فإن بقاءه إنما هو بفضل الله ولكن أجل السد له فى المشيئة الإلهية حد ينتهى إليه فإذا حان الموعد المضروب في المشيئة الإلهية فإن هذا السد لا يقف لحظة واحدة أمام قدرة الله بل يدكه دكا في لمح البصر اهـ
والذي يفهم من القرآن أن يأجوج ومأجوج أمتان أو قبيلتان كبيرتان تفسدان في الأرض بالنهب والسلب والإغارة المستمرة على من جاورهما من الأمم وليس في هذا الأمر غرابة فهو موجود في كثير من القبائل أو الأمم الموجودة في عصرنا الراهن ولما وصل ذو القرنين إلى من يجاور القبيلتين ورأوا منه القوة والحكمة والعلم والاستعداد لعمل الخير وجهوا إليه الرجاء في أن يقيم بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدا منيعاً في مقابل أجر يعطونه له فامتنع عن أخذ الأجر وقال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً
في تفسير قول الله سبحانه
إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس ولا ۱۱۰
فالآية تفيد أن دخول الجنة غاية للإيمان والعمل الصالح والإيمان هو التصديق بوحدانية الله وبصفاته وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وما فيه والعمل الصالح هو العمل بشرائع الإسلام وأداء أركانه واتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم واجتناب المنهيات لقوله تعالى إن تجتنبوا كبائر ما تُنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريماً
فمن أتى بذلك المذكور من الإيمان والعمل الصالح واجتناب المنهيات دخل الجنة وأول ما يبدأ به مرضاة الله تعالى ودخوله الجنة إنما هو بالتوبة الخالصة النصوح التوبة الخارجة من أعماق القلب المؤمن والتوبة هى أولى الخطوات للسائك إلى الرشاد والهداية ومن أجل ذلك حث الله عليها كثيراً فقال سبحانه في حديث قدسي
١١٥ سورة الكهف - آية ۱۰۷
٢٣٥
ه يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم وأمر
سبحانه وتعالى بها في القرآن الكريم قائلا
وتوبوا إلى الله جميعاً آيه المؤمنون لعلكم تفلحون
وبعد التوبة يكون العمل الصالح وذلك أن التوبة تضع الإنسان في مرتبة البراءة فتكون صحيفة أعماله بيضاء ويأتى بعد ذلك العمل الصالح ولقد رسم الله الطريق لدخول الجنة في أسلوب محكم فيه مجال للرجاء وفيه وعد ووعيد وفيه بشرى النجاة للذين اتقوا فقال قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون إلى قوله تعالى ولا هم يحزنون ۱۱٦
معنى قوله تعالى
11
وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضيا ۱۱۷
روی ابن جرير بإسناده عن عبد الله قوله وإن منكم إلا واردها قال الصراط على جهنم مثل حد السيف فتمر الطبقة الأولى كالبرق والثانية كالريح والثالثة كأجود الخيل والرابعة كأجود البهائم ثم يمرون والملائكة يقولون اللهم سلم سلم
يقول ابن كثير ولهذا شوهد فى الصحيحين وغيرهما من رواية أنس وأبي سعيد وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة رضى الله عنهم
ويكون إذن معنى الورود في الآية الكريمة هو المرور على الصراط والصراط على جهنم وليس المراد دخول النار بالفعل
ولقد روى الإمام أحمد رضى الله عنه بسنده عن حفصة رضي الله عنها قالت قال رسول الله لا
إلى لأرجو ألا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية قالت حفصة أليس الله يقول
١١٦ سورة الزمر - الآيات من ٥٣ - ٦١
۱۱۷ سورة مريم - آية ۷۱
٢٣٦
وإن منكم إلا واردها فقال رسول الله ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًّا
وهذا هو رأى قتادة أيضاً يقول قوله وإن منكم إلا واردها قال هو الممر عليها أما قوله تعالى كان على ربك حتماً مقضيَّاً فقد فسرها ابن مسعود بقوله قسماً واجباً وفسرها مجاهد بأنها قضاء حتم
في تفسير قوله تعالى
قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضلُّ ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربِّ لِمَ حشرتني أعمى وقد كنتُ بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى ۱۱۸
في هذه الآيات مقارنة بين من اتبع الهدى ومن أعرض عنه إن من اتبع الهدى فلا يضل عن طريق الحق ومتابعة الشرع ولا يشقى مها نزل به فى الدنيا إنه راض قانع في نضاله وكفاحه مستسلم لله سبحانه وتعالى شرح الله صدره بالإيمان وطمأنه بالتقوى والذكر ألا بذكر الله تطمئن القلوب أما من أعرض عن نداء الحق وتجاهل أوامر الشرع وسار في حياته بلا مرشد من الدين ولا دليل من الهدى فإنه - مهما كان غناه - ساخط متبرم قلق غاضب حسود حقود " وقد يكون كسبه حراماً وهو لا يهتم
ويعاقبه الله تعالى فى الآخرة على ذلك بالعمى فلا يبصر طريقه ويسير على غير هدى إنه لا يبصر حجة ولا يستطيع دفاعاً عن نفسه ويتساءل كأنه لا يعرف أو لأنه نسى من هول ما حصل له ربِّ لِمَ حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا ويكون الجواب بما يفيد لقد كانت الآيات الإلهية أمامك فهل أبصرتها وهل سرت على هداها أو تعاميت عنها إن الجزاء من جنس العمل والعمى في القيامة هو عمى
البصيرة هو الحيرة والتخبط وعدم
الاهتداء إلى سبيل النجاة
۱۱۸ سورة طه - الآيات من ١٢٣ - ١٢٦
٢٦
خلق خلقاً جديداً أنشأه الله سبحانه وتعالى سواه بيديه ونفخ فيه من روحه وإذا كانت قصة آدم تمثيلا وإذا كانت تصويرًا فلا يبقى شيء في القرآن لا يمكن أن يؤوّل إذا أولنا قصة آدم إذا أولنا قصة سجود الملائكة إذا أولنا كل ذلك وقد ذكرت في القرآن عدة مرات إذا أولناها لا يبقى فى القرآن أو في الإسلام شيء لا يمكن أن يؤوّل وفى تأويل كل شيء القضاء على الإسلام وعلى هذا ففكرة التطور يجب ألا تدخل فى المحيط الفكرى الديني للمسلمين وكل من أدخلها في المحيط الفكري الديني الإسلامى إنما يضر الإسلام ويكون خطرًا على الإسلام أكثر من العدو القائل هذا الصديق الجاهل يكون خطرًا على الإسلام أكثر من العدو العاقل وهذا مثل مجرد مثل من الأمثلة الكثيرة وعلى كل حال فإن الكتب الحديثة نجدها دائما قائلة بفكرة التطور وإن الإنسانية تطورت وإنها إلخ كل هذه النواحى إذا أدخلناها فى محيط العقيدة أو أدخلناها فى محيط الأخلاق أو أدخلناها في محيط الدين فإنها تجعل من الدين مجموعة من المبادئ النسبية ومعنى مجموعة من المبادئ النسبية أنها ليست حقائق مطلقة وأنها يمكن أن تتطور وتتطور إلى اللانهاية ويأتى يوم من
الأيام وقد انفصلنا عن الدين وعن المبادئ الدينية الانفصال الكامل والانفصال التام فكرة التطور فيما يتعلق بالحضارة الحديثة قام بها دارون ويعترف اليهود أو يعترف الصهيونيون في كتابهم أو مبادئهم برتوكولات حكماء صهيون يعترفون بأنهم هم الذين وضعوا دارون في الأفق على المنصة وهم الذين أعلنوا حبذوها وهم الذين نشروها فى كل مكان
عنه
وهم
الذين أذاعوا فكرته
وهم
الذين
ولقد فعلوا ذلك لأنها تقوض الأديان من أساسها وهى مع ذلك كما قلنا – فكرة ظنية وكلما تقادم العهد بها ازداد الشك فيها الثقافة الحديثة أو الحضارة الحديثة في جانبها الثقافي إذا رحبنا بها فإن ذلك يعد من الحجب التى تحجب شيئًا فشيئًا الفكرة الإسلامية والذاتية الإسلامية وأنه لمن المعقول أننا عندنا القرآن وعندنا السنة وقد طبق القرآن وطبقت السنة فكان ازدهار الأمة الإسلامية وكان مجدها
من المعقول أن نصدر في ثقافتنا عن ذاتية إسلامية عن قرآن وسنة وكل هذا البريق فيما يتعلق بالحضارة الحديثة فى جانبها الثقافى يجب ألا يخدعنا مثلا الحرية والمساواة ومن الغريب أن الأوربيين أنفسهم من كبار المفكرين فى أوربا نفسها يرون أن هذين المبدأين متعارضان
۳۷
وهذا الجزء ليس خاصًا بفرد دون فرد إنه لكل مسرف ينسى الدين وينغمس في الدنيا إنه لكل من لا يهتم إلا بالمادة ويتناسى القيم والأخلاق إن المادة وحدها لا تحقق إلا الشقاء فى الدنيا والقلق والاضطرابات وفي الآخرة عذاب أشد وقلق عظيم واضطراب أكبر حيث لا نهاية لما يكون فيه الإنسان والآيات بعد ذلك وقبله إنذار وتحذير لكل من يعرض آيات الله في الآفاق وفى الأنفس فى الكتاب والسنة وفى كل ما يحيط بالإنسان فيكفر أو يغش
قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا
في تفسير قوله تعالى
قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ۱۱۹
يقول الله تعالى قد أفلح المؤمنون الذين هم في م فى صلاتهم خاشعون وقد رأى رسول الله الله
رجلا يحرك بده ويضعها على لحيته وهو في الصلاة فقال
المناجاة مع
لو خشع قلبه الخشعت جوارحه وأنه لمن البديهي أن الصلاة فترة من الصلة بالله ينبغي أن تكون في جوها هادئاً وأن تبتعد عن كل ما يشغل عن الله سبحانه فإذا عرض للمصلى شيء بعد أخذ الاحتياط الواجب فليقل سبحان الله ويكررها إذا احتاج الأمر إلى زيادة التنبيه وذلك إذا كان المصلى رجلا فإذا كان المصلى امرأة صفقت وذلك لما رواه أبو هريرة رضى الله عنه عن رسول الله أنه قال
ه التسبيح للرجل والتصفيق للنساء فى الصلاة ومع ذلك فإنه لو رفع المصلى صوته بالقراءة أو ببعض أذكارها لإسكات الأولاد أو التنبيه على أمر من الأمور فصلاته صحيحة ولكن الأفضل أتباع تعليم الرسول الله
في شرح قوله تعالى
إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم
وأنتم لا تعلمون ١٢٠
۱۱۹ سورة المؤمنون - آيتا ۱
۱۰ سورة النور - آية ۱۹
۳۸
توعدهم
إن الذي يساعد على أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا ! هو محب لذلك فهو داخل فيمن الله سبحانه بالعذاب الأليم فى الدنيا والآخرة لأنه أعان على الزنى ومهد سبله واتخذ من الإعانة عليه حرفة ووسيلة إلى الكسب وفى الصحيح أن النبي ل نهى عن مهر البغى أى أخذ الأجرة على الزنى أو استخدام النساء لإدرار الربح عن هذا الطريق المشين وصاحب المنزل ممن يعيثون في الأرض فساداً ومن الواجب على أهل الحى مضايقته ومقاومته ومن الواجب ردعه عن هذا الفعل المشين وأما من جعل فندقه حانة لشرب الخمور فهو أيضاً آثم وعامل ومعين على الفساد وهو أيضاً ممن لعنهم الرسول ومن الواجب ردعه ومقاومته وهو داخل فيمن لعنهم الله ورسوله بسبب الخمر
في تفسير قول الله تعالى
الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في
زجاجة
۱۱ إلخ
شبه الله تبارك وتعالى نوره في السموات والأرض كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة لفرط صفائها وصفاء ما بها كأنها كوكب دري مضىء إضاءة قوية فإذا اجتمع نوران نور المصباح ونور الزجاجة التى تشبه الكوكب الدرى في مكان يحصره كالمشكاة التي تكون مدورة لوضع المصباح بها كان النور أشد ما يكون وهو مثل ورد للتقريب فقط وإلا فنور الله عزّ وجل فى السموات والأرض لا يشبهه نور
في تفسير قول الله تعالى
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هَوْنًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ۱
إن هذه الآية الكريمة من سورة الفرقان هى أول الآيات المتتالية التي يعرف الله سبحانه وتعالى
فيها أوصاف عباد الرحمن
۱۱ سورة النور - آية ٣٥ ۱ سورة الفرقان - آية ٦٣
۳۹
والجاهلون فى الآية الكريمة لا يقصد بهم غير المثقفين كلا وإنما يقصد السفهاء
بهم
والجهل يطلق أحيانًا ويقصد به عدم العلم وهذا المعنى هو الشائع لكلمة الجهل ولكلمة
الجهلاء
وقد تطلق ويراد بها السفه وهذا هو ما أراده الشاعر في قوله
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جَهْل الجاهلينا وهذا المعنى هو المعنى المراد من كلمة الجاهلون التي وردت في الآية الكريمة فهم السفهاء وقليلو الأدب وهؤلاء لما في فطرهم من إفساد ولما فى نفوسهم من انحراف يتعرضون للفضلاء بالأذى غير مبالين بالألفاظ ينطقون بها أو الأفعال التي تصدر عنهم وموقف عباد الرحمن منهم ليس هو موقف السفه أو قلة الأدب وإنما هو موقف الرجل المهذب الذى يحاول أن يوجد دائما السلام من المجتمع الذي يعمل فيه وعلى إيجاده فى النفوس بقوله وفعله فإذا تعرض له سفيه قابله بالحسنى فمعنى قالوا سلاما أى قالوا خيرًا فيقابلون السفه بالخير ولقد كان من صفات رسول الله مع العلم أن لا تزيده شدة الجاهل عليه إلا حلماً وموقف عباد الرحمن بعد ذلك إنما هو كما قال سبحانه وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه
في تفسير قول الله تعالى
إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخير أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم
تصطلون
وفي تفسير قول الله تعالى
فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إلى آنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تضطلون ١٢٤
10
قال تعالى إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر إلخ
وقال تعالى إني آنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر إلخ
۱۳ سورة العمل - آية ۷
١٢٤ سورة القصص - آية ۹
٢٤٠
في الآية الأولى الإخبار بأنه سياتى منها بخبر أو بقطعة ليستدفئوا بها وفي الآية الثانية يرجو أن يقف على خبر هذه النار أو أن يحصل على قطعة ليستدفئوا بها ويقضوا منها وطرهم والخبر والرجاء يختلفان منطوقاً ومفهوماً ويتفقان غاية ولا تعارض بين منطوق الآيتين ومفهوم كل منها لأن موسى عليه السلام لما رأى النار قال سآتيكم منها بخبر وهو يرجو في نفسه أن يوفقه
الله لما يريده
وهكذا شأن الأنبياء ومن أعدوا فى سابق الأزل للرسالات بل شأن العقلاء لا يعولون على
أنفسهم في أي أمر يقصدون إليه بل يعولون على الله في كل مطلوب فإحدى الآيات تعبر عما فى قلبه من رجاء معونة الله والأخرى تعبر عن حديثه لأهله مطمئنا
لله
في تفسير قوله تعالى
إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ١٢٥
عدها البعض آية مستقلة من سورة الفاتحة وعلى ذلك فلابد من الإتيان بها في الصلاة كما
ذهب الى ذلك الشافعى رضى الله عنه حسب روايته فى تلاوة كتاب الله تعالى كما ورد في العدد المكي والكوفى وحجته فى ذلك مع الرواية وجود البسملة أول كل سورة ما عدا براءة مع اجتهاد الصحابة في تخلية كتاب الله تعالى عما ليس منه فلو لم تكن البسملة من الفاتحة ما أثبتوها
وذهب بعض الأئمة إلى أن البسملة ليست آية من الفاتحة وعلى ذلك لا تبطل الصلاة بتركها مادام قد اختلف فيها فبأى الرأيين أخذت فصلاتك صحيحة غير أن الأخذ بتلاوة البسملة في كل فاتحة في الصلاة أولى للحيطة
في تفسير قوله تعالى
ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول منى ! الأملأن
أجمعين ١٢٦
جهنم من الجنة والناس
١٢٥ سورة العمل - آية ۳۰ ١٢٦ سورة السجدة - آية ۱۳
٢٤١
المخلصين
حينما طرد الله سبحانه وتعالى إبليس من الجنة أقسم إبليس أن يكرس حياته لإغراء المخلوقات من الإنس والجن قائلا فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك الله سبحانه وتعالى أن عباده المخلصين لا يتأتى أن يكون للشيطان عليهم من
وقد وضح سبيل قائلا
فالحق والحق أقول لأملان
الجهة
منهم
منك ومن تبعك منهم أجمعين وفي هذه الآيات التي
ذكرناها بيان للمقصود من الآية التي تحدث عنها السائل الفاضل والجنة هم الجن وسموا جنا لاستتارهم عن الأنظار من الجن وهو الستر
قال تعالى إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم
وكلمة الجن وكلمة العفاريت وكلمة الشياطين كلها بمعنى واحد ولا يدخل النار إلا الكفار والعصاة من الجن والإنس
أما المؤمنون والطائعون فيدخلون الجنة سواء كانوا من الجن أو من الناس لأن الجن منهم المؤمنون ومنهم غير المؤمنين قال تعالى في سورة الجن وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا
في هل وضع القرآن الكريم قواعد إذا اتبعها الأثرياء أرضوا الله ورسوله ه نعم وضع القرآن هذه القواعد وحث عليها بشتى الوسائل وقد جمعت هذه القواعد في الفاظ قليلة في قصة قارون
لقد كان قارون من قوم موسى آتاه الله ثراء عريضا ورزق من المال مالا يكاد يحصى واتخذ قارون المال سبيلا إلى الملاذ والشهوات شهوات الجاه وشهوات الترف وشهوات النعيم الحسى بكل أنواعه لقد أسرف قارون فى انغماسه فى الملذات وكان يخرج على قومه في زينته وفى كبريائه وغروره لا يعطف على ضعيف ولا يساعد فقيرا ولا يعين ذا حاجة وليس للرحمة إلى قلبه من سبيل
ولما رأى قومه ذلك اجتمعوا وتشاوروا فيما بينهم واتفقوا على أن يسدوا إليه النصيحة فلما اجتمعوا به تلطفوا فى القول ما استطاعوا وأجملوا النصيحة في خمس قواعد هي في الواقع القانون
٢٤٢
العام لما ينبغي أن يكون عليه الأثرياء وهى الطابع الذى يجب أن يكون عليه أهل الغنى
قالوا له
إنك مباه بثروتك فخور بها فرح بالمال لذاته وما ينبغى أن يكون الفرح بالمال إلا لأنه وسيلة إلى النفع فلا تفرح بكثرة المال فرح بطر وكبرياء وفخر إن الله لا يحب الفرحين الذين يتمثل فيهم ذلك وقد آتاك الله الكثير فابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة واجعل زكاة مالك مساعدة الفقير وزكاة قوتك نصر الضعيف وزكاة جاهك نصرة المظلوم والدنيا مزرعة الآخرة وطريقها فلا تنس نصيبك من الخطوات في هذا الطريق بالعمل الصالح واكتساب رضاء الله قبل القدوم عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وأحسن كما أحسن الله إليك أحسن إلى نفسك بأن تتقى الله في كل ما تأتى وما تدع وأحسن إلى الآخرين وما الإحسان إلى الآخرين إلا إحسان إلى النفس لأنه تزكية لها والصدقة تطهر النفس
وتزكيها
ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين فماذا كان وقع هذه النصائح عند قارون هذه المبادئ السامية التى إذا عممتها كانت الدستور لكل صاحب جاه أو نعمة لم تلق أذنا مصغية لدى قارون الذى ألهاه التكاثر فقال ساخرًا متحديًا لا يبالى إنما أوتيته على علم عندى فماذا كان الجزاء الإلهي على ذلك
كان ما عبر الله عنه بقوله
فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من
المنتصرين
في تفسير قول الله تعالى
إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سُجَّدًا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون ١٢٧
إن من المظاهر الصادقة للإيمان بآيات الله التي عبر عنها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أنه حينما يسمعها المؤمن على لسان قارئ أو على لسان واعظ حينما يذكر بها على أى وضع من ۱۷ سورة السجدة - آية ١٥
٢٤٣
الأوضاع فإنها تلمس فى نفسه سر الله فيه وتؤثر على مركز النور والصفاء في روحه وذلك لما بينها وبين الإيمان الصادق من صلة فإنها تعبر عنه وتشرحه موضحة ومرشدة وموجهة إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى
ربهم يتوكلون
ومقياس الإيمان الصادق إذن إنما هو الاستجابة الكاملة لآيات الله الاستجابة المقرونة بتعظيم الله سبحانه عن طريق حمده والثناء عليه الاستجابة التي يعبر عنها المعنى العميق للخضوع لما أمر الله سبحانه والانتهاء عما نهى عنه وهذا هو المعنى الحقيقى للسجود وهذا هو ما يراد من
وراء هذه الكيفية المخصوصة من وضع الجبهة على الأرض خضوعا وتواضعا وخشية والسجود يعبر عن منتهى الخضوع والخشية ومن أجل ذلك يقول رسول الله أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد و من أجل هذا القرب يحث رسول الله الله على الدعاء في أثناء السجود لأن القرب مظنة الاستجابة ويقول الله سبحانه وتعالى واسجد واقترب
عن طريق السجود إليه
الله أي اقترب من وجوهر السجود في حديث رسول الله الا الله وفي الآية الكريمة إنما هو الاستجابة في كل أمر بما يناسبه ويتفق والأوضاع والشروط المطلوبة والله سبحانه حين أمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام كانت استجابتهم فورية ولم يستجب إبليس ويفسر عدم استجابته بالكبرياء المتغلغل فى نفسه ومن أجل ذلك وصف الله المؤمنين في الآية التي نحن بصددها بأنهم لا يستكبرون
إن التواضع لله سبحانه وخشيته والاستجابة إليه مقياس الإيمان الصادق وليس ذلك كلاما يقال ولا ألفاظاً تنمق وإنما يظهر فى صور محددة منها أن المؤمنين الصادقين تتجافى جنوبهم عن المضاجع إنهم المتهجدون بالليل يدعون ربهم خوفا وطمعا ومن صفاتهم أنهم يشكرون الله بالإنفاق مما رزقهم إنهم يشكرونه على القوة بالإنفاق منها في مساعدة الضعفاء وعلى الجاه بالإنفاق منه فى مساعدة من لاجاه لهم وعلى الثراء بالتصدق والصدقة برهان ويشكرونه على العلم بتعليم الآخرين إنهم يخرجون زكاة كل نعمة أنعم الله تعالى عليهم والله سبحانه وتعالى يتحدث عن عاقبة أمرهم وعما ادخره لهم فيقول سبحانه فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون
٢٤٥
مقمحون رافعو رءوسهم غاضو أبصارهم لا يتمكنون من تحريك رءوسهم إلى اليمين
أو الشمال
ومعنى الآية إن هؤلاء المعرضين عن الدعوة الذين صموا آذانهم عن سماعها وحجزوا عقولهم عن التدبر فيها أو محاولة فهم ما ترمى إليه مثلهم كمثل من قيدت يده إلى عنقه بغل ثقيل يمنعه من التحرك ببصره إلى مافيه نفعه
فتصميمهم على الكفر يشبه الأغلال واستكبارهم عن قبول الحق وعن الخضوع والتواضع لاستماعه يشبه الإقماح إذ إنهم لا يتمكنون من خفض رءوسهم وهم مقمحون وكذلك لا يتمكنون من التواضع لاستماع الدعوة وهم مستكبرون
وهذا التشبيه فى الدنيا يتحول فى الآخرة إلى حقيقة واقعة فتظهر الأغلال الثقيلة ويتعذب المعرضون على هذه الصورة المرهقة من العذاب
في قول الله تعالى
أم تجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ۱۹
ذكر الله تعالى فى هذه الآية الكريمة علامتين للأخيار تتضمن كل علامة منهما الكثير من
الصفات
أما العلامة الأولى - وهى الإيمان - فهى أن يؤمن الإنسان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وكل شخص لا إيمان له فإنه لا يتأتى أن يكون من الأخيار فأساس صفة الخير فى الرجل إنما هى الإيمان ولكن الإيمان بدون العمل الصالح لا يجعل الإنسان خيرا بل إنه يكون بلا إيمان لابد إذن ليكون الإنسان خيراً بالعمل الصالح والصورة الثانية الصادقة للعمل الصالح هى أن يسلم الإنسان وجهه الله إسلاماً تاماً أي أن يحقق الإنسان معنى كلمة إسلام وتحقيق معنى كلمة إسلام يبدأ أول ما يبدأ بالتوبة الخالصة الصادقة النصوح ثم الأمانة الشاملة العامة
ولقد ورد عن رسول الله الله أنه لا إيمان لمن لا أمانة له والأمانة الشاملة هي أمانة الإنسان على نفسه فلا يدنسها برجس وأمانته بالنسبة لوطنه فلا يغش ولا يخون وأمانته بالنسبة الله ۱۹ سورة ص - آية ۸
٢٤٦
سبحانه وتعالى يأتمر بما أمر وينتهي بما نهى ولن يكون إسلام الوجه لله كاملا إلا إذا تخلق الإنسان بالرحمة التى هى طابع الدين الإسلامى وغايته التي يقول الله سبحانه وتعالى عنها لرسوله وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين هذه هي الخطوط الكبرى لصفات الأخيار أما المفسدون فإنهم الذين لا إيمان لهم ولم يعملوا الصالحات إنهم الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أعداء الوطن وأعداء الله ولن يجعلهم الله فى الدنيا ولا فى الآخرة كالذين آمنوا وعملوا الصالحات
في معنى قوله تعالى
إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ١٣٠
هاتان آيتان من سورة الزمر ومعناهما كما حكاه المفسرون أن الله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه بعد أن دعا قومه إلى التوحيد واستفرغ جهده في دعوتهم
أنكم ستنتقلون من هذه الدار لا محالة فليست بدار بقاء لأنها فانية كما قال الله تعالى كل من عليها فان فأنت يا محمد وهم ستموتون وستجتمعون عند الله في الدار الآخرة وتختصمون فيما أنتم فيه في الدنيا من التوحيد والشرك بين يدى الله تعالى فيفصل بينكم ويفتح بالحق وهو الفتاح العليم فينجى المخلصين المؤمنين الموحدين الذين عبدوه وحده ولم يشركوا في عبادته غيره وعملوا الصالحات التي تنفعهم
وأما الكافرون فإنهم يجازون على كفرهم وشركهم وعدم إيمانهم بالعذاب الأليم وهذه الآية وإن كان سياقها فى المؤمنين والكافرين وذكر الخصومة بينهم فى الدار الآخرة فإنها شاملة لكل متنازعين في الدنيا وإنه ستعاد الخصومة بينهم في الدار الآخرة ويقضى بينهم الحكم بالعدل وهم أحكم الحاكمين ويجازى كُلاً بما يستحق روى الترمذي عن الزبير رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية قال أيكرر علينا ما كان بيننا فى الدنيا يا رسول الله قال الله عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه وقال الزبير والله إن الأمر لشديد
نعم
ليكررن
۱۳۰ سورة الزمر - آيتا ۳۰ ۳۱
یرون
أنه إذا وجدت الحرية فلامساواة
وإذا وجدت المساواة فلا حرية
يرون التعارض في المبدأين وأنهما لا يجتمعان لأنه إذا وجدت المساواة فكيف يتأتى أن
توجد الحرية
ومن
هذه الأشياء في الجانب الثقافى أيضًا مايقال من أن العلم للعلم أو الأدب للأدب أو الفن كل هذه لها خطورتها فيما يتعلق بالأجواء الإيمانية في جو الإيمان لا يتأتى مطلقاً أن يكون الأدب للأدب وإنما الأدب للأخلاق وللفضيلة لترقية الفطر لإثارة الشعور الديني الكريم لكل هذه المعانى أما فكرة الأدب للأدب فإنه لا يستسيغها مطلقاً عقل أو قلب مؤمن كذلك فيما يتعلق
بالفن للفن الفن للفن معناه أنك ترسم الصورة العارية كما شئت الفن للفن أيضًا فكرة لا يتأتى للمؤمن أن يقول بها وأن يمتدحها أو أن يتبناها شعارا له هذه النواحي كلها وكثير غيرها فيما يتعلق بالثقافة الغربية الحديثة الثقافة النظرية يجب أن نكون بعيدين عنها كل البعد وأن نتبع في هذا الجانب الإسلامى وحده نجعله الأساس نجله الصدر
الموجه
إن هذه الآراء الثقافية النظرية الحديثة هي كما يقول أحد كبار المفكرين في أوربا مثلها كمثل الموضة وأزياء النساء تتبدل من عام إلى عام ومن فترة إلى فترة
إن موضة و هذا العام في علم النفس مثلا هي كذا هي نظرية فلان أو هي نظرية فلان أو هي نظرية فلان والموضة فى العام المقبل أو فى العام الماضى نظرية أخرى وهكذا الأمر فيما يتعلق بالفلسفة أو فيما يتعلق بالتشريع إلخ
هذه النواحي كلها تجعلنا حذرين فيما يتعلق بالقسم الثقافى فى الحضارة الحديثة بل يجب أن نكون بعيدين عنه كل البعد وأن نقرأه لا على أنه حقائق ومبادئ وإنما على نتاج بشرى متغير متطور نسبى لاثبات له وإذا قرأناه على هذا الوضع انتفى بعض الضرر منه أن نصدر عن ذاتية إسلامية وعن مبادئ إسلامية عن قاعدة إسلامية عن جو
ويجب
إسلامي
والنتيجة التي أريد أن أنتهى إليها وهى الخاتمة إنما هي العودة إلى الإسلام العودة إلى الإسلام
۱ - ملاحظة وتجربة ومنهجا وقوة مادية
٢٤٧
في تفسير قول الله تعالى
إنه
قل ياعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ! الله يغفر الذنوب جميعا هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ۱۳۱
فهذه الآية الكريمة تدعو كل مذنب إلى التوبة إنها لا تستثنى أحدا وتأمر أن لا يقنط المسلم من رحمة الله ولو أسرف على نفسه بكثرة الذنوب وبكثرة المعاصى
على
أن الكتاب والسنة وإجماع الأمة كل ذلك قد تضافر على وجوب التسوية يقول الله تعالى وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ويقول رسول الله له فيما رواه الإمام مسلم إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء
الليل
ومن المعروف في الجو الإسلامى أن التوبة الخالصة النصوح تَجُبُّ ماقبلها وأنها تعطى
الإنسان شهادة البراءة والتوبة التى من هذا المط ليست كلمة تقال فحسب أو لفظة تنتهى بانتهاء اللسان من قولها ولكن التوبة إذا كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمى لها ثلاثة
شروط
الأول أن يقلع المذنب عن المعصية والثاني أن يندم على فعلها
والثالث أن يعزم ألا يعود إليها أبدًا وإن كانت المعصية تتعلق بآدمى فلها شرط رابع وهو أن يرد التائب الحقوق بقدر الاستطاعة فإذا فقد شرط من هذه الشروط فلا تصح التوبة والأمر فيمن جمع مالا كثيرًا عن طريق غير شرعى وأراد أن يكفر الله عن سيئاته واضح فلابد من التوبة الخالصة النصوح والمحققة للشروط التي سبق أن ذكرناها
في تفسير قوله تعالى
ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ۱۳
۱۳۱ سورة الزمر - آیتا ٥٣ ٥٤
۱۳ سورة فصلت - آية ۳۳
٢٤٨
وقال نصر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها قرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه وربِّ حامل فقه ليس بفقيه وقال بلغوا عني ولو آية والدعوة إلى الله عن أى طريق مطلوبة ومثاب عليها ففيها تعليم وإرشاد لمن لا يعلم وفيها تذكير لمن يعلم قال تعالى وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ولما اتسع المجال للدعوة وتحققت لها وسائل الانتشار في أوسع حيز ممكن كان الثواب أجزل والخير أوفر إذ كل من يسمع صوت الدعوة الصالحة والإرشاد السليم يشهد لصاحبها بالعمل الصالح يوم القيامة وله ثواب كل من استفاد فائدة أو عمل عملا صالحا قال من دعا إلى هدى كان له مثل أجر من عمل به من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه إثم من عمل بها من غير أن ينقص من آثامهم شيئًا ولا يضر الدعوة إلى الله بالراديو أو غيره من وسائل الإعلام أن تذيع هذه الوسائل حكايات أو قصصا غرامية إن هذه الوسائل الإعلامية تصوير للحياة بكل ألوانها ومن الممكن للمستمع أن يختار منها مايشاء وعليه تقع مسئولية هذا الاختيار أما عن وجوب التزام هذه الوسائل الإعلامية لطريق الجادة باعتبارها مراكز توصية ومنارات هدى فهذا ما ينبغي أن يكون وعلى المسلم أن يتخير منها مايتفق وتعاليم دينه وهديه من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وماريك بظلام للعبيد
في تفسير قوله تعالى
لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذى خلقهن إن كنتم إياه تعبدون فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون ۱۳۳
وبالتالي هل يصح السجود على أيدى المشايخ أو الوالد أو أى شخص بقصد التبرك قال الله تعالى وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا وقال تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فعبادة غير الله كفر بالله لأنها تأليه للمعبود وشرك بالله وفى تلك الآية التى نجيب السائل عنها أن العبادة لا تنبغى لغير الله وعبر بالسجود عن العبادة لأنه أبرز ما يكون فيها والسجود بعض العبادة فإن أبى أحد إلا السجود لغير الله وعبادته فالله عز وجل ۱۳۳ سورة فصلت - آیتا ۳۷ ۳۸
٢٤٩
غنى عنه وعن عبادته لأنه لديه من ملائكته وعباده الصالحين من لا يستكبرون عن عبادته ويسبحون له بالليل والنهار وهم لا يملون ذلك أبدا والسجود الذي هو وضع الجبهة على الأرض لا يجوز لأى شخص من الأشخاص سواء أكان أبا أم شيخا ولا يجوز للأب ولا للشيخ أن يسمح لابنه أو تلميذه بذلك أما تقبيل يد الشيخ عند السلام عليه استحبابًا إن كان الشيخ من ذوى الصلاح والتقى وترجى بركته – فذلك جائز لأن التقبيل حينئذ تعبير عن الإجلال والاحترام والتوقير وإقرار بالفضل لذويه وفى تقبيل حامل قطف العنب بالطائف ليدى رسول الله الا الله ورجليه حينما قال له رسول الله الله من أى البلاد أنت قال من نينوى فقال له النبي الله بلد الرجل الصالح يونس بن متى قال العبد من أنبأك به قال إنه نبى فأكب على يدى رسول الله ورجليه يقبلها ونخرج من ذلك من أن السجود بمعناه الحقيقى لا يجوز للمخلوق أما تقبيل اليد احتراما وإجلالا
فإنه جائز
في تفسير قول الله تعالى
إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ١٣٤
الأخ المسلم لا يخذل أخاه ولا يسلمه ولا يظلمه
يقول صلوات الله وسلامه عليه
المسلم
أخو المسلم
وعن النعمان بن بشير رضى الله عنهما قال
اشتکی
قال صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى متفق عليه ولقد أنزل الله سبحانه في هذا الأمر ومثله قرانًا يتلى في سورة الممتحنة فقال تعالى يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء
وقال في آخر السورة يأيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم وقال سبحانه يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض وقال تعالى يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على
الإيمان
١٣٤ سورة الحجرات - آية ۱۰
من تلك النصوص المجتمعة من الكتاب والسنة نفهم أن المسلم لا يناصر كافرا على مسلم بالقتال أو غيره فإن فعل ذلك فقد باء بإثمه وكان مع صاحبه فى النار قال ل ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
بل إن صلة الإسلام أولى بالرعاية والنصرة من صلة الرحم
ومما
أسلفنا تفهم
أنه تجب نصرة المسلم على الكافر مالم يكن في نصرته معصية الله تعالى
ومناصرة غير المسلم على المسلم معصية الله ولرسوله يجب الكف عنها
في قول الله سبحانه وتعالى
ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا ثم يعلل سبحانه هذه الوصية فيقول حملته أمه كُرْهًا ووضعته كرها ا وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ١٣٥
فإذا كان الابن خيرًا مرضيا لله ومرضيا عنه من الله فإن الله يبين موقفه في الآية نفسها متابعا كلامه سبحانه فيقول حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إلى ثبت إليك وإنى من المسلمين
ثم يبين الله سبحانه موقفه من مثل هذا الصالح فيقول
أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ماعملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد
الصدق الذى كانوا يوعدون
ومن هذا القبيل قوله سبحانه وتعالى
ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير ١٣٦ ولقد بين الله سبحانه الموقف الكريم والآداب التي يجب أن يتحلى بها الابن بالنسبة لوالديه فقال سبحانه وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لها الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ولقد روى الشيخان عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال سألت النبي ع أي العمل
جناح
١٣٥ سورة الأحقاف - آية ١٥
۱۳۹ سورة لقمان آية ١٤
٢٥١
أحب إلى الله فقال صلوات الله وسلامه عليه الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أى قال الجهاد في سبيل الله فعلى الابن أن يبادر باسترضاء والده حتى يعفو الله عنه وإلا فهو عاص بمعصية هي من الكبائر وإذا استمر في موقفه فيمكن للأب أن يرفع أمره للقضاء ليحكم له بما يجزى من مال
ابنه الموسر
في تفسير آيات من سورة الحجرات
يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم يأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولاتجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم ۱۳۷
قلوبهم
هذه الآيات أدب الله تعالى بها عباده المؤمنين فيما يعاملون به الرسول من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام فقال تبارك وتعالى يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله أي لا تسرعوا في الأشياء بين يديه أى - قبله - بل كانوا تبعا له في الأمور جميع مور حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعى حديث معاذ رضي الله عنه حيث قال له النبي حين بعثه إلى اليمن بم تحكم قال بكتاب الله تعالى قال عل فإن لم تجد قال بسنة رسول الله قال فإن لم تجد قال رضى الله عنه أجتهد برأيي فضرب في صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله الله لما يرضى رسول الله الله وقد رواه أحمد وأبوداود والترمذى وابن ماجه فالغرض منه أنه أخر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة ولو قدمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقديم بين يدى الله ورسوله قال على بن أبي طلحة عن ابن عباس رضى الله عنهما لا تقدموا بين يدي الله ورسوله لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة
وقال الضحاك لا تقضوا أمرًا دون الله ورسوله من شرائع دينكم وقال سفيان الثوري ولا تقدموا بين يدى الله ورسوله بقول ولا فعل وقوله تعالى يأيها الذين امنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي
۱۳۷ سورة الحجرات - الآيات ۱ ۳
٢٥٢
هذا أدب ثان أدب الله تعالى به المؤمنين ألا يرفعوا أصواتهم بين يدى النبي الا فوق
صوته
وقال البخاري حدثنا على بن عبد الله حدثنا أزهر بن سعد أخبرنا ابن عون أنبأنى موسى بن أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - افتقد ثابت بن قیس رضی الله عنه فقال رجل يا رسول الله أنا أعلم لك علمه فأتاه فوجده في بيته منكسا رأسه فقال له ما شأنك فقال شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي الله فقد حبط عمله فهو من أهل النار فأتى الرجل النبي الله فأخبره أنه قال كذا وكذا و قال موسى فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال اذهب اليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة
وقال الإمام أحمد حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال لما نزلت هذه الآية يأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي إلى قوله وأنتم لا تشعرون وكان ثابت بن قيس بن الشماس رفيع الصوت فقال أنا الذي كنت أرفع صوتى على رسول الله أنا من أهل النار حبط عملى وجلس في أهله حزينًا ففقده رسول الله الله فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له تفقدك رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك قال أنا الذي أرفع صوتى فوق صوت النبي الله وأجهر له بالقول حبط عملى أنا من أهل النار فأتوا النبي الله فأخبروه بما قال فقال النبي لا بل هو من أهل الجنة قال أنس رضي الله عنه فكنا نراه يمشى بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة فلما كان يوم اليمامة كان فينا بعض الانكشاف فجاء ثابت بن قيس بن شماس وقد تحنط ولبس كفنه فقال بشسما تعودون أقرانكم فقاتلهم حتى قتل رضى الله عنه
وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه سمع صوت رجلين في مسجد النبي الله قد ارتفعت أصواتهما فجاء فقال أندريان أين أنتما ثم قال من أين أنتما قالا من أهل الطائف فقال لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضربًا - وقال العلماء يكره رفع الصوت عند قبره الله كما كان يكره في حياته عليه الصلاة والسلام لأنه محترم حيًّا وفى قبره الله دائما
٢٥٣
في قول الله تعالى
يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير
۱۳۸
إن الله سبحانه فى حكمته السامية ماجعل الناس شعوبا وقبائل ليتدابروا ويتنافروا فإن
الإسلام قد نهى عن التدابر والتنافر وأمر بالتعاطف والتراحم حيث قال لا تقاطعوا أخاه فوق
وصفاء
ولاتدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أ ثلاث وأمرهم أن يعملوا جاهدين لتحقيق الخير من أجل الإنسانية حتى يثيبهم عليه تزكية نفس روح وأمنا وطمأنينة والتجاء إلى الله شكرًا وعرفاناً فتكون التقوى فيصل الإنسان إلى أن يكون كريماً عند الله إن أكرمكم عند الله أتقاكم فإذا ما كان الفرد كريما على الله فإن الله لا يسلمه ولا يخذله ومن يثق بالله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه وإذا كان المجتمع كريمًا على الله بالتقوى فإن الله سبحانه يكون عونه وناصره وكفى بربك هاديا ونصيرا للفرد وهادياً ونصيرا للمجتمع ويتحقق السلام للفرد وللإنسانية تحققاً كاملا باتباعهم الرحمة والأخوة والتعارف أو بتعبير أقصر بإسلامهم لأن الإسلام إنما هو أن يسلم الإنسان وجهه الله يسلمه له إسلاما كاملا لاشائبة فيه من تعصب بيئي أو عنصرى قال فيما رواه أبو داود ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل عصبية وليس منا من مات على عصبية والإسلام ليس فيه تعصب ولا افتخار بالآباء والأجداد يقول الا في حجة الوداع إن الله أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتعظمها بالآباء والأجداد - الناس لآدم وآدم من تراب ولا فضل لعربي على عجمى إلا بالتقوى وقال الله الراجل قال لصاحبه يابن السوداء ه إنك امرؤ فيك جاهلية ويجب أن يكون إسلاماً صافياً كاملا حتى تكون صلاته ونسكه ومحياه
0
ومماته الله رب العالمين لا شريك له فإذا ما أسلم و وجهه هذا الإسلام كان رحمة وكان تعاطفاً وكانت صلته بالشعوب والقبائل صلة تعارف لاصلة تنافر ولا تعادى ولاتدابر وصلة الإسلام إذن بالسلام الفردى والسلام العالمى على هذا الوضع صلة واضحة
إن الإسلام هو الموصل للسلام العالمى يقول الله تعالى قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم ۱۳۸ سورة الحجرات - آية ۱۳
٢٥٤
إلى صراط مستقيم فكتاب الله سبحانه هو الذى يرسم السلام ويرسم سبل السلام وهو سبحانه إذا فعل ذلك فإنما يفعله على علم ويفعله على حكمة والله سبحانه يأمر المؤمنين جميعا أن يدخلوا في الإسلام كافة يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين وعدم الدخول في السلم إنما هو اتباع خطوات الشيطان
في معنى قوله تعالى
إنه القرآن كريم فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون
۱۳۹
القرآن نور أنار الله به طريق السير للمؤمنين ومنة امتن بها عليهم وطالبهم باحترامه والقيام بحقوقه وحذرهم من التفريط فى احترامه فضلا عن امتهانه والذي يبيع بعض الحاجات في ورقة بها آية أو آيات قرآنية مرتكب لمنكر والذي يبيع من الورق مافيه آية قرآنية لمن يبيع فيه ويمتهنه مرتكب لمنكر وهكذا ولا يعتبر الامتهان غير مقصود إلا إذا غفل المسلم عنه أو ظن أن ما فى الورق ليس بقرآن فإذا ما تمزقت أوراق مصحف أو بعض أوراقه بادر الإنسان بحرقها إذا لم يتيسر له حفظها في مكان آخر أو إلقائها فى البحر لأن الماء سيزيل آثار الكتاب وتتحول حينئذ إلى أوراق عادية سرعان ما تتآكل والمقصود من هذا كله المحافظة على القرآن الكريم والقيام بما يجب نحوه من احترام وإذا كان الله تعالى قد منع غير المتطهر من مس المصحف أو شيء من القرآن فإن امتهان القرآن من أكبر المحرمات وقد كان سبب الوبال لبعض الأمراء الذين استهانوا بحرمته فمزقهم الله شر
ممزق
في معنى هذه الآية
قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع
1,
بصير
۱۳۹ سورة الواقعة الآيات ۷۷ ۷۸ ۷۹
١٤٠ أول سورة المجادلة
٢٥٥
أولا سبب نزولها روى أن خولة بنت ثعلبة ظَاهر عنها زوجها أوس بن الصامت فاستفتت رسول الله فقال حرمتِ عليه فقالت ماطلقنى فقال حرمت عليه فاغتمت لصغر أولادها وشكت إلى الله تعالى فنزلت هذه الآيات الأربع من سورة المجادلة وقد تشعر بأن الرسول عليه الصلاة والسلام يتوقع أن يسمع الله مجادلتها وشكواها ويفرج
كربها
ثانيا المعنى
قد
سمع الله أى سمع الله شكوى المرأة التي تجادل وتكثر الأسئلة على الله عز وجل وكذلك الشكوى إلى الله والله يسمع تحاوركما أى تراجعكما الكلام وهو على تغليب الخطاب إن الله سميع بصير سامع للأقوال عارف مرماها ونتيجتها ومغزاها بصير بأحوالها وخبير من تفسير البيضاوي
في قوله سبحانه في سورة الممتحنة
لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من
دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ١٤١
وقد نزلت هذه الآيات الكريمة في مناسبات تشبه ما يسأل عنه السائل فقد أسلم - كثير من القرشيين ولهم أقارب تختلف درجة قرابتهم قربا وبعدا ونشأت ظروف تساءل فيها المسلمون عما إذا كان يباح الاتصال بآبائهم أو أمهاتهم وعما إذا كان يباح لهم أن يبروا الأقارب بمختلف أنواع البر أو يتقبلوا برهم وهداياهم فنزلت الآيات الكريمة بالقانون الإلهى توضح الموقف نسالم من سالمنا ونحارب من حاربنا وهو قانون طبيعي إنسانى والإسلام يقف من المعادين لنا موقفاً حاسماً لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه و ويدخلهم
١٤١ سورة الممتحنة - آينا ۹۰۸
٢٥٦
الله ألا أولئك حزب ا
جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه
هم
إن حزب الله المفلحون ١٤٢ من ذلك نتبين أن المسلم يؤاكل غير المسلم ويصافحه ويتعامل معه في المباحثات من أنواع التعامل مادام السلام موجوداً بينهم أما في حالة الحرب فلا يصح من ذلك إلا ماتقتضيه ضرورة
الحرب
في معنى قول الله تعالى
١٤٣
يأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون في هذه الآية الكريمة يسأل الله المؤمنين سؤالا استنكاريًا مؤنباً لهم طالبًا منهم السبب في أنهم يقولون بألسنتهم مالا يفعلونه بجوارحهم ويتحدثون إلى الناس عن الخير ولا يفعلونه ثم يعرفهم منزلة هذا الذى يدعو إلى الخير ولا يعمل به فيقول لهم كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون
فكل من يدعو إلى خير ولا يعمل به ممقوت عند الله وملائكته والناس أجمعين خصوصا هذا الذى يتكبر ولا يصلى ذلك أن المتكبر لا يحبه الله إن الله لا يحب كل مختال فخور أما ترك الصلاة فإنه يصل بالإنسان إلى النفاق وإلى الكفر والعياذ بالله يقول أحد الصحابة ولقد رأيتنا ومايتخلف عنها - أى عن الصلاة - إلا منافق" ولقد كان يؤتى بالرجل یهادی به - أى يسنده الآخرون لمرضه حتى يقف في الصف
والداعي إلى الإسلام دون أن يعيش إنما هو مثل سيئ إلى الدعوة الإسلامية وأن الدين الإسلامي إنما هو دين إخلاص وصفاء لا يعتد بمظاهر الخير مالم تكن صادرة من قلب طاهر ألا
لله الدين الخالص
في تفسير قول الله تعالى
يقولون لأن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن
المنافقين لا يعلمون ١٤٤
١٤٢ سورة المجادلة -- آية ١٤٣ سورة الصف - آینا ۳ ١٤٤ سورة المنافقون - آية ۸
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
العودة إلى الإسلام من تسخير الأرض وتسخير السماء وتسخير ما بين الأرض والسماء
وتسخير الكواكب وتسخير الشمس والقمر وتسخير البحار والأنهار
العودة إلى الإسلام أقوى ماتكون في الجانب المادى
والعودة إلى الإسلام والاعتزاز بالإسلام أقوى ماتكون في الجانب الثقافي سواء
اتصل ذلك بالعقيدة أو اتصل ذلك بالتشريع أو اتصل ذلك بالأخلاق
٢٥٧
العزة هي حالة مانعة للكائن الذى يتصف بها أن يغلب أو يقهر العزيز هو الذي يُقهر ولا يقهر العزيز على وجه الإطلاق هو الله سبحانه إنه القهار الغالب لا يجرى في السماوات
والأرض إلا مايريد إن العزة المطلقة له سبحانه وهذه العزة يفيض الله منها على المؤمنين به حسب درجة إيمانهم إنه سبحانه يمنحها لكل من سار على هداه سبحانه ملتزماً تعاليمه بوحدانيته مؤتمرًا بما أمر منتهيا بما نهی
وأقوى المؤمنين إيمانًا إنما هم الرسول عليهم الصلاة والسلام ويتلوهم من آمن بهم على تفاوت في الدرجة والمثل الذى نريد أن نقدمه بيانًا وتوضيحا هو مثل المسلمين الأول لقد آمنوا بالله إيمانا وقر في صدورهم وصدقه العمل فكانت لهم العزة والغلبة وإنها لقاعدة عامة للمسلمين لا تتخصص بمكان ولا زمان بأنهم كلما كانوا أقوى إيماناً كانوا أعز جانبا ولينصرن الله من
ينصره
أما هذا الذى ينصرف عن الله مستسلماً لشهواته فإن الله سبحانه يجعل منه بين الناس شيئا تافها لا يبالى به أحد إن الله سبحانه يهيئه بإنزال درجته فى المجتمع بما كسبت يداه ومن ينزل الله مكانته لا يتأتى لكائن من كان أن يرفعها ولن ترفع إلا إذا رجع الشخص إلى الله مغيرا سلوكه معه سبحانه إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
في فضل من قرأ سورة الملك يقول رسول الله من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ولسورة الملك ثواب خاص بها فضلا عن ثواب تلاوة القرآن الكريم وقدورد أن من داوم
على قراءة هذه السورة كل ليلة كانت شافعة له في قبره ومؤنسة لديه وقد ورد أن رسول الله الله كان لا ينام كل ليلة حتى يقرأ سورتي السجدة وتبارك الذى بيده الملك وهذا يشعر بمنزلة هاتين السورتين وعظم فضلها
وفى سورة الملك بالذات ورد الحديثان التاليان
عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي عل الله قال ه إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت
لرجل حتى غفر له وهى تبارك الذي بيده الملك رواه أبو داود والترمذي وعن ابن عباس
رضى الله عنهما قال قال رسول الله الله
٢٥٨
وددت أنها في قلب كل مؤمن - يعنى تبارك الذي بيده الملك
رواه الحاكم
في تفسير قوله تعالى
قل إن أدرى أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدًا عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ١٤٥
رأى بعض العلماء في هذه الآية أنه لا يطلع على بعض الأمور الغيبية إلا من اصطفاه الله لرسالته وأن غير الرسل لا يطلعون على شيء من الغيب ورأى البعض الآخر أن المراد بالإظهار على الغيب وتعريفه انكشافه انكشافاً تاماً لا لبس فيه وذلك مختص بالرسل إما على وجه المعجزة أو على وجه بيان تفاصيل الشريعة التى أمروا بتبليغها ويرى هؤلاء العلماء أن اختصاص الرسل بالاطلاع على بعض الأمور الغيبية على ماهى عليه وفى أعلى مراتب الإدراك والمعرفة لا ينفى اطلاع غيرهم على شيء من الغيب على صورة أدنى من الصورة التي يدرك بها الرسل الأمور الغيبية فالغيب يتكشف للرسل بالوحي الصريح ولا ينكشف لولى شيء عن هذا الطريق
قال النسفي والولى إذا أخبر بشيء فظهر فهو غير جازم عليه ولكنه خبر بناء على رؤياه أو بالفراسة على أن كل كرامة للولى هي معجزة للرسل وقد روى ابن جرير والترمذى وغيرهما فى تفسير قوله تعالى إن في ذلك لآيات للمتوسمين أن رسول الله الله قال اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله
ويرى بعض العلماء أن المراد بالغيب الذى اختص الله بعلمه ولا يُطلع عليه أحداً من خلقه إنما يتمثل في مثل قوله تعالى إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غداً وما تدرى نفس بأى أرض تموت أي الأمور التي تتعلق بالرزق أو الأجل أو قيام الساعة ونحوها وما يتصل بتنظيم الله تعالى
وعلى كل فلم يرد ما يمنع صراحة من اطلاع بعض الصالحين على أمور من الغيب تثبيتاً لهم وتقوية ليقينهم ومعجزة لنبيهم لأن كل كرامة لولي معجزة للنبي الذي يتبعه
١٤٥ سورة الجن - الآيات ٢٥ ٢٦ ٢٧
٢٦٠
الذين
بأصحاب الأخدود والأخدود الحفرة المستطيلة فى الأرض وأصحاب الأخدود هما حفروا هذه الحفرة المستطيلة وأوقدوا فيها النار مشتعلة متأججة وأتوا بالمؤمنين الذين لم يفعلوا جريمة
ولم يرتكبوا أى ذنب إنما كان كل ما يأخذونه عليهم إنما هو أنهم آمنو بالله العزيز الحميد ولقد عذبوهم بسبب إيمانهم وألقوا بهم فى النار بسبب إيمانهم وقد استمسك هؤلاء المؤمنون بإيمانهم لم يحيدوا عنه قيد شعرة وجلس الطغاة على حافة النار ينظرون فى نوع من التسلية إلى هؤلاء المؤمنين الذين يقذف في النار واحد بعد واحد دون أن تنبض قلوب الطغاة برأفة أو برحمة بهم وهذه القصة كانت بين اليهود ونصارى نجران فقد تآمر اليهود على نصارى نجران ودبروا المكيدة لهم فاستولوا على المدينة وحفروا الأخدود وألقوا النصارى واحداً بعد الآخر في الحفرة التي حفروها وكانت جريمة بشعة تضاف إلى جرائم اليهود التي لا حصر لها عبر التاريخ قاتلهم الله إن لهم أثراً سيئاً في كل مكان يحلون به وإن لهم الجريمة فى كل أرض يمسون ترابها ولكن الله سبحانه وتعالى لم يمهلهم كثيراً في نشوة انتصارهم وعبر عن ذلك بقوله تعالى قُتل أصحاب الأخدود أى أن الله سبحانه وتعالى أهلك هؤلاء اليهود ودمرهم بجريمتهم ولقد كان هذا الشأن شأن الله سبحانه وتعالى دائماً معهم فإنهم بنص القرآن كلما أوقدوا ناراً للحرب متمشين في ذلك مع طبيعتهم - أطفأها الله وخذلهم شر خذلان
في تفسير قول الله تعالى
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ١٤٦
0
هی
القاعدة
وكل إنسان مجزى يوم القيامة بعمله إن خيرًا فخير وإن شرا فشر هذه الإسلامية قاعدة العدالة والجزاء على ما قدم الإنسان من عمل والصالحون دائماً بين الخوف والرجاء وهما شعار المؤمن التقى ولقد قال سيدنا أبو بكر رضى الله عنه وهو من هو فضلا وتقوى وصلاحاً إنابة إلى الله ورجوعاً إليه لقد قال والله لا آمن من مكر الله ولو كانت إحدى قدمي في الجنة بيد أن فضل الله وكرمه ورحمته لا يحدها حد ولا يقيدها قيد مشيئته مطلقة فإذا ما شاء عفا وغفر وهو الغفور الرحيم ومن أجل ذلك وردت نصوص تبعث في النفس الرجاء وتذهب اليأس والقنوط منها الحديث التالى وهو حديث صحيح قال رسول الله
١٤٦ سورة الزلزلة - آيتا ۷ ۸
٢٦١
إن الله يستخلص رجلا من أمتى على رءوس الخلائق ومنها قوله من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة وكان أبو ذر رضى الله عنه يسمع هذا الحديث من فم رسول الله لا فقال سائلا رسول الله وإن زنى وإن سرق يا رسول الله فأجاب له وإن زنى وإن سرق وكرر أبو ذر السؤال فكرر رسول الله الإجابة وقال في المرة الأخيرة برغم أنف أبي ذرّ على أن هذا الحديث نفسه حينما يلاحظ الإنسان قوله خالصاً من قلبه يعلم أن من قال لا إله إلا الله وتحقق إخلاص القلب بهذه الكلمة التي تزن الأرض والسماء فترجح فإنه لا يزنى ولا يسرق ولو فرضنا أنه أيمَ فإنه يرجع إلى الله مباشرة بالتوبة الخالصة النصوح والتوبة الخالصة النصوح تجب ما قبلها
وسئل رضى الله عنه
في السنة النبوية الشريفة
منهج الإيمان والرحمة في رحلة الحياة
أخرج الإمام أحمد والشيخان عن أنس بن مالك بن صعصعة أن النبي ع حدثهم عن ليلة أسرى به وكان مما قال فى هذا الحديث الصحيح إن جبريل عليه السلام شق عن صدره واستخرج قلبه الشريف ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيماناً وحكمة فغسل قلبي ثم حشى
ثم أعيد
وأخرج الشيخان من طريق يونس عن الزهري عن أنس قال كان أبو ذر يحدث أن رسول الله الله قال فرج سقف بيقى وأنا فى مكة فنزل جبرائيل ففرج صدرى ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري وأطبقه
ثم بدأت الرحلة وكان أول مشهد شهده رسول الله ما هو مشهد قوم يزرعون فى يوم ويحصدون فى يوم كلما حصدوا عاد كما كان فقال النبي ع يا جبرائيل ما هذا قال هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه
وأول مشهد إذن بعد امتلاء القلب حكمة وإيماناً هو مشهد الجهاد وما من شك في أن القلب إذا امتلأ إيماناً وحكمة فإن الجهاد يصبح فى أوائل ما يحافظ عليه من شعارات جهاد النفس لتتزكى وتزكية النفس لا حد لها والصفاء لا نهاية تحده وكلما سما الإنسان في الصفاء درجة قرب من الله أكثر والقرب من الله لا نهاية له وهذا القرب هو غاية المؤمنين ومن وقف منه عند حد معتقداً أن هذا هو نهاية المطاف فإن هذا يكون دليلا على أن همته بهمة السابقين السباقين وجهاد الأسرة حتى تستقيم والله سبحانه وتعالى يقول يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ووقاية الأهل من النار هو جهادهم حتى يستقيموا ويمتنعوا عن الوقوع في المعصية فذلك هو وقايتهم وجهاد المجتمع ليكون مجتمعاً مؤمناً وهذا الجهاد عنصر هام من عناصر خيرية الأمة الإسلامية والله سبحانه وتعالى يقول
كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله
٢٦٥
٢٦٦
ويقول سبحانه
لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ورسول الله الله يقول فيما رواه الترمذي وأبو داود
منه
والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ومن أسمى أنواع الجهاد هو جهاد العدو بالسلاح واللسان والمال والله سبحانه وتعالى يقول إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون
ويقول إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم العظيم هذا هو الجهاد الذي رأى رسول الله المشهده أول ما رأى من مشاهد بعد أن مُلئ قلبه الشريف حكمة وإيماناً ولقد وصل الأمر في عقاب التاركين للجهاد أن ينذرهم رسول الله إنذاراً شديداً فعن أبي بكر رضى الله عنه -- فيما رواه الطبراني بإسناد حسن - قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك قوم الجهاد إلا
عمهم
الله بالعذاب
في محبة الرسول
يقول الله تعالى في حديث قدسي
من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشى بها وإن سألني أعطيته ولئن استعاذني لأعيذنه
وفى هذا الحديث الشريف يبدأ الله سبحانه بالتوجيه فى قوة إلى صفاء القلب وطهارة النية
لأوليائه
وأولياؤه هم
الذين آمنوا وكانوا يتقون
ومن عاداهم فإنما يعادى المؤمن التقى ونتيجة هذه العداوة ما يقوله الله تعالى آذنته بالحرب
٢٦٧
ثم يرسم الله سبحانه الطريق إلى حبه وأول خطوة فى هذا الطريق أداء ما فرضته عليه ولن يتأتى حب الله سبحانه دون الشرط الأول شرط القرب منه سبحانه وهو أداء الفرائض والحب دون أداء الفرائض زيف وكذب بل إن أداء الفرائض شرط لحسن الظن بالله
لقد ترك قوم العمل وقالوا نحن نحسن الظن بالله وكذبوا كما يقول رسول الله لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل
لا بد من
ومع
أداء
أداء الفرائض وإلا لما كان لمهملها إلى القرب من الله تعالى من سبيل الفرائض فى جو القرب - الإكثار من النوافل فإذا أكثر من النوافل أحبه الله تعالى ويترتب على حب الله تعالى للعبد هذا الخير الكثير الذى ذكره الله سبحانه وتعالى في الحديث
القدسي
ويربط أسلافنا - رضوان الله عليهم - ربطاً محكماً بين محبة الله سبحانه واتباع رسول الله
متناسقين في ذلك مع توجيه الله سبحانه
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
وهذا الربط معناه الربط بين محبة الله تعالى والعمل
ومقدمات محبة الله تعالى هى العمل ونتيجة محبة الله هي العمل يقول الإمام أبو سعيد الخراز وبلغنا عن الحسن البصرى رضى الله عنهما أن أناساً قالوا على عهد رسول الله يا رسول الله إنا نحب ربنا حبا شديداً فجعل الله تعالى لمحبته علماً وأنزل عزّ وجل قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
فمن صدق المحبة اتباع الرسول مع الهلال الليل في هديه وزهده وأخلاقه والتأسى به في الأمور والإعراض عن الدنيا وزهرتها وبهجتها فإن الله عز وجل جعل محمداً ما علماً ودليلا وحجة
على أمته
ومن صدق المحبة لله تعالى إيثار محبة الله عز وجل في جميع الأمور على نفسك وهواك وأن تبدأ في الأمور كلها بأمره قبل أمر نفسك ويقول فعلامة الحب الموافقة للمحبوب والتجارى مع طرقاته فى كل الأمور والتقرب إليه بكل حيلة والهرب من كل ما لا يعينه على مذهبه
ا عن صلة المحبة بالإيمان فإن الإمام الغزالى يقول وقد جعل رسول الله ع الحب الله من شرط الإيمان في أخبار كثيرة إذ قال أبو رزين العقيلي يا رسول الله ما الإيمان قال أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
٢٦٨
وفي حديث آخر
لا يؤمن العبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين
وفي رواية ومن نفسه
كيف وقد قال الله تعالى
قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتر بصوا حتى
يأتى الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين
وإنما أجرى ذلك في معرض التهديد والإنكار
الأحوال
ومن أجمل تعبيرات المحبين عن شعورهم ما يقوله يحيى بن معاذ إلهي إلى مقيم بفنائك مشغول بثنائك صغيراً أخذتنى إليك وسربلتني بمعرفتك وأمكنتنى من لطفك ونقلتني في وقلبتني في الأعمال ستراً وتوبة وزهداً وشوقاً ورضاً وحبا تسقينى من حياضك وتمهلني في رياضك ملازماً لأمرك ومشغوفاً بقولك ولمّا طَرّ شاربي ولاح طائرى فكيف أنصرف اليوم عنك كثيراً وقد اعتدت هذا منك صغيراً فلى ما بقيت حولك دندنة وبالضراعة إليك همهمة لأنى محب وكل محب بحبيبه مشغوف وعن غير حبيبه مصروف وبعد فإن ثمرة محبة الله تعالى هى ما قاله سبحانه عن أوليائه لهم البشري في الحياة الدنيا وفى الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم وهى أيضاً أن يجد حلاوة الإيمان يقول رسول الله علي ثلاث من كن فيه وجد حلاوة
الإيمان
١ - أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله
وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى فى النار
والآن نتحدث إن شاء الله عن المحبة عند الشبلى أما عن أسبابها فإنها فيما يرى نتيجة الهمة والهمة عند الصوفية هى التشمير والجد فى العبادة ويقول الشبلي إن من قلت همته ضعفت محبته فمع الهمة إذن صعوداً وهبوطاً تكون المحبة صعودا وهبوطاً
كفي حزناً بالواله الصب أن يرى منازل من يهوى معطلة قفرا وسئل مرة عن أعجب شيء فقال من عرف الله ثم عصاه
في التعريف بالإيمان
يقول الله تعالى قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون
هم
ويقول سبحانه إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم
ويقول رسول الله الله فيما رواه البخاري عن أنس لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وفيما رواه البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده
وفيما رواه البخاري عن أنس قال قال النبي لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين
وفيما رواه البخارى عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله عمر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله الله دعه فإن الحياء من الإيمان
وقد كتب الإمام البخارى رضى الله عنه في صحيحه كتاباً عن الإيمان سار فيه على هدى الكتاب والسنة والصحابة والتابعين وسلف الأمة وقد قدم للكتاب بمقدمة يستدل فيها بآيات الكتاب الكريم وكانت أحاديث كتاب الإيمان كلها موجهة لليقين بأن الإيمان قول وفعل يقول الإمام البخاري عن الإيمان وهو قول وفعل ويزيد وينقص قال الله تعالى ثم أخذ يبرهن على رأيه بالآيات القرآنية
نذكر منها
٢٦٩
في الاقتداء برسول الله الله
ورسول الله الله هو القدوة الحسنة إنه الأسوة الحسنة في أقواله وأفعاله وأحواله يقول الله
تعالى
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ويقول الشيخ الصاوى فى شرحة على تفسير الجلالين الاقتداء برسول الله الله واجب في الأقوال والأفعال والأحوال لأنه لا ينطق عن هوى ولا يفعل عن هوى بل جميع ا أفعاله وأقواله وأحواله عن ربه لذا قال العارف
وحصل بالهدى في كل أمر فليس تشاء إلا ما يشاء ا هـ والله سبحانه وتعالى يقول في سورة النجم وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى
إلا
وإذا كان الاقتداء برسول الله الا الله واجباً فإن له شروطاً لا يتأتى الاقتداء الصحيح بتحقيقها وقد ذكرت الآية الكريمة هذه الشروط والشرط الأول منها أن يرجو الإنسان الله سبحانه وتعالى ورجاء الله تعالى قد حدده الله سبحانه في القرآن الكريم بقوله فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً فالعمل الصالح وعدم الشرك فى العبادة أمران لازمان لمن كان يرجو لقاء الله في صدق ويقول الإمام ابن كثير في ذلك
وهذان ركنا العمل المتقبل لابد أن يكون خالصاً لله صواباً على شريعة رسول الله الله
وعن طاوس قال
قال رجل يا رسول الله إلى أقف الموقف أريد وجه الله وأحب أن يرى موطنى فلم يرد عليه رسول الله شيئاً حتى نزلت هذه الآية
فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً الآخر هو الشرط الثانى والتأسى برسول الله إنما يتمثل في العمل لهذا اليوم
ورجاء اليوم ا
حتى يلقى الله فيه وهو عنه راض
ويصف الله سبحانه الذين لا يرجون لقاءه ولا يرجون اليوم الآخر فيقول إن الذين
۷۰
لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون
وبعد فإن الشرط الأخير في الوصول إلى التأسى برسول الله الا هو الذكر الكثير ولقد سأل رجل رسول الله قائلا
إن شرائع الإسلام كثرت على فأخبرنى بشيء أتشبث به فقال لها لا يزال فوك رطباً
من ذكر الله
الله سبحانه وتعالى يقول واذكروا الله كثيراً لعلكم تتقون كان أصحاب رسول الله لا يقتدون به في كل شيء أخرج البخاري ومسلم ومالك والترمذي والنسائي وابن ماجه عن سعيد بن يسار قال كنت مع ابن عمر رضي الله عنهما في طريق مكة فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت فقال ابن عمر رضى الله عنهما أليس لك في رسول الله أسوة حسنة قلت بلى قال فإنه كان يوتر على البعير وأخرج البخاري ومسلم والنسائى وغيرهم عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه سئل عن رجل ر طاف بالبيت أيقع على امرأته قبل أن يطوف بالصفا والمروة فقال قدم رسول الله الله فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين وسعى بين الصفا والمروة ثم قرأ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة أخرج أحمد عن ابن عباس رض الله عنهما أن عمر رضى الله عنه أكب على الركن فقال إني لأعلم أنك حجر ولو لم أو رسول الله اللي قبلك واستلمك ما استلمتك وما قبلتك لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
معتمر
في سيادة الرسول في التشهد وغيره
كان رسول الله متواضعاً لا يرى إلا جانب العبودية لله سبحانه وتعالى وينأى عن كل ما يمكنه أن يظهر فيه بعد ذلك
فلما سأله الصحابة كيف نصلى عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد
فلم يذكر اسمه بأوصاف السيادة في هذا المجال ولكن الرسول عل في معرض الحديث عما أنعم الله به عليه يقول فيما رواه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة أنا سيد ولد آدم يوم القيامة
۷۱
ولا فخر وبيدى لواء الحمد ولا فخر وما من نبى يومئذ - آدم فمن سواه - إلا تحت لوالى وأنا أول شافع وأول مشفّع ولا فخر فنحن أمام موقفين موقف الوقوف عند حد تعليم الرسول الله للصحابة فلا تذكره الله و وصف من أوصاف السيادة وموقف الوقوف مع ما يستحقه الله من أوصاف السيادة مما تحدث الله عنها فى موطن آخر ويحمل تركه هذا الوصف في جواب الصحابة على أنه تواضع منه علا حيث ترك ذلك التبجيل والاحترام ليذكره بألفاظ السيادة من أراد وهو ما نراه والأمر مع ذلك متروك لرغبة المسلم ولكل وجهة وكلتا الوجهتين سليمة لا غبار عليها بقى أن نقول إن بعض الناس غالى فى ترك النبي لا بألفاظ السيادة ذلك ولما لم يجد له مستنداً من الشرع اخترع من الأحاديث ما يوافق هواه أ الا وهو حديث لا تسيدونى فى الصلاة إنه ليس بحديث إنه كما يقول السخاوى وغيره من علماء الحديث
فحرم
لا أصل له ومما له مغزاه فى هذا الموطن أن الرسول عل الله قال لبعض الصحابة وقد حضر سعد رضى الله عنه قوموا لسيدكم ويقول سيدنا عمر رضى الله عنه فيما رواه البخاري أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا - يعنى بلالا وإذا كان بلال سيدنا وأبو بكر سيدنا فمن باب أولى الرسول الله صلى الله عليك يا سيدی يا رسول الله
في صفة خاتم النبى الله
وردت الأحاديث الصحيحة في صفة خاتم النبى الا الله وما عليه من النقوش روى الترمذى بسنده عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي عل الله صنع خاتماً من ذهب فتختم به في بيته ثم جلس على المنبر فقال إنى كنت اتخذت هذا الخاتم فى يمينى ثم نبذه ونبذ الناس خواتيمهم وبذلك بين حرمة اتخاذ الخواتم من الذهب
وكان لا يلبس الخاتم في يده اليمنى قال الترمذى وهذا أصح شيء روى عن النبي الله في هذا الباب وكان الخاتمه من الفضة نقش به وكان هذا النقش كما تبينه رواية الترمذي عن أنس ثلاثة أسطر محمد سطر ورسول سطر والله سطر
ولقد كان النبي لا يراعى حرمة اسم الله على الخاتم فكان إذا دخل الخلاء لقضاء الحاجة نزع
خاتمه
۷
أما عن سبب وجود اسم الله على هذا الخاتم فلأن الرسول علي كان يختم به الخطابات التي يرسلها إلى رؤساء العالم وملوكه فكان شعاراً للدولة الإسلامية أو خاتماً تختم به الخطابات الرسمية ليعبر عن صفة مرسله ومكانته
ومما لا يخفى أن هذا النقش كان خاصا به الله لا يجوز لأحد تقليده فيه لأنه لا رسول
بعده ولا يصح وكان خاتم رسول الله علم من فضة فصه منه
لأحد أن ينتحل شخصيته
وعن أنس بن مالك أن رسول الله الله صنع خاتماً من ورق فنقش فيه محمد رسول الله ثم قال و لا تنقشوا عليه قال الترمذي وما معنى قوله لا تنقشوا عليه نهى أن ينقش أحد على خاتمه محمد رسول الله
في صيام الاثنين والخميس
كان يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع ولما سئل عن صيامه قال يوم ولدت فيه وأرسل إلى فيه وهو يوم ترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل وأحب أن يرفع عملى وأنا صائم
وبهذا نرى أن رسول الله فضلا عن قيامه بواجب شكر الله عز وجل على ما تفضل عليه به من نعمة إخراجه للوجود وإرساله إلى الناس في هذا اليوم العظيم يأمر أصحابه بصيامه شكراً لله على تلك النعمة التي أسبغها الله عليهم وليس أدل على احتفالهم بمولد النبي عل الله من صيامهم لذلك اليوم ولا شك أن صيام الرسول عمله الا الله لهذا اليوم العظيم يوم الاثنين وسن صيامه للمسلمين من بعده يعتبر إحياء لذكر مولده بعمل يثاب عليه فاعله وقد كانت الموالد كلها فيما مضى من نشأتها طاعة الله عز وجل القصد منها إعطاء الطعام وذكر
الله عز وجل وتعريف المسلمين بفضائل نبيهم وحثهم على متابعته أما ما يحدث فى الموالد اليوم من لهو صارف عن طاعة الله وطاعة رسوله ومقارفة للمعاصى إلا قليلا من المحافظين على حرمات دينهم فلم يكن له وجود فيما مضى والموالد بحاجة
إلى رعاية وتقويم وفرض عقوبات على كل مستهتر بدينه لا يراعى الله ولا لرسوله حرمة
۷۳
في الاحتفال بالمولد النبوى الشريف
أما عن الاحتفال بالمولد النبوى فهو سنة حسنة من السنن التي أشار إليها الرسول عل بقوله ه من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ومن سن سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها
وذلك لأن له أصولا ترشد إليه وأدلة صحيحة تسوق إليه استنبط العلماء منها وجه مشروعيته ومن هذه الأدلة ما يأتي
1 - سئل عن صوم الاثنين فقال
فيه ولدت وفيه أنزل على
فجعل ولادته في
يوم
الاثنين سبباً في صومه
رواه مسلم
- سئل ابن حجر عن هذا المولد فكان مما قال وقد ظهر لى تخريجها على أصل ثابت وهو ما يثبت في الصحيحين من أن النبي القدم المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء فسألهم فقالوا هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكراً لله تعالى فيستفاد منه فعل الشكر الله على ما من به فى يوم من إسداء نعمة أو دفع نقمة ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة
والشكر الله يحصل على أنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة -- وأى نعمة أعظم
من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة فى ذلك اليوم
أما التاريخ الذى ابتدأ به هذا الاحتفال فقد قال السيوطى
إن أول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبرى بن زيد الدين على ابن بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء والأجداد وكان له آثار حسنة وهو الذي عمر الجامع المظفرى بسفح قيسون وكان ذلك في القرن السابع ولا يعنى ترك السلف لهذا العمل الصالح مخالفته للشرع لأن السلف الصالح كان عندهم من اليقظة الدينية وحب النبي الكريم ما يغنيهم عن التذكير بيوم مولده للاحتفال ومما ينبغي التنبيه إليه أن الاحتفال بمولد الرسول لا ينبغى أن يكون باستعراض سننه والتذكير بدعوته والاسترشاد بهديه وأن يكون بالإكثار من العبادة والذكر والصدقة فى سبيل الله هذا ومما ينافي الاحتفال بهذه الذكرى اختلاط النساء بالرجال وانتشار المفاسد والموبقات والإقبال على المحرمات وما إلى ذلك مما هو معروف
٢٧٤
لماذا لم يكن الصحابة والتابعون يحتفلون بمولد نبينا
محمد ونحن نحتفل بمولده
كان لا يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع ولما سئل عن صيامه قال يوم ولدت فيه وأرسل إلى فيه وهو يوم ترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل
وأحب أن يرفع عملى وأنا صائم وبهذا نرى أن رسول الله لا فضلا عن قيامه بواجب الشكر لله عز وجل على ما تفضل عليه به من نعمة إخراجه للوجود وإرساله إلى الناس في هذا اليوم العظيم يسن لأصحابه صيامه شكراً الله على تلك النعمة التي أسبغها الله عليهم وليس أدل على احتفالهم بمولد النبي الله من صيامهم
لذلك اليوم
ولا شك أن صيام الرسول الا الله لهذا اليوم العظيم يوم الاثنين ومن صيامه للمسلمين من بعده يعتبر إحياء لذكر مولده بعمل يثاب عليه فاعله وقد كانت الموالد كلها فيما مضى من نشأتها طاعة الله عز وجل القصد منها إطعام الطعام وذكر
الله عز وجل وتعريف المسلمين بفضائل نبيهم الا الله وحثهم على متابعته أما ما يحدث في الموالد اليوم من لهو صرف عن طاعة الله وطاعة رسوله ومقارفة للمعاصى إلا قليلا من المحافظين على حرمات دينهم فلم يكن له وجود فيما مضى
حرمة
والمولد بحاجة إلى رعاية وتقويم وفرض عقوبات على كل مستهتر بدينه لا يرعى الله ولا لرسوله
في كيفية الصلاة على النبي
كان الرسول متواضعاً لا يرى إلا جانب العبودية لله سبحانه وتعالى وينأى عن كل ما يمكن أن يظهر فيه بعد ذلك
فلما سأله الصحابة كيف نصلى عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم إنك حميد
مجيد
٢٧٥
فلم يذكر اسمه بأوصاف السيادة في هذا المجال ولكن الرسول الله في معرض الحديث
عما أنعم الله به عليه يقول فيما رواه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال أنا سيد ولد آدم يوم
القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مُشفّع وفى رواية أخرى أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وسيد لواء الحمد ولا فخر وما من يومئذ - آدم فمن سواه - إلا تحت لوالى وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر فنحن أمام موقفين موقف الوقوف عند حد تعليم الرسول علال الصحابة فلا تذكره لا بوصف من أوصاف السيادة وموقف الوقوف مع ما يستحسنها من أوصاف السيادة مما تحدث عنها في مواطن أخر ويحمل تركه هذا الوصف في جواب الصحابة على أنه تواضع حيث ترك ذلك التبجيل والاحترام بذكره بألفاظ السيادة لمن أراد وهو ما نراه
منه
والأمر مع ذلك متروك لرغبة المسلم ولكل وجهة وكلنا الوجهتين سليمة لا غبار عليها بقى أن نقول إن بعض الناس غالى في ترك ذكره الله بألفاظ السيادة فحرم ذلك ولما لم يجد له مستنداً من الشرع اخترع من الأحاديث ما يوافق ميوله ألا هو حديث لا تسيدوني في الصلاة إنه ليس حديثاً - إنه كما يقول السخاوى وغيره من علماء الحديث لا أصل له وعلى ذلك فلا مانع يمنع من ذكر الرسول لا اله الا الله بألفاظ السيادة في التشهد وغيره امتثالا لقوله تعالى لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا ومما له مغزاه فى هذا الموطن أن الرسول ع عل الله قال لبعض الصحابة وقد حضر سعد رضى الله
عنه
الله
قوموا لسيدكم
ويقول سيدنا عمر رضى الله عنه فيما رواه البخاري
أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعنى بلالا
وإذا كان بلال سيدنا وأبو بكر سيدنا فمن باب أولى الرسول مع لي عليك يا سيدى يا رسول
في دلائل الخيرات
إن دلائل الخيرات إنما هي صلوات على رسول الله ولا تمنع طريقة من الطرق الصلوات على رسول الله وذلك لأن الله أمرنا بالصلاة عليه فقال سبحانه إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ورجال الطريقة التيجانية
٢٧٦
ومشايخها يقرءون دلائل الخيرات وكان الشيخ عمر غمبو خليفة التيجانية بالسودان يقرأ دلائل الخيرات هو وتلاميذه وتابع أبناؤه قراءتها من بعده بل إنه توجد نسخة من دلائل الخيرات بخط العارف بالله الشيخ أحمد التيجانى الكبير شيخ الطريقة ويقول فضيلة الشيخ الحافظ التيجانى خليفة الطريقة بمصر إن الأوراد اللازمة فى الطريقة يصح أداؤها بأية صيغة للصلاة على النبي وأنه يجوز لقارئ ورد التيجانى أن يقرأ دلائل الخيرات بل إن فى الطريقة التيجانية أحزاباً من الطريقة الشاذلية وضرب النووى ولا حرج على السالك أو المريد مادام يلتزم طريقة واحدة لأن من انقطع لشيء أحسنه
في الرسول وسنته الشريفة
يقول الله تعالى لرسوله الكريم الا الله وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً وما كانت هذه الرسالة العامة لأحد من الرسل من قبله فموسى عليه السلام أرسل لبني إسرائيل خاصة لقد اقتصرت دعوته على بني إسرائيل لدرجة أنه حينما ذهب هو وهارون عليهما السلام إلى فرعون قالا له
إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل
فموسى ذهب إلى فرعون ليرسل معه بنى إسرائيل ولم يكافح سيدنا موسى الشعوب أو الأمم في سبيل دعوته وعيسى عليه السلام إنما أرسل إلى خراف بني إسرائيل الضالة على حد القديم ولم يحاول سيدنا عيسى | أن يبشر بدعوته خارج فلسطين ولم يحاول أن يجاهد من
تعبيرهم
أجلها
أما رسول الله فإنه أرسل إلى الناس جميعاً إنه أرسل إلى الناس جميعاً من حيث المكان وأرسل إليهم جميعاً من حيث الزمان فهو الرسول الدائم زماناً ومكانا قل يأيها الناس إلى رسول الله عليكم جميعاً وقد تكفل الله تعالى بحفظ الكتاب الذى أنزله على رسوله الهلال ضماناً لهذا العموم في الزمان وفي المكان وتحقيقاً له إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
ومن أجل هذا الوعد يحفظ الوحى كاملا غير منقوص صحيحاً غير مزيف إن الحكمة الإلهية في الإنسانية لا تحتاج إلى رسول بعد الرسول ولا إلى نبي بعد النبي إنه صلوات الله وسلامه عليه خاتم الرسل وخاتم الأنبياء
۷۸
وينزل القرآن محدداً إسلام الوجه الله وسائل ومحدداً إسلام الوجه الله غايات ومحدداً إسلام الوجه لله طرقاً وأساليب ومحدداً له بواعث وأهدافاً ومن هنا كان من ينبغى غير الإسلام ديناً لا يقبل منه يقول الله تعالى ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وكيف يقبل منه ما يتنافى مع إسلام الوجه لله إن إسلام الوجه الله هو الذروة من مكارم الأخلاق وهو جوهر التدين إنه الدين القيم إنه الدين الخالد والنص الوحيد النص الإلهى الفريد فى العالم كله الذي يبين كيفية إسلام الوجه لله إنما هو القرآن وإذا ما وصل الإنسان إلى إسلام الوجه الله كان بذلك في ذروة الإنسانية وفى الذروة من مكارم الأخلاق
ويتفاوت الناس في إسلام وجوههم الله ولابد من أن يكون أحدهم أول المسلمين فكان رسول الله أولهم بإطلاق مطلق
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا
أول المسلمين ولم يصف القرآن بأول المسلمين شخصاً آخر غير الرسول ومكارم الأخلاق لا يحدها - من حيث التبشير بها - مكان ولا يحدها زمان بل لا يحدها عالم من عوالم الله في الأرض أو السماء من أجل ذلك كانت رسالته صلوات الله عليه وسلامه
رحمة للعالمين
يقول تعالى وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
من
مكانة الرسول ال
ورسول الله - لأنه يمثل الأخلاق القرآنية في ذروتها - جعل الله سبحانه وتعالى له مكانة خاصة بين المسلمين فهو صلوات الله وسلامه عليه - لأنه تمثل القرآن وحققه وأصبح قرآناً
أصبح بذلك يمثل الحق بقوله ويمثل الحق فلا ينطق عن الهوى ولا يعمل بالهوى يقول تعالى لرسوله قل إنني هداني ربى إلى صراط مستقيم ديناً قيماً بل إن طريق الدعوة نفسه كان صلوات الله وسلامه عليه يسير فيه معصوماً وكل من يسير في الدعوة على نسقه إنما يسير معصوماً بعصمة الرسول عمال التي منحها الله تعالى إيَّاه قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى
ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم 1 وزدناهم هدی ه
ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ٦
والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم ويزداد الذين آمنوا إيمانا ۸
وقوله أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا ۹ وقوله جل ذكره فاخشوهم فزادهم إيمانا ١٠
وقوله تعالى ومازادهم إلا إيماناً وتسليما ١١
قد أفلح المؤمنون وإذا كان هذا رأى البخارى رضى الله عنه فإن أبا الحسن على بن خلف يقول في شرح صحيح البخاري مذهب جماعة أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الإيمان قول وعمل يزيد
وينقص
عظيماً
٤ هو الذى أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليماً حكيماً ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزاً سورة الفتح آبنا ٤ ٥ ٥ نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن تدعو من دونه إلهاً لقد قلنا إذاً شططا
سورة الكهف آيتا ١٣ ١٤
٦ ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير مردا
۷ سورة محمد - آية ۱۷
سورة مريم - آية ٧٦
۸ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وماجعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر
سورة المدثر آية ۳۱
٩ وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون سورة التوبة - آية ١٢٤
۱۰ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل سورة آل عمران آية ۱۷۳
۱۱ ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ومازادهم إلا إيمانا وتسليما سورة الأحزاب آية
۷۹
ودعوته إذن وطريق دعوته يسير فيهما على هدى وعلى نور من ربه ولذلك فإن من يطع
الرسول فقد أطاع الله الله سبحانه الحكم تعميماً ويطلقه إطلاقاً فيقول سبحانه وما أتاكم الرسول
ويعمم
فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ويقول تعالى إن تطيعوه تهتدوا
واتباع الرسول علامة على محبة الله تعالى لمن يتبعه وسبب في حبه تعالى له قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله إن حب العبد الله لا يفيد ما لم يتخذ العبد الوسيلة الناجعة لذلك وهذه الوسيلة هي اتباع رسول الله الله
ولقد قال الله سبحانه وتعالى في حديث قدسي رواه الإمام البخاري من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني أعطيته ولئن استعاذني لأعيذنه وهذه النوافل التي ذكرت في الحديث الشريف والتى إذا أكثر الإنسان منها بعد أداء الفرائض أحبه الله إنما هي سلوك رسول الله الله إنها طريق رسمه صلوات الله عليه وسلامه بقوله وبعمله إنها سننه صلوات الله وسلامه عليه التى سنّها لينال الإنسان بها محبة
الله سبحانه
من مكانة رسول الله لا عند ربه أيضا
وأحب الله سبحانه رسوله وكان هذا الرسول بعبوديته الله سبحانه حبيب الله وبلغ الرسول صلوات الله عليه وسلامه بعبوديته التامة درجة أول المسلمين كما سبق أن ذكرنا ولما كان أول المسلمين وكان حبيب الله ونبيه ورسوله ميزه الله سبحانه وتعالى على بقية البشر بكونه خيرهم وهذا التمييز لا يخرجه صلوات الله عليه وسلامه عن البشرية فهو خير البشر ومنتهى القول فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم ولأنه خير البشر يقول الله تعالى مخاطباً المؤمنين لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً
إن الإنسان الذي خصه الله بالوحى واجتباه لرسالته واصطفاه ليكون - باسمه سبحانه - بشيراً ونذيراً إن هذا الإنسان الذي فضله الله على العالمين يجب أن نعرف له مكانته وننزله في الشرف الذى أنزله الله فيه إن هذا السراج المنير إن هذا الرءوف الرحيم ينبغى ألا يدعى كما
۸۰
يدعى زيد وعمرو بمعنى لا تنادوه باسمه فتقولوا يا محمد ولا بكنيته فتقولوا يا أبا القاسم بل نادوه وخاطبوه بالتعظيم والتكريم والتوقير بأن تقولوا يا رسول الله يا نبي الله يا إمام المرسلين يا رسول رب العالمين يا خاتم النبيين وغير ذلك
ونستفيد من هذه الآية - كما يقول الشيخ الصاوى فى حاشيته على تفسير الجلالين إنه لا يجوز نداء النبي بغير ما يفيد التعظيم لا في حياته ولا بعد وفاته فبهذا يعلم أن من استخف بجنابه فهو كافر ملعون في الدنيا والآخرة
ويقول الله سبحانه فى أوائل سورة الحجرات يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله ا أى لا تتقدموا بأمر من الأمور قولا كان أو فعلا إلا إذا أذن الله ورسوله وكل أمر - قولا كان أو فعلاً - أتاه الإنسان بدون إذن الله ورسوله فإنه لا يقع على السن المستقيمة يقول الضحاك عن ذلك هو عام فى القتال وشرائع الدين أي لا تقطعوا أمراً دون الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم
يأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض واحذروا إن فعلتم ذلك أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر
عظيم أما هؤلاء الذين أساءوا الأدب دون أن يقصدوا فأخذوا ينادونك من وراء الحجرات مناداة الأعراب الأجلاف فإن عقولهم - فى الأغلب الأعم - ناقصة إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم والله غفور رحيم على أن مجرد الرغبة فى الحديث إلى رسول الله لا يحتاج تنفيذها إلى تقديم صدقة يقول الله تعالى في سورة المجادلة يأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم
وتدل الآية الكريمة على أن ترك تقديم الصدقة إثم لأن من لم يجد الصدقة فإن موقف الله سبحانه منه -- لعدم قدرته - المغفرة والرحمة ولا تكون المغفرة والرحمة إلا على إثم ما آتاه
الإنسان
وعدم توفر الاستطاعة سبب مغفرة الله سبحانه وإذا حملكم خوف الفقر على ألا تفعلوا وإذ قادكم الضعف الإنساني إلى ألا تنفذوا ذلك ثم ندمتم واستغفرتم فتداركوه حتى يتوب الله عليكم وأثبتوا حسن نيتكم وصفاء
۸۱
سريرتكم بأن تقيموا الصلاة على الوجه الأكمل وتؤتوا الزكاة طيبة بها نفوسكم وتطيعوا الله ورسوله فى الصغير والكبير وما من ريب فى أن الله سبحانه خبير بكل ما تعملون يقول الله تعالى أأشفقتم أن تقدموا بين يدى نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون وبعد فيقول رسول الله أنا سيد ولد آدم ولا فخر
ويقول الله تعالى
يأيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيراً هذا جانب من مكانة الرسول عل التي أحبها الله له والتي نبه عليها سبحانه في كتابه العزيز
في طاعة رسول الله طاعة الله من
وجانب آخر أحبه الله تعالى لرسوله نريد أن نبينه وهو أن الله سبحانه وتعالى قد فرض طاعة رسوله مقرونة بطاعته بل لقد ذكرها الله سبحانه وتعالى وحدها باعتبارها فرضاً ويقول الله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبيناً ويقول تعالى يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسوله إذا دعاكم لما يحييكم ويقول
سبحانه قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين
وفى هذه الآية الكريمة إشارة إلى أن الإعراض عن طاعة الله أو عن الرسول كفر وما من شك في أنه كفر ذلك أن الإيمان من أركانه الإيمان برسول الله وبأن كل ما أتى به صدق فالتولى عنه استخفافاً أو جحوداً وإنكاراً أو عناداً ومماراة ذلك كله كفر يخرج به المعرض عن دائرة الإسلام
يقول الله تعالى في طاعة الرسول صلوات الله وسلامه عليه حينما يفرده بالحديث
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فما شَجَرَ بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ويقول تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم
۸
ويجعل سبحانه وتعالى طاعة الرسول ع لعل الله من طاعته فيقول سبحانه من يطع الرسول فقد أطاع الله ويجعل بيعته صلوات الله وسلامه عليه بيعة الله فيقول سبحانه إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً
وطاعة رسول الله إنما هي فيما افترضه الله سبحانه أو سنه وفيما افترضه رسوله صلوات الله وسلامه عليه أو سنه
وقد تابع الرسول علم القرآن الكريم في بيانه لمنزلة السنة ووجوب اتباعها فيما سنه فلقد حث رسول الله لا للعمل على تبليغ السنة ونشرها فقال فيما رواه أبو داود والترمذى عن زيد بن ثابت 1 نضر الله وجه امرئ سمع مقالتي فحفظها ووعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع وروى في معناه من طريق آخر رحم الله امرأ سمع مقالتي فأداها كما سمعها فرب مبلغ
أوعى من سامع
8
K
فكان رسول الله لا يأمر الصحابة أن يبلغ الشاهد منهم الغائب فيقول فيما رواه أبو بكر ه ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب ولقد روى الحاكم والبيهقى أن رسول الله عل الله قال تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتى ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ولكن رضى أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فاحذروا إلى تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا أبداً كتاب الله وسنتى
ويبين رسول الله الله فيما رواه البخاري عن أبي هريرة أن المسلمين سيدخلون الجنة إلا من لا يرغب منهم في ذلك يقول كل أمتى يدخل الجنة إلا من أبى قالوا يا رسول الله ومن يأبى قال من أطاعنى دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى
٢٨٣
في مكانة السنة من القرآن
وسنة رسول الله ال لها مكانتها بالنسبة إلى القرآن ولها مكانتها بالنسبة إلى التشريع إنها المصدر الثانى بعد القرآن - للإسلام - إنها المصدر الثانى للإسلام باعتباره عقيدة والمصدر الثاني للإسلام باعتباره تشريعاً والمصدر الثاني للإسلام باعتباره أخلاقاً أما منزلتها بالنسبة إلى القرآن فإنها حسبما يقول الإمام الشافعي وسنن رسول الله علل مع كتاب الله وجهان أحدهما نص كتاب فاتبعه رسول الله كما أنزل الله والآخر جملة بين رسول الله فيها عن الله معنى ما أراده بالجملة وأوضح كيف فرضها عاماً أو خاصا وكيف أراد أن يأتى به العباد وكلاهما اتبع فيه كتاب الله
وفي كلمة أخرى يبين الإمام الشافعى الوجهين فيقول أحدهما ما أنزل الله فيه نص كتاب فبين رسول الله مثل ما نص الكتاب والآخر مما أنزل الله فيه جملة كتاب فبين رسول الله معنى ما أراد وهذان الوجهان لم يختلف فيهما أحد من الفقهاء ولا من المحدثين يقول الإمام الشافعي و هذان الوجهان اللذان لم يُختلف فيها والوجه الأول بين بنفسه أنه من الواضح أن رسول الله الا الله كان يبين القرآن عقيدة وشريعة وأخلاقاً على وجوه شتى وعلى أنحاء مختلفة وعلى أساليب تختلف في الإنجاز والإسهاب بحسب حالة المخاطب يقول الله تعالى وأنزلنا إليك الذُّكر لتبين للناس ما ما نزل إليهم والرسول كان يبين للناس ما نزل إليهم بسلوكه وبقوله وبإقراره يقول صلوات الله عليه وسلامه ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ولا تركت شيئاً مما نهاكم الله عنه
إلا وقد نهيتكم
عنه
ولكن بيان رسول الله كان يشتمل أيضاً على بيان ما أجمل في كتاب الله وهذا الوجه
كثير في السنة
يقول الإمام الشافعى رضى الله عنه قال تبارك وتعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين
كتاباً موقوتاً
وقال وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
وقال وأتموا الحج والعمرة لله
٢٨٤
ثم بين على لسان رسوله عدد ما فرض من الصلوات ومواقيتها وسننها وعدد ركعاتها والزكاة ومواقيتها وكيفية عمل الحج والعمرة وحيث يزول هذا ويثبت وتختلف سننه وتتفق ولهذا أشباه كثيرة في القرآن والسنة ا هـ وقد كان رسول الله يبين كيفية الصلاة بقوله وعمله كأن يبين أوقاتها وأركانها وعدد ركعاتها وافتتاحها وترتيب حركاتها بعد الافتتاح ويقول صلوا كما رأيتموني أصلى
ويبين رسول الله الله مناسك الحج أركانه وواجباته وسننه ويقول خذوا عنى
مناسككم وفرض الله سبحانه وتعالى الزكاة ولم يبين مقادير لها ولم يذكر بالتفصيل الزروع والثمار والأموال التي تجب فيها الزكاة فبين رسول الله ذلك كله وطبقه ولقد بينت السنة أن القاتل لا يرث وأن الوصية لا تكون فى أكثر من الثلث وأن الدين
يقدم على الوصية هذا وكثير غيره مما بينته السنة عن عمران بن حصين رضى الله عنه أنه قال لرجل يريد أن يقتصر على القرآن دون السنة إنك امرؤ أحمق أتجد فى كتاب الله الظهر أربعاً لا يجهر فيها بالقراءة ثم عدد عليه الصلاة والسلام الزكاة ونحو هذا ثم قال أتجد ذلك في كتاب الله مفسرا إن كتاب الله أبهم هذا قال والسنة تفسر ذلك
ولقد قيل لمطرف بن عبد الله بن الشخير لا تحدثونا إلا بالقرآن فقال والله ما نبغى بالقرآن بدلا ولكن نريد من هو أعلم منا بالقرآن
الله
ويقول الإمام الشافعي رضى الله عنه ومن قبل عن رسول الله فعن الله قبل لما افترض
من
طاعته
في مكانة السنة من التشريع
ورسول الله يشرع عن الله تعالى فيما لا نص فيه من كتاب الله إن رسول الله بعث معاذ بن جبل رضى الله عنه إلى اليمن فقال له
كيف تقضى إذا عرض لك قضاء
قال أقضى بكتاب الله
٢٨٥
قال فإن لم يكن في كتاب الله قال فبسنة رسول الله
قال فإن لم يكن فى سنة رسول الله
قال أجتهد برأيي ولا آلو
فضرب رسول الله على صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله
وسيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه في رسالته في القضاء إلى أبي موسى الأشعرى رضى الله عنه التي بدأها بقوله سلام عليك أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة يقول سيدنا عمر في هذه الرسالة الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب
ولا سنة
فجعل سيدنا عمر السنة مصدراً من مصادر التشريع ولقد سئل سيدنا أبو بكر رضى الله عنه عن ميراث الجدة فقال مالك في كتاب الله من شيء ولكن اسأل الناس فسألهم فقام المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة فشهدا أن النبي
أعطاها السدس
ولم يكن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه يعلم سنة الاستئذان حتى أخبره بها أبو موسى رضی الله عنه ١٤٧
ولم يكن يعلم أن المرأة ترث من دية زوجها حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان أمير رسول الله على بعض البوادي يخبره أن رسول الله ل ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها ولم يعلم حكم المجوس في الجزية حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله الله قال اسنوا سنة أهل الكتاب بهم
ولما قدم سرغ وبلغه أن الطاعون بالشام استشار المهاجرين الأولين الذين معه ثم الأنصار ثم مسلمة الفتح فأشار كل عليه بما رأى ولم يخبره أحد بسنة حتى قدم عبد الرحمن بن عوف فأخبره بسنة رسول الله عليه في الطاعون وأنه قال إذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وهذا عثمان رضى الله عنه لم يكن عنده علم بأن المتوفى عنها زوجها تعتد في بيت زوجها حتى
١٤٧ فبين الاستئذان ثلاث فإذا لم يأذن له انصرف
٢٨٦
حدثته الفريعة بنت مالك أخت أبى سعيد الخدرى بقضيتها لما توفى زوجها وأن النبي قال
لها
و امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله فأخذ به عثمان ولقد روى الحاكم ما يلى
ه حرم رسول الله أشياء يوم خيبر منها الحمار الأهلى وغيره فقال رسول الله أن ن يقعد الرجل منكم على أريكته فيحدث بحديثي فيقول بيني وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا استحللناه وما وجدنا فيه حراماً حرمناه وإن ما حرم رسول الله كما حرم
الله
يوشك
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمرى مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدرى ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه
روى أن أبو داود والترمذي وابن ماجه عن المقدام ابن معد يكرب قال قال رسول الله ألا إنى أوتيت القرآن ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا وإن ما حرم
رسول الله كما الله حرم
وعن حسان بن عطية أنه قال كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن ويعلمه إياها كما يعلمه القرآن
وعن مكحول قال قال رسول الله الا الله أتاكم الله القرآن ومن الحكمة مثليه أخرجها أبو داود في مراسليه
وقيل المطرف بن عبد الله لا تحدثونا إلا بالقرآن - فقال والله ما نبغى بالقرآن ولكن نريد من هو أعلم منا بالقرآن
قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فبلغ ذلك امرأة من بني أسد فقالت يا أبا عبد الرحمن بلغني أنك لعنت كيت وكيت فقال ومالى لا ألعن من لعنه رسول الله وهو في كتاب الله فقالت المرأة لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته فقال لأن كنت قرأته فقد وجدته أما قرأت وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت بلى قال فإنه قد نهى عنه رسول الله الله
۸۷
وبعد أن يذكر الإمام الشافعي الوجوه الثلاثة 1 - بيان السنة للكتاب على ما في الكتاب
٢ - بيان السنة لمجمل الكتاب
٣ - ما بين رسول الله فيما ليس فيه نص كتاب
يقول وذلك ما نريد أن ننتهى إليه وهو بين في وضوح من كل ما ذكرنا – وأى هذا كان فقد بين الله أنه فرض فيه طاعة رسوله ولم يجعل لأحد من خلقه عذراً بخلاف أمر عرفه من أمر رسول الله وإن جعل الله بالناس كلهم الحاجة إليه في دينهم وأقام عليهم حجته بما دلهم عليه من سن رسول الله معانى ما أراد الله بفرائضه في كتابه ليعلم من عرف منها ما وصفنا إن سته إذ كانت سنة مبينة عن الله معنى ما أراد من مفروضه فيما فيه كتاب يتلونه وفيما ليس فيه نص كتاب آخر فهي كذلك أين كانت لا يختلف حكم الله ثم حكم رسوله بل هو لازم بكل حال
في تدوين السنة
بدأ رسول الله لا في العهد المكي يبشر بالقرآن الكريم ورسالة التوحيد سرا ثم جهراً وكان الرسول يلقي بالأضواء كلها على القرآن
۱ - ذلك أن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى وهو بأسلوبه معجز وهو بمعناه يأخذ بالأفئدة وهو بعظاته يتملك القلوب وهو بمنطقه يسيطر على العقول - ثم إن موضوع القرآن فى هذه الفترة كان موضوعاً محدداً لقد كان جملة من القضايا تتصل بالغيب الغيب الإلهى أو بتعبير آخر - توضيح العقيدة
توحيداً -- ورسالة - وبعثاً
وكان أسلوب القرآن فى ذلك واضحاً لا لبس فيه بيناً بياناً سافراً
۳ - وخشی رسول الله الله أن يضيف الناس شيئاً من كلامه إلى القرآن ويخلطوه به وربما أسرفوا في هذه الإضافة فلا يستبين الناس الفواصل والفروق بين الأسلوب القرآني الإلهى والأسلوب النبوى حينما يتلونهما فى أول العهد بالإسلام ممتزجين لا تمييز بينهما
إن معالم الأسلوب القرآني واضحة وكلام الله سبحانه أينما كان يتميز بصفات تجعله بمعزل
عن غيره
۸۸
ولكن لابد من إيجاد الفرصة الكافية لترتسم هذه المعالم في النفوس أى لابد من تقديم القرآن خالصاً صافياً لا يمتزج به غيره لا بد من تقديمه كما أنزل في ثوبه الإلهى البحت حتى تصبح المعالم معالم الإعجاز المعجز بينة
سافرة
- {
من أجل ذلك نهى رسول الله لا عن كتابة حديثه صلوات الله وسلامه عليه على أن هذه الآيات القرآنية فى العهد المكي وهى تشرح التوحيد توحيد الله في الصفات إنها وهى تشرح الهيمنة الإلهية على الكون على العوالم جميع العوالم ليست في حاجة إلى بيان أوضح أو إلى تعبير أقوى
بل إنه لا يتأتى أن يكون هناك بيان أوضح أو تعبير أقوى
إنها وهى تهدم الشرك وتدك حصونه فتقول مثلا
قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى الله خير أما يشركون أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون أمّن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السُّوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشراً بين يدى رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون أمن يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين
إنها حينما تقول ذلك لا تحتاج إلى شرح أو تفسير وهى حينما تتحدث عن البعث تقول ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضى لا يظلمون وَوُفِّيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون
بينهم بالحق وهم ليست بحاجة إلى شرح أو تفسير وهي حينما تتحدث عن الرسول مع الله ونزول القرآن عليه تقول نزل به الروح ا الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ليست بحاجة إلى شرح أو تفسير ثم هي حينما تقول ترغيباً وتبشيراً
إن أصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك
ويقول عبد الرزاق حسبما ذكره الإمام النووى فى شرح مسلم
سمعت من أدركت من شيوخنا وأصحابنا سفيان الثورى ومالك بن أنس وعبيد الله ابن عمر والأوزاعي وعمر بن راشد وابن جريج وسفيان بن عيينة يقولون الإيمان
قول وعمل ويزيد وينقص
وهذا قول ابن مسعود وحذيفة والنخعى والحسن البصرى وعطاء وطاوس
ومجاهد وعبد الله بن المبارك
ويتابع عبد الرزاق الحديث فيقول
فالمعنى الذى يستحق به العبد المدح والولاية من المؤمنين هو إثباته بهذه الأمور الثلاثة التصديق بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح وذلك أنه لا خلاف بين الجمع أنه لو أقر وعمل على غير علم منه ومعرفة بربه لا يستحق اسم مؤمن ولو عرفه وعمل وجحد بلسانه وكذب ماعرف من التوحيد لا يستحق اسم مؤمن وكذلك إذا أقر بالله تعالى وبرسله صلوات أجمعين ولم يعمل بالفرائض لا يسمى مؤمناً بالإطلاق وإن كان من كلام العرب
الله وسلامه عليهم يسمى مؤمنا بالتصديق فذلك غير مستحق فى كلام الله تعالى لقوله عز وجل إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك المؤمنون حقا فأخبرنا سبحانه وتعالى أن المؤمن من كانت هذه صفاته
هم
وماذكره عبد الرزاق يؤيده ابن بطال فى باب من قال الإيمان هو العمل من شرح صحيح البخاري فيقول فإن قيل قد قدمتم أن الإيمان هو التصديق قيل التصديق هو أول منازل الإيمان ويوجب للمصدق الدخول فيه ولا يوجب له استكمال منازله ولا يسمى مؤمنًا مطلقاً هذا مذهب جماعة أهل السنة إن الإيمان قول وعمل
قال أبو عبيد وهو قول مالك والنووى والأوزاعي ومن بعدهم من أرباب العلم والسنة
الذين كانوا مصابيح الهدى وأئمة الدين من أهل الحجاز والعراق والشام وغيرهم قال ابن بطال وهذا المعنى أراد البخارى رحمه الله إثباته فى كتاب الإيمان وعليه بوب أبوابه
كلها فقال باب أمور الإيمان
وباب الصلاة من الإيمان
و باب الزكاة من الإيمان
۸۹
متكئون لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون سلام قولا من رب رحيم فليست بحاجة إلى شرح
أو تفسير
وحينما تقول موعظة وإنذارا ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا
ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون وقالوا الجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون وذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين فليست بحاجة إلى شرح أو تفسير - ثم إن الموضوعات التي تتحدث فيها هذه الآيات المكية موضوعات غيبية والموضوعات الغيبية دقيقة وغاية فى الدقة فهل إذا تحدث الرسول علا في هذه الموضوعات ونقل عنه هؤلاء شفوياً وهم حديثو عهد بالإسلام وقريبو عهد بالجاهلية الوثنية هل سيحسنون التعبير عنها أو يقولونها كما تحدث بها الرسول ع ل فى دقته الدقيقة وفهمه الواعي عن الله سبحانه وتعالى
من أجل ذلك أمر الرسول ألا يكتب عنه غير القرآن وحكمة هذا الأمر وتعليله واضح كل الوضوح مما ذكرنا ولكن فى فترة العهد المدنى تغير الوضع
ها هو ذا الإسلام ينتشر انتشاراً واسعاً وسريعاً وها هى ذى الأمة الإسلامية الناشئة المؤمنة القوية تبعث الأمل واسعاً في أن دين الله سينتشر في الآفاق وسيعم نوره الأقطار وستحطم كلمة صروح الباطل وسيتم الله نوره ولو كره المشركون وسيعم لألاؤه برغم أنوف الكافرين ومن أجل هذه الأمة بدأ الوحى ينزل أرسالا أرسالا بالتشريع في جميع أ دولی ألوانه تشريع
الحق
وتشريع جنالى وتشريع مدنی
6
وتشريع للعبادة وتشريع للأحوال الشخصية لقد بدأ التشريع الإلهى بنظم حياة الفرد عبادة ومعاملة حياته مع نفسه وحياته مع
أمته وحياته مع
الله تعالى
لقد أخذ بنظم حياة الإنسان منذ أن يستيقظ في الصباح إلى أن ينتهى به الأمر إلى الصحو من جديد في صباح تال
وينظم حياته من أسبوع إلى أسبوع ومن شهر إلى شهر ومن عام إلى عام وينظم حياته في ذاته وينظم حياته في أسرته وينظم حياته في مجتمعه وينظم حياة المجتمع الإسلامي كله في الكون كله وما كان يتأتى أن يتعرض الوحى فى ذلك للتفصيلات المفصلة ولا للجزئيات الجزئية
۹۰
التي لا تعد ولا تحصى ولكنه كان يفصل تفصيلا يشبه أن يكون تاماً في الأمور التي تكون عادة
مثار النزاع وخصوصاً - الماليات كالميراث وكتابة الدين مثلا
ويضع قواعد عامة شاملة تتضمن الجزئيات المتعددة في موضوعات أخرى وكان لابد من
أن يستفيض الرسول في البيان والشرح والتفسير وكان المسلمون قد ألفوا الجو الإسلامى وألفوا الأسلوب القرآني عرفوا مفهوم الشرك ومفهوم التوحيد وتبينت لهم الفروق الفاصلة بين العلم والجهل وبين الإسلام والجاهلية وبين توجيه الوجه للذى فطر السموات والأرض وتوجيهه للأصنام أو الشهوات أو اللهو ولم يكن هناك من خوف على خلط أسلوب القرآن الكريم بغيره
وكان لابد من تقييد شروح الرسول عل وتفسيراته لم تكن هناك ظروف توجب عدم كتابة الحديث وكانت هناك ظروف توجب كتابته
ومن أجل ذلك أباح الرسول عمال الليل كتابته بعد أن كان قد نهى عنها وبدأ الصحابة - رضوان الله عليهم يكتبون
روى الإمام البخاري في كتاب العلم باب كتابة العلم قال حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا وكيع عن سفيان عن مطرف عن الشعبى عن أبي حنيفة قال قلت لعلى هل عندكم
كتاب
قال لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة قلت فما في هذه الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر ويروى الإمام البخاري حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن خزاعة قتلوا رجلا من بنى ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه فأخبر بذلك النبي فركب راحلته فخطب فقال
إن الله حبس عن مكة القتل أو الغيل شك أبو عبد الله وسلط عليهم رسول الله الله والمؤمنين ألا وإنها لم تحل لأحد قبلى ولم تحل لأحد بعدى ألا وإنها حلت لى ساعة من نهار ألا وإنها ساعتى هذه حرام لا يختلى شوكها ولا يعضد شجرها ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد فمن قتل فهو بخير النظرين إما أن يعقل وإما أن يقاد أهل القتيل
فجاء رجل من أهل اليمن فقال اكتب لي يارسول الله
فقال اكتبوا لأبي فلان
۹۱
فقال رجل من قريش إلا الإذخر يارسول الله فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا
فقال النبي له إلا الإذخر إلا الإذخر
قال أبو عبيد الله يقال يقاد بالقاف
فقيل لأبي عبيد الله أي شيء كتب له
قال كتب له هذه الخطبة
ويقول البخاري
هريرة
حدثنا على بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا عمرو قال أخبرني وهب بن منبه عن أخيه قال سمعت أبا هريرة يقول ما من أصحاب النبي ع الا الله أحد أكثر حديثاً عنه منى إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب تابعه معمر عن همام عن أ و انتهى البخاري ولقد اشتهرت كتابة عبد الله بن عمرو لكل ما يصدر عن رسول الله حتى لقد نوقش فى ذلك من بعض القرشيين يقول حسما يروى فى سنن الدارمي وغيره كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله و رسول الله مع بشر يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله فأومأ بأصبعه إلى فيه وقال منه اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج إلا حق وروى عن أبي هريرة - كما يذكر الترمذى - أن رجلا من الأنصار كان يشهد حديث رسول الله الله فلا يحفظه فيسأل أبا هريرة فيحدثه ثم شكا قلة حفظه إلى الرسول ع استعن على حفظك بيمينك أى بالكتابة
فقال له
وروى عن رافع بن خديج كما يذكر في كتاب تقييد العلم أنه قال قلنا يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها قال اكتبوا ولا حرج على أنه قد روى عن رسول الله علم أنه كتب كتاب الصدقات والديات والفرائض والسنن
لعمر بن حزم وغيره كما يروى ذلك صاحب كتاب جامع بيان العلم وفضله هذا ما كان من بعض الصحابة فى عهد الرسول ع وتكثر الروايات فيما كان من كتابة الصحابة بعد انتقاله صلوات الله وسلامه عليه إلى الرفيق الأعلى ففي مسند الإمام أحمد عن أبي عثمان النهدى قال
كنا مع عتبة بن فرقد فكتب إليه عمر بأشياء يحدثه عن النبي فكان فيما كتب إليه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يلبس الحرير فى الدنيا إلا من ليس له في الآخرة منه شيء إلا
هكذا
۹۳
الحديث من كبارهم فكانوا يأخذونه عنهم
كما كان يرحل بعضهم إلى بعض من أجل طلب الحديث فقد أخرج البخاري في الأدب المفرد وأحمد والطبرانى والبيهقى واللفظ له عن جابر بن عبد الله قال بلغني حديث عن رجل من أصحاب النبي الله عن رسول الله الا الله لم أسمعه فابتعت بعيراً فشددت عليه رجلى ثم سرت إليه شهراً حتى قدمت الشام فإذا هو عبد الله بن أنيس الأنصارى فأتيته فقلت له حديث بلغنى عنك أنك سمعته من رسول الله لعل الله في المظالم لم أسمعه فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه فقال سمعت رسول الله الا الله يقول يحشر الناس غزلاً بهما قلنا ومالهم قال ليس معهم شيء فيناديهم نداء يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الديان لا ينبغى لأحد من يدخل النار واحد من أهل الجنة عنده مظلمة حتى أقتصها الأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلة حتى أقتصها
أن
أهل النار ولا ينبغى منه حتى اللظمة
قلنا كيف وإنما نأتى عراة غُزلاً بُهماً قال بالحسنات والسيئات
منه
وأخرج البيهقى وابن عبد البر عن عطاء بن أبي رباح أن أبا أيوب الأنصارى رحل إلى عتبة ابن عامر يسأله عن حديث سمعه من رسول الله الله لم يبق أحد سمعه منه غيره فلما قدم إلى منزل مسلمة بن مخلد الأنصاري - وهو أمير مصر - فخرج إليه فعانقه - ثم قال ما جاء بك يا أبا أيوب قال حديث سمعته من رسول الله في ستر المؤمن
فقال نعم
القيامة
مصر
سمعت رسول الله يقول من ستر مؤمناً فى الدنيا على كربته ستره الله يوم
ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فركبها راجعاً إلى المدينة فما أدركته جائزة مسلمة إلا بعريش
ولقد وقر في أذهان الناس بصورة راسخة أن السنة لم تُدوّن إلا في القرن الثاني ومن أجل اقتلاع هذه الفكرة الخاطئة أطلنا في نقل بعض النصوص التي تثبت الحقيقة وهى أن السنة دونت
في القرن الأول في عهد الرسول الله وفى عهد الصحابة الأجلاء ومن أجل زيادة الأمر وضوحاً ومن أجل تأكيد الحقيقة في الأذهان ننقل هنا أيضاً رأى الأستاذ الجليل السيد سليمان الندوى كبير علماء مسلمى القارة الهندية في هذا العصر ننقله عن كتابه النفيس و الرسالة المحمدية وهو محاضرات ألقاها في جامعة مدراس
٢٩٤
يقول وإنى أكشف القناع لأول مرة في ناديكم هذا بأن من زعم بأن الأحاديث النبوية لم تدوّن إلى مائة سنة أو تسعين سنة قد أخطأ والتاريخ يعارضه
والسبب في هذا الخطأ
ظنهم
أن أول كتاب فى الحديث النبوى كتاب الموطأ لمالك
ابن أنس وأول كتاب فى السيرة كتاب المغازى لابن إسحاق وهذان الإمامان الجليلان كانا معاصرين وتوفى الأول ۱۷۹ هـ والثاني سنة ١٥١ هـ فاعتبروا العقود الأولى من القرن الثاني بداية تدوين الأخبار والسير
والأمر ليس كذلك فإن بواكير التدوين ابتدأت قبل ذلك بكثير وقد كان أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز المتوفى سنة ۱۰۱ عالماً جليلاً ولى إمارة المدينة ثم استخلف سنة ٩٩ وقد عهد إلى القاضي أبي بكر بن محمد بن عمر بن حزم الذي كان إماماً في الحديث والخبر أن يبدأ في تدوين سنن النبي الله وأخباره لأنه خاف على العلم أن يرفع شيئاً فشيئاً وخاف دروس العلم وعفاءه وقد ذكر هذا في تعليقات البخارى والموطأ لمالك والمسند للدارمى فقام بذلك أبو بكر بن حزم وكتبت الأحاديث والأخبار والسنن في القراطيس وأرسلت إلى دار الخلافة بدمشق ونسخت فى الصحف والكتب وبعث بها إلى البلاد الإسلامية وكبريات المدن يومئذ مختصر جامع بيان العلم للحافظ بن عبد البر من ١٣٨ فأبو بكر هذا الذي علمتم مكانته من العلم والفضل وكان قاضياً بالمدينة المنورة هو الذي اختاره عمر بن عبد العزيز لهذا العمل الجليل لعلمه وفضله ولأن خالته عمرة كانت من كبريات تلميذات أم المؤمنين عائشة وكان ما روته خالته عمرة عن أم المؤمنين عائشة محفوظاً فأوعز إليه عمر بن عبد العزيز بتدوين مرويات خالته وقد اختصها بالذكر في كتابه إليه ويتابع السيد سليمان الندوى حديثه فيقول
عنده
وأمر فكتبت أحكام الزكاة وما تجب فيه ومقادير ذلك فكتبت مشروحة مفصلة في صفحتين وبعث بصورة ذلك إلى أمراء البلاد وولاتها وبقيت محفوظة في بيت أبي بكر الصديق وأبى بكر بن عمرو بن حزم الدار قطني في كتاب الزكاة ص ٢٠٩ وكان عند عمال الزكاة رسائل فيها أحكام الزكاة وكان لمرويات عبد الله بن عباس كراريس عدة وجاءه قوم من أهل الطائف بكراسة منها ليرويها عنه العلل للترمذى ص ٦٩١
وكان سعيد بن جبير يكتب روايات عبد الله بن عباس الدارمي ٦٩ وبقيت صحيفة عبد الله بن عمرو الصادقة موجودة عند حفيده عمرو بن شعیب سنن الترمذى ۹٣ ص ٦١
٢٩٥
۱۱۳ وكانوا يضعفون عمرو بن شعيب لأنه يرونى من الصحيفة وكان ينبغي له أن يروى من
حفظه
وجمع وهب التابعى روايات جابر بن عبد الله وكانت عند إسماعيل بن عبد الكريم وضعفوه لأجل ذلك تهذيب التهذيب لابن حجر ٣١٦ ويروى سليمان بن سمرة بن جندب أنه كان عند أبيه صحيفة فيها أحاديث وكذلك روى ابنه حبيب بن سليمان - تهذيب التهذيب ۱۹۸
وجمع همام بن منبه روايات أبي هريرة وهو أكثر الصحابة رواية وأوعاهم حفظاً لأحاديث الرسول ع فصارت تعرف صحيفته بين المحدثين بصحيفة همام وقد أوردها الإمام أحمد
ابن حنبل في الجزء الثانى من مسنده ص ۳۱ - ۳۱۸ الطبعة الأولى وكذلك بشير بن نهيك كتب مروياته عن أبي هريرة في كتاب وقرأه عليه كتاب العلل للترمذى ص ٦٩١ والدارمى ص ٦٨ والسنن الكبرى للبيهقى ١٠ ۸۰ وذكر ابن حجر فى كتابه فتح البارى أن أبا هريرة جاء برجل إلى بيته وأراه أوراقاً وقال هذه رواياتي وقال الذى روى ذلك إنها لم تكن مكتوبة بيده فتح البارى ١ 14 - ١٨٥ وكان أنس بن مالك - وهو معروف بكثرة الروايات يقول لأولاده يا بني اكتبوا العلم وفيدوه بالكتابة الدارمي ص ٦٨
وكان تلميذه أبان يكتب رواياته بين يديه الدارمي ٦٨
وروى عن سلمى قالت رأيت عبد الله بن عباس يستملى أبا رافع خادم رسول الله الله ما كان الله يفعل أو يقول طبقات ابن سعد ۱۳// والواقدى وهو من متقدمى المصنفين فى السيرة النبوية يقول رأيت عند عبد ا
الله
بن
عباس
الكتاب الذى أرسله رسول الله إلى المنذر بن ساوى سيد عمان مع كتب أخرى زاد المعاد
وفى تاريخ الطبري أن عروة بن الزبير كتب جميع ماكان في غزوة بدر مفصلا إلى عبد الملك الخليفة الأموى الطبرى ١٢٨٥ ويقول سعيد بن جبير التابعي كنت أكتب على الأقتاب ما أسمعه في الليل من عبد الله
ابن عمر وعبد الله بن عباس فإذا أصبحت كتبته واضحاً الدارمي ص ٦٩ وكان أصحاب البراء بن عازب يكتبون عنه رواياته الدارمي ص ٦٩ وكان نافع - وقد صحب ابن عمر ثلاثين سنة - يملى على الناس الدارمي ص ٦٩
٢٩٦
وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود أنه أخرج كتاباً وقال وايم الله هذا ما كتبته يد ابن مسعود جامع العلم لابن عبد البر ص ١٧ ونتابع الحديث في الموضوع على الرغم من أن الأمر أصبح واضحاً فنضيف إلى ما سبق أن مروان قد خطب فى الناس فذكر مكة وحرمتها فقال رافع بن خديج بصوت يسمعه الناس والمدينة حرم حرمها رسول الله الا الله وهو مكتوب عندنا في أديم خولا في إن شئت أن نقرئكه
فعلنا
فناداه مروان أجل قد بلغنا ذلك مسند الإمام أحمد بن حنبل ٤ ١٤١ وأرسل الضحاك بن قيس كتاباً إلى النعمان بن بشير يسأله فيه عن السورة التي كان رسول الله يقرؤها في صلاة الجمعة غير سورة الجمعة
فكتب إليه يقول كان يقرأ هل أتاك صحيح مسلم وكتب عمر بن الخطاب إلى عتبة ابن فرقد كتاباً ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير صحيح مسلم ويقول مجاهد رأيت عند عبد الله بن عمرو كتاباً فسألته ما هذا فقال هذه الصادقة
فيها ما سمعته من رسول الله الا الله ليس في ذلك بيني وبينه أحد ولما ولى رسول الله عمرو بن حزم اليمن وبعثه إليها أعطاه أحكاماً مكتوبة في الفرائض
6
والصدقات والديات كتر المال ٣ ١٨٦ وتلقى عبد الله بن حكيم كتاباً من رسول الله الله فيه أحكام الحيوانات الميتة المعجم الصغير للطبراني ص ۱۷ ولما أراد وائل بن حجر أن يرجع إلى بلاده حضرموت ناوله رسول الله كتاباً فيه أحكام الصلاة والصوم والربا والخمر وغير ذلك الطبرانى ٢٤٢ ولما وجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب السؤال إلى أصحاب رسول الله عمال اللي في نصيب المرأة من دية زوجها قام الضحاك بن سفيان
مائة ألف
فقال نعم عندنا كتاب من رسول الله الا الله يبين فيه ذلك الدار قطني ٢ ٤٨٥ ١٤٨ وقد بلغ عدد الصحابة رضى الله عنهم في آخر حياة النبي -- عندما نحج حجة الوداع ومن هؤلاء عشرة آلاف صحابي مذكورة أسماؤهم وأحوالهم في كتب التاريخ التي أفردت تدوين أحوالهم خاصة وأن التاريخ لم يهتم بتدوين أحوالهم ولم يحفظ لنا شئونهم إلا لأن كل واحد منهم حفظ شيئاً من أقوال النبي الله وأفعاله وتصرفاته وهديه وسيرته ١٤٨ انظر السنة قبل التدوين والسنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ورجال الفكر والدعوة
۹۷
لقد توفى رسول الله سنة ۱۱ من الهجرة النبوية وبقى فريق من كبار الصحابة بعده إلى سنة أربعين وبقى بعد ذلك من الصحابة الذين كانوا أحداثا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم عدد غير قليل فلما انقرض ذلك الجيل لم يبق من الصحابة أحد وانطفأ كل سراج أوقد بنور النبوة وإليكم أسماء آخر من مات من الصحابة والبلاد التي ماتوا فيها وسنوات وفاتهم
آخر الصحابة مونا
المدن التي توفوا فيها
سنة الوفاة
1 - أبو أمامة
الشام
- عبد الله بن الحارث بن جزء ٣ - عبد الله بن أبي أوفى
0 -
السائب بن زيد
- أنس بن مالك
مصر
الكوفة
المدينة
البصرة
٨٦
٨٦
۹۱
وأنس بن مالك هذا الذى كان آخر من بقى من الصحابة كان الخادم لرسول الله
واستمر في خدمته عشر سنوات متوالية
ومعظم هذه الثروة الحديثية كما يقول الأستاذ الجليل أبو الحسن الندوي قد كتب ودون بأقلام رواة في العصر الأول وقد يزيد ما حفظ فى الكتب والدفاتر كتابة وتحريراً في العصر النبوى وفى عصر الصحابة رضي الله عنهم على عشرة آلاف حديث إذا جمعت صحف ومجاميع أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وعلى وابن عباس رضي الله عنهم فيمكن أن يقال إن ما ثبت من الأحاديث الصحاح واحتوت عليه مجاميعها ومسانيدها قد كتب ودوّن في عصر النبوة وفى عصر الصحابة قبل أن يدوّن الموطأ والصحاح بكثير
جمعت السنة إذن – جميعها تقريباً - في عهد الرسول الله وعهد الصحابة جمعت دون
ترتيب ولا تنسيق
جمعت متفرقة متناثرة يكتب هذا الحديث والحديثين ويكتب الآخر المائة والمائتين ويزيد
الثالث عن ذلك ويملى الرابع من حفظه على الآخرين وهكذا وفى ذلك لم يكن لأحد اهتمام بالتنضيد أو التنسيق
۹۸
يقول الأستاذ العالم الورع المثبت أبو الحسن الندوي في كتابه رجال الفكر والدعوة ما يلى وإذا جمعت هذه الصحف والمجاميع وما احتوت عليه من الأحاديث كونت العدد الأكبر من الأحاديث التي جمعت في الجوامع والمسانيد والسنن في القرن الثالث وهكذا يتحقق أن المجموع الكبير الأكبر من الأحاديث سبق تدوينه وتسجيله – من غير نظام
pic
وترتيب - في عهد الرسول وفى عصر الصحابة رضى الله ويتحدث الأستاذ أبو الحسن الندوى عن الوهم الشائع بين الناس من أن السنة لم تدون إلا في
القرن الثالث ويعلل هذا الوهم تعليلا منطقيا فيقول
وقد شاع في الناس - حتى المثقفين والمؤلفين - أن الحديث لم يكتب ولم يسجل إلا في القرن الثالث الهجرى وأحسنهم حالا من يرى أنه قد كتب فى القرن الثانى وما نشأ ذلك الغلط إلا عن
طريقتين
الأولى أن عامة المؤرخين يقتصرون على ذكر مدونى الحديث في القرن الثاني ولا يعنون بذكر هذه الصحف والمجاميع التي كتبت في القرن الأول لأن عامتها فقدت وضاعت مع أنها اندمجت وذابت فى المؤلفات المتأخرة الثانية أن المحدثين يذكرون عدد الأحاديث الضخم الهائل الذي لا يتصور أن يكون قد جاء مع أن عدد الأحاديث الصحاح غير
في هذه المجاميع الصغيرة التي كتبت في القرن الأول
المتكررة المتجردة من المتابعات والشواهد لايزال قليلا
وقد نبه على ذلك العلّامة مناظر أحسن الكيلاني رئيس القسم الديني سابقاً في الجامعة بحيدر
أباد في كتابه العظيم تدوين الحديث يقول رحمه الله وقد يتعجب الإنسان من ضخامة عدد بن حنبل كان يحفظ أكثر من سبعمائة ألف حديث
الأحاديث المروية فيقال إن
أحمد
وكذلك يقال عن أبي زرعة ويروى الإمام البخارى أنه كان يحفظ مائتي ألف من الأحاديث الضعيفة ومائة ألف من الأحاديث الصحيحة
ويروى عن مسلم أنه قال جمعت كتابي من ثلاثمائة ألف حديث ولا يعرف كثير من المتعلمين - فضلا عن العامة أن الذى يكون هذا العدد الضخم هو كثرة المتابعات والشواهد التي عنى بها المحدثون
فحديث إنما الأعمال بالنيات مثلا يروى من سبعمائة طريق فلو جردنا مجاميع الحديث من هذه المتابعات والشواهد لبقى عدد قليل من الأحاديث
وباب الجهاد من الإيمان وسائر أبوابه
وإنما أراد الرد على المرجئة في قولهم إن الإيمان قول بلا عمل وتبين غلطهم وسوء اعتقادهم ومخالفتهم للكتاب والسنة ومذاهب الأئمة
وينهج الإمام الطبرى هذا النهج أيضًا فيقول الإيمان - كلمة جامعة الإقرار بالله وكتبه
ورسله وتصديق الإقرار بالفعل ا هـ بيد أن العامة - وهى دائما الأكثرية - انتهت بالإيمان إلى أن أصبح – على حد تعبير الشيخ محمد عبده و يطلق عند الناس على ذلك الاستسلام التقليدى الذى لم يأخذ من النفس إلا ما أخذ اللفظ من اللسان وليس له أثر فى الأفعال لأنه لم يقع تحت نظر العقل ولم يلحظه وجدان القلب بل أغلقت عليه خزانة الوهم ومثل هذا الذى يسمونه إيمانا لا يفيد في إعداد القلب للاهتداء بالقرآن
وهذا الذي غلب على العامة من معنى الإيمان أثر على بعض علماء الكلام أنفسهم فتناقشوا نقاشاً طويلا فى معنى الإيمان وهل هو التصديق بالقلب فحسب بالغا ما بلغ هذا التصديق من الضعف والسلبية أو إنه تصديق وفعل وقد أراق المتكلمون كثيرًا من المداد لتحبير العشرات من الصفحات في هذا الموضوع
وإذا تدخل العامة فى الشئون العلمية وإذا تأثر العلماء بآراء العامة متخلفين بذلك عن القيادة متخلين بذلك عن القيادة الرشيدة فإن الأمر ينتهى لا محالة بأن ينزل العلماء إلى المستوى الشعبى و شاعرين بهذا النزول أو غير شاعرين ومن هنا كان الرأى يسود في بعض أوساط المتكلمين أن الإيمان مجرد التصديق مها كانت منزلة هذا التصديق من الهزل والسلبية وكان من فضل الله علينا أن بين لنا سبحانه مقاييس الإيمان في كتابه الكريم والصور الإيمانية في هذا الكتاب الخالد لاتكاد تحصى وكان من فضل الله أيضًا أنَّ الرسول صلوات الله عليه بكلامه وفعله وسيرته يحقق مثلا أعلى للإيمان كما أراد الله ورسوله ونريد - بتوفيق الله - في حديثنا عن الإيمان أن نتخذ الأساس القرآن الكريم وأحاديث صحيحة رواها الإمام البخارى والإمام مسلم في أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى وقد ذكرنا بعض الآيات القرآنية فيما سبق أما الأحاديث فعن أبي هريرة رضى الله عنه يقول رسول الله الله الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان رواه الإمام البخارى وروى الإمام مسلم عن أبى هريرة عن
۹۹
فالجامع الصحيح للبخاري لا تزيد الأحاديث التى رويت بالسند الصحيح فيه على ألفين
وستمائة وحديثين
وأحاديث مسلم يبلغ عددها أربعة آلاف حديث
وهكذا لا يبلغ عدد الأحاديث المروية في كتب الصحاح الستة ومسند أحمد وكتب أخرى
خمسين
ألف
حديث منها الصحيح ومنها السقيم ومنها المتفق عليه ومنها المتكلم فيه وقد صرح الحاكم أبو عبد الله - الذى يعد من المتسامحين المتوسعين - أن الأحاديث التي في الدرجة الأولى لا تبلغ عشرة آلاف توجيه النظر ص ٩٣ ويقول الأستاذ
ولم ينتصف القرن الثاني حتى كانت حركة الجمع والتدوين أنشط وأقوى وكان ممن سبق إليها من رجال هذا القرن
المدنى
تتابع
ابن شهاب الزهرى وابن جريج المكى وابن إسحاق -- معمر اليمني - سعيد بن أبي عروبة - ربيع بن صبيح - سفيان الثورى - مالك بن أنس - الليث بن سعد - وابن المبارك - ثم
الناس
في موافقة السنة للقرآن
أن تكون موافقة لما جاء فى القرآن فتكون واردة حينئذ مورد التأكيد ومن أمثلة ذلك ۱ - قوله و لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه رواه الديلمي فإنه يوافق قوله تعالى يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل - قوله اتقوا الله فى النساء فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله
واستحللتم فروجهن بكلمة الله فإنه يوافق قوله تعالى وعاشروهن بالمعروف قوله له إن الله يملى للظالم فإذا أخذه لم يفلته يوافق قوله تعالى وكذلك أخذ
ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة
أن تكون دالة على حكم سكت عنه القرآن و ومن أمثلة هذا النوع
1 - قوله لا في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته
- قوله في الجنين الخارج ميتاً من بطن أمه الذكاة وذكاة الجنين ذكاة أمة ۳ - الأحاديث الواردة في تحريم ربا الفضل
- الأحاديث الواردة فى تحريم كل ذا
السباع وكل ذى مخلب من الطيور وتحريم
لحوم
الحمر
في أقسام الحديث النبوى
لقد اعتمد أسلافنا منهج الرواية أولا ثم بينوا عن طريق هذا المنهج نفسه الصحيح
والحسن
والضعيف والموضوع وكتبوا في كل ذلك ولقد ساهم الإمام السيوطى رضى الله عنه بقسط وافر في هذا المجال وكتابه اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة أشهر من أن يتحدث عنه ولم يكتف أسلافنا ببيان الموضوع والضعيف والحسن والصحيح وإنما اتخذوا قواعد عامة منها - مثلا - أن القرآن الكريم وعمل الرسول ع الا الله وعمل الصحابة كل ذلك مهيمن كمقياس للصحة والبطلان وقواعد الدين العامة وأصوله الصحيحة ومبادئه بل فروعه إن كل ذلك واضح لدى
المسلمين منذ
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا اعتمد أسلافنا منهج الرواية والتزموه ونقدوا المنتقد منه وأثبتوا ما ثبت وزينوا ما زان وسجلوا كل ذلك فحققوا بهذا ما هو جدير بهم من سعة الأفق ومن هذه النهضة العلمية الأصيلة أبانوا أنهم أفهم الناس للروح العلمية الأصيلة وآفاق البحث في أدق صوره
فجزاهم الله عن العلم وأهله خيراً
في رواية الحديث عن المتخصصين
مثل من الإمام مالك بن أنس
وكان يتحرى التخصص المتخصص ويروى عنه - فيما يتعلق بناحية التخصص أنه قال
ه لقد أدركت بالمدينة أقواماً لو استسقى بهم القطر لسقوا أى أنهم من الصلاح بحيث لو دعوا الله أن ينزل المطر لاستجاب لهم وقد سمعوا من العلم والحديث شيئاً كثيراً وما أخذت عن واحد منهم وذلك أنهم كانوا قد ألزموا أنفسهم خوف الله والزهد
۳۰۱
ويقول هذه الكلمة البالغة العمق
شيئاً وإن أحدهم لو اؤتمن على بيت
إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه لقد أدركت سبعين ممن يقول قال رسول الله الله عند هذه الأساطين - وأشار إلى المسجد - فما أخذت عنهم مال لكان أميناً إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن ويريد أن يقول في هؤلاء وأولئك إنهم ليسوا من أهل الحديث ومن الجائز وهم غير متخصصين فى هذا الشأن أن يقرر بهم أو أن يرووا حديثاً ضعيفاً ويريد أيضاً أن يقول إن الصلاح غير العلم وإنه لا يلزم من وجود الزهد أو الأمانة أن يكون الزاهد أو الأمين نقادة
متثبيتاً
ومع
هذا التحرى ومع هذا الجهد فى التثبت فإنه ما كان يروى كل ما يسمع ويقول إن عندى لأحاديث ما حدثت بها قط ولا سمعت منى ولا أحدث بها حتى أموت وقال مالك يوماً سمعت من ابن شهاب أحاديث لم أحدث بها إلى اليوم
فقال له قائل لِمَ يا أبا عبد الله فقال لم يكن العمل عليها فتركتها
ورد مالك على السائل هو المفتاح الذى نفسر به هذا الموضوع الذي يتساءل عنه الناس كثيراً وذلك أن مالكاً رضي الله عنه كان قد اتخذ مبادئ نقدية محددة لقبول الحديث منها 1 - أن يكون المُحدِّث من رجال الحديث متخصصاً فيه
وأن يكون صاحب ذاكرة قوية
٣- وألا يكون من أصحاب الأهواء
10
- وألا يخالف الحديث أصلا من أصول الدين
وألا يتعارض في وضوح مع عمل أهل المدينة
6
فإذا فقد شرط من هذه الشروط في الحديث فإن مالكاً لا يرويه ومع أن ابن شهاب ثقة ومع أنه من شيوخ الإمام مالك فإنه لما تعارضت بعض أحاديثه مع عمل أهل المدينة لم يرو الإمام عنه ما تعارض عنها وهكذا فيما روى لما لم يستكمل شروط الصحة
في شرح قول رسول الله الله
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نرى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه
٣٠٢
يدلنا هذا الحديث الشريف على أن صحة الأعمال الصالحة إنما هي بالنية الخالصة لله
ورسوله
والواقع أنه ليس الأمر أمر النية فحسب وإنما الأمر أيضاً خلوص النية في أعمال الخير كلها ومعنى خلوص النية أن يريد الإنسان بالعمل الصالح وجه الله وحده عن الضحاك بن قيس قال قال رسول الله الله إن الله تبارك وتعالى يقول أنا خير شريك فمن أشرك معى شريكاً فهو لشريكي ثم يقول رسول الله يأيها الناس أخلصوا أعمالكم فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له ولا تقولوا هذه الله وللرحمة فإنها للرحم وليس الله منها شيء ولا تقولوا هذه الله ولوجوهكم فإنها لوجوهكم وليس الله منها شيء
في حديث
ه الناس معادن خيارهم فى الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا
ظاهر المعنى أن كل امرئ يتصرف بما طبع عليه فأهل الخير والبر والإحسان إذا لين الله قلوبهم بالإيمان الكامل وعمرها بالعلم النافع كانوا خير الناس لتوافر الدافعين أولها العلم المبين للخير والمميز للأصلح
وثانيها حسن المعدن وكرم الأصل فى التزام المروءة وتحرى الخير
في بر الوالدين
روى أبو داود عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدى رضى الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله الله إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال
يا رسول الله هل بقى من بر أبوى شيء أبرهما به بعد موتهما قال نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما وإكرام
صديقها
ومن المستحب للأموات قراءة القرآن فى البيوت بعيداً عن المقابر - مع عدم إهمال الدعاء
والاستغفار وفاء بحقها قياماً بحق برهما وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
٣٠٣
أما إذا تركها المسلم فيكفيه منها الدعاء والاستغفار وإلا كان مقصراً في حق والديه ناكراً الجميلهما عليه ومن سمات المؤمنين الوفاء وسيعاقب بقدر تفريطه وإهماله
في معنى علماء أمتى كأنبياء بني إسرائيل
لم يعتبر المحدثون الكلمة القائلة علماء أمتى كأنبياء بني إسرائيل لم يعتبروها حديثاً ولم تثبت عندهم وإن كان معناها في ذاته صحيحاً فإن أنبياء بني إسرائيل كانوا قائمين بالوحى المتتابع على دین الله ولما ختمت النبوة بسيدنا محمد ما قام على الدين - جيلا بعد جيل – العلماء
حفظ
الأثبات والحفظة والثقات
في حديث
ه الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها
رواه أبو داود والحاكم وابن ماجه وأبو سعيد الخدرى
ومعناه التوجيه إلى دوام تطهير الثياب من النجاسة وهذا ما فهمه أبو سعيد الخدري حينما طلب ثياباً جديدة يستعد بها لاستقبال الموت وقيل إن المراد بالثياب العمل أي يبعث على عمله الذي مات عليه حسناً أو قبيحاً والذى نراه أن المراد الثياب الملبوسة وأن الحديث يفيد وقوع البعث للأجساد بأوضح بيان حيث إن البعث سيشمل الثياب التي مات الإنسان فيها فضلاً عن الجسد
في حديث
ارحموا اليتامى وأكرموا الغرباء إلخ
ليس بالقوى فقد قال ابن الدبيغ الشيبانى وردت أحاديث في إكرام الغرباء وكلها ضعيفة ومن المعروف أن الإسلام يحث على إكرام اليتيم ويجعل أكل أموال اليتامى أكلاً للنار في البطون والله تعالى يقول لرسوله عل يحث على إكرام اليتيم ويجعل أكل أموال اليتامى أكلاً للنار في البطون إنّ الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً والله تعالى يقول لرسوله ووجدك يتيماً فآوى وأما المراد بالغريب هنا فلعله غريب الدين إن الذى يتمسك بدينه حال الفتن وانتشار الضلال كالغريب كما في حديث بدأ الإسلام غريباً فطوبى للغرباء قيل ومن الغرباء قال الذين يصلحون إذا فسد الناس
في شرح حديث
روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله الله قال
عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البر والبر يهدى إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور وإن الفجور يهدى إلى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً وقد تحدث رسول الله صلوات الله عليه عن علامات المنافق فكانت العلامة الأولى من علاماته حسبما رواه البخاري ومسلم أنه إذا حدث كذب
فالكذب إذن مجانب للإيمان وهو كما يروى عن رسول الله صلوات الله عليه يسود الوجه من كل ذلك نتبين أن الكذب حرام وأن الكاذب آئم ومما له مغزاه إن بعض الفرق الإسلامية تجعل حرمة الكذب أشد من حرمة الزنى والسرقة والله سبحانه وتعالى يقول إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب
شرح حدیث
عن أبي هريرة رضى الله عنه فيما رواه مسلم قال قال رسول الله صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا كذا
إن هذا الحديث الشريف يساند الآيات القرآنية التي تحدد موقف الإسلام من تبرج المرأة تحديداً لا لبس فيه يقول سبحانه ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى يأمر الله تعالى المسلمات ألا يبدين من زينتهن إلا ما ظهر منها وهو الوجه والكفان وأن
الإيمان السليم والإسلام الصحيح والخلق الكريم كل ذلك يريد للمرأة إجلالاً لها واحتراماً - أن تنأى بنفسها وتسمو بكرامتها عن أن تعتبر نفسها سلعة تعرض نفسها شبه عارية في الشوارع والمجتمعات على أنظار المارة والمجتمعين
٣٠٥
وما من ريب في أن المرأة العاقلة تأبى عليها عزتها ويأبى عليها دينها أن تضع نفسها متعمدة موضع الخنسة بكشفها ما حرم الله أن يكشف وأن تعرض نفسها في غير كرامة إلى أن تصب عليها لعنة الله والملائكة وصالح المؤمنين ومما لا شك فيه أن الشبان فضلاً عن الرجال يحتقرون ويزدرون هذه السلع من الفتيات والنساء اللاتى يعرضن أجسادهن رخيصة مهيئة وأن الملاحظة العابرة عن الملاحظة المتروية ترشد في صورة واضحة إلى أن احترام الشبان والرجال إنما هو للمحتشمات في الطرقات والمواصلات يقول الله تعالى يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من
جلابيبهن
في شرح حديث
ه المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً
فما هو التطبيق الواجب لهذا الحديث بالنسبة للاعتداءات الإسرائيلية على الأماكن المقدسة وأرض العرب التطبيق الواجب لهذا الحديث هو أن على المسلمين أن يعلموا أن الجهاد واجب مقدس على كل مؤمن ومؤمنة كل فيما يخصه وللجهاد مقدمات تحرز له النصر وتنأى بالمجاهدين عن الهزيمة تلك المقدمات هي قيام كل مؤمن ومؤمنة بواجب السمع والطاعة يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يجيبكم سورة الأنفال آية ٢٤ والنصر الذي يريده كل مجاهد من الله لا يأتى إلا بمعونته ومدده وهما لا يكونان لمن انحرف عن صراط الله الذى أمرنا به قال تعالى وأن هذا صراطى مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون سورة الأنعام ولأنه جل جلاله جعل نصره للمؤمنين مترتباً على نصر المؤمنين لدينه قال تعالى إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم سورة محمد
وقال تعالى ولينصرن الله من ينصره ولانحراف بعض المحاربين في جيش رسول الله يوم حنين حلت الهزيمة بالمسلمين أولا ولما ثابوا إلى رشدهم أنزل الله عليهم سكينته وأمدهم يجنده
وتوجهم بنصره
٣٠٦
قال تعالى ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً إلى قوله جزاء الكافرين سورة التوبة
فيها استعد المسلمون بالسلاح والرجال فإنهم لن يحرزوا نصراً ولن يأتيهم مدد الله عز وجل بالملائكة وغيرهم إلا إذا استمسكوا بدينهم وجعلوه الشعار لهم في كل شيء فحسبنا في هذا قول الله تعالى إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب إلى شديد العقاب سورة الأنفال ويقول النبي ليس الإيمان بالتمنى ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل قال تعالى يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون سورة الأنفال
وذكر الله فيه الصلوات وغيرها من الفرائض وينتظم الذكر المعروف الذي هو تنزيه الله وتهليله وحمده وهذا النوع من الذكر لا يستعصى على المجاهد في سبيل الله بل إن الصلاة نفسها يستطيع أن يؤديها المجاهد وهو يقود الطائرة والدبابة والسيارة ويصوب المدفع إلى صدر عدوه ويستطيع أن يؤديها وهو يمشى على رجليه وذلك بأن يشير برأسه إلى الركوع والسجود وغيرهما من أركان الصلاة قال تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فإن خفتم فرجالا أو ركباناً فإذا أمنتم فاذكروا الله سورة البقرة
وإسرائيل التي نعاني منها لا تستطيع الصمود أمام قوم آمنوا بربهم فأمدهم بجنده وأيدهم بنصره وعليهم أن يستكملوا عدة الجهاد من أنواع السلاح كافة ثم ينطلقوا بجحافلهم إلى تلك المقدسة البقاع ا غير مستجيبين لنداءات مجلس الأمن وهيئة الأمم فإنها لم تنشأ لخدمة الإسلام بقدر ما أنشئت لخدمة المطامع الاستعمارية
إن هذا الحديث الشريف يساير القرآن الكريم والروح الإسلامية كلها ويشرح ما يجب أن يكون عليه المسلمون في حياتهم من الاجتماع على الإيمان واتخاذه أساساً للوحدة والأخوة فالحديث الشريف يبدأ بقوله المؤمن للمؤمن ومعنى ذلك أن الانطلاق نحو الأخوة والمحبة والوحدة وجمع الشمل إنما يكون قائماً على الإيمان فإذا كان الإيمان أساساً أتى حتماً ما يترتب عليه من أن يشد المؤمن أزر المؤمن وأن يكون معه كالبنيان المتماسك الذى تكون كل لبنة فيه مستندة إلى أخرى وسائدة لها
وإذا اتخذ الإيمان أساساً انتهى التفرق والخلاف وتحقق فى العصر الحاضر ما تحقق في الماضى الذي عبر الله عنه بقوله تعالى واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم
فأصبحتم
بنعمته إخواناً
٣٠٧
ولابد من هذه الوحدة لابد منها لمصلحة العرب أنفسهم من أجل أوطانهم ولابد منها
دينيا فالله سبحانه وتعالى يقول واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا
مع
ويقول سبحانه وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله
الصابرين
والواقع أن الصهيونيين يعملون جاهدين بكل الوسائل على التفرقة بين المسلمين فى كل مكان كان هذا وما يزال دأبهم وديدنهم وحادثة شاس بن قيس مشهورة لقد مر على نفر من الأوس والخزرج فى مجلس جمعهم فغاظه صلاح ذات بينهم وقال في نفسه قد اجتمع فلان وفلان قبله في هذه البلاد ونالنا معهم إذا اجتمع ملوهم بها من قرار وأمر شاباً من اليهود كان معهم أن ينتهز فرصة يذكرهم فيها بيوم بعاث ذلك اليوم الذي انتصر فيه الأوس على الخزرج
وتكلم الغلام وأنشدهم ما قيل في ذلك اليومين من أشعار فذكر القوم ذلك اليوم وتنازعوا وتفاخروا واختصموا وقال بعضهم لبعض إن شئتم عدنا إلى مثلها وبلغ رسول الله علل ذلك الأمر فخرج إليهم فيمن معه من الأنصار والمهاجرين فذكرهم بما ألف الإسلام بين قلوبهم وجعلهم إخواناً متحابين وكان مما قال أدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية ومازال بهم حتى بكى القوم وعانق بعضهم واستغفروا الله جميعاً فما رلى يوم أقبح أولا وأحسن آخراً من ذلك اليوم وما كانت هذه المؤامرة الأولى أو الأخيرة من مؤامرات اليهود ضد الأخوة العربية ولقد تغلب عليها العرب بمبدأ الأخوة التي غرسها الإسلام منهم
بعضاً
وإذا كان هذا المبدأ قد نجح فى الماضى فهو لا محالة ناجح فى العصر الحاضر ومما لاشك فيه أن الصهيونية تعمل جاهدة على غرس بذور العداوة بين الدول العربية حتى يفشلوا وتذهب ريحهم ولكن السلام الوحيد الذي يجب أن نتحصن به دائماً لرد باطلهم الخبيث إنما هو التمسك بالأخوة
فتاوى
فاضل
الإمام عبد الحليم محمود
الجزء الأوك
الطبعة الخامسة
دار المعارف
۳۳
رسول الله قال الإيمان بضع وستون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان وحينما بني سادتنا العلماء المحققون - الذين أخلصوا الله ورسوله - تلك الشعب عن طريق الأحاديث الشريفة التى وضحت الإيمان وعن طريق الآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت عن الإيمان قسموا تلك الشعب إلى ما يختص منها بالقلب وما يختص باللسان وما يختص بالبدن أى أن الإيمان يغمر الكيان الإنسانى كله اعتقادا وقولا وفعلا
ومن الأحاديث الشريفة نتبين أن الحب فى الله والبغض في الله من الإيمان وأنه لا يؤمن
أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
وإن الذي يؤذى جاره ليس بمؤمن
وليس بمؤمن من شبع وجاره جائع
وإن الجهاد من الإيمان يقول صلوات الله عليه وسلامه و انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلى أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة ولولا أن أشق على أمتى ما قعدت خلف سرية ولوددت أنى أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل
ومنها نتبين أيضًا أن قيام ليلة القدر من الإيمان والإنصاف من النفس من الإيمان وبذل السلام للعالم من الإيمان والإنفاق من الإقتار من الإيمان
وتطوع قيام رمضان من الإيمان
والصلاة من الإيمان بل لقد عبر الله عنها بالإيمان في قوله تعالى وما كان الله ليضيع إيمانكم
ويتغلغل الإيمان فى الحياة الاجتماعية حتى يصل إلى السهل من أمرها والميسور فتكون إماطة الأذى عن الطريق من الإيمان ويكون إفشاء السلام - تعارفاً وتوددا من الإيمان وإذا ما تغلغل الإيمان في النفس وجد المؤمن حلاوة الإيمان وهو لا ينعم بحلاوة الإيمان إلا أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار وأساس الإيمان على كل حال هو الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان
بالقدر خيره وشره
۳۰۹
وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون وتتابع الآيات في كشف صفاتهم وتمثيل حالهم بأظهر صورة وأبلغ تعبير وينتج عن هذا الشرك الخفي أو النفاق شرور كثيرة تلفح المؤمنين بأذاها وتلسعهم بشرورها ومن هذه الشرور المؤذية الرياء ويتحدث القرآن عن ذلك فيقول إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراعون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا
وينتج عن الرياء أن يعطى المسلم ثقة للمرالى فيستغل هذه الثقة في إيذائه وإيصال الشرور إليه ومن هنا قال الرسول ا
إياكم وشرك السرائر قالوا وما شرك السرائر يا رسول الله قال الرياء ومن الشرور المؤذية للشرك الخفى الحسد لقد كان المنافقون يفرحون لمصيبة المسلمين ويحزنون لما يسرهم يقول تعالى إن تُصِبكَ حسنةٌ تسوهم وإن تُصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم
فرحون
وأظهر هذه الشرور المؤذية تثبيط الهمم والعمل بالقول والفعل على إطفاء نور الإسلام والقضاء على المسملين ويتمثل ذلك فى وضوح فيما حدث فى غزوة الأحزاب لقد كان الرسول يبشر بالفتح وكان المنافقون يقولون هذا محمد يعدنا بكنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن على بيته بالمدينة ويصور القرآن ذلك فيقول
وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ويجمع صفات المنافقين فى وضوح وشركهم الخفى المانع للخير الجالب للشر قوله سبحانه ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدَّقنَّ ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه
وبما كانوا يكذبون
أما الطريقة المثلى للتخلص من هذا الشرك وآثاره فتتمثل في العمل بقول الله سبحانه لمن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغريتك ثم لا يجاورونك بهم فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سُنَّة الله فى الذين خلوا من قبل ولن تجد
لسنة الله تبديلا
٣١٠
في شرح الحديث
من لم تنهه صلاته
للعمل المقبول علامات ودلائل تدل عليه وترشد إلى بلوغ القصد به ومنه وقد حدد القرآن وحددت السنة كثيراً من هذه العلاقات والدلائل يقول تعالى إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقًّا ويقول ألا بذكر الله تطمئن القلوب ويقول له ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ومن هذا الباب قوله تعالى إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولا يعنى ذلك أن المخطئ لا تقبل له صلاة لأن الإنسان فى حرب مع الشيطان ومها كان تسلحه وتيقظه فقد تعتريه غفلة أو فترة فيتمكن الشيطان منه فيقع فى المعصية ولكن إيمانه القوى وعمله الصالح سرعان ما يعود به إلى ما ينبغى أن يكون عليه المؤمن ويجد من عفو الله ومغفرته ما يتيح له السير من جديد في طريق الخير والصلاح وقد يقف المرء على حافة المعصية فيؤذن المؤذن فيدخل إلى الصلاة وما يكاد يفرغ منها حتى يجد نفسه وقد هدأت وغرائزه وقد استسلمت ويقينه وقد استيقظ فيحس بأثر الصلاة إحساساً فى غاية القوة والظهور وحديث من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً الحافظ رجح ابن كثير أنه من كلام بعض الصحابة لا من كلام الرسول
وليس من شك في أن الصلاة التي يداوم عليها المؤمن فلا تؤثر في سلوكه وقوله وعمله هي صلاة غير كاملة لأنها غير مؤثرة وعلى المؤمن إذا ما واجه المنكر أو قابل الفحشاء أن يتذكر موقفه بين يدى الله في الصلاة ليرتدع عن ذلك
في محاربة اكتناز الأموال وحبسها
قال رسول الله يهرم ابن آدم وتشب معه اثنتان الحرص على المال والحرص على
العمر
ما يجب شرحه
۱ - اثنتان خصلتان سيئتان
٢ - لماذا كان الحرص على المال والحرص على العمر
ما يراعى عند الحديث
٣١١
۱ -- كثر المال وعدم استثماره وحرمان المجتمع من الانتفاع به منهى عنه شرعاً في سبيل الحد من ضخامة الأموال أوجب الإسلام الصدقات وفرض الزكاة وجعلها ركناً من أركان الدين وأوجب المساهمة في نفقات ما يعرض للأمة وما يجب لها من عدة الدفاع لحفظ الأمن والنظام
أو المساهمة في أعمال البر
الآيات التي تتعرض للموضوع
ليس البر البقرة آية ۱۷۷
وأنفقوا في سبيل الله البقرة آية ١٩٥
والذين يكنزون الذهب والفضة التوبة آية ٣٤
آفة الحرص على العمر
- الإسلام يدعو إلى بذل الروح رخيصة في سبيل الله والوطن
في عدد الرسل من السنة
لم يرد في عدد الأنبياء والمرسلين أثر صحيح إلا ما روى عن أبي ذر رضي الله عنه وبسند قيل إنه مقبول وفيه قلت يا رسول الله كم الأنبياء قال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قلت يا رسول الله كم الرسل من ذلك - قال ثلثمائة وثلاثة عشر جم غفير كثير طيب قلت فمن كان أولهم - - قال آدم قلت أنبي مرسل قال نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وسواه قبيلا ثم قال يا أبا ذر أربعة سريانيون آدم وشيث وخنوخ وهو إدريس وهو أول
من
بقلم ونوح وأربعة من العرب هود وشعيب وصالح ونبيك يا أبا ذر وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وأول الرسل آدم وآخرهم محمد فالذين كلفوا برسالة من الأنبياء بحسب هذا الحديث الذي قيل إنه مقبول ثلثمائة وثلاثة عشر والأنبياء الذين لهم
علاقة بمكة من حيث بناؤها أو النشأة فيها الذين ذكرهم القرآن الكريم هم إبراهيم وإسماعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام والرسل الذين ينتمون إلى العرب من هؤلاء كما في الحديث هود وشعيب وصالح ومحمد عليه الصلاة والسلام
أما الرسل والأنبياء الآخرون الذين لهم علاقة بمكة والأنبياء الآخرون الذين ينتمون إلى العرب
إلا الله سبحانه
فلا يعلم عددهم وهذا الذي ذكرناه هو أقرب الآراء إلى الصحة
في حرمة العود في الهبة
قال فيما روى البخاري العائد فى هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه أى لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أن نتصف بصفة ذميمة يشابهنا فيها أخس الحيوانات في أخس
أحوالها
قال تعالى للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى ومن هنا حرم الإسلام على المرء الرجوع فى هبته ولم يجز له هذا الرجوع ولو دفع ثمن هبته لمن وهبها له في سبيل الحصول
عليها
عنه
روى البخاري بسنده عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب رضی ال الله يقول حملت على فرس فى سبيل الله فأضاعه الذى كان عنده فأردت أن أشتريه منه وظننت بائعه برخص فسألت عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد فإن العائد فى صدقته كالكلب يعود في قيثه
أنه
لقد أعطى عمر رضى الله عنه رجلا فرساً ليحارب عليه فأهمل الرجل العناية بالفرس أو رغب
في بيعه بثمن بسيط وأراد عمر شراءه فمنعه النبي الله من ذلك لأنه لا يحل فمن أسدى إلى شخص معروفاً يحرم عليه الرجوع فيه وإذا تصرف المهدى إليه في هذا المعروف فلا رجوع لصاحب المعروف عليه وحجه بهذا المعروف نافذ ورجوع صاحب المعروف فيه لا يبطل الحج
وثواب صاحب المعروف على ذلك مستمر حيث لم يحصل على ما رغب الرجوع فيه من المعروف وإن قل عن الثواب قبل الرغبة فى الرجوع حيث دلت تلك الرغبة على ضعف عاطفة الخير عنده
۳۱۳
في السنة الحسنة والسنة السيئة
من سن سنة خير فاتبع عليها فله أجره ومثل أجور من اتبعه غير منقوص من أجورهم شيئاً
سن سُنة شر فاتبع عليها كان عليه وزره ومثل أوزار من اتبعه غير منقوص من أوزارهم شيئاً
إن أعمال الخير يُثاب عليها من فعلها ومن اقتدى به فى فعلها وإن ثواب المبتدئ بفعلها يزيد بزيادة عدد من اقتدى به فيها إذ له مثل أجر من اقتدى به ولكن هذه الزيادة بسبب اقتداء الناس به لا تؤثر فى أجر المقتدى فلا يتوهمن إنسان أن زيادة أجر الداعي إلى الخير أو من ابتدأ العمل الصالح تكون بالتنقيص من أجر التابع وضمه إلى أجر الداعى إن الأمر ليس كذلك بل للتابع أجره كاملا وللمتسبب الأصلى أجر دعوته إلى الخير بفعله أو بقوله فضلا عن أجر عمله للخير إذا فعله ولهذا عظم شأن الفقيه الداعى المنذر حتى فضل على العدد الكثير من العباد لأن نفعه وإذا كان هذا العمل الصالح فالأمر فى العمل غير الصالح على العكس إن من دعا إلى
بهم
الأشخاص والعصور
ما يخالف الدين يجمل وزر عمله وإذا اقتدى به غيره فيه تحمل المقتدى وزر عمله وتحمل المتسبب وزر التسبب في هذا العمل
ومما ينبغي أن يفهم أن قوله ومثل أجور من اتبعه لا يستلزم المساواة في قيمة الأجر بل المثلية تتحقق بمجرد حصول الأجر لكل منهما وإن اختلفت قيمة الأجر على العمل عنها عن التسبب في العمل والأمر بالعكس في العمل السيئ
ومن هنا يمكننا أن نفهم قيمة القدوة وأهمية الوظائف العليا أو مراكز التوجيه والتأثير وما يتحمل أصحابها من مسئوليات تجلب لهم الخير إن أصلحوا وتوقعهم في الشر المستمر إذا أساءوا أو انحرفوا والأمثلة كثيرة ففرق بين من يدعو إلى الله على بصيرة ومن يدعو إلى طريق الشيطان والهوى على أساس من العمى والضلال وفرق بين من تربى أبناءها على الدين ومن تربيهم على الاستهتار بتعاليمه ومبادئه فى الزى والخلق والسلوك قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين
٣١٤
عن سفيان بن عبد الله الثقفى رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله قل لى فى الإسلام قولا لا أسأل عنه أحداً بعدك قال قل آمنت بالله ثم استقم ما معنى هذا الحديث
الإسلام يقوم على دعامتين أساسيتين الإيمان والعمل الصالح فعبر الرسول في هذا الحديث عن الإيمان بقوله قل آمنت بالله فإذا كان المرء مؤمنا فإن المراد بقوله قل
آمنت بالله جدد شعورك بها وردد كلمة التوحيد بلسانك وعايشها بكيانك
ثم
عبر عن العمل الصالح بقوله ثُم استقم أى الزم الطاعات واجتنب المخالفات ولازم الأعمال الصالحات قال تعالى إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نُزُلا من غفور رحيم والاستقامة عرفها بأنها المتابعة للسن المحمدية ومع التخلق بالأخلاق المرضية وهي كما قال القشيري
بعضهم
درجة بها كمال الأمور وتمامها وبوجودها حصول الخيرات ونظامها
وهى تستلزم مراقبة الأعمال ومتابعة الشرع وعدم الخروج على حدوده بحال ومن هنا كان دعاء المؤمنين فى كل صلاة عدة مرات اهدنا الصراط المستقيم فعلى المسلم أن يتبين طريقه على أساس من الدين وأن يتجنب الانحراف فالخير في الاتباع والشر في كل
ابتداع
في إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
ولقد كان رسول الله أحسن الناس خلقاً لقد ربط حسن الخلق بالإيمان فقال في
حديث صحيح رواه الترمذى أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً
وفي حديث آخر رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت النبي الله يقول إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم والخلق الإسلامي الأول الذى من أجله كانت الرسالة الإسلامية نفسها إنما هو خلق الرحمة ولقد روت الأحاديث أن أعرابيا دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده يقبل أحد حفدته فاستغرب الأعرابي وقال أتقبلون أبناء كم
٣١٥
إن لى عشرة من الأبناء ما قبلت أحداً منهم قط فقال رسول الله أو أملك أن نزع الله
الرحمة من قلبك وفي موقف آخر مثل هذا قال رسول الله لأعرابي آخر و ابتعد عنى لا تحرقني بنارك ويقول رسول الله له و لا تنزع الرحمة إلا من قلب شق بل إن رسول الله لم يقبل تفسير الرحمة على أنها خاصة بالأهل والعشيرة مقتصرة
فيهم
عليهم فقد قال في وجه من فسر الرحمة بذلك و أنا أعنى الرحمة العامة فمن أساء لأبنائه فقد نزعت الرحمة من قلبه ودخل بذلك في عداد الأشقياء وقطع رحمه ودخل بذلك فى عداد هؤلاء الذين قال الله أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم وذلك أن هذه الآية نزلت في الذين يفسدون في الأرض ويقطعون أرحامهم ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا رحمة بالحيوانات وهو القائل الشاة إن رحمتها رحمك الله فعلى كل إنسان بصورة عامة أن يتحلى بصفة الرحمة حتى يدخل في نطاق قوله الراحمون يرحمهم ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء
الله
في حق التوكل على الله
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما رواه الإمام الترمذى وحسنه قال سمعت رسول الله
يقول
ه لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً فإن الطير تذهب أول النهار كما يقول الإمام النورى خاصاً أي ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار بطاناً أي ممتلئة البطون والواقع أن الحديث الشريف يوجه الأذهان إلى أن الطير تصبح فتذهب للبحث عن رزقها تصبح جائعة فتعمل وتجتهد في طلب الرزق وبعد رحلة عمل مستمر ساعات تعود إلى عشها ممتلئة البطن شبعاً وريا ورسول الله لم يقل إن الله يرزقها وهى ساكنة فى عشها وقد كان رسول الله الله إمام المتوكلين وكان إمام المجاهدين المكافحين الآخذين بالأسباب وسيدنا و الله نا و أبو بكر رضى بويع بالخلافة أصبح ذاهباً إلى السوق يتجر كعادته فتكاثر عليه المسلمون قائلين
عنه حينما
كيف تفعل ذلك وقد أقمت لخلافة النبوة فقال لهم لا تشغلونى عن عيالى فإنى إن
٣١٦
أضعتهم كنت لما سواهم أضيع حتى فرضوا له قوت أهل بيت من المسلمين لقد كان كبار الصحابة رضى الله عنهم يعملون ويكتسبون وكانوا مع ذلك من كبار المتوكلين ومما ينبغى التنبيه له أن أنبياء الله ورسله لم يبلغوا الدعوة وهم في مساكنهم آمنين مطمئنين وإنما جاهدوا في سبيلها جهاداً مستميتاً وكانوا في جهادهم مثلا كريمة للمتوكلين يقول الله تعالى على لسان سيدنا هود عليه السلام
إنى توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط
مستقيم أخذ
و هود عليه السلام يعمل على نشر الحق الموحى إليه الحق الذي دعا إليه كل نبي ورسول والذى يتلخص فيما قال هود عليه السلام
في شرح حديث زيارة المريض وتشييع الجنازة
عن أبي سعيد رضى الله عنه - في فيما رواه الإمام أحمد أن النبى الله قال عودوا المريض وامشوا مع الجنازة تذكركم الآخرة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الجنازة لا يوجب تقدماً ولا تأخراً وإنما في معنى الإباحة في المشى فى المقدمة أو خلف الجنازة
ومن أجل ذلك يقول أنس بن مالك رضى الله عنه
ه الراكب يسير خلف الجنازة والماشى يمشى خلفها وأمامها ومن يمينها وعن يسارها
قريباً منها وكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يمشيان أمام الجنازة وكان على رضى الله عنه يمشى خلفها ويقول رسول الله علل الراكب يمشى خلفها والواضح من كل ذلك أن الماشى بالخيار في سيره مع الجنازة أما الراكب فإنه لا يسير إلا
خلفها
وسواء أكان الماشى مع الجنازة أمامها أم خلفها فإن من السنة ألا يرفع صوته بقراءة أو بذكر وعليه أن يتدبر الموت ويعتبر به فإن أراد ذكراً فليذكر في نفسه ومن السنة الا يقعد
مشيع الجنازة حتى توضع فقد روى أبو سعيد الخدري عن النبي قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع ومن السنة ألا
الجنازة
نساء فقد روى ابن ماجه وروى الحاكم عن على رضى الله عنه قال خرج النبي عل فإذا
۳۱۷
نسوة جلوس فقال ما يجلسكن قلن ننتظر الجنازة قال هل تغسلن قلن لا قال هل تحملن قلن لا قال هل تدلين فيمن يدلى قلن لا قال فارجعن مأزورات غير
مأجورات
في شرح حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله
السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله ورد ذكرهم في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم بسندهما عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي الله قال سبعة يظلهم الله في ظله ي لا ظل إلا ظله
يوم
إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت
عيناه
وأما بدوه بالإمام العادل فلأن العدل من جوهر شريعة الله سبحانه وتعالى إذ به يرتفع الجور والظلم من الأرض وبه ينتشر الأمن والطمأنينة بين الناس يأمنون على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم فلا قتل ولا اغتيال للأنفس ولا سلب ولا اختلاس ولا اغتصاب للأموال ولا تعدى ولا انتهاك للأعراض والحرمات
ويطمئنون على أرزاقهم - فى اليوم والغد والمستقبل - جادين فى السعى لتحصيلها مما أحله الله لهم في أرضه الواسعة وكفله لعباده من النعيم في الدنيا إن هم أقاموا ما أمرهم الله وانتهوا عما نهاهم عنه سبحانه وكل ذلك لا يتحقق ولا يتم إلا بإقامة العدل في الأرض ولا يتأتى هذا إلا أن يقوم به رجل موفق يرجو الآخرة ويرجو رحمة ربه ويعمل على الخير على تحقيق الخلافة في أرض الله بإقامة شرائعه
ذلكم هو الإمام العادل الذى ائتمر بأمر ربه إن الله يأمر بالعدل والإحسان والقائل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين لذلك كانت له البشرى في الحديث بأن يكون في ظل الله لا ظل إلا ظله وبأن يكون مقدماً في الذكر
يوم
وقد توالت عليه البشريات في الدنيا والآخرة إن الله يحب المقسطين والرسول
يقول خياركم ألمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وشراركم ألمتكم الذين تبغضونهم
۳۱۸
ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم كما يقول ع لعل الله أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذى قربي مسلم وعفيف متعفف ذو مال
وهذا وغيره كثير يوجب على أئمة المسلمين أن يحققوا العدل في الأرض ويحكموا بين الناس بما
أنزل الله
وذكر هؤلاء السبعة لا يعنى أن الأمر مقصور عليهم إذ العمل بأمر الله فرائض ونوافل وقربات والانتهاء عما نهى عنه مع الإخلاص وصدق النية فى كل عمل يجعل من الإنسان وليا يحظى بالقرب والحب الإلهى ومن حظى بالقرب والحب لم يقتصر الأمر معه على أن يكون في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله وحسب بل له فى الدنيا البشرى وله في الآخرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
وانظر إلى قوله تعالى في وضوح واضح عن أوليائه الذين ائتمروا بأمره وانتهوا عما نهاهم عنه ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم وقوله تعالى إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفى الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما توعدون نزلا من غفور رحيم
في وعظ الرجال والنساء يوم العيد
عن جابر بن عبد الله قال
قام النبي اليوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة ثم خطب فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال وبلال باسط ثوبه يلقى فيه النساء الصدقات قال ابن جريج قلت لعطاء زكاة يوم الفطر قال لا ولكن صدقة تتصدقن حينئذ تلقى فيحها ويلقين قلت أترى حقا على الإمام ذلك ويذكرهن قال إنه لحق
١٤٩
عليهم وما لهم لا يفعلونه
وفي الحديث من الفوائد
استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام الإسلام وتذكيرهن بما يجب عليهن ويستحب
١٤٩ الفيح الخاتم العظيم يلبس فى الرجل أو الخاتم العظيم بلا فص
وهذا الأساس كأساس القصر بالضبط وكما لا يطلق على أساس القصر أ أنه قصر فكذلك لا يطلق على أساس الإيمان أنه إيمان كامل وكما لا يكون القصر بدون الأساس فإنه لا يوجد الإيمان بدون الشهادتين
وهذا الأساس نفسه يتبلور فى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
۳۱۹
حثهن على الصدقة وتخصيصهن بذلك فى مجلس منفرد - ومحل ذلك كله إذا أمن الفتنة
والمفسدة
وفيه خروج النساء إلى المصلى
عن أم عطية قالت قال رسول الله لا ليخرج العوائق وذوات الخدور والحيض وتعتزل الحيض المصلى وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين
قال ابن حجر وفيه استحباب خروج النساء إلى شهود العيدين سواء كن شواب أم لا
ذوات هيآت أم لا وعن أم عطية قالت أمرنا أن تخرج العوائق وذوات الخدور وعنها قالت أمرنا أن نخرج فتخرج الحيض والعواتق وذوات الخدور
في السيدة سارة زوجة الخليل إبراهيم عليه السلام
السيدة سارة زوجة الخليل إبراهيم كانت مصاحبة له حين قدم إلى مصر وكان ملكها وقت ذاك من الطغاة الذين يحلو لهم أن يستحوذوا على ما يعجبهم من زوجات الآخرين فأوصاها سيدنا أن تخبر هذا الطاغية حين يسألها عن صلتها بإبراهيم بأنها أخته ويقصد بذلك أنها أخت في
إبراهيم
الدين فليست سارة أختاً لإبراهيم من النسب بل هي زوجته وأخته في الإسلام روى عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي عل قال لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين فى ذات الله قوله إنى سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا وواحدة فى شأن سارة فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس فقال لها إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتى يغليني عليك فإن سألك فأخبريه أنك أختى في الإسلام فإنى لا أعلم في الأرض مسلماً غيرك وغيرى - فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار فأتاه فقال له لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغى لها أن تكون إلا لك فأرسل إليها فأتى بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت بده قبضة شديدة فقال لها الله أن يطلق يدى ولا أضرك ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال ادعى الله أن يطلق يدى فلك الله لا أضرك ففعلت فأطلقت يده ودعا الذى جاء بها فقال إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتى بإنسان فأخرجها من الأرض وأعطاها هاجر إلخ الحديث الذي أخرجه البخارى فى أحاديث الأنبياء وأخرجه مسلم في الفضائل وورد مثل ذلك
ادعی
٣٢٠
في حديث الشفاعة في فصل القضاء يوم القيامة وفيه أنهم جميعا يأتون إبراهيم عليه السلام يطلبون منه الشفاعة يقول لست لها إنى كذبت ثلاث كذبات قوله إلى سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا وقوله لامرأته أخبريه أنى أخوك
فالصحيح أن السيدة سارة زوجة سيدنا إبراهيم لم تكن أخته من النسب بل هي أخته في الإسلام والكذب المنسوب لسيدنا إبراهيم لا يقدح في النبوة لأنه ليس كذباً على سبيل الحقيقة بل هو من قبيل المعاريض وإبراهيم عليه السلام قد صرح بذلك إذ قال إنك أختى في الإسلام وحينئذ فليس فيه نسبة الكذب حقيقة إليه وامتناعه فى الشفاعة عن الشفاعة لأنه يرى أنه وإن لم يرتكب خطأ فقد ارتكب ما هو فى صورة الخطأ
بسم
في الحديث رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر
الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فقد روى الخطيب جابر رضى الله عنه أن رسول الله الا الله قال قدمتم خير مقدم وقدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر
إن الظروف التي قيل فيها هذا الحديث الشريف تلقى بالضوء على المعنى الذي أراده الرسول وذلك أنه بينما كان الرسول الله راجعاً من إحدى الغزوات قال قدمتم من الجهاد الأصغر أى من الجهاد الحربى وهو جهاد في سبيل الله قد يشوبه عند بعض الناس ما يشوب النفس التي لم تخلص بعد إخلاصاً كاملا لله سبحانه وتعالى ومثل ذلك ما رواه أبو داود بإسناد جيد عن أبي أمامة قال
جاء رجل إلى رسول الله الله فقال أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ماله فقال رسول الله لا شيء له فأعادها ثلاث مرات ويقول رسول الله و لا شيء له ثم قال له إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه ومعنى الذكر فى الحديث الشريف أن هذا الرجل يلتمس مع الأجر والثواب الناس على شجاعته وأن يمدحوه وأن يكون من أصحاب الشهرة والثناء فيا بينهم ومثل هذا لم
تخلص نبته الله وحده
أن
يتحدث
أما الجهاد الأكبر فإنه جهاد النفس حتى تتزكى وتطهر فإذا ما تركت النفس وتطهرت فإن
۳۱
صاحبها يهب نفسه خالصة فى سبيل الله فهو يجاهد الجهاد الحربى لا تبالى على أي جنب كان بروح في الله مصرعها ويجاهد الجهاد الحربي بإيمان قد وضح في عناصره أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ويجاهد الجهاد الحربي وقد تشبع بالمبادئ الإسلامية في الحرب
وفى قوله تعالى مخاطباً المؤمنين مبيناً لهم ما يجب عليهم عند اللقاء والتحام الصفوف يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله الصابرين ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورثاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط سورة الأنفال الآيات ٤٥ ٤٦ ٤٧ ومن ذلك نتبين أن جهاد النفس هو الجهاد الأكبر لأنه الأساس لكل خير فهو الأساس للأمن في المجتمع وهو الأساس للثبات والصبر والنصر على الأعداء في الجهاد الحربي يقول الله سبحانه قد أفلح من زكاها
سورة الشمس
في الذكر
لقد حث الله سبحانه وتعالى على الذكر في كثير من آيات القرآن وأمر به ورغب فيه وأعد للذاكرين الله كثيراً مغفرة لذنوبهم وأجراً عظيماً فى آخرتهم فضلا عن الاطمئنان النفسى الذي يصاحبهم دائماً في أ في حياتهم قال تعالى يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا وقال واذكر ربك فى نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين وقال الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ولقد ذكر الرسول الا الله من السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله رجلا ذكر الله
خالياً ففاضت عيناه وروى البيهقي في الشعب من حديث عمر بن الخطاب قال الله عز وجل من شغله ذكرى عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين
وروى البخاري ومسلم وغيرهما بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسى وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه وإن تقرب إلى شبراً تقربت إليه
ذراعاً وإن تقرب إلى ذراعاً تقربت إليه باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة وذكر الله هو حياة النفوس والقلوب كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله مثل الذي يذكر الله والذى لا يذكر الله مثل الحى والميت إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة التي تشير إلى فضل الذكر وأجر الذاكرين وليس الذكر محصوراً في عدد معين بل هو متروك يأتي منه كل محب للاستزادة من الخير بقدر الوسع والطاقة ولا يغفل أي لحظة من لحظاته عن ذكر الله واستشعار عظمته كما ورد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال
إن آخر كلام فارقت عليه رسول الله مع العلم أن قلت أي الأعمال أحب إلى الله قال أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله
وكما روى الترمذى أيضاً عن عبد الله بن بسر رضى الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت على فأخبرني بشيء أتشبث به قال لا يزل لسانك رطباً من ذكر
٣٢٥
٣٢٦
وما زاد على السبعين يعد فى العرف من الذكر الكثير
عن أبي موسى الأشعرى قال كنا مع رسول الله لا في غزوة فجعلنا نصعد شرفاً – مكاناً عالياً - ولا نعلو شرفاً ولا نهبط وادياً إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير قال فدنا منا فقال يأيها الناس أربعوا على أنفسكم اشفقوا بأنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنما تدعون سميعاً بصيراً إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته
أخرجه الإمام أحمد والإمامان البخاري ومسلم
وفى هذا الحديث تلمح المراد من الآية الكريمة أنها دعوة إلى التأدب في الدعاء وترك الجهر الزائد بالصوت فيه لقوله تعالى ادعوا ربكم تضرعاً وخُفية إنه لا يحب المعتدين والآية تبين السبب في ذلك إن الله تعالى قريب قرباً معنويا من الداعين إنه أقرب إلى الإنسان من كل ما يتصور يقول تعالى ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد فعلى الإنسان أن يستشعر قرب الله تعالى وأن يتوجه إليه بكل جوارحه ومشاعره وأن ينزل به حاجاته فهذا هو السبيل الوحيد للنجاح
والآية بعد هذا وقبله تدعو المؤمنين إلى الدعاء وتحمل رحمة ربانية مباركة من الله إلى عباده حيث ندبهم إلى عبادته ودعائه ووعدهم بالثواب العظيم والإجابة وذلك وحده طريق الرجاء وهذه الآية الكريمة تتوسط آيات الصيام وذلك أن الله سبحانه جمع آيات الصيام في مكان واحد من سورة البقرة ويتلو الإنسان هذه الآيات فيفاجأ بهذه الآية الكريمة وإذا سألك عبادي عني فإني قريب تتوسط آيات الصيام والله سبحانه وتعالى حكمة في ذلك إنه سبحانه يشير بذلك إلى أن استجابة الدعاء تتحقق بتقوى الداعى وأنه لابد للاستجابة من التقوى يقود الصوم الإنسان إلى التقوى يأيها الذين آمنوا كتب
وذلك أن حكمة الصوم هي
عليكم
أن إلى تتقون
فالصيام إذاً من وسائل استجابة الدعاء وإذا قاد الصيام الإنسان إلى التقوى تحقق ما قاله
الله تعالى فى آية الدعاء كشرط من شروط استجابته
فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون
۳۷
في الدعاء بالأسماء الحسنى
يقول الله تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ويقول تعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فى هذه الآيات الكريمة يبين | الله سبحانه أنه شرع الدعاء بأسمائه الحسنى ويقول سبحانه وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة
فضلا
من
الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون وقد بين سبحانه في هذه الآية وفى غيرها أنه يجيب دعوة الداعى وأنه يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ولقد بين الله سبحانه - بما لا لبس فيه أن الاستغفار من أسباب السعة فى الرزق ومن أسباب زيادة القوة عن فوائده فيما يتعلق بالمغفرة والرحمة وقد ورد فى الأخبار الصحيحة قراءة الفاتحة أجل شفاء المريض وورد فى الأخبار الصحيحة نصيحة رسول الله لا لبعض المرضى باستشارة الأطباء ونصح بعضهم الآخر بشرب عسل النحل ولكن لم يرد فى الأخبار الصحيحة كتابة أسماء الله الحسنى في لوح ثم غسله بالماء وشرب الماء طلباً للرزق أو كشفاً عن الأمراض ولم يرد ذلك عن رسول الله الله من طريق صحيح
ومع ذلك فإنه لم يرد ما ينهى عن ذلك في القرآن ولا فى السنة الصحيحة وقد ورد قوله تعالى وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا فالقرآن شفاء بأوسع معانى الشفاء ورحمة بأوسع ما في الرحمة فإذا كتب بحبر طاهر غير مضر بالبدن وغسل بماء نقي غير مضر بالبدن وشرب فإن ذلك غير محرم ولا يأثم فاعله ولم يرد ما يحرمه ولعل حالة المريض النفسية تتأثر بذلك فيكون مساعداً على الشفاء كما هو معروف عند علماء النفس من أن للحالات النفسية صلة مؤكدة بالأمراض
في الشكر في الجو الإسلامي
معنى الشكر فى الجو الإسلامى يتكون من جملة عناصر
أولها معرفة النعمة وأنها من الله سبحانه وما بكم من نعمة فمن الله
ثانيها استعمال النعم فيما أحبه الله وقصده بها
ثالثاً حمد الله سبحانه وتعالى عليها باللسان
۳۸
فإذا ما تمت هذه العناصر كان الشكر وما من شك فى أن الإنسان مغمور بنعم الله تعالى يقول سبحانه وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة وأن هذه النعم إنما أتت للإنسان عن طريق وسائط مسخرة الله تعالى
وأفضل الشاكرين هو رسول الله الله
وإذا كانت حقيقة الشكر هي استعمال النعم فيما أحب الله سبحانه فإن الحمد هو التعبير اللساني
عن الشكر والحمد كلمة تدل على معرفة النعمة من الواحد الحق
والإنسان بإزاء النعمة على أنواع ومن هذه الأنواع أن يتلقى النعمة فيفرح بها لذاتها كما يفرح التاجر بالمكسب لأنه مال أتاه ولأنه زيادة في ثروته ولأن تجارته ستصبح بهذا المكسب أوسع ولا ينظر في كل ذلك إلى مصدر النعمة ولا إلى مانحها وموهبها الذى لو شاء لأمسك ولو شاء لمنع وهذا ليس له في الشكر نصيب حتى ولو لم يستعمل هذا المكسب فى المعاصى لأن نظره لم يتعد النعمة ويتجاوزها إلى
المنعم
ومن
هذه الأنواع أيضاً أن يتلقى الإنسان النعمة فينظر إليها على أنها دليل رضا من الله
سبحانه وينظر إليها على هذا الوضع ويشكر الله سبحانه وتعالى عليها وهذا داخل في معنى الشكر بيد أن الشكر التام الكامل أن يضيف الإنسان إلى فرحه بالنعمة كدليل على رضاء الله استعمالها فيما أحب الله وفى القرب منه سبحانه فإذا ما نظر الإنسان إلى النعمة على أنها من الله سبحانه وتعالى وحده وإذا ما استعملها فيما يرضى الله ورسوله ويقرب منهما فإنه ينطبق عليه المعنى
الحقيقي
في فائدة الشكر بالنسبة للفرد
إن شكر الله سبحانه وتعالى إنما يكون على نعمه وقد وعبد الله الشاكرين وعداً مؤكداً أن يزيدهم من نعمه إذا شكروه سبحانه عليها يقول سبحانه لئن شكرتم لأزيدنكم وقد وعد الله سبحانه الشاكرين الجزاء الحسن فقال تعالى ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزى الشاكرين أى جزاء كبيراً حسناً ويقول سبحانه وسيجزى الله
الشاكرين
سيجزيهم سبحانه بالزيادة فى الدنيا فيزداد الغنى الشاكر غنى ويزداد القوى الشاكر قوة
وهكذا وسيجزيهم خيراً ورضاً في الآخرة
۳۹
فقد روى عن رسول الله الله أنه قال ينادى يوم القيامة ليقم الحامدون فتقوم زمرة فينصب لهم لواء فيدخلون الجنة قيل ومن الحمادون قال الذين يشكرون الله على كل حال ففائدة الشكر بالنسبة للفرد ليست مقصورة على الدنيا دون الآخرة ولا على الآخرة دون الدنيا وإنما هى فى الدنيا والآخرة
في فائدة الشكر بالنسبة للمجتمع
فائدة الشكر بالنسبة للمجتمع ظاهرة ظهوراً واضحاً من تعريف الشكر وذلك أن
الشكر هو
استعمال
نعم
الله فما أحب الله
جوهر
فإذا استعمل المنعم عليهم النعم فيما أحب الله فإننا نرى فى المجتمع التاجر الصدوق والعامل المتقن والصانع يراعى الله فى صنعته والغنى يؤدى حق الله فى ماله من زكاة ومن صدقة وصاحب الجاه ينفق من جاهه عوناً للمظلومين يبتغى بذلك شكر الله على نعمة الجاه ونرى المدرس مربيا لا معلماً فحسب والحاكم أباً للجميع لا طاغية متحكماً والرئيس أخاً لمرء وسيه والمرءوسين متعاونين من رئيسهم لمصلحة العمل والوطن ونرى كل راع يتحمل المسئولية بالنسبة لرعيته شكراً لله على أن استرعاه وجعل له ثواباً على حسن الرعاية
ثم نرى نتيجة الشكر فى المجتمع وهى زيادة النعم لئن شكرتم لأزيدنكم
في ما هو مفهوم العبارتين لا حول ولا قوة إلا بالله ولا إله إلا الله وما أثر مفهومها على الإنسان وتصرفاته
مفهوم لا حول ولا قوة إلا بالله أى لا تحوّل من حال إلى حال ولا انتقال من فعل إلى فعل
له
ولا قدرة لعبد على عمل من الأعمال إلا بالله سبحانه فهو سبحانه الذي يعينه وهو الذي يتمم عمله ويبلغ به نهاية تمامه وهو كنز من كنوز الجنة قال لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة وإذا ما أكثر الإنسان منها أشعرته عدم الغرور بنفسه فلا ينسب إليها شيئاً به عليه من توفيق فيتواضع ويلجأ إلى الله فى كل صغيرة وكبيرة ولهذه العبارة
الله مما تفضل
٣٣٠
أثرها الضخم في الشجاعة الأدبية والشجاعة الحسية لأن من كان شعاره لا حول ولا قوة إلا بالله لا يخاف ولا يجبن وهى من غراس الجنة
ولقد روى الإمام أحمد وغيره عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله ل ليلة أسرى به مرَّ على إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام فقال من معك يا جبرائيل قال هذا محمد فقال له إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام يا محمد مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة قال ما غراس الجنة قال لا حول ولا قوة إلا بالله
وروى الحاكم عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله لا قال من قال لا حول ولا قوة إلا بالله كان دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم
أما لا إله إلا الله فمعناها لا معبود بحق إلا الله فكل عبادة لغيره باطلة ويقول رسول الله الله فيما رواه الترمذي وحسنه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصاً إلا فتحت له أبواب السماء حتى يفضى إلى العرش
في الإذن بالذكر
بعض أنواع الذكر لا يحتاج إلى تلقين أو إذن من ذلك الاستغفار لقوله تعالى فاعلم أنه لا إله
إلا الله واستغفر لذنبك وقوله تعالى فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ومن ذلك الذكر بلا إله إلا الله لقوله صلوات الله عليه أفضل ماقلته أنا والنبيون من قبلى و لا إله إلا الله
ومن ذلك الصلاة على النبي صلوات الله تعالى وسلامه لقوله تعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
ومن
ذلك
تعلم
أن دلائل الخيرات لا تحتاج إلى تلقين ولا إلى إذن إذا كان الإنسان يجيد القراءة لأنها صلوات على رسول الله الا الله وقد أمرنا الله تعالى في كتابه الكريم بالصلاة عليه
والسلام
في أساس الإيمان
أشهد أن لا إله إلا الله
من روائع مناجاة ابن عطاء السكندرى مايلي ۱
إلى كيف يستدل عليك بما هو فى وجوده مفتقر إليك أن يكون لغيرك من الظهور ماليس لك حتى يكون هو المظهر لك
متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك ا هـ
إن
مسألة وجود الله لم تكن فى يوم من الأيام محل بحث عند ذوى الشعور الديني السليم ولم ينشأ الجدل فى هذه المسألة إلا فى العصر اليونانى فهو العصر الذى جعل منها مشكلة قابلة للأخذ
والرد والقبول والرفض
والواقع أن ظروف العصر اليونانى القديم هى التى جعلت منه مثلا سيئا في كل ما يتعلق بالدين والخلق لقد كان عصرًا خلا من الدين الحق ولم ينعم بالمعرفة الصحيحة عن طريق الوحى فحاولت طائفة منه أن تصل إلى الوحى عن طريق الكهانة ومن ذلك كاهنات معبد دلفى
المشهورات
وحاولت طائفة أخرى أن تصل إلى الوحى عن طريق النسك والعبادة والذكر ومن هؤلاء فيثاغورث وأتباعه وأفلاطون والأفلاطونيون القدماء منهم والمحدثون لقد حاولوا أن يقتنصوا الوحى اقتناصًا وأن يكشفوا عن الحجب وأن يزيلوا الأقنعة وأن
يصلوا إلى الله فيتصلوا بالجمال والجلال والخير المطلق
بيد أن الطريق الذي سلكوه إنما هو طريق خاطئ لأنه لم يؤسس على وحى يرسم طريق الهداية الصحيح إنما أسس على نهج عقلى بشرى أو على تقاليد متوارثة ومن أجل ذلك لم ينتج الثمرات المرجوة ثم هو طريق صعب المرتقى لأنه يعارض النزعات
۱ حينما يكتب الكاتبون عن الإيمان يبدمون عادة بإثبات وجود الله سبحانه ويتخيلون أن هذه المسألة أهم مافي موضوع الإيمان وهذا النهج - فيا نرى - لا يقره دين ولا نقره فطرة وقد حاولنا أن نستفيض فى بيان رأينا في هذا النهج مبينين أن الدين لا يضع مسألة وجود الله موضع بحث وأن الفطرة السليمة لا تقر بذلك
٣٣١
في الذكر بصوت مرتفع
إن عادة قيام الناس بالذكر بصوت مرتفع فوق مساجد القاهرة يوم الجمعة وليلتها كما يقول السائل عادة غير شائعة ولو وجد ذلك لكان جائزا بل أمرًا محبوبًا ماداموا يذكرون الله تعالى فا الله تعالى يأمر بالذكر في قرآنه الكريم فإذا كان ذلك في بيوته وفوق بيوته الطاهرة لكان حسنا وإذا كان فى ليلة عيد المسلمين الجمعة لكان أكثر حُسنا فالذاكرون هم أولو الألباب الذين يوم قال تعالى فيهم إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار
أما
هذا إذا لم يؤذ الذكر أحدًا من الناس ولم يكن سببا فى مضرّة بعض المجاورين للمسجد إذا كان فيه ضرر لبعض الناس الذين يكدحون مثلا طيلة النهار فيؤرقهم الذكر ويمنعهم من النوم والراحة فإنه يتحتم أن يكون الذكر في هذه الحالة بصوت منخفض والله سبحانه وتعالى يسمع الذاكرين على أى وضع كانوا ويثيبهم على قدر إخلاصهم ونياتهم
في الذكر بلفظ أ هـ وبلفظ هو
في هذا الموضوع لبس هو سبب الجدل فإذا ما أزيل هذا اللبس انتهى -
النقاش فيه والجدل
إن لفظ أهـه ولفظ هو من أ أسماء الله تعالى الواردة فى صراحة صريحة والمتعبد إنما يردد اللفظ الأول باعتباره معبرا عن الندم والحزن على مافات من أيام مضت ليست على مايحب وهو في أثناء هذا الترداد متذكر الله خائف منه مستغيث برحمته وهذه الحالة التي يجتمع فيها التأوه الحزين مع تذكر الله إنما هي نوع من التوبة وهى على هذا الوضع عبادة وهى على هذا الوضع ذكر فما الذكر إلا التذكر وهو حاصل في هذه الحالة وهذه الحالة لا ينبغي لإنسان أن يقول عنها إنها محرمة
أما المتعبد الذى يردد اللفظ الثاني فتصوير حاله على ما ينبغي أن يكون هو أنه يقدر عظمة الله وجلاله ويقف موقف المستشعر الرهبة منه سبحانه فلا يجرؤ على النطق باسمه وإنما يعبر عنه بلفظ
۳۳
هو أي بالضمير الذي يشير ولا يصرح فلفظ هو وإن لم يكن من أسماء الله سبحانه فإنه في ذهن العابد وفى ضميره يراد منه الله سبحانه وهذه الحالة من الخشية التي تغمر العابد فترة من الزمن فتجعله لا يجرؤ على النطق باسم الله الصريح إنما هي من أسس الشعور الديني ولا ينبغي
لأحد أن يحرمها والواقع أن الجهل الذى يسود جو المتخاصمين في هذه المسائل مثبتين كانوا أو منكرين هو الأساس فى إثارة الجدل وهو الأساس في استمرار النزاع والبيان الذي بيناه في هذا الموضوع كفيل برد الأمر إلى نصابه وكفيل إذا حسنت النوايا برفع الجدل في هذا الموضوع
في صيغ الصلاة على الرسول الله
إن الله سبحانه وتعالى وضع مقاييس للنجاة في الآخرة ولرضائه في الدنيا والآخرة وهذه المقاييس ذكرها في القرآن الكريم والسنة الصحيحة الشريفة ذكرها موجزة أحياناً ومطولة مستفيضة أحيانًا أخرى من ذلك مثلا قول الله تعالى من عمل صالحا من ذكر أو أنثى الآية ومن ذلك قوله ومن يتق الله يجعل له مخرجا
وقد اشترط الله سبحانه وتعالى دائما الإيمان والعمل الصالح أو الإيمان والتقوى وتبتدئ التقوى بالتوبة الخالصة النصوح والإخلاص الكامل لله في الأعمال وفى النية وحديث النية مشهور إنما الأعمال بالنيات إلخ ومع التوبة الخالصة النصوح
الأعمال
والأعمال فروض وواجبات وسنن مستحبة وأوامر الله سبحانه وتعالى ليست فروضًا فحسب وإنما هي نواءٍ أيضًا إن الإسلام حدد الفضيلة والمعصية والتقوى التي اشترطها الله سبحانه وتعالى للنجاة هي بعد الإيمان العمل بالفضيلة واجتناب الرذيلة فمن اتبع ذلك نجا ومن انحرف عن ذلك وخالفه دخل النار بنسبة انغماسه فى الرذائل وتركه الفضائل ولو كانت صيغة واحدة فى الصلاة على الرسول الله تكفى فى النجاة مهما عمل الإنسان فإن ذلك يكون هدفا لجميع قوانين الله سبحانه وتعالى وشرائعه
وكل من يقول بمثل هذه المزاعم التي تلغى الشرع وتبطل الأعمال التي حددها الدين فإنه يكون
۳۳۳
آثماً وعلى ذلك فإن من قال صيغة من صيغ الصلاة على رسول الله من قالها مرة في عمره لم تمسه النار هذا الكلام غير صحيح ومن يقوله يكون مرتكباً للمعصية وللإثم وما من شك فى أن الصلاة على الرسول علعل الله لها ثوابها الحسن وفوائدها الكثيرة ولكنها على أى صيغة لا تلغى الفروض والواجبات التي هي سبب النجاة
في دعاء الرسول ع
استفتاح الدعاء واسم الله الأعظم
عن عبيد الله بن بريده عن أبيه رضى الله عنهما أن رسول الله ما سمع رجلا يقول اللهم إنى أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم
يولد فقال
لقد سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعى به أجاب رواه الترمذى وحسنه وقال الحافظ أبو الحسن المقدسى إسناده لامطعن فيه ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسنادا منه
عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال سمع النبي رجلا وهو يقول ياذا الجلال
والإكرام
فقال وقد استجيب لك مسل رواه الترمذى
وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال مرَّ النبي الله بأبى عباس زيد بن الصامت الزرق وهو يصلى ويقول
اللهم إنى أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت ياحنان يامنان يابديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام ياحي ياقيوم
فقال رسول الله
لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى رواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم
وعن سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه قال
قال رسول الله دعوة ذي النون إذ دعاه وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فإنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد هـ
٣٣٤
في قول الله تعالى
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان وقوله تعالى وقال ربكم ادعوني أستجب لكم
هذه الآيات وغيرها في القرآن الكريم لم تحدد وقتاً معينًا للدعاء أو مكانا له وإنما أطلقت أن إطلاقاً والواقع الدعاء مستحب في كل الأوقات لأنه تضرع إلى الله ورجوع إليه في الاستعانة وتحققاً بقوله تعالى إياك نستعين والأوقات التي بعد الصلاة الأوقات من الشريفة التي يُرجى استجابة الدعاء فيها عن أبي أمامة رضى الله عنه قال قيل يارسول الله أى الدعاء أسمع قال جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات وهذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام الترمذى يحث على انتهاز الدعاء بعد الصلوات المفروضة لأنه أرجى فيما يتعلق بالإجابة فعلى المسلم أن يدعو الله كلما شرح الله صدره للدعاء وخصوصا في أجوف الليل وفى دبر الصلوات المكتوبات
في ظروف وأمكنة الدعاء
يقول الله تعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان وقوله سبحانه ادعوني أستجب لكم
ولإجابة المطالب ظروف وأمكنة تهيا لها فرحمة الله قريب من المحسنين والإحسان إذا من الحالات التى تكون أرجى لقبول الدعاء والله تعالى إنما يتقبل من المتقين والتقوى من هذه الحالات التي تكون أرجى لإجابة الدعاء ويقول الرسول صلوات الله عليه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء فقمن أى جدير أن يُستجاب لكم وقد ورد أن الأزمنة التي يكون الدعاء فيها أقرب إلى أن يُستجاب هى ما بين الأذان والإقامة وفى السفر وعند نزول المطر وعند الإفطار من الصيام أما الأمكنة التي تهيئ للاستجابة أيضًا فهى الأمكنة الظاهرة كالمسجد الحرام والحرم النبوى وفى رحاب الصالحين أحياء كانوا أم أمواتا أما فيما يتعلق بالنذور فالإنسان في هذه الحالة الظاهرة يستشفع إلى الله بإحسانه وبتقواه وبعمله
٣٣٥
الصالح على وجه العموم ويقدم النذور الله سبحانه وتعالى فالنذور لغيره لا تجوز وهذه النذور التي توضع في صناديق الأضرحة إنها صدقة للفقراء والمساكين يجب أن تصرف إليهم وهى أساس قوى لإزالة كثير من البلاء ولإجابة الله سبحانه وتعالى مطالب الخير يقول صلوات الله عليه حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة ودافعوا أمواج البلاء بالدعاء
والتضرع
في
صيغ الدعاء من السنة الشريفة
عن أبي هريرة رضى الله عنه - فيما أخرجه الحاكم والإمام أحمد والترمذى – عن النبي
قال
ه ليس شيء أكرم على الله من الدعاء وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض وعن النعمان بن بشير
رضى الله عنهما عن النبي الله قال الدعاء هو العبادة ثم قرأ وقال ربكم ادعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم
داخرين وروى عن أنس رضي الله عنه أن النبي عل الله قال الدعاء مخ العبادة رواه الترمذي وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله تعالى إياها أو صرف عنه من السوء مثلها مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم فقال رجل من القوم
إذن نكثر ! فقال الله أكثر رواه الترمذى والحاكم وعن أبي هريرة رضى الله عنه
"
قال قال رسول الله ما من مسلم ينصب وجهه الله عز وجل في مسألة إلا أعطاها إياه إما أن يعجلها له وإما أن يدخرها له فى الآخر رواه أحمد و رضی الله عنه وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن النبي الله قال عبدى إلى أمرتك أن تدعونى ووعدتك أن أستجيب لك فهل كنت تدعونى - فيقول نعم يا رب ! ! فيقول أما إنك لم تدعنى بدعوة إلا استجبت لك أليس دعوتنى يوم كذا وكذا لغم نزل
بك أن أفرج عنك ففرجت عنك فيقول نعم يارب
فيقول إنى عجلتها لك في الدنيا
٣٣٦
ودعوتنى يوم كذا وكذا لغم نزل بك أن أفرج عنك فلم تر فرجا قال نعم يارب فيقول إلى ادخرت لك بها في الجنة كذا وكذا ودعوتنى فى حاجة أن أقضيها لك في يوم كذا وكذا
فقضيتها فيقول نعم يارب
فيقول إلى عجلتها لك في الدنيا
ودعوتني يوم
كذا وكذا فى حاجة أقضيها لك فلم تر قضاءها فيقول نعم يارب
فيقول إنى ادخرت لك بها في الجنة كذا وكذا قال رسول الله
فلا يدع الله دعوة دعا بها عبده المؤمن إلا بين له إما أن يكون عمل له في الدنيا وإما أن يكون ادخر له في الآخرة قال فيقول المؤمن في ذلك المقام
ياليته لم يكن عجل له شيء من دعائه
وإذا أردت استجابة الدعاء فابدأ
١ - بالتوبة الخالصة النصوح
- وتحر الحلال
فعن ابن عباس رضى الله عنهما فيما أخرجه الحافظ بن مردويه تليت هذه الآية عند النبي
ال يأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا
فقام
سعد بن أبي وقاص فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلنى مستجاب الدعوة فقال ياسعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل عمل أربعين يوماً وأيما عبد نبت لحمه من السحت
ليقذف اللقمة الحرام فى جوفه مايتقبل
والربا فالنار أولى به
منه
ومن صيغ الدعاء المباركة التي دعا بها رسول الله لا الله ما نقلته كتب السنة الشريفة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال قال رسول الله الله اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك رواه مسلم
وعن بن حوشب قال قلت لأم سلمة رضى الله عنها يا أم المؤمنين ما كان أكثر دعاء رسول
الله إذا كان عندك قالت كان أكثر دعائه
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
وعن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه قال قلت يارسول الله علمنى شيئًا أسأل الله تعالى قال سلوا الله العافية فمكثت أياما ثم جئت فقلت يارسول
۳۳۷
الله علمنى شيئًا أسأله الله تعالى قال لى عباس ياعم رسول الله سلوا الله العافية في الدنيا
والآخرة
رواه الترمذي
في الذكر والدعاء بغير المأثور
ويصح الذكر والدعاء بغير المأثور والأحاديث التالية دليل على ذلك في جانبي الذكر والدعاء عن أنس رضي الله عنه قال كنت مع رسول الله الله جالسا في الحلقة إذ جاء رجل فسلم على رسول الله له والقوم فقال السلام عليكم ورحمة الله فرد الرسول الله وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
فلما جلس الرجل قال و الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا أن يُحمد وينبغي له فقال رسول الله لا كيف قلت فرد عليه كما قال فقال النبي ع والذي نفسي بيده لقد ابتدرها عشرة أملاك كلهم حريص على أن يكتبها فما دروا كيف يكتبونها حتى رفعوها إلى ذى العزة فقال اكتبوها كما قال عبدى رواه أحمد ورواته ثقات والنسائى وابن حبان في صحيحه إلا أنهما قالا كما يحب ربنا ويرضى الله بن عمر رضي الله عنهما فيما رواه الإمام أحمد وابن ماجه أن رسول الله الله ا حدثهم أن عبدا من عباد الله قال يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم
عن عبد
سلطانك و
10
لم يدريا كيف يكتبانها فصعدا إلى السماء فقالا ياربنا إن عبدك قد قال مقالة لاندرى
كيف نكتبها
قال الله وهو أعلم بما قال عبده ماذا قال عبدى
قالا يارب إنه قال يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك فقال الله لهما اكتباها كما قال عبدى حتى يلقاني فأجزيه بها
١٥٠ انظر الترغيب والترهيب كتاب الذكر والدعاء
۳۳۸
في آداب الدعاء
يذكر الإمام الغزالي آدابا للدعاء منها أن يترصد لدعائه الأوقات الشريفة كيوم عرفة من السنة ورمضان من الأشهر ويوم ا الجمعة من الأسبوع ووقت السحر من ساعات الليل قال
تعالى وبالأسحار هم يستغفرون
وقال ما
ه ينزل الله تعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول عز وجل من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ومنها أن يغتنم الأحوال الشريفة قال أبو هريرة رضى الله عنه إن أبواب السماء تفتح عند زحف الصفوف في سبيل وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلوات المكتوبة فاغتنموا الدعاء فيها
الله
وقال مجاهد إن الصلاة جعلت فى خير الساعات فعليكم بالدعاء خلف الصلوات وقال الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُردّ وقال له الا الله أيضًا الصائم لاترد دعوته ويتابع الإمام الغزالي حديثه فيقول
وبالحقيقة يرجع شرف الأوقات إلى شرف الحالات أيضًا إذ وقت السحر وقت صفاء القلب وإخلاصه ويوم عرفة ويوم الجمعة وقت اجتماع الهمم وتمادى القلوب على استدرار رحمة الله عز وجل
فهذا أحد أسباب شرف الأوقات سوى مافيها من أسرار لا يطلع البشر عليها وحالة
السجود أيضًا أجدر بالإجابة قال أبو هريرة رضى الله عنه قال النبي أقرب ما يكون العبد من ربه عزّ وجلَّ وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء وروى
ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي أنه قال
ه إلى نهيت أن أقرأ القرآن راكعا وساجدًا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء فيمن أن يُستجاب لكم
۳۳۹
في كيف يدعو الإنسان ربه لأنه تعالى يقول
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان أمر الله سبحانه وتعالى عباده بالدعاء والابتهال والتضرع إليه فى كل وقت وحين ووعدهم على ذلك بالإجابة فقال وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان وقال وقال ربكم ادعوني أستجب لكم
وقال صلوات الله وسلامه عليه الدعاء مخ العبادة ومن لم يسأل الله يغضب عليه والدعاء له آداب ينبغي على الداعى أن يراعيها ليكون دعاؤه أرجى للقبول ومن هذه الآداب 1 - أن يتحرى الحلال في مأكله ومشربه لقول سعد بن أبي وقاص يا رسول الله ادع الله
أن يجعلنى مستجاب الدعوة فقال ياسعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة - استقبال القبلة إن أمكن
٣ – تحرى الأوقات الفاضلة كيوم عرفة وشهر رمضان ويوم الجمعة والثلث الأخير من الليل والسجود وبين الأذان والإقامة وعقب الصلوات فإن هذه أوقات يستجاب فيها
الدعاء
-ź
رفع اليدين إلى الله سبحانه وتعالى فإن الله لا يردها خائبتين ه - حضور القلب وإظهار الخشوع والضراعة والتذلل إلى الله عز وجل مع خفض الصوت كما قال تعالى ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين
٦ - البدء بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله الله لقول النبي الله إذا صلى – أى دعا - أحدكم فليبدأ بتحميد ربه عز وجل والثناء عليه ثم يصلى على النبي عليه ثم يدعو بما شاء - أن يدعو الإنسان بغير إثم أو قطيعة وألا يستبطئ الإجابة وأن يختار المأثور من
رحم
القرآن والسنة النبوية الشريفة مثل قوله تعالى
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وقوله الا الله اللهم إنى أسلك العفو والعافية في الدنيا والآخرة
الحيوانية فى الإنسان ويحاول السمو بها وإعلاءها ويريد أن يرقى بالإنسان إلى ما يقرب من
المستوى الروحى الملائكي
ولكن بني البشر في الأغلب يخلدون إلى الأرض ويتبعون أهواءهم لذلك كانت قلة
منهم
قليلة تلك الفئة التي حاولت اتباع هذا التيار في صرامة وإخلاص أما الأغلبية العظمى من اليونان فقد اتبعوا التيار الذي يعتمد على العقل البشرى اعتمادا كليا الأكبر في ذلك أرسطو فهو الذى وطد أركان العقل البشرى وأشاد به كأساس
وكان زعيمهم
للبحث فى عالم ماوراء الطبيعة وفى عالم الفضيلة أو الخير وما كان العقل في يوم من الأيام - عند الحكماء المصريين أو حكماء الهنود – أهلاً لأن يكون مصدر المعرفة فى عالم الغيب وأخذ العقل – عقل أرسطو ومن لف لفه - يجادل ويمارى في الحقائق – صغرت أو كبرت دقت أو جلت واضحة كانت كوضوح النهار أو خفية كأنها غلفت بقطع من الليل المظلم وتجرأت أقلامهم على تناول عالم الغيب وعالم الخير بالإنكار أو الشك أو ترجيح الوجود أو توجب
العدم
أن
وحاول كل زعيم يصور الأمر فى هذين الميدانين - ميدان ماوراء الطبيعة وميدان الأخلاق - بحسب مزاجه وأهوائه وبحسب ما تمليه عليه ثقافته وبيئته وبحسب ما تمليه عليه
طبيعته الجسمانية وجبلته الخلقية
وانتهى الأمر بأن حاول المثبتون الرد فحاول المنكرون تعليل الرفض وزالت قدسية الموضوع وأصبحنا أمام جو من اللجاج والماراة لا يليق بجلال الله وعظمته ماقدروا الله حق
قدره
الأمر
فيهم
ولو قيض الله للبيئة اليونانية جوا من الخير والهدى ولو أنعم الله عليهم بـ بنشأة رسول كان هذا الانحراف الذى انتشر فيهم منذ أرسطو وانتشار الوباء الخبيث والذي تغلغل حتى وصل أمر وهو انحراف منحرف - إلى أن أصبح وكأنه الوضع الطبيعي فساد في كل بيئة وغزا كل عقل وكلما تقدم به الزمن ازداد رسوخاً وثباتًا وازداد انتشارًا حتى لقد غزا الأديان نفسها التي تأبى أن تقره أو تعترف به لقد تغلغل في المسيحية فوضع رجال المسيحية مسألة وجود الله وقضية الفضيلة موضع البحث ونزلوا إلى مجال المجادلة والمماراة وأخذ هذا الوضع يتخطى القرون حتى جاء الإسلام فوضع الأمر في نصابه ووجه الأذهان إلى أن الأمر الأساسى إنما هو مسألة الوحدانية أشهد أن لا إله إلا الله وجه الإسلام الأذهان في
٣٤١
والدعاء على الغير لا يقبل إلا إذا كان صادراً عن إحساس بظلم صادر منه لأن الله تعالى عدل لا يقبل الظلم وقد أنذر الظالمين وفتح للمظلومين باب الانتصار بالقول والفعل وبالدعاء وفي الحديث الصحيح ثلاثة لا تردُّ دعوتهم وذكر الرسول عليل منهم دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويقول وعزتى لأنصرنك ولو بعد حين والسائلة تعلم من نفسها إذا كان دعاء والدها له سبب مقبول أم لا فإن كانت تسيء إلى حقه أو تقصر فيما يجب عليها نحوه فعليها أن تتوب إلى الله من ذلك وأن تستسمح والدها وأن تسرى عنه وتطلب منه الدعاء لها وإن لم يكن منها شيء من ذلك استمرت في أداء واجبها نحوه ولا عليها بعد ذلك دعا أم لم يدع لأنها أدت حق الله عليها
وحق الوالدين معلوم من الدين بالضرورة ولها الحق أحياة وأمواتاً ومن الممكن بوسائل
المقدرة تفريج همومها والوصول إلى حبهما والابتعاد عن كل ما يسبب غضبها وعلى كل فالمدار على حسن المعاملة والوفاء بالحق والواجب والسير على أساس من الخوف من الله والرغبة في الوصول إلى رضاه
في التوبة هل تمحو الذنوب كلها
نعم فإن رحمة الله بعباده التائبين واسعة والله تعالى يقول إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ويقول سبحانه قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من
رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا
غير أن التوبة لابد أن تكون نصوحاً عسى الله أن يقبلها فيكفر الذنوب ويعفو عن السيئات قال تعالى يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ومن شروط التوبة النصوح الندم والإقلاع عن المعاصى كلها ورد الحقوق لأصحابها وعدم العودة بما يغضب الله سبحانه والإكثار من الأعمال الصالحة صلاة وذكرًا وصوما وصدقة وأداء الفرائض كلها وتقرباً إلى الله بالنوافل وألا يراه الله حيث نهاه حيث أمره
وأن يفقده ه فعسى الله أن يقبله ويبدل سيئاته حسنات والله تعالى يقول وهو الذي يقبل
التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويقول سبحانه إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا
٣٤٢
فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متاباً
في التوبة والشباب
إذا خلصت منه النية وصح منه العزم وكانت توبته الأخيرة توبة نصوحا وذلك بالندم على ما فعل وعدم العودة إليه والإكثار من طاعة الله والإقلاع عن جميع المعاصى صغيرها وكبيرها والإخلاص لله فى العبادة ومراقبته في السر والعلن فإنا نرجو أن يقبل توبته وأن يعفو عن سيئاته قال تعالى وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وقال تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات وقال تعالى يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على
معة
كل شيء قدير
هذا ونكرر النصح لشبابنا ونهيب بهم أن يقلعوا عن ممارسة و العادة السرية فإنها مقيتة تودى بالصحة وتضعف الدين وتعقب الندامة وهى كما قررنا فى مقالة سابقة يشملها التحريم المأخوذ من قوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون وعلى الشباب الذين لا يستطيعون الزواج أن يصرفوا ما عندهم من الطاقة في طاعة الله سبحانه وتعالى - صلاة وصياما وذكر الله وتسبيحاً وعليهم أن يتساموا بغرائزهم فيصرفوها فيما يعود عليهم وعلى وطنهم بالنافع المفيد
في ماذا يفعل الإنسان الذى يبتليه الله بمصائب ومتاعب
مع
أن سلوكه طيب ويفعل الخير
الحياة الدنيا دار ابتلاء بالمتاعب والمصائب ولم يسلم من ابتلائها أحد حتى الأنبياء وليس ذلك دليلا على غضب الله أو عدم رضاه عن العبد لأن الله جعل المصائب اختباراً أو امتحاناً قال تعالى ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم وعلى الإنسان الذي
٣٤٣
يُبتلى في حياته أن يصبر لينال أجر الصابرين قال تعالى إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير
حساب
ومن كان يفعل الخير ويؤدى الطاعات وهو مُبتلى – مع ذلك - بالمصائب قد يكون ذلك على محبة الله تعالى له ورضائه عنه كما روى فى الحديث إذا أحب الله عبدا ابتلاه حتى يسمع
تضرعه
ولقد مدح
الله أيوب على صبره على ابتلاء الله وقال فيه
إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب وقال عليه السلام أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل وليس هناك من باب للفرج وإزالة البلاء إلا باب الله سبحانه وإلا الالتجاء إليه والدعاء البلاء وأنه ينفع فيما نزل من البلاء وفيما لم ينزل
وقد ذكر رسول الله أن الدعاء يرفع والتضرع إلى الله سبحانه باب عظيم من أبواب الفرج
في هل الصدقة والدعاء والقراءة تنفع الميت
إنَّ الصدقة والدعاء والاستغفار للميت ينفعه وكذلك العلم الذي تركه بالإجماع وأما تلاوة القرآن فالأحسن فيها الدعاء للميت والترحم عليه والاستغفار له قال إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له رواه مسلم
في ماحكم الدعاء للميت بعد الصلاة عليه وقبل دخوله إلى القبر
إن الدعاء للميت قبل الصلاة عليه وقبل دخوله القبر وبعد دخوله القبر جائز بل مستحب لأن الميت إن كان مُذنبا وهو من المسلمين فهو محتاج إلى الدعاء ليغفر الله له ذنوبه ويعامله بلطفه ويسبغ عليه من رحمته وقد دعا الأنبياء للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات - أحياء وأموانا وقال تعالى في سورة نوح رب اغفر لى ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات بل إن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بالاستغفار للمؤمنين أحياء وأموانًا فقال تعالى فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم سورة محمد ۱۹
٣٤٤
وهذه الآية الكريمة تعليم للأمة وتوجيه لها إلى الدعاء لموتاها المؤمنين تأسيا برسول الله فالدعاء للميت - مطلقاً وفى أى وقت كان - جائز بل مستحب
في أدعية تفريج الكرب وجلب الرزق وسداد الديون
هناك أدعية لتفريج الكرب وجلب الرزق وتسديد الديون وما إلى ذلك وفيما أخرجه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي عل الله أنه كان يقول اللهم إني أسألك الهدى والتقى
والعفاف والغنى
وكان عل الله يقول اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة
نقمتك وجميع
هَب لنا من
سخطك
وصفات عباد الرحمن في القرآن الكريم يعبر عنها قول الله سبحانه والذين يقولون ربنا أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ويرى بعض الناس أن هذه الأدعية الصحيحة وما يماثلها يمكن للإنسان أن يجعلها في حرز مانع من القماش أو الجلد وأن يعلقها على جسمه فيقوم تعليقها مقام الدعاء بها
وقد روى أحمد والحاكم والطبرانى - رجاله ثقات - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من علق ودعة فلا الله له ودع ومن علق تميمة فلا تمم الله له والودعة شيء يخرج من البحر يشبه الصدف يتقون به العين والعميمة خرزات تعلق على الأولاد بحمايتهم من ضرر العين قال
ابن حجر محل ماذكر من الخير وماقبله تعليق ماليس فيه قرآن و نحوه أما ما فيه ذكر الله ونحوه فلا نهى عنه فإنه إنما جعل للتبرك والتعوذ بأسمائه وعلى ذلك فلاشيء في تعليق مافيه ذكر وقرآن إذا كان في حرز مانع من قماش أو جلد بقصد استجلاب الرزق وأما إن كان فيه شيء غير الذكر فلا يجوز تعليقه وسيكون سببا فى تحصيل ما يخالف الغرض المقصود منه
في الدعاء على الغير دون حق
إن الدعاء على الغير - دون حق ولاسبب - غير مقبول ولا يستجاب لفاعله بل إن فاعله بفعله هذا اكتسب خطيئة ومعصية واحتمل بذلك بهتانا وإثمًا يقول الله سبحانه ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئًا فقد احتمل بهتانا وإنما مبينا فالدعاء على الغير دون
٣٤٥
سبب - إثم وقطيعة رحم كما أخبرنا بذلك الشارع المعصوم صلوات الله وسلامه عليه فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله الله و لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدع باثم
أو قطيعة رحم " وحسب الداعى على غيره دون سبب من الشر والإيذاء رجوع الدعاء إليه واستعجال نزول
العقوبة به فعن أبي الدرداء رضى الله عنه قال قال رسول الله إن العبد إذا لعن شيئًا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساعًا رجعت إلى الذي لعن فإن كان أهلا لذلك وإلا رجعت إلى قائلها رواه أبوداود وكما أنه كان من محض عدل الله سبحانه أنه لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها فإن من محض عدله تعالى أيضًا أن جعل ظهيرا وعونًا للمظلوم
أبي هريرة رضى فعن الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله إن لى قرابة أصِلُهُم ويَقْطَعُونني وأحسن إليهم ويُسيئون إلى وأحلم عـ عنهم ويجهلون على فقال لمن كنت كما قلت فكأنما تُسفَهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك رواه مسلم
في سؤال يقول يقول الله سبحانه
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان وأنا أدعو الله ولا يستجاب لى فكيف ذلك يقول الله سبحانه وتعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله الله قال ليس شيء أكرم على الله من الدعاء بل إن للدعاء دخلا فى تلطيف القضاء أو تخفيفه أو عفو الله سبحانه فلقد روى الترمذى عن سيدنا سلمان الفارسي أن رسول الله قال لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد فى العمر إلا البر
إذن فالدعاء مطلوب وعلى كل مسلم أن يضرع إلى الله سبحانه ويتجه إليه وحده
فهو الذي يعطى ويمنع ويجيب المضطر إذا دعاه ولأجل أن يكون الدعاء مقبولا ومستجابا لابد من
٣٤٦
1 - التوبة الخالصة النصوح - ولابد من تحرى الحلال
٣- عدم الدعاء بما فيه إثم أو قطيعة رحم
- والشرط الأساسى هو أن يحقق الإنسان العبودية لله سبحانه فإذا تحققت هذه الشروط من الداعى فلاريب أن الدعاء يستجاب منه ويعطى سؤاله علينا أن نتدبر الحديث التالي عن ابن عباس - قيل أخرجه ابن مردويه – تليت هذه الآية يأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا فقام سعد بن
وقاص
عند النبي فقال يارسول الله ادع الله أن يجعلنى مستجاب الدعوة فقال يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف الحرام في جوفه مايتقبل منه أربعين يوما وأنها عبد نبت لحمه السخت من والربا فالنار أولى به ولقد بين رسول الله فيما يرويه عن ربه الشروط التى إذا تحققت كانت استجابة الدعاء مضمونة وكانت مؤكدة فعلى من يريد استجابة دعائه أن يحققها فيضمن الاستجابة
في عدم اهتمام بعض الأئمة والعلماء بالدعاء
الدعاء ليس له وقت من الأوقات وإنما يكون فى أى ساعة من النهار أو الليل مثل قبل
الصلاة وبعدها
والمطعم
الحلال
والملبس
وليس له صيغة معروفة وإنما أى لفظ يؤدى إلى المعنى المراد به الدعاء على شرط أن يكون مستوفيا للشروط التي تشترط فى الدعاء من الأكل الحلال الحلال فالله سبحانه وتعالى يستجيب هذا الدعاء يقول الله تعالى في محكم كتابه إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين وقال تعالى قل ما يعبأ بكم ربي لولا
دعاؤكم ويقول ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وقال تعالى واسألوا الله من فضله وإن الذين يقولون عليك بالدعاء وحدك في بيتك مخطئون
والدعاء يكون بالجماعة والواحد سواء والجماعة أفضل ليعلم الجاهل رأى الدين الإسلامي في ذلك أن الدعاء عام للجميع فى البيت والمصنع والمزرعة والعمل وفي كل شيء فالدعاء مطلوب ويستحب وهو مخ العبادة
٣٤٧
هل تقبل توبة المذنب وهو على فراش الموت
نعم تقبل التوبة عن المذنب وهو على فراش الموت ما لم يُغرغر إذا كانت توبته نصوحا اجتمع فيها الأمر برد المظالم إلى أهلها والندم على ما فرط منه والعزم على ألا يعود إلى معصيته أبدا إن كان ذنبه بسبب اغتصاب حق لآدمى أما إن كان ذنبه يتعلق بحق من حقوق الله فشروط توبته الإقلاع عن معصيته والندم على ما فرط منه والعزم على ألا يعود إلى ما ارتكبه من الذنوب أبدا قال تعالى قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنَّه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون وقال رسول الله هو من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة
وَسُل رضى الله عنه في الفقه
القضية
في الاجتهاد والثبات في الشريعة الإسلامية
في الدين هاد للعقل
أن الدين نزل هاديًا للعقل إننا - جميعًا تؤمن بهذه القضية الدين نزل هاديًا
للعقل لكن حينما نقول الدين نزل هاديًا للعقل يتساءل كثير من الناس فى أى المجالات ونحن لا نريد أن نقول نزل هاديًا للعقل فى مجال الماديات فالدين أطلق للعقل الحرية الكاملة فيما يتعلق بالبحث والكشف في مجال الماديات في السماء وفى الأرض وفيما بين السماء والأرض وفقط قيده بأن يكون ذلك في خير الإنسانية إنه مادام الأمر فيما يتعلق بمجال الماديات والبحث والكشف فيها - فى خير الانسانية - فللعقل الحرية الكاملة في هذا بل إن أسلافنا رضوان الله عليهم - كانوا يسمون هذه العلوم المادية الطبيعة والكيمياء والفلك والأحياء - كانوا يسمونها علوم الكشف عن سنن الله الكونية ومادامت كشفا عن سنن الله الكونية فهى كشف عن بعض صفات الله سبحانه وتعالى مادام الأمر كذلك فهي عبادة من هذا الجانب – العلم بالماديات - الكشف عن سنن الله الكونية فى الماديات زيادة إيضاح لصفات الله تعالى وهو عبادة لكن الأمر فيما يتعلق بـ نزل الدين هاديًا للعقل إنما هو في أمور المجتمع ومجالاته العقيدة نزل الدين هاديًا فيها الأخلاق نزل الدين هاديًا فيها نظام المجتمع نزل الدين هاديًا فيه التشريع نزل الدين هاديًا فيه أيضًا
في
جميع
هذه الهداية – فيما يتعلق بالتشريع أحيانًا تكون مفصلة تفصيلا دقيقاً كالميراث مثلا وككتابة الدين وأحيانا تكون كليات تضم تحتها جزئيات كثيرة ولاريب في أنه نزل الدين هاديًا للعقل مبادئ التشريع لكن في وسائل التشريع - أحيانًا - يكون مفصلاً لها إن رسائل المبادئ أحيانًا يكون الدين مفصلا لها وأحيانًا يتركها للعقل الإنساني يتصرف فيها بحسب الظروف مثلا الشورى مبدأ من المبادئ التي أقرها الإسلام وسيلة الشورى تركها الإسلام للعقل الإنسانى يحددها بحسب ظروفه وبحسب أمكنته وأزمنته أما مبدأ الشورى فهو مبدأ
لا يتغير
وحينما نقول نزل الدين هاديًا للعقل فإنما نعنى بذلك أن العقل لا يتحكم في الدين إنما
بهندی به
٣٥١
٣٥٢
ومعنى أيضًا نزل الدين هاديًا للعقل أن العقل يفهمه وينقله ولا يتناقض أو يتعارض هو والعقل لأنه نزل هاديًا له
ولأنه نزل هاديًا له ولأننا نؤمن بأن الدين من قبل الله سبحانه وتعالى فهناك القضية التي تتلو ذلك وهى أن هذه الهداية معصومة لأنها من قبل الله ومادامت معصومة لأنها من قبل الله فلابد من اتباعها لا مناص من اتباعها من أجل ذلك كانت الآيات التي تدل على وجوب الاتباع في غاية الصرامة أو في غاية القوة قال تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك الظالمون ويقول سبحانه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ويقول ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ويقول أيضا فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حَرجًا مما قضيت ويسلموا تسليما
هذه الصرامة لماذا
هم
لماذا هذا التحديد وهذه الدقة فيما يتعلق بضرورة وجوب اتباع هذه المبادئ التي نزلت من
السماء
أما
في تناقض الفكر البشرى
عن ضرورة ذلك فإن كل من درس تاريخ الفكر البشرى - منذ أن كتب هذا الفكر في الأزمنة القديمة إلى الآن - كل من درسه تبين له قضية في غاية السهولة هي أن هذا الفكر البشرى على تتابع الأزمنة بل في العصر الواحد وفى القرن الواحد وفى الأمة الواحدة هذا الفكر البشرى متعارض متضارب متناقض مختلف أين هو الحق فيما يتعلق بهذا التضارب وهذا التعارض وهذا الاختلاف والتعارض والتضارب في جميع المجالات الفكرية البحتة لسنا بصدد المجالات المادية لأن المجالات المادية تحكمها التجربة فالتجربة فيصل ولكننا بصدد المجالات النظرية التشريع الأخلاق العقيدة نظام المجتمع أين هو الحق وأين هو الباطل في الآراء البشرية الخاصة بهذه الموضوعات
ليس هناك مقياس للحق والباطل كل المقاييس التي حاولت الإنسانية أن تخترعها منذ الأزمنة القديمة كل هذه المقاييس أثبتت فشلها وبطلانها
عنف وفى قوة إلى التوحيد لا إلى إثبات الوجود لقد وجه الأذهان إلى أن الله لا يحتاج في ثباته وفى وجوده إلى دليل وهو - على العكس - الدليل على غيره فغيره ثابت به والعالم ثابت به والسماوات والأرض والعرش والكرسى كل ذلك موجود بوجوده ثابت بثباته والوجود بأكمله محتاج في كل لحظة إليه فضلا عن احتياجه إليه فى نشأته الأولى ووجوده الأصلى إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا إنه يمسكها في كل آونة وفى كل لحظة فإذا ماتخلى عنهما طرفة عين تلاشتا فكانتا هباء وكانتا عدماً وكل ذرة فى العالم وكل خلية في كائناته إنما ثباتها بالله وقيامها به
ومثل الإنسان كمثل أى كائن آخر من حيث وجوده وقيامه بالله وقد كرمه الله وأعطاه الكثير من المنح والمزايا ووهبه هذا التميز والفهم وسخر له الكثير من العوالم الأخرى وجعله خليفة في الأرض ومن أجل ذلك كانت مسئوليته فيما يتعلق بتصحيح الصلة بينه وبين الله عظيمة تصحيح هذه الصلة فإن ذروتها العليا ومثلها الأسمى إنما هو ما أمر به صلوات الله وسلامه عليه في قوله تعالى قل إن صلاتي ونسكى ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين
خطيرة
أما
و فرق هائل بين من يتخذ هذه الآية القرآنية شعارًا ومن يحاول - متجاوزا قدره - الاستدلال على وجود الله بمخلوق من مخلوقاته إن الفرق بينهما هو الفرق بين طريق الهدى والصواب وطريق الجدل والشك وجاء الإسلام - كما قلنا - ليضع الأمور في نصابها وليصحح الأوضاع التي
انحرفت ومن هذه الأوضاع المنحرفة الشرك بالله والإنسان يشرك بسبب الضعف على وجه العموم وقد يكون هذا الضعف فقرا وقد يكون جهلاً وقد يكون طمعا وجشعا وقد يكون خوفاً وفزعًا وقد يكون غير ذلك ومهما يكن من أمر الشرك فإنه أينما وجد ليس إلا مظهرا من مظاهر الضعف
وحاول الإسلام أول ماحاول أن يظهر النفوس من هذا الضعف وأن يعيدها بالتوحيد – إلى
مجالات العزة والكرامة
والله العزة ولرسوله وللمؤمنين فكانت دعوته للتوحيد
أما ما في القرآن مما تخيله الناس استدلالا على وجود الله وأعتقد أن القرآن يذكره للاستدلال وجودا الله فليس إلا بيانا لمظاهر قدرة الله وعنايته بالعالم ومن ذلك مثلا وفى الأرض قطع
٣٥٣
من أوائل هذه المقاييس مثلا في الفصل بين الحق والباطل فيما يتعلق بالآراء النظرية ومنها التشريع بطبيعة الحال من أوائل هذه المقاييس منطق أرسطو لقد أخفق إخفاقا كاملا في
تمييز الحق عن الباطل ومنها مقياس ديكارت إنه أخفق إخفاقا كاملا أيضًا فيما يتعلق بالتمييز بين الحق والباطل هذا من جانب ومن جانب آخر مادام لاسبيل إلى القطع بأن هذا الرأى حق وهذا الرأى باطل كان هناك المجال المتسع الكبير لتزييف الآراء أو صناعة الآراء وفي علم الاجتماع وفى علم النفس كثير من المباحث التي تتحدث عن صناعة الرأى العام
الرأى العام يُصنع عن طريق الصحف ويُصنع عن طريق الإذاعة ويُصنع عن طريق التكرار يُصنع بوسائل مختلفة ويصنع تزييفا أو إحقاقاً - الرأى العام ومادام الرأى العام يُصنع فهناك هذه الوسائل التي تصنع الرأى العام
هذه هي الوسائل التي تصنع الرأى العام هناك كثير من الناس استخدمها ولكن الذين استخدموها في قوة هم اليهود استخدموا صناعة الرأى العام في قوة بالنسبة لأغراضهم وهم يقولون مثلا في تكييفهم الرأى العام بالنسبة لشخصيات معينة ونحن الذين رتبنا نجاح كارل ماركس يقولون هذا في كتبهم ويقولون هذا فى كتاب بروتوكولات حكماء صهيون لقد رتبوا نجاحه ونجاح آخرين لماذا رتبوا نجاحهم لأنه هَدْمٌ لكل الأفكار الروحية وهم يريدون ألا تسود الأفكار الروحية في الإنسانية ويقولون أيضا عن البروتوكولات نحن الذين رتبنا نجاح دارون صاحب نظرية التطور ونحن الذين رتبنا نجاح نيتشه صاحب نظرية الأخلاق
إنه يرى أن ليس هناك فضيلة ولاشجاعة أو عفة أو كرم أو ماشاكل ذلك كل هذه الألفاظ اخترعتها الإنسانية من أجل حماية الضعفاء وتشبثوا بها من أجل حماية أنفسهم الأخلاق ولينتهوا من تحلل الأخلاق إلى
أراد اليهود
أن
السيادة في العالم
نسود هذه الفكرة في العالم لتتحلل
نعود فنقول هناك صناعة الآراء ماهو المقياس الذى نفصل به بين الحق والباطل ليس هناك هذا المقياس ولقد حاول - فى مواجهة الوحى الإلهى وفى مواجهة التشريع الإلهي - حاول بعض الناس عمل نظم اجتماعية حاول مثلا أفلاطون أن يكون جمهورية على ما ينبغي بأدق ما يمكن أن يكون من تفكير فلسفى وألف أفلاطون جمهوريته كتبها ونسقها ودرسها وعقد فيها ندوات كثيرة ودعى أفلاطون لتحقيق جمهوريته في جمهورية
٣٥٤
صغيرة وذهب أفلاطون إلى هذه الجمهورية وقيل له إنك مفوّض تفويضا مطلقاً في تحقيق جمهوريتك وحاول أفلاطون أن يحقق جمهوريته فأخفق إخفاقا كاملا وبعد عشرين سنة بعد فترة من النضج دُعى مرة أخرى لتحقيق جمهوريته بعد التجربة وبعد هذا الإخفاق الذي ناله وبعد أن اكتسب معرفة وخبرة فأخفق إخفاقا كاملا مرة أخرى أما الإسلام فقد طبق طبق فى جمهورية أو فى دولة أو فى أمة إن هذه الألفاظ اللفظ المستعمل فيها إسلاميا - هو كلمة أمة
إن هذه أمتكم أمة واحدة
طبق الإسلام في أمة وانتهى هذا التطبيق بأن انتقل الإسلام من النظرية إلى الواقع لقد أصبح واقعا في أمة تمتد من كذا إلى كذا لا تكاد تغرب الشمس عنها طبق بالفعل وانتقل من النظرية إلى الواقع لكن كل الآراء التي قيلت - فيما يتعلق بالأنظمة التي اخترعت أو ابتدعتها البشرية كلها – عرضت وأخفقت وَوُجهت بالنقد الذي أثبت تعارض بعضها مع
بعض
ولتوضيح ذلك نقول النظام الرأسمالى اختراع بشرى فى أمريكا يتعارض تعارضا كاملا مع النظام الشيوعى الذى هو اختراع بشرى فيما يتعلق بروسيا ولكن أى هذين النظامين حق لا سبيل مطلقا إلى أن تثبت أن هذا أحق من هذا نظريًّا بالدليل والبرهان وكل ما يُقام من أدلة أو براهين في أمريكا تنقده روسيا وكل مايقام من أدلة أو براهين في روسيا تنقده أمريكا إذن من هذا كانت الصرامة فيما يتعلق بالدعوة إلى اتخاذ الإسلام أساسا ومن هنا كانت هذه الآيات التي تتحدث عمن لا يحكم بما أنزل الله بالظلم مرة وبالفسق مرة أخرى وبالكفر مرة
ثالثة
في هداية الدين للعقل دائمة لا تتأثر بزمان ولامكان
ونزل الدين - كما قلنا هداية للعقل هذه الهداية للعقل ليست مقصورة على زمن دون زمن ولا على مكان دون مكان إنها فى الوضع الديني الإلهى لكل المؤمنين تتبلور في قضية نتحدث عنها في كل وقت وفى كل آن هذه القضية هي أ أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان وهذا هو منطق الدين خصوصًا حينما يكون هذا الدين هو آخر الأديان بإعلانه سبحانه وتعالى عن ذلك اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا هى إذن صالحة لكل زمان ومكان هذه الكلمة أو هذه القضية صالحة لكل
٣٥٥
زمان ومكان إذا كانت في معناها السطحى أو الشكلى أو معناها اللغوى - واضحة فإن بعض الناس قد اتخذها أساسا لتفسير منحرف كل الانحراف من هؤلاء مثلا من قال إنها صالحة لكل زمان ومكان لأنها تتكيف بحسب الزمان والمكان ثم انتقل نقلة أخرى فقال إنها صالحة لكل زمان ومكان لأننا نكيفها بحسب الزمان والمكان
كيف يكون التكييف
قال بعضهم وعمل على ذلك جاهدًا - نحن الآن في بعض الأقطار نعمل في بناء الدولة وبناء الدولة جهاد أكبر وإذا كان الجهاد الأصغر يبيح الإفطار في رمضان فالجهاد الأكبر - وهو بناء - أولى أن يبيع الإفطار في رمضان
وحاول أن يطبق الإفطار في رمضان على الدولة فأخفق لأن الناس كان شعورهم إيمانيا دينيا فلم ينصاعوا ولكنه حاول وبذل وجند الشرطة وجند كل شيء فيما يتعلق بتطبيق الإفطار في
C
رمضان فكان يقدم مثلا للمدارس الثانوية الداخلية وللجامعات والجيش ونحوها الوجبات العادية فى شهر رمضان بدلا من الإفطار والسحور ولكن في النهاية - برغم كل ما بذله من جهد - أخفق ونعود فنقول نكيفها بحسب الزمان والمكان كيف نمنع تعدد الزوجات مثلا ! منع تعدد الزوجات وحصلت حادثة أمام سمعه وبصره حصلت حادثة هذه الحادثة تتلخص في أن شخصا من الأشخاص متزوج وعنده أولاد من زوجته ثم أصبحت زوجته في وضع غير صالح لاستمرار الزوجية من الناحية الجنسية فكان هو بين أمرين إما أن يزني وإما أن يتزوج والتعدد ممنوع فماذا ا يصنع امرأته الأولى لم تزن ليست مسئولة عما حدث لها هذا قضاء الله بالنسبة لها فما ذنبها لتطلق ولم يطلقها إنها لم تسئ إليه ولم يطلق وإنما ذهب وعقد عقدا شرعيا على امرأة وتزوجها بحسب الشرع وأسكنها في مسكن وكان يذهب إليها ويبيت أنه تزوج امرأة أخرى والقانون في هذه الناحية لا يتساهل وذهبت الشرطة
عنه عندها وبلغ وضبطوه متلبسًا بالجريمة جريمة الزواج بامرأة أخرى وأتى به للتحقيق وقالوا له هل تزوجت امرأة أخرى فقال كلاً فقيل له ولكنك كنت عندها قال نعم وتنفق عليها نعم وقد استأجرت لها هذا المسكن نعم – وتبيت عندها وأبيت عندها ماذا تكون إذن إنها عشيقة فقيل له تفضل اذهب لاملام عليك لالوم عليك حرموها زوجة وأباحوها عشيقة بقانونهم ! !
حدث هذا بالفعل والتحقيق تحقيق البوليس ويأتى أيضًا فيما يتعلق بالتعدد أن اتيين
٣٥٦
دينييه مستشرق فرنسي كان قد ذهب إلى الجزائر في عهد الفرنسيين وهو فرنسى أقام في الجزائر في بلدة اسمها بوسعادة استراح إلى الجو واستراح إلى الناس واستراح إلى الخلق وكلها أغرته الجو الطبيعة الصحراء الناس كلها أغرته بأن يقيم في الجزائر فأقام أقام في عهدين عهد كان فيه التعدد مسموحا به وعهد حدث فيه عدم التعدد أو الدعوة إلى عدم التعدد أو الإقلال من التعدد وبعد ذلك لاحظ ثلاث ملاحظات كتبها باللغة الفرنسية فى أحد الكتب كتب يقول حينما منع التعدد والطلاق وجدت ظواهر لم تكن موجودة أيام كانت إباحة التعدد والطلاق ماهي هذه الظواهر التى وجدت عندما منع التعدد
أولاً
كثرة العوانس هذا أمر
الأمر الثاني كثرة اللقطاء
الأمر الثالث كثرة الأمراض السرية
هذه المسائل الثلاثة و حدثت بعد أن منع التعدد وبعد أن منع الطلاق وليس معنى إباحة التعدد أنه مفروض وليس معنى ذلك أنه لابد من التعدد
هم
6
كلا وأنتم تعلمون أنه مع إباحة التعدد الآن فى القاهرة يمكن أن يكون نصف في الألف الذين يعددون الزوجات وإذا ارتفعت عن أكثر من الاثنتين يمكن أن يكون ربع في في الألف وهكذا الأمر نعنى يكاد يكون التعدد إباحته معدوماً مع ولكن من الوجهة النظرية لو فرضنا أن شخصًا من الأشخاص إما أن يتزوج وإما أن يزنى فيباح له أن يتزوج - هذا رأى الكاتب الفرنسي يقول ويستشهد بالتعداد وبالتجربة ماذا حدث وماذا كان لكننا نتساءل الآن ما هو إذن المعنى الصحيح للقضية الشريعة صالحة لكل زمان ومكان أن الشريعة أنزلت للإنسان من حيث هو إنسان لا للإنسان من حيث هو
مصرى أو من حيث هو فرنسى أو من حيث هو كذا وكذا فيما يتعلق بالوطن إنها نزلت للإنسان من حيث هو إنسان ومادامت قد أنزلت للإنسان من حيث هو إنسان فإنها صالحة لكل زمان ومكان لا تتغير لأن الإنسان هو أينما كان الإنسان هو الإنسان في عواطفه وفى انفعالاته وفى سلوكه فى تصرفه في عقله فى ذكائه في إحساسه وأنزلت الشريعة إذن للإنسان من حيث هو إنسان فهى إذن صالحة لكل زمان ومكان صالحة في مبادئها وصالحة في وسائلها إذا حددت وكل خروج عليها إنما يكون انحرافا
٣٥٨
أن يسكت الصالحون المؤمنون وهم يسمعون ومَنْ لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم يحكموك في حياتك ويحكموك بعد مماتك - بسنتك – فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم - في صدورهم - في قلوبهم - حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليما نقول أين القانون الذي تحكم به وهذا سؤال من أسخف الأسئلة كيف وأنت مسلم تتحدث اللغة العربية تقول أين القانون القانون أمامك فى الكتب موجود فى كتب الفقه وكتب التشريع الإسلامي
هل يتأتى أن يكون شخص تخصص في التشريع ثم لا يفهم كتابا في التشريع باللغة
العربية وليس بلغة لاتينية ولا أعجمية أو شيء من هذا القبيل إنما هو باللغة العربية ليس في ذلك حجة ليس في ذلك مطلقاً أى مستند للدفاع عن تطبيق التشريع الإسلامي ومع ذلك فهناك هذه المقومات الكثيرة التي كتبت فيما يتعلق بالموضوع والتي تيسر كثيرا فيما يتعلق بالموضوع وأحب أن أقول إن مجمع البحوث الإسلامية وضع القانون المدنى كله على مذاهب مختلفة وقننه وكان فى لجانه المختلفة مستشارون من القانون وفيه علماء وفقهاء في
6
كل مذهب من المذاهب وهو الآن بصدد تقنين القانون الجنائى لكن مع ذلك أعتقد أنه عمل ما كان ينبغي أن يكون مع أنى أنا شخصياً - الذى بدأت به والذي شرعت فيه لكن الآن ما كان ينبغي أن يكون لأنه مادامت كتب التشريع باللغة العربية ومادامت هي في التشريع ومادامت فيها الفصول والأبواب والفقرات فعلماء التشريع المشرعون المستشارون القضاة من السهل عليهم جداً أن يستخرجوها من هذه الكتب باللغة العربية
نعود فنقول إن الدين نزل هداية للعقل
ونعود فنقول إن الآيات فيما يتعلق بهذا الموضوع صارمة
في الاجتهاد وموقعه
قد يتساءل إنسان ماهو موقع الاجتهاد فيما يتعلق بهذا الموضوع أليس الاجتهاد فتحا لباب التصرف عقليا فيما يتعلق بالتشريع وعن هذه النقطة أتحدث الآن فيما يتعلق بالاجتهاد هناك فكرة في الواقع خاطئة عند الكثيرين - حتى كبار المثقفين - أن الاجتهاد إما أن يكون في أمر سبق فى عهد الرسول مع الله وإما أن يكون فى أمر استحدث من بعده حدث في العصر الحاضر
مثلا
٣٥٩
ومعنى الاجتهاد أن الأمور التي كانت في عصر الرسول عليه الصلاة والسلام ينبغي أ
أن يبذل
الإنسان جهده وطاقته فى البحث ليصل عن طريق المراجع والكتب والسيرة والتاريخ والأحاديث النبوية وتفاسير القرآن إلى ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام ليس في ذلك ابتداع ولا اختراع ولا تصرف عقلى ولاشيء من هذا القبيل وإنما هو يبحث ليصل إلى الحقيقة ومعنى الحقيقة عنده فيما بحثه أن يصل إلى ما كان عليه الرسول فإذا ما وصل إلى ما كان عليه الرسول فقد انتهى البحث وسلم الأمر أما الاجتهاد فيما يتعلق بالمسائل التي لم تكن في عهد الرسول وإنما حدثت فى العصر الحاضر فليس معناه مطلقا ابتداع أو اختراع وإنما معناه بذل الجهد لوضع هذا النمط الحديث أو المشكلة الحديثة أو المسألة الحديثة
أيضًا
في موضعها تحت قاعدة كلية من القواعد القرآنية أو النبوية تحريمًا أو تحليلا يعنى مثلا مسألة و الحشيش لم يكن موجوداً الحكم فيه والمجتهد فيما يتعلق بأمر الحشيش يبذل جهده ليضع الحشيش تحت قاعدة كلية من قواعد الدين إما تحريما وإما تحليلا لأنه في المبدأ لايدرى إن كان هذا الأمر محرماً أو حلالا فيبذل جهده ليضع هذا الأمر تحت قاعدة
كلية
البيرة مثلا لم تكن موجودة وكل هذه الأنواع من الخمور ويسكى وغيره لم تكن
موجودة ماهو موقف المجتهد فيما يتعلق بالحكم في هذه المسألة أو تلك موقفه هو أن يبذل جهده مع التقوى مع الإخلاص مع النزاهة الكاملة يبذل جهده مع عدم التحيز يبذل جهده ليضع هذه المسألة أو تلك تحت القاعدة الكلية المحرمة أو المحللة فإذا أدى به اجتهاده إلى أنها توضع في قاعدة كلية تحرم يصبح الحكم محرما وإذا أدى به النزاهة - إلى أن هذه المسألة تدخل في قضية محللة
اجتهاده - مع الإخلاص مع التقوى مع تدخل تحت التحليل أو الحل هذا هو الاجتهاد
في مقدمات الاجتهاد ووسائله
لكن هذا الاجتهاد أيضاً له مقدمات وله وسائل هذه المقدمات بديهية ليس فيها شيء
من التعقيد
معرفة اللغة العربية إن من أوائل الشروط فيما يتعلق بالمجتهد معرفة اللغة العربية معرفة تمكنه
أو تصل به إلى مستوى فهم القرآن العربى المبين
معرفة الأحاديث النبوية ولابد من معرفة الأحاديث ومن الإلمام بها إلماما يجعله على معرفة فيما يتعلق بجو الأحاديث النبوية لأنه يجوز أن يفتى ويكون هناك حديث من الأحاديث معارض أو مخالف لفتواه
معرفة السيرة النبوية لمعرفة الواقع الذى كان عليه الرسول مع الله ومادام الدين قد طبق عمليا وطبق في فترة طويلة من الزمن طبقه الرسول الله وطبقه الصحابة رضوان الله عليهم في عهد الخلفاء الراشدين وتحدث عنه الصحابة وتحدث عنه الرسول - مادام قد طبق فإننا اختلفنا في أمر من الأمور لا نلجأ إلا إلى التطبيق
ماهو الواقع الذي كان في عهد الرسول الله ماذا كان النتيجة التي أريد أن أنتهى إليها
وبها تكون الخاتمة
ما هو الموقف
الموقف الخصه أحد الصحابة فى كلمة تشبه أن تكون إعجازًا يقول اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم فقد كفيتم هذه برهان كامل على اتبعوا وهى أيضا برهان كامل على و لا تبتدعوا اتبعوا فقد كفيتم ولا تبتدعوا فقد كفيتم لأن من يبتدع إنما هو الشخص الذي لا يكون عنده الكفاية ونحن عندنا الكفاية منذ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا
عندنا الكفاية إذن الخاتمة أو النتيجة التي نحب أن ننتهى إليها هي اتبعوا ولا تبتدعوا فقد
كفيتم إذا اتبعنا ولم نبتدع ماهي النتيجة
النتيجة هی
ما تحدث الله سبحانه وتعالى عنه وضمنه لمن اتبع شريعته ضمن له السعادة في الدنيا والآخرة وضمن له الفوز وضمن له النصر وضمن له سعة الرزق وضمن له كفالته وعنايته سبحانه ورعايته ضمن له كل هذه النواحى ووعد الله سبحانه وتعالى
لا يتخلف
خاتمة
وأريد أن أختتم بواقعة حدثت في الأيام الأخيرة حدث في هذه الأيام الأخيرة أن وفدا من أوربا من كبار علماء أوربا من فرنسا وفيه واحد من إيطاليا وواحد من إنجلترا وفدًا على مستوى رفيع جدا ذهب إلى السعودية ذهب بالفعل وقبل أن يذهب تكاتب وتراسل هو
٣٦١
ووزير العدل السعودى ووزير العدل السعودى رجل نابه متطور متفتح الأفق راسلوه واتفقوا على أن هذا الوفد الأوربى يذهب إلى السعودية ليتحدث مع علماء السعودية فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الإسلام وذهب الوفد والتقى هو والوفد العربى كان وزير العدل وكان مستشار الملك معروف الدواليبى وكان محمد بن مبارك من سوريا وكان بعض علماء السعودية وأخذوا يتحدثون فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الإسلام وانبهر الوفد الأوربي وما كان متضوراً مطلقاً أن هذا الذى يقال هو حقوق الإنسان في الإسلام وصل الإسلام بحقوق الإنسان إلى مالم تصل إليه أوربا وفي نهاية الجلسة التي تعددت طبعا عدة مرات وفى نهاية الأبحاث سأل الوفد الأوربي ولكن ماذا عن قطع يد السارق وأجاب معروف الدواليبي الذى كان رئيس الوزراء سابقاً فى سوريا وقد كان مستشارا لجلالة الملك وكانوا في الرياض قال له انظر إلى الصحراء يمكن إذا كنت في الوسط واتجهت يمينا تجد ألف كيلو متر ويسارًا ألف كيلو متر وأماما ألف كيلو متر وخلفًا ألف كيلو متر وتصور أن سيارة قامت من الرياض وهذه السيارة محملة بالذهب والفضة قامت من الرياض لتذهب إلى مكان على بعد عشرين كيلو متر لا يتأتى مطلقاً أن يتعرض لها متعرض في هذه الصحراء التي لا بلدة فيها ولا شرطة ولاحرس ولا بوليس لاشيء من هذا القبيل في هذه الصحراء الشاسعة تقوم سيارة محملة بالذهب والفضة لتذهب من الرياض إلى هذه المدينة الأخرى ولا يتعرض لها متعرض لماذا لأننا نطبق الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بقطع يد السارق لكن انظر الآن إلى بلد مثل نيويورك التي يقولون عنها إنها وصلت إلى قمة الحضارة كم فيها من القتلى في ساعة واحدة من أجل السرقة وكم فيها من القتلى فى اليوم الواحد في أربع وعشرين ساعة بسبب السرقة قتلى وجرحى وقطع أكباد وقطع أمعاء بالسكاكين وضرب بالنار وبكل شيء في أربع وعشرين ساعة ثم تعال إلى المملكة العربية السعودية بأكملها كم قطعنا من يد فيها في مدة عشرين سنة قطعنا أيدى تعد على أصابع اليد الواحدة وتقولون بعد ذلك إن الإسلام قاس فيما يتعلق بقطع يد السارق هناك القتل والذبح والسحل وكل ما يتأتى أن يكون من أجل السرقة وهنا لا شيء قطع يد السارق أو عدد من السارقين في مدى عشرين سنة وأجمع الوفد الأوربى أن هذا أحكم نظام فيما يتعلق بمنع السرقة وقالوا لوطبقناه لكان الأمن على كل حال وفى النهاية أهيب بأعضاء مجلس الشعب في جمهورية مصر العربية أن يعتصموا بالإيمان ويقرروا العودة إلى تطبيق التشريع الإسلامى ليؤدوا الأمانة ويفوزوا بالسعادة في الدنيا والآخرة والله تعالى ولى التوفيق وهو الهادى إلى أقوم طريق
٣٦٢
في الاجتهاد
إن باب الاجتهاد لم يغلق ولم يغلقه أحد ولا يتأتى أن يغلقه أحد ولم يقل عالم من العلماء المستنيرين إن باب الاجتهاد قد أغلق بيد أن هذا الموضوع يحيط به كثير من اللبس في أذهان الكثيرين من الناس وذلك لأن الاجتهاد ينصب على أمرين
أحدهما الاجتهاد في المسائل التقليدية المذكورة فى كتب الفقه من عبادات ومعاملات
في
وهذا معناه أن يبذل المجتهد ما يستطيع ليصل إلى الوضع الحقيقي الذي كان عليه الرسول عل هذه المسألة أو تلك فهو في بحثه هذا يجب عليه أن يتخلى من كل فكرة شخصية في الموضوع وأن يسير موطنا النفس على أن يستجيب لنتيجة البحث فيقرر النتيجة التي وصل إليها في تحقيق ما كان عليه الرسول الله في المسألة التي يبحث عنها
إن المجتهد في هذا الموضوع لا يبتدع ولا يخترع ولا يقول من عنده شيئًا وإنما دوره الوحيد هو التثبت مما كان عليه الرسول له الا الله فإذا ما وصل إليه انتهى دوره ومن أجل ذلك يقول كل متدين كما قال أئمة المذاهب إذا صح الحديث فهو مذهبي وليس لأحد أن يقول برأى شخص إذا كان للرسول في الموضوع حديث من الأحاديث
والأمر الآخر من الاجتهاد فهو الاجتهاد فيما لم يرد فيه نص من الأمور المستحدثة التي أحدثها التطور الزمنى والمجتهد فى هذا مهمته محددة إنها بذل كل ما يستطيع من جهد فكرى لربط هذه المسألة بقاعدة عامة من قواعد الدين الكلية تحريماً أو تحليلاً وذلك لأن كثيرًا من المسائل الجزئية التي تحدث بتطور الزمن تندرج تحت قاعدة كلية من القواعد الموجودة في الدين فمثلا هذه الأنواع الكثيرة من المسكرات أو الأنواع الكثيرة من المخدرات لم تكن في الصدر الأول وعمل المجتهد الحكم بالنسبة لها أن يربطها بقاعدة كل مسكر حرام بالنسبة لأنواع الخمور بقاعدة كل مفتر حرام بالنسبة لأنواع المخدرات
ولقد قال أئمة الفقه الذين اجتهدوا في مثل هذه المسائل بالنسبة للمخدرات إنْ مَنْ شَرِبَ الحشيش مُستحلا له فقد كفر لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين
المجتهد في الأمور المستحدثة التي أحدثها التطور الزمنى لا يبتدع إذ هو الآخر لا يأتي بشيء من عنده وإنما هو يجتهد في الربط بين الجزئيات المستحدثة والقواعد الكلية لأن هذه الجزئيات تندرج تحتها
۳۸
متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يُسقى بماء واحد وتفضل بعضها على بعض في الأكل
وإن الله سبحانه وتعالى جعل
وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا وبنينا فوقكم سبعاً شدادا وجعلنا سراجاً وهاجاً وأنزلنا من المعصرات ماءً ثجاجاً لنخرج به حباً ونباتا وجنات
الفافا
و تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور الذى خلق سبع سماوات طباقا ماترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسا وهو
حسير
وما مثل هذا في تصور قدرة الله كمثل ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجاً ولا أمنا يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع ! إلا همساً يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً وعنت الوجوه للحى القيوم وقد خاب من حمل ظلما
بهم
إن في ذلك وكثير غيره إنما ذكر ليبين عظمة الله وجلاله وقدرته ويبين رحمته بعباده وعنايته
وما من شك في أنه يمكن أن يؤخذ من ذلك أدلة كثيرة على وجود الله
وما من شك في أن الأدلة التى تؤخذ من ذلك يمكن أن تصاغ في أسلوب منطقى في قياس يشتمل على المقدمات والنتائج ويكون متفقاً مع قواعد المنطق الأرسطى ومبادئه ولكن ذلك لن يكون أبدا تصويرًا لهدف من أهداف القرآن فالقرآن لم يضع قط وجود الله موضع شك حتى يحتاج إلى الاستدلال عليه
ومن القصص التي تروى على أنحاء شتى وبأساليب مختلفة تتفق في الجوهر وتختلف في الرسم ما يحكى من أن بعض مشاهير العلماء ألف كتاباً ضخما في إثبات وجود الله فأقام له أصدقاؤه حفلة تكريم من أجل عمله هذا الضخم ومرَّ بهم بعض الصالحين فأخذوا يحدثونه عن عبقرية المؤلف
فسأل
٣٦٣
وليس هناك نوع ثالث من أنواع الاجتهاد وإذا كان بعض الناس يظن أن الاجتهاد اختراع
وابتداع وإتيان بالرأى الشخصى ومحاولة تغيير الدين بحسب التطور الزمني فإنه مخطئ والواقع أن الذين يظنون أن الاجتهاد اختراع وابتداع كثيرين حتى في كبار المثقفين من الحقوقيين ففي بعض اللجان التي تضم حقوقيين وعلماء دينيين يأتي بعض الحقوقيين مكونا رأيا معينا في الطلاق أو تعدد الزوجات أو الميراث ويعلق رأيه فى اللجنة فإذا اعترض على رأيه بعض علماء الدين قائلين إنه غير موافق للشرع يقولون لهم اجتهدوا ومعنى هذا بكل بساطة غيروا الدين ليتفق رأينا أو افهموا النصوص الدينية فى ضوء ما نقول ومن يقول اجتهدوا بهذه الكيفية يكفينا منه هذا التقول أنه لا يصح أن يكون فى لجنة من اللجان التي تدرس أمورًا متعلقة بالدين وذلك أنه في مظهره وفى أقواله لا يعبأ بالدين ويظن أن رأيه هو الصحيح
مع
في الدين هاد للعقل
ولقد نزل الدين هاديًا للعقل وقضية الدين هاد للعقل يؤمن بها كل متدين وذلك أنه لو كان القائد في العقيدة أو فى التشريع هو العقل لما كان من ضرورة للدين الدين إذا من أمور العقائد وفى أمور التشريع هو القائد للعقل والله سبحانه تعالى أعلم
بالصالح للإنسان ورسمه سبحانه فى الوحى عقيدة وتشريعات
ويجب على المؤمن أن يستجيب استجابة كاملة للوحى
وإذا كان الأمر كذلك فلا يتأتى أن يقول إنسان يزعم أنه مسلم اجتهدوا حينما يقال له إن رأيك مخالف للدين ودولة الإيمان لا تخرج عن الوحى فى أحوال المسلمين الشخصية المتصلة بالدين كالزواج والبطلان ونظام الأسرة على وجه العموم وإلا أصبحت الأسرة تقوم على أساس محرم وأصبحت العلاقات الأسرية تسير على نسق لادينى وهذه هي المعارضة التامة بل هذا مناقض لوجوب تحقيق دولة الإيمان
وإذا كان الاجتهاد مفتوحا على النسق الذي قلنا فإن للاجتهاد شروطًا يجب أن تتوافر منها ثلاث معرفة اللغة العربية معرفة دقيقة لقد كان الإمام الشافعي مثلا يعتبر أديبا من كبار الأدباء لقد كان يحفظ شعر الهذليين على كثرته وأسلوبه نفسه ينبئ عن فحولة في الأدب يندر وجودها وهكذا كان بقية الأعلام وذلك أنهم اتصلوا عن قرب بالقرآن الكريم حفظا وفهماً واتصلوا بآلاف الأحاديث في أسلوبها العالى أسلوب النبوة أسلوب جوامع الكليم
٣٦٤
إن معرفة اللغة العربية معرفة عميقة شرط مهم من شروط الاجتهاد
والشرط الثاني هو حفظ القرآن وفهمه حفظا وفهما فى الدرجات العليا للحفظ والفهم يتمكن معهما من استحضار النصوص القرآنية المتصلة بموضوع البحث ومعرفة أسباب النزول وذلك أن آيات القرآن الكريم قد نزل الكثير منها فى مناسبات ويزيد فهم الإنسان لها حينما يعرف أسباب النزول وقد ألف أسلافنا كتباً كثيرة فى أسباب النزول وهي متداولة معروفة وحفظ الأحاديث النبوية الشريفة المتصلة بالأحكام عبادات ومعاملات أو المكن الأحاديث من
المتصلة بموضوع الاجتهاد أما الشرط الأخير للمجتهد وهو شرط لا يتوافر للكثيرين فهو الذكاء وذلك لأن المجتهد يربط بين المواضيع مستنبطاً ومستنتجاً فإذا لم يكن عنده الذكاء الكافي لذلك فإنه لا يتأتى أن يستنتج ويستنبط في إحكام ودقة
فإذا توافرت هذه الشروط فإن لصاحبها أن يجتهد وسيكون موفقا بإذن الله إذا أخلص النية وإذا أراد بعمله وجه الله
في الغصب والسرقة واللقطة
الغصب هو أخذ شيء له قيمة بغير إذن المالك ورغماً عنه وحكمه على الغاصب رد العين المغصوبة ما دامت قائمة لقوله عليه السلام على العبد ما أخذ حتى يرد وقال عليه الصلاة والسلام لا يحل لأحد أن يأخذ متاع أخيه لاعباً أو جادا فإن أخذه فليرده عليه وإن نقص في يده رد ما نقص أو ردّ ثمنه
أما السرقة فقد قال الله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم وهذا الحكم صريح لا لبس فيه فمن سرق تقطع يده وإذا كان هذا محل اتفاق فإن الفقهاء اختلفوا في المقدار الذى تقطع فيه اليد فذهب الجمهور تقطع يده إذا سرق نصاباً إلا أنهم اختلفوا في قدره فعند الإمام مالك النصاب ثلاثة دراهم فمتى سرقها أو ما يبلغ ثمنها فما فوقه وجب القطع واحتج في ذلك بما رواه عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله لا قطع في مِجَنِّ ثمنه ثلاثة
دراهم
٣٦٥
وقال مالك رحمه الله وقطع عثمان رضى الله عنه في أترجة قومت بثلاثة دراهم وقال مالك وهو أحب ما سمعت فى ذلك وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن الاعتبار في ق
في قطع يد السارق أو ما يساويه والحجة فى ذلك ما أخرجه الشيخان من طريق الزهرى عن دينار ربع عائشة رضى الله عنها أن رسول الله الله قال تقطع يد السارق في دينار فصاعداً ربع أما اللقطة فإن نافعاً رضى الله عنه يروى أن رجلا وجد لقطة فجاء إلى ابن عمر فقال إنى وجدت لقطة فما تأمرنى فيها فقال ابن عمر عرفها أى أعلن عنها قال قد فعلت قال زِدْ قال قد فعلت قال أمرك أن تأكلها لو شئت لم تأخذها وهذه الإجابة من ابن عمر رضى الله عنه مظهر من مظاهر ورعه وتقواه يقول الإمام محمد بن أبي الحسن ه من التقط لقطة تساوى عشرة دراهم فصاعداً عرَّفها حوّلا فإن عرفت وإلا تصدق بها فإن كان محتاجاً أكلها فإن جاء صاحبها خيره بين الأجر أى الثواب من الله وبين أن يغرمها له أي يرد قيمتها عند مقدرته على ذلك
في الزنى
لا يثبت الزنى إلا باعتراف الزانى أو رؤية أربعة شهود عدول أو بإتيان المرأة للولد مكتملا في أقل من ستة أشهر ويجب في حالة ثبوت الزنى أن يُرْجَم الزانى إن كان محصناً ويُجلد إن لم يكن محصناً وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين يقول الله تعالى الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين أما الرجم فقد ثبت بالسنة كما في قصة ماعز والغامدية والذى يقوم بالحد هو الإمام أو نائبه لا الزوج حتى لا يكون المجتمع فوضى إذا اقتص كل إنسان ممن أساء إليه أما في الحالة التي ذكرها السائل - فى حالة رؤية الزوج وحده - لا يثبت الزنى من الوجهة القضائية الشرعية ما دام الزانى لم يعترف وبذلك لا يصح قتله فإن قتله الزوج فقد اعتدى وظلم وخالف الشرع وفى هذه الحالة يقدر القاضى العقوبة التي يراها والتى توجبها الظروف والملابسات ويجوز أن تكون هذه العقوبة قتل القاتل إذا رأى القاضي أنه كاذب أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو السجن فترة من الزمن تطول أو تقصر بحسب ما يرى القاضى من صدق القاتل أو الريبة في أمره والحكم الذي صدر لا يعارضه الدين ما دام قد تبين للقاضى الظروف المخففة
٣٦٦
في حد الزنى
يعمل دين الإسلام على صيانة الأعراض وعلى حماية الأسرة مترابطة قوية وهو في نفس الوقت يدرأ الحدود بالشبهات كما قال الله ادرءوا الحدود بالشبهات وخاصة فيما يهدم الكرامة إلى الأبد كالزنى وهو لهذا شدد في إثبات جريمة الزنى لخطورة حكمها وسمعتها وبين أن الزنى لا يثبت إلا بأربعة شهداء رأوا حقيقة الزنى وحد الزنى للمتزوج وللمتزوجة الرجم حتى الموت ولغيرهما الجلد مائة جلدة لا فرق في ذلك بين مسلم وغير مسلم وهذا إذا كان برضا الزانى والزانية وإذا أ وإذا أكره أحدهما إكراها حقيقيًّا سقط عنه الحد قال تعالى الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة
جلدة وقال لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله
الكاذبون
هم
على أن الرجم للمحصن - رجلا كان أو امرأة - والجلد لغير المحصن - رجلا كان أو امرأة - إنما هو شريعة الأديان كلها
ومن المعروف أن النصارى يتبعون في شريعتهم التوراة والتوراة تقول بالرجم وكتب السيرة
تروى القصة التالية
زنى يهوديان من خيبر وكانا محصنين وكره اليهود رجمها لشرفها فيهم فبعثوا رهطاً منهم يسألون النبي الله فأمرهم برجمها فأنكر اليهود حكم الرجم في التوراة فبين ابن صوريا - وكان أعلمهم باعترافهم كذبهم وأثبت أن حكم الرجم موجود في التوراة ثم أسلم يقول سبحانه وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين
في شروط قبول التوبة رد الحقوق لأصحابها
فما الحكم إذا كان صاحب الحق قد مات
إن الله سبحانه وتعالى أمر بالتوبة وحث عليها الرسول علا الله وأجمعت الأمة على وجوبها على كل مسلم ومسلمة فقال سبحانه وتعالى وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون وعن الأغر بن يسار رضى الله عنه فيما رواه الإمام مسلم قال قال رسول الله له يأيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإنى أتوب فى اليوم مائة مرة وقد استعمل القرآن واستعملت السنة
٣٦٧
الشريفة مختلف الأساليب المؤثرة وذلك لقيادة النفوس إلى الله بالتوبة مفتاح كل خير وباللبنة
الأولى في طريق الله ولا ريب أن التوبة المتحدَّث عنها إنما هى التوبة الخالصة النصوح التوبة تنبعث من قلب
تفجرت فيه ينابيع الهداية فاتجه إلى الله في إخلاص مستغفراً منيباً والتوبة من هذا النوع تستتبع حتماً ردّ الحقوق بقدر الاستطاعة إنها تفى أن يبرأ التائب من
الحقوق التي عليه
فإن كانت مالا أو نحوه رده إلى صاحبه وإن كانت حد خلاف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه وإن كانت غيبة استحله منها أما إذا استحال رد الحقوق أو كان أشبه بالمستحيل بالنسبة للتائب فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها فإذا بذل التائب جهده في رد الحق ثم لم يتمكن من رده فقد أبرأ ذمته أمام الله سبحانه وتعالى وفى هذه الحالة نرجو الله سبحانه أن يتقبل توبته وأن
يتجاوز عما استحال تحقيقه
في عقد القران بعد زنى العروسين
إن العقد في هذه الحالة صحيح ما دام قد استوفى الشروط من المهر والوكالة والشهود أما الحياة التي قبل العقد والزواج فإنها حياة سفاح وإثم ومعصية وكلا الشخصين آثم وإثمها - لا شك - وعقابها هو إثم الزانى والزانية
أما الولد الذي أنجباه فهو ولد سفاح والقوانين الوضعية تبيح الاعتراف به وتعطيه الحقوق التي يُعطاها الولد الشرعى
ولكن الدين لمحافظته دائماً على الطهر والعفاف والحياة الفاضلة لا يقر هذا الاعتراف لأنه يكون إقراراً لشرعية الثمرة التي نتجت عن الزنى وهذا مالا يتأتى أن يقره الدين
في سيدة وضعت يوم الخميس والزوج توفى يوم الجمعة مباشرة فكيف تكون عدة هذه السيدة
عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام وهذه السيدة التي ذكرت في السؤال توفى
عنها زوجها بعد الولادة فينطبق عليها هذا الحكم
٣٦٨
وربما التبس على السائل أن الحامل عدتها وضع الحمل ولكن هذه لم تكن حاملا عند الوفاة فقد توفى عنها زوجها بعد أن وضعت لا قبل أن تضع
قال تعالى والذين يتوفَّوْنَ منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسيهنَّ أربعة أشهر وعشراً فإذا بلغن أجلُهنَّ فلا جناح عليكم فيها فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير ولو توفى عنها زوجها قبل أن تلد ثم ولدت بعد وفاته بيومين أو أكثر أو أقل فعدتها تنتهى بالوضع يقول تعالى وأولاتُ الأحمال أجلهنَّ أن يضعن حَمْلَهُنَّ
في نشوز الزوجة
هذا الامتناع إما أن يكون لعذر من مرض ونحوه أولا فإن كان لعذر فعلى الزوج أن يعالجها ما استطاع فإن كان عيباً مانعاً من الجماع أو الاتصال بها مما نص الفقهاء على أن يُفسخ به النكاح فسخ ولها جميع حقوقها الزوجية
وإن كان العيب مما يرى برؤه عالجها من مالها أو من ماله وأما إن كان الامتناع نشوزاً أو إباء منها فقد أرشد القرآن الكريم والسنة الشريفة إلى العلاج قال تعالى واللاتى تخافون نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهجروهنَّ في المضاجع واضربوهنَّ فإن أطَعْنكُم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عَليًّا كبيراً وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حَكَماً من أهلِهِ وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يُوفِّق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً قال العلماء ليس للمرأة التى تمتنع عن زوجها إذا طلبها نفقة ولاحق حتى ترجع عن هذا النشوز فإن أطاعت ورجعت إلى الحق وإلا انفصلت عنه بلا حقوق ونذكر في هذا المجال قوله ع إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه ولم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح متفق عليه وقوله لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجا
رواه الترمذى وقال حسن صحيح
في حكم زيارة القبور
زيارة القبور مطلوبة شرعًا لما رواه الإمام مسلم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النبي الله قال كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة
٣٦٩
وكان ذلك في بدء الإسلام حيث كان النبي عل الله قد نهى عنها أولا ثم أمر بها وبعد أن اطمأنت القلوب بالإيمان أصبحت الزيارة مطلوبة إلى الآن لأخذ العبرة والعظة منها والاستعداد والتذكر للدار الآخرة
في حكم م من أفتى بغير علم
الإسلام يكره الادعاء والتدخل فيما لا يحسنه الإنسان وليس من شأنه لأن ذلك فيه إضلال
للناس وتضليل لهم
والإسلام يدعو إلى إسناد الأمور إلى أهلها قال تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم
لا تعلمون
فمن سئل عن شيء لا يحسنه يجب عليه ألا يتجرأ على الكلام فيه خوفاً من الخطأ والزلل الذى يترتب عليه ضياع الحقوق وفساد الأحكام وقد ورد في الأثر أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار وجاء أيضاً من أفتى بغير علم فقد ضل وأضل
ويجب على من يريد أن يستفتى عن شيء من الدين أن يتوجه بسؤاله دائماً إلى من يتقن ذلك كما ورد في الآية السابقة ويبتعد عن الأدعياء الذين لا يحسنون القول في هذه الأمور إن كان يريد الوصول إلى الصواب والناس دائما يستفتون أهل العلم الصادقين وليس للفتيا طريق غير هذا
في الفروق والمميزات بين الرجل والمرأة
هناك فروق ومميزات بين الرجل والمرأة من حيث التكوين الجسمى والنفسى ومن حيث الخصائص الطبيعية المميزة لكل منهما
ولقد راعى الإسلام كل هذه الخصائص والمميزات التي يختلف فيها الرجل عن المرأة والذكر عن الأنثى وجعل لكل دوره ومجاله مصداقاً لقول الرسول مع الكل ميسر لما خلق له
فجعل التزين ولبس الحرير والتحلى بالذهب مما تختص به الأنثى في ملبسها وزينتها لكي تتفق
مع رسالة الأنوثة التي خلقت
من أجلها
۳۷۰
أما الجهاد والنضال والعمل والسعى ومجاهدة الأعداء ومغالبة الشدائد فقد جعلت كل هذه
الخصائص والخصال للرجال
وحتى لا يتشبه الرجل بالمرأة ولا ينحرف عن مميزاته واختصاصاته حرم الله عليه لبس الحرير واستعمال الذهب عن على رضى الله تعالى عنه قال رأيت رسول الله له أخذ حريراً فجعله في يمينه وذهباً فجعله في شماله ثم قال إنّ هذين حرام على ذكور أ ر أمنى رواه أبو داود بإسناد
حسن
أبي الأشعري رضى الله عنه أن رسول الله الله قال حرم لباس الحرير وعن موسى والذهب على ذكور أمتى وأحل لنسائهم وعن على رضي الله عنه قال نهانى رسول الله له عن التختم بالذهب يحرم الشرع إذن على الرجال لبس الذهب وكذلك الفضة أما من حيث استعمال الذهب والفضة فإن الإسلام يحرم استعمالهما على الرجال والنساء على السواء فيحرم اتخاذ الآنية من الذهب والفضة فلا يحل لرجل مسلم ولا لامرأة مسلمة أن تأكل في آنية من الذهب أو الفضة عن أم سلمة زوج النبي عل الله قالت إن رسول الله لا قال الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم وما من شك في أن استعمال الذهب والفضة فى الأكل والشرب ترف وإسراف يتنافيان مع
الوضع الاقتصادي السليم الذى تقره الأديان وتدعو إليه
في الميراث
إن الله سبحانه وتعالى حينما شرع نظام الميراث فإنما شرعه لحكمة علمها سبحانه و ولقد أراد من الذين آمنوا بالله ورسوله أن يتبعوا نظامه فى الميراث كما يتبعون نظامه في غيره والمؤمن الصادق الإيمان هو الذى يستجيب الله ورسوله فى الصغير من أمور الدين والكبير منها فإذا ما أراد تغيير
ذلك بنحو من الأنحاء فإنه يدل بعمله على أنه غير مطمئن القلب للتشريع الإلهي يقول تعالى يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ومن المعروف أن الهبة قبل الوفاة صحيحة شكلا فإن كان الهدف منها حرمان بعض الورثة فإنها حرام من ناحية جوهر الموضع فإذا لم يكن هناك ورثة فالهبة لا بأس بها أما إذا وجد ورثة فعلى الإنسان أن يتبع الوضع الإسلامى السليم وهو ترك الأمر لنظام الميراث الإسلامى
۳۷۱
في الثمن المؤجل
لقد أباح جمهور الفقهاء أن يكون الثمن المؤجل أغلى من الثمن المدفوع فوراً وذلك لأن الثمن المدفوع فوراً يمكن الانتفاع به فى معاملات تجارية أخرى أما الثمن المؤجل فإنه لا يتأتى فيه
ذلك
وهذا النوع من المعاملات ليس داخلا في نطاق الربا
ومع
ذلك يجب أن يراعى أن تكون المعاملات التى من هذا النوع معاملات سليمة تجارياً وأخلاقيا فلا يجوز أن تستغل حاجة المشترى فيرفع البائع الثمن كما يريد مضاعفا المكسب أضعافاً مضاعفة فإن ذلك فضلا عن كونه إثماً من وجهة النظر الأخلاقية لا يجوز شرعاً وأن التاجر الذي يراعى حق الله وبراعى واجبات الخلق الكريم ينعم بالبشرى التي أعلنها الرسول في قوله التاجر الصدوق يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء
في نجاة صاحب الكبيرة
ذلك
برى بعض العلماء عدم نجاة صاحب الكبيرة كالزانى سبق له الزواج أو لم يسبق وكذلك الزانية إذا ماتا بغير توبة للأحاديث الواردة فى كفر صاحب الكبيرة بحسب الظاهرة ومن قوله الله لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن
وجمهور المسلمين على جواز الغفران لهما في الآخرة لقوله تعالى إن الله لا يغفر أن يُشْرَكَ به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
وقد قرن الله تعالى الزنى بالشرك وقتل النفس وبين أن عباد الله حقا لا يزنون وأن الزاني خارج عن نطاق العبودية فقال تعالى في وصف عباد الرحمن والذين لا يَدْعُون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلْقَ أثاماً يُضاعَف له العذاب القيامة ويخلد فيه مُهاناً إلا مَنْ تاب يوم وأمر الغفران فى غير الشرك موكول إلى الله سبحانه وتعال إن شاء غفر وإن شاء عذب ولكن الذي ينبغي أن يُعرف هو أن الاعتماد على الغفران مع ارتكاب المعاصى لا يجوز لقوله تعالى فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون
۳۷
منها
والندم على المعصية والخوف من العذاب عليها والعزم على عدم العودة إليها شرط لقبول التوبة
فعلى الزاني والزانية الإقلاع عن غيها والمبادرة بالتوبة والتضرع إلى الله تعالى واستيفاء شروط التوبة الصحيحة
فإن حالت ظروف بينهم وبين التوبة مع عزمهما عليها وقصدهما إليها كان احتمال المغفرة أكبر وإن تهاونا بالتوبة وفرطا في المبادرة إليها كان احتمال العقاب أشد وفى النهاية لا يسعنا إلا أن تذكر قوله تعالى ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا
في تولى المرأة القضاء
لا يجيز مذهب من مذاهب المسلمين تولى المرأة القضاء ويخطئ كثير من الناس الحقيقة أو لا يفهمون الأمر على وجهه الصحيح حينما يقولون إن مذهب الإمام أبي حنيفة رضى الله عنه يجيز تولى المرأة القضاء ذلك أن أبا حنيفة مثله كمثل الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد ابن حنبل لا يجيز تولى المرأة القضاء
وتوضيحاً للأمر نقول إن مذهب الإمام أبي حنيفة يرى أن المرأة لا تصلح للقضاء وليست أهلا له ولا يجوز أن يوليها الوالى منصباً من مناصبه ولكن لو فرضنا أن الوالى أقدم على المحرم ولم يبال بالممنوع شرعاً فولاها القضاء آئماً بذلك ومخالفاً للشرع فهل في هذه الحالة ينفذ حكمها وقضاؤها أو لا ينفذ
ويرى الإمام أبو حنيفة أن حكمها ينفذ فيما عدا الجنايات أما المذاهب الأخرى فإنها ترى أن حكمها لا ينفذ لا فى الجنايات ولا في غيرها ليس الخلاف إذن بين المذاهب فى جواز تولية المرأة القضاء فذلك ممنوع بالإجماع ومن يولها القضاء آثم بالإجماع ومخالف للشرع بالإجماع والخلاف ينحصر في أنه إذا وقعت جريمة توليتها القضاء هل ينفذ حكمها أو لا ينفذ هذا هو رأى الشرع وكل متبصر مستنير مخلص في تولى المرأة
القضاء
۳۷۳
وفى حكم من يخون الأمانة
يقول الله تعالى في آية صريحة وفى أمر واضح إن الله يأمركم أن تؤدُّوا الأمانات إلى أهلها ولقد بين رسول الله الله وضع خائن الأمانة أنه منافق يقول صلوات الله وسلامه عليه
ه آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان أما الذين يؤدون أماناتهم فإن الله سبحانه وتعالى يذكرهم فيمن أفلح من المؤمنين فيقول والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون
ويقول رسول الله الله فيما رواه الإمام أحمد أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من
خانك
والأمانة التي أحب الله سبحانه وتعالى أن تؤدى هي أولا أمانة الإنسان بالنسبة إلى نفسه هو شخصياً فلا يتدنس بإثم ولا يتلوث بمعصية
ولا يعمل عملا يشينه في المجتمع ولا يسعى مسعى لا يليق بالكرامة الإنسانية
أمانة
الرجل بالنسبة لأسرته فإن عليه رعايتها والعناية بها من تهذيب وتربية
وثانياً هي وتعليم عليه بالسعى لكفاية رزقها
والأمانة ثالثاً هی أمانة حقوق العباد التي اؤتمن عليها كالودائع وصيانة السر وذلك أن
السر أمانة
وإفشاءه خيانة للأمانة
والأمانة بالنسبة للمجتمع هى ألا يخون الوطن بأى نوع من أنواع الخيانة والأمانة من قبل ذلك ومن بعده هى مراعاة ما أمر الله سبحانه وتعالى به وذلك بأدائه على وجهه وفى الوقت الذى أحب الله سبحانه وتعالى أن يؤدى الأمانة إنما هي خيانة الله ورسوله يقول الله تعالى يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون فخائن الأمانة منافق أغضب الله ورسوله إنه آثم فهو في
النار
وخيانة
٣٧٤
في تركة المتوفى
إذا مات إنسان وله تركة فإن أول شيء يؤخذ من التركة إنما هو تكاليف دفن الميت ثم يؤخذ منها الدين ثم ينظر بعد ذلك فى نصيب كل وارث من التركة فإذا لم يسدد الورثة الدين من التركة
فالتبعة عليهم ومع ذلك فإن الميت يناله نصيب من المسئولية إذا كان قد ماطل في سداد الدين وإذا عاجله القدر قبل سداده فالتبعة كلها على الورثة وقد بين رسول الله ما في صراحة لا لبس فيها عظم جريمة المماطلة في سداد الدين والتباين في أمر حقوق الناس حتى لقد ورد في صحيح مسلم عن ابن قتادة - رضي الله عنه أن رسول الله الله قام فيهم فذكر أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال فقام رجل فقال يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عنى خطاياي فقال رسول الله الا الله نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ثم قال رسول الله كيف قلت قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عنى خطایای فقال له رسول الله نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لى ذلك - رواه مسلم والحديث الذى أشار إليه السؤال حديث وارد ولما وضحت خطورة إثم الماطلة في الدين وضوحاً سافراً لا لبس فيه كان رسول الله لا يهتم بمن مات وعليه دين يحاول أن يسد عنه دينه بوسيلة من الوسائل الكريمة
في العلم بالعبادة
إن العبادة لابد في صحتها من العلم الصحيح بورودها ولابد من العلم الصحيح بكيفيتها عن طريق الشرع الذى أنزله الله تعالى على رسوله الله فلا يعبد الله إلا بما شرع على الكيفية التي شرعها لأنه وحده العالم بما يليق به فهو وحده الذي يرسم طريق الوصول إليه فمن جهل ذلك تصح عبادته فالعابد الجاهل بالعبادة لا عبادة له بل إنه فى الوضع الصحيح ليس بعابد فلابد إذن من تصحيح العبادة بالعلم بها وبكيفيتها وأما العالم الذي لا يعمل بعلمه فإنه من الذين أضلهم الله على علم وعلمه حجة عليه والذى يعلم ولا يعمل أسوأ حالا من الذي لا يعلم
لا
ولا يعمل
۳۷۵
وأما من ناحية المقارنة بينهما فقد قيل لأحد الأثرياء - وكان عنده خادمان أى خادميك شر فقال هذا ثم هذا وإن العابد الجاهل بالعبادة والعالم الذى لا يعمل بعلمه كلاهما شر والصوره التي يريدها الإسلام إنما هى صورة العالم العامل
فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم
يحذرون
في الخلاف بين
الأئمة
من المشاهد أن ثمة اختلافاً بين العلماء المجتهدين في كثير من مسائل الأحكام مما لم يرد فيه نص صريح أو واضح الدلالة على المراد أو ما ورد فيه بصور مختلفة تبيح جواز العمل على عدة
وجوه
له
وكل من الأئمة
مصيب في اجتهاده حيث بذل وسعه وكان مستكملا لوسائل الاجتهاد ولكن المتأخرين تعصبوا لمذاهبهم وظنوا أن مذهب إمامهم هو السنة وما يخالفه لا أساس ومنهم من يدفعه إلى ذلك قصر العلم عن إدراك أدلة الأئمة ومكانتهم من العلم والدين والسائل هنا يظن أن تكرار الله أكبر فى الأذان أربع مرات هو السنة لا غيره وأن إفراد كلمة قد قامت الصلاة في إقامة الصلاة هو السنة لا غير وكذا ترك قراءة البسملة فى الفرض هو السنة دون
سواه
ورأى
ولكن هذه الأمور التي ظنها مخالفة للأحاديث النبوية قد وجدت في كتب الحديث المعتمدة بأسانيد موثوق بها ووجودها لا يعنى التضارب بين المذاهب أو التعارض بين نصوص الدين إذ هذه الأمور ليست من الأمور التي تتناقض فيها الآراء أو تتصادم فيها الأفكار والرسول علم يحدد لها صيغة معينة لا يجوز غيرها بل أجاز فيها هذه الوجوه التي وردت في المذاهب بعض الصحابة وجهاً فحمله عنه غيره ووصل الأمر إلى هذا الإمام فعمل به ورأى بعض الصحابة وجهاً آخر فحمله عنه من بعده حتى وصل إلى إمام آخر فعمل به ويجوز لكل مكلف العمل بأي وجه أراد وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على يسر الدين ورفع الحرج منه وعلى عناية المسلمين بكل ما صدر عن النبي من أفعال وعملهم بالوجوه المتنوعة لكل عمل من الأعمال في عهد
٣٧٦
الأدلة
الرسول وعلى المسلم ألا يتعصب لمذهب من المذاهب دون سواه إلا بعد تعرف وجوه | والنظر في كتب الحديث المعتمدة ومعرفة أساس الحكم من النصوص قبل الحكم بمخالفة
النصوص
في إذا دخل اللص المنزل بقصد السرقة وقتله صاحب المنزل ما حكم القتل شرعاً في هذه الحالة
روى البخاري بسنده عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله الله يقول من قتل دون ماله فهو شهيد
وقال ابن بطال عن هذا الحديث إن للإنسان أن يدفع عن نفسه وماله ولا شيء عليه فإنه إذا قتل فى ذلك كان شهيداً فلا قَوْد قصاص عليه ولا دية إذا كان هو القاتل وهذا كله كان من قصد أخذ ماله ظلماً له ولم يكن سلطاناً أو حاكماً روى أبو داود والترمذى أن رسول الله قال من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد وفي رواية لابن ماجه من أريد
ماله
ظلماً
فقتل فهو شهيد
إن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وظلم المسلم حرام والدفع عن النفس والمال والعرض واجب قال ابن المنذر والذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع عن ماله إذا أريد ظلماً بغير تفصيل إلا أن كان من يحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على استثناء السلطان للآثار الواردة بالأمر بالصبر على جوره وترك القيام عليه وقد وقع حديث أبي هريرة عند مسلم أن رجلا قال الرسول الله الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي قال فلا تعطه قال أرأيت إن قاتلنى قال فاقتله قال أرأيت إن قتلنى قال فأنت شهيد قال أرأيت إن قتلته قال فهو في النار أي وأنت لا شيء عليك لأنه ظالم مفتر والله لا يحب الظالمين وهذا هو فصل المقام في
الجواب عن هذا السؤال
۳۷۷
في النية
يقول الله تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ولكن مما يجب التنبيه له أن النية محلها القلب وأنه لا ضرورة مطلقاً للنطق بها باللسان إنها
القصد القلبى للشيء فإذا قصد الإنسان بقلبه ولم ينطق بلسانه كان ذلك كافياً يقول الإمام ابن القيم عن النية النية هى القصد والعزم على الشيء ومحلها القلب لا تعلق لها باللسان أصلا ولذلك لم ينقل عن النبي ولا عن الصحابة فى النية لفظ بحال وهذه العبارات التي أحدثت عند افتتاح الطهارة والصلاة قد جعلها الشيطان معتركاً لأهل الوسواس يحبسهم عندها ويعذبهم فيها ويوقعهم في طلب تصحيحها فترى أحدهم يكررها ويجهد نفسه في التلفظ وليست من
الصلاة في شيء
في الرهن
رأى الدين الإسلامي في الرهن أن منفعة العين المرهونة لمالكها الأصلي أي الراهن
لا المرتهن
وعلى هذا فعمرو الذى يملك عمارة ثم رهنها لزيد فإن عَمْراً المالك الأصلى هو الذى يأخذ إيجار هذه العمارة كله وليس لزيد حق الانتفاع بالعمارة لا يأخذ إيجارها ولا يستغلها بأى وجه من الوجوه ولا يسكنها
وليس لأحد أن يقول ما فائدة الرهن إذن
وذلك أن فائدته إنما هى ضمان وصول الحق إلى صاحبه فالرهن ضمان السداد إذا رغب عن قرض الضمان هذا فضلا عن الثواب والأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى في فك الكربات فضلا عن تقوية العلاقات بين المجتمع حيث تكون الألفة والمحبة والمروءة التي يحرص الشرع الكريم على غرسها في النفوس وتعويد الثقة بين الأفراد والجماعات وإنجاز المشاريع التي تقام بتلك المبالغ التي يأخذها صاحب العين المرهونة كالمؤسسات والمصانع فإذا استولى صاحب المال على العين المرهونة بقصد الانتفاع بها في أخذ الإيجار ونحوه كان
۳۷۸
ما يأخذه رباً وتنطبق عليه هذه القاعدة وكل قرض جر نفعاً فهو ربا وقد حرم الله تعالى الربا حيث قال سبحانه وتعالى وأحل الله البيع وحرم الربا
مع أن الاستيلاء على العين والانتفاع بها مخالف للمروءة ومعطل للمشاريع ومورث للأحقاد التي تملأ القلوب بين الراهن والمرتهن حتى فى ذريتهما لأنه كثيراً ما يجبر التضييق على الراهن إلى بيع العين المرهونة فيراها أولاد الراهن وأقاربه ويتحسرون على ضياعها ويلعنون من تسبب في هذا الضياع وهذا كله فضلا عن الوزر الذى يرتكبه المرتهن بأخذه الفائدة وأكله الربا إذن يحرم أخذ إيجار العين المرهونة عمارة كانت أو غيرها
في ثبوت النسب
من المقرر شرعاً أن الولد يثبت نسبه ما دام الفراش بين الزوجين قائماً لقوله و الولد للفراش وللعاهر الحجر كما يثبت النسبة بالبيئة الشرعية بالإقرار وقرر الفقهاء أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وأكثرها سنتان لقوله تعالى وحمله وفصاله ثلاثون شهراً وقوله في آية الرضاع والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة إلخ قالوا فإذا كان للفصال أى الفطام سنتان فإنه يبقى الحمل ستة أشهر وهى أقل مدة الحمل وفرعوا على ذلك ما يأتي جاء في باب ثبوت النسب من كتاب الهداية وفتح القدير من كتب الحنفية ما نصه إذا تزوج الرجل امرأة فجاءت بولد أقل من ستة أشهر منذ يوم تزوجها لم يثبت نسبه لأن العلوق سابق على النكاح فلا يكون منه وإن جاء به بعد تسعة أشهر فصاعداً ثبت نسبه منه اعترف به الزوج أو سكت لأن الفراش قائم والمدة تامة
وفى نفس المصدر مانصه وإن كان لها زوج وزعمت أي ادعت أنه ابنها منه وصدقها
الزوج فهو ابنهما وإن لم تشهد امرأة لأنه التزم نسبه فأغنى ذلك عن الحجة وفي حادثة السؤال فإن الزوجية كانت قائمة بين الزوجين في المدة التي كانت تنسب الأولاد فيها إلى أبيهم والفراش قام بينهما تلك المدة والزوج صدق زوجته فيا كانت تدعيه أو على الأقل سكت ولم ينف نسب أحد من هؤلاء الأولاد إليه فيكون مقراً بالنسب فنسب الأولاد في هذه الحالة ثابت بالفراش وثابت بالإقرار فضلا عن ثبوته بشهادة الميلاد وهى ورقة رسمية وحجة فى ثبوت نسب الولد إلى أبيه ما لم يطعن عليها بالتزوير – وما دام
الأمر كذلك فإن نسب الأولاد - موضوع السؤال - إلى أبيهم صحيح شرعاً ولهم الحق في ميراث أبيهم
۳۷۹
أما مسألة أن ميراثهم ظلم للأولاد الآخرين فليس بظلم فذلك مترتب على واقع الأمر وحقيقته فإن كان هؤلاء أولاداً للرجل حقيقة فلا ظلم فى ميراثهم بل هو حق فرضه الله لهم وإن لم يكونوا في واقع الأمر الأمر وحقيقته أولاداً له كان ميراثهم - عند الله تعالى – أكلا لأموال الناس بالباطل ووزر ذلك واقع على من زعمت نسبتهم إلى هذا الرجل والله سبحانه وحده هو العليم بأسرار الناس وحقائق أمورهم وهو سبحانه سيجازيهم عليها ورسول الله يحث الناس على تحرى الحق فيما يدعون ومراقبة ربهم ودينهم فيما يقدمون
من
من حجج وبراهين فيقول الا الله إنكم لتختصمون إلى ولعل بعضكم ألحن بحجته بعض وإنما أنا بشر أقضى بما أسمع فمن قضيت له من مال أخيه شيئاً بغير حقه فإنما أقطع له قطعة
من النار ويقول الله أنا أقضى بالظاهر والله يتولى السرائر
في الوصية
عند
الأصل في إجازة الوصية بثلث المال قوله إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عن وفاتكم زيادة فى حسناتكم ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم والحكمة التي يهدف إليها الشارع الحكيم من ذلك هي تدارك ما فات المالك من تقصير في حياته لمن كان يجب عليه رعايته ومساعدة بعض ذوى الحاجة - أجنبيا كان أو قريباً – تقرباً إلى
سبحانه وتعالى
ولهذا المعنى أجاز القانون رقم ٧١ لسنه ١٩٤٦ في المادة ٢٢٧ الوصية بثلث المال للوارث وغيره وتنفذ من غير حاجة إلى إذن الورثة كما أجاز الوصية بأكثر من الثلث ولا تنفذ فيما زاد على الثلث إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصى وبناء على ما ذكر فإنه يجوز للسائل أن يوصى بثلث تركته لبنيه وتنفذ من غير حاجة إلى إجازة باقى الورثة غير أن الوصية التي أباحها الإسلام تقرباً من الموصى إلى الله سبحانه بسد حاجة ذى القربى يجب أن يراعى فيها ألا تكون سبباً في أحقاد أو ضغائن بين الأولاد وأبيهم وبين بعض الآخر الإخوة وبعضهم ر بسبب تفضيل بعض الورثة أو هضم لحقوق البعض الآخر فإن أدت الوصية إلى إثارة الكراهية والبغضاء بين الإخوة وأبنائهم من بعدهم فالأفضل تركها وإبقاء التركة لتوزيعها على الوجه الذى فرضه الله وقدره لكل وارث حسب حكمته السامية في محكم كتابه حفاظاً على صلة الرحم ومنعاً لقطعها
۳۸۰
في فوائد التقسيط
المبالغ التي ستدفع زيادة على ثمن الأرض في صورة فوائد بعد أن تم الاتفاق على دفع الربع ثم تقسيط المباني بدون فوائد هذه الزيادة ربا والربا حرام بصريح القرآن الكريم كما أن الفوائد التي تدفع على القروض ربا وأنها حرام كذلك وقد قرر المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية أن فوائد القروض ربا والربا حرام كله بنص القرآن الكريم وليس لأحد -- فردًا أو هيئة -- أن تقرض
المال بالربا
ولا يجوز لأحد أن يقترض بالفائدة إلا للضرورة إذ الضرورات تبيح المحظورات غير أن الضرورة تقدر بقدرها وكل إنسان موكول لدينه وضميره فى تقدير ضرورته وهو المسئول عن ذلك
أمام ربه
في فوائد البنوك
الفوائد على السلف والقروض ربا كما قلنا فى الإجابة على السؤال السابق سواء كانت هذه الفوائد يأخذها البنك من العملاء على السلف أو يأخذها العملاء على أموالهم المودعة في البنوك أما المرتبات التى يتقاضاها الموظفون بالبنوك فهى حلال لأنها أجر على الأعمال التي يقومون بها فالمال الذى يأخذه الموظف نظير عمله بالبنك مال حلال فإن كان للموظف سهم في فوائد السلف والقروض كان هذا المال المأخوذ من هذه الفوائد المحرمة أو يتصدق به على الفقراء لأنه مال حرام والمال الحرام سبيله الصدقة
في أسرار العبادات في الإسلام
وينظم
إن الفقه الإسلامي هو مواد السلوك للمسلم إنه يتناول حياته فى الصغير منها والكبير سلوكه الأخلاق بأوسع ما تتضمنه كلمة أخلاق منذ أن يصبح إلى أن بمسى ومنذ ميلاده إلى
أن تنتهى به الحياة ثم ينظم شئون ميراثه إن كان له ميراث - بعد حياته
إنه ينظم سلوكه مع
نفسه ويشرح
له من ذلك ما خفى وما ظهر
۳۸۱
وينظم سلوكه الله فيبين له ما ينبغى أن يتحلى به حتى يصير ربانيا وينظم سلوكه مع إخوانه في المجتمع سلباً وإيجاباً قولا وفعلا إنه القانون الذى يبين أنواع السلوك من حيث كونه جائزاً أو واجباً أو مستحباً ومن حيث كونه حراماً أو مكروهاً وذلك في ميادين الحياة
لقد تتبع
الأحاديث النبوية تتبعاً دقيقاً ونسقها فأصبح بذلك صورة واضحة لحياة المسلم
وتغلغل بذلك في حتى تلك ما كان الإنسان يظن أنه ينتبه إليها أو يتجه نحوها الميادين جميع خذ مثلا مسألة الروائح الزكية أو العطرة نجده يذكر عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال من عرض عليه طيب فلا يرده فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة سعيد النبي قال في المسك و هو أطيب طيبكم
وعن
ويذكر في الفرق بين التزين والكبر
عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة قال إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمص الناس ومن هذا الوادى - وادى التزين والروائح الطيبة - عن جابر أن النبي الله قال من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم --
متفق عليه
ه
ويتحدث الفقه عن الذهب والحرير والأقمشة المحلاة بالتصاليب فيذكر عن أبي موسى أن النبي قال أحل الذهب والحرير للإناث من أمتى وحرم على ذكورها رواه أحمد والنسائى والترمذى وعن حذيفة قال و نهانا النبي الله أن نشرب في آنية من الذهب والفضة
وأن نأكل فيها وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه * - رواه البخارى وعن أنس أن النبي الله رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبس الحرير لحكمة كانت بهما وعن عائشة أن النبي لم يكن يترك فى بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه رواه
البخاري
وأبو دواد وأحمد ولفظه لم يكن يدع فى بيته ثوباً فيه تصليب إلا نقضه ويتحدث الفقه عن نواحى التحفظ الصحى فيذكر عن جابر عن النبي " أنه نهى
۳۸
أن يبال في الماء الراكد رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه وعن جابر بن عبد الله في حديث له أن النبي عل الله قال أوك سقاءك واذكر اسم الله وخمر إناءك واذكر اسم الله ولو أن تعرض عليه عوداً متفق عليه ولمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غطوا الإناء وأوكوا السقاء فإن فى السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس فيه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء
وعن أبي هريرة رضي الله عنه
النبي
قال اتقوا اللاعنين قالوا وما اللاعنان
يا رسول الله قال الذى يتخلى فى طريق الناس أو فى ظلهم أي الذي يقضى حاجته في الطريق الذي يسير فيه الناس أو تحت الأشجار التي يستظلون بها رواه أحمد ومسلم وأبو داود أما عن التبرج والتخنث فإنه يشرح أبي عن هريرة قال قال رسول الله " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن أمثال أسمنة البخت المائلة لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس و رواه مسلم وأحمد وعن أبي هريرة ة أن النبي الله لعن الرجل يلبس لبس المرأة والمرأة تلبس لبس الرجل رواه أحمد وأبو داود والحديث عن التبرج والتخنث يجر إلى الحديث عن كشف العورة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتى منها وما نذر قال احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك قلت فإذا كان القوم بعضهم في بعض قال إن استطعت ألا يراها أحد فلا يربنها قلت إذا كان أحدنا خالياً قال فالله تبارك وتعالى أحق أن
يستحيا منه
وعن على رضى الله عنه قال قال رسول الله الله لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت رواه أبو داود وابن ماجه وعن محمد بن جحش قال مر رسول الله الله على معمر وفخذاه مكشوفتان فقال
ه يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة رواه أحمد والبخاري في تاريخه وعن ابن عباس عن النبي عل الله قال الفخذ عورة رواه الترمذى وأحمد ولفظه مر رسول الله الله على رجل وفخذه خارجة فقال غط فخذيك فإن فخذ الرجل من عورته وعن يعلى بن أمية أن رسول الله رأى رجلا يغتسل في فضاء مكشوف فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله عز وجل حيى ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل
بملابسه العسكرية مترف المظهر متحليا بكل ما يمكن أن يتزين به رجل الجيش المترف الأنيق ولم يكن الشيخ الصالح قد أتاحت له الظروف رؤية مثل هذا المنظر في قريته أو في عالمه
المنعزل النائى الذى اختصره الشيخ - مع صغره - من قرية إلى بيت ومسجد وتأمل الشيخ رجل الجيش الإنجليزي في دهشة ثم سأل صديقه مشيرا إلى هذا الشيء الغريب ماهذا فقل له صديقه هذا كافر
وعاد الشيخ يسأل في دهشة أشد وفى استغراب أقوى - أهو كافر بالله فقال صديقه نعم وما إن نطق صديقه بذلك حتى تملك الشيخ شعور بالاشمئراز منعه من أن يتلفظ أو ينطق
وغمره إحساس بالغثيان أخذ يقوى ويزداد بسرعة سريعة وإذا بالشيخ يتقاباً اشمئزازا وغثيانا
وتقززا من هذا الكافر
هذه
هی
القصة
أترى تصويرا أدق للشعور بالنسبة للملحد من هذا الاشمئزاز أترى صدقا أصدق من الغثيان من الكافر وأى قلم يبلغ فى التعبير ما بلغ هذا الشيخ وأى أسلوب إن جميع الأعراف في أرجاء الكون تتفق فى الاشمئزاز ممن ينكر الجميل وهذا جميع
الاشمئراز يتفاوت بنسبة قيمة الجميل الذى يسدى وبنسبة درجة التكرار التي تقابله وينسبه صفاء النفس التي تعلم أو ترى هذا النكر والإنسان إيجادا وتصويراً وخلقاً من صنع الله وهو بصرا وسمعا وذوقا وإحساسا وشعورًا من وهو عقلا وفكرًا من صنع الله وكل نعمة ظاهرة وباطنة ونعم الله لا تعد – إنما هي
الله
من صنع الله
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ومابكم من نعمة فمن الله إن الإنسان - مادة ومعنى حسا وعقلاً شعورًا وفكرًا - وما بالإنسان من نعم ينقلب فيها ليلاً ونهارًا صباحا ومساء - إن كل ذلك من الله
فإذا ما كفر إنسان بالله فإنه يكون أخس من أن يعاقبه الإنسان بالصفع وأحقر من أن يبصق الإنسان في وجهه ولا يستأهل إلا الاشمئزاز إلى درجة التقايؤ أما الجزاء في الدين الإسلامي يستتاب فإن لم يتب قتل مرتداً
ومما لاشك فيه أن من الوسائل الكريمة التي تحول دون انتشار هذه القيادات الفاسدة الملحدة
أحدكم فليستتر 1 - رواه أبو داود والنسائى
۳۸۳
ويأخذ الجانب الأخلاقى شأناً كبيراً فى الفقه نذكر منه على سبيل المثال
عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى الله امر بقبرين فقال إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله وأما الآخر فكان يمشى بالميمة رواه أصحاب الصحاح وفى رواية للبخارى والنسائى وما يعذبان في كبير ثم قال بلى كان أحدهما وذكر الحديث
و يصل الأمر إلى تنظيم كيفية الأكل والشرب وما يقوله الإنسان عند خروجه من البيت
وعند دخوله وعند ركوبه وعند نزوله وفى الملابس مثلا
عن
هريرة قال كان رسول الله إذا لبس قميصاً بدأ بميامنه وعن أبي سعد قال كان رسول الله الله إذا استجد ثوباً سماه باسمه عمامة أو قميصاً أو رداء ثم يقول اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له رواهما الترمذى
وما كان الفقه في يوم من الأيام خاصا بجانب من الحياه الاجتماعية دون جانب لقد كان يتضمن الأخلاق ويتضمن التشريع كان يشتمل على العبادات والمعاملات بيعاً وشراء وجهاداً وقتالاً وسلاماً نكاحاً وميراثاً لقد كان الفقه يشرع للإنسان في أقطاره
وزواياه
جميع
وكانت الطريقة المثلى للتأليف فى الفقه هى الطريقة التي اتبعها السلف الصالح رضى الله عنهم لقد اعتقدوا اعتقاداً موفقاً هو أن مهمتهم إنما هي جمع الأحاديث في كل مجال وتنسيقها وتبويبها وتقسيمها إلى فصول وإلى فقرات تنتظم جميعها تحت وحدة متحدة هي الحياة
الإسلامية
والحياة الإسلامية لا تنقسم إلى ميادين لتفصل وتعدد إنها وحدة متماسكة ومن هنا كانت هذه الكتب الأولى في الحياة الإسلامية تبدأ بالحديث عن الوحى وعن الإيمان وعن العلم وإذا تصفحت كتاباً مثل الموطأ للإمام مالك رضى الله عنه – وهو كتاب فقه - برغم كل ما يمكن أن يقال بل هو في نظرنا كتاب الفقه المثالى فإنك تجد فيه فصلا عن حسن الخلق وفصلا يطول عن صفة الرسول الا الله للتأسى به ومتابعته فى أخلاقه وسلوكه وفصلا عن الرؤيا وتجد فصلا عن العلم وفصلا عن أسمائه الله
٣٨٤
كان الفقه الإسلامى صورة كاملة لحياة المسلم على صورتها الصحيحة وفى ترابطها الذى لا انفصام له ولا انفكاك
لقد كان شرحاً للإسلام وتفصيلا للإيمان والإسلام هو تصوير للحياة التي أحبها الله لمن كانوا خير أمة أخرجت للناس والإيمان الإسلامي تعبير عن الحياة الإسلامية الخالصة المخلصة والإيمان في وحدته التامة شعَبٌ كثيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه الإيمان بضع
وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان وحينما بين سادتنا العلماء المحققون الذين أخلصوا الله ورسوله تلك الشعب عن طريق الأحاديث الشريفة التي وضحت الإيمان وعن طريق الآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت عن الإيمان قسموا تلك الشعب إلى ما يختص منها بالقلب وما يختص باللسان وما يختص بالبدن أى أن الإيمان يغمر الكيان الإنسانى كله اعتقاداً وقولا وفعلا
ومن الأحاديث الشريفة نتبين أن الحب في الله والبغض في الله من الإيمان وأنه لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وأن الذى يؤذى جاره ليس بمؤمن من شبع وجاره جائع وأن الجهاد من الإيمان يقول صلوات الله عليه وسلامه و انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلى أن أرجعه بما نال من أجر وغنيمة أو أدخله الجنة ولولا أن أشق على أمتى ما قعدت خلف سرية ولو ددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل " ومنها نتبين أيضاً أن قيام ليلة القدر من الإيمان والإنصاف من النفس من الإيمان وبذل السلام للعالم من الإيمان والإنفاق - من الاقتدار - من الإيمان وتطوع قيام رمضان من
الإيمان والصلاة من الإيمان بل لقد عبر الله تعالى عنها بالإيمان في قوله تعالى وما كان الله ليضيع إيمانكم ويتغلغل الإيمان فى الحياة الاجتماعية حتى يصل إلى السهل من أمرها والميسور فتكون إماطة الأذى عن الطريق من الإيمان ويكون إفشاء السلام -- تعارفاً وتودداً من الإيمان
وإذا ما تغلغل الإيمان في النفس وجد المؤمن حلاوة الإيمان وهو لا ينعم بحلاوة الإيمان إلا أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار لقد كان الفقه بياناً للحياة الإسلامية حسبما رسمها الرسول مع الله وكان يلبي حاجات المجتمعات
٣٨٥
فيما يتعلق بالأحكام الاسلامية كلما أحدثت المجتمعات جديداً من الأمر أو ابتدعت شأناً من
الشئون
لقد كان الصحابة يلجئون إلى الآيات الكريمة يستلهمونها الصواب وإلى الأحاديث النبوية يستمدون منها الرشد
ما كان الفقه في يوم من الأيام وما كانت هذه المواد التى تنظم الحياة آراء بشرية إنها ليست نتيجة منطق بشرى أو تفكير إنسانى يصدر عن الذات الإنسانية فيختلف فيه الناس من فرد إلى فرد ومن بيئة إلى بيئة ومن زمن إلى آخر كما يختلفون بحسب ذلك في كل ما هو نتاج بشرى كلا إن الفقه الإسلامي إنما هو ميراث النبوة إنه شرح للوحى أو بتعبير أدق إنه ترجمة للوحى واستنتاج من قواعده العامة واتباع سلوك الرسول ع عل له باعتباره المسلم الأول أنا أول
المسلمين
أو باعتباره المطبق الدقيق لما أوحاه تعالى على قلبه رسالة إلى الإنسانية لهدايتها إلى الصراط
المستقيم
إن الفقه الإسلامي اتباع وليس ابتداعاً وأنه محاولة جاهدة لكشف الآثار النبوية والتزامها وليس اختراعاً يؤلفه بشر
ولقد كان أمتنا رضى الله عنهم ينبهون بأقوالهم ونزعاتهم وسلوكهم إلى هذا الأمر البدهي عند
ذوى الشعور الديني
لقد كان شعار أئمتنا جميعاً رضى
الله
عنهم
إذا صح
الحديث فهو مذهبي
إنما أنا متبع لا مبتدع كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذه الروضة الشريفة وصاحب هذه الروضة الشريفة هو وحده الإمام وكان الإمام لأنه الكائن الوحيد الذي اجتباه الله رسولا خاتماً للرسل ونبياً خاتماً للأنبياء وكل ما أتى به قرآناً كان أو حديثاً قدسيا أو حديثاً نبوياً شريفاً إنما هو مقدس ما ينطق عن الهوى ولأنه يدعو إلى الله على بصيرة ولأن من أطاعه فقد أطاع الله ومن اتبعه فقد أحبه الله
لأنه
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله كان سلفنا الصالح يتزعون هذه النزعة نزعة الخضوع المطلق لما جاء به رسول الله لقد كانوا يسجدون للنص يسجدون له بجوارحهم وقلوبهم وأرواحهم وعقولهم لقد كانوا يخضعون عقولهم للنص ويجعلونه القائد الحكم
المهيمن
٣٨٦
وكانوا يعرفون أن إدخال شخصيتهم في النص إنما هو انحراف يعظم أو يقل بحسب مدى التدخل البشرى فى النص وكانوا يعرفون أن الوحى جاء هادياً للعقل قائداً له في الأمور التي لا يتأتى للعقل أن يلج ميادينها أو يقتحم حماها أو يدلى فيها برأى يتفق عليه الناس وهذه الميادين هي الدين وما دام الدين ليس رأياً بشرياً لأنه تنزيل من حكيم حميد فإن كل موقف من الشخصية البشرية تجاه النص الإلهى إنما هو موقف لتبديل الدين من أن يكون إلهيا إلى
أن يكون بشريا
ولو كان يستقيم الأمر على ذلك - أى على التبديل لما كان هناك من حاجة إلى الدين يروى أبو داود والدارقطني عن سيدنا على رضى الله عنه قال لو كان الدين بالرأى لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه لقد رأيت رسول الله الله يمسح على ظاهر خفيه إن الدين ليس رأياً وليس بالرأى وانظر إلى الحديث التالى إنه معبر أقوى ما يكون التعبير ودقيق في مغزاه دقة بالغة عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال قال النبي الله إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللهم إنى أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهى إليك وفوضت أمرى إليك وألجأت ظهرى إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذى نزلت ونبيك الذى أرسلت فإن مت فى ليلتك فأنت
به
على
الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به يقول البراء بن عازب فرددتها على النبي الله أى أخذت في إعادتها عليه فلما بلغت آمنت بكتابك الذى أنزلت قلت ورسبولك قال لا ونبيك الذي أرسلت رواه
الستة
وزاد البخارى والترمذى فإنك إن مت من ليلتك مت على الفطرة وإن أصبحت أصبحت خيراً
إن الصحابي الجليل البراء بن عازب رضى الله عنه أبدل كلمة بكلمة نسياناً منه لقد قال رسولك بدل أن يقول نبيك وكلمة رسول تتضمن معنى النبوة فهي إذن فيها المعنى وزيادة
وبحسب منطقنا وبحسب عقلنا تكون صالحة ولكنها في منطق الحق لم تكن صالحة إننا لا نرى بعقلنا ومنطقنا إلا الشكل والظاهر أما بواطن الأمور وأسرار الكلمات وحكمة
الأوضاع المحددة واكتناه خفايا التقديرات الإلهية - كل ذلك إذا لم يكشف الله عنه أ أو عن بعضه - فإننا لا نصل إليه بمنطق البشر
۳۸۷
إنا كل شيء خلقناه بقدر بمقدار محدد وتقدير معين واكتناه سر هذا القدر أو هذا التقدير اكتناهاً تاماً لا يصل إليه الإنسان بل لا تصل إليه الملائكة وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئونى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم إن العلم الصحيح الصادق فى عالم الهداية الإلهية والتربية الربانية إنما هو من الله سبحانه وكل ابتعاد عنه أو خروج عليه أو تغيير فيه إنما هو ضلال وما من شك في أن الإنسان منذ أن وجد على ظهر الأرض يحاول أن ينزع نزعة بشرية بحتة ويتصرف في الوحي الإلهي نقصاً وزيادة وبترا وإضافة وتغييراً وتبديلا يحاول أن يقيم كل ذلك على قواعد يزعمها صحيحة
فيقول مثلا إن الحكمة في تحريم شرب الخمر إنما هى المفاسد التي تنشأ من الشخص الشارب
فإذا ما انتفت تلك المفاسد فلا مانع من شرب الخمر ويقول إن التكاليف الدينية إنما جاءت لإصلاح الضمير فإذا كان الضمير صالحاً فلا لزوم للتكاليف الدينية ويقول إن أعمال العبادة إنما هدفها التقرب إلى الله فإذا حصل القرب فلا حاجة إليها وهكذا يخرج الإنسان بأهوائه - ولا نقول بعقله - لأن كل ذلك أهواء يصورها الشيطان كأنها منطق معقول – عن الدين – كما خرج إبليس قديماً بأهوائه التي تمثلت لذهنه منطقاً عن الدين
والإمام الغزالي رضى الله عنه يمثل لنا ذلك بمثال معبر فيذكر قصة رجل بني له أبوه قصراً على رأس جبل ووضع فيه شجراً من حشيش طيب الرائحة وأكد الوصية على ولده مرة بعد أخرى ألا يخلى هذا القصر من هذا الحشيش طول عمره وقال إياك أن تسكن هذا القصر ساعة من ليل أو نهار إلا وهذا الحشيش فيه فزرع الولد حول القصر أنواعاً من الرياحين وطلب من البر والبحر أو تاداً من العود والعنبر والمسك وجمع فى قصره جميع ذلك من شجرات
كثيرة من الرياحين الطيبة الرائحة فانغمرت رائحة الحشيش لما فاحت هذه الروائح ه فقال لا شك أن والدى ما أوصانى بحفظ هذا الحشيش إلا لطيب رائحته والآن قد استغنينا بهذه الرياحين عن رائحته فلا فائدة فيه الآن إلا أن يضيق على المكان فرماه من
القصر
فلما خلا القصر من الحشيش ظهر من بعض ثقوب القصر حية هائلة وضربته ضربة أشرف بها على الهلاك فتنبه حيث لم ينفعه التنبه أن الحشيش كان من خاصيته دفع هذه الحية المهلكة وكان لأبيه بالوصية بالحشيش غرضان
۳۸۹
فيقول إن الشريعة مأخوذة عن الله عز وجل بوساطة السفير بينه وبين الخلق عن طريق الوحى وياب المناجاة وشهادة الآيات وظهور المعجزات وفى أثنائها مالاسبيل إلى البحث عنه والغوص فيه ولابد من التسليم المدعو إليه والمنبه عليه وهناك يسقط لم ويبطل كيف ويزول هلا وتذهب لو وليت فى الريح ولو كان العقل يكتفى به لم يكن للوحى فائدة ولاغناء على أن منازل الناس متفاوتة في العقل وأنصباءهم مختلفة فيه فلو كنا نستغنى عن الوحى بالعقل كيف كنا نصنع وليس العقل بأسره لواحد منا فإنما هو لجميع الناس
أحد
الا
ما عليه
ولو استقل إنسان واحد بعقله في جميع حالاته في دينه ودنياه لاستقل أيضا بقوته في جميع حاجاته في دينه ودنياه ولكان وحده يفى جميع الصناعات والمعارف وكان لا يحتاج إلى من نوعه وجنسه وهذا قول مرذول ورأى مخذول اهـ يقول هذا الشيخ الجليل إن منازل الناس متفاوتة في العقل وأنصباءهم مختلفة فيه ومعنى ذلك أن هذا الذى يروق لشخص عقليًّا ربما لا يروق لغيره عقليا ويحب من أجل ذلك يتدخل العقل في الدين وإلا لاختلف الناس فيه اختلاف عقولهم وادعى كل أن إنما هو الحق وماعليه غيره هو الباطل ونتج عن ذلك اتباع كل أهواءه أرأيت من اتخذ إلهه هواه فتتفرق الأمة وتخرج على ما أحبه الله وأمر به واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وإذا تساءلت الآن ما هو إذن موقف العقل من الدين وموقف الدين من العقل فإننا نجمل الموضوع في النقط الآتية أنزل الدين هاديًا للعقل في جميع الأمور التي لو ترك العقل وشأنه فيها ضل السبيل وعجز عن الوصول إلى الحقيقة وهذه الأمور هي
1 العقائد فى فما وراء الطبيعة ب المبادئ الأخلاقية إجمالا وتفصيلا
جـ التشريع فى قواعده العامة وفى بعض تفصيلاته وقواعده العامة تتضمن الجزئيات على مر الزمن وعلى اختلاف البيئات
أما الطبيعة والكون من سمائه وأرضه ومن جباله وبحاره ومن كواكبه وأقماره
وشموسه
أما المادة والطاقة أما أعماق البحار وآفاق السماء فإن كل ذلك قد تركه للإنسان يدرسه في مصنعه ومعمله بآلاته وأدواته وحثه على أن يجول فى ذلك ما استطاع إليه سبيلا - حتى يكتشف
سنن الله الكونية ونواميسه الطبيعية ويرى صنع الله الذي أتقن كل شيء ولم يحجر الدين على الإنسان في هذا المجال اللهم إلا الواجب الذى ينبغى أن يكون شعاره دائما وهو أن يكون هدفه من كل ذلك الخير ونزل الدين ليقود الإنسان نحو الكمال الروحى والإنسان إنسان بالجانب الروحي منه وكلما سما الإنسان روحيا كان أسمى فى معنى الإنسانية
والمعنى الروحى ووسيلة المعنى الروحى لاسبيل إلى تحديدهما من الإنسان نفسه وإنما تحديدهما مرده إلى الله سبحانه والقرب من الله أو بتعبير أدق تقريب الله للإنسان إنما مرجعه – ووسيلة – هو الله نفسه وكل من حاول أن يتخذ طريقاً آخر فإنما يجرى وراء سراب
هدفا
والغاية والوسيلة حددهما في كتابه الكريم إنه حددهما بالأسلوب الإلهى نفسه أي أن التعبير عنهما - التعبير نفسه إنما كان من الله سبحانه ومن فضل الله على المسلمين وعلى اللغة العربية أن كانت وسيلة فهم الإسلام كما أنها التعبير الإلهى التعبير الإلهى بما فيه من دقة كاملة وجمال معجز وكمال غير منقوص ومادام الأمر كذلك فليس للعقل إلا التسليم والخشوع والخضوع أو بتعبير أدق السجود وهو ليس سجود ا تسفياً أو تحكمياً وإنما هو سجود مصدره الإيمان اليقيني بأن هذا من عند الله ومادام من عند الله فإنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنه تنزيل من حكيم حميد ولأنه أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير من ذلك نتبين أن الدين هاد للعقل وأن العقل يجب أن يخضع ويسجد للوحى الالهي بيد أن ذلك يسلمنا إلى سؤال آخر أو مشكلة أخرى هى أن القرآن يطالب دائما بالتفكير والتدبر فاعتبروا يا أولى الأبصار إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد وينعى على المشركين التقليد ويتهكم بهم في اتباعهم آباءهم فيتساءل أوَلَوْ كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون وكثيرا ما نجد الآيات تختم بـ أفلا تعقلون أفلا تفكرون أفلا تبصرون
وكل ذلك يدل على أن القرآن يدفع الناس إلى استعمال العقل والواقع الذي لاشك فيه هو أن القرآن الكريم لا يستشير الملائكة ولا بني الإنسان في أية قضية من القضايا التي جاء بها الوحى ولا يحتكم إلى الإنسان باعتباره حكما فى أى مبدأ من مبادئه ولا يطلب منه مشورة في أية قاعدة من القواعد التي شرعها الله بل هذه الأوهام تدور بخلد المتدين فقط ذلك أن الوحى نزل على رسالة السماء النهائية إلى العالم ونزل يبلغ أن هذه الرسالة صدق كلها ليس فيها جملة زائفة
أنه
ولا كلمة ليست فى غير موضعها ولا حرف كان يحسن ألا يوجد كلا إنها الحق الخالص
۳۹۱
ومن اتبعها فقد اهتدى ومن حاد عنها انحرف ومن ابتغى الهدى فى غيرها أضله الله ومن تركها من جبار قصمه الله لأنها صراط الله المستقيم ونوره اللألاء وكل ماذكره تعالى من التفكر والنظر والتدبر إنما أراد به الاعتبار وأراد أن يقول تفكروا لتروا أن ذلك هو الحق انظروا لتعلموا أن ذلك هو الخير أما إذا رأيتم غير ذلك فإنما العيب في بصركم أو فى بصيرتكم أو فيها معا إذا رأيتم غير ذلك فاعلموا أن فطرتكم فسدت وأن قلوبكم ران عليها الإثم فضلت وأن عقولكم قد صدأت فأصبحت لاترى الحق حقاً ولا الخير خيرا وأصبحت من الضلال بحيث ترى الخير شرا والشر خيرا وأصبح أصحابها كالأنعام بل هم أضل سبيلا كل ذلك لانحرافكم عن الصراط المستقيم صراط الله إن الله فى عظمته وجلاله سبحانه لا يلقى برسالته ليبحثها الإنسان ويبدى فيها رأيه نفياً وإثباتا سلبًا وإيجابيًا كلا بل كل من توهم ذلك فإنه لا يقدر الله حق قدره وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرًا وإنما ألقاها سبحانه لتتبع ولتتبع في خضوع وسجود ولتتبع دون حرج يحيك فى الصدر أوشك يجول في النفس فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحكموك فيما شَجَر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً وكل من وجد في نفسه حرجًا من قضايا الدين وكل من لم يسلم تسليماً كاملا مطلقاً تاماً كل من كان كذلك فإنه يحسن به أن يرجع إلى إيمانه ليصححه وليتوب إلى الله توبة نصوحا وباب الله مفتوح للتائبين آناء الليل وأطراف النهار وفى كل نفس وفى كل لحظة يقول أبو عمر ومحمد بن إبراهيم الزجاجي النيسابورى كان الناس في الجاهلية يتبعون ماتستحسنه عقولهم وطبائعهم فجاء النبي عله فردهم إلى الشريعة والاتباع فالعقل الصحيح هو الذي يستحسن محاسن الشريعة ويستقبح ما تستقبحه
من
ومسألة أخرى مسألة هی تعليل الأحكام وأن الحكم يدور مع العلة وجودًا وعدما وهي مسألة ترتبط بما قدمنا ارتباطاً وثيقاً ذلك أن التعليل ذو صلة وثيقة – عادة – بالمنهج في فهم الدين وهذه المسألة لابد فيها من التفصيل أولا إذا كان الشارع سبحانه قد حدد العلة وحصرها فإن لنا أن نقول إنها الحكمة القاعدة التي شرعت ومادام الشارع هو الذى حددها فإن الحكم يدور معها وجودًا وعدما ثانيا إذا كان الشارع قد ذكر علة دون أن يذكر حصرًا فإنه ليس لنا أن نقوم بالتحديد والحصر وإنما موقف المسلم هو أن يؤمن بالحكمة التي ذكرها الشارع من إيمانه بأنه يجوز أن تكون هناك حكمة أخرى
نحن
ثالثا إذا لم يذكر الشارع حكمة للحكم فإن لنا أن نلتمس – إذا شئنا – حكمة ولكن
۳۹
يجب علينا ألا نزعم أنها الحكمة الحقيقية التي أرادها الشارع ويجب علينا ألا نزعم أ أنها الحكمة
الوحيدة
وكل ذلك أن العقل البشرى لا يحيط بالأسرار الإلهية وأن حكمة الشارع في أحكامه أسمى من أن يحيط بها البشر إحاطة تامة
٤١
في المجتمع ما يرجع إلى علماء الدين فإنهم وقد هيأ الله لهم أن يتولوا قيادة المجتمع دينيا لاشك يكون تأثيرهم جارفاً إذا كانوا مثلا عُليا للفضيلة للفضيلة في أسمى معانيها وأشملها أي إذا كانوا بالمنزلة التي ترضى الله ورسوله علما وخُلقاً وحبا للخير وإخلاصا في كل ما يأتون
وما يدعون
وقد بين الله مقاييس الخير وموازين الفضيلة وبين طريق الشر وسبيل الضلال وعلماء الدين
أعرف بذلك من غيرهم فمسئوليتهم أشد وواجباتهم أصرم وتأثيرهم في المجتمع باديه وحاضره لا شك كبير والله يهدينا جميعا سواء السبيل
وأشهد أن لا إله إلا الله
إن درجات المعرفة لا حصر لها وليس فى اللغة مايسد الحاجة فى التعبير عن كل درجة منها ولكن في اللغة كلمات تعبر عن مراحل طويلة تبتدئ بالمعرفة التى تكون جهلا لتنتهى بالمعرفة التي هي اليقين الكامل وتبتدئ بالمعرفة السلبية التي تدفع إلى العمل لتنتهي بالمعرفة الإيجابية الفعالة وفيما يتعلق بمعرفة أن لا إله إلا الله يمكن أن نورد بعض التعبيرات المتدرجة في الرسوخ والثبات
تبعا لتفاوت حالة الأفراد
فبعض الناس يقول لا إله إلا الله
وبعضهم ينطقها
وبعضهم يقتنع بها
وفريق يؤمن بها
وقلة و تعتقدها
وقليل يوقن بها
ولكن المثل الأعلى في الإسلام أن نشهد أن لا إله إلا الله
ونشهد تلك هى ذروة اليقين أو على حد التعبير الصوفى حق اليقين والوصول إلى مرتبة الشهادة ليس بالأمر الهين ولكنه ليس بالمستحيل فإذا ماتاب الإنسان إلى بارئه وقتل نفسه وأحيا روحه وشرب من العين التي يشرب منها عباد الله والتي يفجرونها بأنفسهم تفجيرا بالتوبة الخالصة وبما ذكره القرآن من وسائل هذا التفجير إذ يقول شارحا هذه الوسائل يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرًا ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قطريرًا
وسيل ترضى الله عنه في الفشل
في صحة الغسل دون النية
يقول رسول الله إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه يدلنا هذا الحديث الشريف على أن صحة الأعمال الصالحة إنما هي بالنية الخالصة لله
خير
ورسوله والواقع أنه ليس الأمر أمر النية فحسب وإنما الأمر أيضاً خلوص النية في أعمال الخير كلها ومعنى خلوص النية أن يريد الإنسان بالعمل الصالح وجه الله وحده وعن الضحاك بن قيس قال قال رسول الله الله إن الله تبارك وتعالى يقول أ أنا شريك فمن أشرك معى شريكاً فهو الشريكي ثم يقول رسول الله و يأيها الناس أخلصوا أعمالكم فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له ولا تقولوا هذه لله وللرحم فإنها للرحم وليس لله منها شيء ولا تقولوا هذه لله ولوجوهكم فإنها لوجهكم وليس الله منها شيء ويقول الله تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
والغسل بغير نية لا يصح ولكن مما يجب التنبه له أن النية محلها القلب وأنه لا ضرورة مطلقاً للنطق بها باللسان إنها القصد القلبى للشيء فإذا قصد الإنسان بقلبه ولم ينطق بلسانه كان ذلك
كافياً
يقول الإمام ابن القيم عن النية النية هى القصد والعزم على الشيء ومحلها القلب لا تعلق لها باللسان أصلا ولذلك لم ينقل عن النبي عله الا الله ولا عن الصحابة في النية لفظ بحال وهذه العبارات التي أحدثت عند افتتاح الطهارة والصلاة جعلها الشيطان معتركاً لأهل الوسواس بحبسهم عندها ويعذبهم فيها ويوقعهم في طلب تصحيحها فترى أحدهم يكررها ويجهد نفسه فى التلفظ وليست من الصلاة في شيء
٣٩٦
في غسل رسول الله الله
روى البخاري بسنده عن أنس بن مالك قال
ه كان النبي يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وروى مسلم في
النبي
كان يطوف على نسائه بغسل واحد
صحيحه عن أنس أن وفى رواية لمسلم عن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول الله إذ أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ
وهذه الأحاديث ظاهرة في أنه يجوز للجنب أن يجامع قبل الاغتسال وأنه يستحب له أن
يتوضأ
وقد ثبت هذا بقول النبي الله وفعله
وثبت في بعض روايات أبي داود أن النبي عل اللي طاف على نسائه ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه فقيل يا رسول الله - ألا تجعله غسلا واحداً فقال هذا أزكى وأطيب وأطهر
وحمل العلماء ذلك على الندب
وعلى ذلك فيكفى الغسل مرة واحدة من هذه المباشرة أما كيفية الاغتسال فيبينها ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة قالت كان رسول الله لا إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوء الصلاة ثم يأخذ الماء فيخلل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه
قال العلماء والمستحب أن يبدأ بناحية اليمين قبل الشمال وبأعلى بدنه قبل أسفله وأن يقول بعد الفراغ من الغسل وترك مكان الاستحمام أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً رسول الله
ولا بد أن من ينوى بالغسل التطهر من الجنابة
۳۹۷
في المبيت على طهارة
عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبي قال
من بات طاهراً بات في شعاره ملك فلا يستيقظ من ليل إلا قال الملك اللهم اغفر لعبدك كما بات طاهراً ١٥١
والشعار الثوب على الجسد ومعنى الحديث أن من بات على طهارة لازمه في نومه ملك يحرسه ويقوم على رعايته ويستغفر له كلما تنبه من نومه تحقيقاً لبركة الطهارة وتكريماً
للمتطهرين
وقد ندب سبحانه وتعالى المؤمنين إلى الطهارة وحثهم عليها وجعلها شرطاً للصلاة ولا تصح إلا بها ولا تتم بدونها يقول تعالى
يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برء وسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ا منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم
تشكرون
وفي حديث جامع يرويه الإمام مسلم بسنده عن أبي مالك الأشعرى قال قال رسول الله الطهور شطر الإيمان أى تنظيف الأعضاء الحسية بالماء وتنظيف السلوك والأفعال الخارجية للإنسان بما يتفق مع الدين نصف الإيمان أما النصف الآخر فهو النوايا الطيبة والمشاعر الكريمة والطهارة الداخلية التي هي أساس
السلوك
وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال قال رسول الله ل ما من مسلم يبيت على طهر ثم يتعار من الليل فيذكر الله ويسأل الله خيراً من خير الدنيا والآخرة إلا آتاه الله إياه ١٥٢ وهذه الطهارة إما طهارة من الجنابة بالاغتسال أو طهارة من الحدث الأصغر - ما ينتقض الوضوء - بالوضوء ولكن البرد قد يكون شديداً وقد يتكاسل الإنسان عن الطهارة فماذا يكون الجزاء لقد ١٥١ رواه البزار والطبراني في الكبير ١٥٢ أحمد والطبرانى فى الكبير والأوسط وإسناده حسن مجمع الزوائد ج ۱ ص ۳
۳۹۸
وردت عدة أحاديث تحذر من البقاء على الجنابة بلا اغتسال أو التباطؤ في تحقيق الطهارة فعن عمار بن ياسر رضي الله عنه - أن رسول الله الله قال إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخير - أى منكر الجميل - ولا المتضمخ - أى - المتلطخ بزعفران ولا الجنب
وروى البزار بسند صحيح عن ابن عباس قال ثلاثة لا تقربهم الملائكة الجنب والسكران والمتضمخ بالخلون أى ما فيه صفرة من الطيب وهو مثل الزعفران
والسبب في ذلك أن الجنابة تمنع من الصلاة كما ذكرنا وتمنع من قراءة القرآن وتمنع من
إقبال الملائكة حيث تجذبهم الطهارة والروائح الطيبة وتبعدهم النجاسات والأقذار ولكن الدين يسر وما جعل الله على الناس فيه من حرج وربما لا يتيسر الغسل بالليل لتعب أو برد أو نحو ذلك فما هو موقف الدين حينئذ
لقد خفف الله عنا وأباح لنا النوم على وضوء بدلا من الغسل
وعن شداد بن أوس الصحابي رضى الله عنه قال
إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة ولكن لابد للإنسان من التطهر قبل شروق الشمس وذلك من أجل صلاة الصبح ونخلص من ذلك إلى أن غسل الجنابة مطلوب ويتأكد طلبه عند حلول وقت الصلاة ويستحب عند النوم جلباً للملائكة وطرداً لكل المؤذيات والمسلم إذا صار جنباً لا
نجسا
النبي
لقد قطع الرسول ولعل الله هذا الوهم - فيما رواه أبو هريرة رضى الله عنه أن ا بعض طرق المدينة فانحنس - أى تهرب منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال أين كنت يا أبا هريرة قال
كنت جنباً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة
فقال سبحان الله إن المسلم لا ينجس
يصير
بذلك
لقيه في
إن الطهارة نور لمن أراد النور وكمال لمن ينشد الكمال وسبب لجلب البركات والخيرات
لكل من داوم عليها وإذا ما حضر وقت الصلاة تأكد الأمر بها وحرم تأخيرها إذ إن هذا التأخير سوف
يخرج بالصلاة عن وقتها
وما أدى إلى الحرام فهو حرام
۳۹۹
وبعد فلو لم تكن الطهارة ديناً لكانت دنيا والتنظف بعد الجماع بالوضوء مما دعا إليه
الطب وحذر من التكاسل عنه أو التهاون فيه وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن عمر استفتى النبي الله هل ينام أحدنا جنب قال نعم ليتوضأ ثم لينم حتى يغتسل إذا شاء
في وجوب غسل الجنابة
يجب الغسل من الجنابة لقول الله عز وجل
وهو
يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برء وسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فاطهروا
وقد ورد النهى من رسول الله الا الله عن قراءة القرآن من كل من الجنب والحائض
والنفساء
وشأن المؤمن الصادق الإيمان لزوم الطهارة فقد صح من رسول الله الله أنه قال ه الطهور شطر الإيمان
وقد ورد أنه الله قال لبلال رضى الله عنه أخبرني بأرجي عمل عملته منذ دخلت
الإسلام
فقال بلال لماذا يا رسول الله قال لأني سمعت دف نعليك بين يدى في الجنة قال يا رسول الله ما أحدثت حدثاً إلا وتطهرت وصليت بذلك الطهور ما شاء الله أن أصلى وكفى بهذا الشرف باعثاً على الطهارة من الأحداث والأنجاس كلها والمحافظة عليها
ما أمكن
في فرائض الغسل المطلوبة
ا فرائض الغسل ثلاثة أشياء
الأول النية لقول النبي عل الله إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة
ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه
والثاني إزالة النجاسة إن كانت على شيء من بدنه
٤٠٠
الثالث تعميم الماء إلى جميع أجزاء الجسم ومنبت الشعر ب الوضوء قبل الغسل سنة ولقد كان رسول الله الله إذا اغتسل من الجنابة توضاً وضوءه للصلاة رواه الشيخان
جـ ومبطلات الغسل كل ما أوجب الغسل من خروج المني أو الاتصال الجنسي
أو الحيض والنفاس
في المبيت على جنابة
واضح أن السائل يريد أن يعرف حكم العودة إلى الجماع فى الليلة الواحدة هل يجوز قبل الاغتسال من الجنابة أو لابد من الاغتسال بعد كل جماع وعلى السائل أن يعرف أن الجنابة توجب الاغتسال لقوله تعالى وإن كنتم جنباً فاطهروا وقوله عل إذا التقى الختانان وجب الغسل نزل أو لم ينزل - غير أنه لا يحتم عليه الاغتسال فور الجنابة فوقت الوجوب موسع أي يغتسل وقتما يشاء إلا إذا أراد الصلاة أو قراءة القرآن أو مس المصحف أو غير ذلك مما يحرم على الجنب فعله فحينئذ يلزمه أن يغتسل حتى لم يبق من الوقت إلا ما يسع للطهارة أو الصلاة فيجب عليه أن يتطهر أما إذا جامع زوجته وأراد الأكل أو النوم أو العودة إلى الاجتماع بها
فلا يلزمه الاغتسال بل يستحب له الوضوء فقط فعن ابن عمر عمر قال يا رسول الله أينام أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ و وعن عائشة قالت كان رسول الله الا الله إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوء الصلاة رواهما الجماعة
ولأحمد ومسلم إذا كان جنباً فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وعن عمار بن ياسر أن النبي رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوء الصلاة رواه أحمد
والترمذي وصححه
وفى استحباب الوضوء عند إرادة العودة إلى الجماع روى عن ابن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ رواه الجماعة إلا البخارى ورواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وزادوا فإنه أنشط للعود وهذه الزيادة تصرف الأمر فى الحدث فليتوضأ من الوجوب إلى الندب – ومما ورد في ترك
الوضوء ما روى عن عائشة قالت كان النبي الله يجامع ثم يعود ولا يتوضأ
2-1
وعن عائشة رضى الله عنها قالت كان النبي ع الله إذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو جنب يغسل يديه ثم يأكل ويشرب رواه أحمد والنسائي وعنها أيضاً قالت كان النبى الله إذا كان له حاجة إلى أهله أتاهم ثم يعود ولا يمس مساء رواه أحمد - ولأبي داود والترمذى عنها كان رسول الله الله ينام وهو جنب ولا يمس ماء فهذه الروايات الواردة بترك الوضوء للجنب عند الأكل أو الشرب أو النوم أو العود للجماع تدل على أن الأمر بالوضوء فى الروايات الأخرى للندب لا للوجوب
أما أن الغسل يكون بالصابون والليفة فالواجب أن يكون بالماء الطاهر المطهر ولم يقل أحد بوجوب استعمال الصابون والليفة غير أنه لا مانع منها لإزالة الأقذار عن الجسم بل إن ذلك مستحب بإزالة الأقذار فقط وليس لإزالة الحدث فالحدث يزول بالماء الطهور وفي حديث ميمونة المبين لصفة غسل النبي الله في الإجابة عن السؤال السابق ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره ثم دلك يده بالأرض ما يدل على استحباب ما يزيل الأقذار عن الجسم
في جواز الصلاة بعد الغسل مباشرة
نعم يجوز للإنسان أن يصلى بعد الغسل مباشرة بدون وضوء جديد إذا كان الغسل مستوفياً
للشروط الشرعية المطلوبة فيه ويجمع
هذه الشروط كلها أن يزيل المرء النجاسة عن جسده بماء طاهر ثم يتوضأ ثم يغسل
رأسه فذراعيه فجانبه الأيمن مع الرجل اليمنى فجانبه الأيسر مع الرجل اليسرى كل ذلك بماء طاهر ويراعى وصول الماء إلى سائر أجزاء الجسم وتخليل أصابع الرجل وتخليل الشعر فإذا لم ينتقض وضوءه بعد هذا الغسل بأن لم يخرج منه شيء ولم يمس ذكره ونحو ذلك كفاه هذا الغسل عن إحداث وضوء جديد للصلاة
في الطهارة هل هى شرط من شروط صحة العقد
هذا الذى حدث لهذا الرجل لا يبطل عقد القرآن حتى لو كان هذا السائل لزجاً وكانت له رائحة فليست الطهارة شرطاً من شروط صحة العقد وليس عقد الزواج من الأمور المحرمة على المحدث حدثاً أصغر أو أكبر ماذا يفعل فإن الواضح من السؤال أن هذا الخارج مذي وليس منيًّا فإن كان كذلك فلا شيء عليه إلا أن يغسل عضوه وموضع إصابة المذى من جسمه
٤٠٢
وملابسه ويتوضأ إن أراد أن يكون على طهارة أو أراد الصلاة أو فعل ما لا يحل للمحدث عمله کمس المصحف مثلا
فقد روى عن على بن أبي طالب رضى الله عنه قال كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله الا الله - فأمرت المقداد بن الأسود فسأله
فقال و فيه وضوء أخرجه البخارى ومسلم ولمسلم يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ
في الفرق بين الاستحمام والاغتسال
لا فرق بين الاستحمام والاغتسال فها اسمان لمسمى واحد وهو غسل جميع البدن وهو واجب للطهارة من الحدث الأكبر الجنابة والحيض والنفاس والواجب فيه غسل البدن كله وما كان غائراً فيه إذا كان لا يضر غسله كالسرة والقلفة التى لا عسر في فسخها والمضمضة والاستنشاق وذلك بعد إزالة ما يكون يبدنه من نجاسة وغسل فرج كما يكون في الاستحمام الاستنجاء ثم الوضوء وهو قبل الغسل سنة فإن لم يتوضأ فعليه أن يتمضمض ويستنشق لأنهما فرض في الاغتسال ثم يفيض الماء على بدنه والأفضل أن يبدأ بغسل رأسه ووجهه ثلاثاً مع تخليل شعر الرأس حتى يطمئن إلى أن الماء وصل إلى منابت الشعر ثم على بدنه والغسل مرة واحدة هو
الفرض والتثليث سنة – ويلاحظ تأخير غسل الرجلين إن كان يقف في محل يجتمع فيه الماء وقد جاء في صفة الغسل ما روى عن عائشة رضى الله عنها - أن النبي عل كان إذا اغتسل
من الجنابة يبدأ فيغسل بدنه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوء الصلاة ثم يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه وفى رواية لهما ثم يخلل بيديه شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات وعن ميمونة قالت وضعت للنبي الله ماء يغتسل به فأفرغ على يديه فغسلها مرتين أو ثلاثاً ثم أفرغ يمينه على شماله وغسل مذاكيره ثم دلك يديه بالأرض ثم مضمض واستنشق ثم غسل وجهه ويديه ثم غسل رأسه ثلاثاً ثم أفرغ الماء على جسده ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه قالت فأتيته بحرقة فلم يردها وجعل ينفض الماء بیده رواه الجماعة وليس لأحمد والترمذى نفض اليد نيل الأوطار للشوكاني – باب صفة
الغسل
٤٠٣
كي شعر المرأة
والحكم في هذا لا غموض فيه من ناحية الشرع ولا يمكن أن يمارى فيه أحد وهو أن المرأة لا يجوز لها أن تسلم رأسها إلى رجل يجول بيده في شعرها كما تشاء له مهنته ونحن نحسن الظن بالسائلات فإنهن يسألن عن أمور دينهن ونفترض أن الذى يكوى الشعر امرأة مثلهن وعلى أساس من هذا الغرض الطبيعي فيمن يسأل عن أمور دينه نقول لا فرق بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بوجوب تخليل الشعر حتى يظن الإنسان أنه قد أروى بشرته ثم يفيض على رأسه الماء بعد ذلك
ولقد روى الإمام البخاري بسنده عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله الله إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم اغتسل وخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته وأفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده ویروى يحيى عن مالك بأنه بلغه أن عائشة رضى الله عنها سئلت عن غسل المرأة من الجنابة فقالت لتحفن على رأسها ثلاث حفنات ماء ولم تقتصر السيدة عائشة رضوان الله عليها على
ذلك بل أضافت
L
ولتضغث رأسها بيديها
وفى المعنى تضغث رأسها بيديها يقول ابن الأثير
الضغث معالجة شعر الرأس باليد عند الغسل كأنها تخلط بعضه ببعض ليدخل فيه الغسول
والماء
وروى الإمام مسلم بسنده عن السيدة عائشة أن أسماء سألت النبي عن المحيض فكان
فيما قال الله
ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شئون رأسها ثم تصب عليها الماء معناه أصول شعر رأسها
في نسيان الغسل من الجنابة
على من نسى الغسل من الجنابة لمدة معينة أن يعيد ما صلاه بعد هذه الجنابة وقبل الغسل لقوله تعالى يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا
EY
إذا ما أخلص الإنسان التوبة وأناب إلى الله ولجأ إليه رق قلبه وصفت روحه فيحدث له في لحظات أن يغيب عن العالم وعما حوله وعن نفسه ويتلاشى كل شيء ويضحك ويصير أثرًا بعد عين أو هباءً منثوراً عند ذلك يشهد أن لا إله إلا الله ويصير بذلك شهيدا والشهيد من
شهد
بعد الممات
ومن
ومن شهد وهو فى هذا العالم أعرق فى صفة التشهيد ممن شهد أثناء الوفاة أو شهد أن لا إله إلا الله فقد رفعه الله إليه رفعه إليه وهو معنا في عالم الكون والفساد
وإذا ما رفعه إليه بالشهادة صار ربانياً وامتنع عليه حينئذ أن يشرك بالله فأصبح أحديًّا وأصبح من
الموحدين
أن
والتوحيد هو شهادة أن لا إله إلا الله وهو عقيدة وحالة وليس هناك من صعوبة كبيرة في أن يصبح التوحيد عقيدة ولكن الصعوبة كل الصعوبة في يصبح التوحيد حالة
وهم
إن نفى الشرك من أقوال الإنسان وأفعاله مؤسساً ذلك على نفيه من قلبه ومن نفسه درجة لا ينالها إلا الأقلون الذين تحرروا من رق المادة ومن عبادة الأوثان ورق المادة وعبادة الأوثان هما من السمات العامة التي تسود البشرية في مختلف ظروفها يتمثل ذلك في عبادة المال وعبادة الجاه وما من شك فى أن الخضوع للشهوات – وهى كثيرة – إنما هو عبادة لها والإنسان بطبعه يخلد إلى الأرض ويبيع هواه وتستعبده الأرض
ويستعبده هواه ويبتعد بذلك - وبمقياس درجة استعباده عن الله سبحانه وتعالى وكل خضوع لغير الله وكل عبودية لما سوى الله شرك بالله إنها تتنافى مع التوحيد إنها لا تنسجم لا إله إلا الله مع والشرك الخفى كثيرة ألوانه وصدق الله العظيم إذ يقول ومايؤمن أكثرهم بالله إلا وهم
مشركون
أما الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم هؤلاء قلة ومن الظلم في الإيمان أو من الإشراك في الإيمان مثلا أن يتصدق الإنسان للمراءاة أو للفخر أو يصلى ويصوم غير ناظر إلا للناس وما يقولونه
عنه
أبي سمعت رسول الله لا يقول هريرة - فيما رواه الإمام مسلم - عن إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمته فعرفها
قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت
٤٠٥
L
اللذين حنث فيهما وكفارة كل يمين إطعام عشرة اكين أو كسوتهم فإن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام قال تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون
وعلى السائل وغيره أن يجل وينزه كتاب الله الكريم عن الحلف على الصغيرة والكبيرة حتى يظل
لله ولكتابه مقام الجلالة والتقدير قال تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم وعلى السائل بعد الكفارتين أن يتوب إلى الله توبة صادقة خالصة وأن يقلع عن المعاصى وأن يكثر الطاعات مؤديا الفرائض ومتقرباً إلى الله بالنوافل مكثراً من العبادة والذكر والاستغفار مبتعداً عن كل ما يثير مما يقرأ أو يشاهد
والله يوفقه إلى سواء السبيل
في هل يكفى أن ترش المرأة شعرها بدل أن تغسله في أثناء غسل الجنابة
لقد أنعم الله سبحانه وتعالى بنعم كثيرة ظاهرة وباطنة من بين هذه النعم نعمة الطهارة من الأنجاس والأخباث فالطهارة في الإسلام أو الطهارة للمسلم لها هدفها الأسمى من جهة كونها وسيلة وغاية أما هدفها من كونها وسيلة فهى تلبس الإنسان ثوب الجمال والحسن والحشمة والوقار والزينة والبهاء وتحليه بمظاهر الشيم ومكارم الأخلاق
وأما هدفها من كونها غاية فهى التى تزن عبادة المرء وتجعلها فى التجارة الرابحة التي تقرب العبد من ربه ويكون جليساً للملائكة فالله طيب لا يقبل إلا طيباً
وما من شك فى أن أطيب الطيبات طهارة القلوب والأبدان لذلك أمر الإسلام بالطهارة وحث بالحرص عليها والقرآن حافل بالكثير من الآيات الكريمة التي تبين ما للظهارة من قيمة حتى يكون المتطهر حبيباً لله سبحانه يقول تعالى
وإن كنتم جنباً فاطهروا الخ ويقول إن الله يحب المتطهرين ويقول والله يحب المتطهرين وغير ذلك كثير من الآيات التي تتضمن الحث على الطهارة والأمر بها
٤٠٦
ومن ذلك فلا يتأتى لمسلم ولا مسلمة ولا يجوز لامرأة أن ترش شعرها بالماء بعد الجنابة بدلا من الغسل فقد قرر بعض علماء الفقه عليهم رضوان الله أن المرأة تنقض ضفائر شعرها حتى يصل الماء إلى منبت الشعر في حالة الغسل
في تطهير الميت في صحراء لا ماء فيها
من مات في صحراء لا ماء فيها يُمم وجوباً عند الأئمة الأربعة لأن الغسل تطهير لا يتعلق بإزالة نجاسة فيجب الانتقال عن الماء عند عذر وجوده إلى التيمم والمقصود من الغسل ليس مجرد التنظيف وإنما هو التطهير الشرعي من الحدث المتوقع غالباً باسترخاء الجسد عند الموت وزوال العقل
وإذا كانت حياة الميت بالروح دون الجسد فذلك لا يمنع من التطهير إذ إن الأمور الشرعية لا تفرق بين روح وجسد وإنما تتعلق بالإنسان ككل هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الإنسان يوم البعث سيرد إلى جسده الذى تحلل أو ذاب والطهارة هي
التي تليق بالمؤمن فى هذا المجال مجال الحساب والثواب أو العقاب هذا وفى الغسل احترام للمؤمن وإظهار لأخوة الإسلام ورعاية المسلمين حق أخيهم حتى بعد
الوفاة
وسُئِل رضى الله ونه في الوضوء
في فروض الوضوء وسننه
إن سادتنا الفقهاء حينما يتحدثون عن الوضوء فإنهم يبينون فروضاً وسنناً أما الفروض فإنها تستند إلى الآية القرآنية الكريمة يأيها الذين آمنوا إذا قمتم للصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم
إلى المرافق وامسحوا برء وسكم وأرجلكم إلى الكعبين سورة المائدة ٦ ويضاف إلى ما تضمنته هذه الآية الكريمة من فروض أربعة فرض خامس هو النية وليس
من شرط النية أن ينطق بها الإنسان وإنما يكفى فيها الاتجاه القلبي
أما سنن الوضوء ويصح
أن
نسميها آدابه المستحبة فهى أولا التسمية أى بسم ا الله الرحمن
الرحيم والتسمية مطلوبة من المسلم في ابتداء كل عمل من أعمال الخير يشرع فيه ومن سنن الوضوء السواك روت عائشة رضى الله عنها عن رسول الله أنه قال عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم ومرضاة للرب
ومن سنن الوضوء الدعاء ومن المأثور عن رسول الله الا الله أنه كان يقول في ختام الوضوء ة أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وكان يقول أيضاً سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وروى أيضاً أنه كان يقول فى ختام الوضوء ما حدث به أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه قال أتيت رسول الله الله بوضوء فتوضأ فسمعته يقول اللهم اغفر لي ذنبي ووسع في
دارى وبارك في رزقي فقلت يا نبي الله سمعتك تدعو بكذا وكذا قال وهل تركن من شيء
في الآداب الواجبة في أثناء الوضوء
قال تعالى يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برء وسكم وأرجلكم إلى الكعبين سورة المائدة الوضوء نوع من أنواع الطاعات يلتزم المتوضئ منه النية والتسمية عند غسل أول جزء واستحضار عظمة الله عز وجل واستقبال القبلة إن تيسر ذلك وأن لا يتكلم في أثناء الوضوء بأى كلام حتى ينتهى من الوضوء ثم يقول بعد الوضوء أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله لقد صح عن رسول الله لا أن من قالها فتحت له أبواب
٤٠٩
٤١٠
الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء
وورد استحباب قول المتوضئ قبل الوضوء أو في أثنائه أو بعده
ه اللهم اغفر لي ذنبي ووسع فى دارى وبارك لى فيما رزقتنى وقنعنى به ولا تفتنى بما
زويت عني
في الوضوء من البرك الراكدة
هذه البرك الراكدة إذا لم تلق فيها نجاسات تغير طعمها أو لونها ورائحتها فلا مانع من الوضوء منها خاصة أن مياه المطر النقية تغذيها وتحرك ركودها
ربح
والماء طهور لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه بغير مقره أو ما يرد عليه بواسطة ونحوها من الأشياء الطاهرة وعلى ذلك فمثل هذه المياه ينبغى على الأهالى المحافظة على طهارتها وعدم إلقاء
النجاسات فيها وإنه من الدين ومراعاة لقواعد الصحة تنزيه مثل هذه المياه عن النجاسات والأقذار
بسم
في نواقض الوضوء على حسب مذاهب العلماء
الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه إلى يوم الدين أشار القرآن الكريم إلى نواقض الوضوء بقوله أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم
النساء
وقد أجمع المسلمون على انتقاض الوضوء بما يخرج من السبيلين من غائط وبول وريح ومذى لظاهر الكتاب ولتظاهر الآثار بذلك روى البخاري بسنده عن أبي هريرة قال قال رسول الله ما لا تقبل صلاة من حتى يتوضأ وقد اختلف العلماء فيا تدل عليه هذه الآثار فعند أبي حنيفة وأصحابه والثورى وأحمد وجماعة أن كل نجاسة تسيل من الجسد وتخرج منه يجب منها الوضوء كالدم والرعاف الكثير والفصد والحجامة والقيء إلا البلغم عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة إنه إذا ملأ الفم ففيه الوضوء ولم يعتبر أحد من هؤلاء اليسير من الدم إلا
أحدث
مجاهد
٤١١
وعند الشافعية أن كل ما خرج من السبيلين ناقض للوضوء من أي شيء خرج من دم أو حصاة أو بلغم وعلى أى وجه خرج سواء أكان خروجه على سبيل الصحة أم على سبيل
المرض
وعند المالكية أن ما ينقض الوضوء كل ما خرج من السبيلين ما هو معتاد خروجه من البول والغائط والمذى والوَدى والريح إذا كان خروجه على وجه الصحة ولم يروا في الدم والحصاة والدود يخرج من أحد السبيلين وضوءاً ولا في السلس ومما اختلف فى نقضه الوضوء النوم فقيل ينتقض الوضوء بقليله وكثيره وقيل لا يجب منه الوضوء إلا إذا تيقن من الحدث أو شك فيه وقيل يفرق بين النوم القليل الخفيف والكثير الثقيل فلا ينتقض الوضوء إلا من الثقيل وأما عن لمس النساء والسلام عليهن فيمكن تفصيل
مذاهب العلماء كما يلى
۱ - يرى الحنفية عدم انتقاض الوضوء من لمس النساء
٢ - ويرى الشافعية الفرق بين اللامس والملموس فيجب الوضوء على اللامس دون الملموس
وقيل يجب على الاثنين وقيل يجب الوضوء من لمس الزوجة دون ذوات المحارم ٣ - وللمالكية تفصيل جميل فى اللمس إن قصد اللذة ووجدها فعليه الوضوء وإن وجد ولم يقصد فيه فعليه الوضوء وإن قصد ولم يجد فعليه الوضوء وإن لم يقصد ولم يجد فلا وضوء عليه هذا وفيما يتصل بالسلام على السيدات - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصافح السيدات وقد روت عائشة رضي الله عنها قالت
و ما مست يد رسول الله يد امرأة قط في المبايعة ما بايعهن إلا بقوله قد بايعتك على ذلك رواه البخاري وغيره
أحمد والترمذي وصححه عن أميمة بنت رقيقة قالت وروی
ه أتيت النبي في نساء لنبايعه فأخذ علينا ما في القرآن قلنا ألا تصافحنا قال
إلى لا أصافح النساء هذا وبالله التوفيق
في الريح الذي ينقض الوضوء
هذا الهواء الذى يخرج من فرج السيدة السائلة هو ما يسميه الفقهاء بالريح والريح ينقض الوضوء بإجماع الفقهاء إذا خرج من الدبر مكان خروج البراز أما إذا خرج من القبل فإنه
٤١٢
لا ينقض الوضوء عند الحنفية سواء كان خروجه من ذكر الرجل أم من فرج المرأة وعبارة كتب الحنفية ينقض الوضوء كل ما خرج من السبيلين إلا ريح القبل فإنه من ذكر الرجل اختلاج أى حركة تنبعث من الذكر لا شيء فيها من المرأة ريح لا تنبعث عن محل النجاسة فإن كانت المرأة مفضاة أو اختلط سبيلاها استحب لها الوضوء لاحتمال أن يكون هذا الريح من الدبر وروى عن محمد وجوب الوضوء للمفضاة وقيل عنه إن كانت منتنة وجب الوضوء وإلا فلا يجب
وعن الإمام الشافعي والإمام أحمد رضى الله عنهما ومحمد بن الحكيم من أصحاب مالك الريح الخارج من القبل من الرجل أو المرأة ينقض الوضوء كالريح الخارج من الدبر وعند الإمام مالك رضى الله عنه وجل أصحابه كل ما خرج من السبيلين مما هو معتاد خروجه وهو البول والغائط والمذى والودى والربح إذا كان خروجه على وجه الصحة من غير مرض فهو منقض للوضوء ١٥٣
هذا والأخذ بمذهب الحنفية دفع الحرج الذى تشكو منه السائلة فإن شاءت الأخذ بمذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه فعليها أن تتوضأ كلما خرج منها هذا الهواء إذا أرادت الصلاة وغيرها مما لا يحل لغير المتوضئ فإن كان هذا الهواء قد استمر معها وقتاً كاملا من أوقات الصلاة بحيث لم ينقطع زمناً يتسع للوضوء أو الصلاة فإنها حينئذ تكون معذورة والمعذور يتوضأ لوقت الصلاة ويصلى بوضوئه ما شاء من الفرائض النوافل وينقض وضوءه بخروج الوقت ما لم ينتقض بناقض آخر غير العذر الذى تشكو منه ويجدد وضوءه كلما دخل وقت من أوقات الصلاة ويظل العذر قائما حتى ينقطع سببه وقتاً كاملاً من أوقات الصلاة فيعود صاحبه صحيحاً ويأخذ حكم الأصحاء في الوضوء والله سبحانه وتعالى أعلم
في نواقض الوضوء
اتفق الفقهاء على أن ما خرج من السبيلين - القبل أو الدبر - ناقض للوضوء
النوم على غير هيئة المتمكن
زوار العقل بالسكر أو المرض
أما ما عدا ذلك فقد اختلف الفقهاء فيه وللإنسان فى اختلافهم سعة وفى اختلافهم رحمة ١٥٣ راجع نواقض الوضوء فى الهداية وفتح القدير وابن عابدين من كتب الحنفية وكتاب الأم للإمام الشافعي رضى الله عنه وبداية المجتهد ونهاية المقتصد من كتاب المالكية وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة
في حكم بول الصبى هل ينقض الوضوء
لا ينقض بول الصبى الوضوء لأن الوضوء لا ينقضه إلا ما خرج من الشخص نفسه كالبول أما إذا أصاب بول آخر جسد المتوضئ أو ثوبه أو نحو ذلك فلا ينقض وضوءه وعليه إذا أراد الصلاة أن يطهر موضع النجاسة بالماء المطهر وفيما يتصل بتطهير النجاسة من البول إذا أصابت ثوب الشخص أو بدنه
اختلف العلماء في بول الصبي على ثلاثة مذاهب
أولها إن بول الصبى إذا وقع على الثياب يرش موضعه بالماء الطاهر ولا يغسل وأما بول البنت الصغيرة فيغسل والمراد بالصبى والصبية من لم يستغن عن اللبن الذي يرضعه في غذائه وروى البخاري بسنده عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت أتى رسول الله بصبي قبال على ثوبه فدعا بماء فاتبعه إياه
وعن أم قيس بنت حصن أنها أتت بابن لها لم يأكل الطعام إلى رسول الله الله فأجلسه رسول الله في حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله وثانيها يكفى نضح الماء أى رشه من بول الصبي والصبية
وثالثها هما سواء فى وجوب الغسل من بولهما
والحكمة في ذلك - فيما قال العلماء - أن الصبى أقرب إلى قلب أهله وكثيراً ما يحملونه فيبول فيتعذر تطهير الثوب من بوله
إن الإسلام بذلك ييسر على الآباء أعباء التربية ويخفف في مقابل العناية بالأطفال بعض مشقات التطهير وهى لفتة لطيفة تبين مدى عناية الإسلام بالأجيال الناشئة ورعايته لما تتطلبه تربيتها من مشاق
في ما يحرم على المحدث حدثاً أصغر
أولا ما يحرم على المحدث حدثاً أصغر هو الصلاة فرضاً أو نفلا وكذلك صلاة الجنازة لأن الطهارة من الحدث شرط فى صحة الصلاة لقوله الله لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ومن ذلك مجرد التلاوة ومجرد الشكر لأنه في معنى الصلاة كما يمنع
٤١٤
الحدث من الطواف بالبيت فرضاً أو نفلا لقوله عل الله الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه المنطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير
وقال الحنفية من طاف محدثاً طوافه وإن كان آثماً لأن الطهارة من الحدث واجبة صح للطواف وليست شرطاً في ويمنع الحدث كذلك من مس المصحف كله أو بعضه ولو آية لقوله تعالى لا يمسه إلا
صحته
المطهرون ثانيا يزاد على ذلك بالنسبة للجنب أنه يحرم وقال المالكية يجوز مس المصحف وحمله للبالغ الحدث ولو حائضاً إذا كان معلماً أو متعلماً
لأن عليه قراءة القرآن ودخول المسجد كما لا يجوز ذلك للحائض والنفساء إلا أن تكون هناك ضرورة داعية لدخول المسجد وقال المالكية يجوز للجنب قراءة اليسير من القرآن إذا قرأه للتحسن أو الاستدلال
وقال الحنفية يجوز للجنب إذا كان معلماً أن يلقن المتعلم القرآن كلمة كلمة بحيث يفصل بينهما كما يجوز له أن يفتح أمراً من الأمور ذات البال بالنسبة وأن يقرأ الآية القصيرة بقصد الدعاء أو الثناء ومثل الجنب فى ذلك الحائض والنفساء
أما الصيد والذبح فلا يحرمان على الجنب وليس في القرآن آية تحرم الصيد أو الذبح على الجنب
في التنزه عن البول
يأمر الإسلام بالنظافة ويحث عليها ويرغب فيها ولذا جعل الطهارة شرطاً من شروط صحة
الصلاة
ولقد أمر الرسول بالتنزه عن البول بقوله تتزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه وقد مر صلوات الله وسلامه عليه بقبرين فقال إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله وأما الآخر فكان يمشى بين الناس بالنميمة
من كل ذلك نعلم أنه يجب على المسلم أن يتنزه عن البول ويتحرز أن يصيب ثوبه أو بدنه
و من آداب البول الجلوس لكن إذا كان الإنسان محتاطاً لنفسه من إصابة البول مستبرئاً منه يجوز له أن يبول قائماً ولا إثم عليه ولا عقاب والمهم هو الاحتياط بحيث لا يصيب الإنسان رذاذ من بوله وبحيث يستبرئ من البول وينتره منه
٤٣
قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال هوجرى فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن
قال كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار
ورجل وسع
الله عليه وأعطاه
من أصناف المال فأتى به فعرفه نعمه فعرفها
قال فما عملت فيها
قال ماتركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك
قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر بـ
حتى ألقى في النار
۱۳
فسحب على وجهه
وكل عمل صغر أو عظم لايراد به وجه الله وإنما يراد به غيره فهو إشراك به سبحانه والتلبيسات الآن كثيرة وقد أتت بسبب الجانب الثقافى اللاديني من المدنية الغربية وقد تسربت إلينا في خفاء غزتنا غزوا لا شعورياً وكان من أثر تردادها أن ألفناها وأصبح ما يخالفها في نظرنا باطلا واتسم ذلك الباطل بسمة الحق وانعكست الآية وقد صورت لنا هذه المدنية أن من أسمى الأعمال إنما هى الأعمال التي يأتيها الإنسان إرضاء
لضميره
يبد أن إرضاء الضمير ليس هدف المؤمن الحقيقى فهدفه الوحيد إرضاء الله وإرضاء الضمير إذا كهدف للعمل إنما هو تلبيس وانحراف أما السبب فى أنه تلبيس وانحراف فهو أننا إذا أخذنا إرضاء الضمير قائدا وباعنا هدفا ضللنا سواء السبيل ذلك أن الضمير متغير متقلب متحول مختلف من إنسان لآخر ومن بيئة لأخرى ومن ثقافة لأخرى وهو في الجملة لا استقرار له ولاثبات فلو عملنا الأعمال إرضاء للضمير لأسناها على شفا جرف هار وقد أنزل الله قواعد للأخلاق ثابتة خالدة على الدهر فهى المقياس واتباعها واجب سواء وافق الضمير أو خالفه وهذا الاتباع نفسه يجب أن يكون هو الملحوظ فيه إنه طاعة الله وخضوع له واتباع لأمره ومن التلبيسات أيضًا ما يقال الآن كثيرًا من أن هذا العمل أوذاك إنما
۱۳ رواه مسلم والنسائى ورواه الترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه وكلاهما بلفظ واحد
٤١٥
فى صلاة الفرائض جميعها بوضوء واحد
هل يجوز لشخص أن يصلى جميع الفرائض الخمسة طوال اليوم بوضوء واحد دون الاستنجاء الإجابة لا تقبل الصلاة ولا تصح إلا بشرط الطهارة لقوله تعالى يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برء وسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لا مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله
ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون فمتى كان الإنسان متوضئاً فقد تحقق فيه شرط صحة الصلاة وله أن يصلى بهذا الوضوء ما شاء من الصلوات مادام لم يحصل ناقض للوضوء ولو بقى طوال اليوم وصلى خمس
الصلوات بالوضوء الواجب
منه
والاستنجاء ليس واجباً إلا إذا خرج من أحد السبيلين نجس يحتاج إلى التطهير
في المسح على الباروكة
إن الله تعالى يقول في الحديث عن الوضوء وامسحوا برء وسكم والباروكة ليست الرأس فالمسح عليها باطل وليس لمن مسحت على الباروكة وضوء
في الوضوء على طلاء الأظفار
إن الوضوء على طلاء الأظفار باطل وذلك أنه لا يتمثل فى طلاء الأظفار عذر شرعى إن الطلاء طبقة على الأظفار تحجبت وصول الماء إليها وهو طبقة متعمدة ومعروف عند فاعلتها أنه طبقة حاجبة وهى طبقة لا تدعو إليها ضرورة ولا حاجة ماسة إذن وضوء من يتخذ الطلاء باطل وكل ما قيل عن قياسه بأشياء أخرى لا يصح
٤١٦
في كي المرأة شعرها هل ينقض الوضوء
كي شعر المرأة لم يذكر في نواقض الوضوء عند الفقهاء ما دامت المرأة هي التي تكويه بنفسها والأمر الهام فى كى الشعر ليس هو أن ينقض الكي الوضوء ولا ينقضه وإنما هو الكي نفسه هل تستسيخ الشريعة أن تكوى المرأة شعرها أو لا تستسيغه عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله الله يقول يكون فى آخر أمتى رجال يركبون الخيل يركبون سرج كأشباه الرجال وينزلون على أبواب المساجد نساءهم كاسيات عاريات على كأسنمة البخت العجاف العنوهم فإنهن ملعونات
على
رءوسهن
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال
لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله من الأسنان تحديداً أو ترقيعاً
والوشم هو الدق والتنمص هو اقتلاع الشعر والتفلج الأخذ فلما قال ذلك عبد الله بن مسعود قامت امرأة تعترض مستفسرة فقال رضي الله عنه وما لى لا ألعن من لعنه رسول الله علل وقد قال الله في كتابه
وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
من هذه الأحاديث ومن غيرها نأخذ ضياع الوقت في كي الشعر أمر لا تستسيغه الشريعة أما إذا ذهبت المرأة إلى صالون الحلاق وأسلمت نفسها إلى الرجل يجول في شعرها بيديه فإن ذلك حرام ناقض للوضوء
في الوضوء من أكل لحم الجزور
عن جابر بن سمرة رضى الله عنه أن رجلا سأل رسول الله الله و أنتوضأ من لحوم الغنم قال إن شئت توضأت وإن شئت فلا تتوضأ قال أنتوضأ من لحوم الإبل قال نعم توضأ من لحوم الإبل قال أصلى في مرابض الغنم قال نعم قال أصلي في مبارك الإبل قال لا رواه
أحمد ومسلم
عنهم
أن أكل لحم الجزور
ويرى الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله لا ينقض الوضوء وليس هذا رأى الخلفاء الأربعة فقط وإنما هو رأى جمهور الصحابة والتابعين
والفقهاء
٤١٧
بيد أنه ورد أن رسول الله قال من أكل لحم جزور فليتوضأ ويبدو أن الأمر
أي لحوم
الإبل
بالوضوء فى هذه الأحاديث ليس للوجوب وإنما هو للاستحباب والندب ومن أجل ذلك سار الجمهور على عدم نقض الوضوء بأكل لحم الجزور ولحم الجزور هو لحم الإبل ولا يدخل فيه لحم البقر ولا الغنم
في استحباب الوضوء لمن أراد النوم
جاء في كتاب استحباب الوضوء لمن أراد النوم نيل الأوطار الجزء الأول عن البراء ابن عازب قال قال رسول الله الا الله إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللهم أسلمت نفسى إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك اللهم آمنت بكتابك الذى أنزلت ونبيك الذي أرسلت فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به قال فرددتها على النبي الله فلما بلغت آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت ورسولك قال لا ونبيك الذى أرسلت رواه أحمد والبخارى والترمذى
اللهم
في إلقاء السلام على من يتوضأ
الأولى عدم إلقاء السلام على من يتوضأ لأنه مشغول فى كل حركة من حركات الوضوء بالذكر المناسب له وقد حدث أن ألقى السلام أحد الصحابة على الرسول ل وهو يتوضأ فلم
يرد عليه حتى انتهى من وضوئه
والأصل فى إلقاء السلام أنه سنة ولكن رده واجب
ويستحب كما يقول الإمام النووى أن يقول المبتدئ بالسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلّم عليه واحداً ويقول المجيب وعليكم السلام
ورحمة الله وبركاته فيأتى بواو العطف في قوله وعليكم
وفيما رواه البخارى وغيره أن رسول الله قال يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على
الكبير
٤١٨
وعن أبي أمامة رضي الله عنه
قيل يا رسول الله الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام قال صلوات الله عليه أولاهما
بالله تعالى
في مصافحة المرأة الأجنبية دون الشعور بشهوة والمسلم متوضئ
إن من توضأ ثم صافح امرأة أجنبية دون أن يقصد بالمصافحة اللذة ودون أن يشعر بها فإن وضوءه لا ينقض
والإنسان بالنسبة للمصافحة له حالات يختلف الحكم فيها بالنسبة لاختلافها وهو إذا قصد بالمصافحة اللذة فإن وضوءه ينقض سواء شعر باللذة أو لم يشعر ويكون الوضوء بالنسبة له نوعاً من التطهر النفسي لهذا القصد الذي قصده
أيضاً
وإذا صافح الإنسان امرأة دون قصد اللذة ولكنه شعر فى المصافحة باللذة فعليه الوضوء
أما إذا لم يقصد الإنسان بالمصافحة اللذة ولم يشعر بها في أثناء المصافحة فليس عليه إعادة
الوضوء
وسيد رضى الله عنه في الصلاة
في أول صلاة صلاها رسول الله
روى الشافعي في الأم بسنده عن ابن عباس رضى الله عنه أن رسول الله الله قال أمنى جبريل على باب الكعبة مرتين فصلى الظهر حين كان الفى مثل الشراك ثم صلى العصر حين كان كل شيء بقدر ظله وصلى المغرب حين أفطر الصائم ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الصبح حين حرم الطعام والشراب على الصائم ثم صلى المرة الآخرة الظهر حين كان كل شيء قدر ظله ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثيله ثم صلى المغرب القدر الأول لم يؤخرها ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين أسفر ثم التفت فقال يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك فيما بين هذين الوقتين
ورواه أبو داود بنحوه عن ابن عباس أيضاً وفى هذا الحديث ما يدل على أن أول صلاة من الصلوات المفروضة صلاها الرسول الله
صلاة الظهر
هی
ويجب أن نعلم أن أولية الصلاة لا تعنى فضلا ما لها على سواها ومما لا شك فيه أن تحديد أول صلاة أم فيها جبريل النبي الا الله يدل على حرص كامل من النبي في تسجيل تفاصيل هذا الركن العظيم من أركان الإسلام وبيان التوجيه الإلهى الحميد والعناية الإلهية الكريمة بهذا الركن الصلاة حيث فرض من أرفع مكان ليلة الإسراء في أرفع موقف للرسول قاب قوسين أو أدنى وتولى جبريل بالتدريب العملى تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم هياته وأوقاته
في صلاة رسول الله الله
من المتفق عليه أن الصلاة المعهودة فرضت على رسول الله الليلة الإسراء عن أنس ابن مالك رضى الله عنه قال فرضت على النبي الا الله ليلة أسرى به الصلاة خمسين ثم نقصت حتى جعلت خمساً ثم نودى يا محمد إنه لا يبدل القول لدى وإن لك بهذه الخمس خمسين أخرجه أحمد والنسائى والترمذي وقال حسن صحيح وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة صلاة الرسول الله منها ما رواه الترمذي وقال حسن صحيح عن أبي حميد الساعدى قال كان رسول الله الله إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائماً ورفع يديه حتى يحاذى يقابل بهما منكبيه فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه
٤٢١
٤٢٣
الصلاة تجوز فى أى مكان توافرت فيه شروط الطهارة واستقبل فيه المصلى القبلة والشروط التي يلزم توافرها لصحة الصلاة ويجب على المصلى أن يأتى بها بحيث لو ترك شيئاً منها تكون صلاته باطلة هي
العلم بدخول الوقت بأى سبب من الأسباب التي يتأتى بها العلم ولو بغلبة الظن ٢ - الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر
-- طهارة البدن والثوب والمكان الذى يصلى فيه من النجاسة الحسية متى قدر على ذلك ٤ - ستر العورة وحدها في الرجل ما بين السرة والركبة وفى المرأة جميع البدن ما عدا الوجه والكفين ه - استقبال القبلة لقوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره
- أداء الصلاة على وجهها أى العلم بكيفية الصلاة من قيام وقراءة وزكوع وسجود وتشهد فمتى توافرت هذه الأمور صحت الصلاة وإن فقد شيء منها لا تصح الصلاة
في شروط ملابس المصلى
قال الله تعالى في محكم كتابه وثيابك فطهر
ظاهر
الآية يدل على أن تطهير الثياب من النجاسات واجب فى الصلاة محبوب في غيرها وذلك بغسلها وبحفظها عن النجاسة بتقصيرها مخافة جر الذيول فيها وهو أول ما أمر به من رفض
العادات المذمومة
وعلى هذا الأساس يجوز أن يصلى بثياب عليها بقعة من العسل مع خلاف الأولى والأفضل أن يزيلها لأن بقاء العسل في الثوب يجمع عليه الذباب وقد يعلق بالثوب بعض التراب لأن العسل أقرب إلى أخذ التراب والأشياء الأخرى هذا إن قدر على إزالتها
أما إذا لم يقدر على إزالتها صلى بها ولا إعادة عليه ١٥٤ وإذا كان الإنسان يستنكف أن يقابل عظيماً من الناس بثوب مثل ذلك فالمثول بين يدى الله
عز وجل يجب أن يكون على الهيئة اللائقة بجلال الله والشروط التي يجب توافرها فى الملابس في أثناء الصلاة أولا أن تكون طاهرة في أثناء الصلاة
١٥٤ ص ۱۹ من فقه السنة للأستاذ سيد سابق
٤٢٤
ثانياً أن تكون ساترة للعورة
ثالثاً ألا تكون طويلة بحيث تجر على الأرض وإنما تكون مرتفعة قليلا
رابعاً ألا تكون الثياب من الحرير الخالص
خامساً ألا يكون على الثياب صور تماثيل تصرف بعض الناس إلى النظر مثل صور حيوانات أو تماثيل لكراهة النبي ذلك
في الصلاة على الأرض الطاهرة
أجمع الفقهاء على صحة الصلاة على الأرض الطاهرة فيستطيع الرعاة أن يصلوا في مكان عملهم وبجوار أغنامهم ما دامت الأرض طاهرة يقول الله جعلت لى الأرض مسجداً والتراب طهوراً فيصلى المسلم حيث وجبت الصلاة غير مقيد ببيت أو مسجد وليست هناك ضرورة تلجئ راعى الغنم في مثل هذه الحالة إلى تأخير الصلاة عن وقتها أو الذهاب بغنمه إلى البيت لأداء الصلاة فيفوت وقت الرعى على الأغنام ويستطيع أن يصلى الظهر في آخر وقته ويصلى العصر في أول وقته وبذلك يؤدى الصلاة في وقتها ولا يفوته من رعايته لغنمه وقت
طويل
في الأوقات التي تكره فيها الصلاة
الأوقات التي تكره فيها الصلاة ثلاثة
۱ - عند طلوع الشمس حتى ترتفع
- عند أستوائها فى وسط السماء حتى تزول
٣- عند اصفرارها حتى تغرب
عدم
هذه الأوقات الثلاثة نهى الرسول مع علي الله عن الصلاة فيها وأخذ الأحناف من ذلك جواز الصلاة في هذه الأوقات إلا عصر اليوم فإنه يصلى مع الكراهة وكره غيرهم الصلاة في
هذه الأوقات
والشافعية أجازوا الصلاة التى لها سبب فى هذه الأوقات الثلاثة مثل تحية المسجد وعلى ذلك إذا دخل إنسان المسجد في الأوقات الممنوعة له أن يصلى تحية المسجد عند الشافعية من غير كراهة لأنها صلاة لها سبب وهو دخول المسجد
٤٢٥
في النقطة الهابطة
إن كثيراً من الناس – طلبة وموظفين وعمالا - يسألون في هذا الموضوع يتوضأ الواحد منهم وفى نهاية الوضوء أو فى أثناء الصلاة يحس بقطرة ماء تنزل منه دون أن يكون عنده المقدرة على إمساكها ودون أن يكون له اختيار فى عدم نزولها ويعيدون الوضوء ويعيدون الصلاة ويكون عندهم قليل أو كثير من القلق فيما يتعلق بنجاسة الثوب إلى كل هؤلاء وأولئك نقول إن كتب بعض الفقهاء تتحدث في هذا الموضوع تحت عنوان النقطة الهابطة وكانت النتائج التي وصلوا إليها أن هذه النقطة الهابطة لا تنقض وضوءاً ولا تبطل صلاة ولا تنجس ثوباً وأن من أحس بها هابطة فى أى وضع كان فعليه أ الا يعيرها التفاتاً وهذا من يسر الإسلام ومن تخفيفه على المسلمين حتى لا يكون عليهم في الدين من حرج فعلى المسلم أن يتطهر تطهيراً كاملا ثم إذا هبطت منه بعد التطهر الكامل قطرة ما من ماء بعد الوضوء فلا يلتفت إليها وليس عليه إعادته وإذا هبطت فى أثناء الصلاة فليكمل الصلاة وليس عليه إعادتها وهي لا تمنع من مس المصحف وذلك لأن هذه النقطة لا تنقض الوضوء فمن هبطت منه فتوضأ يفعل كل ما يفعله المتوضئ من صلاة ومن مس المصحف ومن العبادة الصادقة بجميع
ألوانها
في الأذان
حين قدم الرسول صلوات الله عليه المدينة كان الناس يجتمعون إليه للصلاة في مواقيتها بغير دعوة وحينما انتشر الإسلام في أطراف المدينة فكر الرسول صلوات الله عليه في وسيلة لإعلام المسلمين ودعوتهم لحضور الصلاة وبينما هو فى مشورة مع الصحابة في ذلك قدم عبد الله ابن ثعلبة يقص على النبي مع رؤيا فقال له يا رسول الله إنه طاف بي هذه الليلة طائف مر بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوساً في يده فقلت له يا عبد الله أتبيع لى هذا الناقوس قال وما تصنع به قال قلت ندعو إلى الصلاة قال أفلا أدلك على خير من ذلك قال قلت وما هو قال تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله
يراد منه المصلحة العامة والمصلحة العامة هذه يقولها كل إنسان ويتمسح فيها بالحق والباطل وكل إنسان يقيسها بمقياسه الشخصي وبمنفعته الذاتية وهى مصلحة عامة إذا اتفقت مع مصالحه أما إذا اختلفت فهى باطل وهى فساد في نظره وفى قوله وهى على كل حال تتأرجح وتميل نفيا وإثباتا مع القائل أو المدعى ميوله وأهوائه ومع
وإذا أردنا إذا أن نخرج عن دائرة الذبذبة والميل مع الهوى فعلينا بالتزام المبادئ التي حددها الوحى فهى وحدها التي تعرفنا بالمصلحة العامة أو بالصالح العام وهي وحدها التي تقودنا في كل الأحوال إلى الخير والحق وهى التى بها تزكية أنفسنا إذا أردنا بها وجه الله
ومن هذه التلبيسات الاعتداد بالنفس أو الاعتزاز بالنفس في مسائل الدين وذلك هو ما يمكن أن نعبر عنه الآن بالدين العقلى ومعنى ذلك في حقيقة الأمر تحكيم العقل في الدين وإخضاع الدين للعقل وهذه النزعة تسود عند هؤلاء الذين لا يسيطر عليهم الشعور الديني السليم وعادة تنتهى هذه النزعة يجعل الدين فلسفة وجعله نظرًا عقليا أكثر منه خضوعاً وطاعة وإيمانا ويصبح الدين بذلك مجرد معرفة تختلف فيها الأنظار والعقول وتتضارب فيها الآراء والأفكار ويصبح الأمر أمر هوًى ومزاج وذوق ويخضع الإنسان لعقله لا لله فيبتعد بذلك
قليلا أو كثيرا عن لا إله إلا الله ويدخل في زمرة أرأيت من اتخذ إلهه هواه والوسائل التي عالج بها الإسلام موضوع قيادة الناس ليشهدوا أن لا إله إلا الله كثيرة ويمكن أن يقال بصفة عامة إن الإسلام كله قائم على الشهادتين ونذكر من هذه الوسائل أن القرآن يشرح في كثير من الآيات أن الله سبحانه
ضمن الرزق
وحدد الآجال
فهو سبحانه يقول في ضمان الرزق
وفى السماء رزقكم وما توعدون
ويؤيد ذلك بالقسم بنفسه سبحانه وتعالى فيقول بعد ذلك مباشرة فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ويقول سبحانه وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويقول لمن كانوا يقتلون أولادهم خوف الفقر ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم أما تحديد الآجال فيقول الله فيه إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون لكل أجل كتاب ويقول الله تعالى للذين آمنوا يأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في
٤٢٦
حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أ لا إله إلا الله فلما أخبر بها رسول الله الا الله قال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألقها عليه فليؤذن بها فإنه أندى صوتاً منك فلما أذن بها بلال سمعها عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج إلى رسول الله الله وهو يجر رداءه وهو يقول يا نبي الله والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذى رأى فقال رسول الله ل فلله الحمد على ذلك
أما
احكم
الأذان فهو سنة مؤكدة
في إضافات الشيعة للأذان
ليس مما أضافه الشيعة في الأذان من قولهم أشهد أن عليًّا ولى الله أصل مقبول أو وجه جائز وليس لقولهم في الأذان - حی على خير العمل - أصل إلا ما رواه الطبراني في الكبير بسند فيه عبد الرحمن بن عمار بن سعد ضعفه ابن معين - عن بلال " أنه كان يؤذن للصبح فيقول حى على خير العمل فأمر رسول الله الا الله أن يجعل مكانها الصلاة خير من النوم ويترك حى على
خير العمل والأذان فعل شرعى تواترت الأدلة على وقوعه وعلى صيغته وعلى ما فيها من اختلاف في أعداد التكبيرات وترجيع الشهادة ونحو ذلك ولا يجوز الزيادة فيه أو عليه لأن في ذلك افتتانا على الشارع وخروجاً عن حدوده وهو
بوقته وصيغته وحدوده يجب التزامه على ما ورد ولا يجوز أي تغيير فيه وعلى ذلك فلا حكمة لتلك الزيادات إلا المخالفة للسنة والافتئات على الشارع استناداً إلى روايات قد تكون مكذوبة وقد تكون ضعيفة
ومثل هذه الأمور المخالفة للسنة يعتبر الإصرار عليها كبيرة من الكبائر وإن كانت في أمر غير واجب لأنها تفرق بين الأمة وتثير اضطراباً وبليلة بين المسلمين
وليس
الأذان من الأمور السرية أو الأمور الخفية لقد كانوا يؤذنون في عهد الرسول ع وعهد خلفائه الراشدين فلم يرد عنهم أى زيادة من هاتين الزيادتين أو التزامها وعلى فرض ثبوت الحديث الذي ذكرناه فإن حي على خير العمل قد استبدل بها الصلاة خير من النوم فلم يبق
لها وجود
٤٢٧
في فضل الصلاة وفى عقوبة الترك والتهديد عليه
وكيف ينسى الإنسان صلاة سنة كاملة
وبدع هذا الفضل الوافر الذي جعله الرسول عل لها
والخير الذى جعله الله سبحانه جزاء عليها
قال تعالى وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر
وقال جل شأنه إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً إلا المصلين وقال الله
ه خمس صلوات كتبهن الله على عباده فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة وكيف يترك المسلم الصلاة أو يتغافل عنها وقد ورد التحذير على تركها بقوله بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ولما أوشك بصر ابن عباس أن يذهب قيل له نداويك وتدع الصلاة أياماً قال لا إن رسول الله صل الله قال من ترك الصلاة لقى الله وهو عليه غضبان واثر ذهاب بصره على ترك الصلاة
في المحافظة على الصلاة
и
يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه فيما رواه الإمام مالك لاحظ في الإسلام لمن ترك
الصلاة
وإن من الأدب النبوى الكريم أن يُؤمر الأولاد بالصلاة لسبع وأن يُضربوا عليها لعشر ذلك ليرتاض الإنسان عليها ويحيط بها عن طريق المران علماً وعملا وعلى من ترك الصلاة فترة من الزمن أن يبادر فى غير تردد ولاتوان إلى تعلمها وإلى أدائها لا يحول بينه وبين ذلك خجل من الناس أوحياء ويمكنه أن يتعلمها ممن لا يعرفه والمسلمون بحمد الله تعالى على استعداد تام لتعليم الصلاة وما يتصل بها بكل سهولة ويسر لمن لا يعرفها وكل كتاب من كتب الفقه به باب لشرح
أوقاتها وكيفيتها
ومن خير الكتب في ذلك وأسهلها كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي فإذا تعلم الإنسان الصلاة وتاب إلى الله توبة نصوحا وقضى مافاته بأن يصلى مع كل صلاة
ما وفقه الله لأدائه أو يقضى فى كل يوم صلاة يوم أو أيام ذلك أرجى لمغفرة الله له
٤٢٨
في القصد من الصلاة
من صلى الصلاة على أنها حركات رياضية تفيد البدن فقد خرج بها عما شرعت له
وما قصدت به فالحركات الرياضية متعددة ومتنوعة وليست محددة بشروط خاصة من طهارة وإخلاص
ووقت محدد وشروط خاصة وقد لا يستطيع القيام بها الرجل الكبير أو الطفل الصغير ولكن الصلاة في حقيقتها عبادة تعبر عن الإيمان وتدل على الصدق فيه وشروطها الإخلاص فيها الله وحده فلا يقصد بالطهارة نظافة الظاهر فقط ولا يقصد بحركات الصلاة تنشيط الجسم وهكذا ولا ينصرف عما يتلوه من قرآن أو ينطق
ومع
به من ذكر ذلك فهل في الصلاة حركات رياضية
الواقع أن الصلاة - مع وأن حركاتها - فيما يرى العارفون بتركيب الأعضاء وألوان الحركات – من أعظم الحركات فائدة لجسم الإنسان في كل مراحله
ما فيها من عبادة الله تعالى وقيام بما أوجب فيها - تنشيط للجسم
وكأنما أراد الله تعالى أن تكون الصلاة جامعة لفائدة الجسم والنفس وخير الدنيا والآخرة ونظرة الناس للصلاة تختلف من يهتم بالآخرة وصلاح النفس والمشاعر ورضا الله – لا يرى منها سوى الجانب التعبدي
ومن يهتم بالدنيا وصلاح الجسد ولا يهتم بالآخرة ورضا الله – لا يرى منها سوى الجانب
الرياضي أو الحركي
والرسول يقول
مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جارٍ عذب على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات فما يبقى بعد ذلك من الدنس وعلى ذلك فإنه يجب أن يقصد بالصلاة أداء الفرض الذي أوجبه الله تعالى على جميع ا البالغين العقلاء مرضاة الله ورغبة فى ثوابه أما ماعدا ذلك من الفوائد فإنها تأتى تبعا وتأتى لا على أنها هدف أو غاية فغاية الصلاة أداء الفرض ومرضاة الرب
٤٢٩
في الصلاة طريق للوصول إلى الله تعالى
الطاعة ومنها الصلاة كانت ولا تزال منذ الأزل وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين - طريقاً للوصول إلى الله تبارك وتعالى والقرب منه جلَّ وعلا وللطاعة الموصلة إلى الله تبارك وتعالى شروط لاغنى عنها وهى منها بمنزلة الروح من الجسد
تلك الشروط هي
1 - أداؤها على الوجه الصحيح الذى صحت به عن رسول الله الله ٢ - أداؤها فى الأوقات المحددة لها إن كانت ذات وقت وإن فات وقتها لعذر شرعى
قضيت ولا تترك لأنها دين على مؤديها الله تعالى لاخلاص له منه إلا بأدائها ٣ - تخليصها من شوائب الهوى المستتبع مصلحة دنيوية أو حالا من الأحوال التي اشتهر بها بعض الصالحين من الكشف ونحوه قال الله تعالى لنبيه الله قل الله أعبد مخلصا له ديني - التخلص عن المذام كلها بالإقبال على الله وترك المحرمات والمكروهات والرفق بالناس في حدود ما أمر الله
متى فرضت الصلاة
الصلاة فرضت ليلة الإسراء والمعراج وقبل ذلك كان المسلمون يصلون ركعتين ركعتين وقد علم جبريل عليه السلام رسول الله الله كيف يصلى ثم علم رسول الله ع أصحابه وانتقلت إلينا كيفية الصلاة بالتواتر
محددة
في فرض الصلوات كلها في وقت واحد
قال الله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقونًا أي فرضًا مؤقتًا بأوقات
وقال أيضًا وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل أخذ العلماء من الآية عدد الصلوات فطرفا النهار الصبح في أوله والظهر والعصر في آخره وزلفا من الليل المغرب والعشاء
وقال رسول الله خمس صلوات كتبهن الله على العباد رواه أحمد وروى البخاري
٤٣٠
ومسلم أن أعرابيا جاء إلى النبي عل ثائر الشعر فقال يارسول الله أخبرني ما فرض الله على من
الصلوات فقال الصلوات الخمس وقد فرضت هذه الصلوات الخمس في وقت واحد ولم تفرض متفرقة الواحدة بعد الأخرى
أما كيف فرضت هذه الصلوات فإنها فرضت فى ليلة المعراج حينما تجاوز صلوات الله وسلامه عليه السماوات سماء سماء وحينما فتحت له السماوات سماوات المعرفة وسماوات المكانة والسماوات المادية فى تلك الليلة المباركة التي وصل فيها رسول الله مع إلى سدرة المنتهى وهى الحد الفاصل بين عالم المادة وعالم الروح تجاوز ذلك إلى مرتبة أعلى هي ماسماها الله سبحانه وتعالى بقوله قاب قوسين أو أدنى فأوحى الله إليه ما أوحى وكان مما أوحاه الله إليه في تلك الليلة الصلاة ومن أجل ذلك كانت الصلاة معراج المؤمنين يناجون فيها ربهم ويتقربون بها
إليه
في تعويد الأولاد على الصلاة
يهتم الإسلام اهتماما كبيرًا بإعداد المسلم وتعويده على مطالب الإسلام وتأديبه بآدابه والصلاة من أهم أركان الإسلام وآيات القرآن وأحاديث الرسول عل الله متعددة ومتنوعة في الأمر بإقامتها والتحذير من التهاون فيها قال تعالى وأقيموا الصلاة وقال اتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولأنها صلة بالله سبحانه ولأنها معراج المؤمن إلى الله سبحانه فقد عمل الرسول الله على أن يغرسها المسلمون في أبنائهم منذ الصغر وللصلاة شروط وأركان وآداب وتحتاج الصلاة إلى إيمان راسخ وعزم قوى
وتعويدهم عليها وتعليمهم إياها بل ضربهم عليها وحدد السن الملائمة للتربية بالحسنى والموعظة الطيبة والسن المتطلبة للضرب والتعنيف روى أبو داود وأحمد والحكم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع فأدنى سن يجب علينا فيه تعليم الولد الصلاة سن السابعة ويستمر ذلك التعليم والتهذيب ثلاث سنوات كاملة فإذا لم تثمر تلك الطريقة فى حمل الصني على الصلاة وتعويده ضربناه على ذلك وسنه عشر سنوات وهو أسلوب تربوى جميل يثمر كل خير ويدفع كل شر ولا يستطيع كشف
علمی
أن يعارضه قال الشاعر
وينشأ
ناشی
الفتيان
منا
على
ماكان
عوده
أبوه
٤٣١
ويقول كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ثم يقول والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ومن رعيته أولاده خصوصا إذا كانوا من الصغار فيجب تعويدهم منذ الطفولة على الصلاة حيث تنهاهم عن الفحشاء والمنكر وفى ذلك خير كثير
الصلاة تفرق بين المؤمن والكافر
بين الكافر والمسلم هوترك الصلاة أما أعمال الخير التي يؤديها المسلم فله ثوابها لأن الله لا يضيع أجرا المحسنين ولكنها مهما كثرت لاتغنى عن الصلاة ولا تسد مسدها وقد يكون الخير الذي يعمله نافلة لا يعاقب على تركها ولكن الصلاة فريضة يعاقب الله تعالى عليها من لم يؤدها كاملة وأما حفظ القرآن فليس فرضًا على كل مسلم ولكن لابد أن يحفظ كل مسلم منه آيات يستعملها في صلاته
في جواز قراءة المصلى القرآن نظرًا من المصحف
يجوز للمصلى أن يقرأ من المصحف نظرًا وهو في الصلاة مالم تبلغ حركاته ثلاث حركات
متواليات في الركعة الواحدة عند الشافعية
وعند المالكية لا تبطل الصلاة بالحركات مادامت الحركات لا تشعر بخروج المصلى من صلاته
في الحكم في الصلاة في مسجد به الوطواط
آله
وصحبه
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى أجمعين أما بعد / فنفيد بأن هذا مما تعم به البلوى ويشق الاحتراز عنه فيعنى عنه بشرط
ألا يتعمده بالوقوف أو السجود عليه
واشترط بعضهم
ألا يكون الزرق رطبًا أو القدم مبتلة وبمقتضى القاعدة الفقهية و المشقة
تجلب التيسير وعدم اشتراط ذلك
٤٣٢
في الصلاة في منزل من ليس مسلماً
لا مانع من الصلاة في منزل من ليس مسلماً إذا تحققت الطهارة وخلا من الهياكل أو الصلبان وما إلى ذلك من كل ما يخالف تعاليم الإسلام والدليل على ذلك ما رواه البخارى عن عمر أنه قال إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل
التي فيها الصور وكان ابن عباس يصلى البيعة إلا بيعة فيها تماثيل وأخرج ابن أبي شيبة عن بكر قال كتب إلى عمر من نجران أنهم لم يجدوا مكاناً أنظف
ولا أجود من بيعة فكتب انضحوها بماء وسدر - أى وصلوا فيها والمهم في الصلاة أن تكون على وقتها وأن تتحقق شروطها من ستر العورة وطهارة البدن والثوب والمكان فقد سئل رسول الله الا الله أي الأعمال أحب إلى الله فقال الصلاة على وقتها وحذر رسول الله له من تأخير الصلاة عن وقتها وبين أن ذلك من دلائل الابتداع على أن الصلاة في منزل من ليس مسلماً قد تكون سبباً في تفتح قلبه على الإسلام
وبصفة خاصة إذا كانت الصلاة نابعة من قلب نقى وصادرة عن إيمان عميق عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال أتيت المدينة والنبي لعل الله يقرأ في المغرب بالطور أي سورة الطور وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي وكان جبير هذا أسارى من بدر فمن الممكن أن تكون الصلاة المستكملة لشرائطها وسيلة من أنجح الوسائل للدعوة إلى الإسلام وإظهار محاسنه وهذا ما ينبغي أن يحرص عليه المسلمون
في الصلاة في السوق
إن الصلاة في السوق صحيحة متى استوفت شروطها من دخول الوقت والوضوء والطهارة يقول رسول الله عل الله جعلت لى الأرض مسجداً وطهوراً بيد أن من المعروف أن الصلاة مناجاة قلبية ولسانية بين العبد وربه وكلما كانت هذه المناجاة واعية صافية كانت الصلاة أكثر قبولا وأكثر تحقيقاً لأهدافها التي منها النهي عن الفحشاء والمنكر والسوق عادة ملىء بالحركة وملىء بالضجيج وملىء بكثير مما يصرف المصلى عن هذه المناجاة ويجعل الذهن مشتتاً وموزعاً بين الصلاة والأحوال التى تجرى فى السوق ومن أجل ذلك كره
بعض الفقهاء الصلاة فى السوق ولكن هذه الكراهة لا تؤدى إلى بطلانها
٤٣٣
وإذا كان رسول الله يقول ما معناه ليس للإنسان من صلاته إلا ما عقل فإن من الخير للمسلم أن يتلمس من أجل الصلاة الجو الذي يناسب صفاء المناجاة ومع استكمال تعقله لكل حركة أو فعل أو قول تتضمنه الصلاة وبذلك تتوفر أهداف الصلاة كاملة تامة ولا يفوتنا في النهاية هذه الإجابة أن نذكر أهل الأسواق من تجار وعمال بقوله تعالى يأيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة إلى قوله خير الرازقين
في من تذكر في أثناء الصلاة أن وضوءه ناقص
من تذكر وهو في صلاة الجماعة أنه نسى فرضاً من فرائض الوضوء فإن صلاته باطلة وعليه أن يخرج من الصلاة إذا تيسر له الخروج دون أن يمر أمام أحدٍ من المصلين ودون أن يتضرر به في خروجه أحد من المصلين في أثناء الصلاة وإن لم يتيسر له الخروج ظل في مكانه من الصف
بلا صلاة حتى تنتهى الصلاة ثم يذهب فيتوضأ ويحسن الوضوء ويصلى بعد ذلك قال تعالى يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلخ الآية وقال الطهور شطر الإيمان فكل صلاة بوضوء ناقص فرضًا من فروضه فهى صلاة باطلة
نصح
في صلاة الأغلف
صلاة الأغلف وليس فى ذلك شيء من الكراهية أو عدم الصحة ذلك لأن الختان سنة وتارك سنة مثل سنة الختان ما دام ليس مستهتراً بالسنة أو مستنكفاً عن الاتباع لا مانع يمنع من قبول صلاته
وليس من شروط صحة الصلاة الاختتان وليس من صلة بين الصلاة والاختتان والصلاة كما هو معلوم - ركن هام من أركان الدين وأساس راسخ من أسس الإيمان
لا تسقط أحد عن من المسلمين إلا بالموانع الشرعية كما حددها الإسلام في وضوح فعلى هذا الأغلف أن يختتن اتباعاً للسنة واقتداء برسول الله الا الله وإن لم يختتن فعليه الصلاة
وهي صحيحة منه وليس فيها شيء ينزل بها عن درجة صلاة المختتنين
٤٣٤
في إعفاء الشيخ الطاعن السن من أداء الصلاة باعتباره ضعيفاً لا يستطيع أداءها
الصلاة هى الركن الثانى من أركان الإسلام يقول عليه الصلاة والسلام بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا
وللصلاة أهمية كبرى فى الإسلام وذلك أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر يقول الله تعالى إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وهى تذهب السيئات وهى عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين وهى الفارقة بين المؤمن والكافر ومن يسر الإسلام وسماحته أنه خفف على المريض والضعيف في أداء الصلاة فمن عجز عن القيام صلى قاعداً ومن عجز عن الركوع والسجود صلى بالإيماء ولا تسقط عنه الصلاة بحال من الأحوال لأنه يستطيع أن يؤديها بأي كيفية إلا إذا لم يستطع الإيماء ولا الحركة فإنه تؤخر عنه الصلاة فإذا دام عجزه أكثر من خمس صلوات سقطت
عنه
يقول تعالى أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ويأمر الله سبحانه وتعالى أمراً صريحاً جازماً بالمحافظة على الصلاة فيقول حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ويقول الله الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر
في حكم من صلى قبل أن يقيم الإمام الصلاة
إذا كان المراد من السؤال من صلى منفرداً بعد الأذان وقبل أن يقيم الإمام الصلاة فصلاته صحيحة غير أنه آثم لتركه السنة المؤكدة وهى الصلاة مع
الجماعة
أما إذا كان المراد أنه دخل في صلاة الجماعة متابعاً للإمام قبل أن يصلى الإمام أي قبل أن يدخل في الصلاة فصلاته باطلة لأن من شروط صحة صلاة الجماعة أ الا يسبق المأموم الإمام وهذا قد سبقه بتكبيرة الإحرام
٤٣٥
في التلفت في أثناء الصلاة
إن التلفت في الصلاة مكروه وذلك لاشتغال المصلى بغير الله عز وجل وقوله تعالى قوموا لله قانتين أى خاشعين متبتلين وجلين من ألا
تقبل
الصلاة
والصلاة التي يحبها الله ورسوله إنما هى صلاة الخاشعين والخاشع في الصلاة مستغرق في أدائها على خير وجه فلا يتأتى أن يتلفت يميناً أو يساراً ولقد قال رسول الله الله في رجل غير هادئ
في الصلاة لو خشع قلبه لخشعت جوارحه وكان ذلك ذماً له والعبد في صلاته واقف بين يدى ربه والمؤمن الصادق يلتزم الأدب بين يدى الله سبحانه فهو حينما يقول بادئاً الصلاة الله أكبر فإنه ينصرف عن كل ما عدا الله سبحانه ويستغرق فيما يؤديه على ما يحب الله ورسوله
في البصق في أثناء الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن اتبع هديه إلى يوم الدين
منذ
الصلاة يجب فيها الخشوع والخضوع وعدم الإتيان بما يتنافى مع الآداب لأن المصلى بين يدى ربه وهو منذ أن يقول الله أكبر يجب أن يكون ذلك شعاره بالفعل ويجب عليه افتتاح الصلاة أن يلزم منتهى الأدب مع من هو واقف بين يديه وهو الله سبحانه ولذا يكره البصق في أثناء الصلاة لأن الإنسان لا يفعله مع رئيس أو غيره إن كان واقفاً بين يديه فيه إساءة أدب مع من يتحدث معه بيد أنه إذا غلبه ذلك ولم يجد مفراً منه فيأخذه بطرف ثوبه أو منديله ومن المعروف أن من آداب الإسلام عدم البصق تجاه القبلة فى الصلاة وعدم البصاق في المسجد
لأن
في من تذكر صلوات سنة فاتت
لا تبطل الصلاة التي يقوم بها بأدائها من تذكر صلوات سنة كاملة فاتته وقد ورد في مثل ذلك عن ابن عمر قال من نسى صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليتم صلاته فإذا فرغ
الأرض أو كانوا غزّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وماقتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيى ويميت والله بما تعملون بصير وإذا كان الله سبحانه ضمن الرزق وطلب نسعى إليه فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه فكل جشع وقلق وحيرة واضطراب ولجوء إلى غير الله فى الرزق إشراك بالله وإذا كان الله قد حدد الآجال فإن الجبن والفرار إشراك بالله
والمؤمن إذا مطمئن إلى رزقه ساع إليه وهو يعلم أن الآجال بيد الله فليس إذا بجبان وإذا ما اطمأن إلى رزقه واطمأن إلى أن كائناً من كان لا ينقص من أجله زالت العقبات في طريق
وصوله إلى التوحيد عقيدة وحالا
وإذا ما كان موحدا عقيدة وحالا فقد شهد أن لا إله إلا الله وكان بذلك محاولا الاقتداء برسول الله الذي قال له رب العزة جل وعلا قُلْ إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله
رب العالمين لا شريك له
أشهد أن محمدا رسول الله
وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله ولامفر من هذه الشهادة بل إنه لا تقبل - في الأوضاع
المستقيمة
شهادة أن لا إله إلا الله دون شهادة وأن محمدا رسول الله وهما إقرار متكامل بالإيمان إقرار لا يتجزأ ١٤ كيف نشهد أن محمدا رسول الله
يقول الإمام الغزالي فإن وقع لك الشك فى شخص معين أنه نبي أم لا فلا يحصل لك اليقين إلا بمعرفة أحواله إما بالمشاهدة أو بالتواتر والتسامع فإنك إذا عرفت الطب والفقه يمكنك أن تعرف الفقهاء والأطباء بمعرفة أحوالهم وسماع أقوالهم وإن لم تشاهدهم ولا تعجز أيضًا عن معرفة كون الشافعي رحمه الله فقيها وكون جالينوس طبيباً معرفة بالحقيقة لا بالتقليد عن الغير بل إن تتعلم شيئًا من الفقه والطب وتطالع كتبها وتصانيفها فيحصل لك علم ضرورى بحالتهما فكذلك إذا فهمت معنى النبوة ونريد الآن أن نشرف بمرافقة الرسول صلوات الله وسلامه عليه لنشهد بعض سناء النبوة ولألائها فيه صلوات الله عليه
١٤ لقد سرنا فيما يتعلق بوجود الله على أن الأمر لا يحتاج إلى إثبات أما فيما يتعلق بإثبات صدق الرسول ع فإن الأمر على العكس ذلك أن القرآن وجهنا إلى ظروف وملابسات وإلى أدلة وبراهين تثبت صدقه فإذا حاولنا هنا الاستفاضة في إثبات صدقه الله فإنما تتبع في ذلك التوجيه القرآني الكريم
٤٣٦
منها فليصل التي نسى ثم ليعد التي صلاها مع الإمام أخرجه مالك والطحاوى والدار قطني
وغيرهم
وعليه أن يقضى هذه الفوائت بمجرد تذكرها الحديث أنس أن النبي ع قال من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها لاكنمارة لها إلا ذلك فإن الله تعالى قال أقم ا الصلاة لذكرى رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه أما كيفية قضاء هذه الصلوات فإن على من يريده أن يبادر إليه في كل وقت يتمكن فيه من ذلك ويترك النوافل ما عدا ركعتي الفجر والشفع المتصل بالوتر ويجوز أن يقضى مع كل صلاة مثلها أو صلاتين مثلها تيسيراً له
وترك هذه الصلوات المتعددة لا يسقط أداءها بل هى معلقة بذمة صاحبها على أننا نستبعد أن ينسى الإنسان صلوات سنة كاملة فالأذان يذكر وطلوع الشمس وغروبها وتبدل الليل والنهار وغير ذلك مما يدل على وقت الصلاة ومن هنا فإن على من يترك الصلاة سنة كاملة إذا قضى هذه الصلوات إثم التأخير
في صلاة المسلم وبجواره فاسق أو فاجر
لا يبطل الصلاة أن يصلى الإنسان وبجواره فاسق أو فاجر أو حتى كافر فإنه ليس من شروط الصلاة أن يصلى الإنسان وبجواره رجل صالح
بيد أن على المصلى الصالح واجباً اجتماعياً ودينيا وهو واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو واجب الإرشاد والهداية
ولأن يهدى الله به رجلا خير من الدنيا وما فيها فعلى المصلى المستقيم أن يبين للمصلى المنحرف حكم الله في انحرافه ويبين له الضرر الذى يعود عليه وعلى المجتمع من أذى الانحراف يقول رسول الله من رأى منكراً فليغيره إلخ
في من رفعت عنه الصلاة
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاث عن الصبى حتى يحتلم وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق
فالصبي قبل البلوغ لا تجب عليه الصلاة أما قوله - صلوات الله عليه – حاثًا على الصلاة
٤٣٨
مشهد الصلاة ولا يكون كالذى يرى نقصاً فيما شرع الله سبحانه وسن رسوله فتذل قدمه
ولا يكون له ثبات في طريق الله سبحانه
أما خارج الصلاة فالصلاة على رسول الله الا الله من خير ما يتقرب به العبد إلى الله عز وجل ولا سيما أن الله أمرنا بالصلاة عليه يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ويجب الصلاة على رسول الله له عند ذكر اسمه قال له أرغم الله أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل على الله
في قراءة البسملة في الصلاة
إن البسملة - بسم الله الرحمن الرحيم - من القرآن باتفاق الأئمة جميعاً وهي جزء من آية من سورة النمل بلا خلاف قال تعالى إنه من سليمان وإنه الله الرحمن الرحيم أما غير سورة النمل ففيها خلاف
بسم
فعند الشافعية هي آية من كل سورة من سور القرآن الكريم أي أنها مائة وثلاث عشرة آية بعدد سور القرآن ما عدا سورة براءة فليست آية منها وعند الحنفية أنها آية واحدة من جميع القرآن أنزلت للفصل بين السور
ومن تركها في الصلاة فقد ترك آية من الفاتحة التى هى ركن من أركان الصلاة عند الشافعية وعلى ذلك فلا تصح صلاته بدونها
وعند الحنفية صلاته صحيحة لأنها ليست آية من سورة الفاتحة
والخطب إذن في أمر قراءتها وعدم قراءتها هين مادام الأئمة قد اختلفوا فيها فبأى الرأيين أخذ الإنسان فصلاته صحيحة غير أن الأخذ بتلاوة البسملة فى كل فاتحة في الصلاة أولى للحيطة وللخروج من كل خلاف
في وضع اليدين على الصدر في أثناء الصلاة
إن وضع اليدين على الصدر أو على ما تحت الصدر أو عدم وضعها لا يفسد الصلاة وذلك أن وضع اليدين على الصدر من سنن الصلاة إنه من السنن وليس من الواجبات أو الفروض ويستوى ذلك بالنسبة للرجل والمرأة على السواء ولقد قال الكمال بن الهمام وهو من أئمة علماء الفقه لم يثبت عن النبي حديث صحيح يوجب كون وضع اليدين تحت
٤٣٩
الصدر أو على الصدر والحق أن وضع اليدين على الصدر أو تحته أو إرسالهما قد فعله الصحابة ولكن الأمر المهم في ذلك بالنسبة للرجل والمرأة هو أنه إذا وضع الرجل أو المرأة اليد على الأخرى فإن اليمنى هى التى توضع على اليسرى فعن جابر رضي الله عنه فيما رواه الإمام
أحمد قال
مر رسول الله برجل وهو يصلى وقد وضع يده اليسرى على اليمنى فانتزعهما ووضع اليمني على اليسرى وللمرأة إذن أن تضع يديها على صدرها أو تحت صدرها أو ترسلهما
في ذهاب النساء لصلاة الجمعة
لا يجب على النساء الذهاب لصلاة الجمعة ويجوز لهن - إذا أمنت الفتنة عليهن – حضور الصلاة وأداؤها ويجزى ذلك عنهن لأن إسقاط الجمعة للتخفيف عنهن فإذا لم تذهب النساء الحضور الجمعة أو إذا خيفت الفتنة من ذلك الحضور - فصلاة الجمعة بالنسبة إليهن هي صلاة الظهر أربع ركعات
ومما تجدر الإشارة إليه فى هذا المقام عناية الإسلام بحفظ كرامة النساء والعمل على منع ما يمكن أن يصيبهن من مضايقات وفى نفس الوقت حرصه على منع العبادة من أن يتطرق إليها ما يفسدها أو يخرج بها عما حد لها من حدود
أليس في ذلك ما يشير إلى وجوب احترام المرأة لتعاليم دينها وبعدها عن كل ما يسبب الخروج عن هذه التعاليم في الزي أو السلوك أو الاجتماع أو الاختلاط ثم إن فيه أيضاً وجوب تجريد العبادة من كل خروج بها عن حدودها والابتعاد بها عن كل ما يشغل أو يبعد عن الجو المطلوب لأدائها على أكمل الوجوه
في صلاة المسافر في القطار أو السيارة
إن كان المصلى يعلم بالجهة التي يتوجه إليها بالقطار أو السيارة فيستدير نحو القبلة ثم يكمل صلاته ولا إعادة عليه أما إذا كان لا يعلم أن القطار أو السيارة وهو في الصلاة قد غير جهة السير واستمر في صلاته إلى آخرها ولم يسأل بعد ذلك فالصلاة صحيحة لعدم علمه ولا إعادة عليه وإذا استدار القطار أو السيارة إلى أى جهة غير جهة القبلة يستدير إلى القبلة حتى يتم صلاته مستقبلاً القبلة ولو تحول عن القبلة لا تجزئ صلاته في قولهم جميعاً
٤٤٠
في صلاة الجنازة على المولود
المولود الذي مات بعد ولادته مباشرة يصلى عليه صلاة الجنازة ما دام قد نزل حيا من بطن أمه فقد أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته واستهل يُصلى عليه ومعنى الاستهلال الصباح أو العطاس أو أى حركة يعلم بها حياة الطفل بعد ولادته روى الإمام أحمد وأبو داود عن المغيرة بن شعبة عن النبي ع قال ه الراكب خلف الجنازة والماشى أمامها قريباً منها عن يمينها أو عن يسارها والسقط لا يُصلى عليه ويُدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة
في قصر الصلاة والفطر فى السفر الذي لا مشقة فيه
يصوم
قال الله تعالى ومن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر هذه الآية تبيح للمريض والمسافر الفطر وذلك لأن السفر مظنة المشقة لذلك رخص الله للمسافر أن يفطر فيه روى مسلم عن حمزة الأسلمى قال يا رسول الله أجد منى قوة على الصوم في السفر فهل على جناح فقال هى رخصة من الله تعالى فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن فلا جناح عليه والمسافة التي تسمى مسافة سفر هي ما يساوى اثنين وثمانين كيلومتر تقريباً وما بين مصر وطنطا أو بينها وبين أسيوط يعتبر مسافة سفر غير أن من لم يتضرر بالسفر ولم يجد فيه مشقة فصيامه أولى من فطره عملا بقوله تعالى وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون
في من يصلى وأولاده الصغار يحومون حوله
من يصلى وأولاده الصغار يحومون حوله أو يتعلقون به صلاته صحيحة ما لم يكن بمن يتعلق به أو يحوم حوله نجاسة تبطل بها الصلاة فقد كان رسول الله لا يصلى وهو يحمل حفيدته ابنة السيدة زينب في أثناء صلاته حتى إذا ركع وضعها على الأرض فإذا رفع من الركوع احتملها
٤٤١
وقد ورد أن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - كانا يتعلقان بالنبي وهو ساجد فما كان يرفع من السجود رأسه حتى ينزلا وفى ذلك تأليف للأولاد وشفقة ورحمة بهم والصلاة في حقيقتها خشوع الله سبحانه وتعالى وتهذيب للنفس وتكميل لها بجميع الفضائل التي يجب أن يتحلى بها المسلم في كل شئونه فكيف يضيق المصلى بمن يحوم حوله من الأولاد وهو بين يدى مولاه الذي يحب منه أن يكون بالمؤمنين رءوفاً رحيماً وبأولئك الأولاد الصغار عطوفاً ودوداً
في أوقات الصلاة
للصلوات الخمس أوقات محدودة لابد أن تؤدى فيها لقوله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً
وقد حددت السنة هذه الأوقات روى عن جابر بن عبد الله أن النبي عل جاءه جبريل عليه السلام فقال له قم فصله فصلى الظهر حين زالت الشمس ثم جاءه العصر فقال قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله ثم جاءه المغرب فقال قم فصله فصلى المغرب حين وجبت الشمس ثم جاءه العشاء فقال قم فصله فصلى العشاء حين غاب الشفق ثم جاءه الفجر حين برق الفجر أو قال سطع الفجر ثم جاءه من الغد للظهر فقال قم فصله فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء ومثله ثم جاءه العصر فقال قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه ثم جاء المغرب وقتاً واحداً لم يزل عنه ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثلث الليل فصلى العشاء ثم جاءه حين أسفر جدا فقال قم فصله فصلى الفجر ثم قال ما بين هذين الوقتين وقت رواه أحمد والنسائى والترمذى وقال البخاري هو أصح شيء في المواقيت يعنى إمامة جبريل أما وقت الجمعة فهو وقت صلاة الظهر فلا تصح قبلها ولا بعدها
في جواز الاعتماد على الساعة في أداء فريضة الصلاة
إن الإسلام في بساطته ويسره ربط كثيراً من شعائره بالنسبة لأوقاتها بالمظاهر الطبيعية للكون ومن ذلك أوقات الصلاة وأوقات الصلاة التي حددها رسول الله بحسب المظاهر الطبيعية هي كما حددها الحديث السابق وعن عقبة بن عامر أن النبي الله قال و لا تزال أمتى بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا
٤٤٢
المغرب حتى تشتبك النجوم وعن ابن عمر أن النبي الله قال الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة أى صلاة العشاء ولما اخترعت الساعات - وكان اختراعها في الحضارة العربية حاول علماؤها تحديد وقت الصلاة بحسبها فعينوا الأزمنة والأوقات لكل فرض من الفروض متبعين في ذلك توجيهات رسول الله لعل الله فالساعة تحديد للوقت بحسب الأصول الإسلامية فيجوز الاعتماد عليها في أداء فريضة الصلاة
في السنة بعد تكبيرة الإحرام
السنة بعد تكبيرة الإحرام أن يتريث المصلى قبل قراءة الفاتحة فترة يتمكن فيها من افتتاح
الصلاة لما صح عن رسول الله اللهم أنه كان يفتتح الصلاة به من قوله الله أكبر كبيراً ثلاثاً والحمد لله كثيراً ثلاثاً وسبحان الله بكرة وأصيلا ثلاثاً وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ثم يقرأ البسملة مع الفاتحة خروجاً من خلاف من اعتبرها آية مستقلة من الفاتحة وقال بأن تركها يبطل الصلاة
في التشهد في الصلاة
إن الصلاة من الله سبحانه وتعالى على أحد أفراد عباده إنما هي الرحمة تفيض منه سبحانه
وتعالى على عبده ورحمة الله إنما هى رضاه وتجلياته وهذه التجليات لا تحد ولا نهاية لها وهى فياض
باستمرار
لأن الله كريم جواد والصلاة على إبراهيم عليه السلام هى رحمة الله وبركاته عليه وعلى أهل بيته وقد ورد في القرآن الكريم بالنسبة لسيدنا إبراهيم قوله تعالى رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد وفى قوله تعالى سلام على إبراهيم وصلاة الله سبحانه وتعالى على إنسان هي كاملة بالنسبة لهذا الإنسان أى أنها تتناسب هي وما فطره الله عليه من خير وصلاح وإحسان ونحن حينما نقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فالمعنى اللهم صل على محمد بما يناسب ما فطرته عليه من كمال ذاتى كما صليت على إبراهيم بما يناسب ما فطرته عليه من فطرة طيبة والمثلية هنا إذن ليست مثلية اتحاد
٤٤٣
كما وكيفاً وإنما هى مثلية تشابه فى الصلاة وإن اختلفت الصلاة على كل منهما كما وكيفاً كل بحسب ما يناسبه وما فطره الله عليه أما لماذا نصلى عليه نحن ولقد صلى الله عليه وصلت ملائكته عليه وليس بعد صلاة الله وملائكته من حاجة لصلاتنا نحن عليه فإنما ذلك من أجل فائدتنا نحن فإننا كلما ارتبطنا برسول الله الله بوساطة الصلاة عليه زادنا الله نوراً وأكرمنا ففائدة الصلاة عليه تعود علينا نحن لقد أراد سبحانه أن يوثق صلتنا برسول الله الله
في هل يجوز عند المذاكرة الجمع في الصلوات
لا يجوز ذلك فليست المذاكرة عذراً مبيحاً للجمع عند القائلين به والجمع لا يجوز عند الحنفية إلا في عرفة ومزدلفة للحاج فقد يصلى الحاج الظهر والعصر قصراً وجمعاً مع الإمام في وقت الظهر أى أنه يصلى فى عرفة الظهر ركعتين ويصلى العصر بعده مباشرة ركعتين كذلك بلاسنة بينهما ويصلي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً للعشاء فى وقت العشاء بمزدلفة والأول جمع تقديم والثاني تأخير وأباح الشافعية الجمع - تقديماً أو تأخيراً - بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء للمسافر القصر بشرط السفر عندهم يجوز جمعها جمع تقديم فقط بسبب نزول المطر ويشترط لذلك شروط مبسوطة فى كتاب فقه الشافعية
غير أنه يجوز للطالب إذا ما ضاق وقته بسبب كثرة المذاكرة وقرب الامتحان مثلا أن يجمع بين هذه الصلوات جمعاً صوريًّا كأن يصلى الظهر فى آخر وقت الظهر ويصلى العصر في أول وقت العصر وهكذا
وبذلك يكون مؤديا كل فريضة فى وقتها وموفراً لنفسه زمناً يستغله في مذاكرته والله الموفق
في معرفة أوقات الصلاة فى البلاد التي لا تظهر الشمس
في سمائها في بعض شهور السنة
هناك بلاد لا تظهر فيها الشمس فى بعض شهور السنة وأهل هذه البلاد يؤدون الصلاة بحسب المواقيت في أقرب البلاد المعتدلة إليهم
والصلاة لا تسقط إذا ظهرت الشمس أو لم تظهر والله سبحانه وتعالى يقول إن الصلاة
كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً
٤٤٤
والصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام إنها الركن الذي يتلو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله مباشرة وهى لا تسقط بأى حال من الأحوال سواء أشرقت الشمس أو لم تشرق وأمر تحديد مواقيت الصلاة في هذه البلاد أصبح الآن أمراً ميسراً بفضل الوسائل العلمية اليسيرة التي تعين على ضبط الو