Go Back





الإمام
الدكتور عبد الحليم محمود
القُطْبُ الشَّهيد
عَبْدُ السَلام بن بشيش
A
دار المعارف

الإمام
الدكتور عبد الحليم محمود
القُطْبُ الشَّهيد
عبد السلام بن بشيش
كان مقامه بالمغرب كمقام الشافعي بمصر
ابن عياد
دار المعارف

مقدمة
في رمضان عام ١٣٩٤ تلقيت دعوة كريمة من سليل الأشراف الحسن الثاني ملك المغرب للمشاركة في الدروس الحسنية وحينما وصلت إلى الرباط أبديت رغبتي في زيارة القطب
الشهيد سيدى عبد السلام بن بشيش
وبعد أيام قيل لى إن طائرة هليوكبتر ستكون تحت تصرفك في الغد وسيكون زملاء الرحلة السيد الشريف وزير القصور الملكية والسيد الفاضل وزير الأوقاف بذلك أمر سليل الأشراف
الحسن الثاني
ومثل هذا الأمر لا يستغرب على آل البيت إن الأريحية شيمتهم

والمروءة طابعهم وسافرنا بتوفيق الله - وزرنا وحضرنا حضرة صوفية أقامها آل ابن بشيش وسعدنا
وفى نهاية المقام وزع السيد وزير القصور الملكية منحة كريمة ملكية ضخمة بمناسبة زيارتنا
وعادت بنا الطائرة باسم الله مجريها ومرساها
كانت هذه الزيارة حافزًا قويًّا للعزم على الكتابة عن سيدى
بشیش
ابن

والبيان عن سيدى عبد السلام بن بشيش ضرورى بالنسبة

لمن يكتب عن المدرسة الشاذلية على وجه العموم يكتب عن الشاذلي رضى الله عنه على الخصوص
وبالنسبة لمن
وقد سبق أن كتبت عن الإمام أبي الحسن بناء على رؤيا
قصصتها في أوائل الكتاب

وقد ذكرت في مبدأ الكتاب حديثا عابرا عن سيدى عبد السلام وأعجبني إعجابًا شديدا حديثه عن الحب الإلهى وأخذت فترة طويلة أبحث عن مراجع لهذا القطب ولم يكن الأمر سهلاً إن كتب الطبقات بها نزر يسير لا يكاد يغنى
ولما سافرت إلى المغرب ويسر الله لى زيارة القطب أخذت أسأل عن مخطوطات عنه وعلمت أن مكتبات المغرب لا تخلو
من مناقب عن القطب
ورجوت
هذا ورجوت ذاك من رجال المغرب في أن يساعدوني على الحصول على بعض المراجع وأخيرا وصلتني مخطوطات ورأيت أن ما جمعته من كتب
الطبقات وما فى المخطوطات كاف في التعريف بابن
بشيش
وأخذت أتحين الفرص للبدء في التأليف
كان
حتى أمر السفر
الحضور الاحتفال بتنصيب شيخ العلماء في يوغوسلافيا
وأخذت المراجع ومنذ أن استقر بي المكان في الطائرة أخذت
أكتب

كتبت في الطائرة وكتبت فى فترات الفراغ في بلجراد
ولما وصلت إلى سيراييفو معقل المسلمين ومكان تجمعهم المبارك كنت أستفيد مما يتاح من أوقات الراحة لأكتب وكان الوقت المفضل هو حينما أستيقظ في الفجر على صوت المؤذن يدوى في أرجاء المدينة مجلجلاً مخترقاً السكون والصمت الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدا رسول على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
الله
حي
على الفلاح
كانت هذه الكلمات الجميلة تنعشنى وتبعث في نفسي شعورًا
بالراحة والروح شأنها فى كل مكان وفي كل الأوقات
إن هذه الكلمات التي دوت فى المدينة المنورة على لسان أخذت تدوى عبر القرون في الشرق
الله
عنه
بلال رضی وفى الغرب إلى أن دوت في أثناء العبور ودوت على أرض
سيناء

فبعثت في جنودنا روح البسالة وأصابت جنود إسرائيل بالهلع والرعب

والنضال
والتفاؤل
كانت الله أكبر الله أكبر تدوى فى الفجر في سيراييفو
والفجر في هذه المدينة يبدأ فى الساعة الثالثة بل قبلها في هذا
الشهر
شهر مايو
-
وكنت أستيقظ
مع
وبعد الصلاة الكلمات الأولى للمؤذن

أجد فراغا - لا بأس به - للكتابة وأجد انتعاشا أحدثه الأذان
وأحدثته الصلاة

وكانت الكتابة سهلة ميسرة ببركة الأذان وببركة الصلاة وببركة سيدى عبد السلام فكان القلم يجرى وكأن الكتاب يكتب نفسه
وما إن انتهت إقامتي بيوغوسلافيا وما إن نزلت من الطائرة على أرض مصر الطاهرة إلا كنت قد انتهيت من مسودة هذا الكتاب اللهم إلا ما كان محتاجًا منه إلى بعض المراجع في القاهرة
إن الله سبحانه يضع
مثلاً

أحيانا
--
البركة في الزمن كما يضع
انفساح
البركة في الطعام هل سمعت بما يسميه الصوفية
الزمن !
ولا أظن أن هذه الصورة التي رسمتها عن سيدى عبد السلام ستتغير في يوم من الأيام ذلك أنى جمعت عنه كل ما يمكن
جمعه ولم يعد بعد البحث - أمل في مزيد من النصوص أما هذا الذي يريد المزيد فعليه بأقطاب المدرسة الشاذلية فإنهم الامتداد الموفق للتيار الصوفى النقى الصادق الذي رسمه
القطب الشهيد

الفصل الأول
بين أبى الحسن الشاذلى
و
عبد السلام بن بشيش

وفي
الله
شعر أبو الحسن الشاذلى بالرغبة الملحة في القرب من يستضيء قلبه بنور المعرفة وفى أن يكشف الله له الحجب
يروى هذه الرغبة
كيف يسير في الطريق
أين يبدأ من
لقد
رسم
الأول الطريق
إن البدء البدء الميسر السهل البدء الذي يأمن الإنسان
الطرق
ومحص السبل
عواقبه إنما يكون طرقه خبير سبر وكشف عن المزالق والأخطار واستنار قلبه بالطريق القاصد إلى
الله
هذا
أين يجد الشيخ ما السبيل إليه
إن بغداد

منذ عهد العباسيين كانت دائما محط أنظار طلاب
الدنيا وطلاب الدين

لقد كانت تضم كبار الفقهاء وأعلام المحدثين والقمم العوالى
من الصوفية كما تضم كبار الساسة والقادة كان ذلك في عهدها الزاهر فهل يا ترى هي كذلك في القرن السابع الهجرى
وإذا لم يكن لها كل البريق المادى الأول فهل بها على الأقل من الصوفية من يرسم الطريق عن خبرة ومن يسلك بالمريد السبل دون أخطاء

وتحمل الرغبة الملحة أبا الحسن على السفر إنها هجرة إلى
الله إنها هجرة النفس الطموح الشفافة

وهى هجرة يسير بها الأمل ويتخللها الإشفاق وتصاحبها
في كل الأوقات أسئلة لا جواب لها
هل سيجد الشيخ وكيف يكون
وهل سيتقبله الشيخ بقبول حسن وبم سينصحه وإذا لم يجده في بغداد فأين يجده انتهى به المطاف إلى بغداد والتقى بالأولياء وكان قمتهم في
نظره هو أبو الفتح الواسطى يقول أبو الحسن لما دخلت العراق اجتمعت بالشيخ الصالح أبي الفتح الواسطى فما رأيت بالعراق مثله
ولكن همة أبى الحسن كانت تسمو إلى البحث عن القطب ذاته إنه كان أن يريد يكون قائده هو القطب نفسه أين يجد
القطب
ها
هو ذا بالعراق وها هم أولاء الصالحون وأولياء الله
يتردد
عليهم كل يوم وها هو ذا يرى النور على وجوههم والصلاح يرتسم على سيماهم ولكنه لم يجد القطب وهو مطلوبه وذات يوم قال له أحد الأولياء
إنك تبحث عن القطب بالعراق مع أن القطب ببلادك ارجع إلى بلادك تجده وعاد أبو الحسن من حيث أتى عاد يحدوه
۹

الأمل
ويغمره الرجاء لقد صدق الولى الذي أنبأه بأن القطب
في بلاده وبأنه سيجده عند عودته
وعاد يسرع
الخطا
ها
ذا
D
C
ويستحث الوصول
6
بغمارة من جديد يسأل عن القطب هو
إنه يسأل عنه المقبل والمدبر

والراحل

والمقيم
أقول أكاد اليوم أن أبلغ المدى فيبعد عنى ما أقول أكاد

أسائلكم عنها فهل من مخبر فلو كنت أدرى أين
فمالی
مذ
بنعم
نات دارها علم
أهلها
وأى بلاد الله – إذ ظعنوا – أموا
خیم
إذن لسلكنا مسلك الريح خلفها ولو أصبحت نعم ومن دونها النجم
وذات يوم
!
كان لهذا اليوم قصة وكان فيها طرافة وكان لهذا اليوم آثاره الضخمة وذلك أن الشيخ عبد السلام كان يسكن في مغارة
بأعلى الجبل يتعبد فيها ويبيت بها
ولما استأذن عليه أبو الحسن قال له
اذهب فاغتسل
وكان بجوار المغارة ماء للاغتسال وللوضوء فذهب أبو الحسن
واغتسل ثم عاد إلى الشيخ فقال له اذهب فاغتسل وذهب أبو الحسن مرة أخرى فاغتسل ثم عاد إلى الشيخ فقال له من جديد اذهب فاغتسل

وفكر أبو الحسن في الأمر وركز انتباهه في الموضوع
وتبين له في وضوح أنه يعتز بعلمه ويعتد بعبادته
كان أبو الحسن إذ ذاك

فتى فيه طموح إلى العلم

وتزود منه بقدر كبير وكان فيه شغف بالعبادة فكان يقوم ليله
ويصوم نهاره وكان فرحا بعلمه
"
مسرورا بعبادته
فكان في
نفسه شيء من آثار ذلك
عزة بالعلم

اعتداد بالعبادة
ولما فكر فيما يجول بشعوره ووضح له الأمر غمره نوع
اعتداده ومن
من الخجل فتاب وأناب واغتسل من عزته بعلمه بعبادته ووطن نفسه على أن يلتقى بالأستاذ وهو على طهارة من
كل ما يتصل بالفخر والخيلاء

أرأيت إلى موسى

عليه السلام
حينما التقى بالخضر عليه
السلام وقال له هل أتبعك على أن تُعَلِّمَن مما علمت رشدًا ۱
إن موسى
--
عليه السلام - حينما ابتدأ بكلمة هل تجرد بذلك حتى من الإرادة نفسها فهو لم يقل إني أريد أو إنى عازم بل ولا إني أرغب أو أحب

إن كلمة هل نفت كل ذلك ونفت الانية وجردت عليه السلام من تصميم المعتزين ومن إرادة المعتدين
موسی
١ الكهف ٦٦

وتلت كلمة هل كلمة أخرى تثبت التواضع وتنفى الكبر وهى أتبعك إذ أن موسى عليه السلام لم يقل أرافقك أو أزاملك أو أصاحبك وإنما أتبعك
إن المريد مع
شيخه والتلميذ مع أستاذه ليس له إلا
هل أتبعك
فان كان شعوره يخالف ذلك فإنه لا يصلح أن يكون مريدا ولا يصلح أن يكون تلميذا وهو بحاجة إلى الأمر الحاسم
يكون
اذهب فاغتسل
<
فإن ذهب واغتسل فقد تأهل للخير وإلا فلا فائدة فيه

والاغتسال كما يكون من خلجات النفس ومن همسات الشعور - ومن باب أولى - من المعصية
والاغتسال من المعصية إنما يكون بالعودة إلى الله في تواضع وفي تضرع وفى عبودية تلجأ إلى الله تعالى طالبة العفو والمغفرة
فإذا اغتسل الإنسان واتجه إلى الله في صدق قائلاً
ربنا ظلمنا أنفسنا
وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من
C
الخاسرين 1 فإن الله تعالى يقبله في عباده

ويصبح بذلك في
جو الرضا الإلهى أما إذا لم يغتسل فليس له إلا الطرد من رحمة
الله
۱
۳
1

إن قصة آدم وقصة إبليس فيها عظة وعبرة
وهذا الطهر
من
المعصية
أول ما يلقنه الشيخ للمريد بل هو
الآخر
معه

ويستغفر
إن الشيخ في تلقينه التوبة للمريد يتوب هو
مع مريده وفي كل مرة يعطى العهد يشعر هو في نفسه بالنقص والتقصير ويلجأ إلى الله تعالى سائلاً العفو والمغفرة
وإن من الأمور الملاحظة العميقة الدلالة أن الأولياء في نهاياتهم أبو يزيد
همهم - كل همهم
البسطامي
طلب العفو كما يقول ذلك
- فإنه صلوات الله
إنهم يتأسون في ذلك برسول الله

وسلامه عليه حينما نزلت سورة النصر التي تنعى إلى رسول
الله نفسه
بسم
الله الرحمن الرحيم إذا جاء نصر
والفتح ورأيت
الناس يدخلون في دين الله أفواجًا فسبح بحمد ربك واستغفره
إنه كان توابا ۱
أكثر رسول الله

من الذكر بقوله
سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه
حتى لقد لاحظت ذلك السيدة
روى الإمام أحمد بسنده عن
1 النصر ١ - ٣
>>
عائشة
رضی
عائشة رضی الله عنها الله عنها قالت

١٤
314
كان رسول الله الا الله يكثر في آخر أمره من قول سبحان الله
وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه وقال
إن ربي
كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي وأمرني
إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره إنه كان توابا فقد رأيتها
إذا جاء نصر
الله
والفتح
الله أفواجًا
C
فسبح بحمد ربك
على
C

ورأيت الناس يدخلون في دين
و استغفره إنه كان توابا له
ونعود بعد ذلك إلى أبي الحسن إنه يقول
خرجت عن علمى و عملى وطلعت إليه فقيرا وإذا به هابط وعليه مرقعة وعلى رأسه قلنسوة من خوص فقال لى
"
مرحبا
بعلي بن عبد الله
بن عبد الجبار وذكر نسبى إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لى يا على طلعت إلينا فقيرا من علمك وعملك فأخذت منا
غنى الدنيا والآخرة فأخذني
منه الدهش
فأقمت عنده أياما إلى
أن
فتح الله على بصيرتي
من هو ذلك العارف بالله
من هو هذا القطب

الفصل الثاني
حياة ابن بشيش

>>
من هو هذا القطب
إنه الولى الكبير سيدنا عبد السلام بن بشيش ١ يقول
عنه صاحب الدرر البهية
هو القطب الأكبر والعلم الأشهر والطود الأظهر العالى
السنام
وهو البدر الطالع الواضح البرهان الغنى عن التعريف والبيان
المشتهر في الدنيا قدره والذى لا يختلف في غوثيته اثنان وطريقه ترياق شاف لأدواء العباد وذكره رحمة نازلة في كل
ناد
سری سره في الآفاق
الله

وسارت بمناقبه الركبان والرفاق
قضى عمره في العبادة وقصده للانتفاع به أهل السعادة وكان رضى عنه في العلم في الغاية وفي الزهد في النهاية جمع الله له الشرفين الطينى والدينى وأحرز الفضل المحقق اليقيني اهـ ويتحدث ابن عباد عن مكانته المرموقة بالمغرب فيقول ولقد كان مقام ابن بشيش فى المغرب كمقام الشافعي بمصر ويتحدث ابن الكوهن فى كتابه طبقات الشاذلية عن ابن بشيش فيقول كان علاوة على علو همته وحاله عالماً فاضلاً
۱ ابن بشيش بالباء وبالميم يقال بشيش ويقال مشيش وقد سرنا على التسمية بابن
بشيش بالباء

جليل القدر لا ينحرف عن جادة الشريعة قيد شعرة متحمساً للدين عاملاً على نشر فضائله وهو رجل من آل البيت فيه
ما فيهم من صفات الاتجاه إلى الله الزهد الشجاعة الأريحية ويتصل نسبه بسيدنا الحسن رضى
الله
عنه

الله
واتجه ابن بشيش منذ بواكير حياته إلى الله وألف العبادة والنسك من صغره حتى ليقول أبو الحسن الشاذلي رضى عنه إنه سلك الطريق إلى الله منذ أن كان عمره سبع سنين
وهو في هذا يشبه الولى الكبير العالم العابد سهل بن عبد الله
التسترى
فكلاهما وكثير غيرهما دخل فيمن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله يقول رسول الله الله فيما رواه البخاري وغيره
الله
في ظله
لا
C
سبعة يظلهم يوم ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابا في الله فاجتمعا على ذلك وافترقا عليه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إنى أخاف الله رب العالمين ورجل
تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه
شاب
لقد كان ابن بشيش واحدا من هؤلاء إذ يصدق عليه أنه نشأ في عبادة الله وأنه ممن ذكر الله خاليا ففاضت عيناه
أن وبعد سار ابن بشيش في العبادة أشواطا وبلغ مبلغ الفتيان ظهر له - كما يقول أبو الحسن الشاذلي – من الكشف أمثال الجبال وهو مازال بعد في بواكير شبابه

ثم خرج إلى السياحة وأقام في السياحة ست عشرة سنة كاملة
والسياحة كلمة شريفة وصف الله بها المؤمنين ذكورا وإناثًا
قال سبحانه في أوصاف المؤمنين
الله
اشتری من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أو في بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم

الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الأمرون بالمعروف
والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين ۱
وهذه الكلمة الشريفة من معانيها

السفر عبادة إن الانسان فى وطنه تشغله مشاغل كثيرة ولابد له من خلوة مع الله ولله وفى الله سبحانه خلوة يستجم فيها روحيا كما يستجم إنسان جسمانيا من تعب الجسم فيسافر مستجماً روحياً أى إنها سفرة عبادة وتقرب وسفرة عظة وعبرة وما من شك في أن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك
من
ماء
التي تجرى في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله السماء من فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ٢
1 التوبة ۱۱۱ ۱۱
٢ البقرة ١٦٤

والعظة والعبرة في سفر النسك كثيرة وقد أكثر بعض الصوفية
من السفر عبادة ومن هؤلاء ذو النون المصرى وكانوا يسافرون على شواطىء الأنهار أو على مشارف الصحراء تظلهم السماء وتقلهم الأرض ونهارهم صيام وتفكر وليلهم قيام وتهجد يمكثون على ذلك أسبوعًا أو أسبوعين ثم يعودون وعلى وجوههم إشراقة المؤمنين ونور الصالحين يتحدثون عن العبر والعظات التي الله صادفتهم في سياحتهم فينفع بهم ويكتب لهم ثواب الهادين
المرشدين
العلم
٢ - ونوع آخر من معانى السياحة هو السفر في طلب

لقد كانت الأمة الإسلامية مترامية الأطراف وكانت أمة واحدة لا تفصل بينها حدود ولا تقف فيما بينها عقبات وكانت كما أحب الله لها ورسم في قوله تعالى
إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون 1
وفي قوله تعالى
وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون له وهذه الأمة المترامية الأطراف توزعت – في وضع طبيعي لا افتعال التخصصات العلمية لم يكن كبار المتخصصين في إقليم

۱ الأنبياء ٩٢
المؤمنون ٥٢
۱۹

واحد وإنما كانت القمم فى أقاليم متعددة وكان لابد للطموحين من السياحة لتلقى العلم على القمم الشوامخ فعل ذلك الإمام الغزالي وغيره كانوا يسافرون إلى مكة والمدينة وبغداد ودمشق وغيرها من عواصم العلم والفكر
والقاهرة

وكما تعنى السياحة - إذن - السفر استجماما روحيا وتجديدا روحيا فإنها تعنى السفر من أجل العلم ولذلك كانت الكلمة
كلمة شريفة يوصف بها المؤمنون
أما الآن فإن الكلمة مسخت في معناها

وأصبحت تعنى
السفر للهو والعبث والازدياد من الإثم والانغماس في المعاصي

وهذا الهدف السياحة الآن جعل الدول توفر للسائحين كل من ما يتطلبه هذا الهدف من ألوان الفسق ووسائل الفسق
إن الدول الإسلامية - نفسها -

توفر للسائحين الشراب بل
ولا تكتفى باستيراد هذه المادة المحرمة فى كل ظروفها ولكنها تنتجها وتصنعها وتصدرها أيضا
إن الخمر في الجو الإسلامي ملعونة كمادة سائلة إنها في نفسها ملعونة وكما لعنها الله تعالى فى نفسها فإنها ملعونة في شاربها وفى حاملها وفى تاجرها وفى عاصرها وفى معتصرها حتى الخادم الذى يحملها من البار إلى الزبون داخل في إطار اللعنة عند حملها ولكن الدول التى تعمل على أن تكون السياحة موردا
ماليا توفر الخمر بكل الوسائل لا تراعى في ذلك دينا
ولا خلقًا

۰

وإنه لمن المعلوم لدى الخاص والعام أن البيرة نوع من الخمر وبذلك قالت تقارير المؤتمرات الدولية فى أوربا وأمريكا التي يحضرها الصيادلة والأطباء وعلماء النفس وعلماء الاجتماع باحثين في الخمر وضررها وتوفر الدول للسائحين الدعارة والصلات الجنسية الكباريهات والنوادي الليلية وغيرها ولا تراعى في ذلك
في
>>
أيضا دينا ولا خلقًا
وأصبحت كلمة السياحة هي المفتاح السحري الذي يفتح على كل محرم ويبيح كل محرم
والمسلمون يعلمون - وإلا فيجب أن يعلموا - هذا اليقين المؤكد ر ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من
السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ۱
وليعلم المسلمون أنه إذا كانت السياحة موردا لمال محرم فإن هناك
آفات تمحق ما تأتى به السياحة بل وتمحق أضعافه في آفات تنزل الأرض وهناك الهزائم التي تأتى على الأموال وهناك تخلى الله سبحانه عن
من
السماء وتنبع من
ممثلة في السلاح وعلى الأرواح
المتنكبين عن صراطه

وبينما تكون حماية الله ورعايته وتوفيقه وعنايته وبركاته موفورة للمستجيبين له يكون مقته وغضبه موفورًا لمن حادوا عن الطريق لقد كتبت صحيفة عربية في يوم من الأيام أن إنتاج البيرة حقق ربحا مليون جنيه وأعلنت شركة إنتاج البيرة ذلك في فخر وخيلاء
1 الأعراف ٩٦

في الأسبوع نفسه كتبت الصحيفة نفسها أن السينما حققت خسائر ثمانية ملايين من الجنيهات إن الربح المحرم يقابله خسائر
مضاعفة
طيبة
ولكن
ظر من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون كه ۱

ويقول تعالى
ومن يتق يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب
الله
ومن يتوكل على
الله
فهو حسبه
ونعود إلى الشيخ ابن بشيش
لقد سار على سنة أسلافه فسافر متعبدا وسافر متعلماً
أحد مؤرخيه
يقول
أنواره منذ كان في المهد صبيا ثم طوى في السياحة في
صباه الأرض طيا
شيخه
له أثناء سياحته أنه
بات ليلة في مغارة
ومما وقع
يتعبد إذ رأى شيخاً يدخل عليه المغارة فقال له

أنت من
۱ النحل ۹۷
الطلاق ۳

وبينما هو

فقال الشيخ
أنا شيخك منذ أن كنت ابن سبع سنين وكل ما كان يصلك
من النازلات فهو منى وهى كذا وكذا فحدثه
ما
بجميع
جری
له
الأمور من

الحسين
وشيخه الذي حدث عنه هو سيدى عبد الرحمن بن المدعو بالزيات سكناه بحارة الزياتين بالمدينة
المدني الشريف
المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام
ولم يذكر له صاحب لطائف المنن سوى هذا الشيخ ولكن المؤرخين يقولون

أخذ الطريقة عن أكابر منهم الشيخ عبد الرحمن المدنى
وسواء

أكنا بصدد الشيخ عبد الرحمن المدني أم كنا بصدد
شيوخه الآخرين فإننا لا نكاد نعلم من أمرهم شيئًا
أن نقف قليلاً عند أمر هو
الشيخ

ولكن المهم لقد حمل كثير من أعداء التصوف على وضع الشيخ عند الصوفية أن وضع الشيخ عند الصوفية أمر طبيعي إنه خبير درس الطريق وسار فيه وسلكه وعرف مزالقه ومخاطره عرفه دراسة وعرفه ممارسة عرفه ذوقاً وعرفه حالاً وعرفه شعورًا
بید

وهو يرسمه لمن يريد السلوك ويقود المريد فيه مرحلة

مرحلة
إلى أن ينتهى به إلى القرب ثم يكون المريد بعد ذلك شيخا
الطريق للمريدين يرسم

يفلح
يقول صاحب الرسالة القشيرية
يجب على المريد أن يتأدب بشيخ فإن لم يكن له أستاذ لا هذا أبو يزيد يقول من لم يكن له أستاذ فإمامه و سمعت الأستاذ أبا على الدقاق يقول
أبدا
الشيطان

الشجرة إذا نبتت بنفسها من غير غارس فإنها تورق لكن كذلك المريد إذا لم يكن له أستاذ يأخذ منه طريقته نفسا
لا تثمر
فنفسا فهو عابد هواه لا يجد نفاذا
ويقول الحكيم الفرنسي رينيه جينو الذي أسلم وحسن
إسلامه
أو

وعاش في مصر فترة طويلة من الزمن

ولابد في التصوف من شرط جوهرى هو التأثير الروحي أدق البركة وهي لا تتأتى إلا بواسطة ومن هنا كانت السلسلة وهل السلسلة إلا بركات تنتقل من شيخ
بتعبير
إلى مريد يوشك أن
يصبح
شيخا
شیخ
فيؤثر بدوره في مريد أو مريدين
إن التصوف ليس عملاً علميا ولا بحثاً نظريا

إنه لا يتعلم بواسطة الكتب على الطريقة المدرسية بل إن ما كتبه

كبار مشايخ الصوفية أنفسهم لا يستخدم إلا كحافز مقو للتأمل يصير بمجرد قراءته متصوفا على أن ما كتبه كبار
والإنسان لا
الصوفية لا يفهمه إلا كان أهلاً لفهمه من
ويقول
إن من شروط التصوف الانتساب إلى سلسلة صحيحة إذ أن البركة التي تحصل من الانتساب إلى السلسلة الصحيحة هي
٢٤

الشرط الأساسي الذي لا يصل الإنسان بدونه إلى أي درجة من
درجات التصوف حتى البدائية منها
ثم يأخذ المتصوف الطيب الفطرة الذي باركه شيخه في الجهاد الأكبر التأمل الروحى وفى الذكر أي استحضار الله
في كل ما يأتى وما يدع وفى تركيز الذهن في الملا الأعلى
فيصل – موفقا - من درجة إلى درجة حتى يصل إلى أعلى الدرجات
وهى
حالة تسمو على حدود الوجود المؤقت فيصبح ربانيا ذلك
هو الصوفى المحقق
هذا ما كان من أمر الشيخ
ولقد كان الشيخ وكان ابن بشيش شيخاً للشاذلى ثم كان الشاذلي شيخا لأبي العباسي
عبد الرحمن المدنى شیخ ابن بشيش

المرسى
وغيره وهكذا
أما
عن حياته بعد السياحة

رضي الله
عنه

فإنه لم يكن
يتطلع إلى شهرة ولا إلى زعامة وقد نفض قلبه من حب الرياسة وذلك أن وجهته الله

ومن كان كذلك لا يتطلع إلى الناس
لقد بالغ في إخفاء نفسه حتى يكون سره مع الله دائما يقول أحد مؤرخيه
توارى عن الأعين وتباعد عن الظهور وتجرد للعبادة وفر بنفسه عما الناس فيه من الفتن وغاب عن الخلق في شهود
جلال الحق ولقد كان ابن بشيش يدعو الله في السحر أن يصرف

عنه الخلق وأن يجعله بمعزل عنهم ومما يدل على بعض ذلك ما ورد عن الشيخ أبي الحسن الشاذلى قال رضى الله عنه كنت في سياحتي فأتيت إلى غار لأبيت فيه فسمعت فيه فقلت والله لا أشوش عليه في هذه الليلة فبت
حس رجل
على فم الغار فلما كان عند السحر سمعته يقول اللهم إن أقواما سألوك إقبال الخلق عليهم وتسخيرهم لهم
فسخرت لهم خلقك فرضوا منك بذلك
اللهم إني أسألك إعراضهم عنى واعوجاجهم على حتى
لا يكون لى ملجأ إلا إليك

قال ثم خرج فإذا هو أستاذى ابن مشيش فقلت له يا سيدى إني سمعتك البارحة تقول كذا كذا
فقال لي يا على أيما لك أن تقول كن لى
خير
أو تقول سخر لي قلوب خلقك
فإذا كان لك كان لك كل شيء
كان ابن بشيش رضى الله عنه مكتفيا بالله محبا للخلوة مع الله مشوقاً دائما إلى أن يكون فى حضرة الجلال والجمال
مستعذبا الوحدة
رضی
ولعل مما يفسر حبه - أيضا - للخلوة وصيته لأبي الحسن
الله
عنهما حينما قال له يوما ما أوصنى قال اهرب من خير الناس أكثر مما تهرب من شرهم فإن
٢٦

شرهم يصيبك فى بدنك وخيرهم يصيبك في قلبك ولأن تصاب
في بدنك خير لك أن تصاب في قلبك
من

وكأن هذا الكلام بيان سؤاله من الله اعوجاج الخلق عليه
فيضاف إلى تعليل الشيخ نفسه حينما قال
حتى
لا يكون لى ملجأ إلا إليك

ومما يمكن أن يذكر في ذلك أيضا أن أبا الحسن حينما
أوشك على فراق أستاذه قال له
يا سيدى أوصني فقال
يا على الله الله والناس الناس لزه لسانك عن ذكرهم وقلبك عن التماثيل من قبلهم وعليك بحفظ الجوارح وأداء الفرائض وقد تمت ولاية الله عندك ولا تذكرهم إلا بواجب عليك وقد تم ورعك وقل اللهم أرحنى من ذكرهم
هو
ومن العوارض من قبلهم ونجنى من شرهم واغنني بخيرك عن خيرهم وتولنى بالخصوصية من سيئهم إنك على كل شيء قدير أجل ذلك لم يكتب عنه المؤرخون وأكثر كتب الطبقات
ومن
الله
أغفله وذكره لا يكاد يوجد إلا عند المؤرخين للشاذلى رضى عنه أمثال ابن عطاء الله فى لطائف المنن ابن الصباغ
في درة الأسرار

ولكن كراماته الكبرى توجد في أمرين

تربيته للشاذلى وفى ذلك يقول أحد مؤرخيه هذه الكلمات
النفيسة الشاذلى درة فى جملة عقود نحره

ولما أخفاه الله فى عالم الشهود جعل تلميذه بدلاً عنه في
عالم الظهور العياني فكان التعريف بالتلميذ شرحا لخاصية الأستاذ في الحقيقة ولا سبيل إلى تصورها للتصديق بها إلا من تلك الطريقة إذ لم يثبت أن أحدًا لقيه سواه أو أن لأحد حديثا في حقه عن
غیره رواه
بعيد
أرشد إليه من العراق بعد أن ضرب يتطلب القطب في
الآفاق أنهما في النشأة
غير متباعد
C
من بلد واحد رأس كل منهما
ونسبتهما أيضا متحدة فالأستاذ من بنى الخليفة محمد بن إدريس رضوان الله عليهم فلولا أنه اخترق في طلب الخفاء السبع الطباق لما بلغ أبو الحسن في طلبه حد العراق وبعد
ما بينهما مسيرة بعض اليوم فى المحلة المتصلة بأطراف القوم قال القطب مولانا أبو الحسن على بن عبد الله عبد الجبار المدعو الشاذلي الحسنى الإدريس نفع الله به على نقل ابن الصباغ
رحمه
الله -

لما دخلت العراق اجتمعت بالشيخ الصالح أبي الفتح الواسطى فما رأيت بالعراق مثله وكان مطلبى على القطب فقال لى بعض
الأولياء
أنت تطلب القطب وهو ببلادك ارجع إلى بلادك تجده قال ابن الصباغ
فرجع إلى بلاد المغرب إلى أن اجتمع بأستاذه وهو الشيخ

الولى العارف الصديق القطب الغوث سيدى ا أبو محمد عبد السلام بن
بشيش الشريف الحسنى
ww
ورسم ابن بشيش حياة أبي الحسن فيما يستقبله من أيام وذلك أنه حينما انتهت مدة إقامة أبي الحسن عنده قال
له
فإن
يا على ارتحل إلى إفريقية واسكن بها بلدا تسمى بشاذلة الله عز وجل يسميك الشاذلى وبعد ذلك تنتقل إلى
أرض المشرق وبها ترث القطابة
بنور
رضی

إن هذا المنهج الذي رسمه ابن بشيش وهو ينظر إلى الغيب
الله
قد تحقق حرفيا

وتربيته للشاذلى إحدى كبرى كراماته ذلك أن الشاذلي عنه ربى وما زال يُربى أجيالاً
الله
إن طريقته التى انتشرت - شرقًا وغربًا – ما زال رجالها يتابعون الجهاد في سبيل الله بهداية الناس إليه وهى طريقة
تلتزم الشريعة وتلتزم الدعوة إلى العلم
وتلتزم - أسوة بزعمائها - الجهاد الحربي حينما يدعو الداعي كما فعل أبو الحسن وأتباعه فى معركة المنصورة التي كللها
الله
بنصر مؤزر
وتلتزم في كل ذلك الاقتداء برسول الله الله
وهؤلاء الملايين من أتباع الطريقة الشاذلية
وهم
أبناء

الشاذلي هم في الوقت نفسه - عن طريق الشاذلي أبناء
عبد السلام بن بشيش
إنها كرامة لابن بشيش كما هى كرامة للشاذلى وتسير الحياة بابن بشيش رخاء من قبل لقاء الشاذلي به
ومن بعده
لقد كان سعيداً بعبادته بصيامه بقيامه بفكره في خلق السموات والأرض
یروی
كان راضيا مطمئنا في بهجة بالأنس بالله ومن طريف ما مصورا هذه الحياة الراضية أن أبا الحسن - رضي الله عنه –
دخل عليه ذات
أنت
يوم مغارة
"
ويقول أبو الحسن
فأرعبت من هيبته فقلت
یا سیدی كيف حالك
فقال أشكو إلى الله من برد الرضا والتسليم كما تشكو
التدبير والاختيار من حر

فقلت يا سيدى أما شكواى من حر التدبير والاختيار
فقد ذقته وأنا الآن فيه

وأما شكواك من برد الرضا والتسليم فلماذا فقال أخاف أن تشغلني حلاوتهما عن
الله تعالى
لقد كان فى برد الرضا والتسليم بل كان يشكو إلى
الرضا والتسليم ولكن
الله
برد

وهنا نبدأ الحديث عن الكرامة الثانية
٢ - أما الكرامة الثانية فإنها التي أخرجت ابن بشيش من
خلوته وقفزت به من العزلة إلى صدر المجتمع هائجا مزمجرا أرأيت إلى الأسد الغضوب أرأيت إلى البطل يلقى بنفسه في خضم
المعركة مستميتا لا يهاب السيوف ولا يخشى الملاقاة لقد كان ذلك حال ابن بشيش حينما علم أن ابن أبي الطواجن الكتامي ادعى النبوة
لم يكتف ابن أبي الطواجن الكتامي بالقيام بثورة متزعما

وإنما خرج على الحكم مدعيا النبوة وأتى بحيل وألاعيب مدبرة محكمة ليظهر بها وكأنه صاحب معجزات وخيل إلى بعض السذج أن سحره حقائق
لقد
سحر أعين الناس واسترهبهم فاتبعوه
اتبعه البعض مخدوعا
واتبعه البعض طمعا وشهوة
واتبعه البعض رهبة
فعاث في الأرض فسادا قاتلاً سافكا مستحلاً
ما
حرم الله ولقد سار في تيار ادعاء النبوة كثيرون تقودهم نزعات عدة
فبعضهم سار فيها حسدًا للرسل وكبرًا وكان إمامهم مسيلمة
الكذاب

وكانت إمامتهم سجاح
تزوج مسيلمة سجاح

وتقاسما النبوة حينما
لقد سلمت له وسلم لها لقد سلما لبعضهما واتفقا على

أن يستمرا في المسرحية الكاذبة وفى الكذب الذي خال على بعض
الناس حتى هزمهم الله شر هزيمة
وبعضهم
أقامه الاستعمار نبيًّا
وقد بعث الاستعمار بنبيين بعثهما بالدعاية وبالمال الكثير أحدهما غلام أحمد القادياني
أحمد
كان عبدا عبيد الاستعمار وعميلاً له وخادما ذليلاً للانجليز من في الهند لقد كان عند المسلمين في الهند إباء وشمم وكانوا يحاربون الإنجليز في مهارة وبسالة مؤمنين بالجهاد فقام غلام يعلن أن الجهاد في الدين الإسلامي قد انتهى لقد ألغى الجهاد كمبدإ من مبادىء الإسلام ولكن الجهاد فرضه نبی مرسل فلا يلغيه إلا نبي مرسل فادعى النبوة وكان لا مناص من ادعاء النبوة لإلغاء الجهاد فما أتى به نبی لا ينسخه إلا نبي ماذا يفعل في قول القرآن الكريم عن الحبيب المصطفى وخاتم النبيين
لقد زيف لها تفسيرا وهي لا تحتمل التزييف لأن القرآن يتحدث عن هذا في غير موضع ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم تحدث عن
هذا وتحدث الصحابة ومن حكمة القراءات أن كلمة خاتم
في الكلمة القرآنية الكريمة قرئت بفتح التاء وقرئت بكسرها

فسدت كل منافذ الزيف والضلال
٣٢
ولقد ضمن الله حفظ القرآن

لقد
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ۱
ضمن
الله
سبحانه حفظه بالأسلوب الإلهى نفسه لم تتبدل
منه كلمة بكلمة ولا حرف بحرف
والقرآن هو الرسالة ومعنى حفظه أنه رسول دائم للإنسانية ولقد كانت حاجة الإنسانية إلى رسل تبشر بالتوحيد لأن كتب الرسل السابقين كانت تحرف وتبدل بعد انتقالهم إلى رحمة الله حتى إذا ما كانت إرادة الله فى ختم النبوات أنزل القرآن وضمن
حفظه فلم يعد هناك سبب ولا حاجة لبعث رسول جديد ولكن غلام أحمد ضرب بكل ذلك عرض الحائط وأطاع أسياده الإنكليز وادعى النبوة وألغى الجهاد ولقد أحسنت حكومة الباكستان كل الإحسان حينما أعلنت بعد دراسة محكمة - أن القاديانية أقلية غير إسلامية

وبعث الإنكليز نبيا آخر هو زعيم البهائية وقد ادعى النبوة هو الآخر وألغى الجهاد
وإلغاء الجهاد طابع مميز لعملاء الاستعمار البهائية يغمرها الاستعمار بأمواله ويغمرها برعايته بل وتغمرها إسرائيل برعايتها وعنايتها وذلك أنها تؤدى بخبث - كل ما يتطلبه اليهود في
العرب والمسلمين
التفرقة
6
۱ الحجر ٩
وإلغاء الجهاد

وكل حركة تقوم في العصر الحاضر تلغى الجهاد أو تؤجله
أو تربطه بشرط كذا أو كذا من شروط لا تتصل باستكمال الإعداد
والاستعداد فهى حركات يبعثها الاستعمار ويمولها في سخاء
6
لقد ختمت النبوات برسول الله وهذا الاعتقاد من فروض

العقيدة الإسلامية وكل من يقوم مدعيا النبوة يجب على المسلمين
مقاومته
ومن
هنا كانت ثورة الإمام ابن بشيش على ابن أبي
الطواجن
لقد حمل ابن بشيش على ابن أبي الطواجن وعلى أتباعه بالمنطق وبالأدلة الدينية لقد حمل عليهم بالقول والعمل حملات شعواء حفزتهم على الكيد له وتدبير مؤامرة لقتله ليتخلصوا من
حملاته
لقد أرادوه على السكوت فلم يسكت لم يسكت مع الترغيب
ولم يسكت مع الترهيب وأدى حق
المنكر

في الوقوف في وجه
وانتهت به الحياة غيلة فى سنة ٦٢٣ ۱ تقريباً فكان شهيد الذود عن الإسلام وعن شريعة الله آخر الشرائع وخاتمة
الرسالات
ويقول الإمام الشاذلي إنه حين أقام عنده رأى له
۱ هناك اختلاف لدى المؤرخين فى سنة استشهاده قال البعض سنة ٦٢٢ هـ وقال آخرون سنة ٦٢٣ هـ وقال فريق ثالث سنة ٦٢٥ هـ وهى تواريخ متقاربة

خوارق عادات وكرامات
فمنها

مثلا

رسمه الحياة أبي الحسن من الذهاب إلى
تونس وغضب السلطان عليه فيها ثم الذهاب إلى مصر ووراثة القطبانية بها ومنها كما يقول أبو الحسن نصا
كنت يوماً جالسا بين يديه وفى حجری ابن له صغير
الله
قال
يلعب فخطر لى أن أسأله عن اسم العظيم الأعظم فقام إلى الولد وأمسك بيده في طوقي وهزني وقال يا أبا الحسن إنك أردت أن تسأل الشيخ عن اسم الله الأعظم ليس الشأن أن تسأل عن اسم الله الأعظم إنما الشأن أن تكون أنت هو اسم الله الأعظم يعنى أن سر الله مودع في
قلبك
قال فابتسم الشيخ وقال لى جاوبك فلان عنى وكان إذ
ذاك قطب الزمان

بين الطريقة والطريق
يمكن أن يقال إن طريقة الإمام ابن بشيش هي طريقة الإمام
الشاذلي ولكن يمكن أن يقال من زاوية – من النظر – أخرى إن عبد السلام رضى الله عنه له طريق وليس له طريقة

إنه كان مبتعدا عن الناس لا يعطى عهوداً ولا يكلف أورادًا ولا أحزابا فلم يؤسس طريقة وإنما كان في كل لحظة
يرسم
من لحظات حياته الطريق وطريقه هو الطريق الشرعي
عما

وجوهر هذا الطريق وهو الصلاة على الرسول بعد الانتهاء
نهی
الله

عنه والقيام بما فرض الله تعالى ونحن نبدأ هنا مباشرة بذكر الصلاة البشيشية نذكرها أولا جملة ثم نذكر شرحًا لها مختصرا من شرح الشيخ الصاوى وهو العالم الجليل الذى ألف كتبا من أنفسها تعليقه على تفسير
الجلالين وفيه الكثير من الإشارات الإلهامية التي توضح بعض معانى
الآيات الكريمة
وها هي الصلاة البشيشية
اللهم صل على من منه انشقت الأسرار وانفلقت الأنوار

وفيه ارتقت الحقائق وتنزلت علوم آدم فأعجز الخلائق وله تضاءلت
٣٦

الفهوم
6
فلم يدركه منا سابق ولا لاحق فرياض الملكوت بزهر جماله مونقة وحياض الجبروت بفيض أنواره متدفقة ولا شيء إلا هو به منوط إذ لولا الواسطة الذهب - كما قيل - الموسوط صلاة تليق بك منك إليه كما هو
أهله
اللهم إنه سرك الجامع الدال عليك وحجابك الأعظم القائم
لك بين يديك
اللهم ألحقني بنسبه وحققنى بحسبه وعرفني إياه معرفة أسلم بها من موارد الجهل وأكرع بها من موارد الفضل واحملني على سبيله إلى حضرتك حملاً محفوفا بنصرتك واقذف بي على الباطل فأدمغه وزج بي في بحار الأحدية وانشلني من أوحال

التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة حتى لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أحس إلا بها واجعل الحجاب الأعظم حياة روحى وروحه سر حقیقتی وحقيقته جامع عوالمي

يا أول يا آخر یا ظاهر یا باطن اسمع ندائى بما سمعت به نداء عبدك زكريا وانصرني بك لك وأيدنى بك لك واجمع
بيني وبينك وحل بينى وبين غيرك
الله الله الله
إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ۱
ربنا آتنا
من
۱ القصص ٨٥
لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ٢
الكهف ۱۰

إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما كه ۱
وهذا شرح الصلاة اختصرناه من شرح الإمام الصاوى العالم العارف صاحب التعليق المشهور على تفسير الجلالين وفيه من الإلهامات الكثير يقول الإمام الصاوى
ثم شرع في صلاة بحر الحقائق والعلوم سيدى عبد السلام ابن بشيش بالباء الموحدة والميم - فقال
به
>>

اللهم صل ارحم رحمة مقرونة بالتعظيم
على من الموصول عائد على النبي وأبهمه للعلم وإشارة إلى مزيد تعظيمه لأن الإبهام قد يؤتى به للتعظيم
كما في قوله تعالى
فغشيهم من اليم ما غشيهم
الحاقة ما الحاقة ۳
القارعة
ما القارعة ٤
منه انشقت الأسرار صلة من أي انفتح باب الأسرار وهي جمع سر ضد الجهر والمراد اتضح به كل ما كان خفيًا
1 الأحزاب ٥٦
طه ۷۸ ۳ الحاقة ۱
٤ القارعة ۱
۳۸

34

وانفلقت الأنوار أى انفتح باب الأنوار الحسية والمعنوية وتعبيره أولاً بانشقت وثانيا بانفلقت تفنن دفعا للثقل وفيه ارتقت الحقائق أى فى المصطفى ظهرت حقائق الأشياء
فهو بمنزلة السماء والحقائق بمنزلة الكواكب وتنزلت علوم آدم أى وفيه نزلت علوم آدم
والمراد بعلوم آدم علم جميع الأسماء
فأعجز بذلك الملائكة حيث أمرهم الله تعالى بقوله جل ذكره
لا أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 1
فعجزوا فقال
له يا آدم أنبئهم بأسمائهم لله
فجميع العلوم التي نزلت على آدم نزلت على المصطفى
وزاد علم حقائق المسميات
فأعجز
جميع
الخلائق أي المخلوقات ملائكة وغيرهم حتى آدم فعلم آدم لم يعجز إلا الملائكة وعلمه أعجز الأولين والآخرين وله تضاءلت الفهوم أى تصاغرت أفهام الخلائق عن إدراك حقيقة النبى ولذلك قال الله لا يعلمني حقيقة غير ربي
وهذا معنى قول البوصيري
۱ البقرة ٣١
البقرة ۳

أعيا الورى فهم معناه فليس يرى للقرب والبعد فيه غير منفحم
>>
ولذلك علله بقوله
فلم يدركه منا سابق ولا لاحق
أي معشر المخلوقين من أول الزمان إلى آخره فلم يقف له أحد على حقيقة فى الدنيا أما في الآخرة فتدرك حقيقته لكشف
الحجاب عن الخلائق قال البوصيرى
إنما مثلوا صفاتك للنا س كما مثل النجوم الماء
وقال في البردة
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته قوم نيام تسلوا عنه بالحلم فرياض الملكوت بزهر جماله مونقة إضافة الرياض إلى
ما بعده من إضافة المشبه به للمشبه
والرياض جمع روضة بمعنى بساتين
والملكوت ماغاب عنا كالجنة والعرش والكرسى وإضافة زهر للجمال من إضافة المشبه به للمشبه أيضاً والزهر في الأصل اسم للنور الذي يكون في البساتين
ومونقة مزينة فشبه تزيينه للملكوت بتزيين الزهر للرياض فكما أن البساتين مزينة بالزهر فالملكوت مزين بجماله
وحاصل ما في المقام أن العوالم أربعة
عالم الملك وهو ما ظهر لنا

وعالم الملكوت وهو ماغاب عنا من المحسوسات كالجنة والنار والعرش والكرسى
وعالم الجبروت وهو عالم الأسرار والعلوم والمعارف
وعالم العزة وهو ما اختص به من علم ذاته وصفاته وحياض الجبروت بفيض أنواره متدفقة جمع حوض
وهو في الأصل محل صب الماء
الأسرار والعلوم

والباء في بفيض بمعنى من
وتقدم أن الجبروت هو عالم
والتدفق الامتلاء فشبه قلوب العارفين بالحياض وشبه علومه بالبحر فتلك الحياض أي القلوب متدفقة ممتلئة من ذلك البحر
الذي هو علم النبيل

ولا شيء إلا وهو به منوط أي معلق
إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط هذا علة لقوله
ولا شيء إلا هو به منوط
وليس المراد من قولنا قيل صيغة التضعيف وإنما المراد النسبة أى كما قال العارفون قولاً قوياً يعتمد عليه ومنه قول
بعضهم

وأنت باب الله أى امرى أتاه من غيرك لا يدخله صلاة تليق بك منك إليه كما هو أهله صلاة مفعول مطلق لقوله صل
٤١

وما بينهما اعتراض
وقوله تليق بك أي بجنابك وإحسانك
ومنك إليه أى واصلة منك إليه
وقوله كما هو أهله الكاف تعليلية أى لأجل أنه أهله لأنه
لا يعرف قدره إلا أنت
اللهم

أي يا الله
إنه أي المصطفى
سرك
أي المسمى بهذا الإسم
الجامع أى لجميع ما تفرق فى غيره من الكمالات والعلوم
والمعارف والبركات والمعجزات
الله

الدال عليك أى الذى يدل الخلائق ويوصلهم إليك وحجابك الأعظم أى المانع الأعظم فهو حجاب بين وبين خلقه فلا يمكن أحدا الوصول الله إلا بواسطته أو حجاب
بمعنى مانع المضار الدنيوية والأخروية عن أمته والأعظم صفة الحجاب
ووصفه بالأعظم لأن الأنبياء حجب أيضا لأممهم فهو أعظمهم
وكذا الشيخ حجاب تلاميذه فتلك
هو الحجاب الكلى
خاصة
والمصطفى
القائم لك بين يديك أي الداعي الخلق إليك بك من
٤٢

غير واسطة بينك وبينه والمراد أنه قائم بحضرة القرب المعنوى
منهمك في طاعتك۱

۱ ولا يقتصر تعظيم المصطفى صلى الله عليه وسلم على أمثال الشيخ بل لقد بهرت عظمته صلى الله عليه وسلم كبار المفكرين من غير المسلمين فقد كتب الأستاذ أحمد خاکی فى مجلة الكتاب الجزء العاشر من السنة الخامسة مقالاً عن محمد مسرحية حاول كتابتها برنارد شو ومما قال فيه أما المثل الأعلى للشخصية الدينية عنده فهو محمد صلى الله عليه وسلم فهو يتمثل في النبي العربي تلك الحماسة الدينية وذلك الجهاد في سبيل التحرر من السلطة وهو يرى أن خير ما في حياة النبي أنه لم يدع سلطة دينية سخرها في مأرب دنيوى ولم يحاول أن يسيطر على قلوب المؤمنين ولا أن يحول بين المؤمن وربه ولم يفرض على المسلمين أن
يتخذوه وسيلة الله تعالى
لسنا ندرى على التحقيق في أى الكتب درس برناردشو تاريخ النبي ولا التطور العقلى الذي درج فيه حتى وصل إلى هذه المبادئ لكن لعله قد نقل الفكرة - أول ما نقلها - عن توماس كارليل حين اتخذ حياة النبي مثلاً لبطولة الرسل والأنبياء ولعله بعد ذلك قرأ حياة النبى فى بعض ما كتبه المستشرقون أن شيئًا واحدا يثبت عندنا من كل ذلك هو أنه قرأ القرآن الكريم قراءة الفاحص الدارس وتشبع بروح القرآن الكريم فى كثير مما كتبه عن النبي وعن الإسلام كان برناردشو معجباً بالنبي وكان يرى فى حياة الجهاد التي عاشها النبي شبها بالحياة أراد هو نفسه أن يعيشها وبلغ به الإعجاب أن حاول قبل سنة ١٩١٠ أن
على
المثالية التي
يكتب مسرحية عن محمد
إنه يعلم أن التمثيل أقوى أنواع الدعاية وأن كتابة المسرحية أسمى أنواع الفن فلا عليه بعد ذلك إذا حاول أن يصور بطله الديني في مسرحية عامة ثم هو يعلم أيضا أن المسرحية لا تكتب لتمثل فقط ولا ليراها الناس فحسب بل يعلم إلى ذلك أنه سيكتب للمسرحية مقدمة وسينشر في هذه المقدمة آراءه الدينية من حيث الكفاح في سبيل حرية الرأي
ومن حيث الخلاص من التعصب الأعمى ومن حيث التحرر من استعباد السلطة لقد أراد أن يكتب مسرحية محمد ليلقى بآرائه هذه في صعيد واحد حينما بدت منه هذه الرغبة جابهته التقاليد التي درجت عليها إنجلتره في مسائل المسرح ففى إنجلتره وظيفة ورثها البلاط الانجليزى من عهد الملكة اليزابث وعلى صاحب =
٤٣

ولما استحضر عظمة المصطفى ل الله بتلك الأوصاف المتقدمة التي لم تكن لمخلوق سواه تضرع لربه بقوله
اللهم أي يا الله
ألحقني أوصلني
بنسبه هو دين الإسلام ولذا قال آل محمد كل
وحققنى بحسبه المراد بالحسب هنا التقوى أي ارزقنا تقواك بطاعتك وطاعة رسولك فأكون محققا بها فإن الحسب ما يفتخر به من مكارم الأخلاق قال تعالى
وإن أكرمكم عند الله أتقاكم الحجرات ۱۳
وقال البوصيري في حق آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم سدتم الناس بالتقى وسواكم سودته البيضاء والصفراء وعرفني إياه أى يا الله عرفني ذلك الحبيب
معرفة مفعول مطلق لقوله عرفنى
= هذه الوظيفة أن يقرأ كل مسرحية قبل تمثيلها وعليه بعد ذلك أن يصادق
عليها أو يلغيها
وتقدم برناردشو برغبته فى كتابة مسرحية عن محمد إلى صاحب هذه الرقابة لكن صاحب الرقابة رفض التصريح له بذلك وقال في رفضه إنه لا يجوز يمثل النبي العربي على خشبة المسرح فقد يحتج على ذلك السفير التركى وقد يؤدى ذلك إلى الجفوة بين إنجلترا وتركيا ولعل صاحب الرقابة قد أخذ رأى السفير التركي ولعل السفير التركي - هو الذي أبدى امتعاضه لمجرد التفكير في تمثيل النبي لأنه أسمى من أن يكون موضوعا
للتمثيل

الماء
أسلم بها أي بسبب تلك المعرفة
من موارد الجهل الموارد جمع مورد وهو مكان ورود
والجهل ضد العلم والمراد الجهل الضار في الدين فشبه
الجهل بماء من سم فكما أن السم مهلك للأبدان فالجهل مفسد
للأديان
وأكرع أشرب
بها أي بتلك المعرفة
من موارد الفضل ضد الجهل فقد شبه العلم النافع بالماء الزلال بجامع أن كلافيه حياة فإن العلم فيه حياة القلوب والأرواح والماء فيه حياة الأجساد والأشباح
واحملني على سبيله إلى حضرتك حملاً محفوفا بنصرتك
الحمل في الأصل
هو الركوب
والسبيل الطريق
فقد شبه الطريق بداية تركب إلى دار الملك وطوى ذكر المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو الحمل
والمعنى اسلك بي طريقته واجعلني عاملاً بشريعته من كل عائق حتى أصل إليك بعنايتك
محفوظا
واقذف بي على الباطل فأدمغه أي اجعل الحق معى فأذهب به إلى الباطل فأدمغه قال تعالى بی
ومصحوبًا

بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ۱
الباطل كل ما شغل عن الله تعالى
والمعنى اجعلني مهديا في نفسي مهديا لغيري
وزج بي في بحار الأحدية أى أدخلني في توحيد الأحدية
الشبيه بالبحر وهو الفناء عن سوى الذات العليا فلا يشهد سواها
في ظاهره وباطنه
C
ويقال لصاحبها هو في مقام الفناء وفي
عين الجمع المعبر عنه بتجريد التوحيد وانشلنی أي خلصنى سريعاً من أوحال مخاوف
التوحيد إنما قال ذلك عقب قوله زوج بی الخ لأن صاحب الفناء إن لم تدركه العناية أنكر ثبوت الآثار ومنها
الرسل وما جاءوا به والعالم برمته

ومعنى تخليصه من تلك الأوحال نقله لمقام البقاء فلذلك قال وأغرقنى أى واجعلنى مستغرقًا
في عين ذات
بحر توحيد

صاحبه
الوحدة وهو شهود الذات متصفة بالصفات ويسمى في مقام البقاء وفى مقام جمع الجمع فيستدل على الصنعة بالصانع لكونه لا يشهد إلا الله وصفاته والصنعة آثار صفاته فلذلك قال
1 الأنبياء ١٨
2

حتى لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أحس إلا بها فيكون
جامعا بين مقام الفناء ومقام البقاء كمن أحيى بعد الموت وقال العارف بالله سيدى محمد بن وفا رضى الله عنه وبعد الفنا في الله كن كيفما تشا فعلمك لاجهل وفعلك لاوزر
تنبيه
قد علم مما تقدم من قوله واحملني على سبيله إلى ثلاثة مقامات مقام المحجوبين السائرين إلى الله المستدلين بالصنعة على الصانع أفاده بقوله واحملني على سبيله إلى حضرتك إلى
آخره

ومقام أهل الفناء المحض الذين غرقوا في توحيد الأحدية فلم يشهدوا سوى ذات الله تعالى وقد أفاده بقوله وزج بي في بحار الأحدية
ولما كان مقام سكر وخروج عن طور البشرية وعن حد
التكليف قال وانشلني الخ

ومقام أهل البقاء بعد الفناء وهم الذين يشاهدون الصنعة بوجود
الصانع لكونهم شهدوا قبل كل شيء ذات مولاهم وصفاته وأسماءه وقد أفاده بقوله وأغرقنى في عين بحر الوحدة الخ
وهذا معنى حديث
لا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته

كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي
يبطش بها ورجله التي يمشي بها إلخ
٤٧

فأشار في الحديث إلى مقام السائرين بقوله ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل
وإلى مقام الفناء المحض بقوله حتى أحبه
وإلى مقام البقاء بقوله فإذا أحببته كنت سمعه الخ ومعناه
ويده
كنت مشهوده قبل سمعه ومسموعه وبصره ومبصره وبطشها ورجله ومشيها لكونه يشهدنى قبل كل شيء وهذه آثارى لا ترى له إلا بعد شهودي وهو معنى قول بعض العارفين عن الحضرة العلية
تلك آثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا إلى الآثار
فقوله تلك آثارنا أمرنا بالسير لمن يستدل بالصنعة على الصانع وقوله فانظروا بعدنا أى بعد الفناء فينا بسيركم إلينا إلى الآثار أي فاشهدوا آثارنا بعد شهودنا وهذا مقام البقاء وهذا المعنى هو الذي قال فيه سيدى عبد الغني النابلسي كل شيء عقد جوهر حلية الحسن المهيب ولما كان كمال العبودية وكمال التوحيد والمعرفة لا
إلا بالاستقاء من يد المصطفى قال واجعل الحجاب الأعظم حياة روحي
المراد بالحجاب هو المصطفى كما تقدم أنه الأعظم والبرزخ الكلى وبغير ذلك
يتم
لصاحبه
يسمى
الحجاب
والمعنى مد روحى من النبي كما تمد العود الأخضر عند الماء فكما أن المياه حياة الأبدان والنباتات هو حياة الأرواح
٤٨

وروحها فالأرواح التي لا تشاهده ولا تستقى منه كأنها أموات وهى أرواح أهل الكفر والعصيان
الأعلى
وروحه سر حقيقتي أي اجعل روحه ذاكرة لإنسانيتي في الملا وجد لى بكل خير لأني إذا لم يتوجه إلى خسرت وندمت وحقيقته جامع عوالمي أي اجعل كل أجزائى مشغولة به ظاهرًا وباطنا ولا أتعلق بغيره بل أكون تابعا له في كل ما أمر
عنه
10
به
ونهى عنه كما قال أبو الحسن الشاذلي رضى الله لو غاب عنى رسول الله الطرفة عين ما عددت نفسي
من المسلمين
بتحقيق الحق الأول أى العهد الأول يوم ألست بربكم يحتمل أن تكون الباء للقسم والمعنى أقسم عليك يارب بتحقيق الحق الأول أن تستجيب لي ما دعوتك به
ويحتمل أن الباء للمصاحبة متعلقة بالدعوات المتقدمة من قوله وزج بي إلى هنا فيصير المعنى زج بي في بحار الأحدية زجة موافقة لتوحيدي الأول وانشلني من أوحال التوحيد نشلة مصاحبة للتوحيد الأول وأغرقنى فى عين بحر الوحدة غرقة موافقة للتوحيد الأول واجعل الحجاب الأعظم حياة روحى جعلاً مصاحبًا للتوحيد الأول وهكذا
يا أول الذي ليس قبله شيء أو الذي لا افتتاح لوجوده يا آخر الذي ليس بعده شيء أو الذي لا انقضاء لوجوده يا ظاهر الذي ليس فوقه شيء أو الذي ظهر بصنعه وأفعاله

يا باطن الذي ليس دونه شيء أو الذي تحجب عنا بجلاله
اسمع ندائی سماع قبول وإجابة
بما سمعت به نداء عبدك زكريا أي بمثل ما سمعت به نداء عبدك زكريا حيث قال رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ۱ قال تعالى
فاستجبنا له ووهبنا له يحيى الله داری عليهما الصلاة والسلام

وإنما خص زكريا دون غيره من الأنبياء لأنه طلب أمرًا
عظيما وهو يحيى عليه السلام فورثه في النبوة والعلوم والمعارف فطلب الشيخ من الله أن يهبه خليفة وارثا له مثل خليفة زكريا فأعطاه الله القطب الكبير أبا الحسن الشاذلى
فورثه في الطريق والعلوم والمعارف وانصرني بك أي قوني بحولك وقوتك لك أى لوجهك لا لأغراض نفسى
وأيدني بك أى بسر من عندك قوة إيمان وصبر على البلاء بحيث تصير البلايا عطايا فأصير شاكرًا على السراء حامدا على الضراء
لك أي لمرضاتك
واجمع بيني وبينك أى أزل حجاب الغفلة وكل شاغل يشغلني
عنك ولا تحجبنى عن مشاهدتك طرفة عين
۱ الأنبياء ۸۹
الأنبياء ٩٠

وحل بيني وبين غيرك من كل قاطع يقطعنى عنك فالجمل الأربع متقاربة والدعاء محل إطناب
ثلاثا
الله الله الله كرره ثلاثاً إشارة إلى أن المراتب ثلاثة توحيد الأفعال والصفات
وقيل الحكمة في ذلك أن النبي عليل اللي كان يلقن أصحابه الذكر
وقيل الحكمة في ذلك أن درج المنبر النبوى ثلاث فكان النبي الا الا الليل كلما صعد على درجة قال الله فاقتدی به
وقيل في الحكمة في ذلك أن الله وتر
وقيل الحكمة فى ذلك أن النفوس ثلاثة أمارة ولوامة
ومطمئنة
فإذا قال الله أولاً
خرج من
الأمارة
وإذا قال الله ثانيا خرج من اللوامة
وإذا قال الله ثالثًا وصل إلى المطمئنة
إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ۱ الحكمة في ذكر الآية أن الآية قيلت للنبي فكأن المصنف يقول أصدقت وعد حبيبك فأصدق وعدى بأن تلحقني به لدنك رحمة أي أعطنا رحمة من عندك من
ربنا آتنا
1 القصص ٨٥
۵۱

وهيء لنا من أمرنا رشدا أى
لنا والرشاد ضد الضلال يسر
والغى
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا
عليه وسلموا تسليما ۱
الصيغة

ختم بهذه الآية دليلاً لصلاته فكأنه يقول إنما وضعت تلك وصليت بها على النبي وذكرته بتلك الأوصاف لأن الله وملائكته يصلون على النبي والمؤمنون – جميعا – مأمورون بذلك فإقتديت به وامتثلت لأحوز الشرف
ونعود إلى الطريقة والطريق عند ابن بشيش
يقول الشيخ أبو الحسن دخل رجل على أستاذي فقال
له وظف لى وظائف وأورادا

فغضب الشيخ منه وقال له
رسول أنا ! أوجب الواجبات
النساء
الفرائض معلومة والمعاصى مشهورة فكن للفرائض حافظاً وللمعاصى رافضًا واحفظ قلبك من إرادة الدنيا وحب وإيثار الشهوات واقنع من ذلك كله بما قسم لك إذا خرج لك مخرج الرضا فكن الله فيه شاكرا وإذا
وحب الجاه
خرج
لك مخرج السخط فكن عنه صابرا
وحب
C
الله
الله
قطب
تدور عليه جميع الخيرات وأصل جامع للأنوار والكرامات
1 الأحزاب ٥٦
۵

و مصدر ذلك كله أربعة

من

صدق الورع وحسن النية وإخلاص العمل ومحبة العلم ولا تتم لك هذه الجملة إلا بصحبة أخ صالح أو شيخ ناصح ذلك نرى الشيخ لا أورادا ولا أحزابا ويبدأ يوجب
أن
بالأساس والأساس أمور

1 - أداء الفرائض والفرائض معلومة إنها من البداءة في
الجو الإسلامي ومع أداء الفرائض يجب رفض المعاصى جملة

والمعاصي مشهورة معروفة وأداء الفرائض ورفض المعاصى هو التقوى ويقول الله تعالى في حديث قدسي وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى من أداء ما افترضته عليه ولقد سئل أحد الصحابة رضوان الله عليهم عن التقوى فقال للسائل
أما سرت في طريق فيه شوك

قال نعم سرت

قال له ماذا فعلت
قال شمرت واجتهدت
قال فذلك هو التقوى
إنها تشمير عن المعاصي واجتهاد في الطاعات
فإذا ما فعل الإنسان ذلك حقق التقوى وإذا ما حقق التقوى
أصبح في رعاية الله
الله
ومن يتق ا
1
0
يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
۱ الطلاق ٢ ٣

هی
أداء الفرائض واجتناب النواهى هناك أمور ومع لهذا الإجمال إنه يقول واحفظ قلبك من إرادة الدنيا
كالتفصيل
والدنيا في الجو الإسلامي يفسرها آيات القرآن الكريم من
يقول تعالى
زين للناس حب الشهوات النساء
من

والبنين
6

والقناطير
المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث
ذلك متاع الحياة الدنيا والله
ويقول سبحانه
عنده حسن الماب کی ۱
و إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة
من
الله
ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور
ويقول رسول الله
إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر
كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ٣
وقال وهو يقرأ ألهاكم التكاثر
1 ال عمران ١٤
الحديد ۰
۳ رواه مسلم والنسائي

٥٤

يقول ابن آدم مالی مالی وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت ۱
وروى ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح عن
الله
سهل بن سعد رضی عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء
وروى مسلم عن المستورد قال قال رسول الله ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم فلينظر بم يرجع
ومن جو القرآن ومن جو السنة نعلم أن كل ما اتصل بالشهوات والنزعات والأهواء إذا خرج عن حدود الشرع فهو الدنيا المحرمة أما الثراء الحلال وأما الاستمتاع الحلال فليس من الدنيا المحرمة اور قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ٢
وحينما نصح أهل التقوى والصلاح قارون لم يقولوا له
تخل عن المال والثراء وإنما قالوا
وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا
۱ رواه مسلم
الأعراف ٣٢

وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله
لا يحب المفسدين 1
وفي هذه المعاني يقول رسول الله الله
نعم المال الصالح للرجل الصالح
ويقول فيما رواه أحمد والبخارى عن أبى هريرة رضى
الله
عنه
لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال ليتنى أوتيت مثل ما أوتى فلان فعملت مثل ما يعمل ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل ليتنى أوتيت مثل ما أوتى فلان فعملت مثل ما يعمل
النساء والرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه أحمد
- وحب والشيخان وغيرهم عن
صنفان
أسامة
"
رضی الله
عنه
ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء
ويقول فيما رواه أحمد ومسلم عن
أهل النار لم أرهما بعد من
أبي هريرة رضى
الله
عنه
قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن
الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا وعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول الله لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً
۱ القصص ۷۷

يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا معها أبوها أو أخوها أو زوجها
أو ابنها أو ذو محرم منها ۱
وروى أبو داود والترمذي عن
أبي
موسی رضی
الله عنه عن
النبي قال
كل عين زانية والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية وروى ابن ماجه عن عائشة رضى الله عنها قالت بينما رسول الله الله جالس في المسجد دخلت امرأة من مزينة
ترفل في زينة لها في المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس انهوا نساءكم عن لبس الزينة والتبختر في المسجد فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبس نساؤهم الزينة و تبختروا في المسجد
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة لعنوا في الدنيا والآخرة وأمنت الملائكة
رجل جعله الله تعالى ذكرًا فأنت نفسه وتشبه بالنساء
وامرأة جعلها الله تعالى أنثى فتذكرت وتشبهت بالرجال
والذي يضل الأعمى ورجل حصور ولم يجعل الله تعالى حصوراً إلا يحيى بن
زكريا
۱ رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه
۵۷

وروى البخارى ومسلم والترمذي عن عقبة بن عامر أن رسول الله قال إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار
أفرأيت الحم قال الحم الموت
عن
وقال في رواية البخارى ومسلم
لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم
والواقع أنه لابد من كلمة صريحة فى هذا المجال كلمة بعيدة
القصد السيئ وعن التشويه والزيف
C
إن اختلاط النساء بالرجال والشباب بالفتيات وخلوة النساء بالرجال والشباب بالفتيات من أخطر الأمور على الرجال والنساء على حد سواء وإنه ما من خلوة لرجل بأنثى إلا كانت عواقبها وخيمة إذا تعددت بل حتى إذا لم تتعدد وإن كل من يرى ما يحدث ويتحدث عنه الخاص والعام وتلوكه الألسنة لمما يوجب الحرص الشديد في هذه الصلات وعلى الآباء والأمهات آباء الشباب وأمهاتهم وآباء الفتيات وأمهاتهن وعلى الأزواج والزوجات أن يوقنوا بالآثار السيئة للاختلاط
وإذا كان المجتمع يتساهل عادة مع الشباب فإن جرمهم ليس الفتاة التي تسقط وكل ما يقال عن الحرية في هذا
بأقل من جرم
المجال إنما هو
فتنة وهو دعوة إلى الرجس
وانظر إلى أي مدى يقول الشعراء عن تجربة فيما يبدو في
۱ الحم أبو الزوج ومن أدلى به كالأخ والعم وابن العم
۵۸

وصفهم لنتائج الاختلاط وآثار الخلوة يقول بشار ونعوذ بالله
مما يقول
لحم
لا يؤيسنك من مخدرة قول تغلظــه وإن جرحا والصعب يمكن بعدما جمحا النساء إلى مياسرة عسر ويقول غيره ونعوذ بالله مما يقول
إن النساء وإن وصفن بعفة فيما يظاهر في الأمور ويكتم أطاف به سباع جوع ما لا يزاد فإنه يتقسم اليوم عندك دلها وحديثهـــا وغدا لغيرك كفها والمعصم كالخال يسكنه وتصبح غاديا ويحل بعدك فيه من لا تعلم ولقد ابتلينا بالاختلاط في الجامعات وابتلينا بالداعين إلى الاختلاط حتى في المدارس الثانوية وهم بذلك ييسرون مهمة
إبليس
ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ۱
ونحن لسنا ضد تعليم الفتاة وإنما ندعو إلى جامعات للفتيات أو كليات ككلية بنات جامعة عين شمس وكلية البنات
الإسلامية

ومهما قيل عن هذه الكليات ومهما أشاع ذوو الأغراض الخبيثة فإنه مما لا شك فيه أن الضرر في هذه الكليات أخف من
في الكليات المختلفة
1 الحجر ٣٩ ٤٠
الضرر
۵۹

فليتق
الداعون إلى الاختلاط وليتكاتف أهل الطهر والصفاء حتى تكون فتياتنا ونساؤنا بمعزل عن كل ما يمكن أن
فيما لا يحمد عقباه
يزج بهن
إنها لكلمة صريحة رأيت أنه لابد من إعلانها حتى لا نكون في عداد من يرون المنكر فيسكتون عنه وعلى أجهزة الإعلام تقع المسئولية الضخمة فى هذا المجال وبصفة خاصة الصحافة ۱
۱ حرية الصحافة
الصحافة حرة في حدود القانون
هي حرة فى حدود الدستور
لكنها من قبل ذلك ومن بعده حرة في حدود الإسلام
ثم هي من قبل ذلك ومن بعده حرة في حدود الأخلاق
على
أن القانون والدستور قائمان على أن دين الدولة الإسلام وعلى أن الخلق أساس المجتمع وعلى أن كل تيار يهوى بأفراد المجتمع نحو الشذوذ والانحراف انما هو تيار آثم نقول ذلك بمناسبة الحديث عن حرية الصحافة والحديث عن أدب الجنس مما لا شك فيه أن أدب الجنس لا يرتبط بالخلق الكريم إلا بالرباط العكسي وأن الرجل الكريم على نفسه وعلى الله لا ينحدر إلى هذا المستوى المكشوف الذي لا يتمثل فيه السمو الروحى وإنما تتمثل فيه الغريزة الشهوانية الجنسية فى أحط مظهر يمكن أن تظهر فيه هذا الأدب الجنسى يجد رواجًا لدى المراهقين وهذا الرواج معناه ثروة طائلة للمؤلف
ومن أجل ذلك من أجل المال المكتسب بطريق خبيث يكتب الكتاب المنحرفون عن
الجنس
أدب
هؤلاء الكتاب لا يعرفون المثل العليا ولا المبادئ الشريفة وإنما كل همهم المال من أجل اللذات ومن أجل الجنس أما الوطن ومصلحته وأما إفسادهم المراهقين ونشرهم الفساد متأثرين بأدب الجنس فذلك لا يثير ضميرهم المنحل في كثير ولا قليل لقد سارت فرنسا في هذا الاتجاه بعد الحرب العالمية الأولى كانت النتيجة أن دمرتها ألمانيا في أيام معدودة ولقد أعلن زعيمها المريشال بيتان إذ ذاك السبب في انهيارها فلم يكن إلا تطبيق أدب الجنس والسير وراء كتاب أدب الجنس لتحقيق مثلهم السافلة هؤلاء =

خوفا
ولقد وصل الأمر بكثير ممن يرون هذا المنكر أن لا ينبثوا بكلمة أن يتهموا بالرجعية أن من ينكر الاختلاط
من
والخلوة إنما يعبر عن رأى الدين
مع

كل
ويعلن الوضع الإيماني الصادق

ولقد تحدث الإمام ابن بشيش أكثر من مرة عن البعد عن النساء ونرجو أن تكون كلماته شعارًا للصوفية على وجه الخصوص

وللمسلمين على وجه العموم ولقد تحدث هذا في أيام كانت عن النساء فيها كاسيات فما بالك بنساء اليوم وهذا التبرج الفاضح وهذا الاندفاع في تيار الفتنة دون نظر للعواقب وكثير من وسائل الإعلام تشجع وتثير الغرائز ولا ضمير ولا حساب للدين ولا مراعاة للفضيلة وما يقال من الصداقة البريئة بين ذكر وأنثى زيف وخداع والحب العذري في زمننا خرافة
اشد
الكتاب مثلهم فى الوطن كمثل الميكروب الخبيث بل إن خطرهم وكما تحارب الدولة الميكروب فتقضى عليه بالوسائل المناسبة فكذلك الأمر بالنسبة لهؤلاء الكتاب الذين تتمثل فيهم العداوة الكاملة للفضيلة وبالتالي للوطن لا يجوز قط أن تتخذ حرية الصحافة دعامة ليقول للكاتب ما يشاء فإن مقدسات الأمة إذا هدمت بالأقلام الخبيثة فإن مصير الأمة إلى الانهيار على هذا يجب فى منطق الأخلاق والوطن ولمصلحة الأخلاق والوطن – أن تضرب الدولة بيد من حديد على كل من يعيث فسادا في مقدساتها أخلاقا ودينا مسميا الدعوة السافرة إلى الانحلال أدبا وما هى إلا انعكاسات نفس ضحلة ظهرت على قلم كاتب لا يمت إلى الفضيلة بصلة

رجاؤنا إذا حفاظا على الدين والأخلاق والوطن وإنقاذا للمراهقين – أن تكون في الدولة رقابة خاصة بالكتب والصحف ووسائل الإعلام تراعى المثل العليا والمبادئ الشريفة وبالله التوفيق
1

على
>>>
ونعود فنقول
إننا لسنا بصدد الحديث عن تعليم الفتاة وإنما حديثنا منصـ الاختلاط وخلوة الرجل بالمرأة

وحب الجاه من طلب الرياسة وكله الله لها

وروی مسلم بسنده عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزى وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ويقول سادتنا العلماء إن آخر ما يخرج من قلب الإنسان الذي يسير فى معارج القدس هو حب الرئاسة
وما تفرق المسلمون إلى دول ودويلات وإمارات إلا لحب الجاه ولقد سفك فى حب الرئاسة من الدماء ما لا يحصيه
والرئاسة
إلا الله

ولقد قتل في سبيل الرئاسة الأبرياء وسجن كثير على مجرد الظن وارتكبت آثام وهتكت أعراض وذبح أطفال وكان ما كان من عسف شديد وما يزال الأمر على هذا النسق ولا عاصم
إلا الله

وإيثار الشهوات وإن فى الحلال ما يغنى عن الحرام
ورسول الله يقول
لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به

أحيانا
وإيثار الشهوات يقود إلى كل موبقة حتى إنه ليخرج الإنسان
من دائرة الإيمان
وإيثار الشهوات هو اتباع الهوى وفي ذلك يقول الله تعالى ظهور أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ۱ وفي بعض من آثر الشهوات واتبع هواه يقول الله تعالى واتل عليهم نبأ الذى آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه
فكان
يلهث

ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا

فاقصص القصص
لعلهم يتفكرون
ويختم ابن بشيش هذه النصائح بنصيحة تقننها وهى
القناعة في كل هذه الأمور بما قسم الله تعالى وهو ما كان
في إطار الشرع من الرزق الحلال
وقد يكون ما
قسم
الله تعالى هو
على الإنسان الشكر الله تعالى
1 الجائية ۳
الأعراف ١٧٥ ١٧٦

ما يحبه الإنسان ويرضاه وهنا
٦٣

وقد يكون ما قسمه الله تعالى لا يسير مع رغبة الإنسان وآماله
وهنا على الإنسان الصبر

والشكر والصبر من الفضائل الإسلامية وفيهما يقول الله تعالى
لئن شكرتم لأزيدنكم
ويقول سبحانه ولئن صبرتم لهو خير للصابرين
ويقول تعالى إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ۳
ويقول واستعينوا بالصبر والصلاة ٤
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يتصبر يصبره
أحد عطاء خبرا وأوسع من الصبر ٥
وعن صهيب بن سنان
-
الله

وما أعطى
فيما رواه مسلم - قال قال

رسول الله عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له
وعن أبي سعيد وأبى هريرة رضى الله عنهما عن النبي الله قال ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن
۱ إبراهيم ٧ ٢ النحل ١٢٦
۳ الزمر ١٠ ٤ البقرة ٤٥
٥ متفق عليه


ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من
خطاياه والوصب المرض
وروى الشيخان عن عبد
الله
بن أبي أوفى رضى
الله
عنهما أن
رسول الله في بعض أيامه التي لقى فيها العدو انتظر حتى إذا
مالت الشمس قام فيهم فقال
يأيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا
لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف
وروی
أحمد -

بسنده عن أبي رجاء العطاردى قال خرج
علينا عمران بن حصين وعليه مطرف من خز لم نره عليه قبل ذلك ولا بعده فقال إن رسول الله قال
خلقه
من أنعم الله عليه نعمة فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على
أحمد وروی
بسنده عن أنس قال أتى النبي سائل فأمر له بتمرة فلم يأخذها وأتاه آخر فأمر له بتمرة فقال سبحان الله تمرة من رسول الله الله فقال للجارية اذهبي إلى أم سلمة فأعطيه الأربعين درهما التي عندها
ثم يبين الشيخ عبد السلام أن حب الله تعالى هو القطب
الذي تدور عليه جميع الخيرات الله على كل ما سواه ومن سواه
لأنه
إذا
كان حب
الله
الإنسان

اثر
الأصل الجامع للأنوار والكرامات وهل يتأتى وحب
الله
هو
أن تكون أنوار وكرامات دون مقدماتها الأصلية وهى حب

0

وسنفرد المحبة بفصل خاص

إن شاء الله فيما بعد
وكل ذلك له أسس يقوم عليها
أولها صدق الورع
والورع هو أن تدع كل ما يريبك إنه التحرج في المأكل

والمشرب والملبس والقول والفعل ليكون كل ذلك حلالاً

روى الترمذى بسند حسن صحيح عن الحسن بن على رضى الله عنه قال حفظت من رسول الله دع ما يريبك إلى
مالا يريبك
ويفسر الإمام النووى ذلك فيقول
معناه اترك ما تشك فيه وخذ ما لا تشك فيه

أما الورع في الحديث فإنه التورع عن اللغو بجميع ضروبه إنه ترك كلمات الفضول وترك كل حديث ليس من شأنه إلا قطع
الوقت

دون فائدة أو ثمرة
والورع في الحديث ليس سهلاً ويقول فيه الإمام القشيري
الورع في المنطق أشد منه في الذهب والفضة

ولا تدخل الغيبة والنميمة فيما نحن فيه وذلك أننا في مستوى لا ينزل إلى مستوى الآثام والذنوب
والورع في القلب هو عدم انشغاله بالتوافه من الخطرات ويتسامي الورع في القلب حتى يصل إلى ما يقوله الإمام الشبلى وهو من كبار أئمة التصوف
٦٦

الورع أن تتورع عن كل ما
سوی
الله
أما الورع فى الأفعال فإنه يتضمن التحرى فيما يتعلق بالمأكل والمشرب والملبس حتى يكون كل ذلك من حلال طيب ولقد كان أسلافنا رضوان الله عليهم
ما استطاعوا

وذلك أن النور في القلب

يتحرون في ذلك
والصفاء في العبادة
والتيسير فيما يأتى الإنسان وفيما يدع كل ذلك له علاقة قوية
بطيب المطعم والمشرب والملبس
والجو الاسلامي كله يحث على ذلك

ومن الأحاديث النبوية
الشريفة التي تجمع بين توجيه القرآن الكريم وتوجيه الرسول مع القرآن الكريم ما يلى
متناسقا
عن ابن عباس قال تليت هذه الآية عند النبي الله ل يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ۱ فقام سعد بن أبي وقاص فقال
يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه
والربا فالنار أولى به
وعن
من
السحت
أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

۱ البقرة ١٦٨

أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر
المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال
يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً
تعملون عليم ۱

إني بما
وقال يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء
يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب لذلك
ومن كلام أئمتنا في الورع
يقول القشيري أما الورع فإنه ترك الشبهات ويقول إبراهيم بن أدهم الورع ترك كل شبهة وترك مالا
يعنيك

وقال أبو سليمان الداراني الورع أول الزهد كما أن القناعة طرف من الرضا
وينتهى حديثنا عن الورع بهذه الكلمات العميقة لابن بشيش
لا وكل ورع يصحبه العلم والنور فلا تعد له أجرا

وثاني الأسس حسن النية ورسول الله الله يقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل
۱ المؤمنون ٥١
البقرة ۱۷


امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها
فهجرته إلى ما هاجر إليه وثالث الأسس إخلاص العمل
ولقد سأل معاذ رضى
رسول الله الله عنه
قائلا
كان على أهبة السفر إلى اليمن
يا رسول الله أوصنى

فقال له أخلص دينك يكفك العمل القليل والله تعالى يقول ألا الله الدين الخالص ۱ والإخلاص أساس قبول الأعمال
ومعنى
وذلك حين
ذلك وجوب الاتجاه بالأعمال إلى الله تعالى وحده
لا شريك له يقول تعالى ﴿ فمن كان لقاء يرجو
عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
ورابع الأسس محبة العلم

ربه
فليعمل
وإن من مفاخر الإسلام أن يكون العلم من أسس الخير ولقد
كانت الآيات الأولى من الوحى حاثة على العلم دافعة له

وأشاد الإسلام بالعلم إشادة لم يقاربها مذهب حديث أو قديم
ولا نحلة حديثة أو قديمة
۱ الزمر ٣ الكهف ١١٠

9

إنما يخشى
الله
عباده العلماء ۱ من
هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ٢
يرفع
الله
الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ۳
يشهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم 4
ورسول الله شعاره
رب زدنی علما کی ه
ويقول
حتى
من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من فى السموات ومن في الأرض الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا
ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ومن المعروف فى الجو الإسلامي أن الله لا يعبد بالجهل ومن شروط العبادة - إذن - العلم وهو – في أدنى حدوده –
تصحيح الدين حتى يعبد
الله
على بينة من
الأمر
٧٠
۱ فاطر ۸
الزمر ٩
۳ المجادلة ۱۱
٤ آل عمران ۱۸
٥ طه ١١٤

و تمام هذه الأمور إنما يكون بصحبة شيخ ناصح أو أخ صالح وهنا يمكن أن يقال
إن الإمام ابن بشيش يقر الوضع العادى للطرق الصوفية
وذلك أن الشيخ الناصح ليس إلا الشيخ الذي يربي المريدين وهل السير بهم في طريق القرب من الله إلا نصيحة متوالية تنقلهم من مقام إلى مقام ومن درجة إلى درجة ومن حال إلى وماذا يكون شيخ الطريقة إلا هذا
حال

على أن عبد السلام - رضى الله
عنه -

لم ينصح الشاذلى
بالبعد عن المشيخة وإن كان هو لم يتخذ مريدا إلا شخصاً واحداً هو الشاذلي الذى تخرج على يديه مالا يحصى من المريدين ولقد استأذنه رجل في المجاهدة لنفسه فلم يقل له تقدم لأعطيك العهد وإنما أجابه بقوله تعالى

لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا
بأموالهم وأنفسهم 1
١ التوبة ٤٤
۷۱

الزهد
ونسير مع الطريق
لقد
سبق
الزهد والتوكل
أن كتبنا عن الورع وفي ترتيب المقامات للصوفية
يأتى الزهد بعد الورع ويأتي التوكل بعد الزهد
وقد تحدث ابن بشيش أكثر من مرة عن الزهد والتوكل
ومن ذلك قوله ناصحا لأبي الحسن

عليك بالزهد في الدنيا والتوكل على الله
فإن الزهد في الدنيا أصل في الأعمال
والتوكل على الله رأس في الأحوال
"
ويتحدث ابن بشيش عن أفضل الأعمال ويحصرها في
ثمانية ويعد منها
الزهد في الدنيا

والتوكل على الله
يرويه
ومن طريف ما يروى فيما يتعلق بالزهد في الدنيا ما أبو الحسن قال فتح الله في شيء من الدنيا على فهرعت لأستعين وأعين بها فجعلت أحمد الله وأشكره فواظبت على ذلك
وقتا من الليل ونمت فرأيت أستاذى يقول لى
۷

استعذ بالله من شر الدنيا إذا أقبلت ومن شرها إذا أدبرت
ومن شرها إذا انقضت ومن شرها إذا أمسكت فجعلت أقول ذلك فوصل الشيخ كلامي فقال المصائب والرزايا والأمراض البدنية والقلبية جملة من وتفصيلاً بالكلية وإن قدر شيء فاكسنى حلل الرضا والمحبة والتسليم وأثواب المغفرة والتوبة والإنابة المرضية
وقد يتساءل قوم
وماذا عن العمل والضرب في الأرض واكتساب الرزق وأول ما نلاحظه في ذلك بعض ألقاب الصوفية
القصار
الوراق الخراز الخواص البزاز
الزجاج الحصرى الصيرفي المقرئ الفراء وهذه ألقاب مأخوذة من مهن لهم
6
الحلاج
ولقد كان الصوفية كغيرهم منهم الفقير ومنهم الغنى ومنهم العازف عن الثراء العريض ومنهم أصحاب الثروات الضخمة التي يؤدون فيها حق وينفقون منها في سبيله إنهم يؤتون حق
المال
يوم
حصاده
لله وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ۱ وهذا مثل أبو الحسن الشاذلي رضى الله عنه وهو من صفوة الصفوة الصوفية كانت له مزارع
1 المعارج ٢٤ ٢٥

عنه
ونقول مزارع بالجمع لنتابع فى هذا التعبير حديث المؤرخين وكان له ثيران وحصاد ودراس وكان يقتنى الخيول ويركبها ولكن لم يستعبده شيء من ذلك ومن دعائه فيما يتعلق
بالدنيا

اللهم اجعلها في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا
اللَّهم
على رزقي في دنياى ولا تحجبني بها عن أخراى وسع
ابن عطاء الله السكندرى يقص هذه القصة
قال بعض المشايخ
كان رجل بالمغرب من الزاهدين فى الدنيا ومن أهل الجد والاجتهاد وكان عيشه مما يصيده من البحر وكان الذي يصيده
يتصدق ببعضه ويتقوت ببعضه فأراد بعض أصحاب هذا الشيخ
أن يسافر إلى بلد من بلاد المغرب فقال له هذا الشيخ إذا دخلت إلى بلد كذا فاذهب إلى أخى فلان فأقرئه منى السلام وتطلب الدعاء منه لى فإنه ولى من أولياء الله تعالى
قال فسافرت حتى قدمت تلك البلدة فسألت عن ذلك الرجل
فدللت على دار لا تصلح إلا للملوك فتعجبت من ذلك وطلبته
فقيل لى هو عند السلطان فازداد تعجبی فبعد ساعة وإذا هو و آت
في أفخر ملبس ومركب وكأنما

هو ملك في موكبه
قال فازداد تعجبى أكثر من الأول

قال فهممت بالرجوع وعدم الاجتماع به ثم قلت

لا يمكننى مخالفة الشيخ فأستأذنت فأذن لي فلما دخلت رأيت
ماهالني من العبيد والخدم والشارة الحسنة فقلت له

أخوك فلان يسلم عليك

قال جئت من عنده
قلت نعم
قال إذا رجعت إليه قل له
إلى كم اشتغالك بالدنيا وإلى كم إقبالك عليها وإلى متى
لا تنقطع رغبتك فيها
فقلت هذا والله أعجب من الأول فلما رجعت إلى الشيخ
قال اجتمعت بأخي فلان
قلت نعم
قال فما الذي قال لك
قلت لا شيء
قال لابد أن تقول لى

فأعدت عليه ما قال فبكى طويلاً وقال صدق أخى فلان هو غسل الله قلبه
يده وعلى ظاهره وأنا أخذها
الزكاة
من الدنيا وجعلها في
من يدى وعندى إليها بقايا التطلع
وقد شرع الإسلام للتجارة والمعاملات المالية
C
وأحد أركان الإسلام الزكاة فمن لم يكن عنده مال يؤدى منه
فقد ركنا من أركان الإسلام
وما من شك فى أنه لا إثم عليه ولكن من الأفضل استكمال
vo

الأركان
ومن لم تكن له مال لا يستطيع أداء الحج وما من شك أن الحج لا يجب إلا عند الاستطاعة ولكن من الأفضل استكمال ركن الحج أى من الأفضل أن يعمل إنسان ويكدح ليكون غنيا
في
يستطيع أداء الحج
C
ويخرج الزكاة

ونريد أن نقول – من وراء كل ذلك

الغنى
الله يزكون

إن الإسلام لا يكره
والجو الإسلامي يحتاج إلى أغنياء يبذلون من أموالهم في سبيل

ويحجون ويبنون المساجد ويفتحون المدارس ويقيمون المستشفيات ويتصدقون وينشئون المشروعات التي تثمر
وتفيد
ولكنه محتاج إلى أغنياء أحرار لم تستعبدهم المادة وإنما تكون خادمة لهم يستعملونها فيما يرضى الله ورسوله يقول رسول
الله
من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته ومن فرج على
الله
مسلم كربة فرج عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر
مسلما
الله ستره يوم القيامة
وقال رسول الله الله من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا
نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر
مسلما
الله
في الدنيا ستره
والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
وقد تحدث القرآن الكريم عن فضل الإعطاء والإنفاق والبذل
في آيات كثيرة يقول تعالى

ليه فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ١
ويقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا
من شيء فإن
الله
به علیم
وعن ابن عمر رضى الله عنهما
رسول الله

فيما رواه الشيخان - قال

فسلطه على
لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضى بها ويعلمها
أبي هريرة رضى
الله
عنه
أن
فقراء المهاجرين
وروى الشيخان عن أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا
ذهب أهل الدثور الأموال بالدرجات العليا والنعيم المقيم

فقال وما ذاك فقالوا يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعد كم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم قالوا بلى يا رسول الله قال تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله فقالوا سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله فقال رسول الله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
١ الليل ٥ ٧٦
آل عمران ۹

VV

أما عن التوكل فإن الإمام ابن بشيش يقول
أما التوكل فإنه رأس في الأحوال
والواقع أن التوكل هو القدم الأول في التصوف بالمعنى الدقيق
لكلمة التصوف

وإذا كان الزهد أثار نقاشا وجدلاً فإن التوكل كذلك أثار نقاشا
مستفيضا

وأثار جدلاً محتوما
وما كان ينبغى ذلك فإن القرآن الكريم وإن سيرة الرسول وسنته الشريفة إن كل ذلك يبين - بما لا شك فيه - معنى التوكل ونقول أولاً إن التوكل واجب بنص القرآن الكريم يقول تعالى وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ۱
ويقول فإذا عزمت فتوكل على الله
ويقول وتوكل على الحي الذي لا يموت ۳
ويقول فيما رواه الترمذي وحسنه
لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير
تغدو خماصا
وتروح بطانا
الله
عنه
وروى الشيخان بسندهما عن أبي بكر الصديق رضى قال نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رءوسنا
1 المائدة ۳ آل عمران ١٥٩
۳ الفرقان ٥٣
VA

فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما
وروى البخارى عن ابن عباس قال

لظهور حسبنا الله ونعم الوكيل ۱ قالها إبراهيم حين ألقى في النار وقالها محمد الله حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم
الوكيل
من

ونحب بهذه المناسبة أن نبين وجهة النظر الإسلامية في شيء الاستفاضة فيما يتعلق بمعنى التوكل وفيما يتعلق بصلة التوكل
بالحركة وبالعمل
1 آل عمران ۱۷۳

التوكل
-1-
الإسلام أن تسلم الله قلبك
إنه التوحيد
إنه إياك نعبد وإياك نستعين
إنه إسلام الوجه الله

وذلك يقتضى التوكل على الله كجزء لا يتجزأ من الإسلام ويتلون
التوكل بحسب درجاته ويأخذ اسما تبعا لدرجته فيكون توكلاً
ويكون تسليما
ويكون تفويضاً

والتوكل بداية هذا المقام الروحي

والتسليم واسطة

والتفويض نهاية - إن كان للثقة في الله نهاية

ذلك فإن كلمة التوكل تطلق على كل درجاته
وتستعمل
ومع
في كل أنواعه
وعلى هذا الوضع يأمر سبحانه وتعالى به جاعلاً منه صفة لا تنفك عن الإيمان قائلاً الله وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ۱
۱ المائدة ٢٣

ويأمر سبحانه به - أمرًا مطلقًا - كل مؤمن فيقول
وعلى الله فليتوكل المؤمنون 1
وإذا توكل الإنسان على الله سبحانه فإن ثمرة ذلك أمران الأمر الأول هو حب الله له يقول سبحانه إن الله يحب المتوكلين
والأمر الثاني هو كفاية الله له يقول سبحانه ومن يتوكل على الله فهو حسبه له ۳
وهناك ثمار هي تفصيل لهذين الأمرين أو هي نتائج لهما نتحدث
عنها إن شاء الله
السنة واضح
أن أمر التوكل في الجو القرآني وفي جو ومع كل الوضوح فإن الناس جعلوا من التوكل مشكلة يتجادلون فيها وتتجدد المشكلة كلما جاء ذكر للتوكل ومن أجل ذلك نحب بتوفيق الله - مع أن الأمر بين واضح – أن نلقى ببعض الأضواء في هذا المجال
ويختلفون
لقد سئل يحيى بن معاذ - - وهو من أئمة الصوفية - متى
يكون الرجل متوكلا
فقال إذا رضى بالله تعالى وكيلاً
۱ آل عمران ۱
آل عمران ١٥٩
۳ الطلاق 3
۸۱

ويتحدث القرآن الكريم عن بعض الظروف التي ظهر فيها أن
المؤمنين الصادقين
هم
الذين يتخذون الله وكيلاً يقول سبحانه وتعالى
عن المؤمنين في غزوة أحد الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل 1
ماذا كانت النتيجة إنها ما عبر الله سبحانه عنها بقوله
فانقلبوا بنعمة
الله
من وفضل لم يمسسهم سوء
رضوان الله والله ذو فضل عظيم
من هؤلاء إنهم
الذين استجابوا الله والرسول من بعدما أصابهم القرح
هي قصتهم
واتبعوا
أحد
إن مشركي مكة لما أصابوا من المسلمين ما أصابوا يوم أخذوا في العودة إلى مكة فلما استمروا في سيرهم ندموا لم لم يتمموا على أهل المدينة ويجعلوها الفيصلة وكان من كلامهم
لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم بئسما صنعتم ارجعوا
وأرادوا العودة إلى المدينة
"
ولكن أبا سفيان لم ينس يوم بدر ولم ينس أن الفئة القليلة
۱ آل عمران ۱۷۳
۸
آل عمران ١٧٤
۳ آل عمران ۱۷

يوم بدر غلبت ثلاثة أمثالها
أولاً أن يعجم عود المسلمين
وكان من
مع وفرة العدة في الكثرة فأحب

المصادفات أن مر به ركب من بني عبد القيس
فقال أين تريدون قالوا نريد المدينة قال ولمه
قالوا نريد الميرة
قال فهل أنتم مبلغون عنى محمدًا رسالة أرسلكم بها إليه وأحمل لكم إبلكم هذه غدًا زبيبا بعكاظ إذا وافيتموها
قالوا نعم قال فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السفر إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم فمر الركب برسول الله الله وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذى
قال أبو سفيان فقال
حسبنا الله
C
ونعم الوكيل
الله
ويروى الإمام البخارى بسنده عن ابن عباس رضی
عنه قال
حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين
ألقى في النار وقالها محمد الله حين قالوا
حسبنا
إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا
الله

ونعم الوكيل
قالوا ذلك واستعدوا - مباشرة - للقتال من جديد من كان

كان
ومن
مجروحًا ضمد جرحه ومن كان قد كل سيفه أحده أمره متفرقاً في نفسه أو ماله أصبح أمره جميعا واستعدوا لخوض
المعركة بكل ما يملكون من وسائل

وكان أبو سفيان ينتظر نتيجة الرسالة وما تحدثه
ورجع واحد من وفد عبد القيس يقول لأبي سفيان
من صدى

لقد رأيتهم كالأسد الموتورة عازمة على الأخذ بالثأر وفى هذه الأثناء مر معبد بأبي سفيان آتيا من الطريق الذي يمر بجيش المسلمين فلما رآه أبو سفيان قال
ما وراءك يا معبد

قال محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر
مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا قد اجتمع
معه كان تخلف
من
عنه في يومكم وندموا على ما صنعوا فيهم من الحنق عليكم
شيء لم أر مثله قط

قال ويلك ! ما تقول
قال والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل
قال فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل شأفتهم
قال فإني أنهاك ذلك
عن
أن قلت فيه أبياتا من الشعر
قال وما قلت

ووالله لقد حملني ما رأيت على
قال قلت
كادت تُهَدُّ من الأصوات راحلتى إذا سالت الأرض بالجرد الأبابيل تردى بأسد كرام لا تنابلـة عند اللقاء ولا ميل معازيل
٨٤

فَظَلْتُ عدوا أظن الأرض مائلة لما سموا برئيس غير مخذول فقلت ویل ابن حرب من لقائكم إذا تغطمطت البطحاء بالجيل۱ إني نذير لأهل البسل٢ ضاحية لكل ذى إربة منهم ومعقول من جيش أحمد لا وخش ۳ قنابله وليس يوصف ما انذرت بالقيل
ولما سمع أبو سفيان ذلك أخذ في العودة إلى مكة طلبا إذن والمتوكلون يتخذون الأسباب

للسلامة والتوكل ويستعدون أتم ما يكون الاستعداد وأدق ما يكون الاستعداد وبعد فإن الإمام القشيري - من أئمة الصوفية - يقول
واعلم أن التوكل محله القلب والحركة بالظاهر لا تنافى التوكل بالقلب بعد ما تحقق العبد أن التقدير من قبل الله تعالى فإن تعسر شيء فبتقديره وإن اتفق فبتيسيره
التقدير من قبل الله تعالى إذا آمن الإنسان بذلك
يؤمن به - فهو متوكل
والمتوكل يتخذ الأسباب اقتداء برسول الله

ولابد أن

۱ تغطمطت اهتزت الجيل الصف من الناس
٢ أهل البسل قريش
۳ الوخش الردىء والقنابل جمع قنبلة الطائفة من الناس والخيل
٨٥

التوكل

وصورة أخرى للتوكل إنها التوكل تحت عنوان التسليم وإننا إذا سرنا مع السيرة النبوية الشريفة بعد غزوة أحد لنصل إلى غزوة الأحزاب فنرى الحق تبارك وتعالى يقول ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله
وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ۱ ولهذه الآية قصة

وقصتها أنه كان من حديث الخندق أن نفراً من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضرى حيي بن أخطب النضري كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق هوذة بن قيس الوائلي و أبو عمار الوائلي في نفر من بني النضير من بني وائل وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا حتى قدموا على قريش بمكة فدعوهم إلى حرب رسول الله وقالوا إنا سنكون معكم عليه
حتى
نستأصله
فقالت لهم قريش يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد أفديننا خير أم دينه
۱ الأحزاب ٢٢
٨٦

قالوا
دينكم من دينه وأنتم أولى بالحق منه
فهم
الذين أنزل الله
فيهم
هو ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت
والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا
الآيات من سورة النساء
[٥١ ٥٢]
فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب
رسول الله فاجتمعوا لذلك واستعدوا له
من
قيس
ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاءوا غطفان فدعوهم إلى حرب النبي وأخبروهم أنهم يكونون عليه وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك
عيلان
معهم

واجتمعوا معهم
فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر في بني فزارة الحارث بن عوف بن أبي حارثة المرى في بني مرة ومسعر بن
عبد
هلال بن
بن
رحيلة بن نويرة بن طريف بن سحمة الله بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعه من قومه من أشجع فلما سمع بهم رسول الله وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة وكان رسول الله لا يعمل في الخندق بنفسه ويحمل التراب على كتفه الشريف وكذلك كان يفعل أبو بكر عمر وكبار الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وما أن انتهى

حفر الخندق حتى جاءت جيوش الأعداء ورأى المسلمون هذه الجيوش الجرارة التي أتت لتهدم المدينة وتقتل من فيها فما زادتهم هذه الرؤية إلا إيمانا وتسليما

وماذا فعلوا لقد سهروا ليلاً وأقاموا نهارا من وراء الخندق يرقبون حركات العدو ويستعدون لكل شأن من شئونه لبسوا

دروعهم وتسلحوا بسيوفهم وأقواسهم وسهامهم لقد أحكموا كل أمر من أمور الحرب بحسب طاقتهم ولكن
الأمر فيما يسلمون به الله كله إليه يرجع الأمر كله
وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ۱ إيمانا قلبيًا وتسليما قلبيًا
وإن من
الملاحظات التي لا تخفى على قارئي القرآن أن آية
الأحزاب هذه سبقها -
الله

مباشرة - قوله تعالى
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو
واليوم الآخر
وذكر الله كثيرا

ولقد تابع المؤمنون الرسول الله في توكله واتبعوه مسلمين
في استعداده وتأهبه لقد اتخذوه أسوة
ويقول الإمام سهل بن عبد الله

الكلمات الجميلة حقا الصادقة حقا
۸۸
۱ الأحزاب الأحزاب
TY
۱
من
هذه أئمة التصوف

التوكل حال النبي والكسب سنته فمن بقى على حاله

فلا يتركن سنته ويقول
من طعن في الحركة فقد طعن فى السنة ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان أما كيف عرف سهل نفسه التوكل
فإنه قال

التوكل الاسترسال الله تعالى على ما يريد
وهى

كلمة نفيسة الاسترسال مع الله على ما يريد في كل ما
أراد سبحانه
في الجهاد فى الضرب في الأرض طلبا للرزق في التزود
من العلم في حسن الخلق

إنه الاسترسال مع الله على ما يريد وهذا يقتضى أن يسكن الإنسان إلى النتائج بعد أن يكون قد اتخذ الأسباب بقدر طاقته
ويقتضى أمرا آخر هو الابتعاد عن كل ما لا يريد سبحانه

وبعد فإن هذا التعريف لسهل رضى الله عنه يتناسق مع تعريف الإمام حمدون القصار من كبار الصوفية – حيث سئل عن التوكل
فقال
إنه الاعتصام بالله تعالى في اتباع أوامره وهو الاعتصام بالله تعالى في اجتناب نواهيه وهو الاعتصام بالله تعالى في الحركة وهو الاعتصام بالله في النتائج أى السكون إليه في كل ذلك
مع
السكينة فيما يتعلق بالنتائج

التوكل
- ٣ -
وقصة ثالثة يقصها القرآن الكريم قصة رجل مؤمن صادق الإيمان وقف ناصحا في وجه الطغيان والجبروت يدعو إلى الله ويبشر بالتعاليم الصادقة وينذر ويهدد بعقاب الله في أسلوب قوى لا يخشى فيه لومة لائم تلك هى قصة مؤمن آل فرعون الذي نصح وبشر وأنذر قال
أن بعد
فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله إن الله
بصير بالعباد ۱
وكانت النتيجة ما قصه الله تعالى بقوله
فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب ٢ ويحسن أن نذكر القصة بتمامها من كتاب الله سبحانه كما
وردت في سورة غافر يقول الله تعالى
وقال فرعون ذروني اقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن
يُبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد
وقال موسى إنى عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن
بيوم الحساب
١ غافر ٤٤
غافر ٤٥

وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا
أن يقول ربى
الله
وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبًا فعليه كذبه وإن يك صادقًا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب
يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أُرِيكُم إلا ما أرى وما أهديكم
إلا سبيل الرشاد

الأحزاب
وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم
يريد ظلما للعباد
وما الله
ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما
الله
من عاصم
لكم من ومن يضلل الله فما له من هاد ولقد جاء كم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم من بعده رسولا كذلك يضل
به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث
الله
من هو مسرف مرتاب

الله
الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند كذلك يطبع على كل قلب متكبر جبار
الله وعند الذين آمنوا
الله
وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلى أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه كاذبًا وكذلك زين وصدَّ عن السبيل وما كيد فرعون إلا في
لفرعون سوء تباب
عمله
۹۱

وقال الذى آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير
حساب

ويا قوم مالى أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لى به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز
الغفار
لا

أنما جرم تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في
الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم
أصحاب النار
فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله إن
بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا
العذاب ۱
C
الله

بصير
وحاق بآل فرعون سوء
ومن كل ما تقدم ننتهى كما بدأنا بأن التوكل جزء لا يتجزأ والصورة المثلى فيه هى صورة رسول الله الذي
من الإيمان كان إمام المتوكلين وكان إمام المناضلين ومن بعده صورة عنه والصحابة الأجلاء الذين كانوا متوكلين
الله
أبي بكر رضى وكانوا مناضلين فى الحرب وفى التجارة وفى الزراعة
وبعد فيقول الله تعالى إن الله يحب المتوكلين
۱ غافر اية ٢٦ - ٤٥ آل عمران ١٥٩
۹

الله

أبت المحبة أن يشتغل محب بغير محبوبه يقول ابن بشيش رضي الله عنه
تعالى
يتجه على
۱ إن الحديث عن الله تعالى تتعدد زواياه والحديث الصوفى عن الخصوص إلى محبته سبحانه وللصوفية فى ذلك نفائس لا تحصر وحديثهم يختلف عن حديث أصحاب علم الكلام وعن حديث الفلاسفة وهم في حبهم الله تعالى يتأسون الله عليه وسلم الذى كانت العرب تقول عنه إن محمدا قد عشق ربه وما يصدق على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حب الله يصدق دون تشبيه ومع الفارق على السيدة رابعة وعلى الإمام الشبلى وعلى الإمام ابن بشيش وعلى الأكثرية من
برسول الله
صلی
الصوفية حتى لقد قيل التصوف حب إنه حب
وجود
الله
عن
الله
ورسوله وطاعتهما

ومن الناس من يتحدث مستدلين أو مبرهنين وقد سبق أن كتبنا عن ذلك ما يلى يقول ابن عطاء الله السكندرى معبرا عن رأى المدرسة الشاذلية وإذا كان من الكائنات ما هو غنى بوضوحه عن إقامة دليل فالمكون أولى بغناء عن الدليل منها لطائف المتن ص ٢٧ الطبعة الفرنسية ا هـ
الله تعالى مبرهنا على وجوده والصوفية لا يتحدثون عن
وهذه الفكرة إنما هى عودة إلى الطريق الصواب فيما يتعلق بما سماه المتكلمون إثبات
وجود الله
وهى فكرة وجه إليها الشيخ أبو الحسن مريديه أكثر من مرة فهو يقول كيف يعرف بالعارف من به عرفت المعارف أم كيف يعرف بشيء من سبق وجوده وجود كل شيء لطائف المتن ص ٢٦ الطبعة الفرنسية ويقول أيضا
من
ه إذا لننظر إلى الله يبصائر الإيمان فأغنانا ذلك عن الدليل والبرهان وإنا لا
الخلق هل في الوجود أحد سوى الملك الحق وإن كان ولابد فكالهباء فى الهواء إن فتشته لم تجده شيئًا ا هـ
نرى أحدا

ويتابع أبو الحسن الحديث فيقول
ومن أعجب العجب أن تكون الكائنات موصلة إليه - فليت شعرى هل لها وجود معه حتى توصل إليه أو هل لها من الوضوح ما ليس له حتى تكون هي المظهرة له ويقول وكيف تكون الكائنات مظهرة له وهو الذى أظهرها أو معرفة له وهو الذي عرفها هذا الاتجاه الذى علمه أبو الحسن لتلاميذه ونشره بينهم أخذ ابن عطاء الله السكندرى في إذاعته وكتابته على أنحاء شتى فمن ذلك قوله وأرباب الدليل والبرهان عموم عند أهل الشهود والعيان لأن أهل الشهود والعيان قدسوا الحق في ظهوره أن يحتاج إلى دليل يدل عليه وكيف يحتاج إلى الدليل من نصب الدليل وكيف يكون معروفاً به وهو المعرف له ا هـ إن أبا الحسن عاد بأتباعه إلى النهج الإسلامى الصادق فيما يتعلق بوجود إن وجوده سبحانه أوضح وأظهر من أن يحتاج إلى دليل وإن تقديس الله سبحانه ينأى مجرد تخيل - أن يحتاج إلى إثبات وجوده وإن جلال الله -
والواقع
يتخيل
إنما هي انحراف عن
الله
أن بالمؤمن عن وهو جزء من عقيدة المؤمن - يسمو بالمؤمن عن أن ينزل إلى هذا المستوى من الانحراف الله أن كل محاولة لإثبات وجود النهج الإسلامي السليم وإذا كان أبو الحسن قد وجه أتباعه إلى هذا النهج فإنما يتبع في ذلك المنهج القرآني وذلك أن القرآن الكريم وجميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم قد نزهوا الله يحاولوا الاستدلال على وجوده وقدسوه عن أن يكون وجوده في حاجة إلى
أن عن
حجة أو برهان ولقد سار الإمام الشاذلى على هذا النسق متبعا ومقتديًا بيد أن فكرته أصبحت الآن غامضة كل الغموض ذلك أن بدعة إثبات وجود ا الله بدعة شائعة حتى في الأوساط المستغرقة في التدين ومن أجل ذلك يتساءل الكثيرون أكان أبو الحسن محقاً في رأيه هذا ومن أجل إيضاح فكرة أبي الحسن ولأن الموضوع في نفسه جدير إلى حد بعيد بالاهتمام فإننا نستفيض هنا في شرح هذا يسود توجيه أبى الحسن فيرجع الناس عن البدعة إلى التوجيه - على أن من حق أبي الحسن علينا - ونحن نكتب عنه – أن نستفيض في شرح فكرة من أفكاره كان للعادة والإلف وكان للزمن والظروف دخل في أن أصبحت غير مفهومة فهما واضحاً أو غير مقدرة تقديرًا صحيحًا حين بدأ الرسول صلى عليه وسلم الجهر بدعوته بعد نحو ثلاث سنوات من الإسرار بها فإنه =
الموضوع السليم
عسی
أن
الله
۹۵

صلوات
الله
وسلامه عليه لم يبدأ بإثبات وجود
الله
وإنما بدأ بالبرهنة على صدقه
هو وتحدى العرب بصدقه ومن قبل ذلك حين فاجأه الملك في الغار ونزل الوحي لم يبدأ الملك أو لم يبدأ الوحى بإثبات وجود الله وإنما بدأ بالأمر بأن يقرأ الرسول صلوات الله وسلامه عليه باسم ربه اقرأ باسم ربك الذي خلق الله العلق ١ ومضى القرن الأول كله ولم يحاول إنسان قط أن يتحدث حديثا عابرا أو مستفيضاً عن إثبات وجود تعالى ومضى أكثر القرن الثانى والمسألة – فيما يتعلق بوجود الله - لا توضع موضع البحث ذلك أن الله إنما هو
الله
وجود
أمر
أن يتحدث فيه المؤمنون نفيا أو ينبغي
لا بدهی
إثباتا ولا سلباً أو إيجابا إن وجود الله من القضايا المسلمة التي لا توضع – في
الأوساط الدينية

موضع البحث لأنها فطرية
C
وإن كل شخص يحاول وضعها موضع البحث إنما هو شخص في إيمانه دخل وفي دينه انحراف فما الله قط حتى يحتاج إلى أن يثبته البشر تعالى الله خفی ذلك عن علوا كبيرا ومن المعروف أن الدين الإسلامى لم يجى لإثبات وجود وإذا تصفحت القرآن أو التوراة - حتى على وضعها الحالى - أو الإنجيل
لتوحيد الله
حتى في وضعه الراهن فإنك لا تجد مسألة
وجود
الله

وإنما جاء
سفر منها
الله اتخذت في أي مكانة تجعلها هدفا الأهداف الدينية أو احتلت مكانا يشعر بأنها من مقاصد الرسالة من
السماوية
الله

وإنما نزلت
القرآن الكريم يتحدث عن بداهة وجود الله حتى عند ذوى العقائد المنحرفة يقول سبحانه وتعالى ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله لقمان ٢٥ إنهم يقولون إن الخالق هو الله مع أنهم مشركون أو منحرفون بوجه من الوجوه في إيمانهم بالله تعالى وما نزلت الأديان قط لإثبات وجود لتصحيح الاعتقاد في الله أو لتصحيح طريق التوحيد أما الآيات الكثيرة التي يظن بعض الناس أنها نزلت لإثبات الوجود فليست من ذلك في قليل ولا فى كثير إنها تبين عظمة الله وجلاله وكبرياءه وهيمنته الكاملة على العالم ما عظم من أمره ودق منه لا تفوت هيمنته صغيرة ولا يخرج عن سلطانه ما دق وما جل وقد أتت على هذا الوضع لتقود الإنسان إلى إسلام وجهه الله كاملاً بحيث لا يصدر ولا يرد إلا باسمه سبحانه ولا يأتى ما يأتى أو يدع
إلا في سبيله تعالى

إسلاما
٩٦

=
الله
ومضى القرن الأول على ذلك ومضى القرن الثاني أو أكثره على الفطرة ثم ثم كانت الفلسفة اليونانية والفلسفة اليونانية فلسفة وثنية لأنها تصدر عن العقل لا عن الوحى وكل فكرة تصدر عن العقل لا عن الوحى فى عالم ما وراء الطبيعة أي في عالم العقيدة إنما هى فكرة وثنية أى أنها فكرة لا حق لها في الوجود لأن عالم العقيدة إنما هو من اختصاص الله بينه على لسان رسله و وكل تدخل من الإنسان في هذا العالم إنما هو تدخل فيما ليس للإنسان التدخل فيه لأنه اقتحام لساحة محرمة مقدسة لا ينبغى أن يدخلها الإنسان إلا دخول الساجد الخاشع الخاضع المسلم لما جاء به الوحى الإلهى إن الفلسفة اليونانية فى عالم العقيدة فلسفة وثنية إنها وثنية حتى حين تثبت وجود الله ولا يخرجها إثباتها وجود عن أن تكون وثنية إنها وثنية بالمبدأ الذى قامت عليه وهو مبدأ تأليه العقل البشرى ويستوى بعد ذلك أن تكون قد أثبتت وجود الله أو أنكرته وهى حينما تثبت وجود الله عقليا ليس في ذلك كبير فائدة ولا يبرر ذلك وجودها ولا قيمة لما تثبته وإثباتها والعدم سواء ذلك أن العقل الذي أثبت هو العقل الذي يمكنه أن ينكر وهو العقل الذى يتكر بالفعل ولا لزوم - إذن - للطنطنة والتصفيق الذي نحيى به كل عبقرية فكرية في الشرق أو الغرب تحاول فكريا أن تثبت وجود الله إننا لا نقيم عقيدتها على فكر بشر مهما كان هذا الفكر عبقريا ويجب على الا يقيم وزنا - أى وزن - لأى نتاج فكرى فى علم ما وراء الطبيعة سواء أخالف معتقده أم وافقه إنه فى معتقده يدين الله وحده وكفى بالله مصدرًا وكفى بالله هاديًا وكفى بالله مرشدًا ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم آل عمران ۱۰۱ ومن يعتصم بالله فهو حسبه إن كل ما عدا الهدى الإلهى في عالم الدين إنما هو وثنية وضلال كانت الفلسفة اليونانية فلسفة وثنية بشرية وقد
المؤمن
أرادت أن تجد لجاما يعصمها من الخطأ فاخترعت فنّا وثنيا آخر هو فن المنطق فما أجدى ولا أغنى ولا تقدم بالفكر الوثنى - فى عالم الصواب - شروى نقير وبقيت هذه الفلسفة - عبر القرون - على ما هي عليه فيها كل سمات الوثنية من ضلال وخرافات
ولقد كانت الأمة اليونانية معذورة بعض العذر فما كان في ربوعها دين منزل من السماء تلجأ إليه مهتدية مسترشدة وما كان مثلها في ذلك إلا كمثل العصر
الجاهلي في الجزيرة العربية فلجأت إلى العقل والهته

وأخذت تثبت به
وتنكر

فضلت وأضلت وجاءت الديانة النصرانية مصححة للوضع فعزلت فكرة الألوهية
جل جلاله أن عن تضع وجوده موضع البحث ثم
مجرد
عن تدنيس الوثنية وسمت بالله تسللت إليها - كمكروب خبيث - وثنية اليونان فجعلت من وجود الله وجود الله - بابا ضخمًا من أبواب البحث أو من أبواب اللاهوت الكنسى ونزلت بذلك الفكرة الدينية المقدسة عن الله إلى مستوى الجو الوثنى البشرى وجاء
الله
a
الإسلام تطهيرا كاملاً للعقيدة وتزكية تامة للإيمان وأعلن بمجرد التسمية الإسلام الحرب على التدخل البشرى في دين ورسالته فما الإسلام إلا الاستسلام المطلق الله سبحانه وتعالى إنه الاسترسال مع الله على ما يرضيه وهل للإنسان غير هذا بالنسبة الله وهل للمؤمن أن يتصرف تصرفاً آخر وهل إذا تصرف تصرفاً آخر يسمى
A
مؤمنا ان الاسترسال مع الله على ما يجب هو الإسلام وهو الدين لا دين غيره يقول الله تعالى إن الدين عند الله الإسلام و آل عمران ۱۹ ويقول سبحانه ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه آل عمران ٨٥ وإن كان من لا يستسلم لله فى وحيه استسلاما مطلقاً فإنه يبتغى – في قليل أو في كثير حسب انحرافه - غير الإسلام دينا
لا
ينبغي
اليونانية

وجود
الله
ولقد كان الإسلام توجيها وكان مبادىء ومن توجيه الإسلام أن أن يوضع موضع البحث وكل من وضعه موضع البحث فإنه بذلك يعدل عن توجيه الله تعالى إلى توجيه بشرى إنه يبتغى غير الإسلام موجها وابتغى المسلمون الأول الإسلام توجيها كما ابتغوه مبادىء وسار الأمر على ذلك إلى أن تسللت الفلسفة کمكروب خبيث - إلى الجو الإسلامى تسللت فى عهد المأمون وتولى كبر هذا التسلل المأمون وشجعه على ذلك معتزلة عصره وقابل المؤمنون ذلك بكثير من النفور وحق لهم ذلك فما كان منطق الدين ولا منطق الفطرة السليمة يقضى بأن تكون راية العصمة راية الدين الإلهي مرفوعة ترفرف على ربوع الأمة الإسلامية في محيط العقيدة فتميل بهذه الراية قليلاً أو كثيرا لترفع بجوارها راية أرسطو أو راية أبيقور ورفع المأمون راية الانحراف والوثنية بجوار راية الهداية المعصومة أن الوثنية ولو وافقت الدين فهى وثنية ولكن ثم طلب التصريح بالإقامة واستوطن ومعاذ الله أن تكون عقائد الإسلام الكبرى - الإيمان بالله وبالرسالة وبالبعث - قد تلوثت =
وعارض المؤمنون واحتجوا أخذ
النهج الوثني
وبينوا
يقوى شيئًا فشيئاً

۹۸

19
بالوثنية كلا وإنما الذى تلوث بالوثنية - وإلى حد كبير - إنما هو النهج والنزعة والاتجاه في البحث ومنهج البحث وليس ذلك بالأمر الهين أو الذي لا يؤبه له كلا ! فذلك له خطورته فى جانب قوة الإيمان وضعفه وفرق بين أن تأخذ قضايا الوحي مأخذ المستسلم المسترسل معها على ما تريد وأن تأخذها محكما فيها عقلك مؤولاً لها أو عادلاً بها إلى اتجاه خاص أو شارحا لها على نزعة معينة وبتعبير آخر فرق بين أن تصدر عن الوحى متفهماً له بعقلك وبين أن تصدر عن عقلك متفهماً للوحى ولعل بعض الناس لا يرى فرقًا في التعبيرين ولكن الفرق كبير إذا نظرنا إلى الوضع الإنساني فهو إما أن ينطلق عن الوحى قائدا العقل إلى الخضوع له وإما أن ينطلق عن العقل محاولاً تأويل الوحى بما يوافق النتائج التي وصل إليها العقل والأول طريق المؤمنين المسلمين والثاني طريق الفلاسفة أو نهج الوثنيين الله والنهج الوثني - نهج إثبات وجود هو الذي أتاح الانحراف الكامل أي إنكار فما دام النهج الوثنى قد أعطى حق الوجود فإن الوثنية – كمنهج – تأتى
وجود
الله
بالوثنية كنتائج إن وضع مسألة
وجود
الله
موضع البحث هو الذى هياً لذوى الفطر المنحرفة أن
يلحدوا في دين الله وأن يكفروا به سبحانه وهذه نتيجة أولى
الوجود
أما النتيجة الثانية فإنها ضعف الإيمان وإذا كانت تضع الوجود الإلهى - مجرد موضع بحث فمعنى ذلك أنك وضعته موضع شك وربيبة ولو لم يكن
كذلك لما وضع موضع البحث وإذا كان الوجود الإلهى
أمور الدين لا
يوضع موضع
مجرد الوجود - موضع شك وريبة فماذا بقى من شك وربيبة إن الإيمان فى هذه الأوضاع الوثنية لا يتأتى له إلا أن يخبو شيئًا فشيئًا حتى يصبح كلا إيمان وهذا هو ما حدث في الأمة الإسلامية لقد وصل إيمانها إلى درجة يكاد معها أن يكون معدوماً وما ذلك إلا لتغلغل النهج الوثني في بحث قضايا الدين ومبادئه لقد أصبحت قضايا الدين - كل قضاياه - موضع بحث وهل يتأتى أن تبقى قضية من قضايا الدين فى مجال اليقين - بعد أن موضع البحث الله - مجرد وجوده سبحانه وضع وجود نستغفرك اللهم ونتوب إليك ونعود فنقول إن - الدين في نفسه - محفوظ بحفظ الله لكتابه العزيز و إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون الحجر ۹
ولكن الذى نشكو منه إنما هو النهج أو المنهج أو النزعة أو الاتجاه في =

وحب الله قطب تدور عليه جميع الخيرات وأصل جامع للأنوار
والكرامات وقد كان حب
الله تعالى
وحب رسوله هو مركز
الدائرة في حياة ابن بشيش

ومن وصاياه للشاذلي
لا تنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب الله ولا تجلس إلا حيث تأمن - غالبًا - من معصية الله ولا تجالس إلا من تستعين
به على طاعة الله ولا تصطف لنفسك إلا من تزداد منه يقينا بالله
وقليل ما
هم
= البحث إن الذى نشكو منه إنما هو منهج البحث الوثني وإذا شئت قلت
D
إنما هو منهج البحث و اليوناني
الشريعة
سئل أحد العارفين عن الدليل على الله فقال الله

فقيل له فما العقل فقال العقل عاجز لا يدل إلا على عاجز مثله أما الإمام الكبير العارف بالله ابن عطاء الله السكندرى الذي جمع بين رئاسة ورئاسة الحقيقة فإنه يقول إلهى كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذى أظهر كل شيء كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر بكل شيء كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر في كل شيء كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الظاهر قبل وجود كل شيء كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أظهر من كل شيء كيف أن يحجبه شيء وهو الواحد الذى ليس معه شيء كيف يتصور يتصور شيء وهو أقرب إليك من كل شيء كيف يتصور أن يحجبه شيء ولولاه ما كان وجود شيء شتان بين من يستدل به أو يستدل عليه المستدل به عرف الحق لأهله فأثبت الأمر من وجود أصله والاستدلال عليه من عدم الوصول إليه وإلا فمتى غاب حتى يستدل عليه ومتى بعد حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه رحم الله أبا الحسن وجزاه الله ومدرسته خير الجزاء على هذا التوجيه السليم
أن يحجبه

وهو في ذلك يتناسق مع القرآن الكريم ومع السنة النبوية الشريفة يقول الله تعالى قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها
الله
من ورسوله وجهاد في سبيله

أحب إليكم يأتى الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين ۱
فتربصوا حتى
ويقول رسول الله
لا يؤمن أحدكم والناس أجمعين

حتى أكون أحب إليه من وولده
ماله

C
ولا يجد المؤمن حلاوة الإيمان إلا بأن يكون الله ورسوله أحب
إليه مما سواهما كما في الحديث الصحيح
الله وحب
حب الله فإنه
تعالى يتضمن حب رسوله وحب الرسول يتضمن حب الله تعالى فإذا أتى في أثر الآثار يحمل على ذلك وإذا أتى في أثر آخر يحمل على ذلك أيضا
ويربط أسلافنا
--

رضوان الله عليهم
حب

رسول الله فإنه
ربطا محكما بين محبة
مع توجيه
الله تعالى واتباع رسول الله متناسقين في ذلك
الله سبحانه وتعالى
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
١ التوبة ٢٤ آل عمران ۳۱
11

وهذا الربط معناه الربط بين محبة الله تعالى والعمل
ومقدمات محبة الله تعالى هى العمل ونتيجة محبة الله تعالى هي العمل يقول الإمام أبو سعيد الخراز
وبلغنا عن الحسن البصرى رضى
عهد رسول الله
الله
عنه
أن ناسا قالوا على
يا رسول الله إنا نحب ربنا حبا شديدا فجعل الله تعالى لمحبته علما وأنزل عز وجل
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله كري

فمن صدق المحبة اتباع الرسول علعل الله في هديه وزهده وأخلاقه والتأسى به في الأمور والإعراض عن الدنيا وزهرتها وبهجتها
فإن
الله
عز وجل جعل محمد ا ا ا ا ا الا علما
أمته

ودليلاً وحجة على
ومن صدق المحبة لله تعالى إيثار محبة الله عز وجل في جميع الأمور على نفسك وهواك وأن تبدأ فى الأمور كلها بأمره قبل أمر نفسك ويقول
فعلامة المحب الموافقة للمحبوب والتجارى مع طرقاته في كل الأمور والتقرب إليه بكل حيلة والهرب من
على مذهبه
أما
عن
كل مالا
يعينه
صلة المحبة بالإيمان فإن الإمام الغزالي يقول
۱۰

وقد جعل رسول الله الله الحب الله من شرط الإيمان في
أخبار كثيرة إذ قال أبو رزين العقيلي
یا رسول الله ما الإيمان
قال
أن يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما
وفي حديث آخر
لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
وفي حديث آخر
لا يؤمن العبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله
<
والناس أجمعين والقرآن الكريم هو دستور المحبين لله ومن هنا كانت ثورة ابن بشيش على كل من ينصرف عن القرآن إلى غيره ومن طريف ما يروى فى ذلك ما يرويه أبو الحسن الشاذلى قال رأيت أستاذى وفى يده اليمنى كتاب فيه القرآن وحديث رسول الله وفي يده اليسرى أوراق فيها شعر موجز وهو يقول لى كالناصح لى
أتعدلون عن العلوم الزكية إلى علوم ذوى الأحوال الردية
فمن أكثر
من
هذا فهو عبد مرقوق هواه وأسير شهوته ومناه
يستفزون بها قلوب أهل الغفلة والنسوان وأهل الضلالة والعميان

١٠٣

يتمايلون عليها
ولا إرادة لهم فى عمل الخير واكتساب الغفران كتمايل الصبيان لئن لم ينته الظالم ليخسفن الله به وبداره الأرض عليك بكتاب الله الهادى وبكلام رسوله الشافي فلن تزال بخير ما آثرتهما وقد أصاب الشر من عدل عنهما وأهل الحق إذا سمعوا اللغو أعرضوا وإذا سمعوا الحق أقبلوا عليه
عنه
ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ۱
ونعود فنقول
إن
حب الله تعالى وحب رسول الله لمركز الدائرة في
في شيء وعليك بحسن الظن به في كل شيء
حياة ابن بشيش إنه يقول
لا تتهم
الله
لا تؤثر نفسك على الله في شيء
ويقول
الزم بابا واحدا تفتح لك الأبواب واخضع لسيد واحد
تخضع لك الرقاب قال الله
وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ده
فأين تذهبون ۳
ويقول
۱ الشورى ۳
الحجر ۱ ٣ التكوير ٢٦
١٠٤

خف
من شيء
من الله خوفا تأمن به من كل شيء فلا معنى للخوف

لأنه
عند كل شيء ومع كل شيء

وفوق كل شيء

وتحت كل شيء
وقريب من كل شيء
ومحيط بكل شيء
تعالى عن الحدوث عن الأماكن والجهات وعن الصحبة
والقرب بالمسافة وعن الدور بالمخلوقات
وامحق الكل بوصف الأول والآخر والظاهر والباطن وهو
بكل شيء عليم كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان
ويقول أبو الحسن الشاذلي
أوصانى أستاذى
الله
رحمه
تعالى فقال
الله

حدد بصر الإيمان تجد
في كل شيء
وعند كل شيء

ومع كل شيء

وفوق كل شيء

وقريبًا من كل شيء
١٠٥

ومحيطاً بكل شيء
بقرب هو وصفه
وبإحاطة هي
نعته

وعد عن الظرفية والحدود
وعن
الأماكن والجهات
وعن الصحبة والقرب بالمسافات
وعن الدور بالمخلوقات

وامحق الكل بوصفه الأول والآخر والظاهر والباطن كان الله
ولا شيء معه

أما صاحب لطائف المنن فإنه يروى عنه حديثاً جميلاً عن المحبة حديثا يشعرك بأن المتحدث قد جال فى ميدان المحبة جولة صادقة وسار في طرقاتها سيرًا موفقا ورتع في رياضها وشرب من فأطال الشرب وقبل أن ننقل كلام صاحب اللطائف
حياضها
نقول
إن حديث ابن بشيش عن المحبة فيه ذكر الشراب والشرب ونحب أن يركز القارئ انتباهه فى أن الشراب عند ابن بشيش هو التخلق بأخلاق الله أن يكون الإنسان ربانيا ومن هنا يقول
عن الشراب إنه
مزج
الأوصاف بالأوصاف والأخلاق بالأخلاق
<
أى إنه تخلقوا بأخلاق الله أخلاق الجمال من كرم
ورأفة وسلام وإيمان

ومغفرة وعلم

بل إن ابن بشيش يجعل ذلك من خصائص الإيمان إنه
يقول عن الإيمان
محو
لتحقيق
معه
الصفات بالصفات والأسماء بالأسماء وتفريق الذات بالذات ما هو الأول والآخر والظاهر والباطن فأى شيء كان
حتى يكون آخرا له أولاً
وأى شيء كان معه ظاهرا حتى يكون
معه باطنا
فما يثبت من المخلوق فبإثباته وما يمحى فبمشيئته وإرادته
وخذ ذلك من قوله
وهو
يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب 1
الأول وصدر عنه كل علم وكتاب
والكلام بعد ذلك يصبح مفهوماً يقول صاحب اللطائف وقال الشيخ القطب عبد السلام بن مشيش شيخ الشيخ أبى الحسن رضى الله عنهما

الزم الطهارة من الشرك كلما أحدثت تطهرت من دنس حب الدنيا وكلما ملت إلى الشهوة أصلحت بالتوبة ما أفسدت بالهوى أو كدت
وعليك بمحبة الله على التوقير والنزاهة وأدمن الشرب بكأسها مع السكر والصحو كلما أفقت أو تيقظت شربت حتى يكون
۱ الرعد ۹
۱۰۷

سكرك وصحوك به وحتى تغيب بجماله عن المحبة وعن الشراب
والكأس بما يبدو لك من نور جماله وقدس كمال جلاله
ولعلى أحدث
لا

يعرف المحبة ولا الشراب ولا الشرب من
ولا الكأس ولا السكر ولا الصحو
قال له القائل
أجل وكم من غريق في شيء لا يعرف بغرقه فعرفني ونبهني
عما أجهل أو لما من به على

وأنا عنه غافل
أحب
الله تعالى قلب من من
قلت لك نعم المحبة آخذة بما يكشف له من نور جماله وقدس كمال جلاله
مزج

وشراب المحبة الأوصاف بالأوصاف والأخلاق بالأخلاق والأنوار بالأنوار والأسماء بالأسماء والنعوت بالنعوت والأفعال ويتسع فيه النظر لمن شاء الله عز وجل والشرب سقى القلوب والأوصال والعروق
بالأفعال
من
هذا
الشراب حتى يسكر ويكون الشرب بالتدريب بعد التذويب والتهذيب فيسقى كل على قدره فمنهم من يسقى بغير واسطة والله سبحانه يتولى ذلك منه له
ومنهم من يسقى من جهة الوسائط كالملائكة والعلماء والأكابر من المقربين

فمنهم من يسكر بشهود الكأس ولم يذق بعد شيئًا فما ظنك
بعد بالذوق وبعد بالشرب وبعد بالرى وبعد بالسكر بالمشروب
ثم الصحو بعد ذلك على مقادير شتى كما أن السكر أيضا كذلك

۱۰۸

والكأس مغرفة الحق يغرف بها من ذلك الشراب الطهور
المحض الصافى لمن شاء من عباده المخصوصين من
فتارة يشهد الشارب تلك الكأس صورة
وتارة يشهدها معنوية
وتارة يشهدها علمية
فالصورة حظ الأبدان والأنفس
خلقه
والمعنوية حظ القلوب والعقول
والعلمية
والأسرار
عظم الارواح
فياله من شراب ما أعذبه ! فطوبى لمن شرب منه وداوم عليه
ولم يقطع عنه
نسأل الله فضله
من
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ۱
وقد يجتمع جماعة من المحبين فيسقون من كأس واحدة
وقد يسقون من كئوس كثيرة
وقد يسقى الواحد بكأس وكئوس
وقد تختلف الأشربة بحسب عدد الكئوس

وقد يختلف الشرب من كأس واحدة وإن شرب منه الجم
الغفير من
الأحبة
۱ الحديد ۱

حكم ووصايا

وحكى
حكم ووصايا
أجمل الطاعات أن يدخلك عنده ويرخى عليك الحجاب
عنه
أيضا أنه قال
أربع من كن فيه احتاج الخلق إليه وهو غنى عن كل شيء
المحبة الله والغنى بالله والصدق واليقين
الصدق في الصمودية
واليقين بأحكام الربوبية
ومن
أحسن
من
الله حكما لقوم يوقنون ۱
وقال أبو الحسن
سألته
حديث يسروا عن

ولا تعسروا وبشروا
ولا تنفروا فقال
دلوهم على
الله
C
ولا تدلوهم على غيره فإن من ذلك على
الدنيا فقد غشك ومن ذلك على العمل فقد أتعبك ومن
ذلك على الله فقد نصحك
ومن حكمه
المرء إذا شرب الماء الساخن قال الحمد الله بكزازة وإذا
۱ المائدة ٥٠
۱۱۱

شرب البارد وقال الحمد لله
لله
ومما أوصاه به

استجاب كل عضو منه بالحمد
ولا تصحب من يؤثر نفسه عليك فإنه لئيم ولا من تؤثر نفسك
عليه فإنه قل ما يدوم

ذكر الله فالله واصحب من إذا ذكر
یعنى به إذا شهد وينوب عنه إذا فقد ذكره نور القلوب ومشاهدته
مفاتيح الغيوب وقال الشيخ أبو الحسن إنه سمع ابن مشيش يقول لرجل استأذنه في المجاهدة لنفسه فأجابه بقوله تعالى لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون 1
وقال الشيخ أبو الحسن
سألت أستاذى
رحمه
الله
عن ورد المحققين فقال
عليك بإسقاط الهوى وصحبة المولى وآية المحبة ألا يشتغل محب
بغیر محبوبه

وسألته عن قول النبي الله
المؤمن لا يذل نفسه
فقال لى لهواه
1 التوبة ٤٤ ٤٥
۱۱

وعن أبي الحسن عن أستاذه قال
الأنفس ثلاثة
۱ - نفس لم يقع عليها البيع لحريتها يقول تعالى ر فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم ۱
- ونفس وقع عليها البيع لشرفها يقول تعالى
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في ومن أوفى بعهده من
التوراة والإنجيل والقرآن
الله
ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ٢
٣ - ونفس لا يعباً بها يقول تعالى
جحيم
وفي
فاستبشروا
وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية
لطائف المنن وغيره ٤ بدل قوله لا يعبأ بها لم
يقع عليها البيع لخستها
وفى بعض المرويات ونفس مهملة لا حرية فيها ولا شرف ثم زاد صاحب اللطائف على درة الأسرار ما نصه
1 الواقعة ۸۸ ۸۹
التوبة ١١١
۳ الواقعة ۹ ۹۳ ۹۴ ٤ دعوة الأسرار

فالتي لم يقع عليها البيع لحريتها أنفس الأنبياء والتي وقع عليها البيع لشرفها أنفس المؤمنين والتي لم يقع عليها البيع لخستها أنفس الكفار
قال أبو الحسن رضي الله عنه
فإن أبا بكر وعمر
رضی
الله
عنهما تقدم منهما الشرك
قال هما على الحرية وإنما هما كمن أسر وهو حر
وقال ابن مشيش
شيئان قلما ينفع معهما كثرة الحسنة
السخط لقضاء الله
والظلم لعباد الله
وحسنتان قلما يضر معهما كثرة السيئة
الرضا بقضاء الله
والصفح عن عباد الله
وقال ابن مشيش
أفضل الأعمال أربعة بعد أربعة
المحبة الله
١١٤
والرضا بقضاء الله
والزهد في الدنيا
والتوكل على الله

هذه أربعة
وأما الأربعة الأخرى
فالقيام بفرائض الله
والاجتناب لمحارم الله
والصبر على ما لا
یعنی

والورع من كل شيء يلهي

قال الشيخ أبو الحسن يحكى عن أستاذه
قال
عبادة الصديقين عشرون
كلوا
واشربوا
والبسوا
وانكحوا
واسكنوا

وضعوا كل شيء حيث أمركم الله
ولا تسرفوا
واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا
واشكروه
وعليكم بكف الأذى
وبذل الندى
رضی
الله
عنه
١١٥

فإنها نصف العقل والنصف الثاني
أداء الفرائض
واجتناب المحارم
والرضا بالقضاء
وإن عبادة الله التفكر في أمر الله
والتفقه في دين
الله
وعين العبادة الزهد في الدنيا
ورأسها
التوكل على الله

فهذه عبادة الأصحاء المؤمنين

وإن كنتم مرضى فاستشفوا واسترقوا بالعلماء واختاروا منهم
الأتقياء الهداة المتوكلين على الله يروى أبو الحسن عن
أستاذه
لا تختر من أمرك شيئًا واختر أن لا تختار وفر عن ذلك
المختار ومن فرارك ومن كل شيء إلى
وربك يخلق ما يشاء ويختار 1
الله

وكل مختارات الشرع وترتباته فهى مختار الله ليس لك منه
١١٦
۱ القصص ٦٨

شيء ولابد لك منه واسمع وأطع وهذا موضع الفقر الرباني
وهو أرض على الحقيقة المأخوذ
الله
فافهم واقرأ لمن اهتدى عن
اللہ کا
رسمه
أن
1 إن الصوفية جميعا يدعون إلى إقامة شرع الله تعالى إن مختارات الشرع هي مختار الله وليس للمؤمن إلا تطبيقها دون زيادة أو نقص وقد سبق كتبت في هذا وحاضرت فيه فى كل جامعاتنا المصرية وفي نادي القضاة وفى نادی محامى الحكومة وفى بعض عواصم المحافظات وننقل هنا إحدى المحاضرات في ذلك وهى محاضرة ألقيت بنادى الحكومة يوم السبت الموافق ٢٣ نوفمبر سنة ١٩٧٤ الاجتهاد والثبات فى الشريعة الإسلامية
بسم
الله
الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن اتبع هديه إلى يوم الدين ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم
الكافرين
أحد
أيها الأخوة المؤمنون منذ زمن بعيد وأنا أتمنى أن ألقى هذا الموضوع في النوادي الخاصة بالقضاء ثم أتيحت هذه الفرصة فكنت سعيدا بها ولكنني بعد أن ذكرت العنوان أقول لكم بصراحة ترددت كثيرًا وخيل إلى أنها مغامرة ولكن هذا التردد زال عندما فكرت في بعض الأمور فكرت أولاً في أني مهما كانت محاضرتي مغامرة فما هي نتيجتها سأفترض أن الذي يوافقني على الرأى واحد أو اثنان يكفيني هذا لست طموحا إلى أكثر هذا المجتمع الكريم شخصاً أو شخصين إلى هذا
ذلك من
يكفيني
أن اجتذب من
الفكر
أما المنطلق الثاني الذي بعث في نفسي الهدوء شام تھی اسی بندى بقضية مسلمة عند الجميع لا يشك فيها مؤمن ولا يرتاب فيها مسلم القضية هي أن الدين نزل هاديًا للعقل إننا - جميعاً - نؤمن بهذه القضية الدين نزل هاديًا للعقل لكن حينما نقول الدين نزل هاديًا للعقل يتساءل كثير من الناس في أى المجالات ونحن لا نريد أن نقول نزل هاديًا للعقل فى مجال الماديات فالدين أطلق للعقل الحرية الكاملة فيما يتعلق بالبحث والكشف في مجال الماديات في السماء وفى الأرض وفيما بين=

= السماء والأرض وفقط قيده بأن يكون ذلك فى خير الإنسانية إنه ما دام الأمر فيما يتعلق بمجال الماديات والبحث فيها والكشف فيها فى خير الإنسانية فللعقل الحرية الكاملة فى هذا بل إن أسلافنا رضوان الله عليهم كانوا يسمون هذه العلوم المادية
الكونية
الله
الطبيعة والكيمياء والفلك والأحياء كانوا يسمونها علوم الكشف عن سنن وما دامت كشفا عن سنن الله الكونية فهى كشف عن بعض صفات الله سبحانه وتعالى وما دام الأمر كذلك فهي عبادة إن هذا الجانب العلم بالماديات الله الكونية في الماديات زيادة إيضاح لصفات الله تعالى فهو عبادة لكن الأمر فيما يتعلق بـ نزل الدين هاديًا للعقل إنما هو في أمور المجتمع ومجالاته العقيدة نزل الدين هاديًا فيها الأخلاق نزل الدين هاديًا فيها نظام المجتمع نزل الدين هاديًا فيه التشريع أيضا نزل الدين هاديًا فيه
الكشف عن سنن
هذه الهداية فيما يتعلق بالتشريع أحيانا تكون مفصلة تفصيلاً دقيقاً كالميراث مثلاً
أنه
وككتابة الدين وأحيانا تكون كليات تضم تحتها جزئيات كثيرة ولا ريب في نزل الدين هاديا للعقل في جميع مبادئ التشريع لكن في وسائل التشريع أحيانا يكون الدين مفصلاً لها إن وسائل المبادئ أحيانا يكون الدين مفصلاً لها وأحيانا يتركها للعقل الإنساني يتصرف فيها بحسب الظروف مثلا الشورى مبدأ من المبادئ التي أقرها الإسلام وسيلة الشورى تركها الإسلام للعقل الإنسانى يحددها بحسب ظروفه أمكنته وأزمنته أما المبدأ الشورى فهو مبدأ لا يتغير وحينما نقول نزل الدين هاديًا للعقل فإنما نعنى بذلك أن العقل لا يتحكم في الدين إنما يهتدى به ومعنى أيضا نزل الدين هاديًا للعقل أن العقل يفهمه ويتقبله ولا يتعارض الدين مع العقل ولا يتناقض مع العقل لأنه نزل هاديًا له ولأنه نزل هاديًا له ولأننا نؤمن بأن الدين من قبل الله سبحانه وتعالى فهناك القضية التي تتلو ذلك وهى أن هذه وما دامت معصومة لأنها من قبل الله فلابد من
وبحسب
الهداية معصومة
لأنها
من قبل
اتباعها لا مناص من اتباعها
الله
أو
من أجل ذلك كانت الآيات التي تدل على وجوب الاتباع في غاية الصرامة في غاية القوة ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون التوبة ٤٥ ويقول سبحانه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون التوبة ويقول ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون التوبة ٤٤ ويقول أيضا فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا
۱۱۸

في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما النساء ٦٥ هذه الصرامة لماذا لماذا هذا التحديد وهذه الدقة فيما يتعلق بوجوب اتباع هذه المبادئ التي نزلت من السماء أما عن ضرورة ذلك فإن كل من درس تاريخ الفكر البشرى منذ أن كتب هذا الفكر فى الأزمنة القديمة إلى الآن كل من درسه تتبين له قضية في غاية السهولة هذه القضية التى فى غاية السهولة هي أن هذا الفكر البشرى على تتابع الأزمنة بل في الزمن الواحد وفى العصر الواحد وفى القرن الواحد وفى الأمة الواحدة هذا الفكر البشرى متعارض متضارب متناقض مختلف
التشريع
أين هو الحق فيما يتعلق بهذا التضارب وهذا التعارض وهذا الاختلاف الاختلاف والتعارض والتضارب فى جميع المجالات الفكرية البحتة لسنا بصدد المجالات المادية لأن المجالات المادية تحكمها التجربة فالتجربة فيصل ولكننا بصدد المجالات النظرية الأخلاق العقيدة نظام المجتمع أين هو الحق وأين هو الباطل فى الآراء البشرية الخاصة بهذه الموضوعات ليس هناك مقياس للحق وللباطل كل المقاييس التي حاولت الإنسانية أن تخترعها منذ الأزمنة القديمة كل هذه المقاييس أثبتت فشلها وبطلانها من أوائل هذه المقاييس مثلاً الفصل أوائل
والباطل
بين الحق والباطل فيما يتعلق بالآراء النظرية ومنها التشريع بطبيعة الحال من هذه المقاييس منطق أرسطو لقد أخفق إخفاقا كاملاً في تمييز الحق عن الباطل ومنها مقياس ديكارت إنه أخفق إخفاقا كاملاً أيضاً فيما يتعلق بالتمييز بين الحق هذا من جانب ومن جانب آخر ما دام لا سبيل إلى القطع بأن هذا الرأى حق وهذا الرأى باطل كان هناك المجال المتسع الكبير لتزييف الآراء تزييف الآراء أو صناعة الآراء وفي علم الاجتماع وفي علم النفس كثير من المباحث التي تتحدث عن صناعة الرأى العام الرأى العام يصنع عن طريق الصحف ويصنع عن طريق الإذاعة ويصنع عن طريق التكرار يصنع بوسائل مختلفة ويصنع تزييفا أو إحقاقا الرأى العام يصنع وما دام الرأى العام يصنع فهناك هذه الوسائل التي تصنع الرأى العام هذه الوسائل التي تصنع الرأى العام هناك كثير من الناس استخدموها ولكن الذين استخدموها في قوة هم اليهود استخدموا صناعة الرأى العام في قوة بالنسبة وهم يقولون مثلاً في تكييفهم الرأى العام بالنسبة لشخصيات معينة نحن الذين رتبنا نجاح کارل مارکس يقولون هذا في كتبهم ويقولون هذا في كتاب بروتوكولات حكماء صهيون لقد رتبوا نجاحه ونجاح آخرين لماذا رتبوا =
لأغراضهم
"
۱۱۹

نجاحهم لأنه هدم لكل الأفكار الروحية وهم يريدون
في الإنسانية ويقولون أيضا في البروتوكولات
الا تسود الأفكار الروحية
نحن الذين رتبنا نجاح دارون صاحب نظرية التطور ونحن الذين رتبنا نجاح نيتشه صاحب نظرية ألا أخلاق إنه يرى أن ليس هناك فضيلة ولا شجاعة أو عفة أو كرم أو ما شاكل ذلك كل هذه الفاظ اخترعتها الإنسانية من أجل حماية الضعفاء فقط وليس الأمر أكثر من ذلك أو اخترعها الضعفاء وتشبثوا بها من أجل حماية أنفسهم أراد اليهود أن تسود هذه الفكرة في العالم لتتحلل الأخلاق ولينتهوا من تحلل الأخلاق إلى السيادة في العالم نعود فنقول هناك صناعة الآراء ما هو المقياس الذي نفصل به بين الحق والباطل ليس هناك هذا المقياس ولقد حاول - فى مواجهة الوحى الإلهى وفى مواجهة التشريع الإلهي حاول بعض الناس عمل نظم اجتماعية حاول مثلاً أفلاطون أن يكون جمهورية على ما ينبغى بأدق ما يمكن أن يكون من تفكير فلسفى وألف أفلاطون جمهوريته كتبها ونسقها ودرسها وعقد فيها ندوات كثيرة ودعى أفلاطون لتحقيق جمهوريته في جمهورية صغيرة وذهب أفلاطون إلى هذه الجمهورية وقيل له إنك مفوض تفويضا مطلقا في تحقيق جمهوريتك وحاول أفلاطون أن يحقق جمهوريته فأخفق إخفاقاً كاملاً وبعد عشرين سنة بعد فترة من النضج دعى مرة أخرى ليحقق جمهوريته مرة أخرى بعد التجربة وبعد هذا الإخفاق الذي أن اكتسب معرفة وخبرة فأخفق إخفاقا كاملاً مرة أخرى أما الإسلام فقد طبق فى جمهورية أو في دولة أو في أمة إن هذه الألفاظ اللفظ المستعمل
ناله وبعد
فيها - إسلاميا - هو كلمة أمة
وإن هذه أمتكم أمة واحدة
في
من
أمة
وانتهى
ه المؤمنون ٥٢ طبق الإسلام في أمة هذا التطبيق بأن انتقل الإسلام من النظرية إلى الواقع لقد أصبح واقعا وأصبح واقعا تمتد من كذا إلى كذا لا تكاد تغرب عنها الشمس طبق بالفعل وانتقل النظرية إلى الواقع لكن كل الآراء التي قيلت فيما يتعلق بالأنظمة التي اخترعت أو ابتدعتها البشرية كلها عرضت وأخفقت وعليها النقد وتتعارض مع بعضها ولتوضيح ذلك نقول النظام الرأسمالى اختراع بشرى فى أمريكا يتعارض تعارضا كاملاً النظام الذى هو اختراع بشرى فيما يتعلق بروسيا ولكن أى هذين النظامين حق لا سبيل مطلقا إلى أن يثبت أن هذا أحق من هذا نظريًا بالدليل والبرهان وكل ما يقام
الشيوعي
مع
۱۰

من
أدلة أو براهين فى أمريكا تنقده روسيا وكل ما يقام من أدلة أو براهين في روسيا
تنقده أمريكا

ومن هنا
أن
قال
إذن من هذا كانت الصرامة فيما يتعلق بالدعوة إلى اتخاذ الإسلام أساسا كانت هذه الآيات التي تتحدث عمن لا يحكم بما أنزل الله بالظلم مرة وبالفسق مرة وبالكفر مرة ثالثة ونزل الدين كما قلنا هداية للعقل هذه الهداية للعقل ليست قاصرة على زمن دون زمن ولا على مكان دون مكان إنها في الوضع الديني الإلهي لكل المؤمنين تتبلور في قضية نتحدث عنها فى كل وقت وفي كل آن هذه القضية هي الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان وهذا هو منطق الدين خصوصا حينما يكون هذا الدين هو آخر الأديان بإعلانه سبحانه وتعالى عن ذلك هي إذن صالحة لكل زمان ومكان هذه الكلمة أو هذه القضية صالحة لكل زمان ومكان إذا كانت في معناها السطحى أو الشكلي أو معناها اللغوى واضحة فإن بعض الناس قد اتخذها أساسا لتفسير منحرف كل الانحراف من هؤلاء مثلاً من إنها صالحة لكل زمان ومكان لأنها تتكيف بحسب الزمان والمكان ثم انتقل نقلة أخرى فقال إنها صالحة لكل زمان ومكان لأننا نكيفها بحسب الزمان والمكان كيف يكون التكييف قال بعضهم وعمل على ذلك جاهدًا نحن الآن في بعض الأقطار نعمل في بناء الدولة وبناء الدولة جهاد أكبر وإذا كان الجهاد الأصغر يبيح الإفطار في رمضان فالجهاد الأكبر وهو بناء الدولة من باب أولى يبيح الإفطار في رمضان وحاول أن يطبق الإفطار في رمضان على الدولة فأخفق وأخفق لأن الناس كان شهورهم إيمانيا دينيا فلم ينصاعوا ولكنه حاول وبذل وجند الشرطة وجند الجيش وجند كل شيء فيما يتعلق بتطبيق الإفطار في رمضان فكان يقدم مثلا للمدارس الثانوية الداخلية وللجامعات والجيش ونحوها الوجبات العادية في شهر رمضان بدلا من الإفطار والسحور ولكنه فى النهاية برغم كل ما بذله من جهد أخفق ونعود فنقول تكيفها بحسب الزمان والمكان كيف نمنع تعدد الزوجات منع تعدد الزوجات حصلت حادثة أمام سمعه وبصره هذه الحادثة أن شخصا من الأشخاص متزوج وعنده أولاد من زوجته ثم أصبحت زوجته في وضع غير صالح لاستمرار الزوجية من الناحية الجنسية فكان هو بين أمرين إما أن يزني وإما أن يتزوج والتعدد ممنوع فماذا امرأته الأولى يصنع لم تزن ليست مسئولة عما حدث لها هذا قضاء الله بالنسبة لها فما ذنبها لتطلق ولم يطلقها إنها لم تسئ إليه ولم يطلق =
۱۱

=
وإنما ذهب وعقد عقدا شرعيا على امرأة وتزوجها بحسب الشرع وأسكنها في مسكن وكان يذهب إليها ويبيت عندها وبلغ عنه أنه تزوج امرأة أخرى والقانون في هذه الناحية لا يتساهل وذهبت الشرطة وضبطوه متلبسا بالجريمة جريمة زواج بامرأة أخرى به للتحقيق وقالوا له هل تزوجت امرأة أخرى فقال كلا فقيل له ولكنك
وأتى
كنت عندها
قال نعم وتنفق عليها
نعم
وقد استأجرت لها في المسكن
نعم
وتبيت عندها
وأبيت عندها
ماذا تكون إذن إنها عشيقة

فقيل له تفضل اذهب لا ملام عليك لا لوم عليك حرموها زوجة ! وأباحوها عشيقة بقانونهم حدث هذا بالفعل والتحقيق تحقيق البوليس ويأتى أيضا فيما يتعلق بالتعدد أن اتيين دينييه مستشرق فرنسى كان قد ذهب إلى الجزائر في عهد الفرنسيين وهو فرنسي وأقام في الجزائر في بلدة اسمها بوسعادة استراح إلى الجو واستراح إلى الناس واستراح إلى الخلق وكلها أغرته الجو الطبيعة الصحراء الناس كلها أغرته بأن يقيم فى الجزائر فأقام أقام فى عهدين عهد كان فيه التعدد مسموحا به وعهد حدث فيه عدم التعدد أو الدعوة إلى عدم التعدد أو الإقلال
من
التعدد
وبعد ذلك لاحظ ثلاث ملاحظات كتبها باللغة الفرنسية في أحد الكتب كتب يقول حينما منع التعدد والطلاق وجدت ظواهر لم تكن موجودة أيام كانت إباحة التعدد والطلاق
ما هي هذه الظواهر هذه الظواهر التي وجدت عندما ذلك منع
أولا
الطلاق
كثرة العوانس هذا أمر الأمر الثانى كثرة اللقطاء الأمر الثالث كثرة الأمراض السرية هذه المسائل الثلاثة حدثت بعد أن منع التعدد وبعد منع وليس معنى إباحة التعدد أنه مفروض وليس معنى ذلك أنه لابد من التعدد كلا =

الألف
يتزوج
6
أنه = وأنتم تعلمون مع إباحة التعدد الآن في القاهرة يمكن أن يكون نصف في هم الذين يعددون الزوجات إذا ارتفعت عن أكثر من الاثنين يمكن أربعا في الألف وهكذا الأمر يعنى يكاد يكون التعدد مع إباحته معدوماً ولكن من الوجهة النظرية لو فرضنا أن شخصاً إما أن الأشخاص من وإما أن يزنى فيباح له أن يتزوج هذا رأى الكاتب الفرنسي الذي يقول ويشاهد بالتعداد وبالتجربة ماذا حدث وماذا كان لكننا نتساءل الآن ما هو إذن المعنى الصحيح للقضية الشريعة صالحة لكل زمان ومكان إن الشريعة أنزلت للإنسان من حيث هو إنسان إنسان لا للإنسان من حيث هو مصرى أو من حيث هو فرنسى أو من حيث هو كذا أو كذا فيما يتعلق بالوطن إنها أنزلت للإنسان من حيث هو إنسان وما دامت قد أنزلت للإنسان من حيث هو إنسان فإنها صالحة لكل زمان ومكان لا تتغير لأن الإنسان هو هو أينما كان الإنسان هو الإنسان في عواطفه وفي انفعالاته وفي سلوكه فى تصرفه في عقله في ذكائه في إحساسه وأنزلت الشريعة إذن للإنسان من حيث هو إنسان فهى إذن صالحة لكل زمان ومكان صالحة في مبادئها وصالحة في وسائلها إذا حددت وكل خروج عليها إنما يكون انحرافا لكن ماذا حدث عندنا نحن في مصر الذي حدث عندنا نحن في مصر أننا كنا نطبق نظام الشريعة الإسلامية ثم جاء الاستعمار ونسف الشريعة الإسلامية من القطر المصرى وأحل محلها القانون الوضعى واستقدموا قضاة ومستشارين من الأقطار الغربية كان أن ثم وجد أن هذا النظام لا يتأتى أن يستمر كثيرا فأنشأ مدرسة الحقوق وكانت تسمى مدرسة قبل أن تكون كلية فأنشأ مدرسة الحقوق لتخريج فضاة أو محامين مستشارين إلى آخره ليحكموا بالقانون الوضعى وكان لابد أن يكون المنهج والبرنامج هو القانون الوضعي وزال الاستعمار وحاولنا أن نتخلص من كل آثار الاستعمار ولكننا ألفنا كليات الحقوق وألفنا مدرسة الحقوق فخيل إلينا أن الأمر عادى ولكن الأمر في حقيقته ليس بعادى إنه فى غاية الغرابة أن نقيم نحن في بلدنا في قطرنا كليات للغزو الفكري لتتابع آثار الاستعمار ولتعمل على استمرار آثار الاستعمار ننفق عليها وتربى فيها أبناءنا ونضع أبناءنا في جو ليغزوهم هذا الجو فكريا وليكونوا أوربيين أكثر منهم مسلمين أو أكثر منهم وطنيين لأن الوطنية تقتضى أيضا أن نتخلص من الغزو الفكرى ومن آثار الاستعمار ولكننا ألفنا الأمر وذهبت إلى كلية حقوق

۱۳

عين شمس لإلقاء محاضرة وسألت كم عدد المحاضرات في الكلية في الأسبوع
فقيل اثنتان وعشرون محاضرة

كم منها للشريعة الإسلامية درسان في الأسبوع وعشرون درسا للقوانين
الوضعية لو كانت هذه الكلية فى فرنسا ما كانت تزيد على ذلك أو لو كانت في انجلترا ما كانت تزيد على ذلك وأحب أن أقول إنه لو كانت في إسرائيل أيضا ما كانت تزيد على ذلك محاضرتان للشريعة الإسلامية في بلد إسلامي في وطن إسلامي محاضرتان فقط في مقابل عشرين محاضرة لاستمرار الاستعمار أو لاستمرار آثار الاستعمار أو للغزو الفكري فيما يتعلق بالاستعمار هذا لا يتأتى أن يستمر طويلاً ولكن لأننا ألفنا
4
ولأننا لم نفكر في الوضع
ولأننا ألفناه كما ألف ناس التعارض والتناقض الفكرى ولكنهم الفوه
يفكر فيه
أحد

واستمروا عليه
6
من أجل ذلك كانت الأمانة الآن موضوعة في أعناقكم أنتم إنني تحدثت عنها ولكن الحديث عنها كان فى مجالات ربما لا تتصل كثيرًا بمجالات القانون ولكن مجالات القانون حينما نفكر في الأمر وحينما نتبصر في هذا الموضوع فإنه تصبح مسئوليتنا كبيرة خصوصاً حينما نقرأ ونحن من المؤمنين ومن غير ما شك هنا مجموعة كبيرة إن لم يكن الكل من الصالحين المؤمنين كيف يتأتى أن يسكت
الصالحون المؤمنون وهم يسمعون
الله
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون
فلا وربك لا يؤمنون حتى - يحكموك يحكموك فى حياتك ويحكموك بعد مماتك بسنتك - حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم في صدورهم في قلوبهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليما يسلموا تسليما بحكم الله بتشريع تقول أين القانون الذي تحكم به وهذا سؤال من أسخف الأسئلة كيف وأنت مسلم وتتحدث اللغة العربية تقول أين القانون القانون أمامك في الكتب موجود في كتب الفقه وفى كتب التشريع الإسلامي هل يتأتى أن يكون شخص تخصص في التشريع ثم لا يفهم كتابا فى التشريع باللغة العربية ليس بلغة لاتينية ولا أعجمية أو شيء من هذا القبيل إنما هو باللغة العربية ليس في ذلك حجة ليس في ذلك مطلقا أي مستند للتقاعس عن تطبيق التشريع الإسلامي

=
ومع ذلك فهناك هذه المقومات الكثيرة التي كتبت فيما يتعلق بالموضوع والتي تيسر كثيرًا فيما يتعلق بالموضوع وأحب أن أقول إن مجمع البحوث الإسلامية قنن القانون المدنى كله على مذاهب مختلفة وقنته وكان فى لجانه المختلفة مستشارون من القانونيين وفيه علماء وفقهاء فى كل مذهب من المذاهب وهو الآن بصدد تقنين القانون الجنائى لكن ذلك أنا أعتقد أنه عمل ما كان ينبغى أن يكون أننى أنا مع شخصيا الذي بدأت به والذي شرعت فيه لكن الآن ما كان ينبغى
عليهم
"

أن يكون لأنه
من السهل
ما دامت كتب التشريع باللغة العربية وما دامت هى فى التشريع وما دامت فيها الفصول والأبواب والفقرات فعلماء التشريع المشرعون المستشارون القضاة جدا أن يستخرجوها من هذه الكتب التي باللغة العربية نعود فنقول إن الدين نزل هداية للعقل نعود فنقول إن الآيات فيما يتعلق بهذا الموضوع صارمة قد يتساءل إنسان ماهو موقع الاجتهاد فيما يتعلق بهذا الموضوع أليس الاجتهاد فتحا لباب التصرف عقيًا فيما يتعلق بالتشريع وعن هذه النقطة أتحدث الآن أولاً فيما يتعلق بالاجتهاد هناك فكرة في الواقع خاطئة عند الكثيرين حتى عند كبار المثقفين إن الاجتهاد إما أن يكون في أمر سبق في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وإما أن يكون فى أمر استحدث من بعده حدث في العصر الحاضر ومعنى الاجتهاد أن الأمور التى كانت فى عصر الرسول عليه الصلاة والسلام ينبغي أن يبذل الإنسان جهده وطاقته في البحث ليصل عن طريق المراجع الكتب السيرة والأحاديث النبوية وتفاسير القرآن إلى ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام ليس في ذلك ابتداع ولا اختراع ولا تصرف عقلى ولا شيء من هذا القبيل وإنما هو يبحث ليصل إلى الحقيقة ومعنى الحقيقة عنده فيما بحثه أن يصل إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا ما وصل إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فقد انتهى البحث وسلم الأمر أما الاجتهاد فيما يتعلق بالمسائل التي ما كانت فى عهد الرسول وإنما حدثت في العصر الحاضر فليس معناه مطلقاً ابتداع أو اختراع أيضا وإنما معناه بذل الجهد لوضع هذا النمط الحديث أو المشكلة الحديثة أو المسألة الحديثة وضعها تحت قاعدة كلية من القواعد القرآنية أو النبوية تحريما أو تحليلاً
یعنی مثلا مسألة الحشيش لم يكن موجودا الحكم فيه والمجتهد فيما يتعلق بأمر الحشيش يبذل جهده ليضع الحشيش تحت قاعدة كلية من قواعد الدين إما تحريما وإما تحليلاً لأنه فى المبدأ لا يدرى إن كان هذا الأمر محرما أو حلالاً فيبذل جهده
١٢٥

=
ليضع هذا الأمر تحت قاعدة كلية البيرة مثلاً لم تكن موجودة وكل هذه الأنواع من الخمور ويسكى وغيره لم يكن موجوداً ما هو موقف المجتهد فيما يتعلق بالحكم في هذه المسألة أو تلك موقفه هو أن يبذل جهده مع التقوى مع الإخلاص مع النزاهة الكاملة يبذل جهده مع عدم التحيز يبذل جهده ليضع هذه المسألة أو تلك تحت القاعدة الكلية المحرمة أو المحللة فإذا أدى به اجتهاده إلى أنها توضع في قاعدة كلية تحرم يصبح الحكم حراماً وإذا أدى به اجتهاده مع الإخلاص مع التقوى مع النزاهة إلى أن هذه المسألة تدخل فى قضية محللة تدخل تحت التحليل أو الحل هذا هو الاجتهاد ولكن هذا الاجتهاد أيضا له مقدمات وله وسائل هذه المقدمات بديهية ليس فيها شيء من التعقيد معرفة اللغة العربية إن من أوائل الشروط فيما يتعلق بالمجتهد معرفة اللغة العربية معرفة تمكنه أو تصل به إلى مستوى فهم القرآن فهم القرآن العربي المبين معرفة الأحاديث النبوية ولابد لمعرفة الأحاديث من الإلمام بالأحاديث إلماما يجعله على معرفة فيما يتعلق بجو الأحاديث النبوية لأنه أن يجوز يفتى ويكون هناك حديث من الأحاديث معارض أو مخالف لفتواه معرفة السيرة النبوية لمعرفة الواقع الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وما دام الدين قد طبق عميا طبق في فترة طويلة من الزمن طبقه الرسول صلى الله عليه وسلم وطبقه الصحابة رضوان الله عليهم في عهد الخلفاء الراشدين وتحدث عنه الصحابة وتحدث الرسول ما دام قد طبق فإننا إذا اختلفنا فى أمر من الأمور لا نلجأ إلا إلى التطبيق ما هو الواقع الذي كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا كان النتيجة أريد أن أنتهى إليها وبها تكون الخاتمة ما هو الموقف الموقف لخصه أحد الصحابة فى كلمة تشبه أن تكون إعجازا يقول اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم فقد كفيتم هذه برهان كامل على اتبعوا وهى أيضا برهان کامل على ولا تبتدعوا اتبعوا فقد كفيتم ولا تبتدعوا فقد كفيتم لأن من يبتدع إنما هو الشخص الذي لا يكون عنده الكفاية ونحن عندنا الكفاية منذ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينام المائدة ٣ عندنا الكفاية إذن الخاتمة أو النتيجة التي نحب أن ننتهى إليها هي اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتكم
التي
إذا اتبعنا ولم نبتدع ما هي النتيجة
عنه
١٢٦

=
النتيجة هي ما تحدث الله سبحانه وتعالى عنه وضمنه لمن اتبع شريعته ضمن له
C
السعادة في الدنيا وفي الآخرة وضمن له الفوز وضمن له النصر وضمن له سعة الرزق وضمن له كفالته وعنايته سبحانه ورعايته ضمن له كل هذه النواحي ووعد الله سبحانه وتعالى لا يتخلف
وقبل
معروف
وأريد أن أختم بواقعة حدثت فى هذه الأيام الأخيرة حدث في هذه الأيام الأخيرة أن وفدا من أوروبا من كبار علماء أوروبا من فرنسا وفيه واحد من إيطاليا وواحد من إنجلترا وفدًا على مستوى رفيع جدا ذهب إلى السعودية ذهب بالفعل أن يذهب تكاتب وتراسل مع وزير العدل السعودى وزير العدل السعودى رجل نابه متطور متفتح الأفق تراسلوا معه واتفقوا على أن هذا الوفد الأوروبي يذهب إلى السعودية ليتحدث مع علماء السعودية فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الإسلام وذهب الوفد والتقى بالوفد العربي كان وزير العدل وكان مستشار الملك الدواليبي وكان محمد بن مبارك من سوريا وكان بعض علماء السعودية وأخذوا يتحدثون فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الإسلام انبهر الوفد الأوربي وما كان متصورا مطلقا أن هذا الذى يقال هو حقوق الإنسان فى الإسلام وصل الإسلام بحقوق الإنسان إلى ما لم تصل إليه أوربا في نهاية الجلسة الجلسة التى تعددت طبعا عدة مرات وفي نهاية الأبحاث سأل الوفد الأوروبى ولكن ماذا عن قطع يد السارق وأجاب معروف الدواليبي الذى كان رئيس الوزراء سابقا في سوريا وهو الآن مستشار جلالة الملك فيصل وكانوا فى الرياض قال له أنظر إلى الصحراء يمكن إذا اتجهت في الوسط إذا كنت فى الوسط واتجهت يمنا تجد ألف كيلو متر ويسارا ألف كيلو متر وأماما ألف كيلو متر وخلفًا ألف كيلو متر وتصور أن سيارة قامت من
الرياض وهذه السيارة محملة بالذهب والفضة قامت من الرياض لتذهب إلى مكان على بعد عشرين كيلو متر لا يتأتى مطلقا أن يتعرض لها متعرض في هذه الصحراء التي لا بلدة فيها ولا شرطة ولا حرس ولا بوليس ولا شيء من هذا القبيل في هذه الصحراء الشاسعة تقوم سيارة محملة بالذهب وبالفضة لتذهب من الرياض إلى هذه المدينة الأخرى
لا يتعرض لها متعرض لماذا لاننا نطبق الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بقطع يد السارق لكن انظر إلى بلد مثل نيويورك التي يقولون عنها إنها وصلت قمة الحضارة كم فيها من القتلى فى ساعة واحدة من أجل السرقة وكم فيها من القتلى في اليوم الواحد في أربع وعشرين ساعة بسبب السرقة قتلى وجرحى وقطع أكباد وقطع أمعاء بالسكاكين =

۱۷

وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم وإن جادلوك فقل
الله أعلم بما تعملون 1
وعليك بالزهد في الدنيا والتوكل على الله فإن الزهد أصل في الأعمال والتوكل رأس فى الأحوال واشهد بالله واعتصم به في الأقوال والأفعال والأخلاق والأحوال
ومن
يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم

الله
في شيء واعبد
وإياك والشك والشرك والاعتراض على الله على القرب الأعظم تحظ بالمحبة والاصطفائية والتخصيص
الله والله ولى المتقين
والتولية من ارجعوا إلى الله في أوائل التدبير والتقدير تحظوا منه بمدد ويحال بينكم وبين التقصير وكل ورع لا يصحبه العلم
التيسير

1 الحج ٦٧ ٦٨ آل عمران ۱۰۱
وضرب بالنار وبكل شيء في أربع وعشرين ساعة ثم تعال إلى المملكة السعودية بأكملها كم قطعنا من يد فيها في مدة عشرين سنة قطعنا أيدى تعد على أصابع اليد الواحدة وتقول بعد ذلك إن الإسلام قاس فيما يتعلق بقطع يد السارق هناك القتل والذبح والسحل وكل ما يتأتى أن يكون من أجل السرقة وهنا لا شيء قطع يد سارق أو عدد من السارقين في مدى عشرين سنة وأجمع الوفد الأوروبى أن هذا أحكم نظام فيما يتعلق بمنع السرقة وقالوا لو طبقناه لكان الأمن على كل حال وفى نهاية كلمتى أقول كما قلت فى المبدأ لو كان هناك شخص أو اثنان أو ثلاثة يوافقونني على الفكرة فأنا أعتبر أن المحاضرة قد نجحت والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما الأثر الذي ترتب على هذه المحاضرة فهو تصفيق حاد استمر مدة طويلة وأعلن الحاضرون أن الكل يوافق على جوهرها وتفاصيلها والحمد لله

۱۸

والنور فلا تعدله أجرًا وكل سيئة يعقبها الخوف والهرب إلى الله
فلا تعد لها وزرا ثم أشار وقال
خذ رزقك من حيث أنزلك الله فاستعمل العلم ومتابعة السنة ولا ترق قبل أن يرضى به فتزل قدمك
اللهم من وجبت عليه الشقاوة فلا يصل إلينا ومن وصل إلينا فشفعنى فيه يوم القيامة۱
ويقول صاحب المخطوطة معلقا على ذلك
ورأيت منقولاً عن شيخ الجماعة أبي محمد سيدى عبد القادر
اللهم لا يفت على قبرنا من وجبت عليه شقاوة
قلت ووقعت حكايات تشهد لهذا من بعض الكفرة حيث

أن
قارب الضريح ورجوع بعض الفئة الذاهبين بقصد الزيارة بعد لم يبق بين الضريح وبينهم إلا يسير لأسباب اتفقت لهم فأسأل
السلامة
۱ من كفاية المريد للخروبي
۱۹

الصفحة

V
10
٣٦
۷

٨٦
9

۱۳۱
مقدمة
الموضوع
فهرس الكتاب
الفصل الأول بين أبي الحسن الشاذلي
وعبد السلام بن بشيش
الفصل الثاني حياة ابن بشيش
بين الطريقة والطريق
الزهد والتوكل
التوكل ۱
التوكل
التوكل ۳
حكم ووصايا

يُعد الإمام الأكبر فضيلة الدكتور عبد الحليم
محمود صاحب ورائد مدرسة الفكر الإسلامي والتصوف في العصر الحديث ولقب بأبي التصوف في العصر الراهن فقد أثرى المكتبة العربية بأمهات الكتب بين تحقيق وتأليف وترجمة فمنها دراساته القيمة عن الإمام الغزالي المنقذ من الضلال و دلائل
وكتابه
النبوة و القرآن في شهر القرآن إلى جانب ما كتبه عن رواد التصوف على مر العصور الإسلامية المختلفة
والإمام الأكبر فضيلة الدكتور عبد الحليم محمود له عمق وغزارة الآراء الفقهية ودقة الاجتهادات مما جعله يكسب صفوف المعارضين قبل المؤيدين إلى جانب اللباقة والدراية الكاملة في عرض موضوع أو مسألة تتعلق بأمور الدين وأيضا يمتاز بقوة ورصانة الأسلوب والعبارات مما يدل على المهارة الفائقة والملكة اللغوية فلهذا اكتسب هذا العالم الجليل احترام كل الفرق والمذاهب الإسلامية في شتى بقاع العالم وسيبقى هذا العالم وتراثه في قلوبنا على مر العصور
195/1
أبو طالب
دار المعارف